أنا إن اغمضَ الحِمامُ جفوني
و دوى صوت مَصرَعي في المدينه
لا تصيحي وا حسرتاه لئلا
يُدرِكُ السامعون ما تضمرينه
و رأيت الصحابَ جاثينَ حَولي
يندبونَ الفتى الذي تعرفينه
لا تشقّي عليَّ ثوبكِ حزناً
لا و لا تذرفي الدموع السخينه
غالبي اليأسَ و اجلسي عند نعشي
بسكونٍ , انّي احبُّ السَكينه
و اذا خفتِ ان يثور بكِ الوجدُ
فَتَبدو أسرارنا المكنونه
فإرجعي و اسكبي دموعكِ سرّاً
و امسحي باليَدَينِ ما تسكبينه
يا ابنة الفجرِ من احبَّكِ ميتٌ
و لأنتِ بمِثلِ هذا مهينه
فأصيخي , هل تسمعينَ خفوقاً
كنتِ قبلاً في صدرهِ تسمعينه
طَوَت الارضُ من طوى الارضَ حيّاً
و علاهُ من كانَ بالأمسِ دونَه
و اذا ما وقفتِ عند السواقي
و ذكرتِ وقوفه و سكونه
و اذا ما مشيتِ في الروضِ يوماً
و وطئتِ سهولهُ و حزونه
فإلثمي كلّ زهرةٍ فيه , انّي
كنتُ أهوى زهورهُ و غصونه
ثُمَّ قولي للطير : ماتَ حبيبي
فلماذا يا طير لا تبكينه ؟
و اذا ما جلستِ وحدكِ في الليل
و هاجت بكِ الشجون الدفينه
فإهجري المخدع الجميل و زوري
ذلك القبر , ثمَّ حييّ قطينه
و انثري الورد حوله و عليه
و اغرسي عند قلبهِ ياسمينه