 |
-
ماذا جنى العراق الجديد من القوميين الأكراد ؟
ماذا جنى العراق الجديد من القوميين الأكراد ؟
كتابات - د.علي ثويني
ربما تكون الأزمة بين الجعفري و(الشيعة) من جهة وبين الطلباني والقوميين(الأكراد) من ورائه،"كما هو معلن ومروج له" ، قد كشف المستور، ونقل الصراع الذي يراد له أن يحتدم من التصانيف الطائفية إلى القومية، وأطلق العنان لنقد العيوب البنيوية للخيار الأمريكي (الطائفي- القومي) ، و أنبرى المثقفون والعامة اليوم يكشفون مهازل القوى القومية الكردية التي تحججت بالمظلومية وأمست أكثر ظلما اليوم،و أختبأت تحت العباءة الأمريكيه حامية ومسنودة ،بما جعلنا نمتعض من تعاطف مع مظلومية كردية يروج لها في سوريا وإيران، كي لايحل بهم ماحل بنا.
صحى الجميع اليوم على أن ثمة فجوة شاسعة بين إجحاف يقع على كاهل أهلنا الأكراد في شمال الوطن وسكوت على مضض من قواهم الواعية، وبين قوى قومية تمت الصلة بقرون الظلام انقضّت على سلطة القرار وأبتزت الناس ،وسلبتهم حقهم بالعيش، وأشاعت الرذيلة ،وروجت لذاتها ،بما يحاكي الدعاية التي كانت تروج للبعث.
كنا بتواضع أول من نبه الى خطر هؤلاء على العراق الجديد، بعدما شرعت بيشمركتهم بالقتل والتشريد لسكان كركوك، وكتبت في حينها على المحك، عن تجربة إبنت خالي (كريمة حافظ الربيعي) بعد أن أنتزعت من دارها في كركوك،وآثرت السلامة،و قطعت مسافة الأربعة مئة كيلومتر حتى بغداد مشيا على الأقدام مع أولادها السبعة،بعد أن سلبوها البيشمركه (الأشاوس) حتى ما بجيبها من نقود.
كان والدي رحمه الله، يردد على مسامعنا مثل شعي يقول (مثل خيال المعدان أن لم يسقط في هذه الساقية ،فسيسقط حتما في القادمة).وهكذا كان مصير هؤلاء، فأن كتمت رائحتهم بالأمس ،فأنها قد أزكمت الأنوف اليوم . ولم يكن موقفنا هذا (قوميا) كما أدعى المدافعين عن سلطة الأغوات ، فلسنا ممن يروج لعرب أو عجم البته ولم ندعي تسنن أو تشيع واه، لترفعنا عن ترهات الفرقة، قاصدين إرساء أمة المواطنة الناشزة القابلة للجميع والنابذة للظلم. بيد أن (القوميين) كما البعثيين يمكثون أساتذة للدجل وجهابذة في كيل التهم للآخرين على وزن(ضد الحزب والثورة)، وان مروجوا الأغوات تداولوا صيغة (شوفيني حاقد على الكورد).. لكن نحمد الله بأن حقيقتهم قد بانت..وسقطوا مثل المعيدي في ساقية بناء دولة أهل النهرين.
من ضمن خزعبلات هؤلاء ان (كردستان) أصبحت اليوم (بصاية القيادة التاريخية القومية) "سويد" الشرق، لكننا لمسنا أعداد الأكراد الهاربين للملاجي غفيرة،والأهم أن أعدادهم هنا لم تهبط ، حيث لم يرجع أحد الى جنة الأغوات المنشودة في جمهوريتي أربيل والسليمانية. ومن الهزلي أن بعضا من المروجين ،ممن يحسب جزافا على أهلنا الفيلية، خلطوا (ايام الغزل بين الأكراد والشيعة)، بين (كردستان المنشودة في الخرائط) ،وبين إمامة أهل البيت وشيعة علي. لكن يبدوا أن ساعة الحقيقة قد بانت بسرعة ،فلم نعد نسمع عن هذا الخلط الطائفي القومي الذي سأمه العراقيون اليوم. ومن الجدير ذكره أن جل هؤلاء البهلوانيون كانوا شيوعيون أمميون يوما، و على عين غرة تحولوا الى قوميون وطائفيون حد النخاع.
لقد شرع المروجون للأغوات الأكراد بحملة علاقات عامة، و عرضوا خدماتهم بالدفع الجزيل،و عرضوا المناصب أو (المصالحة) وكأننا في خصومة، ولم يعوا بأن ثمة مثقف وطني لايماطل أو يداهن أو يشترى ويزهد ويلتزم الفضيلة العراقية. وهكذا صور لهم الأمر أن نقد الأوضاع كان من أجل الكسب، كما سعوا له هم أساسا. وجدير أن أعيد نص للكاتب العراقي سمير عبيد، بغض النظر عن الرأي به من بعيد أو قريب يقول فيه: ( لقد قام أحد السياسيين الكبار في المنطقة الخضراء بمهاتفة كاتب المقال، وقال بالحرف الواحد وذلك قبيل الإنتخابات العراقية الأخيرة (لقد حرنا معكم فالوظيفة لا تغريكم، والمركز لا يغريكم، والأموال لا تغريكم، فماذا نفعل معكم كي تخففوا من مواقفكم ومقالاتكم وندواتكم) فكان الجواب.... لأنك لا تصدق أبدا إن هناك شريفا وهناك شجاعا وهناك زاهدا وهناك وطنيا، لأن غير العفيف لا يمكن أن يصدق هناك شريفا، والجبان لن يصدق هناك شجاعا، ومحب الدنيا والحياة لن يصدق أن هناك زاهدا، وإن العميل والخائن والمنبطح لن يصدق هناك وطنيا، فالوطنية تُعطى في حليب الرضاعة، وإعلم.. فالحر لن يقبل العبودية أبدا، ومهما كانت المغريات والضغوطات). وسمير عبيد محق في ذلك ،فثمة مثل عراقي يقول (كل يرى الآخرين على طبيعته)، وآخر روماني يقول (لا يخاف ويتوجس من السرقة إلا الحرامي).لقد أرتضينا جميعا أن نعمل دون الكفاءة وبالكفاف في المهاجر ،وبشهادة الجميع، دون أن نتبع سحت وإغراء الأغوات. وها هي الجموع تنشر دون أن تكون لها مرام ربحية ،وأن كل أرائنا السياسية غير مدفوعة الآجر، ويمكن التحقق من ذلك.
ليس خلافنا مع أغوات القرون الوسطى على خلفية أزمة الجعفري ، بل هي أعمق ، فهم لايريدون لأمة عراقية أن تنشأ، ووجودهم في الوزارات مثلما يقال بالعراقي (سكينة خاصره) أو مسمار جحا، وهم لايراعوا أي مصالح وطنية البته، فكل همهم نفط كركوك وخانقين.حتى شكى ليث كبه من أدائهم وتلكئهم وخبثهم المكشوف وأقترح أن تشكل وزارات كردية وأخرى عراقية، حتى هرب الى أمريكا بعد أن لم يعد له مكان وأمثاله من الشرفاء في جمهورية الخوف القومي الكردي والطائفي.
لو جردنا الشخوص الذين قدموا من الجبل للسهل نبدأهم بشخص جلال الطلباني الذي لا لون له ولا طعم ولا مقر ومستقر،فقد جاء في مساجلته مع برزاني على رئاسة الجمهورية بأنه (متقلب وإبن...كذا ،بينما مسعود إبن عائلة محترمة ومتربي ولاينفع في منصب الرئاسة). لقد وصفه طلال سلمان في جريدة السفير اللبنانية الصادة يوم 29-6-1991: (إنه رجل كل الفصول وكل الأزمنة ،ولو بالكاريكاتور.إنه الكردي-العربي-الإيراني-التركي-الأميركي-الإنكليزي-الألماني. وهو بين الأكراد (برزاني) في لحظة ،وديموقراطي في لحظة أخرى ،و(فيلي) إذا أقتضت المصالح والفرصة السانحة ،وهو يساري بما يتجاوز عصابة الأربعة الصينية ،وهو يميني بما يجعله أستاذا لأمراء العائلة السعودية ومشايخ الخليج .هو العلماني بلا تحفظ ،وهو المتدين الى حد التسليم بنظرية الإمام الخميني في ولاية الفقيه ،متجاوزا مذهبه السني ..فما كل ما يلمع ذهبا.هو( قومي عربي) و(وحدوي) مع جمال عبد الناصر ،وهو أقرب الى (البعثي ) مع حافظ الأسد ،وهو (تكريتي) مع صدام حسين ،أما مع معمر القذافي فهو ثائر يعتمد العنف المسلح لتحقيق (النظرية العالمية الثالثة) وتطبيق (مقولات الكتاب الأخضر) في أربع رياح الأرض!!... قال الطالباني أمام إشتراكيي (الأممية الأولى) كما يسمون أنفسهم ما يفيد أن العرب هم أسوأ بني البشر وأعلاهم كعبا في العنصرية وإضطهاد القوميات الأخرى..الخ) لقد نسى أن يضيف للطلباني صفة العراقي الخائف على مصلحة و مصير البلد....أكثر من الجعفري المفترى عليه الذي لم يطأطأ رأسه لصدام ،ودائما ما دعى أنه من صلب عراقي ،والأهم أنه لم يقتل أحدا في بشتيشان، ولم تلوث يديه بسحت.
علم القاصي والداني بفضيحة وزير الدفاع السابق حازم الشعلان وسرقته لمليار دولار من عراق جريح ومبتذل ومحتل، لكن تبين أنه تقاسم السرقة مع الأغوات إياهم، بشهادة الجميع وكان إنسحابهم من البرلمان هروبا من المسائلة دليلا ساطعا. ونعرج على وزارة الخارجية الممثلة بشخص هوشيار زيباري ، بعدما أمست مقاطعة كردية وبعثية على مرأى ومسمع الجميع، ونحن القاطنين في المنافي نشهد على ذلك أكثر من أهل الداخل، بالرغم من أن أروقة الوزارة في بغداد أحتفت بالقادمين من الجبل مثلما كان سابقا للقادمين من البادية.
نسرين برواري التكنوقراط الفاشلة أحتملت وزارتها ما لايحتمل ، ولم تكن يوما تستمع الى نصح الجعفري أو علاوي ،فأرتباطها كان دائما مع من أرسلها عينا ومسمارا في بغداد، ثم (فرهدت) بغطاء زواجها " للحكومة"، ولدينا من يشهد على ذلك. أما جوان فؤاد معصوم التي جلبها أبوها على طريقة البعثيين، فهي أفشل من عمل في المواصلات، ومازالت الخطوط مقطوعة، ومازالت جيبوتي وبنكلاديش أحسن حالا من إتصالاتنا.اما وزارة التخطيط، لقد فقدت صوابها بعد أن حل بها برهم صالح ،بعدما أستبشرنا خيرا على يد د مهدي الحافظ، ، فلم نعد نسمع عن تخطيط وإحصاء وإعمار، غير ظهور برهم الإعلامي وجمله العربية الطنانة.
أجزم بأن أهلنا في بيت النهرين المفدى سئموا الوعود ،ولم تعد إستكرادات الساسة تهمهم بشئ، ولا سيما مايطلقه الأغوات الأكراد من منابر السلطة. بعدما أيقنوا أهلنا الأكراد قبل غيرهم "كونهم على المحك وتحت السطوة والطغيات الأغواتي"، أيقنوا بأن هؤلاء مجموعة من المستحوذين على مقدرات البلد بدأوها في الشمال قبل أن يحلوا في بغداد غير مرحب بهم. بريئون هم أهلنا الأكراد مما يدعون أنفسم بـ (القوى القومية) أو (الرموز التاريخية) التي تعاملت كما سجت دائما على مبدا المهربين (القجقجية) وتطاحنت في (أم الكمارك). وقد شعر كل عراقي اليوم بأن هؤلاء (يفرهدون) العراق منهجيا، مثلما كان يفعله صدام وعصابته.
ثمة نفور عام اليوم من المحتل وتقسيماته الجزافية للعراقيين وكراهية لمن أتى به ومعه،بعدما بانت للعيان الوجوه والمواقف لهؤلاء، و أثبتت الايام أن جل تلك الطبقة جاءت للأستحواذ والسرقة. بما يوجب على القوى الخيرة وأنقياء السريرة وأصحاب الضمائر أن تلتفت الى المهمشين والقابعين في النسيان من قوى الشعب الكردي المؤمنين بعراقيتهم والصابرين المرابطين .هؤلاء المهمشين غير طامعين بالإستحواذ على مال الغير في الوسط والجنوب، كونهم مسجين على المكارم والفضيله الفطرية العراقية، ولديهم هاجس روحاني مفاده أن مال السياسة المسروق من قوت الفقراء، سوف يعود عليهم سخطا سماويا كما حدث للبعثيين بالامس.
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |