 |
-
هل بدأت ردود الفعل حول الدور الامريكي-البريطاني في السقيفة:«مقاومة» في البصرة؟
«مقاومة» في البصرة؟
عبدالوهاب بدرخان الحياة - 08/05/06//
اسقاط المروحية البريطانية في البصرة قد يكون ايذاناً بأن المقاومة لقوات الاحتلال البريطاني قد بدأت، وانها قد تستمر حتى جلاء الجندي الأخير. صحيح ان البيان الموقع باسم «ابناء البصرة المجاهدة» لا يتمتع بمصداقية تأكيد وجود مثل هذه المقاومة، إلا انه يدق ناقوساً واضحاً وقوياً لتوني بلير وحكومته.
لم يكن بلير يحتاج الى خمس جثث أخرى ليختم اسبوعاً اسود، بل الاسبوع الأكثر خطورة في عهده، فنتائج الانتخابات المحلية - على رغم محليتها - أعادت فتح كل ملفاته الداخلية والخارجية، وكان من الطبيعي ان تشكل حربه في العراق أحد الخناجر التي تستخرج للمرة الألف لتغرز مجدداً في صورته ومسيرته.
صحيح انه أجرى تعديلاً وزارياً استحق عليه لقب «الجزار» من الصحف اللندنية، إلا ان مقتل الجنود في البصرة جاء بمثابة ضربة زائدة لرئيس الوزراء الذي عاقب لتوه وزير خارجيته لأنه - بين أسباب أخرى - أظهر معارضة سافرة لأي خيار عسكري ضد ايران، في حين ان بلير نفسه يريد ترك الاحتمالات مفتوحة.
كان من المفترض ان تسحب بريطانيا خلال هذا الشهر ما يساوي عُشر قواتها الموجودة في جنوب العراق، ولم يكن معروفاً أمس اذا كانت هذه الخطوة ستنفذ في موعدها أم تؤجل. لكن الأكيد ان حادث المروحية يفتح صفحة جديدة مختلفة بين البريطانيين والبصرة، بل بينهم وبين المنطقة التي يسيطرون عليها. كانت تقارير عدة لضباط بريطانيين نبهت الى خطورة الوضع، إلا ان التواصل الجيد على الأرض ومع القيادات في بغداد كفل دائماً العودة الى التهدئة والتعاون. هذه المرة لم يكن هناك سبب أو مبرر لضرب المروحية، إذا فهي عملية مخططة ومقصودة، ما يعني ان «بنية معادية» أصبحت ناشطة، ولا يمكن ان تكون مجرد عدم انضباط من جانب الميليشيات الشيعية المعروفة، بل يرجح ان تكون منضبطة جداً، وتعمل بأوامر. ويجب ايضاً عدم استبعاد ان تكون الجهة التي هاجمت البريطانيين جديدة حتى على الوجود الميليشياوي المعروف حتى في البصرة ومحيطها.
كانت القيادة البريطانية في العراق واعية للتغيير الحاصل في بيئة المنطقة الجنوبية، وأشارت اليه في اكثر من مناسبة. مع ولادة الحكومة العراقية الجديدة، في الأيام المقبلة كما يؤمل، سترتسم استحقاقات جديدة. اذ ليس متوقعاً لهذه الحكومة ان تتمكن من أخذ زمام الأمور خارج «المنطقة الخضراء»، أقله في المدى القصير، ما يعني ان الميليشيات ستنتقل الى المرحلة التالية من خطط السيطرة على الأرض واستكمال «التطهير المذهبي» وبناء قواعد الفدرلة سواء أقرها الدستور معدلاً أو من دون تعديل. ومن جانب آخر، سينتقل التغيير في «البيئة الأمنية» للمنطقة بدوره الى مرحلة أخرى ليتكيف مع توترات الأزمة الاميركية - الايرانية حول الملف النووي. ولعل البريطانيين سيأخذون هذا البعد الايراني في تحليلهم للرسالة الكامنة وراء اسقاط مروحيتهم.
في الوقت الذي تركز التصريحات الرسمية، في واشنطن ولندن على ان حلحلة الأزمة الحكومية في العراق «انتصار» آخر في الحرب، تتولى حرب أخرى هي «حرب الجثث» تكذيب ذلك الانتصار. وإذا كانت العملية السياسية رهاناً سلمياً يستحق ان ينخرط فيه العراقيون في كل الأحوال، آملين بأن يأتي اليهم بشيء من السلم الأهلي والاستقرار، فإن الاميركيين يديرون أزمتهم مع ايران بعقلية لا تتوعد العراق والعراقيين بأيام آتية أكثر دموية وقتامة فحسب، بل تنذر بسنوات سوداء لعموم المنطقة. من هنا فإن حادث البصرة لا يبدو من النوع العرضي العابر، بل يؤسس لمواجهة على غرار تلك التي عرفت حتى الآن في مناطق الوسط، والتي لم يلمس فيها اي بُعد ايراني.
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |