السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نبث اليكم خطبة هذا الاسبوع لسماحة الشيخ حبيب الكاظمى ، فى مسجد الرسول الاعظم (ص) فى امارة ابوظبى ، الجمعة :21 ربيع الاول 1423 - 23-5-2003 ، وقد تناول فيه سماحته النقاط التالية :
1- ان الحديث عن العقل الباطن من الاحاديث الاستراتيجية ، لانها تحدد حركة الانسان التلقائية ، فان الفرد مهما حاول ان يراقب نفسه ، فانه يميل بشكل لا ارادى الى ما يمليه عليه عقله الباطنى ، سواء فى جانب الخير او الشر .. وهذا العقل الباطنى ليس حصيلة فترة قصيرة من الحياة ، وانما لمجموعة التراكمات فى سلوك الفرد الذى يبدا من الايام الاولى لوعيه، ولو فى سن مبكرة جدا .
2- ان سلوك الانسان اليومى يتحدد كثيرا بفعل العقل الباطنى ، فيندفع لا شعوريا - حبا وبغضا - نحو الصورة المرسومه له فى باطنه: جميلة او قبيحة ! .. ومع الاسف فاننا نلاحظ فى اغلب الاحيان ، ان الباطن يبالغ فى وصف الخارج اما : تحقيرا او تعظيما ، وذلك بحسب المواقف النفسية الباطنية .. وعليه فان النجاح لا يتوقف على مراقبة السلوك الخارجى عند الشعور، وانما الى اعادة تقييم الوضع الباطنى الذى يحرك الفرد عند اللاشعور .
3- ان روافد المحرك الباطنى للانسان متعددة : فمنها البيئة الجغرافية ، فان من يعيش فى بيئة قاسية قد يميل طبعه الى الحدة والخشونه .. ومنها البيئة الاسرية ، فمن يتربى بين ابوين متنازعين ، قد لا يسلم من العقد النفسية والميل للانتقام .. ومنها البيئة التربوية ، فان من ينشا بين اصدقاء السوء المائلين الى التحلل الخلقى ، قد لا يمكنه مقاومة المنكر وخاصة فى جو المنكر الجماعى .. ومنهاالانتماء العائلى فان ( الحسب ) كما فى منطوق الروايات له وزنه فى التقييم ، اذ كيف يمكن انكار الصفات الوراثية المتراكمة فى سلسلة الاباء والامهات؟!.. ومن هنا لا يبنغى المسارعة فى اختيار ذات الجمال من منبت السوء ، للسبب نفسه !
4- ان من روافد التاثير الباطنى هى: الشخصيات العملاقة فى نظر الفرد ، فان الانسان يحاول دائما ان يسير فى منهج الاشخاص الذين يراهم كابطال تستحق التشبه بها فى ساحة الحياة .. ومن هنا التفت اعداء الدين الى هذه النقطة ، فتراهم من خلال الوسائل الاعلامية المتعددة ، يحاولون صرف نظر الفرد عن الشخصيات التى تسنحق لقب ( الاسوة ) بجدارة ، الى شخصيات يغلب عليها المجون والاستهتار رافعة شعار : استمتع فى حياتك كيفما شئت ، فان فترة الشباب فرصة لكل لذيذ !!
5- اننا لا نسجل حقيقة جديدة ، عندما نقول بان وسائل الاعلام المثيرة من :المواقع والقنوات الاباحية ، تؤثر تدريجيا فى تحقيق حالة المسخ الباطنى ، فيرى كل ما حوله مثيرا ، ولا ينظر الى الجنس الاخر الا من منطلق الغريزة المحضة ، نتيجة لتراكم الصور الخليعة التى تزدحم بها ذاكرته !!.. وهذا ما يفسر لنا النظرة الجائعه لشباب اليوم فى مواضع اصطياد الفريسة ، وذلك لوجود نداء قاهر من الدوافع اللاواعية يدعوهم الى ذلك، ولو كان على حساب الدين ، والعرف ، والقانون .. وتبلغ المشكلة اوجها فى الشاب المراهق ، الذى يدعى انه لا سلطة له على نفسه ، وحينئذ لا تنفعه موعظة واعظ ، ولو جمع الله تعالى له الانبياء فى بيته !!
6- ان علماء النفس – حتى غير الموحدين منهم – يرون بان الرصيد الدينى لدى الفرد ، من اهم عناصر العقل الباطن ، فهو الذى يدفع العبد فى تعامله مع نفسه وغيره بحسب ما تملى عليه مرتكزاته الدينية .. ومن هنا لزم على الفرد ان يكون دقيقا فى نظرته الى المفردات الصحيحة للدين ، فان من يفهم الدين بطريقة خشنة ، من الطبيعى ان يتعامل بعنف مع الاخرين ، كما نلاحظه فى الذين يسارعون الى مهاجمة المسلم وتكفيره .
7- ان ما ذكرناه فى الفقرات السابقة كان يمثل بيانا للواقع .. واما الحل لمن راى باطنه يختزن بعض بوادر الانحراف فهو : ان يجلس فى ساعة استرخاء مع نفسه ، ليتحدث مع نفسه مليا وكانها اجنبية عنه ، محاولا معرفة النوايا الخفية ، كما لو راى بغضا غير مبرر لانسان بريئ مثلا ، ثم يحاول ان يناقش نفسه مناقشة موضوعية ، ليعلم بطلان دوافع الكره الذى يعيشه ، ثم بعد ذلك ينتقل الى مرحلة اخرى وهى مرحلة الايحاء المستمرلخلاف ما يمليه عليه عقله الباطنى ، فما جاء بالايحاء الباطل يذهب بالايحاء الحق ، اوليس الامر كذلك ؟!
8- ان من سبل التخلص من التاثير القاهر للعقل الباطنى هو: تكلف مخالفة مقتضى الميل المتاصل ، فمن يرى فى نفسه انجرافا وميلا الى الحرام فى جانب العنصر النسائى مثلا - وهو ابتلاء القرن كما هو واضح - فعليه ان يعلم ان مثله ، كمثل سفينة فى محب ريح ، يسوقه الى دوامة قاتلة .. ومن هنا لزم عليه الابتعاد عن الاجواء المثيرة اولا ، فانها من مضان سلب الارادة لديه ، ومن ثم مضاعفة الجهد والمراقبة لو تورط فى جو مثير ثانيا ، فان الشيطان يستنفر كل قواه لالقائه فى فخه ، وقد يكون ذلك بعد تاريخ طويل من الاستقامة والثبات .. ومن هنا كان الاولياء يجأرون الى الله تعالى للختم بالعاقبة الحسنة ، اوهل فكرت فيما يضمن لك ذلك ؟! .
===============================
ملاحظات :
لا تنس اخي واختي المؤمنة الجديد بالموقع ورأيكم يهمنا فلا تبخلوا به علينا ..
هل غفلنا عن محاسبة انفسنا !! http://www.alseraj.net/13/
للمشاهدة أو الاستماع ، اذهب إلى العنوان التالي
http://www.alseraj.net
إذا أردت ان تكون شريكا في نشر الهدى فاطبع وانشر هذه الصفحة
*** الدال على الخير كفاعله ***
===========================