صفحة 18 من 23 الأولىالأولى ... 81617181920 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 256 إلى 270 من 339
  1. #256
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,615

    افتراضي

    يكفينا تأبين القائد الخامنئي والسيد حسن نصر الله (عبدالأمير داود)


    عبدالأمير داود

    ما أن تتأمل في التعزية التي نعى بها الرجل الأول في المقاومة الإسلامية سماحة الأمين العالم السيد حسن نصر الله والسيد القائد ولي أمر المسلمين الأمام الخامنئي حفظه الله ورعاه .تتباذر للذهن الكثير من الأسئلة لكل من عاش وهج الحملة الشرسة والظالمة ضد المرجع الكبير آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله ..

    تعزية القائد والتي حملت مفردات كثيرة في داخلها تجعلنا نسأل كيف يصف القائد رجل منحرف وضال بهذه الأوصاف ( آية الله – عالم كبير – عالم مجاهد ـ قدم للساحات الدينية والسياسية الكثير – كانت المقاومة الإسلامية على الدوام تحت رعايته ـ كان المقرب من الجمهورية ونظامها – وكان وفياً للثورة لنهج الثورة الإسلامية واثتب قولاَ وفعلاً على مدار الثلاثين سنة من الجمهورية الإسلامية.

    مفردات في قامة ووعي ومقام ودور السيد القائد الخامنئي في العالم الإسلامي وهو يأبن المرجع فضل الله وهو ولي أمر المسلمين والأمين على الرسالة والشريعة الإسلامية والأمتداد الحقيقي للنبوة والأمامة في زمن الغيبة والحريص على بيضة الإسلام من التحريف والضلال والأنحراف والتشويه والتحريف ؟؟ كيف يطلق السيد القائد هذه المفردات السابقة في حق المرجع فضل الله وهو في فكر البعض ممن يعيشوا في إيران والنجف ولبنان وكل العالم فكر منحرف وضال ومضل ولا يفقه شيئ من الفقه ؟؟ ألا يثير هنا لدينا استفاهمات كثيرة حول من ينتمون لولاية الفقيه تحديداَ ؟؟
    الأمام الخامنئي ومن خلال تعزيته يثبت الكثير من الحائق في حق شخصية المرجع فضل الله خاصة أن من واجب القائد أن لا يروج للمرجع فضل الله حينما يكون ضال ومضل وفكر منحرف ولليس مجتهداً؟؟ في حين أن المنأمل بشكل عميق بيانه ودوره في العالم الإسلامي يقول العكس .. بل يؤكد أن المرجع فضل الله كان يمثل الوفي لمنهج الثورة الإسلامية وعالم كبير ومجاهد وفقيه في متسوى الفقاهه والأجتهاد؟؟

    لماذا يصدر بيان في حقه اذا كان منحرف وضال ومضل ؟؟ ولماذا لم يلتزم كما التزم البعض ممن اتهمو المرجع بالأنحراف حيث لم يقدموا التعازي في ذكرى رحيله ؟؟ في حين ولي أمر المسلمين وقائدهم في قم والنجف يأبنه ويروج على أنه من العلماء الكبار ومجتهد كباقي المجتهدين ؟؟ ألا يثير في أنفسنا الكثير من التساؤلات حول موقع ولي الفقيه في فكرهم ومدى قناعة البعض به ؟؟ لأن الواجب عليهم أن يأخذوا بيان التعزية من القائد كالضوء الأخضر في اصدار تعازيهم بحق المرجع فضل الله؟؟؟


    الأسئلة كثيرة وكبيرة بحجم عطاء المرجع فضل الله في العالم الإسلامي .. فحينما يأبن السيد القائد السيد الخامنئي ويبعث ممثله الخاص آية الله الشيخ أحمد جنتي الأمين العام لمجلس صيانة الدستور في جنازة سماحة المرجع الإسلامي آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله ( قدس).. تزداد الأسئلة الكثيرة والكبيرة خاصة حول ثقل المرجع فضل الله في فكر القائد ووزنه الحركي والسياسي والفقهي والشخصي .

    كلمات السيد القائد وأبنه البار السيد حسن نصر الله تتفتح لك الكثير من الابواب الموصدة بعد أن ضاعت مفاتحيها وسط مناخ استأصالي وقمعي وارهابي لم يرحم الأواصر الدينية ولا الولائية ولا الإنسانية ولا لغة الحوار العقلاني والموضوعي ،، حيث سحقت كل الحسابات السياسية المنطق ولغة البرهان وكل معادلات الفكر والعقلانية الراقية والمتحضرة في ظاهرة جديدة على مستوى الفكر والفقه والعمل الإسلامي الحضاري والخطاب الإسلامي المعاصر تسمى ( المرجع فضل الله )

    فضل الله كان الرقم الصعب في فكر وضمير وممارسة الرجل الأول لسماحة السيد حسن نصر الله ولولا بيانه لضاعت حقيقة أن هناك ظاهرة عجيبة وجدلية تمسى (فضل الله) يجب الوقوف عليها طويلاً حتى نعرف كيف كان يمثل شخصية جدلية في حياته ومماته .. ففي حياته أصبح الشغل الشاغل لكل من يريد أن يعرف كيف وصل الإسلام الحركي في لبنان وفي العالم بفضل هذه العملاق لقمم الوعي والرشد والنضج وفي مماته كيف اجتمعت حوله مئات الآلاف المختلف في التوجهه والدين وفي الممارسة في أكبر جنازة بعد الأمام الخميني قدس ؟؟ غريب وعجيب هذا الرجل كيف يجمع المتناقضين حوله وكيف كان يدير طاولة حواره معهم؟؟ في مماته حتى اعداءه كتبوا عنه بل مثل لهم أزمة في بعض بلدانهم مع حكوماتهم ؟؟ كما حصل للسفيرة البريطانية في بيروت حينما كتبت في مدومتها بخصوصه أنها رجل محترم وكما حصل ايضاً لمحررت شؤون الشرق الأوسط في شبكة السي أن أن ومارافقها من استقالة .

    كيف افهم أن المرجع فضل الله كان يمثل فكر منحرف وفكر ضال عند البعض وهو في فكر الرجل الأول في العالم الإسلامي شعبيتة يمثل له أباً رحيما ومرشداً حيكما وكهفاً حصيناً وسنداً منيعاً في كل المراحل ؟؟

    بل يقول أنه (هكذا كان لنا سماحته ولكل هذا الجيل المؤمن والمجاهد والمقاوم منذ أن كنا فتيةً نصلي في جماعته ونتعلم تحت منبره ونهتدي بكلماته ونتمثل أخلاقه ونقت بسيرته.)) كيف يهتدي بسيرة من كفروه وجعلوه فكر ضال ؟؟

    ويقول أيضاً ( علمنا في مدرسته أن نكون دعاة بالحكمة والموعظة الحسنة وان نكون أهل الحوار مع الآخر وأن نكون الرافضين للظلم والمقاومين للإحتلال وعشاق لقاءٍ مع الله تعالى من موقع اليقين، ) كيف أصبح مدرسة له وفي فكر البعض يدعي المرجعية؟؟؟؟
    ويتابع الرجل الأول في ذوبانه في ظاهرة المرجع فضل الله (وأن نكون أهل الصبر والثبات والعزم مهما أحاطت بنا الشدائد والمصاعب والفتن. فكان لنا الأستاذ والمعلم والعلم والنور الذي نستضيء به في كل محنة،)


    ليس هذا من يشده للمرجع فضل الله بل فكره النير وسيرته العطرة ومواقفه الصلبه كما يقول نصر الله ( واليوم نفتقده إذ يفارقنا إلى جوار ربه الكريم الذي جاهد في سبيله طيلة عمره الشريف إلا أن روحه الزكية وفكره النيّر وكلمته الطيبة وابتسامته العطوفة وسيرته العطرة ومواقفه الصلبة )
    بل يقول للعالم أنه منهج المرجع فضل الله سيقى الدليل والهادي والدافع أليس هذا دليل أنه مدرسة المرجع فضل الله كانت مميزة ورائدة في فكر سيد المقاومة (كل ذلك سيبقى فينا هادياً ودليلاً ودافعاً قوياً متجدداً للعمل الدؤوب والجهاد المتواصل)
    .
    وليس هذا فحسب من يثبت عشقه لهذا الرجل بل أن معاهدة المرجع بالوفاء لأهدافه المقدسة تثبت أن الشخصيةالتي فقدها تعد كبيرة حيث يقول السيد نصر الله (انني اتقدم باسم المجاهدين والمقاومين وعوائل الشهداء والجرحى والمحررين وكل جمهور المقاومة إلى امامنا صاحب الزمان عليه السلام وإلى مراجعنا العظام وفي مقدمتهم سماحة الإمام الخامنئي دام ظله وإلى جميع المسلمين عموماً واللبنانيين خصوصاً، وبالأخص إلى اسرته اسرة العلم والفضل والجهاد والشرف بأحر التعازي واصدق مشاعر المواساة في هذا المصاب الجلل الذي أصاب امتنا. ونعاهد روح سيدنا الجليل الراحل اننا سنبقى الأوفياء للأهداف المقدسة التي عاش من أجلها وعمل لها وضحى في سبيلها ليل نهار، وان نبذل في سبيلها كل غالٍ ونفيس ان شاء الله)

    من من الذين يتقنون لغة فك الالفاظ والمفردات والمفاهيم والقيم يفهمني ماذا تعني ( أباً رحيما) و ( مرشداً حكيماً) و( وكهفاً حصيناً) و( وسنداً منيعاً) وفي كل المراحل ؟؟
    التأمل في بيان السيد حسن نصر الله وبكاءه على جثمانه في مستشفى بهمن والتحشيد الكبير له والتغطية المميزة لرحيله يحس بعظم مصاب الرجل الأول حينما يفتقد شخصية من لاذوا به حينما كان فتية تشدهم الثورة الإسلامية واجتياح العدو الصهيوني وكيف كان يمدهم بكل مايملك ومن وعي ورشد وفقه حضاري متطور وتفسير قرآني حركي يحاكي الواقع .. كانوا بأمس الحاجه لشخصية في مستوى ما يواجهونه من تحديات ؟

    لم يترك بيان القائد الخامنئي ولا أبنه البار السيد حسن نصر الله أي لبس حول ظاهرة المرجع فضل الله لمن يرفعون شعار ولاية الفقيه من فقهاء وجماهير ونتظيمات ؟؟ لم يبقى لهم عذر في وقت أن الأمام الخامنئي حفظه الله يروج له ويعزي انصاره ومحبيه ويعتبره الوفي للثورة الإسلامية على مدار 30 سنة؟؟ يعني انه وفي للقيم والمبادئ التي تمثل الإسلام المحمدي الأصيل اليس كذلك؟؟





  2. #257
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,615

    افتراضي

    هل كان فضل الله شِيعِيّاً أم سُنّيّاً؟!

    محمد عبدالله محمد

    في وصيّة المرجع الديني الراحل السيد محمد حسين فضل الله (قد) وُجِدَت هذه العبارة «إثارة الخلاف بين السُّنّة والشّيعة حرام». وإذا ما وُضِعَت هذه الفتوى في سياق الهَرج والمَرج، والغَمز والّلمز، بين أمراء الخلاف المذهبي العصريين فإن أُكُلَها يُصبح ناجزاً. ومن بين سماطَي سوق فتاوى التكفير، أو التحفيز على التكفير والتفسيق والإخراج من المِلّة يُصبح معناها أكبر.

    في السابق قرأتُ للسيد الراحل مقولة ناصِحة. سُئِل: كيف الطريق إلى الوحدة الإسلامية؟ أجاب: إذا وَضَع المسلمون عقولهم في رؤوسهم لا في ألسنتِهم. كان السيد فضل الله يقول قوله فصلاً وبشكل قطعي لا يحتمل التأويل فيما يتعلّق بالخلاف المذهبي؛ لأن وضع الفتوى موضع التصريف يُحيلها إلى الفهم الشخصي والزمكاني، وإلى جَبِّها بعناوين مُزاحِمة. عندها يضيع النّص، لصالح الفهم الرديف. ليبدأ الفهم الدائري للمشكلة من جديد.

    قبل أقلّ من عام سألته عن أمر مُحدّد في ذات الموضوع المتعلّق بالخلاف المذهبي، عندما كَثُرَ أصحاب الألسن البذيئة على أعواد المنابر. ولأن إجابته كانت غنيّة بالدلالات، وقويّة في المعنى، فإنني أذكرها للقارئ أمانة. أجاب السّيد رحمه الله: «يجب على المؤمنين أن يمتنعوا عن فعل وقول كلّ ما يضرّ بوحدة المسلمين وتناصرهم وتعاونهم على الخير، وبخاصة سبّ من هو محترم عندهم من الصحابة والأولياء والعلماء».

    وأضاف سماحته في نصّ فتواه «إذا كان الله تعالى قد نهى في كتابه المجيد عن سبّ الكافرين الذين يعبدون الأصنام، فما بالك بالمسلمين الذين نتوافق معهم على جلّ العقائد والأحكام، والذين نعيش وإياهم هموماً واحدة ومصيراً واحداً، فإن الواجب يدعونا إلى احترام قناعاتهم وأفكارهم، والكفّ عن إهانة مقدساتهم وشعائرهم». (انتهى كلام السيد).

    نعم... يُقرَن المرجع الراحل بموضوع الوحدة بشكل عضوي. وربما أقصى درجات الإيمان بالأفكار، هو بمستوى التماهي ما بين الفكرة والعمل. لقد كان فضل الله الأقدر على دمج أفكاره بعمله. في مدارسه وملاجئ الأيتام العائِدة له، يتكفّل فضل الله بأيتام سُنّة إلى جانب أيتام من الشّيعة. وربما أستحضر الآن قصيدته في الوحدة الإسلامية والتي كَتَبَها قبل 52 عاماً لأفهم أن البذرة لديه كانت منذ ذلك الوقت وربما أسبق من ذلك بكثير.

    عندما أقرأ لفضل الله تلك الإفاضات الجريئة أسأل نفسي عن آخر شيء يُمكن أن يُفكّر فيه المرء؟ بالتأكيد فإنها كثيرة هي الأشياء التي تُنعَت بغير المفيدة، والتي بسببها تبقى خارج التفكير. لكنني لا أحرز من أقلّ الأشياء فائدة غير السؤال: هل أنا من هذا المذهب أو ذاك. فهو إلى جانب أنه كذلك يبقى كأكثر الأشياء خطورة على السّلم الاجتماعي ولُحمَة الناس. فهو يستبطن تاريخاً أسود، يبُذُّ سامعيه على قولٍ فاحش وعملٍ مريب.

    عندما أهرِف في تفاصيل هذا المذهب أو ذاك، فإنني أستغرق في مفردات التحريض الكبيرة. وفي حروب التاريخ ومقاتل المسلمين. ومَنْ هو أحقّ مِنْ مَنْ، ومَنْ هو أصلَح مِنْ مَنْ. ماذا يُفيدني ذلك وأنا أعيش زمناً غير ذلك الزّمان. أقصى ما يُمكن أن أفعله حيال كل ذلك هو هزّة كتِفٍ لا أكثر. أما أن نضع إدام التاريخ في أحضاننا فهو نكاية صريحة بالنفس والدين وبأتباعه.

    ربما أدرك السيد فضل الله خطورة ذلك المنهج الفاسد في الخلاف المذهبي من جوف التاريخ المزكوم برائحة الدّم. ليس خلاف المسلمين مع بعضهم فقط، وإنما خلاف الأديان الأخرى بعضها ببعض. بعد العام 1830 احتدم الصراع بين بطريرك الطائفة المارونيّة في لبنان والمُبشّرين البروتستانت الذين جاهدوا لتحويل الموارنة في منطقة الشّام عن عقيدتهم والدخول في البروتستانتية، وما أداه ذلك إلى وصول نار الخلاف حتى تخوم روسيا، وصوب الكنيسة الأرثوذكسية.

    وقبل ذلك كان فضل الله يُدرك أيضاً أن قرنَيْن من الزمن عاشتهما أوروبا في حروب طاحنة بين الكاثوليك والبروتستانت الذين كانوا يُحرّمون الصّور اليسوعية وتجسيدها كافية لأن نقتنع بأن في التاريخ عِظَة للناس. لقد كان موضوع التوحيد العقيدي سبباً وجيهاً لإقامة نظام اجتماعي وسياسي أوروبي عصِيّ على الكسر بعد الاقتتال؛ لأن عنوان التوحيد المغاير للوثنيّة داخل في نهاية الأمر في صوغ الهوية.

    وإذا ما كان ذلك قد حصل في أوروبا التي تشرذمت شعوبها بفعل هرطقات الصّور، وقضايا التثليث والرّبوبية، ثم بصناعة قالب التوحيد الجامع بعد وصول الدّم إلى حدّ الابتذال، فأين المسلمون ذاتهم من كلّ ذلك، في الوقت الذي يمتلكون فيه نظاماً توحيدياً رائداً، من شأنه أن يُحيل كلّ فروع الخلاف إلى نقطة أصل فاصلة وجامعة، تقيهم ما وقَعَ الأوربيون فيه من محذور ومحظور.

    اليوم لا يُرى أهم من الحديث عن إسلام خارج المذاهب. إن لم يكن على مستوى الاعتقاد الشخصي، فليكن على مستوى فضاء الجماعة، الذي عادة ما تغيب فيه الأنانية والخصوصيات الضّيقة. يجب أن يقتنع الجميع أن هذا المسعى ليس حملة علاقات عامة، وإنما هو فرض عيْن، وأنه ليس ضرباً من الميتافيزيقيا، وإنما هو قابل أن يكون واقعاً مثلما جرى لدى أقوام وشعوب أخرى، كانت خلافاتها أشدّ من خلافات المسلمين أنفسهم.

    * نقلا عن "الوسط" البحرينية





  3. #258
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,615

    افتراضي

    كبير علماء الشيعة في باكستان يشيد بفقاهة المقدس فضل الله

    (شبكة الفجر الثقافية) - (2010-07-12م)



    أرسل سماحة العلامة السيد ساجد علي النقوي - من كبار علماء الشيعة في باكستان - برقية عزاء إلى عائلة المرجع الراحل فضل الله واصفاً رحيله بالخساره لجميع المسلمين .

    وأشاد السيد النقوي بالشخصية العظيمة للمرجع الراحل والمعروفه في مجال العلم والفقاهة.[line]-[/line]


    نص رسالة السيد ساجد علي النقوي
    سماحة حجّة الإسلام والمسلمين، السيد علي فضل الله، دامت بركاته

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

    ببالغٍ من الحزن والأسى، نعزّيكم برحيل المرجع الدّيني الأعلى، آية الله العظمى السيّد محمد حسين فضل الله، تغمّده الله برحمته.

    فبهذه المناسبة المؤلمة، نعزّيكم ونعزّي ذوي الفقيد الرّاحل وجميع المسلمين، وبالأخصّ مسلمي لبنان وسورية، ونطلب له علوّ الدّرجات عند الباري تبارك وتعالى.

    كلّنا نعلم أنّ رحيل الشخصيّة العلميّة العظيمة المعروفة في العلم والفقاهة في العالم الإسلاميّ، والصّخرة القويّة أمام المؤامرات الاستعماريّة، ليس مصيبةً تختصّ بأهالي لبنان فحسب، بل هو مصاب وخسارة لجميع العالم الإسلاميّ.

    إنّ جهوده القيّمة في سبيل استقلال لبنان، وتحرير القدس وفلسطين واتحاد أهلها، لا تزال باقية الآثار، ولن تنسى أبداً، ولسوف تكون شخصيّة هذا العلم العظيم ضوءاً ينير طريق السّائرين. فندعو الباري تعالى مرّةً أخرى بإعلاء درجاته والمنّ بالصّبر على ذويه.

    نتمنى الصحّة والسلامة وطول العمر والموفّقية لكم ولمن والاكم.

    والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    السيد ساجد علي النّقوي

    قائد ملّت جعفريّة باكستان





  4. #259
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,615

    افتراضي

    وفدٍ كبيرٍ من المجلس الأعلى في العراق يقدم التعازي برحيل المرجع فضل الله

    (شبكة الفجر الثقافية) - (2010-07-12م)



    استقبلت عائلة العلامة الرّاحل الكبير آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله نائب الرّئيس العراقيّ عادل عبد المهدي، على رأس وفدٍ كبيرٍ من المجلس الإسلاميّ الأعلى في العراق ضم الشيخ همام حمودي والسيد محمد الحيدري وآخرون ، حيث قدّم واجب العزاء بسماحته، مشيراً إلى ما كان يتمتّع به السيّد فضل الله من مكانةٍ في قلوب العراقيّين، وهو الّذي حمل همّ العراق وآلامه طيلة سنوات المحنة، كان يأمل من خلالها أن يعود العراق إلى سابق عهده بلداً للإشعاع والحضارة.

    وبعد التّعزية، قال عبد المهدي:


    نص تصريح عادل عبد المهدي نائب الرئيس العراقي
    إنَّ رحيل سماحة السيِّد فضل الله خسارة عظيمة للعراق والأمّة الإسلاميّة، بل للإنسان، لما لفقيدنا الغالي من مكانةٍ عاليةٍ في مجال الفكر الإسلاميّ والفكر الإنسانيّ، وقد قدَّم الكثير، واجتهد في كافّة الشّؤون الفقهيّة، وله مقالات وأبحاث متقدّمة.

    ونحن كعراقيّين، رافقنا الفقيد في كلّ مراحلنا، وعملنا معه منذ كان في النّجف، وبعدما غادرها في فترة مقارعة نظام صدّام حسين، ومع الانتقال إلى الوضع الجديد، وفترة التّأسيس للحكم، كانت له نصائح غالية، وكنّا دائماً نراجعه في شتّى الشّؤون، سواء مباشرةً أو عبر الهاتف أو عبر الرّسائل المكتوبة... لقد فقده العراق كما فقده لبنان، والعالم الإسلاميّ فقد الكثير برحيل هذا السيّد الجليل.

    صور

















  5. #260
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,615

    افتراضي

    خالد مشعل والعطية قدموا التعازي إلى عائلة المرجع الراحل

    (شبكة الفجر الثقافية) - (2010-07-12م)



    استقبلت عائلة سماحة العلامة الرّاحل، المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله(رضوان الله عليه)، رئيس المكتب السياسيّ لحركة حماس، خالد مشعل، يرافقه أسامة حمدان وعلي بركة، حيث قدّموا التّعازي بالرّاحل الكبير.

    وقد أشاد مشعل بالدّور الرياديّ الّذي كان يضطلع به السيّد فضل الله على المستوى الإسلاميّ العام، ولا سيّما وقفته التّاريخيّة مع القضيّة الفلسطينيّة العادلة. وأكّد مشعل أنّ فلسطين خسرت برحيل السيّد فضل الله نصيراً وحصناً من حصونها.

    وبعد تقديم واجب العزاء، أدلى مشعل بتصريحٍ قال فيه:


    نص تصريح خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس
    رحيل سماحة السيِّد فضل الله خسارة للأمَّة العربيَّة والإسلاميَّة، لأنَّه قامة كبيرة من قاماتها، ومن أعلام الفكر والنِّضال ووحدة الأمَّة وعقلها المنفتح والمتجدِّد، ولذلك خسرت فلسطين بوفاته خسارةً كبيرةً، لأنَّه كان فلسطينيّاً بقدر ما كان لبنانيّاً، لأنَّ روحه كانت مع الجهاد والمقاومة ومع فلسطين ومع القدس، وإن شاء الله، ستبقى هذه الرّوح، روح النّضال والتحدّي والكبرياء الّتي أطلقها من لبنان والأمَّة، لتثمر في فلسطين وفي لبنان، وما كان يتطلَّع إليه سماحته ـ رحمه الله ـ من انتصار المقاومة وتحرير فلسطين وانتهاء الاحتلال الإسرائيليّ، سوف يتحقّق، بعون الله، ولو بعد وفاته، لتكون روحه في لحده مطمئنّةً بأنّ ما كان يتمنّاه سوف يتحقّق، والبركة في أسرته وأبنائه وأشقّائه وأهله وأتباعه ومحبّيه.

    كذلك، استقبلت عائلة الرّاحل السيّد فضل الله، نائب رئيس الوزراء القطريّ، وزير النّفط عبد الله العطيّة، يرافقه سفير قطر في بيروت، حيث قدَّما واجب العزاء بسماحته، وأشاد العطيَّة بالفكر المنفتح لسماحته على كافَّة الأطياف والمذاهب، مقدِّراً المحاولات الدّائمة التي كان يطلقها في سبيل تحقيق الوحدة الإسلاميّة، وتحذيره المستمرّ من محاولات الفتنة، مؤكّداً أنّ سماحته كان صمّام أمانٍ في المرحلة التي مرّت علينا.

    وبعد التّعزية، قال العطيّة:


    نص تصريح عبد الله العطية نائب رئيس الوزراء القطري
    إنَّ رحيل سماحة السيِّد فضل الله سوف يترك تأثيراً كبيراً في السّاحة الإسلاميّة، لأنّ سماحته كان صمّام أمانٍ أمام محاولات الفتن التي تسعى لتدمير الأمّة، وقد كان لسماحته دور عقلانيّ وحكيم في مجال التّقريب بين السنّة والشّيعة. وإنّني أعتبره من أعظم العلماء الّذين وجدوا في العصر الحديث.

    والجدير ذكره، أنَّ عائلة الرّاحل الكبير، السيّد فضل الله، سوف تستقبل، ابتداءً من الأربعاء القادم، المعزّين، رجالاً ونساءً، في دارته في حارة حريك، وذلك من السّاعة العاشرة صباحاً وحتى موعد صلاة الظّهر.

    صور من اللقاء

















  6. #261
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,615

    افتراضي

    فضل الله: المرجع الروحي للمقاومة ورجل الفقه المنفتح
    د. سعيد الشهابي

    7/14/2010





    [align=justify]'لا أطلب الا زوال الكيان الصهيوني'، كان آخر المواقف غير المعلنة قبل ان يستسلم للموت). هذه العبارة وردت في تقرير وكالة انباء رويترز يوم وفاة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله، نقلا عن طبيبه بمستشفى 'بهمن' في بيروت.
    ألا يكفي ذلك لفهم دوافع التحرك الكثيف للقوى الضاغطة الصهيونية ضد من يطلق كلمة مدح او ثناء لهذا الرجل؟ كيف يمكن فهم دوافع الحملة ضد فرانسيس جاي، السفيرة البريطانية لدى لبنان بعد ان عبرت عن احترامها له في رثاء قصير خطته بيديها بعد رحيله؟ لماذا اتخذ القرار العاجل بفصل أوكتافيا نصر، المحررة المسؤولة عن تغطية منطقة الشرق الاوسط بقناة 'سي ان ان' بعد ان عبرت عن تقديرها للسيد؟ وما الذي دفع الكاتب البريطاني المعروف، روبرت فيسك، لوصفه بانه 'رجل جاد ومهم ساهمت خطبه حول الحاجة للاحياء الروحي والعطف في بث الخير أكثر من اي شخص آخر في بلد تهيمن عليه الشعارات'؟. فاذا كان فضل الله رقما صعبا في حياته، فان غيابه لم يسهل مهمة المعجبين به. واذا كان الغربيون، وبعضهم في مواقع متقدمة ومن النخب السياسية والمهنية، يدفعون ثمن 'اعجابهم' او 'تقديرهم' لهذا الرجل، فما الذي حداهم لذلك، وهم يعلمون ان القوى الضاغطة الصهيونية لمثلهم بالمرصاد؟
    لماذا يبقى فضل الله بعبعا بعد رحيله، كما كان في حياته؟ ما الذي يميز شخصيته عن الآخرين؟
    وهل يملك سوى الكلمة سلاحا؟ هل ان تلك الكلمة أقوى من القنابل والصواريخ التي استهدفته شخصيا ولم تفلح في إخماد صوته؟
    ما الذي أزعج القوى الغربية في خطاب الرجل خصوصا ان فيه ما يتناغم مع بعض ما يرفعون من شعارات، خصوصا حول حقوق المرأة ولغة التسامح والحوار؟ أية انسانية هذه التي تصادر حرية الرأي، فتمنع المسؤول من طرح رأيه ازاء شخص يقدره ان يعجب به؟ وربما الأهم من ذلك: من هو عالم الدين الذي يرتضيه الغرب ممثلا عن المسلمين ومعبرا عن آراء الاسلام وقيمه ومبادئه؟ ان قراءة حياة السيد فضل الله، بكامل فصولها منذ ان دخل ميدان الاسلامي الحركي في الخمسينات، تعني قراءة تطور العلاقات بين الغرب والعالم الاسلامي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، مرورا باحتلال فلسطين والحقبة الاستعمارية واكتشاف النفط، وصولا الى صعود ظاهرة 'الاسلام السياسي' الذي كان فضل الله واحدا من اعمدتها. بل يمكن القول انه كان من أوائل من طرح تنظيرات ورؤى للصحوة الاسلامية المعاصرة، في فترة ما بعد الامام حسن البنا، متزامنا مع سيد قطب والمودودي والسيد محمد باقر الصدر، وصولا الى الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الامام الخميني. وبالتالي فاذا كان الثلث الاول من حياته يعتبر فترة النشأة والبناء الاساس للفكر الحركي لديه، فقد قضى ثلثي حياته الاخيرين حاضنا للصحوة، مؤطرا لحركتها، ودافعا لتعميقها وانتشارها، من خلال كتبه التي ناهزت السبعين في شتى المجالات.
    ترجل الفارس بعد ان أثخنت جسده المتعب جراحات الاعداء ومشقة السير الطويل، وأسلم الروح لبارئها وهو لما يكمل المشوار، وأي مشوار ذلك الذي بدأه على انغام الحروب والاحتلال، وما زلت تؤرقه حتى يوم رحيله. وكما كان في حياته، مثيرا للجدل بسبب مواقفه ورؤاه، على اصعدة السياسة والفقه والفكر، فقد بقيت تلك الاثارة متواصلة حتى بعد رحيله. وما استهداف من تفوه بإطرائه من الغربيين الا مؤشر لتلك الاثارة. وما صمت بعض اقرانه عن قول كلمة وفاء بعد ان غيبه اللحد، الا جانب آخر لتلك الاثارة. فما طبيعة هذا الرجل الذي يمدحه بعض المحسوبين على معسكر 'الأعداء' ويبخل عليه الاقربون منه بكلمات مديح مماثلة؟ العظماء موضع اثارة للجدل، ويبدو ان المرء لا يكون ذا موقع مرموق الا اذا كانت افكاره خارقة للمعتاد وخارجة على المألوف. وهذا يقتضي شجاعة لا تتوفر لدى أغلب الناس. فالمجاملة والمسايرة وربما 'النفاق' من مستلزمات العيش في نظر البعض، ومثل هؤلاء لا يترك أثرا ملموسا على محيطه، فيعيش ويموت انسانا عاديا على هامش الحياة. الابطال هم الذين يتخذون القرارات والمواقف التي لا تعجب الجميع، فارضاء الناس غاية لا تدرك، وخوض الاهوال من شيم الشجعان الذين لا يرون خطرا على حياتهم أكبر من الموت. والموت احيانا قد يبدو أقل المخاطر التي تنتظر هؤلاء الشجعان. فكيف هو شعور المناضلين الذين يتعرضون لصنوف التعذيب بمباضع الجلادين؟ ألا يصل الحال ببعضهم الى مطالبة سجانيه بانهاء حياته للانتهاء من الألم الذي لا يطاق او الاهانة التي لا يستطيع تحملها؟ وماذا عن المبتلين بامراض مؤلمة جدا، ألا يبلغ الامر ببعضهم لاختيار الموت بديلا عن تلك الحياة المؤلمة؟ والألم النفسي لا يقل عن الالم الجسدي، ولذلك فما أكثر الذين ينتحرون بعد ان يعجزوا عن تحمل الأذى النفسي.
    لقد عاش السيد محمد حسين فضل الله آلاما من أصناف شتى: فكرية وسياسية، شخصية وجماعية، على مستواه كواحد من ابناء الامة، وعلى مستوى المجتمع (بل المجتمعات) التي كانت تنتظر منه الارشاد والتوجيه والموقف. فكيف كانت نفسيته في الثامن من آذار (مارس) 1985 وهو يسمع الانفجار المدمر الذي هز ضاحية 'بئر العبد' بتفجير قنبلة كانت تستهدف القضاء عليه وقد زرعها عملاء وكالة الاستخبارات الامريكية بدعم دولة عربية؟ ماذا كان شعوره وهو يستمع لأرقام الضحايا ترتفع كل لحظة حتى تجاوزت الثمانين؟ وتتكرر محاولات تصفيته تباعا طوال العقدين اللاحقين لتبلغ أبشع صورها في مثل هذه الايام من تموز (يوليو) 2006. فاذا بالطائرات والصواريخ الاسرائيلية تنهال على الضاحية الجنوبية بقصف وحشي، استهدف في اولى عملياته منزل السيد فضل الله ليحيله ركاما. ونجا السيد من ذلك العدوان ولكنه أبى ان يترك المدينة المنكوبة، وفضل ان يبقى مع شعبه، شاهدا وشهيدا على العدوان والارهاب الذي كان يجري برعاية الدول الكبرى. جريمته، في نظر اعداء الامة انه، كما ذكر الكاتب الصحافي باتريك فورستيه (Patrick Forstie) لم يتنكر لمن يسعى لتحرير ارضه: 'إذا كان السيد فضل الله قد أعلن دائماً أنه ضد العمليات الانتحارية، فهو ليس ضد العمليات 'الاستشهادية' التي هي واحدة من أركان الإسلام الشيعي'. ان تمسك فضل الله، ليس ككاتب او محلل او مفكر، بل كمرجع ديني تترك رؤاه وفتاواه آثارها على اتباعه، وما اكثرهم، بموقف واضح ازاء مفهوم 'الشهادة' جعله مستهدفا من اعداء الامة الذين يصرون على احتلال ارضها واستضعاف ابنائها، اذ يقول: 'الشهادة ليست موتاً، إنما هي في الأساس عمل روحي طوعي، لأن القضية أهم بكثير من الحياة'.
    هذا التقعيد لمفهوم الشهادة، خصوصا في هذا الزمن الذي يسعى المتغربون فيه للتخلي عن المبادئ والقيم في مقابل احتضانهم من قبل الغرب، لم يعد مقبولا نظرا لتأثيره السلبي خصوصا على من الاحتلال الصهيوني في فلسطين. وبالاضافة لمفهوم الشهادة في الاسلام، فان موقفه من مفهوم آخر بدأ الغربيون يستعملونه بشكل سلبي، مرفوض ايضا. ففي السنوات الاخيرة اصبح الاعلام الغربي يطلق مصطلح 'الجهاديين Jihadists' على كل من يؤمن باستعمال القوة لمواجهة العدوان، ايا كانت الظروف. ودخل هذا المصطلح بقوة في الاعلام الغربي ضمن عناوين 'الارهاب'. اما السيد فضل الله فيقول: 'ربما تحدّث الغربيون عن مسألة الجهاد في الإسلام بشكلٍ سلبي واعتبروها وسيلةً من وسائل العدوان وتدمير الإنسان. إننا نقول إن الجهاد في الإسلام تماماً كما هو الكفاح في كل الحضارات، هو عمليةٌ دفاعية ووقائيّة'.
    هذه الرؤى الفقهية حسمت موقف الغربيين تجاهه. وهذا الموقف لم يقتصر على الحصار الفكري والسياسي والامني، بل تعداه الى الفعل الأمني الذي استهدف حياته مرات عديدة حيث بدأ بمتفجرة بئر العبد قبل ربع قرن، وتواصل بدون توقف حتى وفاته. كان واضحا في ربع القرن الأخير انه كان محدود الحركة، قليل السفر، لاعتبارات عديدة اهمها الجانب الامني. فمنذ تفجير مقر قوات المارينز الامريكية والقوات الفرنسية في بيروت في 1983، اصبح الغرب مقتنعا بانه هو الذي بارك تلك العمليات، ودعمها. فبدأت الاستخبارات الامريكية تعد الخطط لاغتياله بتوجيه من الرئيس الامريكي آنذاك، رونالد ريغان. التحقيقات التي اجريت لاحقا لكشف الجهة المخططة لتلك الجريمة أكدت ضلوع الـ (سي آي آيه) فيها. ويذكر الصحافي اللبناني عمار نعمة في صحيفة 'السفير' (13/7/2008) 'ان الحاج عماد مغنية هو الذي قام بمتابعة مسؤولية التحقيق في محاولة الاغتيال التي استهدفت سماحة السيد فضل الله في بئر العبد والتي أودت بحياة العشرات من الشهداء'. ويمكن القول ان تلك الجريمة أحدثت استقطابا في العلاقة بين 'الاسلام الحركي' وفق تعبير السيد نفسه والتدخلات الامريكية في المنطقة، دعما للاحتلال الاسرائيلي. بل ربما يمكن اعتبار ذلك البداية الحقيقية لنشوء المقاومة الوطنية الاسلامية اللبنانية ضد 'اسرائيل' التي كانت قد اجتاحت لبنان في 1982 مستهدفة الوجود الفلسطيني بزعامة السيد ياسر عرفات. والملاحظ ان المواقف السياسية والفقهية للسيد فضل الله توسعت دائرتها منذ ذلك الوقت، واصبح رقما اساسيا في مشاريع ثلاثة متوازية: الصحوة الاسلامية الناهضة في العالم الاسلامي، والمقاومة ضد الاحتلال، والفقه الديني المتجدد الذي اصبحت له امتدادات في السياسة ومفاهيم المقاومة والجهاد. وتوسعت اهتمامات السيد فوسع آفاقه من مؤلف وامام جماعة وجمعة، الى مرجع روحي لقوى المقاومة. وانطلق مجددا في مسار جديد متصل بمشروع الوحدة الاسلامية والانفتاح على الآخر. وعلى مدى ربع القرن اللاحق، تحولت شخصيته الى رمز لعدد من الامور:
    اولها: المشروع الوطني اللبناني اذ اصبح جهة اساسية لبلورة معالم لبنان الجديد الذي تحول الى بلد مقاوم، يبحث كافة الاساليب المتاحة للانتهاء من استحقاقات الحرب الاهلية. وحظى السيد تدريجيا باهتمام القادة اللبنانيين خصوصا انه كان يدعو لتجاوز آثار الحرب الاهلية اللبنانية وبناء الجسور بين مكونات لبنان، بكافة انتماءاتها الدينية والمذهبية والعرقية.
    ثانيها: المشروع التحرري الذي تمثله قوى المقاومة في المنطقة، خصوصا لبنان وفلسطين، وهو السبب الاهم لاستهدافه من قبل القوى الغربية. ووفر له اهتمامه بهذا المحور فرصة التواصل مع رموز التحرر من قادة حركات وعلماء وكتاب واعلاميين. وكان اهتمامه بقضية فلسطين ودعم المقاومة بعدا ثابتا في شخصيته، الامر الذي وفر له احتراما بين كافة الفصائل الفلسطينية.
    ثالثها: المشروع الاسلامي، وتجلياته السياسية والحركية بما في ذلك دعم الجمهورية الاسلامية والحركات الاسلامية الممتدة بطول العالم الاسلامي وعرضه.
    رابعها: المشروع الوحدوي الذي وجد اصداء له بتأسيس 'تجمع العلماء المسلمين' في لبنان، والمؤتمرات التي حضر بعضها ورعى بعضها الآخر. وقد اصدر في ذلك مقالات وكتبا تؤصل قيم التقريب والحوار والوحدة، خصوصا في مجال الحوار مع الآخر كالمسيحيين.
    خامسها: المشروع الانساني وهو جانب من تطور الفقه الاسلامي المعاصر. وقد تميز السيد بفتاواه التي ترعى التعدد المجتمعي فاصدر فتواه الشهيرة بطهارة غير المسلم، معتبرا ان النفس الانسانية طاهرة بذاتها، وليست نجسة. كما اهتم بالمرأة والشباب واولاهما من الاهتمام ما جعلهما يعتبرانه 'مرجعا روحيا' لهما بدون تردد او تحفظ.
    سادسها المشروع الرعوي اذ نجح في تأسيس مبرات خيرية ومستشفى ضخما ومؤسسات خيرية واسلامية ومدارس ومعاهد للتعليم المهني، بالاضافة الى مشروع التعليم الديني الذي يرعاه لتخريج علماء دين قادرين على حمل مهمة البيان والتلبيغ والارشاد. هذه الامور جعلته رمزا حيويا لجماهيره الملتفة حوله، التي وجدت فيه دفء الاحتضان وحنان الأبوة.
    سابعها: المشروع الفقهي الذي نجم عنه حوزة علمية واسعة تخرج العلماء والفقهاء. وربما الاهم من ذلك نزعته نحو التجديد الفقهي وتحرير الفقه من شوائب عديدة، كالرتابة والجمود وتقديس الماضي بدون قراءة ناقدة للتاريخ، والتعامل مع العلم والتكنولوجيا كعوامل مساعدة في تحديد الموضوع وتسهيل مهمة اصدار الحكم، وتنقية الدين من الموروثات والتقاليد لللتمييز بين ما هو 'إلهي مقدس' وما هو 'بشري خاضع للتدقيق والمحاكمة'.
    هذا المنحى التجديدي وفر للسيد مريدين كثيرين خصوصا في فئات الشباب والنساء وفي اوساط غير المسلمين من دبلوماسيين واعلاميين. ولكنه في الوقت نفسه أسس لحصار من المؤسسة الدينية التقليدية التي عارضت منهجه في الاجتهاد والفقه، خصوصا دعوته لتنقية الدين مما علق به من موروثات غير ثابتة على اسس من الحديث او الاجتهاد او الفقه، وربما كانت انعكاسات لثقافات وعادات موروثة، وليست من الثوابت.
    ودعا الى اعادة النظر في التاريخ والحديث لتنقيتهما مما علق بهما من اجتهادات بشرية. هذا المنحى كان جديدا على المؤسسة الدينية خصوصا في الدائرة الاسلامية الشيعية، الامر الذي أحدث ارباكا وصل احيانا الى مستوى التكفير والطعن في النوايا. ولوحظ غياب اي نعي للسيد محمد حسين فضل الله من المؤسسة الدينية سواء في النجف الاشرف العراقية، ام مدينة قم الايرانية.
    هذا الغياب الملحوظ ربما خفف منه اللغط الدائر حول الاشخاص من غير المسلمين الذين أطلقوا تصريحات أعادت السجال حول مفاهيم كانت في عداد الثوابت خصوصا حرية التعبير التي يبدو انها دائرة تضيق عن اطراء المحسنين وذم المسيئين. والصراع هذه المرة ليس بين السيد فضل الله والغرب، بل ان وفاته أخرجت السجال من المحيط الاسلامي الخاص وأوصلته الى الدوائر الغربية نفسها. وهذا جانب من اسرار صدق الموقف والثبات على المبدأ والصمود بوجه العدوان والطغيان والاستبداد.
    كان فضل الله انسانا انفصل بروحه وكيانه عن عالم الزيف والنفاق وازدواج المعايير، ليحلق في عالم القيم والنقاء والصفاء، وهذا ما لا يدركه غير العارفين، الذي كان، بدون شك، واحدا من أقطابهم.

    ' كاتب وصحافي بحريني يقيم في لندن


    المصدر للموضوع
    من هنا
    [/align]





  7. #262
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,615

    افتراضي

    السيد فضل الله: مرجعنا الذي لم نقلده

    محمد أحمد آل محسن*


    - 12 / 7 / 2010م - 6:21 م


    [align=justify]
    قليلون هم من يتركون أثرا في حياتهم أو يثيرون حياة من هم حولهم، فكيف برجل يستطيع أن يثير ويحرك هذا العالم حتى بعد موته الذي لم يكن يخطر ببال أحدا رغم تقدمه بالسن، فضلا عن المرض الذي أنهك جسده من دون أن نشعر بذلك عليه. تلك هي ببساطة كانت حياة سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله الرجل الذي أخذ على عاتقه التغيير والعمل والجهاد حتى لو أنهكه الآخرون بسهامهم بل «عدوانهم» حتى قبل المرض والموت.
    السيد الشاب من النجف للبنان
    كعادة أغلب شباب تلك المرحلة قضى السيد فضل الله مرحلة التعليم الحوزوي في مدينة النجف الاشرف التي تعتبر حاضرة التشيع الأكبر والأعرق في العالم، وكبقية أقرانه في تلك المرحلة ترعرع السيد تحت لواء عمالقة الحوزة من السيد محسن الحكيم والسيد الخوئي وكان أحد خمسة رجال يعتبرون ممن ساهموا كثيرا في تطور الفكر الشيعي والتأثير فيه من السيد محمد باقر الصدر إلى السيد مهدي الحكيم مرورا بالشيخ محمد مهدي شمس الدين والسيد محمد باقر الحكيم وكان آخر الراحلين هو السيد فضل الله. ومع ما كانت تكتنزه النجف من ذلك التأثير على حياة أي فرد وخصوصا طلبة العلوم الدينية فقد كان أصل الإنفتاح وبعد الحركة هو أساس ما كان يفكر به السيد فضل الله ويتمناه لذلك كان لبنان بما يتسم به من حرية تتيح للشخص أن يعطي الآخرين بعض مما يحتويه من أفكار وآراء والإستقاء مما هو موجود من ثقافات واتجاهات متعددة لا سيما وهو «لبنان» بلد الآباء والأجداد. لذالك كانت رحلة السيد إلى لبنان في مرحلة الستينات من القرن الماضي فرصة أكبر عرف من خلالها العالم وخصوصا الشباب المسلم شخصية غير تقليدية تعطي للعمل المؤسساتي الأولوية ولتربية أجيال من هذا الشباب المسلم الذي انخرط في الأحزاب اليسارية وغيرها بعد أن فشل في الحصول على بيئة إسلامية صحية تنتشله من براغيث تلك الأحزاب والتيارات.
    الإسلام الحركي وتنشئة جيل المقاومة
    لعل الفترة التي عاشها الراحل الكبير السيد فضل الله تعتبر من أكثر الفترات حرجا وأشدها دقة في ما آل إليه الوضع في لبنان والعالم الإسلامي من سيطرة وظلم النظام البعثي في العراق على الشعب العراقي والمرجعية الدينية ثم هجومه وحربه على الثورة الإسلامية في إيران مرورا بالإحتلال الإسرائيلي للبنان ودائما لفلسطين، فكانت المرحلة تتطلب رجالا مختلفين عن السابق، وذلك باختلاف الظروف التي تستوجب عملا ومنهجا جديدا يواجه ما تمر به الساحة من مشاكل مضافا إليها الوضع الثقافي والإجتماعي الذي كان يمر به شيعة لبنان، لذلك كانت فكرة استقطاب الشباب هي من أولويات السيد، ولكن هذه المرة بطريقة مختلفة عما هو سائد فالشباب لم تعد الطرق التقليدية تجتذبه أو تؤثر فيه، فكان لا بد من طرح حركي جديد يجعل من تحول جيل بأكمله يكون مستقبلا نواة الحركة الجهادية والثورية. بدأ السيد تلك الخطوات من خلال المحاضرات والندوات الفكرية والثقافية والثورية، وساهمت الظروف السياسية ومنها الإحتلال الإسرائيلي للبنان في دعم وتأكيد هذا النهج من خطاب حماسي ألهب به أكف الشباب من خلال الإمساك بيد السلاح والمقاومة والذي كان للسيد فضل الله الدور الأكبر من خلاله وبشكل مباشر من خلال تتلمذ المئات من القيادات الشابة وخصوصا العائدة من العراق بفعل الهجرة التي فرضها النظام البعثي على الكثير من الشباب ومنهم اللبنانيين الذين كانوا بحاجة إلى من يستوعبهم بالمعنى الحركي الذي يحولهم من أفراد يتحلقون بشخص هنا أو شخص هناك، بل يعدهم كقيادات تكون في ظرف سنوات قليلة هي المحرك الأساسي للمقاومة وللعمل الحركي. وبفعل هذا التحلق والنهج الذي اتخذه السيد الكبير استطاعت أولى تلك المجموعات الشبابية من التصدي للعمل المقاوم من السيد عباس الموسوي الحاج عماد مغنية والسيد حسن نصر الله، وكيف لا وهو يقول في تأبين السيد فضل الله» رض» «لقد فقدنا اليوم أباً رحيماً ومرشداً حكيماً وكهفاً حصيناً وسنداً قوياً في كل المراحل. هكذا كان لنا سماحته ولكل هذا الجيل المؤمن والمجاهد والمقاوم منذ أن كنا فتيةً نصلي في جماعته ونتعلم تحت منبره ونهتدي بكلماته ونتمثل أخلاقه ونقتدي بسيرته».
    المرجعية والعمل المؤسساتي
    لم تكن علاقة الكثير في العالم الإسلامي وخصوصا الشيعة منهم بالمرجع فضل الله علاقة المكلف بمرجعه، فهو حالة خاصة، تتابعه، تتحلق في فضاءه الرحب وتستأنس بفكره من دون أن تدري ومن دون أن تدير بالا إن كان هو مرجعك أم لا، بل أكاد اجزم بأن الكثير بل الأغلبية الساحقة ممن استهواهم فكر سماحته وخطه لم يكونوا يقلدوه ليس بسبب قصور في سماحته بل لأنه رجل يتجاوز معنى المرجعية ومعنى التقليد.
    ورغم الحملة الشعواء التي انطلقت ضد فكره قبل شخصه وضد نهجه المقاوم، إلا أنها لم تقيده أو تجعله يتراجع عما يقتنع به، رغم كون هذه الحملة وتوقيتها والتي تستلهم فينا الأسئلة حول ماهية هذه الحملة والهدف منها وكيف التقت مع الحملة الأخرى التي استهدفت السيد في فترات مختلفة وأبرزها محاولة الاغتيال الكبيرة التي استهدفت سماحته في بئر العبد في العام 1985 في ضاحية بيروت الجنوبية، والتي اعترف مدير المخابرات الأمريكية يومها وليم كايسي بتلك العملية وبتمويل دولة عربية لها!! ورغم ما تعرض له المرجع الكبير من هذه الحملات والتشكيك أو «الاغتيال المعنوي» كما كان يسميه السيد إلا إنها جعلت من مرجعيته تتحرك بمفهوم اشمل وأوضح خصوصا في الجانب المؤسساتي والخيري مستفيدا من الحقوق الشرعية وتحويلها إلى عمل مؤسسي منتج يمول نفسه من دون الرجوع إلى أحد هنا أو هناك. ففي بداية العمل الاجتماعي كان للسيد فضل الله مبادرته الأولى في هذا الشأن وذالك من خلال تأسيس جمعية المبرات الخيرية التي أصبحت فيما بعد إحدى اكبر المؤسسات في لبنان والعالم العربي بما تحويه من جمعيات خيرية وثقافية وتربوية تتجاوز الثلاثين مؤسسة منها تسع مؤسسات رعائية، ترعى حوالي 3800 يتيم سنوياً، 16 مدرسة أكاديمية رعائية، سبعة معاهد مهنية، مؤسسة لذوي الاحتياجات الخاصة «من الصم والمكفوفين وذوي اضطرابات اللغة والتواصل»، وعدد من المراكز الصحية منها مستشفى بهمن في حارة حريك، والمؤسسات الثقافية، و40 مسجدا، بالإضافة إلى تأسيس مؤسسات إنتاجية توخي منها الاستغناء عن التبرّعات والمساعدات، فكانت محطة الأيتام في الضاحية الجنوبية، التي أصبح لها عشرات الفروع. وفي 2004، أنشأ سماحته تلك التحفة المعمارية «قرية الساحة»، والذي له اليوم فروع في كلّ من بريطانيا وقطر والسودان.
    ويبقى الرحيل رغم ما يكتنزه من مرارة وحزن هي تلك الجموع الكبيرة من الجماهير الإسلامية والشيعية تحديدا وكبار الكتاب والعلماء التي اعترفت بدوره وقيمته العظيمة والتي كرست أن فكر سماحته هو من انتصر رغم التضييق والحصار من الأقربين قبل الأبعدين.
    وعزائنا برحيل ذاك الطود الشامخ والفكر العظيم بقاء هذه المؤسسات والأعمال الجليلة التي ستبقى شاهدا لتلك الأجيال القادمة عن انه يوما ما مر من هنا رجل كان على الناس تعرفه في حياته، لكنها مجددا لن تعرف الرجال إلا حين الممات، تلك بعض من فيض الراحل الكبير سماحة المرجع السيد محمد حسين فضل الله
    [/align]





  8. #263
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,615

    افتراضي


    البطالية: الشيخ الراضي يشيد بشجاعة الراحل في إبداء رأيه العلمي الاجتهادي

    .. والحاجي: يبدي إعتذاره "عما صدر من تقصير تجاه شخصية سماحته أثناء حياته".



    شبكة راصد الإخبارية -
    « محمد عبد الله المقرب »
    - 13 / 7 / 2010م - 2:11 م



    [align=justify]

    أقام أهالي بلدة البطالية بمحافظة الأحساء مساء الخميس حفل تأبيني بمناسبة رحيل المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله حضره العديد من الأهالي وأعيان البلدة ورجال الدين.
    بدا الحفل التأبيني الذي اقيم في الحسينية العباسية واعتبره المنظمون "ليلة وفاء للمرجع الراحل" بوقفة حداد للفقيد السيد فضل الله ثم تلاوة آيات من الذكر الحكيم.
    والقى الشيخ عبد الخالق الحاجي كلمة بهذه المناسبة بدأها بعبارة كان يرددها الراحل رحمه الله وهي "لا تكن حطبا في نار الفتنة التي يشعلها غيرك، فتكون حطبا في طبخة فتنة يأكلها غيرك".
    وأشار الحاجي إلى أن "أهالي قرية البطالية يتشرفون بإقامة هذه الفاتحة لهذا المرجع الاسلامي الكبير".


    الشيخ عبد الخالق الحاجي
    وكما أشار في حديثه إلى أن "العديد من أفضال الله تعالى على هذا المرجع في حياته وبعد مماته".
    وقال الحاجي أن العالم الاسلامي والعربي والانساني "كان بحاجة الى افكار وتعاليم السيد فضل الله"، مبدياً إعتذاره "عما صدر من تقصير تجاه شخصية سماحته أثناء حياته".
    وشارك في الحفل الباحث والمحقق الأسلامي الشيخ حسين الراضي بكلمة موجزة أوضح فيها أن السيد فضل الله "كان منارا في الظلام الدامس" الذي تعيشه الأمة الاسلامية والانسانية.
    وقال أن الراحل كان يحمل في قلبه آلام وآمال الامة الاسلامية والانسانية.
    وأشار الراضي إلى بعض الصفات التي تمتع بها المرجع فضل الله "وهو مصداق للحديث «إذا مات العالم ثلم في الاسلام ثلمة لا يسدها إلا عالم مثله»" ملمحاً إلى مرافقة المرجع فضل الله بالشهيد السيد محمد باقر الصدر.
    وذكر الراضي في كلمته إلى أن المقاومة الاسلامية في لبنان مدينة له لأنها نشأت تحت توجيهاته ورعايته وعنايته في بداية تأسيسها وحتى عندما شقت طريقها في قتال العدو المحتل اسرائيل.
    وأشاد بالمرجعية المؤسسة التي مشى عليها "قدس سره".
    وفي سياق آخر اشاد الباحث الراضي إلى شجاعة الراحل في إبداء رأيه العلمي الاجتهادي المستند على فهمه للدليل "سواء وافق المشهور أو خالفه".
    وفي الختام أشار إلى عظم الصدمة وثقل المصاب على محبي ومقلدي المرجع الراحل من جميع أقطار العالم متعهدا بالالتزام بنهجه الذي خطه "قدس سره" من أجل نشر الاسلام والدفاع عنه.
    وتضمن الحفل مشاركات أخرى ابرزها كلمة قارىء ألقاها الاستاذ حسين علي الحاجي، وقصيدة شعرية "من وحي المناسبة" القاها الشاعر عبدالله البريه، كما ذكر الشاب أحمد الشيخ ابياتا انشدها المرحوم الدكتور الوائلي في السيد فضل الله. كما القى الخطيب الأستاذ احمد المسلم مجلسا حسينيا أعاد فيه الذاكرة الى كربلاء.
    وختم الحفل التأبيني بكلمة وجدانية القاها عريف الحفل الاستاذ محمد عبدالله المقرب ثم تناول الجميع وجبة العشاء التي أقيمت على شرف المرجع الراحل الكبير السيد فضل الله "قدس سره".
    [/align]





  9. #264
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,615

    افتراضي

    الشيخ الزويد: تواصل الراحل مع جميع الأطياف إحدى السمات البارزة لخطه المعتدل والمنفتح

    شبكة راصد الإخبارية -
    « القارة: عبدالمنعم العلي » - 10
    / 7 / 2010م - 12:06 م



    الشيخ محفوظ الزويد


    قال أستاذ الحوزة العلمية بالأحساء الشيخ محفوظ الزويد أن غياب المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله "خسارة كبيرة وثلمة لا تسد".
    ووصف الراحل بأنه أحد أبرز المفكرين الشيعة وهو مؤسس لمدرسة فكرية نشطة أثرت المكتبة الشيعية وفتحت آفاق علمية جديدة.
    وقدم الزويد في كلمة تأبينية بين صلاة الظهرين في مسجد الإمام السجاد ببلدة القارة بالتعازي والمواساة لصاحب العزاء الإمام المهدي بهذا المصاب.
    وقال الزويد في كلمة غلب عليها الحزن أن من أهم سمات الراحل مواكبته للعصر "وكل مستجداته وومواقفه الشجاعة والباسلة إلى جانب المظلومين والمجاهدين والمقاومين وحنكته السياسية وبعد نظره جعلته خيمة تحتظنهم ومنبع قوة يستلهمون منها العطاء المتجدد".
    موضحاً بأن روحية الفقيد العالية وأفقه الرحب وتواصله مع جميع الأطياف والنخب شكلت إحدى السمات البارزة لخطه المعتدل والمنفتح.
    يذكر أن الشيخ محفوظ الزويد وهو إمام مسجد الإمام السجاد بالقارة قد إرتجل كلمته التأبينية يوم الأحد بعد سويعات من خبر الوفاة.





  10. #265
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,615

    افتراضي

    وداعا أيها المفكر الفقيه / للكاتب المغربي هاني إدريس



    Wednesday, July 07, 2010

    [align=justify]

    "أريد أن أصلّي"؛ كانت تلك هي الكلمة التي أعادت الأمل إلى ذويه ومحبيه يوم استفاق من غيبوبته ، وذلك على إثر نزيف داخلي اضطر معه للدخول إلى مستشفى بهمن بالضاحية. عبّرت وسائل الإعلام قبل يوم فقط من وفاة سماحة السيد آية الله العظمى محمد حسين فضل الله عن أنه استعاد عافيته. لم أكن واثقا من الخبر إذ كنت على علم مسبق بأن سماحة السيد فضل الله أوشك على الرحيل مذ أخبرت عن نوعية المرض الذي كان يشكوا منه . وبالفعل هذا ما وقع ؛ فقد تأكّد خبر وفاته يوم الأحد 4/07/2010م ، عن عمر يناهز الـ"75". أذرفت دموعي على السيد مذ التقيته قبل شهرين تقريبا من وفاته حيث أخرت سفري من بيروت بيوم لكي أزوره وأطمئن على صحته. وقد لاحظت أنه لم يعد يؤمّ الجمعة في مسجد الحسنين ، بل كان أن أوقف جميع أنشطته الأخرى. وجدتني يومها أمام صورة مختلفة لسماحته؛ لقد تمكّن حقّا المرض من جسده الشريف.

    توفي سماحته يوم الأحد وشيّع جثمانه الطاهر يوم الثلاثاء ، في جو من توافد المعزين من كل الحساسيات الوطنية ، علماء وسياسيين ووجهاء ومسؤوليين من أقاليم عربية وإسلامية ودولية. وطافت بجنازته جماهير الضاحية الأبية إذ كان أبا لكل عائلة من عوائلها جميعا. وقد بتّ على يقين بأن فكره اليوم سيزدهر أكثر في اتجاه التجديد والإصلاح في الأفق الذي تتطلع إليها العقول في مشارق العالمين العربي والإسلامي. لأننا بالعادة لا نقيم وزنا للفكر إلاّ بعد أن يقضي صاحبه ويرحل بعيدا عنّا. لا، بل هو منطق الأشياء نفسه؛ إذ أن المعاصرة تحجب عنّا قيمة الفكر، ويعانق الفكر مثاله فقط ، عندما يسقيه صاحبه بالغياب؛ أو بالأحرى إنه جدل الحضور والغياب. اليوم نودع صاحب ملحمة فكر استمرت على امتداد أكثر من خمسين عاما من العطاء غير المنقطع في مجال تنوير الحالة الإسلامية وترشيد مسارات الحركة الإسلامية التي لم يكتب لها حتى اليوم أن ترفد من كامل هذا المعين الثّر الذي جسدته حركة السيد العلامة في الموقف الجهادي والتحليل الفكري والتأمل الفقهي والبوح الشعري. المفكر الفقيه المخضرم الذي عاصر أجيالا مختلفة لكنه كان في كل جيل يطالعك بنسمة المعاصرة والتفوق في الانفتاح. لم يتقيّد بآثار الأجيال التي مرت من أمامه بل ظل وفيّا لقضية الشباب بالقدر الذي ظل فكره شابا غضّا طريا لا تبليه تقليدانية انقراض الجيل بعد الآخر. فالمصلح الحقيقي هو الذي يهزم الأجيال لا الذي تهزمه الأجيال. وقد تأكد أن السيد العلامة كان قد انتصر على كليشهات الجيل الذي نشأ فيه والأجيال التي تعاقبت عليه ، فهو بقدر ما ينتمي إلى الجيل المؤسس في الخمسينيات يبدو أنه سينتمي لكل الأجيال اللاحقة ؛ لأن شباب فكره لم يكشف عن كل معناه وهو لا يزال يحافظ على تلك الشعلة حتى قبل أن تتوفاه المنية. كثيرون اهتدوا إلى هذا الأفق الذي بسطه السيد الراحل أمام عينيه في كل ما كان يفكر فيه ويطارح. مثل هذا المدى أدركه كبار المثقفين والمفكرين الذي لفحتهم إنسانية هذا الرجل و عمق آرائه التي تنطلق سمحة في تعبيراتها الانسيابية ـ كونه الشاعر الأديب ـ لكنها ترسم أمام العقل عنوانا عريضا بقدر ما تثير دفائن العقل. وقد عبّر عن ذلك محمّد حسنين هيكل أحسن تعبير وأبلغ لمّا قال على إثر زيارته لبيروت : "السيّد فضل الله إنسان لا تستطيع أن تختلف معه، وهو مظلومٌ أن يبقى في لبنان، لأنّه مرجعيّة إسلاميّة كبرى... إن السيّد محمد حسين فضل الله، لديه عقلٌ يضاهي عقل لينين في قدرته على التّخطيط، وإنّني عندما زرت لبنان، استفاد الجميع مني، ولكن أنا لم أستفِد إلا من المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله".

    كان رجل صبر وصمود على إكراهات الداخل وتحديات الخارج. ولأنه كان طودا لم تحركه تلك التحديات بل زادته قوة ، لا سيما وقد واجهها بالكثير من الحب والتسامح والمسؤولية. إن الكبار حينما يتعرضون للهزات لا يميلون ولا يشطون ولا تكون ردود فعلهم مساوية في المقدار معاكسة للاتجاه ، لأن غيرهم قد يتحطم على صخرة من صخورها الناتئة ؛ لقد أسند آراءه بأدلة وترك الباب مفتوحا للنقاش فما العيب في كل هذا ؟! وكان لا بد أن نخوض النقاش في إطار من أدب وأخلاقيات الحوار. حينما زرناه قبل سنوات على هامش المؤتمر الدولي التكريمي حول السيد شرف الدين الموسوي بمعية لفيف من العلماء من بلدان إسلامية مختلفة كالشيخ التسخيري والشيخ شبستري والشيخ الصفار والشيخ الهلالي مفتي الديار الاسترالية السابق ألقى كلمة ترحيب بالضيوف ، وفيها تحدث عن سيرة السيد شرف الدين بحديث وفّاه كامل فضله. لكنه تحدث عن جدوى تكريم الميت إن كنّا لن نلتفت إلى موقعيته وعطائه وقيمته في حياته. إن تكريم العالم في حياته من شأنه أن يزيد في عطائه ويحقق أهدافه الكبرى. يجب أن نستفيد من العلماء في حياتهم لا أن نتحسر عليهم بعد مماتهم. كنت أقرأ أمرا آخر في كلمته؛ وجب أن تستفيدوا من السيد وتكرموه قبل أن يودع. والحق، لقد أكرم الحالة الإسلامية على امتداد العالمين العربي والإسلامي ، وما ضعف ولا استكان. بل ظل صاحب دينامية لم تنضب إلا لحظة عزم على الالتحاق بالرفيق الأعلى.



    صورة للكاتب مع مجموعة من العلماء يتوسطهم
    السيد الراحل قبل سنوات

    كان قلبه وعقله متجها نحو وحدة الأمة وتقارب المسلمين. وفي ذلك قدم ما لم يقدم نظراءه بالعمل الدّؤوب والترشيد المستدام للفكر والموقف. وكان الحوار لديه منهجا عاما يبتدئ من حال الفرد مع نفسه إلى القريب فالأقرب ثم البعيد فالأبعد ؛ انطلاقا من الحوار الإسلامي ـ الإسلامي إلى الحوار الإسلامي ـ المسيحي إلى الحوار المفتوح في الأفق الإنساني الممتد والرحب. إنه لا يتحدث عن تعايش بل عن عيش. فالأول هو افتعال للعيش وتصميم على القبول بالآخر على مضض بينما نحن نعيش، إذن فلنعش بسلام. وفي لبنان البلد المعطر والجميل في جغرافياه وإنسانه وتقاليده كان سماحته يرى أن هذا الجمال يجب أن ينعكس على الروح والعقل اللبنانيين. وكأنه يريد أن يقول: فليكن وعي اللبنانيين جميلا شأن جمال أبنائهم ، حيث لا تناسب بين حساسياته السياسية والطائفية ومظهرها الجميل. كنّا يوما على مائدة فطور نظمت في المجلس الشيعي الأعلى على شرف جمع من العلماء، وكان من بين المعروض صحن كبد نيئ. التفتت إلى أحدهم على جانبي قائلا: ما هذا؟ قال: هذا كبد نيئ، وضحك، ثم قال: لا أدري كيف تورطنا نحن اللبنانيين في هذه الأكلة. وهي من نوع مفضل في الفطور و" الترويقة" .. لعل هذا سبب قسوة القلب لدينا. قلت له: إنني لا أعتقد ذلك ، فأنتم شعب سمح وطيب. فلو حصلت مثل هذه المشكلات اللبنانية في بلد آخر لرأيت ما معنى القسوة.. والدليل على ذلك أننا هنا جميعا مجتمعون ولا مشكلة.

    بالفعل هذا مراد السيد. أن جمال لبنان عليه أن ينعكس على وعيه وسياساته ومواقفه. ولقد تحقق من ذلك الكثير. فثمة من حاول أن يستثمر في جماله ولكن أجمل ما قدمه اللبنانيون هو جمال مقاومتهم التي جعلتهم ينتصرون أجمل انتصار.عاش سماحته لقضية الوحدة والتقريب بعقله وروحه، حيث ظلت هاجسا حقيقيا يتعقب خطوه ويقض مضجعه. ولا يخال امرئ أن خطاب الوحدة والتقريب عند السيد العلامة كان أمرا تمثيليا له ظاهر في التعبيرات الرسمية والموسمية وله باطن في كواليس الطائفة كما هو شأن الكثير من أضرابه. وحيث كنت أعرف ازدواجية الموقف لدى الكثير من العلماء متى خلوا إلى ذويهم حتى يقلبوا المجن ويغيروا اللغة ، فإنني لمست من السيد لغة واحدة : لغة المسلم الإنسان الحر المسؤول. وحتى حينما افتقد الكثيرون صوابهم وغلب داعي الباطن على داعي الوعي المسؤول ، حافظ السيد على رباطة جأشه وهو في منتهى الراحة؛ إذ كلما تصاغر القوم تسامى بخطاب التقريب ، لا مجاملة بل فهما وتفهما لحال المسلمين في الفرقة والنزاع. لقد اختبرنا سماحة السيد في منتهى تصاعد الخطاب الطائفي الذي كاد يوقع بكبير الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي حينما تسرع في اتهام الشيعة بممارسة التبشير الشيعي في المجتمعات السنية. وقد كان السيد ملما بالوضع لا يقف عند ادعاء وتقارير من هم يتنزّلون خصما عنيدا وطائفيا للشيعة. وقد رفض عبارة التبشير الشيعي لأنها لا تعبر عن الحقيقة ولا تؤدي الغرض وفيها استنقاص لمصداقية فكر طائفة تفكر وتجاهد وتسعى لخدمة الأمة من موقع خصوصيتها. والسيد هو نفسه ممن اضطلع بمهمة الإصلاح في منتهى مغامراته حتى داخل الطائفة الشيعية ومع ذلك عاب هذا النوع من التعبيرات غير العلمية المستندة إلى الشائعات وهو المطلع على مجريات الأحداث الخاصة في هذا المجال، والتي تساهم في إذكاء الصراع الطائفي. لقد أدرك سماحته أن صعود هذه الموجة، صنيع مدبر عن سابق إصرار وترصّد . وأن المنطقة معرضة لهذا النوع من التّفتين لهشاشتها وللعصبية التي ترعى أكباد أهلها ؛ لذا كان حريّا بالعلماء والنخب أن لا يتورطوا في هذه اللعبة القذرة. لم نسمع من سماحته يوما غير عبارة مسلم. ونذر أن يستعمل كلمة شيعة أو سنة كما ولع بها غيره. لقد كبر بهمّ الإسلام وهمة المسلم حتى لم يعد يرى عائقا في فرقتهم التي اعتبرها من عامل التخلف والبداوة والعصبية. كتب بعضهم يقول: مات قرضاوي الشيعة ، فما أنكرها من تعابير.. وكنت أعتقد أن الآية معكوسة تماما أن الشيخ القرضاوي هو فضل الله السنة. ولكن مثل هذا التقسيم غير سليم. ثمة علم صالح خدم المسلمين جميعا. وحتى الشيخ القرضاوي مدين في كثير من آرائه الفقهية لهذا العلم. فلقد تعرفنا على كثير من آراء وفتاوى الأول منذ ريعان شبابنا لكن التحول بدأ يطرأ على الشيخ مذ انفتح على الآراء والفتاوى التجديدية التي كان السيد فضل الله في طليعة الملوحين بها. كان حريّا أن نرى أعلاما تنكس في العالم العربي والإسلامي من المحيط إلى الخليج عند سماع خبر وفاة. لأنه كان رمزا للأمة جميعا فلم هذا النكران للجميل؟! لقد تجاوز النظرة المثالية للتقريب وأدرك أن العمل التقريبي يجب أن يسموا على المثالية والاستهلاكية. وفي حوار سابق مع سماحته سألته عن مستقبل وآفاق التقريب فقال: " من الضروري أن ينطلق العمل التقريبي على أساس دراسة الواقع ، لا أن ينطلق في آفاق حالمة مثالية ترتكز على العاطفة والانفعال مما قد يقودها إلى التبسيط الساذج".

    لقد كان التوحيد الإسلامي وجمال الإنسانية مقومين لقيام رؤى الراحل. مسلم وإنسان لم يفتأ يذكّر بهما ، بعد أن عبّر عنها شعرا منذ يفاعته:



    إننا مسلمون ، نؤمن بالإنسان..نحياه فكرة وشعورا

    أو حينما يقول:

    إننا أوفياء ، نخلص للإنسان ، مهما جنت يداه علينا

    إنه إرثنا، فقد كان من قوم، توالى نداهم في يدينا



    في الجهاد والمقاومة هو ليث ما أدركه الضعف حتى ودّع. كان مربيا ومؤسسا حتى لا يوجد مقاوم لا يعرف له في ذلك فضل. خدم وربّى ورعا وهذّب. وحينما نادى: أيها البدريون.. كان يعرف ما يقول ومن يخاطب وكيف سيتلقاها أولئك الذين كانوا يتشربون بمثل هذه الكلمات التي كانت تصنع لديهم إرادات لا يلوى لها ذراع. هي كلمة المؤسس والراعي والمتفقد في الميدان. وقد شاء الباري تعالى أن يختم له بتلك التراجيديا التي قصف في طريقها بيته والكثير من مؤسساته ، لكنه رأى الانتصار الذي عمّر قلبه فلم يعد يخشى على لبنان بعد أن خلف من ورائه خلف أدركوا سرّ الأمانة وعرفوا كيف يصنعون من مثل تلك الكلمات والمواقف والإيحاءات الروحية مجدا شهدت به التضاريس والوديان وترجموها في ساحة النضال والمقاومة. عاش السيد كل الآلام التي لحقت بالمجتمعات التي خضعت للاحتلال في المنطقة العربية والإسلامية. لقد عاش مشكلة فلسطين ولبنان والعراق كما عاش قضايا إسلامية في العالم كله. كانت القضية الفلسطينية خطا أحمر بالنسبة إليه. وقد عزز بالفكر والفتوى من مشروع المقاومة التي ساهم في تأسيسها الفكري والسياسي حتى اعتبر أكثر قياداتها ممن تخرجوا من حلقاته، ودعني أكون صريحا لقد تعلم منه الكثير من العلماء في منطقتنا العربية هذا المستوى من التفكير المقاوم والمنفتح. وقد دافع في لبنان عن المحرومين وعن الفلسطينيين وعاش أثناء الحرب الأهلية متمسكا بموقف الرفض لهذه الحرب وللطائفية السياسية. أليس هو من تحدث في لبنان عن دولة الإنسان لكي يقول بأننا في لبنان إن كنا في وضع طوائفي لا يسمح بتأسيس دولة الإسلام التي تجدونها في مشاريعنا الفكرية وتنظيراتنا الحركية فإن الأمر هنا وللخصوصية يتطلب تأسيس دولة الإنسان التي في نظره لن تناقض أبدا دولة الإسلام ، حيث الأولى هي في نهاية المطاف غاية الثانية. لقد كان ضدّ الحرب التي اندلعت في الثمانينيات بين أمل والفلسطينيين كما كان ضد الحرب التي اندلعت بين أمل وحزب الله. لكنها فتنة لبنان وتداعيات الحرب الأهلية . وفي لبنان اتهم بألوان من التهم من قبل الإسرائيليين والأمريكيين لا سيما بخصوص الاختطافات لكثير من الجواسيس الأمريكيين وأيضا العملية التي استهدفت مقر المارينز والتي أطلقت شرارة جديدة في المقاومة. لم يكن هو بالضرورة وراء كل ذلك ، وقد نفاه نفيا لم يكن مضطرا إليه. فكان ذلك ديدن كل الميليشيات اللبنانية التي تمادى فيها الفتك برسم الحرب الأهلية التي تجعل الحليم حيران. لقد كان راعيا ومتابعا ولكنه لم يكن بحق متورطا في أيّ موقف لا يخدم الشرع والعقل ولبنان. وفي العراق كان ضد الاحتلال لكنه أيضا كان على اطلاع أكثر من غيره بأوضاع وتعقيدات العراق. إنه ضد الاحتلال والاستكبار لكنه ضد تكفير المسلمين وضد النزعات الطائفية. وقد كان ناصحا للجميع بلا استثناء. ومن يزوره من العراقيين هم من كل الأطياف والطوائف. وقد بلغني أنّ السيد كان قد رفض استقبال حارث الضاري نظرا لمواقفه الطائفية وبعد تمادي هذا الأخير في هذا اللون من التغليط السياسي والفتنة التي يتسبب فيها في العراق ومساندته للإرهاب؛ وحقّا ليس السيد هو من سيعرّفه هؤلاء ما معنى المقاومة وفلسفتها. إنه كان يحرص على دوره الأبوي دون أن تضيع منه الحقائق واتخاذ الموقف الصارم متى تطلب الأمر ذلك. وفي حرب تموز تعرض مكتبه للقصف وكان مستهدفا . ولكنه وقف موقفا شهما طيلة تلك الحرب سمى خلالها المقاومين بالبدريين. وقد علمت أن المكان الذي كان يحتمي فيه السيد نصر الله هو نفسه المكان الذي كان يوجد فيه السيد فضل الله. فقد تولى الحزب مهمة توفير الحماية الدائمة للسيد منذ حادثة بير العبد. وكذا طيلة حرب تموز التي ظهر فيها معدن السيد أكثر مما كان ظاهرا. فلقد كان رحمه الله وطنيا كبيرا ومجاهدا حقيق بلبنان والعرب والمسلمين أن يمجدوه ما بقي الوطن. وقد وجد المحرومون والمهجرون من مؤسساته كل الدعم.

    * * *

    بدأ السيد يدرك شيئا فشيئا أهمية عرض مرجعيته بعد أن كثر المستفتين له وبعد أن رأى في مثل هذا رسالة قد تخدم منظوره الإصلاحي بشكل أقوى. فكّ شيئا فشيئا روابطه الجمعوية والتنظيمية وحاد عن العناوين التي كانت تحشره في هذا الاتجاه أو ذاك. كان يدرك أن المرجعية رسالة ، وفوق هذا وذاك هي مدرسة استيعابية. وقد انتهى واقع الشيعة إلى تعدد المرجعيات نظرا لتقارب ملكاتهم في الاجتهاد بالمعنى التقليدي ولانتشارهم في بلدان مختلفة وازدهار وكثرة التعليم وبروز توجهات أخرى لديهم. وفي هذا الإطار قد تكون مرجعية أيّ كان حاجبة عن مرجعيات أخرى. فمن منطلق العرف التقليدي للمرجعية يمكننا أن نتحدث عن انزواء ، لكن بالمعنى الفكري الذي هو فوق أن يحشر في مواقع التقليد المرجعي ـ لارتباط الاعتقادات بالاجتهاد الشخصي لا بالتقليد في الفروع ـ . ولكن المرجعية هنا سدّ مانع من الاستضعاف حينما يتعلق الأمر باستقواء خصوم السيد بمرجعيات أخرى. ومن هنا نفهم أيّ معنى لشهادة السيد الخامنئي حينما قال:" صلّوا خلف هذا الفيض الإلهيّ الكبير، السيّد فضل الله، فهو علمٌ من أعلام المذهب الشيعيّ". وللعارف بتداعيات الأمور وحده يفهم ما معنى صلّوا وراء فلان أو استعمال عبارة" أعلام المذهب الشيعي". فالسياق يتعلق حتما باستفتاء مسبق عن عدالة السيد حيث ثمة من أصبح يشكك في موقعيته داخل المذهب ـ حيث هو المعول عليه في هذا الاستفتاء ـ . لقد صبر على الكثير من الإساءة . واحتوى الفتنة بهدوء وكرّس مرجعيته كمؤسسة قائمة بذاتها.

    كان قد تصدى رحمه الله إلى المرجعية بعد وفاة السيد الخوئي بقليل. وقد ناضل لكي تستقر مرجعيته على برّ الأمان بعد أن أثارت بعض الجدل سرعان ما خبا. بعض زملائه من المشايخ من أصدقائنا تحدثوا عن أن السيد سيخسر بالمرجعية أكثر. كان تصورهم للوضع يحمل آثار الموقعية التقليدية للمرجع الذي قلّما يتدخل أو يتحرك خارج الفتوى في حدودها المقررة بحسب الفقه التقليدي. لكن السيد مداه واسع وروافد تفكيره متعددة ومركبة. وحيث لا أريد أن أبوح بكل ما حدثني به لكن ما يمكن معرفته عن السيد أنه كان بصدد التأسيس لمرجعية تستقوي بسلطة الفقيه في تحقيق الإصلاح الفكري. فهو يحمل همّا اجتماعيا وحضاريا ويكفل شريحة اجتماعية كبرى عبر مؤسساته وشبكة المبرات التي تقدم من الخدمة للمجتمع ما قد تعجز عنه الكثير من الدول. إن مرجعيته ليست إفتاء ورعاية دينية فحسب، بل هي وظيفة اجتماعية في مرحلة السلم والحرب في لبنان. إن عمله مؤسساتي قبل كل شيء. ومؤسساته مهنية واحترافية وعقلانية وشفافة. إن نفقات الميزانية الشرعية لمؤسساته تخرج في الجريدة وتعلن للعموم. ومؤسساته لا عد لها : فهي مبرات وهي مدارس وثانويات وهي مصحات ومستشفيات وهي مساجد ومكاتب لرعاية المحرومين. مثل هذا كله يتطلب مرجعية رشيدة تجمع بين خدمة المجتمع وتدبير العقل بواسطة الخطاب العقلاني وممارسة التنوير الفكري. كان أصحاب ذلك الرأي يظنون أن السيد خارج حقل المرجعية بإمكانه أن يكون أكثر جرأة على التنوير والإصلاح. لكن ما حصل ، هو أن المرجعية عند السيد تكاملت مع نهجه الإصلاحي والثقافي. وهذه تجربة من تجارب المرجعية نفسها.

    [/align]





  11. #266
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,615

    افتراضي

    [align=justify]

    ذكريات لن تنسى مع سماحته

    تعرفت على فكر السيد فضل الله في منتصف الثمانينيات. ونهلت منه الكثير ومن مقالاته وأعماله ومواقفه. كان لكتابه خطوات على طريق الإسلام أو الإسلام ومنطق القوة وغيرهما صدى في أوساط الحركة الإسلامية. وقد كنّا نتشوق إلى قراءتها قبل أن تصل إلى أيدينا. وقد كانت تلك الأفكار تهذب من ذوق من شاء من أبناء الحركة الإسلامية أن يخرج منهجيا من شقاوته ومن السقف الذي انتهت إليها معظم كتابات جيل المحنة الإسلامي الذي شددت أكثر من المطلوب كما أنها بعثت على العزلة الشعورية والانكفاء أكثر مما دعت إلى الانفتاح. لا زلت أذكر عبارته القائلة بأن وضوح الفكرة في ذهنك لا يعني بالضرورة وضوحها في ذهن الغير. كانت تلك حقا الفكرة المفتاح للفكر التواصلي الذي دشن عصر الخروج من العزلة الشعورية إلى منفتح العالم في مداه الإنساني. ولست أخفي أن هذا السيد هو من حرّرني حقا وعن جدارة من شطط المعاني التي تأسست في أذهاننا على هامش استهلاكاتنا المكثفة للفكر القطبي الذي كنت ولا زلت أعتبره خطرا على المتلقي الشاب. لا زهدا في فكر الأديب سيد قطب بل بسبب المشكل العارض على ما طرأ على فكره ومآل طرحاته . لأن المراد لن ينتقل كما هو إلى القارئ الشاب ، بل الخطر هنا أن سيد قطب رحمه الله كتب ما كتب في سياق مشحون بالمحنة والغضب. ومن شأن ذلك أن ينعكس على الأفكار. نحن لا نعرف من سيد قطب إلاّ أفكاره الغاضبة ولم نمنح أهمية لما كتبه في زمن السلم. لقد غطى " معالم في الطريق " على كل أعماله بما فيها " السلام العالمي في الإسلام" ؛ وتلك كانت كارثة. هذا الحصر الفكري لفكر المحنة القطبي كان لا بد أن يجد له مقابلا يحرر العقول من شقوتها. وجاءت أعمال سماحة السيد فضل الله وما بلغنا من أعمال السيد الشهيد باقر الصدر ، من بين روافد أخرى لتحررنا منه وتسلّنا بالكياسة الفكرية والعمق الفقهي من مخاطره كما تسلّ الشعرة من العجين. أليس هو من دعا إلى دولة الإنسان متى عجزنا عن تطبيق دولة الإسلام. والحق حتى لا يفهم معنى كلامه خطئا أنه يعتبر أن دولة الإنسان نفسها مقدمة إلى دولة الإسلام ؛ وذلك من منطلق أن دولة الإسلام كما عاشها في ذهنه الإصلاحي وفي قلقه الفكري وتحرقه الفقهي هي خطوة كبرى في مسار هذه الإنسانية: الإسلام هنا أفق للإنسانية ، نستطيع اختبار عظمته بما يوفره من حقوق وعدالة وحرية وانطلاقة وقيم للكائن على هذه الأرض. يكاد يندك الفارق بين الإسلام والإنسان في تصوره. فالإنساني يحيل على الإسلامي والعكس صحيح. ولكن في طريق هذا الترادف حقّق سماحته ونظّر فكريا وفقهيا وأقام نسقا من الفكر يقيم على مبدأ الصدمة النقدية لتحريك المياه الراكدة. إنه مصلح بعيد المدى وعميق الغور. ولقد شاءت الأقدار بعد ذلك أن ألتقي به وأحتك به و أتعرف على فكره وفقهه عن قرب. وهي لقيا من طريقين: لقاءات شخصية تخللتها الكثير من الأفكار والوصايا والاهتمام الذي ارتقى فيه إلى دور الأبوّة الروحية التي أشعرني بها على مدى سنوات من علاقتي بسماحته إبّان مكثي بالشام أو بعده كلما سنح لي أن أزور الشام وبيروت ؛ وهو صنيع لن أنساه له لدعمه الروحي والنفسي والفكري الذي منحني الكثير من إمكانات التحدي والصمود لتحديات كثيرة. له الفضل في الحؤول بيني وبين افتقاد التوازن والانجراف إلى متاهات ردود الفعل جراء الاستفزازات التي هجمت علينا من كل حدب وصوب ، ومن ثمّ ضرورة التعاطي مع التحدي بالحكمة اللازمة وإشعاري كلما رأيته بأنه يتابع الأمور عن كتب ويدرك مدى التحديات العاصفة. أما الطريق الثاني، فيتعلق بحضوري دروسه ومحاضراته على امتداد سنوات بعد أن حضرت كلماته في مناسبات كثيرة في منابر ومعاهد ومؤسسات مختلفة؛ وهي الأخرى تنقسم إلى قسمين: الأولى ، تتعلق بمحاضرات فكرية وثقافية ودروس تربوية أسبوعية كان يلقيها بدمشق بصورة منتظمة، وهي مفتوحة لعامة الحضور من خاصة القوم وعامتهم وقد أخرجت في سلسلة من الأعمال تحت عنوان: الندوة . وقد داومت عليها لسنوات عدة. والقسم الثاني، يتعلق بالدرس الفقهي العالي ـ بحث الخارج ـ وهو درس تخصصي لطلبة الاجتهاد. حضرت شطرا منه منذ بداياته. أدركت منه بحث المزارعة إن لم تخني الذاكرة وشطرا من الحج. كانت دروسه عبارة عن دورات تثقيفية في الفكر والسياسة والفقه . وكان الجميع ينتظر تلك المحاضرات بشوق. وكان السيد يمارس هذا النشاط بانتظام . أسبوعيا له موعد مع المحاضرة والدروس والعناية بما يتعلق بالشام ثم يعود قافلا إلى بيروت ليوفّيها حقها من عنايته. وأذكر أنه كان يعرف حدوده في البلاد التي تستقبله. فحينما تطرح له قضايا سياسية حرجة كان يقول : من يريد جوابي ، فليأتني إلى بيروت ، هناك أستطيع أن أعبر عن كامل رأيي. أما في درسه الفقهي الخاص، فقد لمست منه أمرا عجيبا. ففي كلا الدرسين ، نقف على السيد نفسه ، السيد الإنسان. ويكفي مثلا أن ندرك أنه حتى في دروسه التقليدية التي كانت تخونه أحيانا لياقته الفكرية والأدبية لكي يكسر الكثير من التابوهات الفقهية مع الحفاظ على شكل من التوازن يراعي القسم الأكبر من بين الحضور ومنهم علماء أجلاء من مختلف البلاد الإسلامية ـ أفغان وباكستانيين وبحارنة وعراقيين وسعوديين ولبنانيين... ومن مختلف المستويات العلمية ومنهم مجتهدون أيضا وفضلاء أمثال السيد الغريفي إلى السيد المحمدي والشيخ الناصري والأحمدي من كبار مدرسي أساتذة الحوزة العلمية. كانت تحصل أحيانا بعض المشادّات القاسية بين السيد وبعض المشايخ حول قضية ما فقهية. وقد كان السيد قاسيا هو الآخر في الدفاع عن رأيه تجاه النقيض. لم أر منه غير هذا النوع من الدفاع المستميت. ولم أكن أجد السيد مدافعا بقوة وغضبية أكثر مما رأيته في هذه الدروس. والأمر واضح تماما. فالدرس الفقهي العالي هو درس اجتهادي وبحثي قوامه النظر والتأمل والنقاش. فالبحوث الباردة لا تنضّج فكرا ولا تطوّر فقها. والخطوط التي ينطلق منها السيد في بيان المسائل محط الخلاف لا يعرفها الكثير ممن يحضر بحثه. ولذا بقدر ما كان مداه وسيعا وروافد تفكيره متعددة لم يكن دائما محل فهم يسير إلا عند من أدرك أهمية تلك الروافد. إن الأمثلة نفسها التي يضربها في البحث هي واقعية من صميم الأحداث السياسية الإقليمية والدولية . يضرب مثالا بموقف أمريكا وإسرائيل في مسائل تتعلق بالمزارعة أو دون ذلك. ويستعمل مصطلحات وفية لعلوم الاجتماع، يخرم بها سلطة الاصطلاح الأصولي والفقهي لمّا يدرك أن ذلك لم يوفّ الغرض. وهو ضرب غير مألوف عند من مرد على أمثلة نضير مثال "التتن" في معالجة الشبهة التحريمية أو ما دونها من قصص لا تنتمي لزماننا وتكرس سلطة الماضي ورموزه وصوره في الذهن الفقهي حتى لا يعود قادرا على كسر الحدود باجتهاد جذري يترصد المفهوم والمصطلح وعلوم الآلة قبل أن يتنزل إلى عملية الاستنباط وتنزيل الأحكام على الموضوعات في كل نازلة تعرض. إن السيد كان يؤمن بأهل الخبرة واستشاراتهم. هكذا جاءت آراؤه في الفلك في مسألة رؤيا الأهلّة وكذا آراؤه في أحكام الزواج والمتاجر وهلم جرا من الطهارة حتى الديات. فمن لم يستدخل هموم العصر وتحدياته وتطور العلوم الاجتماعية لا يمكنه فهم الدوافع والروافد التي تضغط باتجاه فتاويه التي تبدو للبعض على درجة عالية من الجرأة . وإذا كان لتشخيص الموضوع أهمية إن لم نقل نصف الجواب عن المسائل الشرعية ـ إذ أغلب الأخطاء التي تصيب الفتوى تتعلق بسوء تشخيص موضوعاتها ـ فإن قوة السيد هي في قدرته على تشخيص الموضوعات بناء على آراء ذوي الاختصاص وبعد ذلك يسهل تنزيل الأحكام عليها من مواردها المقررة. إن خطورة الفتوى ليس في هذا الاستنزال بل في التشخيص. لقد أصبحنا عاجزين عن إبداع المصاديق والأمثلة وبتنا نكرر أمثلة القدامى ككليشهات؛ شأن حكاية "التتن" التي تدوّخ المتلقي من المقدمات إلى ما بعد السطوح. إن م تكن لتغيّر المطلب ولكن من فرط تكرار الأمثلة والصور تتكرس ثقافة الأزمنة التي استنبتت فيها تك الإشكالات التي عاصرا أصحابها لكنها لم تكن أمثلة لا من قبل لا من بعد ذك الزمان. إنه يكيّف كل شيء مع واجب النهوض والإصلاح والتقدم وتعقيل المنقول.

    وقد عاصرت منشأ الهجمة التي تعرض إليها سماحته لقاء بعض آرائه العقدية. عزفت يومها عن الدخول في تلك الفتنة لأنني رأيت فيها ما يلي:

    ـ أن ما قاله، كان قابلا أن يفهم بشكل آخر لا يخرج قائله من الملة والمذهب. ولم أكن مستعدا أن نخسر السيد كعلم من أعلام هذه المدرسة.

    ـ أن دوافعه مهما كانت حقيقة النتائج التي توصّل إليها ، دوافع نبيلة تتعلق بإماطة التشويه عن المذهب كما تسعى للتقريب بين المسلمين. فلقد سمعته بهاتين وإلاّ صمتا ورأيته بهاتين و إلاّ عميتا يتحدث عن أنه يتطلع إلى شكل مختلف من التعبير عن مأساة عاشوراء كما سمعته يقول مجيبا المستشكل عن عصمة الزهراء: لا يعقل أن تكون سيدة نساء العالمين فيها ذرة من خطأ.

    ـ كان يطبق منهجا قوامه التعقيل للمنقول حسب رؤية كان أحرى أن تثير نقاشا سمحا لا ردود أفعال فاقت المتوقع.

    ـ أن استسهال الطعن في السيد يمكن لثقافة الطعن في سائر العلماء لمجرد إبداء الخلاف.

    ـ أنني كنت أدرك أن هذا التجديف لا يستحضر قيمة السيد في العالم الإسلامي ، وأن هذا ضار بالفكرة التي يدافع عنها أولئك قبل أن يضر بالسيد.

    ـ أنه بإمكان إبداء الاختلاف مع السيد في تلك الأمور بنهج علمي وأخلاقيات حوار دون أن يتعدى الأمر إلى مكانته وسمعته.

    وقد حضرت قبل وفاة السيد إلى مناظرة بين أحد المشايخ من طلبة السيد " الشيخ الخشن" وبين الشيخ علي نجف ميرزائي حول موضوعة حساسة " الولاية التكوينية". وقد بدا نقاشا بقدر ما فيه من الاختلاف الشديد إلا أنه كان نقاشا نخبويا مغلقا بين طرفين تشددا في البرهان والدليل ولكنهم تسامحا في أخلاقيات الحوار. وقد طلب منّي حينها أن أدلي بكلمة ، وفعلت ولكن في حدود وصف أهمية الحوار وخطورة المفاهيم . ما أعجبني هو أن مثل هذه المسائل ممكن أن تنحل بالنقاش ، بل من شأن النقاش أن يمنح الطرفين معا اقتدارا أقوى وأجود للذود عن تلك الأصول من دون أن نحجب الفكر بالإساءة مهما بدا الاختلاف واتسع؛ فالمدار: قل هاتوا برهانكم. وهو أمر حاكم على الجميع حتى من أبناء الدار وليس بينهم والخارج فقط. قال لي الصديق الأستاذ علي نجف ميرزائي: جميل، أنت اكتفيت بمداخلة أبوية. أي كوني لم أرجح رأيا. قلت: أنا يكفيني مشاكلي هل تريد أن أفتح عليّ جبهات أخرى. المشكلة أن المشهد الإسلامي لم ينضج بعد ثقافية لكي يتقبل النقاش ويتحمل عواقبه. لقد كان نموذجا لنقاش تمنيت لو يستمر. فما أجمل النقاش حينما يكون بين النخب ولا تستثار فيه انفعالات العوام.

    ولكن لا أنسى أنني امتعضت أيما امتعاض من المبالغة في ردود الفعل الأولى. ولم أفتح يوما هذه السيرة مع سماحته طيلة هذه السنوات، لعلمي أن أهدافه ليست كما تراءت لبعض خصومه. علما أنه رأى أنه نجح عن طريق أسلوب الصدمة والنقد أن يحرك المياه الفكرية الجامدة. لقد كتب حول ما جرى حول الخلاف ما لم يكتب من قبل. وسأتحدث عن قصة حدثت لي ولم أحدث بها من قبل. أذكر يوما أن أحد المشايخ المحسوبين على خصومه في مجلس هيئة الدروس في إحدى المعاهد الشرعية، أخذ يسيء إلى السيد وهو يحمل معه من الشهادات المختومة ما لا يخفى من هذه الجهة أو تلك. الشيخ المذكور لم يكن يستحضر مصلحة العالم الإسلامي كله في هذا التّفتين، بل كان لا ينظر أكثر من غريزة شلّة يستهويها هذا النوع من الإساءة. وقد أجد العذر له لو انحصر الأمر في هذا النطاق فقط ، ربما فهم الأمر أبعد مما يفي به منطوق الكلام. قلت له : لا تتحاملوا على العلماء. قال : وهل السيد عالم؟ أدركت أن الشيخ المذكور معاند أعماه الحقد وسلبه اعتداله. قلت له : هو عندي كذلك. واستمر الجدل والعناد حتى قلت: لن نسمح من الآن بتناول أي من العلماء بسوء في هذا المجلس، هذا أمر. قال لي: هذا شأنك . قلت له هذا أمر أقول لك. لم يكن الشيخ المذكور يدري ـ وهو مدرس ـ أنني أتحدث معه بصفتي المسؤول الجديد عن هيئة الدروس والمدرسين . وفي أول اجتماع للإدارة صادف أن أحدهم اقترح أن نستغني عن درس الشيخ وكنا قد عيّناه في درس الحلقات. ووجدتها فرصة لسلب هذا الدرس عنه. وطبعا لم يعرف أحد ما سبب تشددي في هذا الأمر، لأنهم لو أدركوا أن سببه هو موقفي من طريقته في التجريح والإساءة في مكانة وعرض السيد ، لما وافق الجميع وربما كانوا تضامنوا معه. كان ذلك الموقف وغيره كثير، مما جعلني أفقد الجاذبية لهذا الوسط. إنها شكلت لدي حالة نفور ، ومن ثمة بدأت المشاكل تبرز وردود فعلي من جهة تتنامى. وكان لا بد من العزلة والاستقلال . لم يعلم بهذه الحكاية أحد بمن فيهم السيد وجماعته رغم لقاءاتي بسماحته . وكان موقفا مني يمليه الضمير ولم يكن بدافع التّملق. إذ ما أكثر المتملقين في هذه الصناعة.

    وقد عاصرت أيضا شطرا مما كان بين المرحومين السيد فضل الله والشيخ مهدي شمس الدين من شنآن. كانا معا علمين بارزين في لبنان ولا يمكن الاستغناء عنهما. لذا ظل الشنآن شخصيا ويكاد لا يوجد له معنى ولا موضوعا حتى في النطاق الشخصي. كنت أقول إن هؤلاء الرمزين كان بمقدورهما أن يقنعانك بكل شيء إلاّ بالشنآن الذي كان بينهما. وكنت أراه أصغر شنآن بين أكبر عالمين. بل إن كان لكل كبير (ولدنة) فتلك من الشقاوة التي اعتبرناها دائما أمرا لا نقع فيه؛ لأنه بدا لنا كما لو كان شيئا من (ولدنة) الشيخ الراحل ، لا سيما وقد اعتبرنا يومها أن انفعالات وقسوة الشيخ شمس الدين شيء يضيف بعض الخصوصية على أدائه. هكذا كان سماحة الشيخ مهدي رحمه الله ، والجميع لا يقبله إلاّ بهذه القسوة التي أحيانا كثيرة يلحقها البعض بكليشيه هيبته. ومع ذلك لا أحد كان يتمادى ليعرف أكثر من أن هناك شنآن لا قيمة له في نظر محبيهما لكنه كان قد شكل حاجزا ربما نفع به ، لأنهما ظلا عملاقين متنافسين وقد أفاد من تنافسهما الجميع . ولكن ما من أحد من مثقفي لبنان إلاّ ونظر لهما كمعلمتين من معالم لبنان. والحق يقال أن السيد لم يكن شديدا في تلك الخصومة. ولم يسمع منه إلاّ كلام خير عن سماحة الشيخ مهدي. وحيث كنّا دائما نتساءل ما سرّ الخلاف بين الرجلين وقد أدركنا تقارب وجهات نظرهما في كل الأمور إلاّ يسيرها. ولكن ما يميز حراك السيد هو جماهيريته وشعبيته وعمله الاجتماعي الذي تفنّن فيه وقدم نموذجا للعمل المؤسسي. فالسيد فضل ليس فقط تعرفه النخب والعلماء، بل يعرف الأيتام وأبناء الشهداء والمعوزين الشيوخ والمرضى والمنكوبين في لبنان. فهو أب والمربي. فهو الذي تستوقفه المرأة وهو يخرج من مسجد الرضا بعد أن أمّ الناس في صلاة الجمعة (1988م)، لتسأله عن مسألة شرعية. توقفه عن موعد ركوب السيارة بربع ساعة جعله ينجو من محاولة اغتيال مؤكدة حيث انفجرت عبوة ناسفة لغمت بها سيارته. لقد أنجدته ـ بفضل الله ـ امرأة ؛ هكذا يقولون ، ولكنني أقول إنها إشارة إلى أن الله مع الجماهير ، وأن الانفتاح على قضاياهم وأسئلتهم والأخذ بيدهم منجي من الخطر. سمعت من أحد الفضلاء وقد توسط بين السيد والشيخ من أجل المصالحة ذات مرّة ، فكان جواب السيد أنه لا إشكال عندي في ذلك وهاهي ورقة شروط أمضيها على بياض وليشترط سماحة الشيخ ما بدا له. لا أخفيكم أنني حتى الآن لم أكن أعرف سرّ هذه القطيعة.

    تعرض السيد لهجمة فاقت الحدود لاسيما بعد أن تجرّأ فيه بعض العوام. وهذه آفة التعصب. ولولا أن تدخّل السيد الخامنئي نفسه وبعض العلماء الكبار لوقف هذه الحملات لاستمرت بصورة تضر أكثر مما تنفع. ولكن من جهة أخرى كان السيد قويا إلى حدّ لا يمكن النيل منه بهذه الصورة غير العقلائية. لقد سمعته مرات يقول: لا يمكن أن تستئصل شخصا له وجود في الساحة. وقد كان سماحته أدرى الناس ببطلان هذا المنهج في الإساءة والتحامل على الغير تعصبا أو حسدا أو بسبب الضعف النفسي. ولعله من المفارقة أن أحد الشباب سعى مرّة للإساءة إلى شخصي بألوان من النميمة فاقت المعقول. وكان من سوء حظه أن من كان يفاتحهم في هذه النميمة ممن ينقل لي ذلك باستياء شديد من تحامل ذلك الشخص. وبعد أن سعى هذا الأخير للاختباء وراء عنوان السيد فضل الله لاستغلال سمعته ومنح مواقفه بعض المصداقية، رفع أحد الفضلاء الأمر محتسبا إلى سماحته يستفتيه في رزمة الأقاويل التي يتحدث بها هذا الشخص. وقد غفل هذا الأخير عن حقيقة علاقتي المتينة بسماحته ، فما كان إلا أن أجاب السيد سائله بالحرف: "إننا نرفض هذا المنهج (أي منهج الإساءة والتسقيط) وإن السيد ادريس محترم عندنا". كانت تلك الكلمة كافية لإرجاع صاحب الافتراءات عند حدّه ، ولكنها بالنسبة لي أكدت أن السيد وجد في لغة التسقيط والإساءة منهجا خاطئا ، إذ طالما سمعت منه أيضا ترديدا للخبر: "من كسر مؤمنا فعليه جبره". تعرض السيد إثر ذلك ولفترات متقطعة إلى نوبات ومشاكل صحية. وفي التسعينيات أجرى عملية قلب مفتوح خرج منها معافى واستأنف عندها نشاطه بحيوية الشباب.



    صورة للكاتب يطمئن فيها على صحّة السيد فضل الله قبيل وفاته

    لفت نظري جماهيرية السيد وأعجبت بها منذ حضرت بعض محاضراته ـ بمثابة شرح لبعض الأدعية المأثورة ـ في مسجد الرضا بالضاحية في سنة 1992م. وكانت فرصة مواتية لكي أتأّمل عن قرب منهج السيد ونبراته وعمق تحليله وروحانيته المتدفقة. ومما لفت انتباهي وقد كنت عابرا غير ماكث هناك ، أن معظم من يتحلق حول درسه هم شباب مراهق ، لم يكن يزهد فيهم السيد . لو قارنا بين من يحضر صلاته في مسجد الحسنين ومن كان يحضرها في مسجد الرضا لتأكد أن نجم السيد كان في سطوع دائم. دخلت المسجد وقد هالني في بداية الأمر أن تم تفتيشي ـ وهو أمر طبيعي ، حتى أنني في إحدى زياراتي الأخيرة لمسجد الحسنين يسألنا المراقب في الباب هل معك مسدس أو سلاح لنحتفظ لك به هنا : قلت ومالي والسلاح يا ابن الأوادم ؟! عرفت حينها أن المسألة هنا طبيعية. والسلاح مثل القلم في الجيب ـ ثم رمقت أطفالا ومراهقين في شقوة الشباب يتراشقون بالمياء والمداعبات ومع شيء من الفوضى ، قلت أهذا هو مسجد السيد. لكن ما أن دخل سماحته وتهيّأ لصلاة الجماعة ، حتى خيّم جوّ روحي وصمت وانمحقت المراهقة والشقاوة وحلّ الرشد والنضج. إنه كيمياء التدين اللبناني ـ قلت مع نفسي ـ: إنه لبنان ؛ دين وشقاوة!

    يحيط بسماحته طاقم مؤلف من مجموعة إداريين ومستشارين من خيرة المثقفين اللبنانيين والعلماء. وله من المشاريع الإعلامية والثقافية الكثير. كانت مجلة المنطلق منبرا مدعوما من سماحته وكان كتابها ومثقفوها قد أثاروا حينئذ اهتمام قراء من أكثر البلاد العربية وفي مقدمتها المغارب. وكانت مقالات كتّابها كالصديقين حسن جابر وصادق فضل الله وغيرهما في ثمينينيات القرن المنصرم محل إعجاب شريحة واسعة من القراء الذين كانوا يبعثون برسائل إعجاب وحبور ، كما حدثّي هذا الأخير.



    كان السيد يستقبلني بكثير من الحبور والتكريم. ففي أولى زياراتي له في مزرعته بغوطة دمشق ، استقبلني بعناق كبير وابتسامة ملائكية وقال: لقد حدثوني عنك حتى شوقوني لرؤيتك. قلت له يا سماحة السيد نحن أشوق وهذه فرصة لنا لنتعرف على سماحتكم عن قرب. كان حديثا مفيدا وشيقا. وقد حدّني عن المغرب وعن المشرق وعن الانفتاح وعن التجديد وعن الاستكبار العالمي وعن الشعوب والمستضعفين وعن كل العناوين التي شكلت مدار انشغاله. أخبرني يومها عن أنه سبق أن استفسر من قبل السفير المغربي إن كان يوافق على أن يستضاف ضمن درس رمضاني. وقد برر لي سماحته سبب عدم تجاوبه أن المسألة في الحقيقة تتعلق في نظره بالوضع الأمني تحديدا، وهو الذي توقف عن حضور الكثير من المؤتمرات والمناسبات خارج لبنان وسوريا والحج. فالسيد يتحرك بطاقم من المرافقين يفوق عددهم التسعة أو العشرة. وسيارات عديدة. ورعاية خاصة. ثم تحدثنا عن قضايا تخص الفكر الإسلامي ومسألة التجديد، فتحدث عن ضرورة الخروج من التخلف الفكري، وقال لي حينئذ: عليك أن تطرح فكر أهل البيت كبيرا. وحين حدّته عن بعض التوجهات التي ترى الأمر فيه خروج عن مقتضى العرف أو الدين، قال لي: لا تبالي بأصوات التخلف، هؤلاء ـ يقول لي بابتسامة ـ ارم بهم في البحر. وأخبرني حينها أنه ضد تكفير المفكرين والمثقفين. وأبدا لي رأيه في نصر حامد أبو زيد وشحرور وغيرهما. وأخبرني أنهم زاروه في المزرعة نفسها ولم يجد ما يدعو إلى نهج التكفير ضدهم ، بل أخبرني أن نصر حامد أبو زيد رجل مسلم وقد أخبره أنه مسلم مؤمن بخلاف ما يشاع في الحملات ضده. لقد كان رحمه الله ضد نهج التكفير ومقابلة الفكر بالفتاوى الاستئصالية. بل يرى أن المطلوب أن نكسر "التابو" ونفكر ونتساءل ولا ينبغي أن نتحدث في الحوار عن مقدس. إن تطور الفكر يحتاج إلى صدمات نقدية.



    وفي إحدى اللقاءات أسرّ لي بأن الثورة الثقافية في العالم الإسلامي لم تقم بعد وبأن الأمر يتطلب جهدا للإصلاح يجب أن لا يتوافق بالضرورة مع ما يطلبه العوام. على العالم أن لا يستسلم لأهواء هؤلاء. وقد صادف زيارتي أن كانت عقب تحرش إعلامي استهدف شخصي حاشرة إياه في نمط من الطائفية الهوجاء، بأن وافقني رأيي على تحليلي بأن الأمر يتعلق بلعبة تطبخ لإدخال العالم الإسلامي في معارك طائفية لا معنى لها. ونصحني بأن لا أستسلم لهذا الاستفزاز. وكان سماحته قد عرض عليّ عرضا نبيلا ، ألا وهو أن أحاول متابعة وضع بعض الإخوة المغاربيين سواء هناك أو في أوربا. كنت اعرف أن السيد حريص على أن لا يشط بهم الشطط وتتيه بهم المتاهات. وقد نظر في عيني وكأنه أدرك سؤالي ، ليستدرك : إنني شخصيا لا أومن "بشغلة" التنظيمات أو ما شابه ، ولكن أنا أومن بالتناصح والتشاور. كنت يومها أدرك أن مرجعية السيد التي كانت في بدايات طرحها تتعلق بنمط جديد ، أهمه أنه لا يؤمن بالوكالات المطلقة بالمعنى الذي نجده لدى بعض المرجعيات الأخرى التقليدية إلاّ للضرورة والاستثناء. وحيث كانت موارد السيد من الأموال الشرعية تقوم على متمولين كبار ولا تتوقف على العامة ، فإنه أدرك حكاية ما كان قد أشار إليه المصلح الشهيد مرتضى مطهري حينما تحدث عن مشكلة علماء الشيعة مقابل مشكلة علماء السنة. فهؤلاء يقيدهم السلطان وأولئك تقيدهم الجماهير. وهذا حاصل بالفعل في الأعم الأغلب. فإذا كان الإسلام السني ـ وعذرا على هذا التقسيم ـ قد أفرز ما يعرف بعلماء البلاط ، فإن الإسلام الشيعي كان قد أفرز بفعل تراكم الحوادث التاريخية نموذج علماء "الشعبوية" . وإن كان للمجالين حضهما من النموذجين معا، فإن سلطان الرقابة والتحكم من شأنه أيّا كان مصدره أن يربك رسالة العلماء. وحيث ليس الأمر كما طلب سماحته يتعلق بالوكالة إذ الأمر هنا يتعلق بمسألتين ضروريتين: من جهة تعتبر الوكالة أمرا عاديا في عرف الإدارة المرجعية ، ولكنها لا قيمة لها إن لم تكن وكالة في مجال جمع الحقوق الشرعية. ومثل هذا لا يوجد سوى في بلدان ذات الأغلبية الشيعية وكذا دول الخليج. وإذن بات الأمر لا موضوع له إذا تعلق الأمر ببلاد يعدم فيها الشيعة أو ليس في عادة وعرف متشرعتهم أن يدفعوا واجبات شرعية للفقيه الشرعي. ومن جهة أخرى فإنني أدركت أن فكر السيد ورؤاه لا يحتاج إلى واسطة أو تمثيل، لأنه مدرك بالضرورة وقد انفتحت عليه أجيال الثمانيينات واستوعبته. والتواصل مع فكره متيسر لا يحتاج إلى واسطة لا في الثبوت ولا في الإثبات. فهو تيار فكري مفتوح من شأن أي تجسيم له أن يضر به ويتيه به في زواريب تيارية ضيقة. إن السيد هو فكر مفتوح لجميع الأطياف وجميع الشرائح والأوساط. وقد حدثته دائما عن قيمة فكره واتساع رقعته وهو نفسه أخبرني مرارا عما يرده من انطباعات خاصة، حينما أعطاني مثالا بالغنوشي الذي زاره مرة وأخبره أن كتابات السيد من بين الكتب التي لم يضعوا عليها فيتو في حركتهم لأهميتها ونضجها الفكري. ما لم أبح به للسيد هو أنني لم أكن مقتنعا بأن تياره يحتاج إلى وسائط؛ فهو متدفق كالماء على حقول جافة. وبأن أيّ تجسيم أو توسيط تنظيمي لفكره خارج لبنان والعواصم الروحية الكبرى لمقام المرجعية هناك، هو استغلال من طرف بعض الوسطاء يكبرون به ولا يكبر بهم. وحينما أدرك من خلال لقاءاتي الكثيرة بسماحته أنني لست ممن يبادر بالسؤال حول آفاق المشروع، عرض علي السيد ما أحتاجه من خدمة وقال لي : يا سيد، أنا جاهز ومستعد لكل ما تحتاجونه وليس عندي مانع للتعاون . وحيث كان من ديدني أن لا أستغل مثل هذه الثقة وتلك العروض وأخشى ما أخشاه ولا زلت، أن أجعل العلاقة تتوقف على العمل المؤسسي المحض، فقد ظلت علاقتي به روحية ومعنوية وفيها الكثير من الاحترام المتبادل والتشاور الدائم. فقد طلبت منه فقط أن يواصلوا دعم مجلة" الوعي المعاصر" حينئذ ، حيث كان يديرها في ذلك الوقت ، الصديق عبد الرزاق الجبران. وأخبرني حينها سماحته : نعم نحن نفعل هذا ، طبعا هذه مجلتنا . وفي مناسبة أخرى كانت زيارتي متزامنة مع تصاعد الهجمة الإعلامية ضد شخصي أيضا. وقد لقيت منه الكثير من المواساة والود وقال لي بأنك على الطريق الصحيح وأنك موفق. ثم ضرب على كتفي وقد عانقني عناقا أبويا دون أن ينسى تذكيري بأن المطلوب هو السمو فوق الصغائر وبأنني حتما ستواجه الكثير من التحديات وصنوف من الكراهية. وقال ما معناه: اعلم بأن من يوجد في الساحة لا يملك أحد أن يسيء إليه أو يستئصله؛ إننا لا يمكننا أن نستئصل شخصا فاعلا في الساحة. تذكرت ساعتها كلمة لفيلسوف رومانيا إيميل سيوران ، بأنك رغبتك في الشهرة هي في الحقيقة رغبتك في أن تموت مكروها ولكن لا تموت منسيا. ولكن ما ذنب من لا يسعى لا للشهرة ولا لغيرها ؛ ويتمنى لولا واجب التصدّي و دافع المسؤولية أن يكون نسيا منسيا؟!



    وفقّت لزيارة سماحته قبل شهرين من وفاته. أخبرني أحد معاونيه وكذا إبنه البارّ، سماحة السيد علي بأن الوالد مستعد للزيارة. كان همّي في هذه الزيارة أن أطمئن على صحته . وقد أخبرني أحد معاونيه أن السيد حينما أخبرناه بوجودك وبأمرك كان مسرورا وقد تأثر كثيرا وقال بأن السيد إدريس له أن يأتي في كل وقت ونحن نحبه : لقد أثر في ذلك كثيرا. ولكن أيضا كنت في حاجة إلى هذا الدعم الذي لا زال يمنحنا إياه سماحته حتى وهو يواجه مرضا عضالا. جئت لمواساته لكنني أفاجأ بأنه كان هو من يواسينا. دخلت عليه وإذا بابتسامته تشرق في ملائكية وصمود. وضعه الصحي صعب. لكنه يتظاهر بقوة وصلابة. إنه لا يملك أن يقف. والعياء متمكن منه. وعند الحديث كان يجهد نفسه لكي يحافظ على عمق تحليله. إنه يتوقف ويفقد تركيزه. هكذا يبدو لنا . لكنه يستأنف من حيث بدأ ليؤكد أن السيد لم يفقد عمقه الفكري حتى قبيل وفاته. كان الاستقبال في جو حماسي ، وهو يقول لبعض معاونين أنا أؤيّد السيد في كل ما يفعله ويقوم به وندعو له بالتوفيق ونقدر جهوده كلها . قلت له : سيدنا أنتم في القلب. قال: يل أنتم في العقل. العقل هاجس عند السيد. فهو يدرك مآزق الحيد عنه بل يدرك شطط التراخي في استحضاره عند كل فكرة أو موقف. إنه أعقل من رأيت من المصلحين. فالعقل عنده خيار لا مجال فيه للانتقاء في الاستعمال بل هو سيد الحاضرين في الإبداع والفتوى والرأي. بل لا خوف على الفكر إن استعصم بالعقل من الشرود. فالشرود مع العقل أفضل من الجمود على غيره. وبين صدمتي بوضعه الصحي وبين رشاقة روحه وصلابة عقله، كنت أنظر إلى بداية أفول نجم واحدة من كبرى ملاحم الفكر الإسلامي المعاصر. وكان عزائي أن كان لهذا الفكر مؤسسة ترعاه ومعاونون سيهتمون بتراثه ، وربما شاء الله أن يموت السيد ليحيى فكره أكثر. تحدثنا حول بعض مشكلات الفكر الإسلامي وكان يتحدث عن جانب أساسي هو أنه منذ بداية مشروعه الدعوي كان ينظر لنفسه مسلما لا غير وإنسانا. لقد بدا مصرا على هذا الانفساح في رؤية الأشياء. وحينما حدثته عن كيفية مواجهة الفكر السلبي ، قال ليس المطلوب أن نواجه أحدا ، المطلوب أن نقدم رؤيتنا وفكرنا وتصورنا. لقد أعاد الاعتبار إلى محورية القرآن ومطلب الإسلام العام وقضية الإنسان ومسألة العقل. ودّعته وقد انتابني إحساس عارم بأنها ستكون آخر مرة أرى فيها مفكر الفقهاء وفقيه المفكرين. تأثرت كثيرا وما أن ابتعدت عنه وعن معاونيه وأبنائه حتى ذرفت الدمع ؛ لقد أحسست بالفراق، لذا لم أفاجأ بموته في الرابع من يوم الأحد 2010م. لقد مات السيد فضل الله، وأفضاله على حركة الوعي الإسلامي كثيرة؛ ولكنه سيظل لا محالة حيّا بفكره ومواقفه ونضاله ومؤسساتها ومشاريعه.



    ولا زلت أؤكد على أن "عامل" لم يعد عنوانا لجغرافيا بل هو عنوان تاريخ. وشموخ جغرافياه لا تحجب شموخ تاريخ جبل اكتض بأجيال من العلماء والمفكرين والأدباء والمناضلين والـ" المقاومين". ومن هنا باتت لجبل عامل قيمة رمزية بالذين تحملهم تلك الجغرافيا، لكنهم سكنوا كل جغرافيا لمّا امتد تأثيرهم على أوسع مدى. من من أبناء الحركة الإسلامية من المحيط إلى الخليج لم يتعرف قليلا أو كثيرا على عمق هذا الفكر وانطلاقه. كان سماحة السيد منبعا ثرّا بالعطاء . بابتسامة ملائكية وانطلاقة عقلية كان يزن الأشياء ولا يبالي بردود الفعل التي قد تنطلق من هنا أو هناك. لقد اختار أن يكون مصلحا ومسلما وإنسانا لا تأسره الملل ولا النحل.. ابن الطائفة الذي تمرد على أسوارها واستحقاقاتها..ابن الحرب الأهلية التي وقف صامدا ضد رعونتها.. ابن لبنان الذي تسامى على زواريب مشكلاته وحساسياته.. ابن الحوزة العلمية التي لم تشده إلى غارق تقليدانيتها.. ابن المرجعية التي لم تقف دونه وتدفق عطائه الفكري.. إنه خلاصة تجربة كبيرة لا يسعها كتاب مهما حاول الكتاب؛ نضال شامخ وعلم وفكر وفقه وتنوير ومقاومة وسياسة... وفي كل محطة من محطات اهتمامه لا يغيب الإنسان. لقد فقدنا أبا روحيا طالما منحناه من الحب وطالما منحنا من المودة. فرحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جنانه، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
    [/align]





  12. #267
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,615

    افتراضي

    "السيّد" وتركيا
    محمد نور الدّين
    جريدة السّفير

    ذات يوم منذ سنتين، اتّصل بي صديقي وقريبـي الدّكتور نجيب نور الدّين، ليبلّغني بأنّ «السيّد» يريد أن يتحدّث إليّ.
    فوجئت بالمكالمة، لأنّ علاقتي بالسيّد كانت علاقةً «رسميّةً» إن جاز التّعبير، لكنّها ممتلئة بالتّقدير من جانبـي لقامةٍ عملاقةٍ مثل قامته.
    غادرت غرفة الأساتذة في كليّة الآداب حيث كنت برفقة رهطٍ من الزّملاء، إلى الشّرفة، لأجيب على اتّصال السيّد.
    بادرني السيّد بصوتٍ كلّه حنان ومحبّة، مشيداً بما أكتبه عن تركيا. وقال إنّه أخذ كلّ كتبي إلى مكّة في أثناء الحجّ وقرأها، وقال إنّه بات الآن يحيط بتركيا، وشدّ على يدي للاستمرار في هذه المهمّة.
    ليس سهلاً على الزّعماء السياسيّين، بل حتى على علماء الدّين، وما أكثرهم، أن يبادروا إلى الاتّصال بالآخرين، ولا سيّما المثقّفين منهم. لكنّ الأمر ليس كذلك مع السيد، الذي كما كان كبيراً في علمه وتقواه، كان كبيراً في تواضعه وتواصله مع الآخرين، ولا سيّما المثقّفين.
    بعد هذه المكالمة، وكلّما سنحت لي الفرصة، وكانت صحّة السيد تسمح باللّقاء، كنت أزوره، ولم أكن أشعر مرّةً بأنّه «آخر». كان ذلك المرشد والأب والرّاعي، وأيضاً الصّديق. لن أغدق الكلمات «الكبيرة»، لأنّ السيّد كبير بعفويّته وبساطته وخلوّه من عقدة الاستعلاء التي تفتك بالكثيرين من نخب هذا البلد من رجال السياسة والثّقافة.
    وفي كلّ زيارةٍ للسيّد، كانت تركيا هي ثالثنا. وحتى لو كان مجلس السيّد حاشداً، كان يخصّص للموضوع التركيّ مكانةً بارزةً. كان السيّد يبادرني إلى السّؤال وإلى الاستفسار، وهو العالم ضمناً بواقع الحال.
    كان اهتمام السيّد شديداً بتركيا. ومن واقع الأمور، أنّ السيّد لم يكن غريباً على الأتراك.
    كان حاضراً بقوّةٍ بعلمه وفقهه وآرائه في المجتمع التركيّ، بكلّ المذاهب السنيّة والشيعيّة والعلويّة. وقد تُرجم العديد من كتبه إلى اللّغة التركيّة. كان، هو الشيعيّ، أحد المراجع الدّينيّين والفكريّين للأتراك السنّة، كما غير السنّة. لم تتح سلوكيّات الكماليّة في تركيا حرّيةً للتيّارات الفكريّة الإسلاميّة. فافتقد الأتراك مرجعيّاتٍ دينيّةً محليّةً مؤثّرة وذات وزن، لذا، كان سيّد قطب وأبو الأعلى المودودي والسيّد محمد حسين فضل الله وغيرهم يملؤون هذا الفراغ.
    وليس من تركيّ، مثقّفاً كان أو صحافيّاً أو حتى مسؤولاً سياسيّاً، جاء إلى لبنان، إلا وكان حريصاً على زيارة السيّد والالتقاء به.
    وكان لقاءً مشهوداً ذلك الّذي جرى في ربيع العام 2004 بين السيّد وأكثر من ثلاثين فرداً من النّخب التركيّة من كلّ الاتجاهات، وقد سطّروا بعد عودتهم عشرات المقالات وصفاً في شخصيّة السيّد وفكره.
    كانت تلك مرحلة صعود «حزب العدالة والتّنمية». وأذكر مما قاله السيّد لزوّاره الأتراك حينها، إنّ على الشّعب التركيّ أن يعتبر نفسه جزءاً من المنطقة، لأنّ المنطقة كلّها ارتبطت لمئات السنوات بالتّاريخ التركيّ، والشّعب التّركيّ يبقى مسلماً. ودعا إلى استعادة تركيا هويّتها الاسميّة بصورةٍ غير متعصّبة وغير متطرّفة، لكي يمكن التقارب روحيّاً بين تركيا والمنطقة، فيتحوّل لاحقاً إلى تقاربٍ سياسيّ واقتصاديّ وأمنيّ.
    وقد فعل «حزب العدالة والتّنمية» ذلك.
    وكان السيّد ينظر بارتياح وتقدير إلى تجربة هذا الحزب، وقد خاطب السيّد حينها الوفد التركيّ قائلاً إنّ حكم «حزب العدالة والتّنمية» عقلانيّ ومنفتح على العالم وعلى الواقع التّركيّ، وهو أفضل من يمكنه ربط الجسور بين العربي والإسلامي والتركي، كما بين تركيا وغيرها من الشّعوب.
    وبعد أربع سنوات، أجرينا حواراً معه، كان السيّد خلاله يواصل الإشادة بتجربة «حزب العدالة»، قائلاً إنّ قيمة الحزب تكمن في أنّه يوفر خطّ الوسط الذي يوصي بالإسلام، وإن كان لا يدعو إليه ويتبنّاه.
    وكان السيد يدرك جيّداً أنّ تجربة «حزب العدالة والتّنمية» ليست إسلاميّةً بالمعنى المصطلح للحركة الإسلاميّة، فهم يتحدّثون عن العلمانية والديموقراطية بشكلٍ مطلق، وليس على أساس تطبيق الإسلام على الواقع. ويقول السيّد إنها ليست تجربةً إسلاميّةً، بل «ذات نكهة إسلاميّة».
    وفي العام 2006، وفي خضمّ عدوان تموز، وبعد صدور القرار 1701، كان إرسال قوّات تركيّة إلى لبنان للمشاركة في قوّات «اليونيفيل» مثار سجالٍ وخلافٍ حادّين داخل تركيا. وكان هناك مناخ شعبيّ غير محبّذ لفكرة إرسال القوّات. لكنّ موقفاً للسيّد فضل الله كان مرجّحاً لدى فئاتٍ كثيرةٍ لكي تقبل الفكرة، فيقرّر البرلمان التركيّ الموافقة على إرسال هذه القوّات. كان السيّد يرى أنّ مشاركة جنود من بلد مسلم مثل تركيا، وفي ظلّ حكومة «حزب العدالة والتنمية»، وفي خضمّ هذا السّيل من الهويّات الغربيّة للقوى الأخرى المشاركة، سيكون مفيداً للبنان.
    برحيلك يا سيّد، لم يفتقدك الشّيعة فقط، بل كلّ العالم الإسلاميّ، (ومنهم تركيا) والإنسانيّة. وعدنا لك أن نواصل الاهتداء بنور عقلك وفيض محبّتك يا سيّد ... يا سيّدي.









  13. #268
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,615

    افتراضي

    آخر صورة لسماحة المرجع فضل الله (رض)


    بينات :



    آخر صورة التقطت لسماحة المرجع الراحل، آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (رض) في مستشفى بهمن، ويبدو فيها شقيقه متصفحاً ديوان سماحته الأخير "في دروب السبعين"، وذلك مساء يوم الخميس 19 رجب 1431 هـ الموافق: 1 تموز (يوليو) 2010 م، قبل ساعاتٍ من تدهور وضعه الصحي الذي أدّى الى وفاته وارتفاع روحه المقدسة الى بارئها صباح يوم الأحد في 21 رجب 1431 هـ الموافق:4 تموز (يوليو) 2010 م:





    (انا لله وانا اليه راجعون ورحم الله من صلى على محمد وال محمد
    وقرأ على روحه الطاهرة سورة المباركة الفاتحة )





  14. #269
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,615

    افتراضي

    وكيل مرجعية الميرزا الاحقاقي يعزي برحيل العلامة المرجع فضل الله
    كان من الفقهاء البارزين والمتميزين في طريقته العلمية والاوساط العلمية خسرت عالما تبحر في جميع المجالات الفقهية والسياسية

    (شبكة الفجر الثقافية) - (2010-07-14م)



    نعى وكيل مرجعية آية الله العظمى الميرزا الاحقاقي في الكويت الشيخ عبد الله المزيدي رحيل المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله .

    وقال امام وخطيب مسجد الصادق عليه السلام : ان الاوساط العلمية في الكويت ولبنان وجميع الدول الاسلامية خسرت عالما تبحر في جميع المجالات الفقهية والسياسية مؤكدا ان الفقيد كان من الفقهاء البارزين والمتميزين في طريقته العلمية، لافتا الى دوره الكبير في تهدئة الاوساط اللبنانية والتقارب بين المسلمين سنة وشيعة وكذلك المسلمون الآخرون.

    وأضاف العلامة المزيدي وهو من كبار علماء مدرسة الشيخ الاوحد : نشارك الامة الاسلامية هذا المصاب الجلل ونشارك ذوي الفقيد راجين له الرحمة ولذوي الفقيد الصبر والسلوان.





  15. #270
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    أرض الله الواسعة
    المشاركات
    6,631

    Lightbulb

    لحظات المرجع السيد فضل الله (رض) الأخيرة في المستشفى











    الكاتب: مشرف

    أُدخِل سماحة العلامة المرجع السيِّد محمّد حسين فضل الله(رض) إلى المستشفى نهار الأحد، الواقع فيه 8 رجب 1431 هـ / 20-6-2010 م بشكلٍ طارئ، إثر تدهورٍ في صحّته، وقد ظلّ (رضوان الله عليه) في "مستشفى بهمن" في قسم العناية المشدّدة طوال فترة إثنا عشر يوماً، وقد تمكّن الأطبّاء من محاصرة المشكلة المستجدّة ومعالجتها، وكان من المقرّر أن يخرج سماحته من المستشفى صبيحة يوم الجمعة 20 رجب 1431 هـ / 2-7-2010 ، إلا أنّ نزيفاً داخليّاً حادّاً ألمّ بسماحته فاجأ المحيطين، أوجد مضاعفاتٍ واشتراكات، وتدهور على الإثر وضعه الصّحّي بشكلٍ سريعٍ جدّاً، ما أدّى إلى وفاته بعد يومين.



    فماذا حصل ليلة الجمعة؟

    يجيب أحد أبناء سماحة السيّد(رض)، بأنّه لم يرَ سماحة السيّد بمثل هذا الإشراق والحيويّة منذ فترة طويلة من مرضه، حتى "ظننّا أنّ سماحته سيستأنف أداء صلاة الجمعة وخطبتيها بعد وقتٍ طويلٍ من الانقطاع بسبب معاناته مع المرض ومضاعفاته من وهنٍ وأوجاع، وقد حدّثنا سماحته (رض) باهتمام كبير:

    لقد عملت من أجل الوحدة الإسلامية على مدى اكثر من خمسين عاماً، وتحدّث مطوّلاً مع شقيقيه عن ديوانه الشّعريّ الجديد "في دروب السّبعين"، وعن بعض قصائده، وعن ذكرياته في النّجف الأشرف وفي تأبين السيّد محسن الأمين (قده) ".


    وتابع قائلاً: "طلب سماحته أن يتحدث مع الوالدة على الهاتف، وأثناء كلامه معها، اقترحتُ عليه مرّتين أن يقول لها إنّه سيخرج من المستشفى ويعود إلى المنزل صباح الغد، فلم يجبني، وعندما أنهى المكالمة، وجّه كلامه إليّ ورفع أصبعه قائلاً: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلا أَن يَشَاءَ اللَّهُ} ، ثم أطرق قليلاً وقال لي: "أخبر إخوانك أن يتابعوا موضوع المسجد"، قاصداً أن يدفن في مسجد الإمامين الحسنين(ع)، ثم كبّر ثلاثاً، وتمتم بصوتٍ خافتٍ بالدّعاء بين التّكبيرات الثّلاث، ثم ابتسم ابتسامةً مشرقة، وتهلّل وجهه، وكان ينظر إلى الباب وقال: أريد أن أنام، أريد أن أنام.


    ومن ثمّ بدأ التّدهور السّريع والخطير في صحّة سماحته، وقد أفاق بعد الثالثة فجراً وقال: أريد أن أصلي، فقلنا له إنّ وقت صلاة الصبح لم يحن بعد، فصلى ركعتين، وكانت الصلاة آخر عملٍ فعله في حياته الشريفة.


    وقد تدهور الوضع الصحي لسماحته بعدها بشكل متسارع وخطير جداً، إلى أن كانت الوفاة حيث ارتفعت روحه المقدسة الى بارئها صبيحة يوم الأحد 22 رجب 1431 هـ / 4-7-2010م السّاعة التّاسعة وخمس عشرة دقيقة بتوقيت بيروت".


    ويذكر أحد الممرّضين أنّه طلب من سماحة السيّد(رض)، أن يرتاح في جلسته، فأجابه: "لن أرتاح حتى تزول "اسرائيل".


    فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، وسلام عليك يا سيّدنا، يوم ولدت، ويوم توفّيت، ويوم تبعث حيّاً.





    التاريخ: 03 شعبان 1431 ه الموافق: 15/07/2010 م




    http://www.qanon302.net/news.php?action=view&id=350

صفحة 18 من 23 الأولىالأولى ... 81617181920 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. انا لله وانا اليه راجعون
    بواسطة حسين سعيد في المنتدى واحة المناسبات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 15-06-2010, 12:28
  2. انا لله وانا اليه راجعون ....... الارهاب من جديد
    بواسطة محمد من الكوفة في المنتدى واحة الحوار العام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 11-04-2008, 18:43
  3. مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 28-01-2007, 15:15
  4. مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 22-11-2006, 09:44
  5. انا لله وانا اليه راجعون
    بواسطة منتصر في المنتدى واحة الحوار العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 12-02-2005, 22:16

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني