صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 31
  1. #16
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]قراءة جديدة لعالم فريدمان المسطح....! [/align]

    [align=center]GMT 7:00:00 2006 الجمعة 17 مارس
    عطية صالح الأوجلي [/align]

    [align=center] [/align]

    توماس فريدمان كاتب أمريكي أستطاع في سنوات قليلة أن يصبح مشهدا ثابتا في بانوراما الإعلام المرئي و ذلك في ما يختص قضيتي الشرق الأوسط و العولمة. بدأ فريدمان حياته الصحافية في القاهرة حيث تعلم اللغة العربية ثم انتقل إلى بيروت ليعمل كمراسل صحفي لصحيفة "نيويورك تايمز" ثم انتقل بعدها إلى القدس ليعمل مراسلا لنفس الصحيفة و هو ألان ظاهرة إعلامية عالمية. أصدر فريدمان أربعة كتب الأول عن الشرق الأوسط و عنوانه " من بيروت إلى القدس" أما كتابه الثاني الذي خلق له شهرة عالمية و كان موضوعة العولمة و عنوانه " سيارة اللكسس و شجرة الزيتون".

    وقد تحدث الكاتب في إحدى لقاءاته الإذاعية عن كيفية اختياره لهذا العنوان المثير فقال " كنت في رحلة في أحدى قطارات اليابان السريعة المسماة بالقطار الرصاصة، والذي يعد من على شفتيها، نعم ياسيدي لدينا جريدة إنجليزية تصدر في طوكيو في نفس وقت صدورها بلندن، و تطلعت إلى الصحيفة أتأمل عناوينها وإذا بعنوان جانبي حول عراك بين بعض اليهود و الفلسطينيين حول شجرات الزيتون، و كيف أن كل طرف يدعي أن جده قد قام بغرسها و بالتالي فهي ملك له، و لقد أثار حيرتي و استغرابي ذاك المقال فهاأنذا في أحدث القطارات في العالم، متوجه إلي زيارة مصنع سيارات اللكسس التي بدورها من أحدث السيارات في العالم و أطالع صحيفة انجليزية تطبع في اليابان لأقرأ خبرا عن عراك بين أبناء الشرق الأوسط حول شجيرات الزيتون و هكذا توصلت إلى عنوان كتابي ". أما كتابه الثالث فقد كان حول العالم بعد أحداث الحادي من سبتمبر و هذا الكتاب يكشف عمق اتصالات هذا الكاتب في العالم العربي كما يكشف الدور الذي لعبه في إخراج ما سمي بالمبادرة العربية للسلام أما الكتاب الرابع موضوع حديثنا فيعود فيه الكاتب للحديث عن العولمة و كعادته يختار عنوانا مثيرا سماه العالم المسطح: تاريخ مختصر لعولمة العالم في القرن الحادي و العشرون"... وهنا يروي لنا أيضا بأنه كان في رحلة إلى الصين والهند ذكرته برحلات المستكشفين القدامى اجلان وكولومبس وماركو بولو وغيرهم، وعندما عاد من رحلته هذه أخبر زوجته أنه مثل هؤلاء الرحالة قد استكشف شيئا جديدا في هذه الرحلة إلا وهو أن العالم مسطح. " بينما عاد كولومبس إلى مليكه فرديناند بحقيقة أن الأرض كروية...عدت أنا إلى زوجتي قائلا ياعزيزتي أعترف أن العالم مسطح". وهو بالطبع لا يعنى أن العالم مسطحا بالمعنى الجغرافي وإنما زالت بين أجزائه الحواجز بفعل التقنيات الهائلة للاتصالات والمواصلات بحيث يستطيع مبرمج في الهند في أن يعمل لدى شركة متعددة الجنسيات في أمريكا دونما يغادر قريته الصغيرة. يقصد فريدمان بالتسطيح هنا الصغر المتناهي و القدرة على الاتصال، فالتطورات الهائلة في عالمي الاتصال والحاسبات جعلت من الاتصال بأناس في قارات أخرى سهل كسهولة الاتصال بجارك. وقبل حديثنا عن الكتاب فلنتابع معا سيرة حياة الكاتب الذي يخبرنا في موقعه على شبكة الانترنت أنه ولد في مينا بوليس عام 1953، و تخصص في دراسات البحر المتوسط في جامعة براند الأمريكية، و أثناء دراسته في تلك الجامعة، أمضى عدة فصول وهو يدرس كطالب زائر في الجامعة العبرية و كذلك الجامعة الأمريكية بالقاهرة. و بعد تخرجه التحق بجامعة أكسفورد البريطانية ليتخصص في دراسات الشرق الأوسط و ينال شهادة الماجستير. يعمل حاليا كصحفي في النيويورك تايمز و تنشر مقالاته في أكثر من سبعمائة جريدة في العالم و في عددا متزايد من الصحف العربية.

    - عمل مراسلا صحفيا لنيويورك تايمز في بيروت 1979 لمدة ثلاث سنوات.
    - عمل مديرا لمكتب الصحيفة بإسرائيل من 1984 – 1988
    - منح جائزة دراسية من مؤسسة "جوجن هايم" ليكتب أول كتبه من الشرق الأوسط و الذي نال علية جائزة وليزار كأحسن كتاب عن السياسة الخارجية. و بقي هذا الكتاب على لائحة كتب نيويورك تايمز لمدة أثنى عشر شهرا كأفضل الكتب مبيعا.
    - تقلب عدة مناصب بالنيويورك تايمز: المحرر الدبلوماسي، المحرر المالي المختص بمتابعة الأوبك، المسئول الصحفي عن البيت الأبيض.
    - فاز بجائزة بوليتزر للمرة الثالثة عن كتابه حول تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر. و الكتاب عبارة عن مجموعة المقالات التي قام بكتابتها حول الأحداث و كذلك يومياته و خواطره حول نفس الموضوع.
    وسيرة حياة هذا الكاتب توضح بجلاء الدور الذي تلعبه المؤسسات في حياة الأفراد في الغرب. أن النجاح الذي حققه فريدمان لم يكن ليتحقق ولو جزء بسيط منه إلا بوجود مؤسسات تعليمية ومراكز أبحاث ومؤسسات صحفية وغير ذلك من المؤسسات التي احتضنت موهبة فريدمان في الكتابة والبحث ووفرت له الدعم ومدته بسبل الوصول إلى أهدافه. أن كتاب بمواهب فريدمان يعج بهم عالمنا العربي ولكن هؤلاء لا خيار أمامهم سوى توظيف إمكانياتهم في التطبيل والتزمير والتبخير للأنظمة العربية أو في العيش على الهامش والانزواء وكما لاحظ محقا الدكتور د.عبد الفتاح طوقان في مقال له حول نفس الكاتب أنه في الغرب " تجد الرعاية والإعداد والبعثات والترويج والاستخدام الجيد لشخص لديه موهبة في الصحافة لتمرير رسائل في السياسة الخارجية الأمريكية إلى العالم وخصوصا العربي في محاولة للتأثير في الفكر تحت مسميات حرية الرأي والإبداع والرأي الآخر،في الوقت الذي تطرد الدول العربية مثقفيها ومفكريها ولا ترعاهم أو تهتم بصناعتهم وتقديمهم إلى عالمهم العربي ولا أقول العالم الأمريكي أو الغربي، فيهاجرون ويتركون بلادهم إلى دول تحترم فكرهم وتصقل إبداعاتهم فيخسر العرب أبنائه ويكسب توماس فريدمان المقرر في كل صفحات وفضائيات العرب لهذا العام".

    الموجات الثلاثة للعولمة

    بأسلوب شيق و بجهد منظم وبعناية فائقة بالتفاصيل بغوص بنا الكاتب في عالم الأعمال الذي لا يعرف الحدود ولا يعترف بها مستعرضا المقدرة التنظيمية الهائلة للشركات الدولية وموضحا بالقصص حينا وبالأرقام حينا آخر نسيج الخيوط الخفية التي باتت تربط عالم التقنية والمنتشر دونما انتظام بأرجاء المعمورة. في هذا الكتاب يوظف الكاتب مهاراته لإقناع القارئ بأن العولمة ليست مجرد ظاهرة ولا مجرد اتجاه عابر.. بل هي نظاما دوليا حل محل النظام الذي ساد أبان الحرب الباردة. و كيف أن هذا النظام الجديد قد قام بصهر مصائر الناس في بوتقة واحدة. وأدى إلى دمج وتكامل رؤوس الأموال مع التكنولوجيا والى تدفق المعلومات بحرية مما خلق سوقا عالمية واحدة، وجعل العالم أشبة بالقرية الكونية،هذا و قسم الكاتب تاريخ العولمة في كتابه إلى ثلاثة مراحل:

    1) المرحلة الأولى:

    منذ رحلة كولومبس التي قلصت حجم العالم من كبير إلي متوسط و اكتشاف العالم الجديد في عام 1492 حتى بدايات القرن الحادي عشر. وهي الفترة التي شهدت الغزو والاحتلال والنهب المنظم لخيرات العالم من قبل الدول الأوروبية الكبرى. وهنا كانت الدولة اللاعب الرئيسي والمسيطر على مقدرات الأمور.

    2) المرحلة الثانية:

    منذ 1800 حتى 2000 أي من عصر انطلاق الصناعات حتى عصر هيمنة الشركات متعددة الجنسيات التي قلصت حجم العالم إلى صغير. وشهدت هذه المرحلة تقلص دور الدول ونمو دور الشركات الكبرى وسعيها للحصول على أسواق اقتصادية في الخارج وعلى العمالة الرخيصة لإنعاش اقتصاديات الدول التي تقود حركة العولمة.

    3) المرحلة الثالثة:

    حيث حولت شبكات الحاسوب و أنظمة الاتصال سكان العالم إلي جيران متلاصقين و تحول العالم إلي الحجم الصغير جدا و المسطح. وفي هذه المرحلة سيكون التأثير الأكبر للأفراد المبدعين والبارعين وستشهد زيادة في مقدرة الناس وتقلص سلطة الحدود بين الدول.

    وقد خص فريدمان ذلك بقوله :

    "العصر الأول، مِنْ أواخر 1800 إلى الحرب العالمية الأولى، كان محركه الانخفاض الهائل بمصاريفِ النقل، شكراً إلى الباخرةِ وسكةِ الحديد. تلك كَانتْ عولمةً 1.0، وهي قلّصتْ العالمَ مِنْ حجم كبير إلى حجم متوسطِ. العصر الكبير الثاني، عولمة 2.0، دامَ مِنْ الثمانيناتِ إلى 2000، كَانَ مستند على التكلفة المتناقصة للاتصالات وأجهزة الحاسوب وقلّصَ العالمَ مِنْ حجمِ متوسط إلى حجم صغير. الآن دَخلنَا عولمةً 3.0، وفيها تقلّصُ العالمَ مِنْ الحجمِ الصغيرِ إلى الحجم الصغير جداً. هذا ما يخبرنا عنه تهجير الوظائف الإدارية والذهنية إلى دول أخرى وهو سَيَتطلّبُ تعديلاتَ مؤلمة للعُمّالِ والنظم السياسية."

    كيف أصبح العالم مسطحا؟

    يذكر لنا الكاتب عشرة أسباب حولت العالم إلى أرض مسطحة وهي:
    1. سقوط حائط برلين في عام 1989 الذي مهد لسقوط الاتحاد السوفيتي و نهاية حلف وارسو.
    2. انطلاق خدمات البث على الانترنت عام 1995.
    3. البرمجيات التي تسمح بتدفق الأعمال الكترونيا ( Work Flow )عبر قيام أشخاص في أماكن متباعدة بالعمل معا لإنهاء سلسة متلاحقة من الأعمال. فقد يقوم شخص ما بإدخال البيانات الأساسية لجهاز حاسوب في ولاية أمريكية ويقوم شخص أخر بإنهاء جزء من معاملات هذه البيانات في ولاية أخرى وقد يقوم شخص أخر موجود خارج الولايات المتحدة بإنهاء جزء أخر ثم إرسالها إلى المصدر في الولاية الأولى.
    4. قيام مجموعات صغيرة من المطورين بتنظيم أنفسهم واستحداث ثورات تقنية مثل برنامج التشغيل الشهير لينكس.
    5. استعمال مصادر من خارج المؤسسات والتي قد تكون في بلد أخر. فعلى سبيل المثال قامت بعض الشركات بتهجير الكثير من الأعمال و الوظائف إلى الهند مما ساعد في توفير الأموال للشركات و في دعم و نهضة اقتصاد من العالم الثالث.
    6. التعاقد خارج الشواطئ الأمريكية أدى إلى قيام نهضة صناعية عملاقية بالصين.
    7. قيام شبكات عملاقة من المتاجر والموردين والموزعين والمستهلكين مما أدى إلى كفأة ويعطى الكاتب شركات وول مارت العملاقة كمثال لهذه الشبكات.
    8. قيام الشركات العملاقة بدعم الشركات الصغيرة وتطويرها وتحويلها إلى شركات عالمية كما حدث مع شركات ups و.FedEx
    9. أمكانية البحث الهائلة التي توفرها شبكة الانترنت (Google).
    10. انتشار الشبكات اللاسلكية وتأثير ذلك على الاتصالات والتعاون بين الشركات والأفراد على مستوى العالم.

    الكتاب تسويقي بالدرجة الأولى، شعرت عند مطالعته أنني أمام بائع بارع يسعى لترويج سلعته بطريقة ذكية ومتقنة ولا تخلو من التشويق. ورغم أن القول بأن العولمة هي القوة الدافعة للأمور والمحرك الرئيسي في عوالم السياسة والمال والثقافة هو قول مبالغ فيه فهولا يخلو من الحقيقة. فدمقرطة المعلومات وانتشار التقنية وحرية انتقال المال قد قلصت المسافات في العالم بحيث أصبح العالم مجتمعا صغيرا تتجول عبره البلايين من الدولارات عابرة للمحيطات و مخترقة للحدود التي كانت محرمة و ذات قدسية في العهود الغابرة مما سيشكل تحديا كبيرا لمجتمعاتنا العربية التي يبدو أن معظمها سيكون غائباً عن المساهمة أو الاستفادة الجادة من العالم الجديد. فغياب الديمقراطية السياسية و التنمية الاقتصادية وتخلف المؤسسات التعليمية والثقافية وانتفاء الجدية قي تناول مشاريع الإصلاح لا يجعلها مرشحة للتعامل بايجابية مع حقائق العصر.

    ملاحظات عابرة

    يحفل الكتاب بالكثير من المعلومات حول اقتصاديات الهند والصين وبترديد لتنبؤات المؤلف التي تأخذ الطابع التبشيري حول التحدي الذي تشكله هاتان الدولتان للولايات المتحدة ويعطى الكاتب أمثلة كثيرة على ذلك. وبالرغم من وجود هذه الملاحظات المثيرة عن اقتصاديات الهند و الصين إلا أن الكاتب يغالي في مقدرة القوى الأسيوية على استيعاب المتغيرات الدولية وعلى أحداث التغيرات البنيوية في تكوينها لتتمكن من لعب دور فعال ومتنامي في الاقتصاد العالمي. وكما لا حظ فريد زكريا الكاتب بنيوزويك عند مراجعته للكتاب " أن عملية تسطيح العالم ما زالت في طفولتها. الهند ما زالت بلد فقير من العالم الثالث ولكن عندما تقرأ الكتاب يخامرك الإحساس بأنها على وشك البزوغ كنجم علمي بارز.". فالنمو الاقتصادي الذي تشهده هذه البلدان هو نمو غير متوازن ولم يدخل كافة القطاعات بل مازال مقصورا على القطاعات المرتبطة بالتقنية أو المرتبطة بالتصدير للأسواق العالمية. كما أن نمو اقتصاديات هذه الدول سيؤدي حتما إلى خلق أسواق استهلاكية والى ارتفاع تكلفة العمالة التي هي سر قوتها الحالية.
    إحدى فرضيات الكتاب الأساسية هي الدور الذي تلعبه التقنية في تطور المجتمعات وتغييرها. فالسكة الحديد و المحرك البخاري والاتصالات والحواسيب... مع تهميش للدور الذي تلعبه السياسيات الاقتصادية و البني الاجتماعية للدول في هذا الصدد. فهناك إغفال لدور الذي لعبته البحوث الممولة من قبل الحكومات الغربية والتي أدت لانطلاق تقنيات جديدة بما فيها الانترنت وكذلك إصدار قوانين منع الاحتكار من قبل الحكومة الأمريكية الذي أدى بدوره إلى تشجيع الابتكار والإبداع والى بروز تقنيات جديدة في الاتصالات والحواسيب. واستعمال الدول الغربية لنفوذها عند مفاوضات التجارة الدولية
    من طرائف الكتاب أن فريدمان "نبي العولمة" يستشهد عند حديثه عن تسطيح العالم "بنبي الماركسية" وبالبيان الشيوعي الشهير حيث يقول " رهيب كيف فصل ماركس وبشكل حاد القوى التي كَانتْ تُسطّحُ العالمَ أثناء بزوغ الثورةِ الصناعيةِ، وكَيف تنبأ باستمرار هذه القوى بتَسطيح العالمِ حتى يومنا هذاِ."
    كما أن من طرائف الكتاب أن كاتبه لا يبخل علينا بتفاصيل مطولة عن حياته وعن أصدقائه وعن أستاذته في مدرسة الصحافة بل حتى عن عادات أكله. كما أنه يستعرض سعة علاقاته مع ذوي النفوذ والسلطة في العالم ولم ينسى بالطبع إضافة صفة صديقي العزيز لعديد من أسماء السياسيين و السفراء و غيرهم من ذوي النفوذ.
    يحمل الكتاب رسالة مزدوجة فهو من ناحية يحذر الولايات المتحدة وينبهها بأن قيادتها للعالم في خطر ما لم تقوم بتطوير نظامها التعليمي ومن ناحية أخرى يقوم بالترويج للعولمة كمرادف للأمركة وأن قطار الأمركة لن يرحم المتخلفين عنه.
    لعل أهم دروس الكتاب هو الدور الذي تلعبه المؤسسات التعليمية في إعداد الطلاب وتهيئتهم للالتحاق بعالم اليوم من خلال الدراسة التقنية التي تسعى للتنافس مع أعتى المؤسسات العلمية في الغرب وتسعى أيضا لإعداد أجيال قادرة على العمل في المؤسسات الاقتصادية العالمية. هذه المؤسسات العلمية هي سر تطور صناعة البرمجيات الذي تشهده الهند والنمو الصناعي المذهل الذي تشهده الصين.
    يبقى لنا أن نتساءل أخيرا هل العالم فعلا مسطح ؟... ربما أدق الإجابات هي التي طرحها بول كينيدي عندما قال " العالم ليس مسطح ولكنه أصبح غير مستوى إلى حد كبير"









  2. #17
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]الرحلة السرّية للضابط الروسي عبد العزيز دولتشين إلى مكّة[/align]

    [align=center][/align]

    [align=center]الكتاب: الحج قبل مئة سنة

    المؤلّف: يفيم ريزفان

    الناشر: إصدار خاص ـ بيروت ٢٠٠٦
    [/align]




    هذا الكتاب يرتكز على وثائق ومواد فريدة وعسيرة المنال من الأرشيفات والمكتبات السوفياتية: أرشيف المستشرقين، ومكتبة فرع لينينغراد لمعهد الاستشراق لدى أكاديمية العلوم في الاتحاد السوفياتي، أرشيف الدولة العسكري التاريخي المركزي (موسكو)، أرشيف الدولة التاريخي المركزي (لينينغراد)، مجموعات المخطوطات والوثائق لدى أكاديمية العلوم في جمهورية أوزبكستان الاشتراكية السوفياتية (طشقند)، أرشيف الدولة المركزي للأسطول البحري الحربي (لينينغراد)، أرشيف سياسة روسيا الخارجية، أرشيفات مكتبات أخرى في لينينغراد وموسكو وتبيليسي.

    تعود أهمية هذا الكتاب إلى المواد المتعلّقة برحلة الضابط في الجيش الروسي، النقيب عبد العزيز دولتشين إلى مكّة والمدينة سنة ١٨٩٨. ولكي يحصل القارئ على تصوّر عن كل طيف الآراء والتقييمات الموجودة في روسيا على تخوم القرنين التاسع عشر والعشرين بصدد الحج، جمع المؤلّف في ملاحق الكتاب سلسلة من المواد، في عدادها انطباعات عن الحج، أصدرها حجّاج بسطاء من منطقة الفولغا والأورال الجنوبي وتركستان، تبرز أولوياتهم واهتماماتهم، وتعطي تصوّرات عن العقائد الشعبية العديدة بصدد الحج.

    ولعلّ القرار غير العادي نوعاً ما بإرسال الضابط في الجيش الروسي، المسلم من حيث الأصل والتربية، النقيب دولتشين، قد اتّخذ في وضع تعاظم فيه كثيراً دور العامل الإسلامي في سياسة روسيا الداخلية والخارجية. والكتاب مزوّد بمقدمة عن حياة دولتشين ونشاطه، ويرسم إطاراً للسياسة الخارجية والداخلية الذي اتّخذ فيه هذا القرار، وخصائص العلاقات بين الطوائف والعلاقات بين المسلمين في روسيا على تخوم القرنين التاسع عشر والعشرين، والقضايا الناشئة لمناسبة حج المسلمين من رعايا روسيا.

    ونعرف من الكتاب أن النصف الثاني من القرن التاسع عشر، هو مرحلة تعاظم نفوذ روسيا في الشرق الأوسط وفي آسيا الوسطى بسرعة وحدّة. وقد شهد عام ١٨٩٨ ضمّ إقليم تركستان إلى روسيا. فقد التحق بقوام الامبراطورية الروسية، علاوة على الشعوب الإسلامية التي كانت تعيش فيها من قبل، ملايين المسلمين ممن حافظوا على بنية علاقاتهم في إطار العالم الإسلامي. ومع خانة إمارة بخارى وخانة إمارة خوى، بلغ عدد الرعايا المسلمين في الإمبراطورية ١٦ مليون نسمة. ومن حيث المبدأ لم يبد السكان المحلّيون مقاومة بوجه القوات المسلّحة الروسية. وكان يبدو أن التهدئة قد تحقّقت في المنطقة. ولكن نشبت فتنة أنديجان في ١٨ أيار (مايو) ١٨٩٨؛ وفي سياقها ذبح ٢٠ جندياً روسياً وجرح ٢٢ جندياً، وقطع رأس مستوطن روسي. قامت هذه الفتنة تحت شعار الجهاد، وترأسها الزعيم الصوفي المحلّي إيشان محمد علي صابر أوغلي، الذي قام قبل ذاك بقليل، بالحج إلى مكّة والذي استقبل، كما بيّن التحقيق، رسلاً من إسطمبول. وفي عداد المشتركين في الفتنة، كما يوضّح الكتاب، كان خمسة من مديري النواحي، وقضاة انتخبهم السكان المحلّيون. وفي سياق المحاكمة، ذكر محمد علي صابر أوغلي في عداد دوافعه فساد الأخلاق، والانحراف عن مقتضيات الشريعة، وإلغاء الزكاة وقوانين الأوقاف، وأخيراً، منع الحج. وبالفعل وضعت الخزينة يدها على الأراضي المسمّاة بأوقاف السواد «قره وقوف» التي اعتبرت وثائق ملكيتها غير شرعية؛ ومراراً منعت السلطات الحج بسبب وباء الكوليرا ووباء الطاعون.

    ويرى المؤلّف أن تحليل هذه الأحداث، وكذلك الاضطرابات التي وقعت قبل ذاك في سنة ١٨٧٢ في منطقة نهر قرّه سو وفي سنة ١٨٩٢ في طشقند، قد بيّن الدور الكبير الذي لعبه ذوو المكانات الدينية (الإيشانات) في تنظيمها. ولم تستطع السلطات، أو لم تشأ أن ترى في هذه الاضطرابات بداية لحركة واسعة معادية للاستعمار، تجلّت بعد بضعة أعوام فقط في الكثير من التمرّدات والانتفاضات التي شملت عدداً من المراكز الهامة في تركستان.

    أخيراً، فإن الكتاب الذي يسرد يوميات دولتشين في الحج، وبعثات الحج في أواخر القرن التاسع عشر، يروي عن اشتداد الصراع بين الدول الاستعمارية على السيطرة في منطقة الخليج العربي وحوض البحر الأحمر. وإلى هذا الصراع، وعلى الأخص بصدد بناء سكة حديد بغداد، انجذبت روسيا أيضاً، كما يوضح الكتاب، وظهرت في الخليج العربي السفن الحربية والتجارية الروسية.





  3. #18
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]
    الأسلحة السريّة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية [/align]

    [align=center][/align]
    [align=center]
    * الكتاب: الأسلحة السرية لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية
    تأليف :غوردون توماس
    * الناشر: نوفو موند ـ باريس 2006
    * الصفحات: 455 صفحة من القطع المتوسط
    LES ARMES SECRETES
    DE LA CIA
    GORDON THOMAS
    NOUVEAU MONDE- PARIS 2006
    P.455
    [/align]


    غوردون توماس، صحافي تحقيقات أميركي، يتمتع بشهرة عالمية كبيرة: سبق له وقدّم ما يزيد على أربعين كتاباً، أغلبيتها عن عالم التجسس والجاسوسية وأجهزتها، من بينها كتابه المعروف عن «التاريخ السري للموساد»، وقد بيع منها ما يزيد على 45 مليون نسخة. يبدأ هذا الكتاب: «الأسلحة السرية لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية« بالجملة التالية: «بتاريخ 4 يناير 2006، ذات يوم من الشتاء في واشنطن، استدعى الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش الملحقين الصحافيين في البيت الأبيض،

    وكلفهم آنذاك أن ينقلوا إلى العالم كله رسالة تقول إن الولايات المتحدة لم تسمح ولن تسمح أبداً بأعمال التعذيب المزعومة التي قامت بها القوات المسلحة والأجهزة السرية للبلاد، وخاصة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، للحصول على معلومات مفيدة ضد الإرهاب التي كانت قد بدأت قبل خمس سنوات بعد التفجيرات التي استهدفت برجي التجارة الدولية في نيويورك ووزارة الدفاع في واشنطن».

    ما يؤكده مؤلف هذا الكتاب هو أن الواقع «للأسف» غير ذلك ومن أكثر من خمسين عاماً. وأن وكالة الاستخبارات المركزية قد طورت منذ بداية فترة الحرب الباردة التي سادت في العلاقات بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي منذ مطلع سنوات الخمسينات في القرن الماضي، عدداً من «برامج البحث» على أساس استخدام التعذيب الجسدي والعقلي وصولاً إلى الأسلحة الكيماوية.

    وكانت الوكالة قد موّلت في الخمسينات مستوصفات أميركية قامت باستخدام كميات كبيرة من المخدرات لأشخاص أبرياء يعانون من حالة إحباط نفسي أو لمرضى عقليين، أو عرضوهم لصدمات كهربائية ومعاملات لا إنسانية أخرى.

    وكان ذلك كله من أجل الحصول على معلومات حول «آلية تصرّف» أعداء الولايات المتحدة من الشيوعيين آنذاك. كما يؤكد «غوردون توماس» على أنه جرى تجريب مواد قاتلة مثل «الانثراكس» على مستوى واسع على العدو أثناء الحرب الكورية في مطلع الخمسينات وعلى المساجين وأصحاب الآراء المناهضة. وكان وجود مثل هذه الأسلحة بالتحديد هو وراء تبرير الحرب ضد العراق في ربيع عام 2003.

    وهكذا يؤكد المؤلف أيضاً ان أشكال التعذيب والإذلال التي شهدتها سجون أبوغريب وغيره في العراق أو في عدد من بلدان أوروبا الشرقية نفسها أو في معتقل غوانتانامو ليست «انحرافا» مرتبطا بظروف استثنائية ولدتها الحرب ضد الإرهاب وانما هي بالأحرى سلوكيات لها جذورها بل لها تعليماتها المحددة في كتاب دليل أعدته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويعرض مؤلف هذا الكتاب مقتطفات منه للمرة الأولى في هذا العمل عن «الأجهزة السرية» للوكالة

    ويعتمد المؤلف أيضا فيما يكشف عنه على شهادات لشخصيات عديدة كان لها أدوار هامة في جهاز الاستخبارات الأميركي من أمثال وليام بوكلي ورجل العلم فرانك ولسون وعلى المئات من الوثائق مثل المذكرات الداخلية للبيت الأبيض والموقعة من قبل جورج بوش الأب أو ديك تشيني أو دونالد رامسفيلد.

    وتتم الاشارة منذ البداية إلى الآلية التي لجأت اليها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والمتمثلة في «التحويل الاستثنائي لمعتقليها إلى مراكز استجواب موجودة خارج اطار حماية العدالة الأميركية وكان الفارو جيل ـ روبلس مفوض حقوق الانسان في المجلس الأوروبي ـ

    قد كشف قبيل تأكيد الرئيس جورج دبليو بوش انه لا يتم اللجوء أبدا إلى التعذيب من قبل الأميركيين عن وجود «مراكز الاستجواب» المذكورة، وقال: يبدو أنهم قد أنشأؤا معتقلا حقيقيا يمكن لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ان تستجوب فيه السجناء باستمرار» ثم أعلن عن خشيته أن يتم نقل السجناء الأكثر أهمية وكأنهم في «موكب غير مرئي من موقع إلى آخر مما يسمى بالمواقع السوداء» .

    ويشير المؤلف في نفس السياق إلى «التوجيهات» التي أصدرتها وزارة العدل الأميركية عام 2002 ولاتزال سرية للغاية حتى الآن، حول اساليب استجواب الارهابيين.وقد جاء في تقرير يحمل عنوان «التقنيات المحسنة للاستجواب» والسري للغاية حتى حينه، أنه من المسموح اللجوء إلى «الضرب على البطن» في مستوى المعدة، وكذلك «ترك الخاضع للاستجواب واقفاً لفترة طويلة» ولمدة قد تصل إلى 40 ساعة وقدماه متسمرتان على الأرض.

    ويؤكد المؤلف أيضاً أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قد لجأت خلال عام 2006 أيضاً إلى إبرام عقود مع العديد من الأطباء في بلدان مختلفة لحضور جلسات الاستجواب التي حدد أشكالها «دليلان» صادران عن الوكالة أحدهما يحمل عنوان «المساءلة العشرية» والثاني: «استثمار الموارد البشرية».. ويتم التذكير فيهما على أنه «عندما يتم تحضير صالة الاستجواب ينبغي أولاً القيام بدراسة جيدة للإنشاءات الكهربائية كي تكون المحولات أو أجهزة تغيير قوة التيار الأخرى جاهزة في لحظة الشروع بالصدمات الكهربائية».

    وهناك مقطع يتم التحذير فيه من «إمكانية أن يؤدي الألم الجسدي الحاد إلى القيام باعترافات كاذبة»، ولذلك ينبغي حساب حدة الألم المثار بدقة وبالتالي «من الأفضل حضور طبيب». ونقرأ في الدليل» الأول: «يمكن للمخدرات أن تكون فعالة من أجل التغلب على المقاومة التي لم تنجح التقنيات الأخرى في قهرها.

    واستخدامها الصحيح، أي أن تؤخذ بالحسبان شخصية الخاضع للاستجواب وكمية الجرعة ومدتها يمكن أن يكون حليفاً لا تمكن مقارنة قيمته عملياً بغيره بالنسبة لمن يقوم بالاستجواب. والأشخاص الذين يسحقهم الإحساس بالعار والإحساس بالذنب قد يستجيبون بسهولة لإراحة ضمائرهم بواسطة المخدرات».

    ولا يتردد مؤلف هذا الكتاب في القول ان «سجن غوانتانامو يعج بالسجناء الأفغان أو الباكستانيين الذين جرى اعتقالهم من دون أسباب جدية. وهم في أغلبية الأحيان رجال وشى بهم أشخاص يولون اهتماماً أكبر بالمكافأة المالية، مما هو بالحرب ضد الإرهاب».

    ثم يشير بعد ذلك إلى تأكيدات المحامين المختصين بحقوق الإنسان إلى أن 8% فقط من المعتقلين جرى تصنيفهم كأعضاء في تنظيم «القاعدة» وأن أقل من نصفهم قد قاموا «بأعمال معادية» ضد الولايات المتحدة الأميركية. لكن البيت الأبيض «رفض حتى الآن القيام بأي تعليق حول ما يجري في معتقل (غوانتانامو) أو في (المواقع السوداء) الأخرى التي لا تخدم اتفاقية الأمم المتحدة الموقعة عام 1984 والتي تمنع اللجوء إلى التعذيب والموقعة من قبل الولايات المتحدة»،

    والتي تعرّف التعذيب كما يلي: «القيام بأي عمل بدني أو معنوي يستهدف قصداً شخصاً ما من أجل الحصول منه أو من شخص آخر على معلومات أو اعترافات ومعاقبته أو معاقبة شخص آخر لأعمال يظن باقترافها، أو ابتزازه والضغط عليه». كذلك تمنع الاتفاقية خاصة «ارسال المشبوهين إلى بلدان هناك أسباب وجيه تدعو للاعتقاد بأنه سيتم تعذيبهم فيها».

    وينقل المؤلف عن تقرير أعدّه في نهاية شهر يناير من عام 2006، المحامي ديك (مارتي) المكلّف من قبل المجلس الأوروبي للتحقيق في مسألة تحويل السجناء إلى «المواقع السوداء» أن مئة شخص على الأقل طالتهم تلك العملية منذ عام 2004، وكان قد جرى منع هذا المحامي من زيارة مواقع الاستجواب، ولذلك اكتفى في تقريره بالمعلومات التي أدلى بها شهود مستقلون مثل غريغ موراي السفير البريطاني السابق في أوزبكستان والذي أكد أن مسؤول وكالة الاستخبارات المركزية هناك قد اعترف له بتعذيب سجين تم نقله إلى مركز استجواب اثر رفضه الإدلاء بأية معلومات.

    ويشير المؤلف إلى أن هذا السفير حاول في شهر فبراير 2006 نشر كتابا عن تجربته الدبلوماسية لكنه واجه التهديد بالملاحقة القانونية من قبل الحكومة البريطانية إذا لم يتخل عن ذلك، وانه أي السفير، على قناعة بأن واشنطن قد عززت قرار منع إصدار الكتاب كي لا يفصح عما يعرفه عن ملف «تحويل السجناء».

    إن المؤلف يعود في صفحات كتابه إلى التاريخ الطويل لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية التي كانت في الوقت الذي تتطور فيه برامجها للتعذيب، تقوم بتجريب تقنيات الحرب البيولوجية سراً.





  4. #19
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]15 سنة تهز العالم[/align]

    [align=center][/align]

    [align=center]الكتاب: 15 سنة تهز العالم من بغداد إلى برلين
    تأليف :تييري دومونبريال
    * الناشر: دونو ـ باريس 2006
    * الصفحات: 482 صفحة من القطع المتوسط
    QUINZE ANS QUI
    BOULVERSENT LE MONDE
    THIERRY DE MONTBRIAL
    DUNOD - PARIS 2006
    P. 482
    [/align]

    تييري دومونبريال مؤلف هذا الكتاب هو مؤسس ومدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية منذ عام 1979. ويشرف سنوياً على إصدار دليل استراتيجي حول حالة العالم، كما يعمل استاذاً لـ «الاقتصاد التطبيقي والعلاقات الدولية» في المعهد الوطني الفرنسي للفنون والمهن بباريس، فضلاً عن انه يقوم بالتدريس في كلية «البوليتيكنيك» الشهيرة التي تخرج منها العديد من كبار موظفي الدولة في فرنسا إلى جانب المدرسة الوطنية للإدارة.

    وكان قد تم انتخاب دومونبريال عضواً في أكاديمية العلوم الأخلاقية عام 1992 ـ وهي إحدى الأكاديميات الخمس التي من بينها الأكاديمية الفرنسية والتي تشكل بمجموعها ما يسمى بـ «المعهد».قدم المؤلف العديد من الكتب للمكتبة الفرنسية من بينها «الفوضى الاقتصادية العالمية» و«الطاقة: العد التنازلي» و«ثأر التاريخ» و«من أجل محاربة الفكر ذي الاتجاه الواحد».. الخ.

    1989 هو عام سقوط جدار برلين و2003 شهد الحرب الأميركية ـ البريطانية على العراق. وما بين هذين التاريخين مرت خمس عشرة سنة تغيرت فيها بشكل عميق معطيات المشهد العالمي، ولا شك بأن تفجر الاتحاد السوفييتي (السابق) كان أحد أهم تلك الأحداث.. تحدث البعض مثل المفكر الأميركي من أصل ياباني فرنسيس فوكوياما عن «نهاية التاريخ» وقال آخرون على خطى صمويل هنتنغتون بـ «صدام الحضارات»..

    ما يتم تأكيده في تحليلات هذا الكتاب هو أن هذه الفترة «المتأرجحة» تحمل في طياتها «خطوط القوة، التي سترسم التوازن الكوني الجديد لمدة عقود طويلة. ولعله من المفيد أولاً، بغية التعريف بمكنونات هذا الكتاب، الإشارة إلى أن فصوله الستة عشر تحمل تواريخ زمنية للسنوات الخمس عشرة الواقعة بين عام 1989 وعام 2003، وعام 1989 وحده هو الذي يحظى بـ «فصلين» يحمل أولهما عنوان «يوليو 1989» حيث يتحدث المؤلف عما يسميه بـ «ثورة جديدة في الشرق» ويحمل الثاني عنوان «ديسمبر 1989» المكرس لدراسة عملية «إعادة تركيب أوروبا من البلطيق إلى البحر الأسود».

    وفي الفصول اللاحقة يتحدث المؤلف في عام 1990 عن عملية إعادة توحيد ألمانيا على أنقاض انهيار برلين وفي عام 1991 نقرأ عن «حروب الخليج والدروس المستخرجة منها» مع بوادر التوجه نحو بروز نظام دولي جديد بوجود روسيا جديدة عرفت ما يسميه المؤلف بـ «عصر الاضطرابات» في عام 1992 الذي شهد أيضاً بروز النزعات القومية المتطرفة من جديد في منطقة البلقان..

    ثم ان الفصول الثلاثة اللاحقة الخاصة بسنوات 1993 و1994 و1995 مكرسة بجزء كبير منها لدراسة موقع روسيا في أوروبا وفي العالم لاسيما بانفتاح آفاق أوروبية جديدة لتوحيد القادة بينما تحظى التوترات في الشرق الأوسط وصعود القوة الصينية وسيرة التوحيد الأوروبي نفسها بما واجهته من امتحانات وبحث روسيا والصين عن سبل لـ «الخروج من الشيوعية» عبر «الطلاق النهائي»

    في الحالة الروسية وتبني إصلاحات اقتصادية باتجاه اقتصاد السوق الرأسمالي بالنسبة للصين بفصول الكتاب اللاحقة حتى عام 2001 ليتم تكريس الفصلين الأخيرين لعامي 2002 و2003 من زاوية الآثار التي ترتبت على تفجيرات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن ثم الحرب على العراق عام 2003 وآثارها المستمرة حتى اليوم.

    هذا الكتاب «15 سنة تهز العالم»، وكما تدل هيكليته هو عمل توليفي لمجموعة من الدراسات التي قدم فيها المؤلف رؤيته لما يجري أمامه من أحداث كبرى، ويصل في محصلة تحليلاته إلى القول في المقدمة المكتوبة في شهر مارس 2006 باب العالم قد «دخل منذ عام 2003 بمرحلة جديدة، ومسألة التطرف ليست بالتأكيد الوحيدة المطروحة على البشرية رغم أنها الأكثر أهمية إذ هناك مسائل أخرى،

    ويضيف: «ان استقرار اللعبة ـ الدولية ـ يفترض البحث النشيط والدؤوب عن تسوية عادلة للمشكلة الفلسطينية الإسرائيلية وذلك في الاتجاه الذي كانت قد ارتسمت معالمه حتى اغتيال إسحاق رابين عام 1995، والذي جعل القطار ـ قطار السلام ـ يخرج عن سكته. ويفترض هذا البحث أيضاً أن تقبل الولايات المتحدة الأميركية، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، التفاوض للوصول إلى اتفاقيات حول الأمن الإقليمي مع مجموعة البلدان المعنية مباشرة بالوضع في الشرق الأوسط، ابتداءً من إيران، وحتى لو لم تكن تحب نظامها السياسي».

    ويرى مؤلف هذا الكتاب في السياق نفسه أنه من العبث الإصرار في التأكيد على أن «مركب الإنقاذ» الذي يمكن أن يؤدي بمنطقة الشرق الأوسط إلى مرفأ السلام يتمثل حصراً في إشاعة الديمقراطية فيها، ذلك انه «لا يمكن للديمقراطية أن تعطي ثمارها إلا في سياق مناسب».

    ويؤكد المؤلف أيضاً أن سقوط المنظومة الشيوعية التي كان انهيار جدار برلين بمثابة الإيذان به في شهر نوفمبر 1989 واستكمال هذا «السقوط» في عام 1991 مع انهيار الاتحاد السوفييتي، إنما كان إعلاناً عن «قطيعة» لا تقل أهميتها تاريخياً عن الثورة الفرنسية الكبرى عام 1789. ذلك انه هناك «ما قبل و«ما بعد» انهيار الشيوعية في التاريخ الحديث. ولعل أهم ما في تحليلات هذا الكتاب هو ان مؤلفه يحاول أن يوضح طريقة رؤية مشاكل العالم في مسيرتها التطورية أثناء فترة تحولات متسارعة»..

    وبهذا المعنى يمكن الحديث عن محاولة لـ «فك رموز» الدلالات العميقة لما نشهده من أحداث تجري أمامنا.. وذلك من منظور سياسي واستراتيجي واقتصادي شامل، ولعل مثل هذه الذهنية هي التي تشكل أيضاً «الخط الناظم» الذي يعطي للكتاب وحدته بحيث يتعدى كثيراً كونه مجموعة من المقالات المكتوبة خلال فترات زمنية متباعدة أحياناً. في عام 1989 أي بعد أربع سنوات من وصول ميخائيل غورباتشوف إلى السلطة في الاتحاد السوفييتي (السابق) كان قد أصبح من الواضح ان «ثورة جديدة» ذات مظهر سلمي،

    هي بصدد أن تهز «طليعة» المعسكر الاشتراكي.. ويرى المؤلف أن الإحساس الأول حيال ما جرى كان هو الإعجاب بالموهبة الاستثنائية للرجل الذي أخرج بلاده الشاسعة من المستنقع «التوتاليتاري» الذي كان قد وقعت فيه.. لكن تبدى بعد ذلك أن المسألة كانت تتعلق بالأحرى بـ «توجهات جديدة» جرى إقرارها بشكل جماعي وان «الإصلاح» كان وراءه «المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي.

    ومع سقوط المنظومة الشيوعية سقط أيضاً «الستار الحديدي» الذي كان قائماً في أوروبا طيلة فترة الحرب الباردة، لكن مشكلة الأمن الأوروبي ظلت قائمة.. ودفعت المعطيات الجديدة بين الغرب والشرق إلى التفكير بشكل أعمق حول مستقبل أوروبا، هذا لاسيما وان التحولات التي شهدها العالم أدت إلى اختلالات كبيرة في الاقتصاد العالمي.

    وإذا كان مؤلف هذا الكتاب يرى بأنه «نادراً ما صنعت الشعوب التاريخ مباشرة، وكنت في طريقها كل شيء دون وساطات» فإنه يقر بأن مثل هذه الحركة انطلقت في أوروبا الشرقية والوسطى. في النصف الثاني من عام 1989 لتحطم الأغلال التي كانت تخنق شعوبها منذ عقود طويلة من الزمن.. وفي إطار مثل هذه الحركة أعيد بناء الخارطة الأوروبية من مجر البلطيق إلى البحر الأسود..

    وتغيرت الصورة من صيغها «المفروضة» إلى صيغ «مختارة بحرية» كذلك كانت عملية توحيد الأمة الألمانية بعد عقود من وجود ألمانيتين غربية ـ ديمقراطية لبرالية ـ وشرقية ـ ديمقراطية شعبية، بمثابة الرمز الأكثر جلاء وقوة لتلك الحركة التاريخية الجديدة والتي لم تكن بعيدة أيضاً عن تعزيز سيرة التوحيد الأوروبي نفسها كتعبير عن «ثأر التاريخ».

    وكانت الفترة الواقعة بين شهر يوليو 1990 وشهر يوليو 1991 زاخرة بالأحداث الكبرى مع حرب الخليج الأولى وحالة الفوضى التي شهدها الاتحاد السوفييتي (السابق) وتمزق الفيدرالية اليوغسلافية، والتي يرى المؤلف أنها كانت «مصطنعة» إلى درجة كبيرة، مثلها مثل الحدود الحالية في منطقة الشرق الأوسط الناجمة بشكل رئيسي تقريباً عن نتائج الحرب العالمية الأولى، واتفاقية «سايكس ـ بيكو» ذات الطبيعة الاستعمارية.

    ويرى المؤلف أن سقوط الإمبراطورية السوفييتية لم يكن بعيداً عن نشوب الأزمات الكبرى الأخرى آنذاك بما في ذلك حرب الخليج الأولى.. ذلك أن الكبار «المأخوذين» بالشأن الأوروبي لم يولوا الأزمة التي كانت تتصاعد بين العراق والكويت ما كانت تستحقه من اهتمام. كما يطالب المؤلف بضرورة التمييز بين «الأسباب العميقة والأسباب المباشرة» الكامنة وراء جميع الأزمات.

    إن عبدالكريم قاسم كان ينوي كما يشير المؤلف، اجتياح الكويت عام 1961 عندما أعلنت استقلالها، لكن بريطانيا ردعته عن ذلك. ويرفض المؤلف مقولة ان واشنطن قد نصبت فخاً لصدام حسين كي تدمره، لكنه يقول: انه بالمقابل «يمكن التفكير ان رئيس الولايات المتحدة الأميركية آنذاك جورج بوش ـ الأب ـ قد أدرك بغمزة عين يتحاكى بها القادة الكبار ما يمكن أن يجنيه مباشرة من مكاسب من الوضع». ومن خارطة التحالفات التي يفرضها الواقع الإقليمي.

    ويرى المؤلف أن أحد الأسباب التي دعت جورج بوش الأب لتوقيف المعارك ليلة 27 ـ 28 فبراير وعدم استكمال العمل العسكري حتى الانتهاء من نظام صدام حسين إنما يتمثل في خشيته من التورط في الفوضى التي قد تعم بغداد..

    ولم يرد أن يكون ثمن الإطاحة بصدام هو «انفجار» العراق، لكن حسابات جورج بوش الأب كانت مختلفة في حربه على العراق عام 2003، وذلك على خلفية تأكيد التفوق العسكري الأميركي العالمي كماً ونوعاً.. لاسيما وأن نفقات الدفاع الأميركي تمثل اليوم 40% من مجموع نفقات العالم في هذا الميدان.

    كما تكرس الولايات المتحدة إمكانيات للبحث العسكري تفوق بأربعة أضعاف ما تكرسه بلدان الاتحاد الأوروبي كلها. وهناك أيضاً الدافع العقائدي و«الدين والسياسة لا ينفصلان أبداً تقريباً في أميركا» كما يقول المؤلف. فما هي الأهداف المقبلة؟ يتساءل تييري دومنبريال في الصفحات الأخيرة من كتابه.





  5. #20
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center] أفغانستان [/align]

    [align=center][/align]

    [align=center]الكتاب: أفغانستان
    تأليف :بيرنت غلاتزير
    * الناشر:روتليدج ـ لندن، نيويورك 2006
    * الصفحات: 192 صفحة من القطع الكبير
    AFGHANISTAN
    BERNT GLATZER
    ROUTLEDGE-LONDON NEW YORK 2006
    P.192
    [/align]


    مؤلف هذا الكتاب هو الصحافي والباحث بيرنت غلاتزير الذي أمضى وقتاً طويلاً في أفغانستان من أجل التعرف عليها، وعلى مشكلاتها عن كثب ومراسلة الصحافة الأجنبية وهو يقدم هنا مدخلاً تاريخياً عاماً عن أوضاع هذا البلد وعن الاضطرابات والقلاقل التي أصابته منذ زمن طويل وحتى يومنا هذا. وهو يقدم في البداية صورة عامة عن جغرافية أفغانستان وشعبها وأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية. ويقول بما معناه: أفغانستان هي أحد بلدان آسيا الوسطى المحاطة بدول عديدة كتركمانستان وأوزبكستان وطاجيكستان والصين والباكستان وإيران، وهي أحد أفقر البلدان في العالم.

    وفيما يخص وضعها الجغرافي نلاحظ أن أفغانستان بلد جبلي وعر عموماً. ولكنه يحتوي على سهول واسعة في الشمال والجنوب الغربي. وأعلى قمة جبلية هناك تصل إلى سبعة آلاف وأربعمئة وخمسة وثمانين متراً فوق سطح البحر. ومعظم أنحاء أفغانستان جافة. وبالتالي فالمياه قليلة هناك. ومناخ أفغانستان قاري بمعنى أن شتاءها بارد جداً وصيفها حار جداً. وتتعرض البلاد للزلازل غالباً.

    وأما مدنها الأساسية فهي بالإضافة إلى العاصمة كابول: مدينة هراة، وجلال أباد، ومزار الشريف، وقندهار. ثم يردف المؤلف قائلاً: وينقسم سكان أفغانستان إلى عدد كبير من الأعراق المختلفة، وبما أنه لم يجر إحصاء دقيق لعدد السكان والأعراق مؤخراً فإن الأرقام التي سنقدمها هنا تظل تقريبية. يبدو أن الناس الذين يتكلمون الفارسية هم الأكثر عدداً ويشكلون خمسين بالمئة من عدد السكان الأفغان.

    وهم يضمون الطاجيكيين 25% والهزاريين 22% وبعض القبائل الأخرى، أما الجماعة العرقية الثانية من حيث العدد فهي جماعة الباشتون الذين يشكلون 39% من سكان أفغانستان. ويليهم الأوزبكيون 9%. وأما التركمان والبلتوشيون فيشكلون 6%. وأما الأربعة بالمئة الباقية فمشكلة من أقليات صغيرة جداً وتتكلم ما لا يقل عن ثلاثين لغة.

    وبالتالي فلا توجد وحدة لغوية في أفغانستان لا وحدة عرقية، ولكن توجد وحدة دينية لأن الأغلبية الساحقة من السكان هم مسلمون (80% سنة، 20% شيعة). وهناك أقليات هندوسية وسيخية ويهودية قليلة جداً. والكثيرون هربوا من البلاد بعد وصول الطالبان إلى السلطة. ولكنهم عادوا بعد سقوطهم، وقد عاد بعضهم وبخاصة فيما يتعلق بالسيخ. أما وجود اليهود فرمزي جداً.

    ثم يردف المؤلف قائلاً: أما فيما يخص الثقافة والتعليم فيمكن القول ان البلاد تراجعت كثيراً من هذه الناحية بسبب الحروب المتواصلة منذ عشرين سنة على الأقل. ففي عام 2003 مثلاً كان يوجد في أفغانستان سبعة آلاف مدرسة. وقد دمرت الحرب 30% منها. ونقصد بالحرب هنا حرب التحرير ضد السوفييت والحرب الأهلية التي تلتها أو سبقتها. ولم يكن التعليم يشكل أولوية بالنسبة لنظام الطالبان حتى فيما يخص الذكور. أما فيما يخص الإناث فقد حرمن من التعليم أو الذهاب إلى المدرسة تماماً.
    ويقدر الخبراء ان نسبة الأمية مرتفعة جداً في أفغانستان لأنها تصل إلى 64%، ولكن الأمور تحسنت نسبياً بعد سقوط الطالبان حيث عادت المدارس إلى فتح أبوابها من جديد أمام الذكور والإناث على حد سواء. وعلى الرغم من الفقر والعنف المحيط فإن الشباب الأفغان أثبتوا أنهم شجعان ويحبون أن يتعلموا ويتقدموا. وهذا ما أثبتته دراسات الخبراء الأجانب.

    وتقول الإحصائيات بأن عدد الأطفال الذين يذهبون إلى المدرسة يصل إلى أربعة ملايين أو أكثر قليلاً. وهو رقم لا يزال ضعيفاً بالقياس إلى عدد السكان الذي يتجاوز الثلاثين مليون شخص.

    وأما فيما يخص التراث المعماري للبلاد فإنه تعرض أيضاً للدمار في السنوات الأخيرة، فالكثير من الآثار أصيبت بشظايا الحرب. وقد تاجر بعضهم بها وباعوها إلى الخارج حيث اشترتها محلات الآثار الأوروبية، وبعض هذه الآثار القديمة ثمين جداً ويمثل بيعه إلى الخارج خسارة وطنية، ولكن الشيء الأكثر فداحة من كل ذلك هو تدمير الطالبان لتمثالي بوذا الرائعين في منطقة باميان. وهما من أجمل التماثيل في العالم، وكانا يجذبان إليهما السائحين كثيراً.

    وبالتالي فقد خسرت أفغانستان آثارها الرائعة بسبب حماقة الطالبان وقلة عقلهم كما يقال. فقد دمروا آثاراً أخرى عديدة أو باعوها إلى الخارج للتخلص منها لأنها تذكرهم بأديان أخرى سابقة على الإسلام. يضاف إلى ذلك أنهم يرون فيها نوعاً من الوثنية والشرك بالله. وبالتالي فينبغي محوها عن سطح الوجود. هذه العملية أساءت كثيراً إلى سمعة الطالبان في شتى أنحاء العالم وجعلت الآخرين يفرحون لسقوطهم ولا يأسفون عليهم.

    كما أنها أضرت بمصالح أفغانستان وكنوزها الأثرية والحضارية التي كانت تجذب ملايين السائحين إليها. يضاف إلى ذلك أنها أشاعت صورة خاطئة عن الإسلام الحنيف، دين الرحمة والتسامح، وقدمت عنه صورة أخرى مضادة لا علاقة له بهاثم يردف المؤلف قائلاً: لقد عانى شعب أفغانستان الطيب والأبي من هذا الحكم الظلامي الذي قمعه وشوه سمعته في الخارج وعطل حركته الإبداعية ومسيرته نحو التقدم والرقي.

    ولكن أفغانستان لم تقل كلمتها الأخيرة بعد. فمستقبلها أمامها لا خلفها، صحيح انها دفعت الثمن باهظاً في العشرين سنة الأخيرة، فبعد حرب التحرير ضد الغزاة السوفييت دخلت في حروب أهلية متواصلة، وقد أثرت على اقتصادها ومعنوياتها ودمرت بناها التحتية وشبابها. ولا تزال الحرب الأهلية مستمرة بشكل أو بآخر لأن جماعة الطالبان تحاول العودة إلى السلطة وقلب نظام حميد قرضاي.

    ولكنها سوف تفشل على الرغم من كل وسائل الرعب والتفجيرات التي تمتلكها. وذلك لأن حركة التاريخ لا يمكن أن تعود إلى الوراء، قد تتوقف قليلاً ولكنها لن تعود إلى الأزمان الغابرة، إلى القرون الظلامية. ولا يمكن لأحد أن يعيد شعب أفغانستان إلى العصر الحجري أو إلى عصور محاكم التفتيش والإكراه في الدين، فهذا مضاد لطبيعة هذا الشعب ولجوهر الدين الإسلامي الحنيف.

    ثم يعود المؤلف في الزمن قليلاً إلى الوراء ويقول: إن أفغانستان كأمة قومية لم تبتدئ في الوجود إلا عام 1746، أي في منتصف القرن الثامن عشر، وكان ذلك تحت سيطرة سلالة الدراني، ولكن بريطانيا استعمرتها لفترة طويلة حتى وصل الملك أمين الله إلى الحكم عام 1919 على اثر انتهاء الحرب العالمية الأولى، ومعلوم أن أفغانستان وقعت ضحية مطامع الدول الكبرى ولعبة الأمم الهادفة إلى النفوذ والسيطرة، ونقصد بالأمم هنا روسيا، وإنجلترا، وسواهما من الدول العظمى.

    وأما فيما يخص المرحلة المعاصرة فيقول المؤلف إنه لولا دعم الجيش الباكستاني لما استطاعت جماعة الطالبان أن تسيطر على أفغانستان، أو على قسمها الأكبر ما عدا منطقة الطاجيكيين في الشمال الشرقي بقيادة أحمد شاه مسعود. وقد ابتدأ عهد الطالبان بشكل وحشي إذ انتقموا شر انتقام من خصومهم وبخاصة الرئيس السابق محمد نجيب الله. فقد دخلوا عليه الساعة الثانية بعد منتصف الليل وعذبوه مع أخيه شر تعذيب وقطعوا بعض أعضائه وقتلوه شر قتلة، وكشفوا بذلك عن وجههم الحقيقي المتزمت الذي لا شفقة فيه ولا رحمة.

    بقي أن نقول إنه بعد رحيل السوفييت فإن زراعة الحشيش والمخدرات عادت إلى سابق عهدها. ولا يتردد بعض الخبراء في القول انها تشكل ثلث اقتصاد البلاد، بل وحتى أثناء حكم الطالبان الذين يدعون الصرامة الأخلاقية فإن إنتاج الحشيش لم ينقطع. وهذا دليل على أن الاقتصاد يتغلب أحياناً على الاعتبارات العقائدية. ومعلوم أن ماركس كان يقول ان البنى التحتية أهم من البنى الفوقية وهي التي تتحكم بها.





  6. #21
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]عندما كانت بغداد تحكم العالم الاسلامي [/align]

    [align=center][/align]

    [align=center]* الكتاب:عندما كانت بغداد تحكم العالم الإسلامي.. صعود وسقوط أعظم سلالة إسلامية
    تأليف :NONE
    * الناشر:دا كابو بريس نيويورك 2006
    *الصفحات: 326 صفحة من القطع الكبير
    When Baghdad ruled the muslim world
    the rise and fall of islam's u greatest dynasty
    Hugh Kennedy Da Capo Press NewYork 2006
    p.326
    [/align]

    مؤلف هذا الكتاب هو البروفيسور هوغ كندي أحد كبار المؤرخين البريطانيين. وهو يروي فيه قصة هذه العاصمة العربية العريقة التي حكمت العالم الإسلامي كله طيلة خمسة قرون قبل أن تسقط وتنهار على يد المغول. ويقول المؤلف منذ البداية ما معناه: إن هذه المدينة التي تبدو اليوم ضعيفة جدا وشبه منهارة كانت في يوم من الأيام حاضرة الدنيا ومركز العلوم والفنون والآداب والفلسفة. وبالتالي فلا ينبغي أن ننظر إلى بغداد على ضوء حاضرها المأساوي الراهن وإنما على ضوء ماضيها التليد.

    ثم يركز المؤلف حديثه على القرنين الأولين للسلالة العباسية ويقول بما معناه: هذه السلالة كانت أعظم سلالة في الإسلام. لماذا؟ لأن الحضارة العربية الإسلامية بلغت في عهدها ذروة تألقها ومجدها. صحيح أن السلالة الأموية كانت عظيمة ومهمة ولكن العباسيين تفوقوا عليها بأشواط بعيدة عندما أسسوا مراكز البحوث والترجمة تحت اسم بيت الحكمة، وعندما نقلوا علم اليونان والهند والفرس وكذلك فلسفة اليونان إلى اللغة العربية.

    والواقع أن بغداد بلغت ذروة ازدهارها في عهد الخليفة العباسي الرابع هارون الرشيد. ومعلوم أنه حكم الإمبراطورية العربية ـ الإسلامية بين عامي 786-809: أي طيلة ثلاثة وعشرين عاما. وكانت كافية لترسيخ دعائم الحكم العباسي وتشكيل أسطورة بغداد والحضارة الإسلامية كلها. والواقع أن العباسيين في عهده مارسوا هيمنة شبه مطلقة على الشرق والغرب من خلال قوتهم الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية. يضاف إلى ذلك جاذبية عاصمتهم من جميع النواحي الفنية، والعمرانية، والعلمية، والتكنولوجية، والفلسفية.

    ثم يردف المؤلف قائلا:حقا إنه العصر الذهبي للعرب والمسلمين. ولم يشهدوا في حياتهم، أو طيلة تاريخهم كله، عهدا أجمل منه ولا أعظم. لقد كانوا سادة الدنيا في ذلك الزمان، وكانت بغداد عاصمة العالم، مثل روما سابقا، أو أثينا، ومثل باريس لاحقا أو لندن. فقد ازدهرت التجارة في عهده بفضل الأساطيل البحرية التي كانت تنطلق من ميناء البصرة إلى شتى أنحاء العالم، إلى السند والهند والصين.

    وكانت مدينة البصرة التي أسست عام 650م أكبر ميناء في ذلك الزمان. كانت مركز التجارة العالمية والحركة المصرفية والغنى. وقد لعب الدينار العباسي آنذاك نفس الدور الذي يلعبه الدولار الأميركي حاليا. بمعنى آخر: لقد كان عملة العالم. وهذا الازدهار التجاري أدى إلى الازدهار الفكري والعلمي والأدبي. فقد أسس هارون الرشيد بيت الحكمة الذي وسعه كثيرا ابنه المأمون وزاد من أهميته. وراحوا يصرفون الأموال الطائلة على شراء المخطوطات من بيزنطة وسواها من أجل ترجمتها إلى العربية. ويعود الفضل الأكبر في ذلك إلى المأمون بشكل خاص.

    وبالتالي ففي ذلك الوقت، وفي ظل الخلافة العباسية، تشكلت اللغة العربية الفلسفية والعلمية. في ذلك الوقت نقلت إلى اللغة العربية أمهات الكتب الفلسفية والعلمية: أي كتب أفلاطون وأرسطو وجالينوس وبطليموس واقليدس وكل العلماء والفلاسفة من مختلف البلدان.

    وفي ذلك الوقت ازدهرت الآداب والفنون وظهر الشعراء الكبار من أمثال أبي نواس وبشار نجابي وسواهما. وفي ذلك الوقت ظهرت رائعة الآداب العربية: ألف ليلة وليلة. وهي تصور لنا حياة القصور لهارون الرشيد وبلاطه وحاشيته وزوجته زبيدة. بالطبع فإنها تصور كل ذلك بأسلوب خيالي مليء بالمبالغات والتهويلات والقصص الغريبة العجيبة.

    ولكن هل يمكن للأدب أن يزدهر بدون شطحات خيالية؟ وهل كانت ألف ليلة وليلة ستجذبنا لولا أنها مليئة بالقصص الخارقة للعادة؟

    ثم يردف المؤلف قائلا ما معناه: في البداية كانت اللغة العربية لغة شعر ونثر بشكل خاص ولم تكن لغة علم وفلسفة قبل حصول الترجمات الكبرى. وبالتالي فلم تكن تمتلك المصطلحات الضرورية لذلك. ولكن بدءًا من نهاية القرن الثاني الهجري، أي الثامن الميلادي وحتى القرن الرابع الهجري الموافق للعاشر الميلادي حصلت حركة ترجمة واسعة في ظل العباسيين. وعندئذ اغتنت اللغة العربية وتوسعت تراكيبها ومفرداتها وتعابيرها الأسلوبية. وأصبحت عندئذ لغة علم وفلسفة بالكامل.

    وقد شجع بعض الخلفاء العباسيين على حركة الترجمة والتثاقف هذه. وكان من أهمهم هارون الرشيد وابنه المأمون. ففي عهدهما بلغت الخلافة العباسية ذروة مجدها. وكان من أشهر المترجمين العرب آنذاك شخص مسيحي يدعى: حنين ابن إسحاق (808-873). ثم يردف المؤلف قائلا: لقد ترجم العرب آنذاك معظم الثقافة اليونانية المتوافرة في ذلك الزمان: أي معظم كتب أرسطو، وبعض حوارات أفلاطون، وبعض الرسائل الأفلاطونية الجديدة.

    كما ترجموا كتب الطب، والرياضيات، والفلك. وكانت بواعث المترجمين والخلفاء الذين يوظفونهم عملية أحيانا. فقد كان الخليفة بحاجة إلى أطباء لمعالجته أو معالجة حاشيته. ولذلك فإنه أمر بترجمة كتب الطب. وكانوا بحاجة إلى تطوير الفلاحة ونظام الري ومراقبة الكواكب والنجوم. ولذلك ترجموا الكتب المتعلقة بهذه المواضيع، ولكنهم ترجموا أحيانا لإشباع فضولهم المعرفي ليس إلا.

    نضرب على ذلك مثلا الفيلسوف العربي الأول: أي الكندي (801-866). فقد كان محبا للمعرفة وتواقا إلى اكتشاف كنه الأشياء. ولذلك راح يدرس الفلسفة اليونانية ويطلع عليها، ونتجت عن ذلك أول فلسفة إسلامية. وقد قال في إحدى المرات هذا الكلام المهم أو بما معناه: لا ينبغي أن نشعر بالخجل أو بالعار إذا ما أخذنا الحقيقة عن أناس الماضي أو عن الشعوب الأجنبية. فبالنسبة للباحث عن الحقيقة فإنه لا شيء أغلى عليه من الحقيقة ذاتها، وينبغي أن يبحث عنها في كل مكان.

    هذا الكلام المنقول عن الكندي بتصرف يظهر لنا مدى عظمة فلاسفة العرب والمسلمين القدماء. فعلى عكس الديماغوجيين والقومجيين والأصوليين الحاليين فإنهم ما كانوا يأنفون من أخذ العلم أينما كان. وما كانوا يقولون: هذا غزو فكري لا علاقة لنا به! حمانا الله من الغزو الفكري ومن الغرب اللعين! لا. أبدا. كانوا يقبلون بأخذ المعرفة عن شعوب غير إسلامية كالشعب اليوناني مثلا أو الفارسي القديم أو الشعب الهندي، الخ. ولولا هذا الانفتاح الفكري لما تشكلت الحضارة العربية الإسلامية وبلغت ذروة مجدها وتفوقت على بقية الحضارات الأخرى.

    ثم يردف المؤلف قائلا:إن الترجمة عن الإغريق هي التي أدت إلى ولادة التراث العلمي باللغة العربية. وهذا أكبر دليل على مدى أهمية الترجمة. فكل الحضارات الكبرى قامت على أكتاف الترجمات الكبرى. وما ينطبق على العصر العباسي الزاهر ينطبق على عصرنا نحن.

    فإذا لم تحصل عملية ترجمة واسعة من اللغات الأوروبية الحديثة إلى اللغة العربية فإنه لن تتشكل حضارة عند العرب. وبالتالي فإن موقفنا نحن من الحضارة الأوروبية يشبه موقف أسلافنا من الحضارة اليونانية.

    كلانا أخذ عن الخارج لكي يشكل حضارته الخاصة. أو قل ان أسلافنا أخذوا عن اليونان وعرفوا كيف يأخذون ويشكلون أكبر حضارة في ذلك الزمان. أما نحن فلا نزال نتعثر ونتخبط في طريقنا. ولا تزال نهضتنا تنتظر لحظتها المؤاتية. إن العرب إذ أخذوا العلم والفلسفة وبنوا عليهما اكتشافاتهم الذاتية استطاعوا أن يشكلوا العصر الذهبي الذي لا نزال نحنّ إليه حتى اليوم .





  7. #22
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center][/align]

    [align=center]تاريخ إيران والإيرانيين
    *الكتاب: تاريخ إيران والإيرانيين منذ البداية وحتى يومنا هذا
    * تأليف :جان بول رو
    *الناشر: فايار ـ باريس 2006
    *الصفحات: 521 صفحة من القطع الكبير
    Histoire de iran et des
    Iraniens. Des origines a nos jours
    Jean-paul roux
    Fayard - paris2006
    p.521
    [/align]

    قام بتأليف هذا الكتاب البروفيسور جان بول رو أحد كبار أساتذة الجامعات الفرنسية، وهو مختص بتاريخ آسيا الوسطى والمغول والأتراك وتاريخ الأديان المقارنة، وله مؤلفات عديدة في المكتبة الفرنسية،

    نذكر من بينها: تاريخ الأتراك (1984)، تيمورلنك (1991)، تاريخ الامبراطورية المغولية (1993)، آسيا الوسطى: التاريخ والحضارة (1997)، جنكيز خان والإمبراطورية المغولية (2002)، الخ.

    وفي هذا الكتاب الجديد يتحدث المؤلف عن التاريخ القديم والمعاصر للشعوب الإيرانية، ولكنه يتوقف مطولاً عند الفترات القديمة والوسطى في التاريخ أكثر مما يتوقف عند الفترات الحديثة.

    ومنذ البداية يقول المؤلف بان إيران كانت في السابق امبراطورية عظمى بل وأول إمبراطورية في التاريخ، وكانت تمتد على مساحات شاسعة وأكبر بكثير من حجم إيران الحالية، وكانت مئات الملايين تقريباً تتكلم اللغة الإيرانية،

    وأما اليوم فلم يعد هناك إلا ثمانون أو تسعون مليوناً ممن يتحدث هذه اللغة، وهم موجودون أساساً في إيران الحالية وأفغانستان، ولكنهم موجودون أيضاً في أوزبكستان وبخاصة في مدينتي بخارى وسمرقند اللتين لعبتا دوراً كبيراً في تاريخ الإسلام.

    كما أنه يوجد حوالي التسعة ملايين شخص ممن يتحدثون الفارسية في الباكستان، ولكن كل هذا قليل وزهيد بالقياس إلى عظمة إيران وانتشار لغتها وثقافتها في الأزمنة القديمة.ثم يخصص المؤلف فصلاً كاملاً للتحدث عن إيران في ظل الهيمنة العربية ويقول بما معناه:
    لم يتح لأي دين ذي رسالة كونية أن ينتشر بمثل هذه السرعة ويفرض نفسه على الشعوب المفتوحة مثلما حصل للدين الإسلامي.
    لم يحصل ذلك للمسيحية ولا للبوذية ولا لأي دين آخر، ولم يتح لأي لغة أن تتوصل إلى سمعة دولية مثلما أتيح للغة العربية وبهذه السرعة القصوى أيضاً.
    لنتأمل في الوقائع قليلاً: بعد مئة سنة من هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أو أكثر قليلاً كان العرب الناشئون في الصحراء قد أصبحوا في قلب أوروبا الغربية!. ولولا أن شارل مارثيل أوقف تقدمهم في معركة بواتييه (732)م لكانوا قد أصبحوا في باريس..
    وكانوا قد أصبحوا في قلب آسيا الوسطى حيث سحقوا الصينيين على ضفاف أحد الأنهار عام (751)م، وبعد مئتي سنة من الهجرة يمكن القول بأن الحضارة الإسلامية كانت قد تشكلت تماماً على هيئة إمبراطورية مترامية الأطراف وتشعّ على العالم بكل أنوارها وثقافتها وفنونها وعلومها وعمارتها.
    ثم يردف البروفيسور جان بول رو قائلاً: صحيح أن الشعوب المفتوحة لم تعتنق كلها الإسلام، وصحيح أنها لم تتبن كلها اللغة العربية، والدليل على ذلك بلاد البربر في المغرب وإيران ذاتها التي بعد أن تبنتها جزئياً رفضتها في نهاية المطاف وتمسكت بلغتها الأصلية.
    ولكن على الرغم من كل ذلك فان الحضارة الإسلامية بلغتها العربية حققت نجاحاً منقطع النظير في سنوات معدودات، وربما كان السبب يعود إلى نواقص حكام هذه البلدان المفتوحة وكره شعوبهم لهم.ولكن لا ينبغي أن ننسى الدور الذي لعبه الإيرانيون في انتشار الحضارة العربية الإسلامية بعد اعتناقهم للإسلام.
    من المعلوم ان الساسانيين قاموا بترجمات ضخمة للنصوص الإغريقية والهندية إلى الفارسية. ثم بعد الإسلام تمت ترجمة هذه الكتب إلى اللغة العربية ونقصد بها كتب أبو قراط، وافلاطون، وارسطو، واقليدس، وجالينوس، وبطليموس، وسواهم عديدين.
    وقد قام بهذه الترجمات بشكل أساسي العلماء المتجمعون في مدينة نيسابور. فخلال بضعة عقود تمت أكبر وأجمل عملية نقل للمعرفة الكونية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية.وهنا يكمن سرّ نهضة العرب وإشعاع حضارة الإسلام في تلك العصور.
    فقد كان المسلمون يحترمون العلم جداً آنذاك وكانوا يقبلون عليه بشكل منقطع النظير. وقد ساهمت جميع الشعوب الإسلامية في هذه العملية ينبغي العلم بأنه ليس العرب هم الذين كتبوا أول كتب النحو والقواعد للغتهم وإنما علماء من أصل إيراني كسيبويه مثلا!.
    وفي زمن العباسيين كانت نيسابور تضم فريقا من العلماء ينتمون إلى كل الأصول «من فارسية، ويونانية، وهندية» وهم الذين انتقلوا إلى بغداد عندما أسس فيها المأمون بيت الحكمة عام 830 ميلادية، أو حواليها ولعب المسيحيون عندئذ دوراً كبيرا في ترجمة العلوم إلى اللغة العربية.
    وهذا أكبر دليل على مدى تسامح الخلفاء المسلمين في ذلك الزمان وبخاصة المأمون. ومعلوم أن البطريرك المسيحي خاض مناظرة لاهوتيه مهمة مع الخليفة المهدي.
    ومن أشهر المترجمين المسيحيين حنين بن إسحاق الذي مات عام 873 وكذلك ابنه اسحاق ابن حنين ومعلوم ان الفارابي، المعلم الثاني بعد ارسطو كما يقول العرب، كان تلميذا لأحد هؤلاء المترجمين المسيحيين.
    ولم يكتف العرب والمسلمون عموما عندئذ بالترجمة وإنما أضافوا إلى العلوم اليونان وأبدعوا إبداعاً ذاتياً وفي ظل الحضارة العباسية خصوصا لم يكن هناك أي فرق بين مسلم من أصل عربي، أو فارسي، أو كردي.. الخ
    ومعلوم حجم الدور الذي لعبه الفرس في ظل خلفاء بني العباس فقد كانوا يسيطرون على الوزارة في أحيان كثيرة من خلال عائلة البرمكي أو عائلات أخرى وكانوا يشكلون طبقة من كبار الأدباء، والشعراء، والعلماء، والفلاسفة.
    وقد وصل الأمر بأحد المستشرقين إلى حد القول بأن الأدب العربي معظمه كان من صنع الفرس المستعربين! ولكن لم يكن هناك أي فرق بين عربي ومستعرب بشرط أن يكون مسلما بطبيعة الحال. والواقع أن ابن المقفع مؤسس النثر العربي تقريبا كان فارسياً.
    وأما بشار بن برد فهو من كبار الشعراء العرب، وكان فارسياً أيضا بل ولم يكن يخف عقائده المزدكية ولذلك مات قتلا بتهمة الزندقة بعد زوال سيده وحاميه الخليفة المهدي. ويمكن أن نذكر أيضا أسم ابي نواس، وآخرين عديدين.
    وحتى ألف ليلة وليلة، رائعة الآداب العربية في نظر الغرب على الأقل، هي ذات أصل إيراني صحيح ان الصبغة الإسلامية مخلوعة عليها ولكنها تغطي بالكاد العمق التراثي لإيران القديمة. والواقع ان أسماء أبطالها كشهرزاد.
    وشهريار الملك، الخ هي إيرانية. لاريب في انها اغتنت بحكايات أخرى عربية أو إسلامية بالخالص ولكن أقدم حكاياتها ذات طابع إيراني واضح ثم يردف المؤلف قائلا: خلال الفترة الأولى من الهيمنة العربية لم يشهد العالم الإيراني كسوفا حقيقيا ولكنه انهك بسبب الجهود التي بذلها للمحافظة على شخصيته التاريخية وتراثه.
    كما أنه وضع نفسه في خدمة الفاتحين أو الحاكمين الجدد: أي الخلفاء العرب. ثم شهد العنصر الفارسي في القرنين التاسع والعاشر انبعاثا سياسيا وثقافيا الأول كان مؤقتا أو عابراً والثاني كان دائما. نقصد بالأول هيمنة البويهيين على مقاليد السلطة حيث أصبح الخليفة العباسي مجرد رمز لا أكثر.
    ينبغي العلم بأن العباسيين فقدوا منذ وصولهم إلى السلطة عدة أقاليم ضخمة من الإمبراطورية الإسلامية فاسبانيا وقعت في يد أعدائهم الأمويين وانشقت عنهم بل واصبحت منافسة لهم. وبعد ذلك بوقت قصير وقعت إفريقيا الشمالية في يد السلالات الحاكمة المحلية كالإدريسيين في المغرب الأقصى «1788م» والأغالبة في تونس «800م»
    ثم انفصلت بعدئذ مصر وسوريا عن الخلافة العباسية في ظل الطولونيين والفاطميين على وجه الخصوص ولم يعد العباسيون يملكون إلا العراق وإيران ولكن إيران كانت آنذاك تمتد حتى نهر الهند والسند.
    وبالتالي فقد أصبحت الإمبراطورية العباسية إيرانية جغرافيا بل وإيرانية ثقافياً إلى حد كبير. وهذا الشيء سوق تكون له انعكاسات لاحقة على مدار التاريخ وحتى يومنا هذا. وبالتالي فلا يمكن ان نفهم الحاضر الا إذا قرأناه على ضوء الماضي. فالعلاقات بين الإيرانيين والعرب أكثر غنى وتعقيداً مما نظن.





  8. #23
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]التدمير المبرمج لسلالة المؤامرة على كيندي
    *الكتاب:المؤامرة على عائلة كيندي التدمير المبرمج لسلالة
    * تأليف :ماثيو سميث
    *الناشر: كنسنغتون ـ ميرلاند 2006
    *الصفحات:290 صفحة من القطع المتوسط
    Conspiracy: the plot
    To Stop the Kennedy's
    Matthew smith
    Kensington - Maryland 2006
    p.290

    [/align]
    قام ماثيو سميث خلال سنوات طويلة، بل طيلة حوالي ثلاثة عقود، بتحقيقات معمقة حول مقتل الرئيس الأميركي الراحل جون. ف. كيندي، وأيضاً حول «انتحار» أحد أشهر نجوم السينما في تاريخها الطويل، مارلين مونرو..
    وقد قادته تحقيقاته التي انطلق فيها من عملية اغتيال جون كيندي يوم 22 نوفمبر 1963 بولاية دالاس، وحيث شارك في كتابين من سلسلة الكتب الطويلة المكرسة لعملية الاغتيال تلك. ثم قادته تحقيقاته،
    كما يفصح هو شخصياً إلى محاولة الكشف عن أسرار الاغتيالات والمآسي التي لحقت بأسرة كيندي كلها، مثل اغتيال روبرت كيندي وتحطيم مسيرة الصعود السياسي الذي كان تيد كيندي بدأه، ثم «التخلص» من شهود هذه القضايا كلها، واحداً بعد الآخر، هؤلاء الشهود «المزعجون».
    ويرى المؤلف أن كل شيء قد بدأ عام 1961 أثناء ذلك الفشل الذريع الذي عزته عملية الإنزال البحري الذي حضرته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في خليج الخنازير على الشواطئ الكوبية بقصد الإطاحة بنظام فيدل كاسترو المناوئ للولايات المتحدة الأميركية، وكانت انتقادات الرئيس الأميركي المنتخب حديثاً آنذاك جون كيندي عنيفة ضد الجهاز المركزي لاستخبارات بلاده..
    ومنذ ذلك اليوم بدأ يرتسم مصير أسرة كيندي «كلها» ذلك أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية التي كانت تشكل دولة داخل الدولة، عقدت العزم عندئذ على «الثأر» وهذا ما يمثل الأطروحة الرئيسية في هذا الكتاب.
    ويرفض «ماثيو سميث» مقولة «اللعنة» التي أصابت أسرة كيندي إذ «لا شيء يسمح بإيجاد أساس لمثل هذا الرأي من وجهة نظر عقلانية «كما يقول حيث نقرأ: «كانت فرضية وجود خيط يربط بين جميع تلك الأحداث ـ التي عرفتها أسرة كيندي ـ مجرد حدس لدي في البداية، لكنها تأكدت بعد ذلك بطريقة لا رد لها.
    وبالتالي لا تعتمد رواية هذا التاريخ المؤلم على مخيلتي وإنما على وقائع. هناك غيري ممن لديهم القناعة أن المآسي المتتالية التي ضربت أسرة كيندي فيها ما يربط بين بعضها، لكنني الوحيد الذي يعتمد على شهادة مباشرة لشخصية كانت متورطة فيما يمكن تسميته بمؤامرة. لقد عملت بالاعتماد على معلومات أخذتها مباشرة من رجل لا يمكن التشكيك باستقامته».
    أما الذين يوجه المؤلف أصابع الاتهام لهم فهم «حفنة من الأفراد المصممين على السيطرة على أميركا». كما يقول، ثم يضيف بأنه هناك أيضاً: «أولئك الذين أوكلت لهم مهمة التحقيق، وكان يمكنهم الكشف عن وجود حركة انقلابية لكنهم آثروا خنق الفضيحة،
    ولا أعتقد أنه كان هناك تواطؤ إرادي من جانبهم، وإنني آمل أن يساعد هذا الكتاب البعض منهم على الخروج عن صمتهم، وأن يتحدثوا أخيراً عن المؤامرة التي كانت الولايات المتحدة الأميركية ضحية لها في سنوات الستينات المنصرمة و«استخراج السم» من جسدها كحل وحيد من أجل أن يستعيد صحته.
    وإذا كان مؤلف هذا الكتاب لا يتوقف طويلاً عند المصير الذي عرفه «جوي كيندي» فإنه يسهب في شروحاته وتحليلاته حول ما يسميه «التاريخ المخبوء وراء المآسي التي ضربت الأخوة كيندي والذي بدأ قبل فترة وجيزة من وصول جون. ف. كيندي إلى البيت الأبيض خلفاً لـ «دوايت آبزنهاور» وبعد فترة وجيزة من وصول فيدل كاسترو إلى رأس السلطة في كوبا.
    وفي تلك الأثناء قدم مجلس الأمن القومي الأميركي عدة اقتراحات من أجل إنشاء لجنة سرية دخلت التاريخ فيما بعد باسم «اللجنة الأميركية من أجل إعداد خطط للإطاحة بالنظام الشيوعي في كوبا».
    وكان التوجيه الثاني للجنة 5412 في مجلس الأمن القومي ينص على التركيز على نقاط أربع أساسية هي: ترقب تشكيل حكومة كوبية في المنفى والانطلاق بحملة دعاية كبيرة وإيجاد شبكة عملياتية في الجزيرة ـ كوبا ـ وأخيراً تدريب قوة شبه عسكرية يمكنها دعم المتمردين الكوبيين.
    وكان على رأس اللجنة 5412 نائب الرئيس آنذاك ريتشارد نيكسون الذي كان يرى به الكثيرون آنذاك رئيس أميركا القادم. ولم يكن الرئيس دوايت ايزنهاور، المعتل الصحة، يطلع على تفاصيل نوايا وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وإنما كان نيكسون هو الذي يشرف على العملية كلها.
    قدمت الوكالة الاستخباراتية خطة للإطاحة بكاسترو إلى ريتشارد نيكسون. وأعطي لها الضوء الأخضر لتجنيد معارضين للنظام الكوبي كانوا يقيمون في المناطق الشاطئية الأميركية.. كانت الخطة تتضمن تدريبهم وتسليحهم وإرسالهم إلى كوبا للشروع بحرب عصابات.. وذلك على خلفية القناعة بأن الجماهير الكوبية لا تنتظر سوى فرصة للانتفاضة والتخلص من كاسترو.
    وقد جرى تكليف «آلن دالاس» رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية آنذاك» بـ «اطلاع» المرشح الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية رغم «القناعة» بعدم فوزه. ولقد أطلعه على توجيه لجنة 5412 دون الخوض في مشاريع غزو الجزيرة.
    كانت هناك مفاجأة عامة عند فوز كيندي بالانتخابات الرئاسية ضد نيكسون.. ويومها خرجت «النيويورك تايمز» بعنوان كبير جاء فيه: «كيندي يطلب من المتمردين الكوبيين مساعدته من أجل الإطاحة بكاسترو».
    لكن كيندي وجد في الواقع مشروع غزو كوبا على مكتبه عندما وصل إلى البيت الأبيض.
    ويرى مؤلف هذا الكتاب انه لم يكن بمقدور كيندي سوى أن ينظر بـ «عين الحذر» على خطة صادرة عن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية،
    لكن كانت هناك أسباب وجيهة كثيرة لدراستها؛ لاسيما وانه لم يكن يريد إثارة الظنون حول إمكانية محاباته لفيدل كاسترو. وكان الخيار الأسهل هو أن يتصرف مثلما كان المسؤولون في البنتاغون، أي قبول الخطط.
    وحاول كيندي أن يوضح موقفه في خطأ شهير يندرج تماماً في نهج آيزنهاور. ومما جاء فيه: «لن تقوم القوات المسلحة الأميركية بأي شكل من الأشكال بالتدخل في كوبا، وسوف تقوم حكومتي ـ أعتقد أن هذه هي مهمتها ـ ببذل كل جهودها للتأكد من عدم مشاركة أي أميركي في العمليات بالجزيرة (...) إن المشكلة الأساسية موجودة في كوبا وليس بين الولايات المتحدة وكوبا. وأنا أنوي السهر من أجل المحافظة على هذا المبدأ واحترامه».
    زادت وكالة الاستخبارات المركزية آنذاك من عدد المنفيين الكوبيين المسجلين على قوائم المرشحين للتدريب ليصل عددهم إلى ما بين 1200 و1400 عنصر ينتظرون إشارة الانطلاق، بقي إقناع الرئيس كيندي وكان عليه أن يعطي قراره بسرعة..
    وفي الواقع لم يتركوا له الخيار، إذ أفهموه أن الاتحاد السوفييتي (السابق) على وشك القيام بتسليح كوبا وأن طائرات «الميغ» هي في طريقها للوصول إلى كاسترو وبعد تدريب طياريه في روسيا.
    وفي النهاية أعطى جون كيندي، مكرهاً إلى هذا الحد أو ذاك، الضوء الأخضر لمشروع غزو كوبا. «وقد كان دون شك القرار السياسي الذي سيأسف على اتخاذه أكثر من أي قرار غيره». انطلقت العملية يوم 17 ابريل 1961 وقد فشلت فشلاً ذريعاً.
    وقد قبل كيندي تحمل مسؤولية ذلك الفشل، لكنه استخلص من ذلك الكثير من النتائج التي لم يكن أقلها «الحذر» من الوكالة الاستخباراتية المركزية الأميركية، وبالمقابل رفض استراتيجيو الوكالة أن يولوه ثقتهم بعد ذلك، يقول المؤلف: في الواقع وصلت العلاقات بين الرئيس الأميركي ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية آنذاك إلى أدنى مستوى لها في أي وقت من الأوقات».
    بل وقالت الوكالة ان «الرئيس كان قد وعد بتقديم دعم جوي ولم يف بوعوده عند اللحظة الحاسمة»، لتبدأ حرباً من التصريحات وصلت إلى حد نقل المؤلف عن الرئيس كيندي قوله انه «سوف يقطع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إرباً إرباً ويلقي بها في مهب الرياح»، باختصار قام جو من الحذر «المتبادل» كانت له نتائجه المأساوية متمثلة في عدة «ضربات».
    استهدفت الضربة الأولى «مارلين مونرو» التي أقامت علاقات عاطفية مع الرئيس جون كيندي ثم مع أخيه روبرت كيندي. وكانت «الضربة الثانية» موجهة لجون كيندي الذي اغتيل في ولاية دالاس يوم 22 نوفمبر 1963.
    ويلخص المؤلف ما قيل عن العملية كلها بمثل شعبي يقول: «لا تصدق كلمة من كل ما يقال لك وصدق فقط نصف ما تراه»، وهذا ما يريد البرهنة عليه عبر القرائن والبراهين.. وضربة ثالثة استهدفت السناتور روبرت كيندي ومثل شعبي آخر: «ان نصف الحقيقة هي غالباً كذبة كاملة».





  9. #24
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]أميركا المطلقة الصلاحيات
    ثورة بوش في السياسة الخارجية


    *الكتاب: أميركا المطلقة الصلاحيات: ثورة بوش في السياسة الخارجية
    تأليف :إيفو ه. دالدير
    *الناشر:جون وايلي وأولاده نيويورك 2005
    *الصفحات:259 صفحة من القطع الكبير
    AMERICA UNROUND:THE BUSH
    REVOLUTION IN FOREIGN POLICY
    IVO H. DAALDER
    JOHN WILEY AND SONS
    NEW YORK 2005
    P. 259
    [/align]

    مؤلف هذا الكتاب هو إيفو ه. دالدير العضو في مركز البحوث الشهير في واشنطن باسم معهد بروكنغز. وهو مركز مختص ببلورة الأفكار السياسية الجديدة عن شتى مناطق العالم وتقديمها إلى الإدارة الأميركية لكي تكون مطلعة على الأمور وتتخذ قراراتها على هدي من أمرها.
    وكان دالدير مديرا سابقاً للشؤون الأوروبية في ظل عهد الرئيس السابق بيل كلينتون، كما كان عضواً في مجلس الأمن القومي.
    وبالتالي فهو من أكثر المطلعين على شؤون السياسة الخارجية الأميركية وشجونها. يتألف الكتاب من مقدمة عامة واثني عشر فصلاً مرفقة بالهوامش والمراجع في النهاية. ويتخذ الفصل الأول العنوان التالي «ثورة بوش» والمقصود بذلك أنه أحدث قطيعة في السياسة الخارجية الأميركية بالقياس إلى من سبقوه.
    فوالده مثلاً أو حتى بيل كلينتون كانا يتبعان المنهج الواقعي أو الدبلوماسي في العلاقات مع الدول الأخرى وليس منهج القوة والضرب.
    أما هو فقد أخذ يتبع سياسة القوة والعصا الغليظة والتدخل العسكري في شؤون العالم، والحال هو أنه كان واقعياً مثل أبيه في السياسة الخارجية قبل ضربة 11 سبتمبر. ولكن أصبح ثورياً راديكالياً متطرفاً بعدها كرد فعل على مقتل ثلاثة آلاف شخص في البرجين التوأمين لمركز التجارة العالمي.
    أما في الفصل الثاني من الكتاب فيتحدث المؤلف عن جورج بوش والبراكين. والمقصود بذلك علاقاته مع صقور واشنطن من أمثال نائب الرئيس تشيني، وكوندوليزا رايس، ودونالد رامسفيلد، وبول وولفويتز، الخ.
    وقد دعوا بالبراكين نظراً لأرائهم المتفجرة والمتطرفة فيما يخص السياسة الخارجية، فهي قائمة على استعراض العضلات والتخويف أكثر مما هي قائمة على الحوار والاقناع بواسطة الأساليب السلمية والدبلوماسية.
    ثم يتحدث المؤلف في الفصول التالية عن رؤية بوش للعالم، وتشكيله لفريق العمل الذي يشاركه في إدارة شؤون الدولة، والشهور الأولى في حكمه، وضربة 11 سبتمبر، والانعطاف الذي حصل لديه بعدئذ. كما ويتحدث عن الخطوط العريضة لعقيدة بوش الاستراتيجية، الخ.
    باختصار فإن القارئ يصبح أكثر دراية بخفايا السياسة الأميركية وبواعثها العميقة بعد قراءة هذا الكتاب المهم.
    ويرى المؤلف أن بوش ليس غبياً في السياسة الخارجية على عكس ما صوروه. ربما كان كذلك في الشهور الأولى من حكمه، ولكنه بعد ضربة 11 سبتمبر أصبح رجلاً آخر ودخل التاريخ كشخص جديد يعرف ما يريد بالضبط ويحمل تصوراً متكاملاً عن العالم.
    ويدحض المؤلف أيضاً الفكرة الشائعة: وهي أن بوش ما هو إلا ألعوبة في يد مستشاريه من المحافظين الجدد أو سواهم كريتشارد بيرل أو ويليام كريستول أو بول وولفويتز على العكس فإن القرارات الصعبة هو الذي يتخذها بنفسه وهو الذي وضع الخطوط العريضة للسياسة الخارجية الأميركية.
    ثم يردف المؤلف قائلاً: وسواء كنا مع الرجل أو ضده فإنه موهوب في هذا المجال ويمتلك رؤية متماسكة عن السياسة الخارجية والقضايا العالمية الكبرى. وأهم خصيصة من خصائص ثورته في مجال السياسة الخارجية هو أنه حرر أميركا من التبعية لحلفائها الأوروبيين وغير الأوروبيين وعرف قدرها ومكانتها وجبروتها.
    وراح بالتالي يمارس سلطته على العالم كله بدون أي منازع أو منافس. وهذا ما يدعى بالممارسة الأحادية الجانب للسلطة العالمية أو الاستفراد بالقرارات الكبرى التي تخصها. فأميركا، وأميركا وحدها، هي التي تقرر مصير العالم.
    في السابق كان رؤساء أميركا يستشيرون حلفاءهم الأوروبيين ويشركونهم في اتخاذ القرارات المهمة. أما هو فيطلب منهم شيئاً واحداً: أن يتبعوه. وقد طرح على الجميع السؤال التالي: إما أن تكونوا معنا أو مع الإرهابيين، ولا خيار ثالثاً لكم.
    ثم يردف المؤلف قائلاً:
    ولكن بوش على عكس ما نتصور يحاول أن يقيم التوافق بين سياسته والقانون الدولي بقدر الإمكان. بالطبع فإذا كان التوافق متعذراً كما هو عليه الحال فيما يخص حرب العراق فإنه يفضل مصالح أميركا ويستفرد بالقرار ويضرب عرض الحائط بالأمم المتحدة والقانون الدولي وكل شيء.
    وهكذا أصبحت أميركا فوق القانون في عهده. فهو يريد أن يمارس جبروته بدون أي عائق لكي يستطيع أن يحقق أهدافه بكل حرية. وذلك لأنه يعرف أن أميركا تمتلك القوة الكافية لسحق معارضيها أينما كانوا. فلماذا إذن يهتم بآراء الأوروبيين أو غير الأوروبيين؟ لو كانوا محله. أو لو كانوا يمتلكون القوة الضاربة لأميركا لفعلوا الشيء نفسه.
    يضاف إلى ذلك أن بوش يعتقد أنه لو تساهل مع خصومه بعد ضربة (11) سبتمبر لاتخذوها علامة ضعف أو دلالة على الجبن. وبالتالي فأفضل طريقة لكي يطيعك العالم أو لكي تظل هيبة أميركا محفوظة هو أن ترهب أعداءها وتستخدم القوة الضاربة ضدهم. وهذه هي أفضل طريقة لكيلا تتكرر عملية (11) سبتمبر في رأيه.
    فالناس لا يحترمون إلا القوة. وهذا قانون تاريخي صالح لكل العصور والأزمان والامبراطوريات. ربما أن أميركا تمتلك كل أنواع القوة العسكرية والتكنولوجية والاقتصادية، فماذا تحرم نفسها من استخدامها؟!
    ويرى بوش أنه لو استخدم الرئيس السابق بيل كلينتون لغة القوة مع جماعة القاعدة والأصوليين منذ الضربة الأولى لمركز التجارة العالمي لما استخفوا بقوة أميركا ولما هاجموها مرة ثانية في 11 سبتمبر وبالتالي فألحت على بيل كلينتون الذي اكتفى بإرسال بعض الصواريخ إلى صحراء أفغانستان كرد على التحرش بأكبر قوة عسكرية في العالم! لقد كان جباناً رعديداً، أما هو فلن يكون.
    أما هو، أي بوش الكاوبوي في تكساس فلن ينام على الضيم ولن يسكت على الأذى بعد اليوم، وبدلاً من أن ينحني أمام العاصفة إنه سيرهب الإرهابيين لأنهم لا يفهمون إلا لغة القوة.
    هذا هو النابض الحقيقي لسياسة بوش الخارجية، هنا يكمن المحرك الأساسي لكل قراراته وأعماله.
    ولهذا السبب فإنه وضع مسألة الحرب الوقائية أو الاستباقية في مقدمة عقيدته الاستراتيجية فأميركا بدءاً من الآن فصاعداً لن تنتظر حتى يضربها عدوها لكي ترد عليه وإنما ستحاول أن تضربه قبل أن يضربها. لا ريب في أن بوش بسياسته المتشددة هذه تبنى المواقع الايديولوجية الأكثر تطرفاً للمحافظين الجدد.
    ومعلوم أنه كان بعيداً عنهم ولا يهتم بآرائهم قبل 11 سبتمبر، ولكنه بعد الضربة أصبح واحداً منهم، أو قل أصبح رئيسهم لا أكثر ولا أقل. نقول ذلك ونحن نعلم أن المحافظين الجدد هم الذين نصحوا ريغان باستخدام القوة للاطاحة بامبراطورية الشر:
    أي الاتحاد السوفييتي، وهم الذين فكروا منذ عام 1990 بإطاحة نظام صدام عن طريق عمل عسكري كبير. ولكن بيل كلينتون سخر منهم ومن أفكارهم واعتبرهم مجموعة من المهووسين المجانين.
    والواقع أنه لولا ضربة 11 سبتمبر لما كان لهم أي حظ في الوصول إلى سدة السياسة الأميركية والإحاطة ببوش من كل الجهات أو إقناعه بصواب اطروحاتهم فيما يخص السياسة الخارجية. ثم يردف المؤلف قائلاً:
    ولكن بوش حتى قبل ضربة 11 سبتمبر كان مستعداً للانعطاف بالسياسة الخارجية الأميركية كل هذه الانعطافة الكبرى ثم جاءت الضربة لكي تعطيه الحجة والباعث لكي يقوم بثورته الراديكالية هذه، وبالتالي فيمكن القول إن الظروف تصنع الرجال بقدر ما تصنع الرجال الظروف. وهذا الأمر ينطبق على كل العصور والقادة السياسيين أو العسكريين.
    فقبل أن يصبح رئيساً كانت رؤياه للعالم تقوم على الركائز التالية:
    1- الولايات المتحدة لن تتدخل في الشؤون العالمية إلا إذا كانت مصالحها الحيوية مهددة.
    2- العالم الذي نعيش فيه خطر ومليء بالذئاب، إنه يشبه عالم الغاب والوحوش، وبالتالي فإذا لم تكن وحشاً أكلتك الوحوش!.
    3- الولايات المتحدة هي العامل الرئيسي الذي يحرك السياسة الدولية، بعدئذ تجيء أوروبا، والصين، وروسيا، واليابان، والهند، الخ.
    4- لكي تستطيع أميركا أن تدافع عن مصالحها الخارجية ينبغي أن تمتلك الإرادة والعزم بالإضافة إلى أكبر قوة عسكرية في العالم.
    5- على أميركا ألا تشعر بالخوف تجاه أي جماعة أو قوة أخرى في العالم كائنة من كانت، على العكس ينبغي عليها هي أن تخيف الآخرين لا أن يخيفوها.


    هذه هي الملامح العريضة لاستراتيجية بوش، ونلاحظ أنها تعاني من نقاط ضعف كثيرة على الرغم من وجاهتها، فهي لا تأخذ بعين الاعتبار الأسباب الأساسية للأزمات التي يعاني منها عالمنا المعاصر.





  10. #25
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center][/align]

    [align=center] بندر بن سلطان تاجر السلاح الذي تحول الى رجل سلام [/align]

    واشنطن - الوطن - خاص - يصف كاتب أميركي الأمير السعودي بندر بن سلطان بأنه رجل التناقضات وابن الخادمة غير الشرعي من الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي لمع نجمه على المستوى الديبلوماسي وأنجز أكبر صفقات التسلح.
    ففي كتاب يصدر عن دار "هاربر كولينز" قريباً في أميركا كتاب بعنوان الأمير: القصة السرية لأكثر الملكيين تعقيداً في العالم: الأمير بندر بن سلطان لمؤلفه William Simpson،وهو سيرة ذاتية للأمير بندر، يكشف الكاتب لأول مرة الستار عن حياة مذهلة وغير عادية عاشها رجل التناقضات سواء داخل القصر الملكي في الرياض أو في التزلج على الجليد بجبال مدينة أسبين بولاية كولورادو أو في ممارسة لعبة السياسة مع زعماء العالم.
    ويصف الكتاب الأمير بندر بأنه ابن غير شرعي للأمير سلطان بن عبدالعزيز من إحدى الخادمات، لكنه تجاوز بداياته غير المعترف بها ليرتقي في مناصب القوات الجوية الملكية السعودية ويصبح أحد ألمع نجوم الديبلوماسية في السعودية بعد أن عمل مع الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر في تأمين صفقة بيع طائرات F15 للمملكة والدور المؤثر الذي لعبه خلف الكواليس للمساعدة في الحصول على موافقة الكونغرس على معاهدة قناة بنما الأمر الذي أهّله ليعمل سفيراً للمملكة في واشنطن من عام 1983م وحتى 2005م.
    ويذكر الكتاب أن بندر بوصفه سفيراً للسعودية عمل مع الرئيس السابق رونالد ريغان ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية Bill Casey لكسب الحرب الباردة بمساعدة البترودولارات السعودية، كما لعب دوراً حيوياً في بعض أهم الأحداث العالمية مثل فضيحة بيع الأسلحة الأميركية لإيران مقابل الإفراج عن رهائن أميركيين محتجزين في لبنان عام 1985م وإقناع الرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشوف بسحب جيشه من أفغانستان والمشاركة في المفاوضات من أجل إنهاء الحرب الإيرانية العراقية.
    ويصف الكتاب بندر بأنه باحث عن الملذات ورجل فاحش الثراء لكنه مع ذلك رجل مخلص لأسرته وخبير في المراوغة والتضليل، لكنه متحدث مباشر حاز على ثقة العالم باعتباره رجل سلام مع أنه أكبر تاجر سلاح في العالم، ليبرز خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي كأحد أكبر القوى المحركة للسياسة الخارجية الأميركية.







  11. #26
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center][/align]
    [align=center][align=center]الذات عينها كآخر[/align][/align]


    [align=center] الكتاب: الذات عينها كآخر

    المؤلّف: بول ريكور

    ترجمة: جورج زيناتي

    الناشر: المنظمة العربية للترجمة ـ بيروت ٢٠٠٦
    [/align]




    يعتبر هذا الكتاب مساهمة أصيلة في الفكر السياسي الذي يحاول أن يشق طريقاً جديدة، عبر الطرق المعبّدة التي يسير عليها اليسار، المتشبث بوجود قوانين جامدة يخضع لها التاريخ. ويحاول أن يفتح أفق الحاضر أمام الممارسة اليومية وكل تناقضات مثل هذه الممارسة، ومواجهتها شتى أنواع القلق الحقيقي، في عالم أخذت الفلسفة الوجودية تحتل فيه حيزاً ضخماً.

    يؤكّد المؤلّف منذ البداية، أنه يحاول أن يملأ نقصاً كان قد وقع فيه، حين أهمل الزمان والسرد، وفي الذات عينها كآخر، الذاكرة والنسيان اللذين يشكّلان مستويين متوسطين بين الزمان والسرد. القسم الأول مكرّس لدراسة الذاكرة من الناحية الشخصية والناحية الجماعية، دراسة «فينومينولوجية»؛ وينتقل بعد ذلك إلى دراسة التاريخ الذي لا يواجهه مع السرد القصصي كما فعل في الزمان والسرد، ولكن على الصعيد الإبستمولوجي «المعرفي» على قدرته أن يمثّل الماضي الذي كان قد مضى ومات، ليؤكّد حدود كل معرفة تاريخية، إذ إن المؤرّخ الذي ينطلق من الوثائق والمحفوظات، يحتاج أن ينتقل إلى التفسير وإيجاد الأسباب من أجل أن يفهم الحدث. وهنا. من أجل أن يكون التاريخ الذي يكتبه يمثّل الماضي، فإنه يقع في فخّ الذاكرة المستندة إلى الصورة الباقية، مما كان قد فات. ومن هنا أيضاً، فإن كل إغراءات السرد والكتابة تتربص بالكاتب من كل جانب، وإن المؤلّف يلجأ إلى تأويليته التي يدعوها الوضع التاريخي، والتي تشكّل الجزء الثالث والأخير من الكتاب.

    يعتقد ريكور أن الفلسفة هي إعطاء معنى للحياة أي أنها معادلة بين ذات ومعنى، وهذه الذات ليست بمفهوم مجرّد، بل هي ذات منغمسة بالممارسة والفعل، أي أنها تملك إرادة حرّة لتنفّذ مشاريعها التي تتصوّرها في البداية.. ومن هنا، فإن كل فلسفة ريكور انطلقت من تحليل هذا المشروع الحسّي الملموس، كما رأينا في فلسفة الارادة. غير أن هذه الإرادة تنغمس في الشرّ، فكان لا بدّ من تحليل هذه البيئة، وكيف عبّرت الثقافات عن هذا الولوج في الارادة المستعبدة في غرورها.

    ريكور يحب السفر والتنقّل والانفتاح على الآخر، وقد بحث في كل رحلاته الفلسفية عن معنى حياته، وعن هذه الذات التي آمن ببراءتها، وأنها كالحب الذي يظلّ ناعماً مهما قسا، حيث نسمع أنغام نشيد الحب، خصوصاً حين نعرف أن هذا الكتاب يشكّل في نظر صاحبه التكملة الأخيرة لسلسلة كتبه المهمة التي بدأت مع الاستعارة الحيّة لتمتدّ إلى الزمان والسرد، ثم إلى الذات عينها الآخر. ترجم الكتاب جورج زيناتي وصدر عن المنظمة العربية للترجمة في بيروت ٢٠٠٦.

    أخيراً يرى بعض النقاد أن صدور ترجمة هذا الكتاب إلى العربية اليوم، يكتسب أهمية كبرى في هذه المرحلة العصيبة التي تمرّ فيها المنطقة، لكونه يلغي الهوّة بين الناس أجمعين، انطلاقاً من التأكيد أن الهويّة لا يمكن أن تُوجد، إلاّ عبر الاختلاف، مما يعني أن رفض الآخر هو تدميرٌ نهائي للأنا.





  12. #27
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center][align=center]ثقافة الرأسمالية الجديدة [/align][/align]

    [align=center]*الكتاب:ثقافة الرأسمالية الجديدة
    *تأليف :ريتشارد سينيت
    *الناشر: مطبوعات جامعة ييل 2006
    *الصفحات: 214 صفحة من القطع الكبير
    The culture of new capitalism
    Richard Sennett
    Yale University Press 2006
    p.214

    [/align]

    مؤلف هذا الكتاب هو البروفيسور ريتشارد سينيت الأستاذ المحاضر في كلية لندن للاقتصاد وفي جامعة نيويورك في آن معا. وهو أحد علماء الاجتماع المعروفين في العالم الأنغلو-ساكسوني. وكان قد نشر سابقا عدة كتب نذكر من بينها: دراسة في الاحترام، كرامة الإنسان في عالم يسوده الظلم واللامساواة (2003).
    وهو يعتبر الآن أحد كبار النقاد الاجتماعيين أو المفكرين النقديين على مستوى أوروبا كلها، وبالتالي فهو يندرج في خط ميشيل فوكو، وبيير بورديو، ويورغان هابرماس، وكبار المفكرين الآخرين.
    وفي هذا الكتاب الجديد يدرس المؤلف تحولات الرأسمالية منذ الستينات في القرن العشرين وحتى اليوم. وهو يقول منذ البداية بما معناه: لقد اشتهرت الستينات بانفجار الثورة الطلابية والجنسية والتحررية على كافة الأصعدة والمستويات في مجتمعات الغرب. ويمكن أن نقول الشيء ذاته عن الانتفاضات العمالية ضد أرباب العمل والرأسماليين.
    ومعلوم أن الرأسمالية كانت آنذاك متحجرة وقمعية. وكانت تسجن الناس في مؤسساتها البيروقراطية أو في مصانعها التي تشبه الأقفاص الحديدية والسجون. وكان الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو أول من انتبه إلى هذه الظاهرة ودرسها من خلال كتبه الشهيرة: تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي، أو الجريمة والعقاب، وتاريخ الجنس، الخ.
    وقال ان الحداثة ارتدت على نفسها في عصر التوسع الرأسمالي. فبدلا من أن كانت تحررية في البداية أصبحت قمعية واستلابية في النهاية. وهكذا كشّرت الحداثة عن أنيابها وأخذت تطوّع الناس أجسادا وأرواحا عن طريق المؤسسات الرأسمالية: كالسجن، والمدرسة، والمصح العقلي، والمصنع، وبقية مؤسسات الدولة البيروقراطية. هذا دون أن نتحدث عن البوليس والأجهزة الأمنية التي تراقب الناس في كل شاردة وواردة.
    ثم يردف المؤلف قائلا: وقد نبه ميثاق اليسار الجديد في أميركا وأوروبا إلى الحقيقة التالية: وهي أن الأنظمة الشيوعية، والأنظمة الرأسمالية تسجن الناس في أقفاص من حديد سواء بسواء. وبالتالي فلا يوجد فرق يذكر بين الشيوعية والرأسمالية من هذه الناحية. ولكن هنا يطرح سؤال نفسه: إذا كان الأمر كذلك فلماذا سقطت الشيوعية إذن ولم تسقط الرأسمالية؟
    ألا يعني ذلك أن هناك فرقا بينهما؟ في الواقع أن الرأسمالية على الرغم من وحشيتها واستغلالها للإنسان إلا أنها كانت تترك للإنسان هامشا معينا من الحرية.
    ولهذا السبب سقطت الأنظمة الاشتراكية ذات الخطط الخمسية الفاشلة اقتصاديا وبقيت الأنظمة الرأسمالية التي عرفت كيف تتأقلم مع الظروف والمستجدات الطارئة. كما وعرفت كيف تشبع طبقة العمال البروليتارية الرثة وتؤمن لها حياة استهلاكية معقولة على الرغم من الاستغلال الكبير الذي تتعرض له.
    والواقع أن هدف قادة العالم الرأسمالي اليوم كما قادة اليسار الأوروبي سابقا هو التخفيف من صرامة أو قساوة النظام البيروقراطي الذي يتحكم بالناس أو يضغط عليهم ويكاد يخنقهم خنقا. وهنا يكمن الفرق بين الرأسمالية القديمة والرأسمالية الجديدة.
    ثم يردف المؤلف قائلا:
    كان اليساريون من أمثالي يحلمون في الستينات بعصر تزول فيه البيروقراطية الرأسمالية وتتفكك المؤسسات أو الشركات الكبرى التي تسحقنا سحقا لكي تحل محلها أماكن عمل جديدة أكثر إنسانية. ولكن هذا الحلم لم يتحقق بعد أربعين سنة إلا جزئيا جدا في الواقع.
    صحيح أن ظروف العمل أصبحت أفضل بالنسبة للعامل. صحيح أنه حصل على حقوق جديدة ما كان يحلم بها سابقا، ولكن أماكن عمله اليوم تشبه محطات السيارات والكراجات أكثر مما تشبه القرى والمزارع والأماكن الإنسانية الجميلة التي كنا نحلم بها.
    وهكذا تحطمت المؤسسات الكبرى وتحطمت حياتنا معها. نقول ذلك على الرغم من أن الخمسين سنة الماضية كانت حافلة بالإنجازات الاقتصادية التي لا سابق لها ليس فقط في الغرب الأوروبي الأميركي وإنما أيضا في آسيا وأميركا اللاتينية. نعم لقد تزايدت ثروات البشرية أضعافا مضاعفة طيلة هذه الفترة المزدهرة من تاريخ البشرية، ولكن المشكلة هي أن توزيع الثروة خاطئ أو قل غير عادل على الإطلاق.
    إنه غير عادل على مستوى الدول والمناطق وغير عادل داخل كل دولة وكل منطقة على حدة. فالثروة متراكمة ومتمركزة أساسا في أميركا الشمالية، واليابان، وأوروبا الغربية.
    في هذه المناطق الثلاث توجد ثلاثة أرباع أو حتى أربعة أخماس الثروة العالمية. نقول ذلك على الرغم من أن عدد سكانها لا يتجاوز المليار شخص على أكثر تقدير.
    وبالتالي فهذا المليار يمتلك 80 بالمئة من الثروة البشرية، في حين أن الخمسة مليارات الأخرى لا تمتلك إلا عشرين بالمئة! هنا تكمن المشكلة الأساسية للرأسمالية الجديدة التي تحكم العالم اليوم.
    ثم نلاحظ أن الظلم والتفاوت الصارخ في الثروة سائد داخل كل الدول غنية كانت أم فقيرة. بل وحتى في بلد غني جدا كالولايات المتحدة يوجد أكثر من أربعين مليون شخص يعيشون تحت مستوى خط الفقر.
    وهناك مليار شخص تقريبا على حافة الجوع: أي يعيشون على أقل من دولار في اليوم. وهناك مليار آخر أفضل قليلا، وبالتالي فإن أزمة عالم اليوم تعود الى سوء توزيع الثروة وليس إلى نقص الثروة وزيادة عدد البشر كما يزعم بعضهم من أتباع مالتوس.
    فالكرة الأرضية بثرواتها الحالية تستطيع أن تطعم اثني عشر مليار شخص وليس فقط ستة مليارات شخص، أي عدد سكان العالم حاليا.
    ثم يتحدث المؤلف عن تجربته الشخصية ويقول بما معناه: لقد كنت أنتمي إلى ما يدعى في الولايات المتحدة أثناء الستينات من القرن الماضي باليسار الجديد. وبعدئذ انخرطت في دراسات سوسيولوجية ميدانية لفهم طبيعة المجتمع الأميركي والرأسمالية المعاصرة.
    وتركزت تحرياتي الميدانية على العائلات العمالية في مدينة بوسطن، وهي عائلات تنتمي إلى الجيل الثاني أو الثالث من المهاجرين إلى أميركا. وقد نتج عن ذلك كتاب بعنوان: الظلم الطبقي الفاحش المخبوء. لم يكن هؤلاء الناس مظلومين أو مقموعين من قبل البيروقراطية وإنما كانوا مترابطين مع بعضهم البعض بعرى مؤسساتية وثيقة وقوية.
    فقد كانت هناك نقابات عمالية مستقرة، وشركات كبيرة، وأسواق ضخمة لكي ترشدهم إلى عملهم وإلى ما ينبغي أن يعملوه. وضمن هذا الجو كان أبناء الطبقة العمالية يحاولون جاهدين أن يخلعوا معنى على موقعهم الاجتماعي داخل المجتمع الأميركي:
    أي داخل مجتمع لا يعترف نظريا بالتفاوتات الطبقية ولا يحتقر أبناء الطبقات الشعبية كما يحصل في فرنسا مثل أو معظم بلدان أوروبا.فهناك توجد حواجز هائلة ولا يمكن اختراقها بين طبقة الأرستقراطية، وطبقة البورجوازية، وطبقة الشعب.
    ولكن الكلام شيء والفعل شيء آخر. فالواقع أن المجتمع الأميركي ظالم جدا وقاس بالنسبة للفقراء أو لأولئك الذين لم ينجحوا في الحياة كما يقال.
    إنه بلد مليء بآلاف المليارديريين وعشرات الآلاف من المليونيريين وربما أكثر. ولكنه أيضا بلد الفقر المدقع لأولئك الذين تركتهم الرأسمالية الجديدة (أو الليبرالية الجديدة) على حافة الطريق.
    وبالتالي فالعولمة الأميركية ظالمة ومجحفة ليس فقط بالنسبة للشعوب الأخرى، وإنما أيضا للشعب الأميركي نفسه.
    ويمكن أن نقول الشيء ذاته بالنسبة للعولمة الأوروبية وإن بدرجة أقل لأن الرأسمالية الأوروبية أقل وحشية وقسوة من الرأسمالية الأميركية.
    ففي أوروبا هناك الضمان الصحي والضمان الاجتماعي ويحق لأي شخص أن يتداوى حتى ولو لم يكن يمتلك في جيبه فلسا واحدا. وبالتالي فالمجتمع الأوروبي يظل أكثر إنسانية من المجتمع الأميركي، بلد الرأسمالية بامتياز.





  13. #28
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]تشيني رئيس أميركا الفعلي [/align]


    [align=center][/align]

    - الكتاب: ديك تشيني، رئيس أميركا الفعلي
    - المؤلف: جون نيكولز
    -ترجمة: محمود برهوم، رغدة محمد، حسن عزيزية
    - عدد الصفحات: 200
    - الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت
    - الطبعة: الأولى/2006


    عرض/ إبراهيم غرايبة

    لا يتعرض هذا الكتاب للسيرة الذاتية لديك تشيني بالتفاصيل، بقدر ما يعرض كيف يمكن لرجل يملك المؤهلات بالمقاييس التقليدية التي تؤهله للوصول إلى أعلى سلطة في الولايات المتحدة الأميركية، ولكنه سلك طريق السلطة والتأثير من وراء الكواليس عبر منح ولائه للرجال الذين لا يستحقونه، وللسياسيين الذين لم يعملوا أبدا، ولأوهام الحكم العالمي التي لم يكن يحملها سوى المصابين بجنون العظمة، والشركات الكبيرة التي تجني من الحرب أكثر مما تجني من السلم.

    من وراء الكواليس

    قد يحمل جورج ووكر بوش لقب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولكن الصلاحيات الفعلية بيد ديك تشيني، وهو شخصية مبهمة قضى أربعة عقود يثبت وبهدوء حقيقة ملاحظة أوليفر ويندل هولمز بأن "الجائزة التي يهتم بها الرجل القوي هي القوة".

    لقد حقق تشيني قوته بالطريقة القديمة: تحفز وتآمر، إذعن وتنازل، فأصبحت المصالح الاقتصادية والعسكرية والسياسية المهيمنة التي توجه الولايات المتحدة، وبالتالي توجه العالم، مقتنعة بأنه يمكن الوثوق به وتسليمه مفاتيح المملكة.

    إن تشيني المولع بالبقاء وراء كواليس السلطة، والذي يعبر عنه عملاء الجهاز السري دائما، (بالمقعد الخلفي) يملك سيرة ذاتية يمكن أن تؤهله للرئاسة، فقد عمل مساعدا لثلاثة رؤساء، وكان أصغر رئيس لطاقم البيت الأبيض في التاريخ الأميركي، وثاني أقوى عضو في حزبه بمجلس النواب، ووزيرا، ومديرا تنفيذيا لأقوى شركة ذات ارتباطات سياسية.

    ينحدر تشيني من مهاجرين بريطانيين يعودون إلى فترة الحجاج-البروتستانت المتزمتين، وقد نشأ في لينكولن في مراهقته، واستغل المكائد السياسية بشكل جعل رجل نفط محلي يدعى توم ستروك يرى تشيني شابا طموحا.

    فرتب لقبوله في جامعة ييل في بعثة دراسية كاملة في خريف 1959، ولم يستطع النجاح في الجامعة على الرغم من كونه طالبا ممتازا، ولم يتفوق إلا في مادة "العلاقات الأميركية الدولية" فلم يكن باستطاعته أن يحصل على شهادة رابطة الجامعيين مثل كيري أو بوش.

    وانسحب من الجامعة عام 1962، وانصرف إلى حياة اللهو، وفي عام 1963 التحق بكلية كاسبر لفصل دراسي واحد بهدف التملص من الخدمة العسكرية، وبدأت حياته السياسية بعد ذلك بسنوات عندما عمل مساعدا مع النواب الجمهوريين ليصل إلى مرتبة رئيس موظفي البيت الأبيض، واختاره بوش الأب وزيرا للدفاع عام 1989، ثم رئيسا لشركة هاليبرتون.

    كان تشيني ورمسفيلد صديقين عملا معا منذ أوائل السبعينيات مع الجمهوريين، وكان معروفا في فترة نيكسون بأنه مساعد رمسفيلد ورجله التابع، وبينما كانت رئاسة نيكسون تنهار كان تشيني يعمل بشكل خفي جدا مع شركة برادلي ووودز وهي شركة في واشنطن تقدم الاستشارات للبنوك الاستثمارية.

    [align=center]"
    [frame="1 80"]حقق تشيني قوته بطريقة: تحفز وتآمر، إذعن وتنازل، فأصبحت المصالح الاقتصادية والعسكرية والسياسية المهيمنة التي توجه الولايات المتحدة، وبالتالي توجه العالم، مقتنعة بأنه يمكن الوثوق به وتسليمه مفاتيح المملكة
    "
    [/align][/frame]

    وعندما تولى فورد الرئاسة خلفا لنيكسون عام 1974 اختار رمسفيلد رئيسا لموظفي البيت الابيض الذي اختار تشيني نائبا له، ثم أصبح رئيسا عندما انتقل رمسفيلد إلى الوزارة، وكان هذا الثنائي أهم مساعدي الرئيس بوش.

    ومع أن تشيني كان يسعى إلى البقاء بعيدا عن الأنظار، وهو موقف أكسبه اسمه الرمزي في الجهاز السري في منتصف السبعينيات "المقعد الخلفي" فإنه بتوليه منصب رئاسة موظفي البيت الأبيض أصبح في الواجهة، وكان صعودا يمثل دليلا على شخص يمكن أن يصل إلى القمة بفضل رغبته بالاهتمام بالأعمال الصغيرة التي يتجنبها عادة الأشخاص ذوو النفسيات المترفعة، وكانت ترقية تشبه إسناد وظيفة رئيس تحرير إلى أحد المحررين.

    وكان تشيني وراء تحويل الحزب الجمهوري إلى اليمين لكسب ولايات الجنوب في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 1976، وهي الفكرة التي أدت إلى فشل فورد ونجاح منافسه الديمقراطي كارتر.

    صمود تشيني السياسي

    ما الذي يجعل مانديلا الذي صادق سجانيه، وغفر لأعدائه، وشارك جائزة نوبل مع قائد آخر حكومة تمييز عرقي، يعبر عن الكراهية لتشيني؟ لقد كان تشيني يتحرك في الكونغرس ضد الضغط على جنوب أفريقيا لوقف سياساتها العنصرية وإطلاق سراح السجناء السياسيين.

    وأن يظل كثير من الأميركيين غير مدركين لتطرف تشيني الأيديولوجي أمر يوفر شاهدا على انهيار الصحافة السياسية الجادة في الولايات المتحدة، ورغم كل المحاولات لتصوير نفسه بأنه مشرّع دمث الخلق مهتم بالتفاهم فإن الحقيقة هي أن تشيني كان يكن احتراما ضئيلا للكونغرس أو أعضائه.

    وحتى حين كان يخدم في مجلس النواب، فإنه كان يكافح لتقويض قدرة الفرع التشريعي على محاسبة الفرع التنفيذي، أشارت أليه واشنطن بوست بأنه معتدل، وبدلا من الاحتفال بحظه بإبقاء آرائه المتطرفة تحت رادار الصحافة الوطنية، أمر تشيني أحد مساعديه بالاتصال بصحيفة البوست ومطالبتها بتصويت.

    واستذكر المساعد وهو ديف غرين، أن تشيني قال: أرجو أن تتصل مع البوست وتخبرها بأنني محافظ، ألا يتفحصون سجل تصويتي؟ إن لي سجل تصويت ويجب أن ينظروا إليه، فكان تشيني يصوت بهدف، فكان يعطي أصواته في مجلس النواب وعينه على زيادة مصداقيته لدى الكتلة المحافظة الصاعدة في الحزب.

    [frame="1 80"][align=center]"
    بعد أن قاد فورد إلى الهزيمة في عام 1976 كان تشيني بضاعة تالفة سياسيا، فقد ترك البيت الأبيض وعاد إلى شركة برادلي وودز, لكنه نجح في الانتخابات الجمهورية بعد ذلك، ومع نهاية الثمانينيات تم انتخابه رئيسا للمؤتمر الجمهوري في مجلس النواب
    "
    [/align][/frame]

    وبعد أن قاد فورد إلى الهزيمة في عام 1976 كان تشيني بضاعة تالفة سياسيا، فقد ترك البيت الأبيض عندما غادره فورد، وعاد إلى شركة برادلي وودز، ومن حسن حظ تشيني أن تينو رونكاليو يحن إلى موطنه، النائب الديمقراطي من ويومنغ والذي بلغ الستينات من عمره أعلن عن رغبته في التقاعد.

    وفجأة تذكر ديك تشيني مدى رغبته الشديدة الدائمة في تمثيل ويومنغ في مجلس النواب الأميركي، وكان يحتاج للقيام ببعض العمل لإقناع المحافظين بأنه واحد منهم، ونجح في الانتخابات الجمهورية، ومع نهاية الثمانينيات اعتلى تشيني المد اليميني المتصاعد عندما تم انتخابه رئيسا للمؤتمر الجمهوري في مجلس النواب.

    من الهروب من التجنيد إلى وزارة الدفاع

    حانت فرصة تشيني للحصول على منصب وزاري رفيع عندما أراد بوش أن يقيل وزيره جون تاور الذي كان مولعا بالشرب ومطاردة النساء، فطلب بوش مساعديه بطرح بديل موثوق ذي علاقات مع الكونغرس، فجاء اسم ديك تشيني عن طريق برينت سكاوكرفت مستشار الأمن القومي، ووافق الرئيس بسرعة على اقتراح اسم تشيني.

    وبدا أن تشيني ومنذ أيامه الأولى في وزارة الدفاع يهدف إلى الإبقاء على مجمع عسكري-صناعي يخدم مصالحه السياسية والمصالح التجارية للمساهمين في حملته ومستخدميه السابقين.

    في بعض الأحيان كان تشيني يبدو غير متماسك في شغفه بالإبقاء على الحرب الباردة، وذلك بإيجاد عدو آخر غير موسكو، فوافق هو والرئيس الجديد لهيئة الأركان المشتركة "كولن باول" على غزو بنما باعتبار ذلك لعرض العضلات العسكرية التي خاف كلا الرجلين من أن تصبح لينة في فترة ما بعد الحرب الباردة، هذا الغزو لم يكن إلا نذيرا للجهود الأميركية اللاحقة ضد صدام حسين في العراق.

    وفي عام 1992 وضع طاقم تشيني وثيقة سرية لتوجيه التخطيط الدفاعي بدت مثل بيان استعماري من واحدة من القوى الأوروبية الاستعمارية القديمة، حيث أن أميركا في نظرهم لن تقوم فقط بالاستجابة لتهديدات من الخارج بل سوف (تمنع أي قوة معادية من الهيمنة على منطقة يمكن أن تكون ثرواتها تحت سيطرة راسخة كافية لخلق قوة عالمية).

    وقد أدى تسرب وثيقة توجيه التخطيط الدفاعي لأحد مراسلي نيويورك تايمز إلى غضب شديد ربما كان من أهم أسباب فشل بوش في مواجهة بل كلينتون، الحاكم الجنوبي المندفع في منافسته.

    وبعد عشر سنوات أخذ أقوى نائب رئيس في التاريخ الأميركي يحدد المصالح الهامة للولايات المتحدة الأميركية على أنها موجودة في صحاري العراق، حيث أمل ذات يوم في إرسال القوات الأميركية إليها.

    وعندما كان الجيش يتعرض للضغط لتقليص حجمه، فإن خصخصة كل شيء يمكن أن تسمح لوزارة الدفاع بتخفيض مئات الآلاف من الوظائف، مما يلغي الحاجة ليس فقط الأجور وإنما الإسكان والتعليم والرعاية الصحية.. إلخ، وفي الوقت ذاته فإن الخصخصة ستؤدي إلى توجيه مليارات الدولارات إلى حسابات المتعهدين الدفاعيين الذين يمكن أن يشكلوا قوة متنفذة بما يكفي لضمان ألا تواجه ميزانيات الدفاع مرة أخرى تهديد فوائد السلام، وعلى عكس الجنود والبحارة فإن المتعهدين كانوا في وضع يقومون معه بتقديم مساهمات كبيرة للحملة الانتخابية.

    [frame="1 80"][align=center]"
    بدا تشيني منذ أيامه الأولى في وزارة الدفاع يهدف إلى الإبقاء على مجمع عسكري صناعي يخدم مصالحه السياسية والمصالح التجارية للمساهمين في حملته ومستخدميه السابقين
    "
    [/align][/frame]

    وبالنسبة لتشيني كان إغراء مشروعه للخصخصة واضحا: سوف يكون متعهدو الدفاع مسرورين حين يتعلق الأمر بفتح دفاتر شيكات المساهمة للحملة الانتخابية، وفي الشهور التي سبقت نقل البنتاغون إلى حكومة كلينتون المقبلة قام البنتاغون بقيادة تشيني بإعادة تشكيل ساحقة للحكومة، وفي أغسطس/آب 1992 منح شركة براون آند روث وبالتالي لشركة هاليبرتون وبسرعة عقدا لوجستيا من سلاح الهندسة التابع للجيش الأميركي الذي يسمح لها بالعمل إلى جانب الجنود في كل مكان يوجد فيه الجيش.

    وفي السنوات الخمس التالية والتي رأس فيها تشيني الإدارة التنفيذية لشركة هاليبرتون حققت الشركة أرابحا مضاعفة، فقد غرفت 2.3 مليار دولار من الخزينة الأميركية، وذلك يعود إلى قدرة تشيني على الوصول إلى العقود التي كان قد فتح لها الأبواب عندما كان في البنتاغون وإلى علاقاته الخارجية السابقة كوزير للدفاع.

    الرئيس الفعلي لأميركا

    عندما تولى جورج دبليو بوش منصب الحاكم في عام 1995 في تكساس أخذ تشيني يدس نفسه في الدوائر الداخلية للولد وأبيه، وكان متأكدا من أن العائلة ستعطي الترشيح الجمهوري لجورج دبليو، معتقدا أن فرصته معقولة بالفوز.

    والجميع يعرف أن جورج دبليو سيحتاج إلى راع، لأنه كان مهملا، ولم يكن لديه خبرة بواشنطن، وليس لديه خبرة عسكرية سوى وظيفة بلا عمل مع الحرس الوطني الجوي في تكساس، وهي وظيفة ابتدعت لأجله ليبقى بعيدا عن القتال في فيتنام، فكان هناك إدراك شخصي لدى بوش الأب وأعوانه أنه سيكون من الضروري وضع شخص مسؤول عن حكومة الابن.

    أكد الرئيس السابق لابنه أهمية اختيار الشخص المناسب لإدارة البحث عن زميل التذكرة "نائب الرئيس"، يجب أن يكون شخصا على دراية بطرق واشنطن وذا صلة جيدة بالحزب الجمهوري، ومفتاحا للمتبرعين المؤسسين وقاعدتهم العريضة، ومواليا لقبيلة بوش، وهكذا جاء تشيني الذي كان يعرض المساعدة دائما.


    [frame="1 80"][align=center]"
    لم يستطع تشيني أن ينتظر حتى يتولى المسؤولية، فبينما كان بوش ينتظر المحكمة العليا لتأكيد اختياره كرئيس، انطلق تشيني إلى واشنطن ليدير فريق بوش الانتقالي حيث ظهر كمتحدث رسمي باسم بوش ومديره الشخصي والإستراتيجي، أي باختصار رئيسه التنفيذي
    "
    [/align][/frame]

    أعلن بوش أن تشيني سوف يبدأ (استعراضه الشامل والجليل) لمرشحين محتملين للتذكرة، وأوضح بوش قائلا: توصلت إلى رجل دولة مميز وذي خبرة ليقود عملية البحث.

    وبدأت عملية استعراض مؤهلات كثير من المرشحين المثيرين للاهتمام، وبعد عملية فحص وتمحيص مضنية لتشيني الذي كان دائما يضيق الخيارات، بحيث أصبح مفهوما لدى الكثيرين بأن ذلك مضيعة للوقت، كما قال أحد المرشحين.

    وفي الحقيقة كان تشيني قبل أسابيع من إعلان ترشيحه قد اتصل هاتفيا مع بوش الأب حيث ناقشا فكرة تذكرة بوش-تشيني، الذي كان يثمن تشيني عاليا.

    في 25 يوليو/تموز 2000 وفي أوستن تكساس أعلن جورج دبليو بوش أنه قد تبين له "أن تشيني كان أفضل مرشح يمكن أن يجلس إلى جانبي"، وهكذا كان تشيني.

    لم يستطع تشيني أن ينتظر حتى يتولى المسؤولية فبينما كان بوش ينتظر المحكمة العليا لتأكيد اختياره رئيسا، انطلق تشيني إلى واشنطن ليدير فريق بوش الانتقالي حيث ظهر كمتحدث رسمي باسم بوش وهمزة اتصاله القانوني ومديره الشخصي والإستراتيجي، أي باختصار رئيسه التنفيذي.

    كان تشيني يجمع صلاحيات كثيرة جدا وبسرعة كبيرة جدا حتى أنه أرهق نفسه وأصيب بنوبة قلبية، ولم يكن تشيني يظهر كرجل ثان في سلم القيادة حيث وصفه سكوت ريد في برنامج (واجهة الصحافة) بأنه "ربما يكون مثل رئيس الوزراء





  14. #29
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]رؤيتي [/align]

    [align=center][/align]


    - الكتاب: رؤيتي
    - المؤلف: محمد بن راشد آل مكتوم
    - عدد الصفحات: 223
    - الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر/بيروت
    - الطبعة الأولى: 2006



    عرض/إبراهيم غرايبة

    يعرض محمد بن راشد المكتوم حاكم إمارة دبي ورئيس وزراء دولة الإمارات تجربة إمارته دبي بخاصة، ودولة الإمارات بعامة في التنمية والنهضة، وهي تجربة تقوم على تحقيق الامتياز.

    ويسلط الضوء على المقومات الأساسية لصنع التقدم والريادة، خصوصا الرؤية الأصيلة، والقيادة المخلصة، والإدارة الفعالة وفريق العمل القادر على تحويل رؤية القائد إلى حقيقة.


    نبض التنمية

    مع إطلالة كل صباح في أفريقيا يستيقظ الغزال مدركا أن عليه أن يسابق أسرع الأسود عدوا وإلا كان مصيره الهلاك، ويستيقظ الأسد مدركا أن علية أن يعدو أسرع من أبطأ غزال وإلا أهلكه الجوع، لا يهم إن كنت أسدا أو غزالا، فيتعين عليك أن تعدو أسرع من غيرك حتى تحقق النجاح.

    لقد استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ قيامها عام 1971 ترسيخ مكانتها الحضارية والاقتصادية المتميزة، وخلال هذه الفترة كان لدولة الإمارات السبق في عدد كبير من الإنجازات المرموقة على مستويات وحقول عدة، والسباق لا يزال مستمرا.

    إن تنمية الدول وتطويرها لا يمكن أن يحدثا مصادفة، بل بالجهد المتواصل لخدمة المجتمع والوطن والأمة، وإن لم تكن في الطليعة فأنت في الخلف.

    والفشل الحقيقي ليس أن تقع على الأرض، ولكن أن تظل على الأرض عندما يطلب منك الوقوف، والفشل الأكبر هو ألا تريد أن تقف مرة أخرى.

    الاقتصاد عصب الحياة اليوم كما كان في الماضي وكما سيكون في حياة المستقبل، ونحن نعيش في مجتمعات متحضرة، لكن عالم الأعمال يمكن أن يكون مثل غابة السباق فيها اقتناص الفرص وتحقيق الأرباح والتوسع.

    إن انتهاج مبدأ العالمية في التجارة والاقتصاد والعلوم هو خيار العرب وباقي الأمم الإسلامية للوصول إلى الرفعة، ونحن أحوج إليها من أي عصر مضى؟

    وإذا استعرضنا التاريخ الاقتصادي سنجد فيه ملامح واضحة لعصرين إنتاجيين أساسيين، هما العصر الزراعي والعصر الصناعي، وبرزت في العقدين الماضيين مقدمات عصر اقتصادي ثالث يطلق عليه البعض اسم اقتصاد المعلومات.

    هذا الاقتصاد يشكل وضعا عالميا مترابطا يغطي معظم المجالات، ولذلك فإنه عصر العولمة، إنه يتطلب سرعة فائقة من التجاوب ويعتمد على التقنيات العالية القادرة على توفير هذا المستوى المرتفع من التجاوب لذا فإنه عصر التقنية، إنه اقتصاد غير منظور يهتم بالمعرفة والأفكار المبدعة لذا فإنه عصر العقل المبدع.

    [frame="1 80"][align=center]"
    اختيار فريق عمل من المتميزين والناجحين والمبدعين والمتحلين بروح المبادرة لتنفيذ رؤية معينة من أقصر الطرق إلى النجاح
    "
    [/align][/frame]

    مقومات صناعة التنمية

    تتمتع دبي بالإمكانات الكفيلة بتوفير الظروف المناسبة لنجاح الأعمال في الاقتصاد الجديد، وإذا أردنا أن تصبح دبي مركزا رائدا في الاقتصاد الجديد يجب إعادة صياغة مفهوم الحكومة، ويجب أن نتعامل مع الاقتصاد الجديد بأسلوب جديد، وسيكون تطبيق خطة حكومة دبي الإلكترونية خطوة أساسية تتلوها خطوات أخرى.

    وأهم ما في الاقتصاد الجديد هو الفكرة التي تنفذ في وقتها، فيمكن أن نستعجل الأمور حينا وأن نتريث حينا لكن يجب أن نبدأ من نقطة ما وبسرعة ومن دون أخطاء، لأن الأسرع يأكل الأكبر كما يقول الإنجليز.

    فتكفي أيام معدودة لكي تتبخر القيمة السوقية لشركات قيمتها بالمليارات واكتشاف تقنية جديدة أو منتج جديد ربما يرفع القيمة السوقية لشركة صغيرة إلى المليارات.

    تأصيل الرؤية

    الرؤية الأصيلة هي رؤية المستقبل، ويجب على القائد أن يتمسك برؤيته انطلاقا من قناعته التامة بأنه يرى في المستقبل ما لا يراه الآخرون حوله، وأن رؤيته ستحقق الأهداف المرسومة لها.

    وعندما أقدم رؤيتي لمشروع معين يجب أن تكون رسالتي واضحة لجميع المعنيين بتنفيذها، فالتحدي الأكبر الذي يواجه القائد هو دفع جميع المعنيين بتنفيذ رؤية معينة في اتجاه تحقيق هذا الهدف المشترك وحشد كل الجهود والطاقات لتحقيق نجاحها.

    إن اختيار فريق عمل من المتميزين والناجحين والمبدعين والمتحلين بروح المبادرة لتنفيذ رؤية معينة من أقصر الطرق إلى النجاح.

    ويجب على القائد أن يحدد فترة معلومة لتنفيذ كل رؤية بذاتها، وكل مرحلة من مراحل الرؤية أو الرؤى التي يريد تحقيقها، فالرؤية سباق هدفه النهائي الفوز في معركة ضارية بلا قتال هي التنمية.

    والتنمية اليوم ليست توجها بل صناعة قائمة بذاتها، وبما أنني أعتبرها صناعة فلا بد أن يكون لها إنتاج، ولا بد أن يكون لهذا الإنتاج عناصر معينة، وأول هذه العناصر الرؤية.

    والمستقبل هو الشباب، فهم المستهدفون بأي رؤية اقتصادية وأي جهد تنموي، إذ يجب أن تتضمن الرؤية إعداد الشباب ليس لتتبع خطوات الاقتصاد الجديد، بل للأخذ بزمامه، أي القيادة المتميزة.

    وإذا أردت تلخيص مفهوم القيادة المتميزة فربما قلت إنها النتاج الطبيعي للإبداع المتواصل والعمل الجاد والقدرة على تحفيز الآخرين، لكن كل ما تقدم ليس بالطبع القول الأخير لأن القيادة عملية مستمرة.

    وأزمة الأمة العربية اليوم ليست أزمة مال، ولا رجال ولا أخلاق ولا أرض، ولكنها أزمة إدارة وقيادة، ولو كانت الإدارة العربية جيدة لكانت السياسة العربية جيدة، والاقتصاد جيدا، وكذا التعليم والإعلام والخدمات الحكومية والثقافة والفنون وكل شيء آخر.

    وعندما نفشل في إدارة النمو وإدارة الاقتصاد وإدارة الاستثمار وإدارة الموارد البشرية فمن الطبيعي أن نفشل في إدارة كل شيء آخر.

    لقد كانت كوريا الجنوبية في بداية الستينيات أفقر من مصر وتعيش ضغوطا عسكرية واقتصادية قريبة من التي نعرفها، لكن هذا لم يقف عائقا أمام تطورها وتحولها إلى دولة صناعية كبيرة.

    نحن نعتبر التنمية البشرية مقياسا لتحديد مدى تقدم دولتنا، فمن دون موارد بشرية مدربة لن تستطيع أي جهة تحقيق النجاح، وهذه مسؤولية الإدارة، لكنها مسؤولية القائد أولا لأنه قائد الإدارة والمجتمع.

    إن أحد أسباب المكانة التي وصلنا إليها في الإمارات هو اهتمامنا بالإدارة وسعينا الدائم إلى التطوير، مما يقتضي من القيادة الإدارية تنظيم عمل دوائرها طبقا لأهدافها.

    ومعظم الأهداف مرحلية لذا على القيادة الإدارية أن تدرس هذه الأهداف باستمرار وتتأكد أنها تلبي الهدف الوطني العام وهدف الدوائر في آن واحد.

    وللإدارة مهمة محددة هي خدمة الشعب بإخلاص، ويجب إعلاء مصلحة الشعب على كل المصالح الأخرى.

    [align=center][align=center]"
    أزمة الأمة العربية اليوم ليست أزمة مال ولا رجال ولا أخلاق ولا أرض، ولكنها أزمة إدارة وقيادة
    "
    [/align][/align]

    رؤية القائد ليست رؤية اقتصاد وتنمية فقط، بل رؤية اجتماعية وأخلاقية تتكامل فيها التنمية مع الأخلاق، ولدى القائد رؤية وهدف، وهو يعرف الطريق الذي يمشي فيه ويبدع في هذا الطريق ولا يستطيع التوقف أو اختصار المسافة لأن معنى هذا اختصار الهدف.

    قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" فيجب أن نتقن الأعمال التي نقوم بها.

    الطريق إلى المستقبل

    أقوى شيء في العالم هو القرار الصائب في الوقت الصائب، واتخاذ مثل هذه القرارات أهم صفات القائد لأنه يتطلب الجراءة والإرادة وسرعة البت والإدراك العميق لأبعاد قراره والأهداف التي يريد تحقيقها.

    إن القيادة هي القدرة على اتخاذ القرار، وإذا لم يستطع القائد أن يترجم رؤيته إلى قرار ويترجم قراره إلى واقع فهو قائد فاشل.

    يجب ألا نتخذ قرارا بشأن مشروع إن لم نكن متأكدين تماما من جدواه والقدرة على استيعابه وتسويقه، ولكن عندما نبدأ مشروعا فإننا لا نتوقف إلا لحظة استكماله.

    ويجب أن يكون القائد مستعدا في أي لحظة لأخذ أصعب القرارات لتحقيق أهداف معينة خلال فترة زمنية قصيرة وبلا أي تأخير.

    ويقول البعض إن العرب جيدون كأفراد وسيئون كفريق، ولكن هذا تعميم ظالم لا تمكن البرهنة على صحته، وفي جميع الأحوال فلا خيار أمامنا سوى الدخول في مرحلة عمل الفريق.

    فالاقتصاد اليوم أكثر تعقيدا وتنوعا من اقتصاد الأمس بكثير، وهذا يقتضي درجة أعلى من التنسيق بين أعضاء فريق العمل الواحد، بل وبين مجموعة من فرق العمل لتحقيق الأهداف المشتركة التي تتضمنها الرؤية.

    فرق العمل هي مغاوير التنمية، ووظيفتها تنفيذ المهمات الحرجة التي تضمن تحقيق النصر في حرب التنمية وما لم يتعهد القائد هذه الفرق بالتدريب والتحفيز والعناية والتشجيع، وما لم يبق قادرا على أن يكون على رأس هذه الفرق فلن تستطيع اقتحام المصاعب وقهرها وتحقيق الأهداف المرسومة لمهمتها.

    كانت تجارة اللؤلؤ هي العمود الفقري للخليج والإمارات عامة ولدبي خاصة، ورغم النمو التجاري الذي جلبه الغوص للمنطقة ولسكانها، فإن هذا الاقتصاد تعرض لتحديات بسبب تراجع الطلب على اللؤلؤ الطبيعي في فترة الكساد الذي ضرب المنطقة بأسرها في الثلاثينيات من القرن العشرين، وبسبب إنتاج اللؤلؤ الصناعي الذي بدأه اليابانيون على نطاق واسع في الفترة نفسها.

    [frame="1 80"][align=center]"
    أقوى شيء في العالم هو القرار الصائب في الوقت الصائب، واتخاذ مثل هذه القرارات أهم صفات القائد لأنه يتطلب الجراءة والإرادة وسرعة البت
    "
    [/align][/frame]

    وكانت السنوات التي تلت انهيار هذه التجارة من الفترات الصعبة التي عرفتها المنطقة وإمارة دبي خاصة في تاريخها، حين تحول كثير من سفن الغوص إلى سفن أسفار تجارية تجوب موانئ الدول القريبة والبعيدة وتنقل البضائع والمسافرين إلى جهات مختلفة، وساعد موقع دبي التجاري المميز، كما لعب الخور مجالا مهما في تنمية التجارة.

    أحسب أحيانا أنني أردد مفاهيم عرفتها دبي قبل تأسيس منظمة التجارة العالمية بمائة عام، وكانت أحد أهم أسباب المكانة التجارية العالية التي احتلتها.

    ففي عام 1902 أصدر الشيخ مكتوم بن حشر قرارا بإعفاء الواردات من الضرائب الجمركية، فتدفقت البضائع من الهند إلى دبي، وتحولت بسرعة إلى أهم مركز في الخليج.

    وشملت هذه التجارة عددا كبيرا من السلع كان الذهب أهمها، وبدأ الاتجار به يزداد بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ثم ارتفع بحدة عندما قررت بعض الحكومات منع استيراد الذهب لأسباب اقتصادية محلية، ومع الزمن وتراكم الخبرة تحولت دبي إلى واحد من أهم مراكز إعادة تصدير الذهب في العالم.

    إن العامل الحقيقي الذي أخرج دبي من الأزمة الخانقة التي عصفت بها بعد انهيار تجارة اللؤلؤ لم يكن الذهب، ولم يكن النفط بعد ذلك، بل الرؤية المستقبلية التي أتقن حكام دبي صياغتها وأصروا على تحويلها إلى واقع منذ نهاية القرن التاسع عشر.

    لا يوجد تاريخ معين كنقطة بدء لنهضة دبي الحديثة فالبحث عن بدائل لتجارة اللؤلؤ لم يتوقف منذ انهيار ذلك النشاط، وكان الشيخ راشد بن مكتوم يتمتع بعدة صفات جعلت منه قائدا مميزا وذا رؤية مستقبلية مميزة، كان يعرف معنى الجوع والعوز، وكان يريد أن يصلح أوضاع الناس لأنه عرف معاناتهم بسبب الركود.

    وقد أنشأ واستغل مجموعة من المشروعات، منها خور العريض ومطار دبي الدولي وميناء راشد وميناء جبل علي ومصهر الألمنيوم وعشرات المشاريع الأخرى التي أتاحت لمكونات الاقتصاد التقليدي والحركة التجارية الدولية العبور إلى دبي.

    يقول ابن خلدون في مقدمته: "إذا كان الراعي قاهرا باطشا بالعقوبات منقبا عن عورات الناس وتعديد ذنوبهم شملهم الخوف والذل، ولاذوا منه بالكذب والمكر والخديعة، فتخلفوا بها، وفسدت بصائرهم وأخلاقهم، وربما خذلوه في مواطن الحروب والمدافعات".

    كيف يمكن أن يكون الفرد مبدعا إذا كان جائعا أو خائفا أو محبطا؟ وإذا كان الفساد ضاربا في الجذور، وتكافؤ الفرص معدوم، ومعظم الوظائف والترقيات لا تأتي إلا بالوساطة والمحسوبية؟ في حالة مثل هذه لا يوجد أمل في الحاضر ولا في المستقبل.





  15. #30
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    [align=center]
    مبدأ حواء.. من أجل أنوثة جديدة [/align]


    [align=center][/align]

    - الكتاب: مبدأ حواء.. من أجل أنوثة جديدة
    - الكاتبة: إيفا هيرمان
    - اللغة: الألمانية
    - عدد الصفحات: 274
    - الناشر: بيندو، ميونيخ وزيوريخ
    - الطبعة: الأولى، 9/2006


    عرض/نبيل شبيب

    قليل من الكتب غير السياسية ما يتحول إلى حدث يشغل وسائل الإعلام على نطاق واسع، ويشهد من السجال ما لا يُنتظر أن يهدأ في ألمانيا لفترة طويلة نسبيا، كما هو الحال مع هذا الكتاب.

    وهو لكاتبة من النساء اللاتي دخلن الحياة المهنية من بابها الواسع، وحققن من الشهرة ما جعلهن من "النجمات" اللاتي يتطلع إليهن الجيل الصاعد.

    وبالتالي فليس بسيطا أن تكتب إحداهن -إيفا هيرمان- وهي في أوج شهرتها، كتابا تقول فيه إن الحركة النسوية سلبت النساء أنوثتهن، وإن ما دعت إليه لم يكن في صالح النساء، وإنه ينبغي أن يعاد الاعتبار إلى الأم وربة البيت، وأن يخرج المجتمع من تلك المعارك "الوهمية" بين النساء والرجال.

    بل إن في الكتاب دعوة مباشرة للثورة على تلك "القلة" من النساء اللواتي يصنعن القرار للحركة النسوية، واللاتي كن من وراء امتهان أعمال أنثوية كريمة، كالإنجاب والتربية وخدمة البيت، حتى تفككت الأسرة، وانتشرت ظاهرة الانقراض السكاني، فضلا عن الأمراض الاجتماعية على مستوى الأطفال والشبيبة والناشئة.

    مقدمة برامج تلفزيونية

    لقد أحدث الكتاب "ثورة" اجتماعية وإعلامية عندما نزل إلى الأسواق في سبتمبر/أيلول 2006، ولكن ظهرت بوادر هذه الثورة منذ ستة شهور، عندما بدأت إيفا هيرمان تتحدث علنا عن أفكارها التي تضمنها الكتاب قبل طباعته.

    وكانت قادرة على أن تصل بصوتها إلى نسبة كبيرة من المجتمع، إذ هي أشهر مقدمات البرامج التلفزيونية في ألمانيا، حازت على عدد من الجوائز، وتصدرت كثيرا من عمليات استطلاع الرأي، وعرفت من قبل بعدد من الكتب التي نشرتها، وكان معظمها حول الأمومة، التي ذاقت طعمها مرة واحدة، رغم أنها تزوجت ثلاث مرات، قبل زواجها الرابع الحالي.

    ولعب ذلك دوره في أن الحركة النسوية التي عبأت هجمة مضادة للكاتبة والكتاب، تعمدت التركيز على هذا الجانب الشخصي من حياتها، وبدلا من مناقشة أفكارها، بدأ يتردد في كثير من المقالات الصحفية والمقابلات الإعلامية أن إخفاقها المتكرر في الحياة الزوجية أوجد لديها من الخلل الفكري ما يجعلها تدعو النساء إلى العودة إلى "العصور الحجرية"، وأن كلامها لا قيمة له، وأنه لا ينبغي الاهتمام به وبها.

    [frame="1 80"][align=center]"
    مما أوصل المجتمع إلى الهاوية مشكل العزوف عن الإنجاب وما أصبح يعانيه الأطفال نتيجة العجز عن وصفة بديلة لدور المرأة الأم في رعاية الأطفال
    "
    [/align][/frame]

    ولكن كلما ازدادت وطأة الهجمة، ازداد حجم الاهتمام بالكاتبة والكتاب، وبدا المجتمع الألماني منقسما على نفسه بين مؤيد ومعارض.

    صحيح أن نسبة المعارضة التي تعتمد الحركة النسوية على ذكرها في حدود 75%، ولكنها اختارت لذلك استطلاعا للرأي من شركة "فورسا" الألمانية وأهملت استطلاعا آخر لشركة "إيمنيد" المعروفة برصانتها والمعتمَدة في الاستطلاعات السياسية الرئيسية عادة، وهو استطلاع يقول إن زهاء 50% من المجتمع الألماني يؤيد الأفكار التي تطرحها "إيفا هيرمان".

    الكتاب يحمل عنوان "مبدأ إيفا" والترجمة الأصح هي "مبدأ حواء"، فالاسم "إيفا" يعني حواء، والكتاب لا يتحدث عن خبرة شخصية ذاتية، بل يتحدث عن حواء عموما، وهو ما يشير إليه الجزء التالي من العنوان "من أجل أنوثة جديدة".

    ولم يترك الكتاب في مقدمة مؤلفته وفصوله الثمانية مقولة أو شعارا أو مبدأ دعت إليه الحركة النسوية إلا وأورد نقضا له، بأسلوب منهجي مبسط، يمكن أن يصمد للنقد العلمي وأن يفهمه العامة -وهم المستهدفون بالكتاب- دون صعوبة.

    في كل فقرة رئيسية من فقراته، مثال أو عدد من الأمثلة من واقع الحياة التي تعيشها المرأة مباشرة، ثم معلومات أساسية وإحصائية تبين موضع الخلل فيما أدت إليه دعوات الحركة النسوية، ونتيجة يصل إليها القارئ قبل أن تذكرها الكاتبة التي جمعت تلك النتائج فيما سمته "مبدأ حواء" مفصلة إياها في الباب الثامن.

    وتعلن الكاتبة في المقدمة أنها تخترق بأفكارها المحظورات، فتبدأ بذلك هجومها المباشر على الحركة النسوية التي اصطنعت تلك المحظورات، حتى بات من يريد الحديث عن دور الأمومة، يخشى من ردود الأفعال ضده، رغم أن هذا بالذات ما أوصل المجتمع إلى الهاوية.

    وأشارت إلى العزوف عن الإنجاب الذي بات من المواضيع الساخنة في المجتمع الألماني، وإلى ما يعانيه الأطفال نتيجة العجز عن وصفة بديلة لدور المرأة الأم في رعاية الأطفال أولا.

    مساواة وهمية

    تتناول المؤلفة في الفصل الأول عمل المرأة خارج المنزل، فتعتبر انتشاره نتيجة للانحراف في فكر اعتبر ذلك مدخلا لإثبات المرأة وجودها، بعد امتهان دورها الأسري، والواقع أن الضغوط الاجتماعية والاقتصادية جعلتها مكرهة على العمل، وإن لم ترغب فيه، سواء كان ذلك نتيجة الظروف المعيشية، أو نتيجة مفعول مناهج التوعية والتربية والتعليم التي تقول للمرأة إن قيمتها مرتبطة بمزاولة العمل فحسب.

    ولكن الإحساس بالفخر يتحقق دون ربطه بمهنة تستهدف تحصيل المال، وهذا ما ينبغي علينا صنعه "فنحن النساء نملك سائر المواهب لذلك، إنما يجب أن نمتلك الجراءة لصنعه".

    وتنتقد المؤلفة في الفصل الثاني دعوة مساواة المرأة بالرجل، بالصيغة التي نُشرت بها وكأنها "معتقد" يجب الالتزام به، بينما يكمن الخطأ الأكبر في ربط كلمة المساواة بأن تصبح المرأة كالرجل، أي أن تتخلى عن أنوثتها.

    وكأنه لا قيمة لها بوصفها امرأة، بل يجب أن تكون رجلا لتصبح لها قيمة، إلى درجة إجراء تجارب كانت الحركة النسوية تدعمها في السبعينيات من القرن الميلادي العشرين، لتحويل المرأة إلى رجل أو الرجل إلى امرأة جسمانيا وليس نفسانيا فقط.

    [frame="1 80"][align=center]"
    الخطأ الأكبر في ربط كلمة المساواة بأن تصبح المرأة كالرجل، أي أن تتخلى عن أنوثتها، وكأنه لا قيمة لها بوصفها امرأة، بل يجب أن تكون رجلا لتصبح لها قيمة
    "
    [/align][/frame]

    وهنا تستشهد الكاتبة بالدراسات العلمية الحديثة التي تحدد الفوارق بين المرأة والرجل بصورة قطعية، وترفض تبعا لذلك تلك المعركة الوهمية ضد "الجنس القوي".

    وتطالب هيرمان النساء بالتركيز على وجود فارق بين حواء وآدم، وأن يكون ذلك منطلق اعتزاز المرأة بأنوثتها، بدلا من سلوك "طريق لا جدوى منه على صعيد إعادة توزيع الأدوار" بدعوى المساواة.

    ولا يعني ما تدعو إليه الكاتبة التخلي عن وجود المرأة الطبيعي في ميادين عديدة تثبت من خلاله كفاءتها، علميا وتقنيا وإنجازا وعطاء، إنما يدور محور دعوتها حول عدم ربط قيمة المرأة بأن تعمل بالضرورة، أو بأن تزاول ما يُعتبر -بسبب القوة العضلية المطلوبة- من مهن الرجال.

    ويظهر في الفصلين الثالث والرابع دافع رئيسي حرك الكاتبة لتنشر أفكارها في الوقت الحاضر، وهو ما يتم رصده على صعيد الأطفال والأسرة، فالأطفال والناشئة هم الضحية الأولى.

    وتركز المؤلفة على تجارب شرق ألمانيا بصورة خاصة، ويظهر مقصودها في عنواني الفصلين "مأساة الأطفال.. علام نعيش في مشاعر عصر جليدي؟.." و"مجتمع بلا روابط.. علام نفقد السند الاجتماعي؟".

    وتعالج في الفصلين أكثر من ظاهرة سلبية تعاني منها الأسرة ويعاني منها الأطفال، مثل قضية العنف، فتخاطب النساء مشيرة إلى ما يعيشه الأطفال من عنف في عالمنا، فتقول "إنهم يرون، ويسمعون ويقرؤون ثم يعتقدون في النهاية أن العنف أمر طبيعي. ألا ينبغي على الأقل أن نُظهر لهم بالمثال العملي داخل الأسرة أنه يوجد طريقة أخرى للحياة غير العنف؟".

    وتخصص هيرمان الفصل الخامس لأمر يُعتبر في محور دعوة الحركة النسوية الغربية منذ السبعينيات من القرن الميلادي الماضي، وهو العلاقات بين الجنسين.

    وتصل فيه إلى القول إن "الحركة النسوية تفترس أطفالنا" بعد أن جعلت الجنس هدفا بذاته، ونزعت دوره على صعيد الإنجاب، وركزت على "ترويض الرجل" و"تغييب أنوثة المرأة".

    وإذا كانت الحركة النسوية قد دمرت الأسرة بذلك، فمبدأ حواء يريد إحياءها والدفاع عنها، "ونحن النساء نملك القدرة على إخراج أنفسنا من الطريق المسدودة هذه، فلنعد إلى مشاعر الأنوثة، والحياء، والعفة الجنسية، والرغبة في الإنجاب بطبيعة الحال أيضا".

    قلم "إسلامي معتدل!"

    وبعد نقض أهم ما تدعو إليه الحركة النسوية الغربية في الفصول السابقة تنتقل الكاتبة في الفصل السادس إلى الحديث المباشر عنها، فالمشكلة ليست فقط في الثمن الذي دفعته المرأة من خلال سلوك طريق خاطئ، وتعبئتها بالأوهام، وتجريدها من قيمتها الذاتية ومن أنوثتها بدعوى المساواة، بل تحولت الحركة النسوية مع الزمن من حرب ضد الرجال إلى حرب ضد النساء.

    فما نشرته تلك الحركة من "تصورات ومعتقدات"، أصبحت تنشره بوصفه الحقيقة المطلقة، وهذا ما يجعل الخوض في الحديث عنها محظورا.

    وعندما يتحدث رجل أو امرأة عن ذلك يتلقى الهجمات من كل صوب، ولكن عند التأمل في ذلك يظهر أن من وراء الهجمات نسبة محدودة من النساء يتزعمن الحركة النسوية.

    ولهذا لا ينبغي -كما قالت الكاتبة في الفصل السابع- الاستمرار في تلك الحرب الوهمية ضد الرجال، بل ينبغي البحث عن طريق آخر، هو ما ترسمه الكاتبة فيما أطلقت عليه "مبدأ حواء" وفصلت الحديث حوله في الفصل الثامن الختامي من الكتاب.

    [frame="1 80"][align=center]"
    المشكلة ليست في الثمن الذي دفعته المرأة بسبب الحركة النسوية من خلال دفعها في طريق خاطئ وتعبئتها بالأوهام وتجريدها من قيمتها الذاتية ومن أنوثتها بدعوى المساواة، بل في أن هذه الحركة تحولت مع الزمن من حرب ضد الرجال إلى حرب ضد النساء
    "
    [/align][/frame]

    و"مبدأ حواء" حافل بالقيم، أولها إعادة مكانة الصدارة للأسرة والحياة الأسرية، والانطلاق إلى ذلك من إعادة المرأة التفكير في الواقع الذي نشأ مع الزمن.

    وركزت هيرمان على أهمية التربية داخل الأسرة، بما في ذلك التخلي خصوصا عن شعار "الحرية المطلقة في تربية الأطفال" الذي حل مكان احترام الأكبر سنا بدءا بالوالدين، ثم التحرر من المحظورات الفكرية المصطنعة عبر الحركة النسوية.

    وطالبت برفع شعار المصالحة والتفاهم بين الرجل والمرأة، وبين المرأة والمرأة، وبعث إحساس المرأة بمسؤوليتها انطلاقا من كونها امرأة، لها قيمتها الذاتية الاجتماعية، ودورها القائم على بناء الأسرة وتعزيزها.

    هل في الكتاب جديد حقا؟.. قد لا يبدو لنا في أوساطنا العربية والإسلامية أن فيه أفكارا جديدة، لأن كثيرا مما تطرحه إيفا هيرمان هو في صميم ما ينتشر لدينا من دعوات للحفاظ على الأسرة ولاعتبار تكريم المرأة كامنا في كونها امرأة، أما وزوجة وأختا وبنتا، دون التعنت في اتجاه حرمانها من حقوق أساسية لجنس الإنسان، ولا التشدد في اعتبار عملها خارج المنزل، ناهيك عن تحصيل العلم والمساهمة في البحث العلمي، أمرا محظورا.

    ويكاد قارئ الكتاب يرى فيه قلما "إسلاميا معتدلا"، يتحدث عن تجربة غربية للحركة النسوية الغربية، فيحذر من عواقبها المستقبلية، بينما يمثل هذا الكتاب تحذيرا داخل الغرب من عواقبها التي باتت جزءا مرئيا من معاناة الواقع المعاش، إلى درجة أن موضوع الأسرة والأمومة الذي يتناوله، بات منذ فترة من المواضيع الأساسية المطروحة في الحياة الفكرية والإعلامية في ألمانيا وسواها من البلدان الغربية.

    وتميز هذا الكتاب جاء من ربط هذا الحديث ربطا مباشرا بما يمثل "جرد حساب" للحركة النسوية وحصيلة ما صنعته في العقود الأربعة الماضية على وجه الخصوص.





صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني