صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 42
  1. #16
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    المشاركات
    77

    افتراضي

    استدلالات القاضي عبد الجبار العقلية على نفي الرؤية


    ذكر عدة أدلة على حسب اعتقاده تنفي جواز الرؤية، وسوف نذكر هذه الأدلة دليلاً دليلاً، ثم نعلق عليها وإن كان في كلامنا نوع تكرار، إلا أنا نرجو أن لا يخلو من فائدة.
    قال القاضي عبد الجبار (2/248): "دلالة المقابلة: وتحريرها أن الواحد منا راءٍ بحاسة، والرائي بالحاسة لا يرى الشيء إلا إذا كان مقابلاً أو حالاً في المقابل أو في حكم المقابل، وقد ثبت أن الله تعالى لا يجوز أن يكون مقابلاً ولا حالاً في المقابل ولا في حكم المقابل.
    وهذه الدلالة مبنية على أصول، أحدها: أن الواحد منا راءٍ بالحاسة، والثاني: أن الرائي بالحاسة لا يرى الشيء إلا إذا كان مقابلاً أو حالاً في المقابل أو في حكم المقابل، والثالث: أن القديم تعالى لا يجوز أن يكون مقابلاً ولا حالاً في المقابل"أ.هـ.
    إذن الدلالة الأولى التي اعتمد القاضي والمعتزلة عليها هي دلالة المقابلة، وهي التي أشار إليها السبحاني سابقاً، وحاصلها أن الرؤية لا يمكن أن تحصل إلا إذا كان المرئي في جهة من الرائي، وإذا لم يكن كذلك فيستحيل رؤيته، وقد بيّنا نحن على أصول الأشاعرة أن هذه الشروط أعني المقابلة والحد ..إلخ عبارة عن شروط عادية لا عقلية، بمعنى أن هذه الشروط حتى لو انعدمت فيمكن حصول الرؤية، وذلك لأنا أرجعنا الرؤية إلى قدرة الله تعالى على خلق الإدراك مباشرة في الحاسة أو في محل الإدراك، فالخالق بالفعل هو الله تعالى لا الحاسة ولا الضوء ولا غير ذلك، بل هذه عبارة عن شروط عادية يمكن تخلّفها.
    ولما اشترط المعتزلة هذا الشرط أحالوا رؤية الله تعالى؛ لأن الله ليس في جهة ولا حيز، وكون الله تعالى ليس متحيزاً ولا في جهة وافقهم عليه أهل السنة الأشاعرة والماتريدية، وخالفوهم في اشتراط الرؤية بالمقابلة والشعاع واتصاله بالمرئي ..إلخ.
    فدليل المقابلة إذن لا يلزم إلا المعتزلة ومن قال بقولهم، والأشاعرة لم يقولوا بقولهم كما علمت.
    ولنكمل الآن قراءة كلام القاضي ونعلق عليه، قال: "أما الأول، فالذي يدل عليه أن أحدنا متى كان له حاسة صحيحة والموانع مرتفعة والمدرك موجود، يجب أن يرى، ومتى لم يكن كذلك استحالة أن يرى، فيجب أن يكون لصحة الحاسة في ذلك تأثير؛ لأن بهذه الطريقة يعلم تأثير المؤثرات من الأسباب والعلل والشروط.
    وأما الكلام في أن الرائي بالحاسة لا يرى الشيء إلا إذا كان مقابلاً أو حالاً في المقابل، أو في حكم المقابل، هو أن الشيء متى كان مقابلاً للرائي بالحاسة أو حالاً في المقابل، أو في حكم المقابل، وَجَبَ أن يرى، وإذا لم يكن مقابلاً ولا حالاً في المقابل، ولا في حكم المقابل لم يُرَ، فيجب أن تكون المقابلة أو ما في حكمها شرطاً في الرؤية لأن بهذه الطريقة يعلم تأثير الشرط"أ.هـ.
    هذه هي طريق الاستدلال عند المعتزلة، وما يقولونه صحيح في حكم العادة فقط، أما مع ملاحظة الأدلة العقلية الدالة على أن الله تعالى خالق كل شيء، فيجب تخصيص كلامهم وتقييده بذلك، ثم إن كلام القاضي عبد الجبار مبني على وجود العلل الخارجية بين المخلوقات الحادثة، وأن هذه العلل شروط في الوجود إذا انعدمت يستحيل وجود ما يترتب عليها، وهذا هو الأصل الذي لفتنا النظر إليه في أول كلامنا مع الشيخ جعفر السبحاني، ومعلوم أن هذا الأمر، وهو الاعتراف بوجود العلل الداخلية للوجود الحادث، لا يجوز أن يعتبر بديهياً، فالأشاعرة خالفوا فيه، وبنوا نظرتهم إلى الكون على أساس نفيه وعدم القول به، ثم هذا الأصل الذي يقول به المعتزلة ومَن وافقهم ينافي كون الله تعالى خالق كلِّ شيء، فالحاصل أن من يقول بقول المعتزلة في نفي الرؤية يجب عليه أن يعلم أنه يجب أن يقول بكل هذه اللوازم والأقوال، وإلا فهو غير قائل بقول المعتزلة، بل هو موافق لهم في النتيجة فقط، وأما في المذهب المتألف من الحكم والنتيجة مع طريقة الاستدلال التي توضح حقيقة نظرتهم إلى هذا الوجود وحقيقة اعتقادهم في الله تعالى، فإذا لم يوافقهم في هذا كله فلا يصح له أن يزعم أنه موافق للمعتزلة.
    ولا خلاف بين الأشاعرة والمعتزلة في كون الله منزهاً من الحد والجهة والمكان، ولذلك لا نتكلم مع القاضي فيما يتعلق بهذا المعنى، لأن محل الخلاف بالضبط أن الله مع كونه منزهاً عن الحد والمقابلة والجهة كيف يمكن حصول رؤيته.
    قال القاضي عبد الجبار ص250: "فإن قيل: أليس أن الله تعالى يرى الواحد منا، وإن لم يكن مقابلاً له ولا حالاً في المقابل ولا في حكم المقابل، فهلا جاز في الواحد منا أن يرى الشيء وإن لم يكن مقابلاً له ولا حالاً في المقابل ولا في حكم المقابل؟
    قيل له: إنما وجبت هذه القضية في القديم تعالى؛ لأنه لا يجوز أن يكون رائياً بالحاسة والواحد منا راءٍ بالحاسة، فلا يعلم أن يرى إلا كذلك"أ.هـ.
    وهذه فقرة في غاية الأهمية، وقد أورد القاضي عبد الجبار الاعتراض وأجاب عليه، ونحن سنعيد بيان هذا الاعتراض، ونتكلم على جواب القاضي.
    حاصل الإيراد سؤال وإلزام موجَّه من الأشاعرة الذين يثبتون الرؤية مع تنزيه الله تعالى عن الجهة والمقابلة، ويردون بهذا السؤال عن الزعم الذي يزعمه المعتزلة من أن الرؤية يلزمها الحد والجهة، فيقولون للمعتزلة: إذا قلتم إننا عندما نثبت رؤية الله يلزمنا إثبات كونه محدوداً وفي جهة، وأن علة هذا اللزوم هو أن الرؤية نفسها تستلزم ذلك، فيلزمكم مثل ذلك في حق الله، ألا تقولون إن الله تعالى يرى المخلوقات، ومع رؤيته للمخلوقات لا يلزم كونه في جهة منها ولا متحيزاً ولا محدوداً، فإذا صحَّ ذلك فكيف تزعمون أن الرؤية يلزمها الجهة والحدّ، وأن هذا التلازم عقلي، والتلازم العقلي لا يتخلف شاهداً وغائباً، فلماذا نراكم منعتم ذلك في حق الله وتقولون به في حق العباد.
    هذا هو حاصل السؤال، وهو قويٌّ كما ترون، وأجاب القاضي كما يلي: قال إن الرؤية الحاصلة للإنسان إنما تحصل له بحسٍّ، وأما الله تعالى فلا يرى بحاسة، ولذلك يرانا بلا لزوم الجهة والحدّ والمقابلة وغير ذلك.
    وهذا الجواب يعود بالنقض على أصل المعتزلة كما سنبين، فالمعتزلة أساساً يقولون: لا رؤية إلا بمقابلة وحسٍّ وحدّ ومكان، وهم قد نفوا ما قالته الأشاعرة من إمكان تعقل رؤية بلا هذه اللوازم، ولكنا نراهم الآن يقولون بأن الله تعالى يرى ورؤيته بلا حسٍّ ولا مقابلة.
    إذن يعترف القاضي عبد الجبار بمفهومين من الرؤية.
    الأول: رؤية بحسٍّ، أي رؤية حاصلة عن الإحساس ومقابلة وحدّ. الثاني: رؤية بلا حسٍّ، أي حاصلة بلا إحساس ولا مقابلة ولا حدّ.
    وهو يجيز تسمية المعنى الثاني رؤية، ولكنه يحصره في الله تعالى، ويقول: لا يمكن أن تحصل الرؤية للإنسان إلا بالحسّ.
    وكلامه ينبني على الفرق بين الرؤية والحس، فالحس هو سبب وآلة الرؤية عندنا ولا سبب ولا آلة للرؤية في حق الله.
    وهذا الكلام صحيح، ولكن يلزم منه هدم مذهب المعتزلة من أساسه، فإذا قالوا إن الرؤية معنى واحد، وأن الحسّ آلة لها وسبب لها للمخلوقات، فيرجع الخلاف بينهم وبين الأشاعرة إلى الأصل الكبير الذي نبهنا إليه أولاً، وهو مسألة التلازم العلي والمعلولي بين الحوادث، بحيث يقول المعتزلة: إن الرؤية لا يمكن أن تحصل وتوجد للمخلوق إلا بواسطة الإحساس.
    والحقيقة أن من يتأمل في هذا الكلام يجده ضعيفاً جداً، فإذا جزم المعتزلة أن الرؤية غير الحس، وأن الحس آلة للرؤية، وأثبتوا لله أنه يرى، إذن الرؤية يمكن أن تقع بلا حسّ ولا مقابلة.
    أليس هذا نقضاً للأصل الذي وضعوه من إحالة الرؤية إلا بمقابلة.
    إن هذا الكلام في الحقيقة وعند التأمل الصادق يُظهر كم هم المعتزلة متحكمون في استدلالهم واستنباطهم وطريقة تفكيرهم!! ويكفي العاقل الالتفات إلى هذا المعنى للحكم بضعف مذهبهم.
    ومن جهة أخرى: فإن القول بالعلل والمعلولات، أو التولد، لا يصح، ولا يقول به إلا المعتزلة ومن وافقهم، وأما الأشاعرة فلا يلتزمون به ولا يقولون به كما وضحناه.
    وأيضاً، كيف يمكن لعاقل أن يدعي صحة القول بأن الحس غير الرؤية بل هو آلتها وشرطها، ثم يثبت الرؤية لله بلا هذا الشرط، مع قوله بأن هذا الشرط عقلي، وهل العقليات تتخلف وتنقض؟!
    وما أَدْرَى المعتزلة أن الإنسان لا يمكن أن يرى إلا بالحاسة، وكيف حكموا على الله تعالى بأنه لا يقدر على خلق الرؤية في الإنسان بدون حاسة في الإنسان ولا شعاع ولا مقابلة؟! ألا يستطيع الله جلَّ شأنه أن يوجد هذا المعنى الذي سميتموه رؤيةً إلا عن طريق توسط الحسّ، أليس هذا حدَّاً لقدرة الله تعالى وتعجيزاً له؟!
    إذن يتبين لنا أن الأصول التي بنى عليها المعتزلة هذا الجواب أصول باطلة وغير مسلّمة ولا تلزم خصومهم.
    والأشاعرة لا يلزمهم مطلقاً ما يريده المعتزلة.
    فظهر قوة هذا الإشكال، وضعف وتناقض جواب القاضي عبد الجبار، أما ضعفه فبالنظر إلى المقدمات التي يعتمد عليها من التولد أو العلة والمعلول، وأما تناقضه فمع ما قرَّره المعتزلة من معنى الرؤية كما مضى.



    يتبع .......

  2. #17
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    المشاركات
    77

    افتراضي


    والمعتزلة يصرحون بأن الرؤية في المخلوق لا يمكن أن تحصل إلا بحسٍّ أي بتوسط الآلات، ووجودها بلا هذه الآلات مستحيل، والله لا يقدر على خلقها كذلك، قال القاضي ص250: "لأنا قد بيّنا أن الواحد منّا متى كانت حاسته صحيحة والمرئي بهذه الأوصاف وجب أن يراه، ومتى لم يكن كذلك لم يصحّ أن يراه، فدلا على أنه إنما يرى ما يراه بالحاسة"أ.هـ.
    وهذا الكلام أتى به لينقض كلام الأشاعرة القائلين بأن الله تعالى يخلق الرؤية في العبد مباشرة، ولو بلا توسط هذه الحواس، ويستحيل بالطبع للقاضي أن يوافق الأشاعرة على هذا وإلا هدم مذهبه كله، ولكن تناقض مع قوله بمعنى قريب من ذلك كما مرَّ في رؤية الله تعالى للمخلوقات.
    ويظهر للناظر مدى قوة استدلالات الأشاعرة عندما جعلوا كل هذه الشروط والحواس مجرد أسباب عادية، لا عقلية، بمعنى أنها يمكن أن تتخلف بإرادة الله تعالى، ومذهبهم موافق لكون الله تعالى قادراً على كل شيء، ولا يلزم عنه تعجيز لله عن خلق بعض الممكنات.
    كما لا يلزمهم مناقضة ظواهر القرآن والسنة، ولا نسبة الجهل بالله تعالى من هذه الجهة إلى أحد الأنبياء أولي العزم من الرسل.
    ثم قال القاضي عبد الجبار ص250: "ويمكن إيراد هذه الدلالة على وجه آخر لا يلزمنا هذا السؤال، فيقال: إن أحدنا إنما يرى الشيء عند شرطين: أحدهما يرجع إلى الرائي، والآخر يرجع إلى المرئي.
    ما يرجع إلى الرائي فهو صحة الحاسة، وما يرجع إلى المرئي هو أن يكون للمرئي مع الرائي حكم، وذلك الحكم هو أن يكون مقابلاً أو حالاً في المقابل، أو في حكم المقابل.
    وإذا أوردته على هذا الوجه سقط عنك هذا السؤال"أ.هـ.
    كذا قال القاضي عبد الجبار، وهو قاضي المعتزلة المشهور، وحكمه هنا باطل؛ لأن السؤال باقٍ وتغيير صيغته وإعادة ترتيب مقدماته لا يفيد، فيبقى السؤال، وهو: أن الله تعالى يرى المخلوقات، ولا يوجد حكم المقابلة ولا الجهة للمخلوقات بالنسبة لله تعالى.
    إذن فقد انخرم شرط من الشروط ولم يؤثر هذا في عدم الرؤية، وكذلك نقول: إن الرائي هنا وهو الله تعالى ليس له حاسة، إذن قد انخرم الشرطان معاً، ومع ذلك حصلت الرؤية، فهذان الشرطان باطلان.
    ولما أحس القاضي عبد الجبار بضعف كلامه هنا قال: "على أن هذا السؤال الذي أورده ينبني على أن الإدراك معنى، وسنبين الكلام في أن الإدراك ليس بمعنى إن شاء الله تعالى"أ.هـ.
    إذن هو يحاول التملص من هذا الإشكال بهذا الكلام وحاصله عدم التسليم بأن الرؤية معنى راجع إلى الإدراك، بل هو راجع إلى العلم، والاتفاق حاصل على أن الله عالم بالمخلوقات.
    هكذا يقترح القاضي أن يكون الجواب، ولكن هذا لا يزيل الإشكال، لأن هذا يستلزم أن العلم من حيثية معينة يسمى رؤية، فلماذا تنكر المعتزلة والمخالفون حصول قدر زائد من العلم الحاصل عندنا بالله تعالى، بحيث يسمى هذا القدر الزائد رؤية، خاصة وأنه قد جرى تسميته كذلك في ظواهر الكتاب والسنة، ولا يمنع منه مانع بعد أن تبين أن جميع الشروط التي اقترحوها لا تطرد لهم؟!
    وهذا الكلام يعلم صحته وقوته كل من يفهمه.
    وبعد أن انتهى القاضي عبد الجبار من الكلام على المعنى السابق، شرع في الكلام على كون هذه الشروط عادية وليست عقلية، وهو قول الأشاعرة، فلننظر كيف يحاول القاضي الردّ على هذا المذهب.
    قال القاضي عبد الجبار ص231: "فإن قيل: ما أنكرتم أن أحدنا إنما لا يرى الشيء إلا إذا كان مقابلاً له، أو حالاً في المقابل أو في حكم المقابل، لأنه تعالى أجرى العادة بذلك، فلا يمتنع أن يختلف الحال فيه، فيرى القديم جل وعزّ في دار الآخرة"أ.هـ.
    وهذا وجه من وجوه استدلال الأشاعرة كما مرّ، ونزيده توضيحاً ووضوحاً، فنقول: إذا اعتبرنا أيَّ أمرين موجودين متلازمين، فهذا التلازم إما أن يكون تلازماً عقلياً يستحيل انفكاكه وقطعه، أو يكون تلازماً عادياً، غايته أنه ما دام هذا التلازم في الأزمان من دون موجب داخلي بين الأمرين الموجودين يوجب بذاته التلازم، يعني لا توجد علاقة العلية بينهما، حتى يستحيل انفصال التلازم بينهما، بل التلازم والمصاحبة حاصلة بينهما بخلق الله تعالى وإرادته، وإذا صحَّ هذا، فنقول: ما تنكرون أن تكون العلاقة والترتب المشاهَد بين الحس (المؤلف من العضو وانعكاس الشعاع عليه وكون المرئي في جهة وذا حدود) والرؤية (وهي الإدراك الحاصل عقيب الحس) مجرد علاقة مبنية على التلازم والترتب العادي، وما هو الموجب لكونها عقلية وواجبة وجوباً ذاتياً، بحيث لا يمكن انفكاكهما، أي لا يتصور حصول أحدهما إلا بحصول الآخر، فإذا كانت عادية يجوز أن يخلق الله الرؤية بلا مقابلة ولا حسّ.
    هذا هو حاصل توضيح السؤال، وهو سؤال قويٌّ كما يُلاحَظُ، فلننظر كيف يرد القاضي عليه!
    قال القاضي في ص251: "قيل له: إن ما يكون بمجرى العادة يجوز اختلاف الحال فيه، ألا ترى أن الحرَّ والبرد والثلج والمطر لما كان بمجرى العادة اختلف بحسب البلدان والأهوية، فكان يجب مثله في مسألتنا لو كان ذلك بالعادة، فيجب صحة أن يرى الشيء أحدنا وإن لم يكن مقابلاً له ولا حالاً في المقابل ولا في حكم المقابل في بعض الحالات، لاختلاف العادة"أ.هـ.
    هذا هو المقطع الأول من جواب القاضي، وحاصله أن ما بالعادة يجوز تخلفه، وهذا صحيح، بل هذا هو ما يقول به الأشاعرة في رؤية الله تعالى، ولكن حكم الجواز الذي هو من توابع العادة لا محل للاختلاف فيه، ويوجد فرق بين الجواز وبين الوقوع، أي لا يوجد فرق بين جواز التخلف لما هو بالعادة، وبين حصول هذا التخلف بالفعل، ومثال القاضي الذي أتى به أعني الثلج والمطر، يُفهم منه اشتراطه لوقوع التخلف عادة، أي كثرة التخلف كما تختلف الأحوال بين ثلج ومطر في البلدان بحسب اختلاف المناخ، ولكن كثرة التخلف ليست شرطاً مطلقاً في هذا الباب، بل الكافي في هذا المقام، هو أصل التخلف ويكفي في ذلك حصوله مرة واحدة، وهو ما يدعيه الأشاعرة، ويقولون به في رؤية الله تعالى، وفي رؤية النبي عليه السلام من ورائه كما يرى مِنْ أمامه، ثم فوق هذا نقول: لو وقع التخلف مرة واحدة، فهذا يدل على أن التلازم عاديٌّ، هذا صحيح، فالوقوع دليل الإمكان، ولكن لا يصح مطلقاً أن يقال إن التخلف إذا لم يقع ولا مرة واحدة، فهذا دليل على عدم الإمكان، أي دليل على كون الأمر ليس بالعادة بل التلازم واجب ولا يتصور انفكاكه، بل غاية ما يمكن أن يقال هنا: إن الإمكان دليله العقل مطلقاً، وهذا هو المقصود بأن الترتبات كلها عادية، وقد اكتفينا بملاحظة التخلف في بعض الحوادث منها، ولم نحتج إلى رؤيته في كل نوعٍ نوعٍ من أنواع الحوادث، وأيضاً فلما دلَّ العقل على أن الله تعالى خالق كل شيء بلا واسطة، كان هذا الدليل العقلي العام دليلاً على أن كل ارتباط بين موجودين حادثين فهذا الارتباط حاصلٌ بإرادة الله، وليس بالإيجاب، وما دام حاصلاً بإرادته جلَّ شأنه صحَّ أن يوجِد أحدَهما دون أن يوجِد الآخر.
    وقد يقول قائل: كيف يفهم كلام القاضي اشتراطه الوقوع للتخلف للحكم بكونه بالعادة، قلنا: تأمَّل رحمك الله في بقية كلامه وها هو، فقد قال: "بل كان يجب أن يرى المحجوب كما يرى المكشوف، ويرى البعيد كما يرى القريب، ويرى الرقيق كما يرى الكثيف، ومتى ارتكبوا هذا كله، فالواجب أن يرى المحجوب كما يرى المكشوف، ومعلومٌ خلافه"أ.هـ.
    فهذا الكلام صريح في اشتراطه التخلف ووقوعه بالفعل أكثر من مرة، بل كلامه السابق يدل على هذا، فهو قال: "فيجب صحة أن يرى الشيء أحدنا ... في بعض الحالات لاختلاف العادة"أ.هـ. ولو كان يريد به الإمكان فقط، لما قال في بعض الحالات؛ لأن الصحة ثابتة في جميع الحالات التي يكون الارتباط فيها بالعادة، وليس في بعض الحالات، أما الواجب عنده في بعض الحالات فهو الوقوع أي وقوع التخلف.
    ولو قَصَد الصحة، فتقييده للصحة في بعض الحالات فقط مشكلٌ جداً، لأن الصحة حكم عقلي، وتقييده لها ببعض الحالات دون بعض تخصيص للحكم العقلي، وتخصيص الحكم العقلي لا يصح، بل يعود على وصفه بالعقلي بالبطلان.
    فيتحصل لنا على جميع الحالات أن القاضي عبد الجبار لا يخلو كلامه من ضعف وتناقض.
    ثم قال القاضي عبد الجبار بعد ذلك ص251: "فإن قيل: ما أنكرتم أن ذلك من باب ما تستمر العادة به، كما في حصول الولد من ذكر وأنثى، وكطلوع الشمس من مشرقها وغروبها من مغربها، وكحصول كل جنس من الحيوانات من جنسه، وكتاب الزرع وما يجري هذا المجرى"أ.هـ.
    وهذا الاعتراض والسؤال الذي ذكره القاضي على لسان الأشاعرة صحيح تماماً، فالعادة تصح أن تختلف ولا يشترط تخلّفها للحكم عليها بأنها عن طريق العادة، أو على أنها عادة، ولا يشترط حتى تخلفها مرة واحدة، ولكن لو تخلفت مرة واحدة، فتخلفها هذه المرة يكون دليلاً على كون التلازم والتصاحب بالعادة، ووقوع التخلف دليل الإمكان أي دليل العادة هنا، ولا يشترط لمعرفة الإمكان وكون الحكم عادياً وقوع التخلف، فالإمكان والعادة عبارة عن حكم عقلي عام، وكلي مبني على قانونٍ عامٍ ذكرناه، وهو أن الله تعالى هو الفاعل المختار بلا واسطة ومبني على أن لا طبيعة من الطبائع توجد بذاتها ولا علة ولا معلول في الموجودات الحادثة كما مرَّ أكثر من مرة، وهذا حكم عقلي يستدل عليه بقواعد عقلية عامة، وإن أمكن الكشف عنه أيضاً بحصول التخلف، فهذا توجيه الاعتراض والسؤال، ولننظر الآن في جواب القاضي عبد الجبار، فقد قال في ص251: "وجوابنا، أنا لم نوجب فيما طريقه العادة أن يختلف الحال من كل وجه، بل إذا اختلف من وجه واحدٍ كفى، وما من شيء من هذه الأشياء التي ذكرتها إلا والحال فيه مختلف على وجه، ألا ترى أن الولد قد يحصل لا من ذكر وأنثى فإن آدم عليه السلام خلق لا من ذكر وأنثى ، وعيسى عليه السلام خلق لا من ذكر، وفيما بيّنا فما من ولد إلا والحال فيه بخلاف الحال في غيره، فواحد يولد تاماً والآخر يولد ناقصاً، فكان يجب مثله في مسألتنا حتى يصدق من أخبرنا أنه شاهد ما ليس بمقابل له ولا حالّ في المقابل ولا في حكم المقابل، أو شاهد أقواماً يشاهدون الأشياء من دون أن تكون على هذا الوجه أو ما يجري مجراه، وقد علم خلافه"أ.هـ.
    هذا هو جواب القاضي، وكما ترى فهو يشترط للحكم بكون الشيء على العادة لا على سبيل العلة والمعلول، أن يحصل التخلف ولو مرة، أو يختلف حاله من حال إلى حال، أو من وجه دون وجه.
    أما اشتراطه التخلف ولو مرة للحكم يكون التلازم عادياً، فقد بيّنا بطلان هذا الشرط وعدم صحته، لأن الحكم العادي صحيح أنه ما يعرف بتكرر الحس على العادة، ولكن نفي التلازم العقلي ونفي العلية والمعلولية المدعاة من طرف المخالفين، لا يتوقف على العادة، بل يستند إلى أدلة عقلية تامة، وهي التي أشرنا إليها سابقاً.
    فظهر من هذا أن اشتراط التخلف ولو مرة واحدة، شرط باطل.
    وأما اشتراطه الاختلاف من وجه دون وجه، فلم يأتِ بدليل على أن رؤية كل واحد مساوية من كل الوجوه لرؤية الآخر، فما أدراه أن واقع الحال أن الرؤية تختلف من بعض العوارض والجهات والوجوه، وكما يولد بعض الناس ناقصين، فكذلك يوجد من يرى الشيء على غير وضعه كالأحول، ومن يراه على غير لونه الذي يراه عليه غيره، كمن عنده مرض الألوان، وتوجد أحوال متعددة للرؤية، تجعلنا نحكم باختلافها على سبيل الإجمال من حال إلى حال، ومن إنسان إلى إنسان.
    على أن هذا أيضاً ليس هو الشرط في معرفة كون التلازم عادياً، بل الشرط ما عرفناه سابقاً، وهذا الذي يدعيه القاضي لا يشرط.
    وأيضاً نضيف، فنقول: إذا جاز نسبة الرؤية إلى الله تعالى، أي إذا جاز القول بأن الله تعالى يرانا، وهو ليس بجهة منا ولا نحن بجهة منه، فهذه الحالة كافية للدلالة على كون هذه الشروط الحسية التي يدعيها المعتزلة، شروطاً عادية لا شروطاً عقلية، وإلا فلينفوا كون الله رائياً للمخلوقات؟! فيلزمهم إذا فعلوا مناقضة الكتاب العزيز.
    ويُضاف إلى ذلك ما وَرَدَ في الأحاديث من أننا سنرى الله يوم القيامة، أي أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة، وقطعاً نعلم بأنهم يرونه بلا جهة ولا حدّ ولا مقابلة، فكما يعلمونه بلا حدّ يرونه كذلك.
    وسوف نورد أكثر من هذه الشواهد الدالة على ثبوت الرؤية بلا حدّ ولا جهة ولا مقابلة ولا اتصال حسّي.
    وبهذا التحليل، يُعلم قطعاً أن استدلالات القاضي عبد الجبار غير تامة ولا كافية، بل يسودها الاختلال كما بيّنا.
    وقد يقول قائل: لا يصح الانتقال من مفهوم الرؤية عند إطلاقه على الإنسان المخلوق، إلى الرؤية عند نسبتها إلى الله، فهذا قياس والقياس لا يصح.
    والجواب: إن الذي يخالفنا يسلم أن مفهوم الرؤية واحد، وأن لها أحكاماً خاصة إذا نسبت إلى المخلوق، وهذه الأحكام إذا كانت خاصة بالرؤية من حيث ما هي رؤية يجب نسبتها إلى الخالق، والقول باشتراط هذه الشرائط له، وهذا باطل اتفاقاً، وإلا فقد حصل البرهان على أن هذه الشرائط ليست لذات الرؤية، فتأمل.



    يتبع ......

  3. #18
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    المشاركات
    1,660

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو نور
    ما المشكلة في أن يجعل الله تعالى للرؤية في الآخرة نظاماً سببياً مختلفاً عن النظام المعتاد في الدنيا
    أما نقلته يا أخي من نصوص
    فإن صح وثبت فلا يمتنع تأويله إن كان ظاهره لا يتفق مع ما يليق بجلال الله وعظمته
    ما المشكلة في ذلك ؟
    أخي العزيز هذا رجم بالغيب لا يختلف عن خزعبلات ابن تيمية!...

    وكيف سيلوي!؟! عفواً أقصد سيؤول... الشيخ سعيد هذه النقول الصحيحة!


    ‏فيأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون !!؟!

    فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا !؟!

    فإذا جاء ربنا عرفناه !؟!

    ‏ ‏فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون؟!؟

    فيقول أنا ربكم!؟!

    فيقولون أنت ربنا!!!!


    و هل تخضع الذات الالهية للتغير و التحول و التنوع في الحالة أو الصورة عند الأشاعرة؟؟؟؟...

    عجيب..!!

    لن أحملك أخي أبو نور ما لا طاقة لك به...

    انها معضلات شرسة أوقعت الأشاعرة في مآزق في مسألتي الكلام و الرؤية و منذ وقت طويل جداً...

    تحياتي للشيخ سعيد و للأخوة في منتدى الأصيلين...

  4. #19
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    المشاركات
    77

    افتراضي

    أخي ديك الجن
    هل تؤمن بالقرآن ؟
    ففي كتاب الله تعالى الكثير من الآيات المتشابهات التي لا يجوز فهمها على ظاهرها فهل تجوز مثل هذه اللهجة مع كتاب الله تعالى
    أم أنه مجرد الرغبة في السخرية وتسخيف الآخرين والنيل منهم لمجرد النيل منهم
    في القرآن أخي ما هو في ظاهره أصعب بكثير مما نقلت فكيف يكون الأمر لو طبقنا منطقك هذا مع كلام الله وتفسيره ؟
    أما نحن _ أخي ديك الجن _ فنؤمن بالقرآن الكريم ونؤمن بمتشابهه كما نؤمن بمحكمه ولا نجيز لأنفسمنا السخرية من المتشابه في النص القرآني بمثل سخريتك من الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي سخرية مبعثها فقط أنها مروية في كتب أهل السنة .
    أليست هذه الحقيقة يا أخي ديك الجن ؟
    القضية ليست منك أخي ديك الجن تنزيهاً وتقديساً لذات الله تعالى وإلا في كتب إخوتنا الشيعة من الأحاديث ما يشيب لها الرأس و لا ينتهي المرء من العجب منها لبعدها عن العقل والمنطق
    قل لي أيها الأخ العزيز كيف تتعامل مع المتشابه من النص القرآني
    ما هو ميزانك للتعامل معه ؟
    فنحن نتعامل بنفس الميزان مع كلا النصين القرآني و الحديثي


    أخي الكريم هل تسمي تأويل الشيعة للآيات القرآنية المتعلقة بالاستواء واليد والعين والوجه ( وهو تأويل لا مشكلة لنا معه ) بأنه لي للنصوص الصحيحة أم ماذا ؟
    إنه بالتأكيد ليس لوياً لعنق النص بل تأويل له بما يضعه على صراط مستقيم مع النص المحكم
    أليس كذلك ؟
    أم ستقول لي مثل الوهابية أن تأويلنا للاستواء بالاستيلاء هو تحريف للنص القرآني وتأويلنا لليدين المبسوطتين بالدلالة على سعة الجود وفيض الكرم بأنه تحريف ولوي لعنق النص القرآني
    وهل سنسلم عندئذ أنفسنا مخفورين للإخوة الوهابية
    وتقبل تحيات أخيك أبي نور الذي هو ملء الكون اعتزازاً بأنه لا حول له ولا قوة
    وصلى الله وسلم على سيدنا محمد والحمد لله

  5. #20
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    المشاركات
    77

    افتراضي

    نتابع مع الشيخ سعيد فودة نقده لمذهب المعتزلة في القضية فيقول :


    قال القاضي عبد الجبار ص252: "فإن قيل: ما أنكرتم أن الواحد منا إنما لا يرى إلا ما كان مقابلاً أو حالاً في المقابل أو في حكم المقابل، الأمر يرجع إلى المرئي لا إلى الرائي.
    قيل له: هذا الذي ذكرته لا يصحّ، لأنه كان يجب في القديم تعالى أن لا يرى هذه المرئيات لفقد هذا الحكم فيه، والمعلوم خلافه" أ.هـ.
    وتوضيح هذا الإشكال، ولا أراه يتسق مع أصول الأشاعرة، أن الواحد إذا رأى بعض الأمور الموجودة، ولم يَرَ بعضها الآخر، فلم لا يكون السبب في عدم رؤيته للقسم الثاني هو أمراً راجعاً إلى نفس هذا القسم، فربما كانت تتصف بصفة تمنع رؤيتها.
    فأجاب القاضي عبد الجبار: إذا كان هذا السبب صحيحاً في عدم رؤيتنا لبعض هذه الأمور التي لا نراها، فيلزم أن يكون هذا السبب مانعاً مِن كل رؤية، لا مانعاً من رؤيتنا نحن فقط لها، بل يلزم أن يكون سبباً للمنع من أن يراها الله تعالى أيضاً، ولكن الله تعالى يرى كل شيء، إذن لا يصحّ أن يكون السبب في منع الرؤية من نفس المرئي.
    والحقيقة أن هذا الجواب صحيح، ولكنه أقرب إلى أصول الأشاعرة من أصول المعتزلة، لأن السبب عند الأشاعرة في عدم رؤيتنا لبعض الموجودات هو أن الله تعالى لم يخلق فينا رؤيتنا، فلم يرجعوا السبب في منع الرؤية إلى المرئي، بل إلى إرادة الله تعالى.
    والذي أردناه من هذه المناقشة ههنا إنما هو بيان كيف أن القاضي عبد الجبار يقيس رؤية الله على رؤيتنا، ويقول: المانع الذي يمنع رؤيتنا للأشياء إذا كان في نفس الأشياء، فينبغي أن يكون مانعاً لرؤية الله تعالى لنفس هذه الأشياء، وهذا منه خروج عن أصول مذهبه الذي ينصره، أو هو جريٌ منه مع الجواب الحق، الذي يوافقه عليه الأشاعرة، ولكن لو قال القاضي عبد الجبار بهذا الجواب فعلاً على المعنى الذي قلناه، يلزمه أن ينقض أصول مذهبه بالكلية، أقصد أنه ينبغي أن ينقض كون الشروط التي جعلوها للرؤية وهي المقابلة والتحيز والشعاع ..إلخ، شروطاً عقلية، بل هي شروط عادية، وما هو مانع عندنا مانع عند الله تعالى، وهو لازم باطل.
    والسبب في هذا الإلزام أنه قاس رؤية الله على رؤيتنا من جهة الموانع.
    ثم قال في ص252: "فإن قيل: إنا نرى القديم تعالى بلا كيف كما نعلمه بلا كيف، ولا يحتاج إلى أن يكون مقابلاً أو حالاً في المقابل أو في حكم المقابل.
    قيل له: إن هذا قياس الرؤية على العلم من دون علة تجمعها، فلا يصح.
    فإن للعلم أصلاً في الشاهد، وللرؤية أصلاً، فيجب أن يرد كل واحد منهما إلى أصله، فالعلم من حقه أن يتعلق بالمعلوم على ما هو به، ولهذا يتعلق بالموجود والمعدوم والمحدث والقديم، فإن كان معدوماً علم معدوماً، وإن كان موجوداً ، وكذلك الكلام إذا كان محدثاً أو قديماً، وليس كذلك الرؤية فإنها لا تتعلق إلا بالموجود، ولهذا لا يصحّ في المعدوم أن يُرى" أ.هـ.
    هذا سؤال صحيح على مذهب الأشاعرة، وحاصل معناه: إذا كانت الرؤية نوعاً من الكشف، أي أن الرؤية يتم بها الكشف عن المرئي من حيثية معينة، فمن أين يلزم القول إننا إذا رأينا الله تعالى فيجب أن نراه في جهة وذا حد ومقابلة .. إلخ، فالرؤية تكون فيها حدود إذا كان المرئي محدوداً وفي جهة، وأما إذا كان غير محدود ولا في جهة ولا مقابلاً، فإنه يُرى كذلك، وهذا كالعلم، فالإنسان يعلم بالنظر وبالفكر وبأسباب خاصة، ولكن الله تعالى يعلم لا بنظر ولا فكر، فرؤية الإنسان تكون نتيجتها إدراك محدود، لأن المدرَك نفسَه محدود، وأما رؤية الله فلا يكون لازمها كشفاً عن محدود؛ لأن متعلق الرؤية ليس محدوداً.
    هذا هو حاصل السؤال، وقد أشار الإمام ابن فورك في مجرد مقالات الأشعري إلى أن الإمام الأشعري كان يستعمل هذه الطريقة في الردّ على المخالفين، فقال نقلاً عن الإمام الأشعري وتوضيحاً لطريقته في المجرد ص90: "وكان يقول: إنَّ ردَّ حكم المرئي إلى المعلوم لا من حيث إن حكم المرئي حكم المعلوم من كل وجه، ولكن النافين للرؤية يسلكون في نفيها طرقَ الاعتبار بالمرئيات في الشاهد، وأرادوا أن يسوّوا بين المرئيين في الشاهد والغائب في الأحكام والأوصاف التي عليها المرئيات في الشاهد، فأراهم أن ذلك لو كان اعتباراً صحيحاً لوجب مثله في المعلومات، وكل ما فصلوا به بين المعلومَيْن في الشاهد والغائب، فصل بمثله بين المرئيين، وكثيراً ما يستدل ابتداءً بمثل هذه الطريقة في أنه إما نفيٌ أو إثباتٌ، إجازة أو إحالة، فالإجازة ما قلنا، والإحالة لا تخلو من هذه الوجوه التي تنتقض بما ذكر في المعلوم، وكذلك كان يقلب في الرائي والعالم وسائر أوصاف المرئي مما خالف فيه الشاهد الغائب" أ.هـ.
    يعني أن المعتزلة عندما يسوّون بين الرؤية في الشاهد والرؤية في الغائب من كل وجه، فيلزم عندهم وجوب نفي رؤية الغائب، فيلزمهم مثل ذلك في التسوية بين العلم في الشاهد والعلم في الغائب، فجيب أن يلزمهم نفي العلم في الغائب، ولكن نفي العلم في الغائب محال، إذن نفي الرؤية في الغائب ليس صحيحاً أيضاً.
    ونبّه الإمام الأشعري أنه لا يوجد تساوٍ تامٌّ بين أحكام الرؤية وأحكام العلم، ولكن يمكن قلب المسائل على المعتزلة باستخدام العلم.
    والآن وبعد أن وضحنا شيئاً من وجه الدلالة في هذا السؤال، فلنقرأ معاً كلام القاضي عبد الجبار في الرد على هذا الإشكال الوارد على المعتزلة، وحاصل جوابه محاولة الفرق بين العلم والرؤية، واعتبار الرؤية أصلاً مستقلاً لا يشترك مع العلم في شيء مطلقاً، بحيث لا يصح بعد ذلك القياس بينهما.
    ولكن الصحيح أن الجهة التي نبه إليها الأشعري والتي بنى عليها القياس يصح فيها المقايسة بينهما، وهذه الجهة هي أن العلم في الشاهد له أحكام خاصة، ككونه حادثاً وبأسباب خاصة كالنظر، ويقبل الزيادة والنقصان، ولكن العلم في الغائب لا يصح كونه كذلك، إذن نحن فرَّقنا بين أحكام العلم في الشاهد وفي الغائب، وهذه التفرقة متفق عليها، هذا هو الأصل الأول.
    وبناءً على ذلك، لو سلمنا أن الرؤية شاهداً تشرط بالمقابلة والاتصال بشعاع وكون المرئي محدوداً، فإن أثبتناها في الغائب كذلك، لزمنا إثبات صفات لا يصح إثباتها لله تعالى، كالحدِّ وغيره من صفات الأجسام، إذن فلم لا نثبتها غائباً مع نفي هذه الشروط، كما فعلنا بخصوص العلم.
    فهذا الوجه من المقايسة صحيحٌ كما ترى.
    وقد يقول قائل: فلماذا نثبت الرؤية غائباً من الأصل؟
    والجواب: لأنها وردت بالأحاديث ودلَّت عليها آيات القرآن، ولا موجب لصرفها عن ظاهرها، فلو لم ترد، لم نثبتها؛ لأن دليل وقوع الرؤية سمعي عندنا.
    ولاحظ أنه على هذا القياس لا يلزم مطلقاً التسوية بين جميع أحكام الرؤية وحقيقتها وبين أحكام العلم وحقيقته تسوية تامة، وهذا واضح.
    وأما كلام القاضي على الحاسة السادسة بعد ذلك فلا نخوض فيه لعدم الدليل فيه، والله أعلم.
    وبهذا نكون قد ناقشنا جميع الوجوه التي أتى بها القاضي عبد الجبار في دلالة المقابلة، وبيّنا بطلان هذه الدلالة وعدم قوتها، بل وتناقض بعض أركانها مع بعض ما يقول به المعتزلة.
    بقي مناقشة دلالة الموانع:


    يتبع ....

  6. #21
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    المشاركات
    77

    افتراضي

    تكملة الرد على القاضي عبد الجبار

    دلالة الموانع:


    هذه الوجوه ذكر فيها القاضي عبد الجبار دلائل استدلوا بها على نفي الرؤية، وهي قائمة أساساً على امتناع الرؤية لموانع كما يفهم من اسمها، وسوف يتبين لك حقيقة هذه الدلالة أثناء مناقشتنا لتفاصيلها كما فعلنا في دلالة المقابلة، وتوضيحها بمعنى آخر، إن الرؤية تكشف عن الشيء كما هو في ذاته، والقديم حاصلٌ على ما هو عليه في ذاته، فما المانع من أن يُرى؟!
    هذا هو السؤال الأساسي الذي تدور عليه هذه الدلالة، أو تدور على الجواب عليه، وحاصل السؤال أنا إذا قلنا: الرؤية تكشف عن الشيء كما هو حاصل في ذاته، والله جلّ شأنه له ذات منزهة عن الأمكنة والحدود والمقابلة، فلم لا نقول: الرؤية تكشف عن ذاته منزهة عن الجهة والحد والمقابلة، بل هذا هو الأصل الذي يجب القول به، ومن لم يقل به فإنما صرفه عنه سبب مانعٌ، أو معنى ادعى ثبوته يمنع من رؤية الله تعالى.
    قال القاضي عبد الجبار جواباً عن هذا ص253: "وما لا يُرى، ينقسم إلى ما لا يُرى لمنعٍ، وإلى ما لا يُرى لاستحالة الرؤية عليه، والقديم تعالى إنما لا يُرى لاستحالة رؤيةٍ عليه لا لمنعٍ" أ.هـ.
    هكذا أجاب القاضي على السؤال الأصلي، ومن الظاهر أن هذا ليس جواباً، بل مجرد دعوى، مقابلة للأصل الذي ذكرناه، وهو المبني على أن أصل الرؤية منسوبةٌ إلى الله تعالى، فلا يصحّ نفيها إلا لموجب، ولا يوجد موجب يدفعها، أو مانع يمنع منها، فلم يزد القاضي على أن قال: "إن الله تعالى لا يُرى لأنه لا يمكن رؤية". ومعلوم أن التعليل الذي جاء به وهو قوله: "لا يرى لاستحالة رؤيته"، هو عين الأصل الذي حصل فيه الخلاف، وهو عين دعوى المعتزلة التي لا يسلمها الأشاعرة لهم، والدعوى لا تكون دليلاً، بل هي محتاجة إلى دليل، والاستدلال على الدعوى بنفس الدعوى مصادرة على المطلوب.
    وقد يقول قائل: بل كلام القاضي دليل، لأنه مبني على استقراء أو مقسمة للأشياء إلى ما يرى وإلى ما لا يرى، وما لا يُرى إما أن لا يُرى لمانع، او لاستحالة رؤيته، وهذا دليل. فالجواب: هذا عين الدعوى، أو جزءٌ منه كذلك، أعني الاحتمال الأخير الذي هو ما يستحيل رؤيته، فهو محل الخلاف، فظهر أن دليل القاضي مصادرة على المطلوب.
    ثم قال القاضي ص253: "فإن قال: ما في هذه الدلالة إن أحدنا لا يرى الله عز وجل، فمن أين أنه ليس بمرئي في نفسه؟
    قلنا: كل مَن قال: إن أحدنا لا يَرى القديمَ تعالى، قال إنه ليس بمرئي في نفسه"أ.هـ. كذا قال، ومن الظاهر أن القاضي لاحظ في جوابه السابق وجه النقص والضعف الذي أبرزناه، ولذلك جاء بهذا القيل، وهو ما الدلالة على استحالة رؤية الله تعالى في نفسه؟
    فأجاب بجواب، ليس بجواب في الحقيقة، فإنه قال: بما أننا كلنا أي كل واحد فينا، يقول إنه لا يرى الله تعالى، فهذا يدل على أن الله تعالى ليس بمرئيٍّ في نفسه، هذا هو الاستدلال الذي يتعلق به القاضي، وهو لعمري من أغرب الاستدلالات، فمن أين يدلُّ عدم حصول الرؤية لنا أو لكل واحدٍ منا، على استحالتها في نفسها، غاية ما يدل عليه عدم حصولها لنا، أما أنها في نفسه تكون مستحيلة، فلا. وإلا يلزم بأن الله تعالى لا يرى نفسه، وهذا باطلٌ، فإذا جاز أن يرى الله غيره، هل يستحيل أن يرى نفسه؟! كيف يصح هذا الاستدلال الذي يتعلق به القاضي.
    وبما أنه ظهر أن رؤية الله ليست مستحيلة في نفسها لرؤيته نفسَه العليَّة، ثبت أن أصل رؤيته جائز مطلقاً وهو المطلوب.
    وهل يمكن أن نقول على منوال طريقة استدلال القاضي: كل من قال إن أحدنا لا يرى البروتونات والإلكترونات، قال: إن الإلكترونات غير مرئية في نفسها، ويمكن أن نصوغ لوازم كثيرة ظاهرة البطلان على هذا النهج، فيتبيَّن لنا بكل وضوح ضعف هذا الاستدلال.
    ولضعف هذه الدلالة التي ذكرها القاضي عبد الجبار على استحالة رؤيته في نفسه، ساق دليلاً آخر على ذلك، فقال ص253:
    "دليل آخر: وهو أن القديمَ تعالى لو جاز أن يُرى في حال من الأحوال لوَجَبَ أن نراه الآن، ومعلوم أنا لا نراه الآن.
    وتحرير هذه الدلالة هو أن الواحد منا حاصل على الصفة التي لو رأى المرئي لما رأى إلا لكونه عليها، والقديم سبحانه حاصل على الصفة التي لو رئي لما رئي إلا لكونه عليها، والموانع المعقولة مرتفعة، فيجب أن نراه الآن، فمتى لم نَرَه، دلَّ على استحالة كونه مرئياً"أ.هـ.
    وهذا الدليل في الحقيقة عبارة عن صيغة أخرى للدليل السابق، وحاصله لو صحَّ أن نرى الله لوجب أن نكون قد رأيناه، ولكن لما لم تقع رؤيته، فلا تصح رؤيته.
    وهذا استدلال بعدم الوقوع على عدم الإمكان، وهو استدلال باطل كما هو معلوم، والاستدلال إنما يصح بالوقوع على الإمكان، لا بعدم الوقوع علىعدم الإمكان.
    ولم لا يفترض القاضي عبد الجبار ومعه المعتزلة أن هناك مانعاً منع من رؤية الله تعالى، فعلى هذا القول بالعلية والمعلولية، لم لا يكون المانع هو عدم الاستحقاق وعدم القابلية لحصول الرؤية فينا ونحن على هذه الحالة في الحياة الدنيا، وأما على مذهب الأشاعرة، فالرؤية جائزة في الدنيا وفي الآخرة، ولكن الله تعالى أراد أن تقع الرؤية في الآخرة للمؤمنين، وأراد أن لا تقع في الدنيا لأحد غير النبي – صلى الله عليه وسلم – على القول بأنه رأى الله تعالى، وهو خلاف مشهور بين الصحابة، فابن عباس أثبت رؤية النبي عليه السلام لربه، والسيدة عائشة أثبتت أنه لم يره.
    وبناءً على هذا الكلام، يتبين لنا أن دليل القاضي المعتزلي ليس يصحُّ ولا يقوى على نفي الرؤية وإثبات استحالتها.
    ثم شرع القاضي عبد الجبار في الاستدلال لمقدمات هذا الدليل، ولم يزد في المعنى الذي ذكرناه، ولكن ذكر بصريح عبارته أن "حصول الرؤية عندهم بناءً على صحة الحواس وعدم الموانع، هو من قبيل الشروط، والأسباب والعلل". وهذا الكلام يؤكد الأصل الكبير الذي وضحناه نحن في أول هذه الرسالة وقررنا أن مسألة الرؤية تنبني عليه عند المنكرين لها، وهو ثبوت علاقة العلية والمعلولية بين الموجودات الحادثة، وهذا الأصل ينكره الأشاعرة ويُرْجعون جميع الحوادث إلى الله تعالى مباشرة بلا واسطة، وقد مضى هذا المعنى أكثر من مرة.
    وأما باقي ما قرره القاضي عبد الجبار في الموانع المفترضة ورده عليها، فكل أجوبته يعتمد فيها على الأصول التي بناها سابقاً، ولذلك لم نرَ أن نخوض معه في بقية كلامه لكفاية ما مرَّ، خاصة بعد أن بيّنا الردود والأجوبة على استدلالاته.

    وبذلك يكون قد اتضح لدينا ضعف أدلة المعتزلة العقلية في هذه المسألة، وهي تدور على نفس الأصول التي يقول بها الشيعة كما نبهناك سابقاً، بل ويشترك معهم فيها الزيدية والإباضية كما سنرى.

    يتبع......

  7. #22
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    المشاركات
    1,660

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو نور
    أخي ديك الجن
    هل تؤمن بالقرآن ؟
    ففي كتاب الله تعالى الكثير من الآيات المتشابهات التي لا يجوز فهمها على ظاهرها فهل تجوز مثل هذه اللهجة مع كتاب الله تعالى
    أم أنه مجرد الرغبة في السخرية وتسخيف الآخرين والنيل منهم لمجرد النيل منهم
    أخي الحبيب أبو نور...

    أعتذر أخي الكريم عن أي اساءة غير مقصودة!...

    أعلم أن اسلوبي التعبيري قاسي و استفزازي أحياناً ولا يعجب الشيعة قبل السنة!...

    بل أن مواضيعي باتت تحذف من هذا المنبر وكأنني مجدف أو مهرطق !...

    و باتت تتعالى الصيحات على ديك الجن تارة تصريحاً و تارة تلميحاً من الأخوة !...

    بصراحة لم أتوقع هذا المقدار من الكره و الانزعاج من شخص ديك الجن!...

    احببت أن أضيف أخي الحبيب أن تأويل المتشابه في الكتاب الذي وعدنا الله بحفظه من التحريف و التحوير شيء!....

    و تأويل نصوص " السنة " ...نصوص حدثني فلان ثنا علان عن طرزان (رضي الله عنه) شيء آخر كلياً...


    والا قل لي بالله عليك كيف ستؤول هذه :

    ‏فيأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون !!؟!

    فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا !؟!

    فإذا جاء ربنا عرفناه !؟!

    ‏ ‏فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون؟!؟

    فيقول أنا ربكم!؟!

    فيقولون أنت ربنا!!!!


    أو هذا التشبيه و التمثيل الفظ!:


    ‏و حدثنا ‏ ‏قتيبة بن سعيد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏ليث ‏ ‏عن ‏ ‏سعيد بن أبي سعيد ‏ ‏عن ‏ ‏سعيد بن يسار ‏ ‏أنه سمع ‏ ‏أبا هريرة ‏ ‏يقولا ‏

    ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ما تصدق أحد بصدقة من طيب ولا يقبل الله إلا الطيب

    إلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت تمرة ‏!؟!

    ‏فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل

    كما يربي أحدكم ‏ ‏فلوه ‏ ‏أو فصيله ‏؟!!




    على كل حال أخي أبو نور....

    سيبتعد ديك الجن قليلاً ليرتاح الجميع!

  8. #23
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    الدولة
    أرض السواد
    المشاركات
    4,349

    افتراضي

    العزيز ديك الجن
    من الامور التي شدتني للمنتدى تواجدكم الكريم
    واسلوبكم في الحوار
    من قال بأبتعادك فهو مخطيء
    انت محاور جيد
    لاتكتب من خلال العواطف بل من خلال الوثائق
    وهذا امر لايخالف اي منهج سوي
    ومواضيعك اخي الحبيب لاغنى عنها
    ارجوا ان تأخذ رأي بعين الاعتبار
    تقبل تحيات اخوك الكميت
    ومالي الاّ ال احمد شيعة ومالي الاّ مذهب الحق مذهب

  9. #24
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    المشاركات
    77

    افتراضي

    لا عليك أخي ديك الجن من طرح التساؤلات التي تريد
    واشكالك الذي طرحته عن تأويل المتشابه والموقف من نصوص السنة الذي تحثت عنه يحتاج إلى وقفة أخرى
    وإذا كنت لا أرى إشكالاً مهماً في تأويل الحديث الذي رويته عن أبي هريرة وان لم أكن بعد متأكداً من صحته بهذا اللفظ
    و أرى تأويله أسهل مما نقلت بخصوص الرؤية مما رويت عن الصورة
    لكن يا أخي لا أريد تشتيت الموضوع الذي أنا بصدده الآن
    إذ أنني أمضي مع موضوع الشيخ سعيد في الجانب العقلي من النقاشات حول مسألة الرؤية
    والنقاش حول تفاصيل الجانب النقلي هو بحث آخر له منهجه المختلف ويحتاج وقتاً آخر
    لذلك يا أخي لنقرأ ما يذكره الشيخ سعيد
    وهنا يا أخي تأكد ما أتيت بهذا النقل إلا لاظهار مدى التقارب الذي انتهى إليه علما الكلام الأشعري والامامي حول هذه النقطة رغم التشنيع من هذا الطرف أو ذاك على الطرف الآخر فالحقيقة أن امتداد النقاش في هذه القضية كاد أن يفضي إلى بلورة موقف موحد حول المسألة
    فالشيعة لا ينكرون امكانية حصولنا في الآخرة على علم بالله تعالى أعلى و أوضح من العلم الاستدلالي الغيبي في هذه الدنيا
    هذا أمر يصرح متكلمو الشيعة أنهم لا ينكرونه
    إنما قد ينكرون تسميته رؤية و إذا سموه رؤية فإنهم يقيدونها بصفة ( قلبية )
    في حين أن متكلمي الأشاعرة لا يقصدون من معنى الرؤية المعنى الذي تنكره الشيعة وهو المعنى الحسي المتمثل في وصول الأشعة من ذات المرئي وانطباع صورته في الحدقة أو الشبكية أو الذهن وكونه في جهة من الرائي أو كونه جسماً
    وهم إذا سموه رؤية عينية أو بصرية فهم يقصدون بها تمييزها عن العلم الاستدلالي فهذا ما يسمونه العلم به عن طريق العقل
    كما قد نستعمل في خطابنا : تعبير : رأيته بأم عيني تأكيداً للعلم المباشر بالشيء علاوة على العلم به استدلالاً
    يعني يا أخي الأمر أهون مما نتصور أنا و أنت أو مما كنا نتصور

  10. #25
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    المشاركات
    77

    افتراضي

    مناقشة كلام الزيدية في مسألة الرؤية

    إن كتاب شرح الأساس الكبير للشيخ أحمد الشرفي من أشهر كتب الزيدية، وسوف ننقل فيما يلي كلامه في هذه المسألة ونناقش ما فيه، قال في (2/433):
    "فرع آخر يتفرع على كونه تعالى لا يشبه شيئاً، قالت (العترة جميعاً وصفوة الشيعة) من الزيدية (والمعتزلة) وغيرهم كالخوارج والمرجئة وغيرهم (والله سبحانه لا تدركه الأبصار في الدنيا ولا في الآخرة)؛ وذلك (لأن كل محسوس) أي مُدْرَك بأي الحواس الظاهرة إما بالبصر أو بالسمع أو بالشمّ أو بالطعم أو اللمس (جسم أو عرض)، وكل جسم أو عرض (محدث) لما مرّ من الأدلة على حدوث الأجسام والأعراض واستحالة أزليتها، وكونه تعالى ليس بمحدث لما مرّ من الأدلة على كونه تعالى لا أول لوجوده (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم).
    وأيضاً لو صحَّ أن يرى الله تعالى عن ذلك لاختص بجهة من الجهات ومكان من الأمكنة والله يتعالى عن ذلك، إذ كان سبحانه ولا مكان ولا جهة ولا زمان" أ.هـ.
    والمطلع على علم الكلام يعرف تماماً أن كثيراً من آراء الزيدية أخذوها من المعتزلة، فسوف نعلم أيضاً أنهم لن يأتوا بأدلة جديدة زيادة على ما جاء به المعتزلة، وهذه الفقرة تدل على ذلك، فهم يجعلون التلازم عقلياً بين الرؤية وبين الحسّ المستلزم للمماسة والجهة والحدّ، وقد مضى الكلام على بيان أن هذه الشروط ليست شروطاً عقلية بحيث يتقيد بها فعل الله تعالى أيضاً، بل هي عبارة عن شروط عادية يمكن تخلفها كما مضى بيانه.
    وكلامه صحيح تماماً عن التلازم بين كون الله جسماً وكونه حادثاً؛ لأن كل جسم حادث، ولكن ليس هذا محل الخلاف، بل موضع الخلاف في أن الرؤية هل يشترط فيها تلك الشروط أم لا.
    وتنزيه الله تعالى عن الزمان والمكان صحيح مطلقاً.
    ثم قال ناقلاً عن الإمام الأشعري: "وروي عن أبي الحسن علي بن أبي بشر الأشعري أنه قال: يدرك بجميع الحواس فيشمّ ويسمع ويحسّ، ولم يقل بذلك غيره" أ.هـ.
    وهذا الكلام ليس صحيح النسبة إلى الإمام الأشعري، لأن مراده منه أن الله تعالى على مذهب الأشعري يجوز أن يلمس ويمسّ ويحسّ بالحواس الخمس، وهذا باطل كما لا يخفى على أحد، ولكن الإمام الأشعري قد يصح على مذهبه أن يخلق الله تعالى العلم به في أي جزء حي من الإنسان بلا مماسة بين الله وبين ذلك الجزء، فإذا سمي ذلك إحساساً، فالإطلاق غلط والمعنى صحيح، إذن كما يخلق الله تعالى العلم به في الدماغ فتدركه النفس، فيمكن أن يخلقه في العين فتدركه النفس فيسمى رؤية وهكذا، وهذا مبني على عدم اشتراط البنية للعلم، وهي مسألة من دقيق الكلام.
    ثم قال (2/433): "وقالت (الأشعرية: بل يرى في الآخرة بلا كيف) أي لا تكييف ولا إشارة إلى جهة من الجهات لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا خلف ولا قدام، قلنا: (لا يعقل) قولهم هذا، فبطل ما زعموه" أ.هـ.
    وقال (الرازي: معناه) أي معنى قولهم أنه يرى في الآخرة بلا كيف (معرفة ضرورية وعلم نفسي بحيث لا يشك فيه)، أي يعلم علماً ضرورياً، حينئذٍ قال عليه السلام (فالخلاف حينئذٍ) أي حين فسره الرازي بما ذكر إذا كان مرادهم ذلك (لفظي) أي في اللفظ والعبارة، والمعنى واحد، وهو أن الله سبحانه لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير" أ.هـ.
    يريد المؤلف هنا أن يُفرِّق بين رأي الإمام الأشعري وبين رأي متأخري الأشعرية، أو بين رأي المتقدمين منهم والمتأخرين، فزعم أن الأشعري يقول بأن الله يُدْرِكُ بالحواس كلها على النحو السابق، وزعم هنا أن رأي الأشعرية غير رأيه، وأن رأيه غير رأيهم، وهذا الزعم باطل كما رأينا، فإن الإمام الأشعري لا يقول بالحواس والمماسة لله تعالى، وكذلك يقول الأشاعرة، فكان اللائق بالمؤلف أن يورد القول واحداً بلا تمايز بين المتقدمين والمتأخرين من الأشاعرة، ولا فرق بين الأشعري وبين الأشاعرة، ولكن هذا الصنيع الذي قام به المؤلف هنا رأينا الشيخ جعفر السبحاني يشير إليه، وكذلك ابن تيمية في كتبه يزعمه ويدعيه، وهم جميعاً يزعمون ذلك بلا دليل، ولا بيّنة ولا برهان، بل هذا محاولة منهم لإظهار الأشاعرة منقسمين على أنفسهم لا يوجد رأي واحد يجمعهم، وأن متأخريهم يخالفون المتقدمين منهم، وكل هذه المزاعم باطلة لدى أدنى نظر، فلا ينخدعنَّ بها القارئ.
    وعلى كل حال، فالمؤلف لما نقل كلام الإمام الرازي بأن حقيقة الرؤية هي معرفة ضرورية، وهو حقيقة وتحقيق رأي الأشعري والأشاعرة جميعاً، قال بأن الخلاف حينئذٍ لفظي مع الأشاعرة، والتصريح بأن الخلاف لفظي فيه إنصاف بعد الظلم الذي أظهرنا وقوعَ المؤلف فيه.
    ولنبين جهة الخلاف بالضبط، فقد سبق أن نقلنا عن القاضي عبد الجبار قوله بأن الخلاف إنما هو مع الأشاعرة، حتى زعم أنه لا خلاف بينهم وبين المجسمة، ونرى الشرفي ههنا يقول الخلاف مع الأشاعرة لفظي.
    وتحقيق المقام أن هناك مسألتين:
    الأولى: مفهوم الرؤية وشروطه، والخلاف بين الأشاعرة وبين غيرهم من المعتزلة ومن وافقهم حقيقي معنوي؛ لأن المعتزلة يزعمون استحالة الرؤية إلا بالحاسة والمقابلة والحدّ، والأشاعرة يقولون: إن الرؤية يمكن أن يوجدها الله تعالى مباشرة في النفس أو العين، فتدركها النفس ولو بلا توسط شعاع ولا كون المرئي محدوداً ومقابلاً.
    والثانية: رؤية الله تعالى، فالاتفاق حاصل في هذه المسألة بين الأشاعرة والمعتزلة ومن وافقهم على أن رؤية الله تعالى إذا حصلت فلا يمكن أن تكون بحدّ ومقابلة، ولكن المعتزلة يسمون الحاصل علماً، وإن سمي رؤية، والأشاعرة يقولون هو رؤية، والرؤية يرجع حاصل معناها في النهاية عندهم إلى المعرفة الضرورية، فالخلاف على هذا لفظي محض، ولكن الأشاعرة يقولون إن هذا الإدراك العلمي يسمى رؤية، وهو المقصود عند إطلاق الرؤية والمعتزلة ينكرون ذلك.
    فإذا تبيّن هذا، عرفنا أن كثيراً من المنتمين إلى الاعتزال والتشيع يجهلون مذاهبهم عندما يظنون الخلاف مع الأشاعرة في مفهوم الرؤية نفسه أصلياً.
    ولنوضح المسألة زيادة توضيح، فلفظ الرؤية إما أن يراد به إدراك غير العلم، أو يراد به العلم، وعلى القولين فالأشاعرة لا يشترطون للرؤية الحسّ والحدّ والمقابلة كما لا يشترطون في العلم ذلك، أما المعتزلة فمنهم مَن أرجع الرؤية إلى إدراك زائد، ومنهم من قال الرؤية هي العلم، وهذا هو المشهور عنهم.
    والرؤية عند المعتزلة إذا أطلقت في حق المخلوق فلا بدّ لها من أسباب واتصال وحدّ وغير ذلك، وهم يتناقضون إذا أثبتوها لله مع نفي هذه الأمور، لأن الأصل كما يدعون كون هذه الأمور شروطاً عقلية.
    والإمام الأشعري لم يخالف الأشاعرة كما لم يخالفوه هم عندما قالوا إن الرؤية تكون بدون هذه الشروط؛ لأنها تفيد الكشف في من حصلت له أو ثبتت له، وحتى لو قال من قال بأن الرؤية تحدث للإنسان بخلق الله تعالى في الأبصار، ثم يدركها الإنسان بنفسه فلا يتوقف خلق هذه الرؤية على حدّ ولا علة جسم ولا مقابلة، كما لا يتوقف خلق الله تعالى للعالم على أن يكون العالم في جهة منه، وكما لا يتوقف علمُ الله تعالى للعالم على أن يكون العالَم في جهة منه أو يكون هو جلَّ شأنه محدوداً.
    وكلّ مَن ألزم الأشاعرة بما لا يلزمهم، فإما أن يكون جاهلاً بمذهبهم، أو مغالطاً، وكلاهما لا يلتفت إلى رأيه.
    ثم نقل المؤلف كلاماً عن بعض الأشاعرة يؤيد به ما نقله عنهم من الخلاف بين المتقدمين والمتأخرين على زعمه، فقال (2/434): "قال الإمام يحيى عليه السلام في الشامل: "واعلم أن التحقيق عندي أن الخلاف بيننا وبين المحققين من متأخري الأشاعرة، في هذه المسألة إنما هو من حيث اللفظ، وأما المعنى فنحن متفقون عليه"، قال: "وبيانه أن الغزالي ذكر في كتابه الاقتصاد أن الرؤية عبارة عن تجلٍّ مخصوص لا تنكره العقول، وهذا هو الذي نريد بالعلم، ونحن لا ننكره ولا نأباه". قال: "وذكر ابن الخطيب في كتابه الأربعين: أن الأدلة العقلية في هذه المسألة غير معتمدة أصلاً وأنها ليست قوية، وذكر في كتابه النهاية بعد تحريره للأدلة العقلية، ثم حكى هو عن أصحابه أنهم قد حرروها على وجوه كثيرة وكلها ضعيفة، ثم قال: ويعزب أن يكون الخلاف في هذه المسألة لفظياً" أ.هـ.
    إذن، ما ذكره المؤلف في هذه المسألة عمَّن سمَّاهم بالمتأخرين من الأشاعرة يوافق عليه هو، ويحكم على الخلاف بين الزيدية وبين الأشاعرة بناءً عليه بأنه خلافٌ لفظيٌّ، وهذا حَسَنٌ.
    ولكنه يزعم أن المتقدمين يخالفون المتأخرين، وهاك ما قاله في بيان ذلك (2/434): "قال الإمام يحيى عليه السلام: "وأما المتقدمون من الأشعرية فقد أطلقوا القول بأن الله تعالى يرى بالأبصار في الآخرة، وأنه يراه المؤمنون دون غيرهم، قال: والدليل على إبطال قولهم أن الرائي بالحاسة لا يرى إلا ما كان مقابلاً أو في حكم المقابل، واحترز بقولنا أو في حكم المقابل عن رؤية الإنسان وجهه في المرآة، فإنه وإن لم يكن مقابلاً فهو في حكم المقابل والله تعالى ليس مقابلاً ولا في حكمه، ويستحيل أن يكون تعالى مرئياً" أ.هـ.
    إذن فالمؤلف يرجع ويعتمد على إطلاق القول بأن الله تعالى يرى بالأبصار، وينبني على أن هذه الرؤية لا يمكن أن تحدث بالأبصار إلا بالمقابلة والحس والشعاع وغير ذلك، وهذا غير صحيح، لما قلناه من أن الله تعالى يمكن أن يخلق الرؤية في بصر الإنسان مباشرة بلا واسطة هذه الشروط العادية، فلا يجوز الاعتماد على مجرد القول بأن الله يرى بالأبصار للقول بأن هذا يلزمه الحس والحد وغير ذلك من اللوازم الباطلة، فإن هذا لا يلزم الأشاعرة إلا إذا قالوا: هذه شروط عقلية للرؤية، وهم لا يقولون بذلك كما عرفت.
    فيتضح لك أيها القارئ الكريم، أنه لا فرق في هذه المسألة بين المتقدمين والمتأخرين من الأشاعرة، وأن الفرق مجرد تهويش أو عدم علم أو غفلة من الفرق المخالفة كالشيعة والزيدية وغيرهم، ومجرد الزعم غير المبني على دليل ولا بينة لا يلتفت إليه ولا يعول عليه.
    فظهر بهذا أن أدلة الأشاعرة أقوى من أدلة غيرهم، وأن مشيهم على حدِّ الشريعة أقوى وأوثق، وتعمقهم في المعاني وبناء الأدلة أقوى وأرسخ من سائر الفرق.
    وأما ما قاله نقلاً عن الإمام الرازي من أن دليل العقل على جواز الرؤية يعني دلالة الوجود ضعيفة أي غير قطعية، فهذا قد يسلم، ولا إشكال في التسليم به، لأننا تابعون للأدلة، ولكن العاقل إذا قارن بين دلالة الوجود على الجواز، وغيرها من الدلالات العقلية، وبين دلالة المقابلة على المنع، لحكم جزماً بأن أدلة المثبتين العقلية أقوى بلا شك من أدلة النافين العقلية، فإن أدلة المحيلين للرؤية مبناها على مجرد مغالطات وقياسات عادية ومصادرات كما اتضح.
    فإذا انضمت ظواهر الآيات القرآنية، وصريح الأدلة النبوية على ثبوت الرؤية إلى الأدلة العقلية، صار الرجحان بلا شك في صف المجوزين لا النافين.
    ثم ههنا سؤال: إذا ورد ظاهر القرآن بإثبات الرؤية، ودلت صرائح الأحاديث على الرؤية أيضاً، وحكم المخالف بأن المعنى المراد بالرؤية عند الأشاعرة هو التجلي، فَلِمَ لم يقل الخصوم بالجري على ظاهر النقل فيثبتون الرؤية مع بيان معناها الصحيح الجائز في حق الله تعالى، كما فعل السادة الأشاعرة ؟!
    فهذا هو خلاصة ما ذكره الشرفي في هذا الكتاب، وهو لم يزد في المعلومات والاستدلال على ما ذكرناه عن المعتزلة.



    يتبع .......

  11. #26
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,463

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ديك الجن
    على كل حال أخي أبو نور....

    سيبتعد ديك الجن قليلاً ليرتاح الجميع!
    اتفق مع الكميت أخي ديك الجن
    ارجو المواصلة ... تحياتي

  12. #27
    الصورة الرمزية دجلة الخير
    دجلة الخير غير متواجد حالياً مشرفة واحة التجارة والاقتصاد
    تاريخ التسجيل
    Jul 2003
    المشاركات
    2,033

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ديك الجن
    أخي الحبيب أبو نور...

    أعتذر أخي الكريم عن أي اساءة غير مقصودة!...

    أعلم أن اسلوبي التعبيري قاسي و استفزازي أحياناً ولا يعجب الشيعة قبل السنة!...

    بل أن مواضيعي باتت تحذف من هذا المنبر وكأنني مجدف أو مهرطق !...

    و باتت تتعالى الصيحات على ديك الجن تارة تصريحاً و تارة تلميحاً من الأخوة !...

    بصراحة لم أتوقع هذا المقدار من الكره و الانزعاج من شخص ديك الجن!...
    على كل حال أخي أبو نور....

    سيبتعد ديك الجن قليلاً ليرتاح الجميع!

    عذرا من الاخ ابو نور

    الاخ ديك الجن المحترم
    لديك مواقف مشرفة في الدفاع عن التشيع في مواضيع كثيرة ..
    وكنت دوما اخا عزيزا مُحترما ذا خلقٍ كريمٍ
    أرجو أن نقرأ لك دوما فكل ماتكتبه مفيد وشيق
    *·~-.¸¸,.-~*وبَشــــــــِّـــــــــــــــــر الصـــــــــــــــابرين*·~-.¸¸,.-~*

    [align=center][/align]

  13. #28
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    المشاركات
    1,660

    افتراضي

    الأخوة الأعزاء الكميت...هاشم ... والأخت الفاضلة دجلة الخير...

    ليس بمستغرب عليكم هذا الموقف الأخوي الصادق...


    ثبتنا الله و اياكم على الحق...

    أخي أبو النور...

    ما زلنا في انتظار تأويل!؟! الشيخ سعيد لأحاديث الرؤية في الصحاح...

    تحياتي ...

  14. #29
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    المشاركات
    1,660

    افتراضي

    أخ أبو نور

    ما رأيك بقول (عكرمة)- من السلف الصالح !-في تفسيره لقوله تعالى:

    الرد على الجهمية للدارمي-باب الرؤية

    حدثنا محمد بن منصور الذي يقال له الطوسي ثنا علي بن شقيق أنبأ حسين بن واقد

    عن يزيد النحوي عن عكرمة (وجوه يمئذ ناضرة) الى ربها ناظرة.

    قال ينظرون الى الله نظراً


    http://www.alsunnah.com/Hadith.aspx?...165701#LblPath


    أقول: لم نرى عكرمة يتحدث عن العلم و الادراك و الكشف و المعرفة بل حدد الوسيلة كما فهمها السلف السني الصالح...

    ينظرون الى الله نظراً!....أي النظر الذي يعرفه البشر على الأرض!

  15. #30
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    المشاركات
    77

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ديك الجن
    أخي أبو النور...

    ما زلنا في انتظار تأويل!؟! الشيخ سعيد لأحاديث الرؤية في الصحاح...

    تحياتي ...
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا وحبيبنا وقرة أعيننا وقائدنا و إمامنا أبي ازهراء وعلى آله وصحبه وعلى المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات دائماً عدد ما ذكره الذاكرون وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون صلاةً وتسليماً دائمين متلازمين
    اللهم إني أسألك و أتوجه إليك بحبيبك المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم
    يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك وسلم إنني أتوجه بكم سيدي ومولاي إلى ربي الله سائلاً إياه تعالى الهداية بكم فإنني يا رسول الله صلى الله عليك وسلم لا أمل لي بالهداية إلا من الله وحده لا شريك له و إنني يا سيدي محبكم وبحبكم أحب سيدي السيد الامام أحمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه وبحبكم أحب حفيده سيدي السيد الامام الرواس قدس الله روحه وبحبكم أحب سيدي الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي رضي الله عنه
    مدد يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك وسلم
    مدد مدد مدد يا رسول الله صلى الله عليك وسلم
    يا أكرم الرسل ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
    اللهم إني استشفع إليك بحبيك محمد صلى الله عليه وسلم اللهم فشفعه في صلى الله عليه وسلم
    اللهم لك الحمد وحدك لا أشرك بك أحداً

    وبعد
    أخي ديك الجن السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    إنني سعيد جداً يا أخي لأن الحوار بيننا قد ولله الحمد ابتعد عم طابع التسخيف والسخرية والتشهير بالآخر و ألأصبح قائماً على الاحترام المتبادل فلله المنة والحمد
    أخي لا أدري لماذا تستشكل وجود نصوص متشابهة ينبغي تأويلها اجمالياً أو تفصيلياً في السنة النبوية كما في الكتاب العزيز ؟
    المهم هو إذاً ألا نبني عقيدتنا التفصيلية على أساس المتشابه بل إن لم نتمكن في وقت في من الأوقات من فهم هذا أو ذاك من النصوص المتشابهة في القرآن أو السنة فعلينا هنا أن نترك علم معناه لله سبحانه وتعالى أو لنا أن نطلب معناه من العلماء فلا يجوز أن ينسد باب العلم مطلقاً بكتاب الله ؟
    لكن إن لم يتيسر لك في وقت ما العثور على من يشرح لك هذا النص المتشابه أو ذاك فأيقن أن الله تعالى لم يكلفك أكثر من التسليم بوروده وأن معناه ليس هو ما يتبادر إلى ذهنك من التشبيه أو التجسيم
    وهذا هو ما يسميه علماؤنا بالتأويل الاجمالي وهو ما يشن عليه إخوتنا من غلاة السلفية حرباً ضروساً ويسمونه تفويضاً تعطيلياً
    لكن يا أخي النصوص التي قدمتها لي من صحيح الامام البخاري رضي الله عنه ليست صعبة الفهم ولله الحمد
    فالمراد من الصورة متنوع
    بمعنى أن الصورة قدلا تكون حصراً هي الصورة الخيالية حيثما وردت
    انتبه إلى هذا أيها الأخ الكريم حفظك الله !
    مثلاً تقول : صورة المسألة كذا وليست كذا
    هنا تأتي الصورة بمعنى الصورة العقلية وليس الصورة الخيالية
    أي الصورة قد تكون عقلية بمعنى المفهوم الذهني
    أو بمعنى الصورة المتخيلة والتي تنقسم إلى حقيقية ( أي منتزعة من جسم موجود في الخارج ) أو وهمية ( أي مصطنعة في الذهن وليس لها مصداق )
    إذاً فما ورد في الحديث من أن الله تعالى يأتي العباد بغير الصورة التي يعرفونها يعني أن هناك صورة يعرفه بها المؤمنون من قبل
    فما هي ؟
    إنها الصورة العقلية أو العلمية
    تأمل يا أخي :
    أليس لنا الآن تصور عن رب العالمين
    نعم إنه تصورنا أنه تعالى ليس في مكان و أنه تعالى ليس في كل مكان ولا هو تعالى في مكان دون مكان ولا في جهة من الجهات الست
    هذا تصورنا الذي نحمله عن الله تعالى
    هذا التصور الذي نحن الآن نعرف ربنا به جل وعلا
    فليس ببعيد أن يأتي الله تبارك وتعالى لعباده المؤمنين في الآخرة الذين آمنوا به جل وعلا دون أن يروه : آمنوا به على أنه تعالى لا يتصف لا بالمكان ولا الزمان أن يأتي لهم باختبار أخير يبين لهم قيمة هذا العقل الذي به عرفوا ربهم من دون رؤيته فيصنع لهم صورة هي قطعاً غيره فيقول لهم على سبيل الاختبار لزيادة بيان شرف العقل الذي به آمنوا بربهم :هذه الصورة هي ربكم أي سؤالاً لهم
    ولله تعالى أن يسأل عباده مع علمه المسبق فهو لا يحتاج إلى جوابهم كما ق5د سأل موسى عليه السلام وابراهيم عليه السلام وغيرهما وهذا دارج في الخطاب الالهي لتقرير حقائق مهمة ينبغي أن يتنبه إليها المسؤول لا السائل القدوس جل وعلا .
    فعند ذاك يظهر مرة أخرى وكما ظهر في الدنيا يظهر مرة أخرى قيمة هذا العقل الانساني
    كلا هذا ليس ربنا فربنا ليس بجسم ذا صورة
    إن الصورة التي نحملها عن ربنا هي أنه ليس جسماً ولا هو في مكان ولا في كل مكان بل هو منزه عن المكان فهذا ليس ربنا
    وهنا يكرمهم ربهم بمرآه المقدس جعلك الله تعالى يا أخي يا ديك الجن ممن يسعدون برؤياه جل وعلا
    أما الساق والكشف عنها فهذا في لغة العرب يفيد الاشارة إلى أمور مهولة وعظيمة
    يقولون : كشفت الحرب عن ساقها
    أي عن أهوالها الخطيرة
    فكذلك رؤية ربنا ليست شيئاً عادياً لا قيمة له بل هي نعمة هائلة القدر عظيمة الشأن
    أمرها هائل وعندما ستراه يا ديك الجن وستراه إن شاء الله تعالى عندها ستعرف أنها ليست بشيء قليل الأهمية
    إنها هائلة الشأن
    أكرمك الله تعالى و هذا العبد الفقير الضئيل بها معك آمين آمين آمين
    أخي لله وحده الحمد والمنة ولا شريك له جل وعلا
    سبحانه وتعالى الله ربنا
    وصلى الله وسلم على سيدنا محمد والحمد لله رب العالمين

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني