صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 16 إلى 27 من 27
  1. #16
    تاريخ التسجيل
    Aug 2003
    المشاركات
    226

    افتراضي

    أحاديث الغربة والتغرب:
    --------------------------

    ينتظم النشاط الإجتماعي في أرض المهجرعادة حول المساجد والحسينيات والنوادي العربية وغيرها.

    ففي مدينتنا كانت النشاطات الدينية (من مجالس حسينية إلى إحياء أيام عاشورا إضافة إلى النشاطات الرمضانية) للطائفة الشيعية العربية تمارس عادة في البيوت والشقق ولكن بهمة قلة من الإخوة المضحين إفتتحت أول حسينية رسمية سنة 1991.
    وبطبيعة الحال لم تمرهذه المناسبة العزيزة على قلب كل شيعي تواق لسماع صوت سيد الشهداء الحسين بن علي(عليهما السلام) يوم عاشوراء وهو يرى القلة القليلة في أصحابه ومناصريه والكثرة الكاثرة في أعدائه ومناوئيه متمثلا قول الشاعر:
    يا دهرأف لك من خليلي............مالك في الإشراق والإصيلي
    لم تمر هذه المناسبة من دون شوشرة وصخب وحرب معلنة وخفيه وتساؤل مغرض دنئ )بكل أسف) من أبناء الرافدين وممن سامهم صدام قتلا وتشريدا وتصفية !!!!!!!!

    هذه الحسينية محسوبة على يا حزب؟
    وتابعة لأي خط؟
    (إنا لله وإنا إليه راجعون)

    وكانهم تناسوا بأنها حسينية وكفى !!
    ألا يكفي الأسم يا اخوة الإيمان ؟
    وهل هي مكان سري وغير مفتوح لكل شيعة أهل البيت ؟

    المهم أمرنا لله الواحد القهار.
    سعدنا بإفتتاح الحسينية وأسميناها (حسينية الصادق عليه السلام) وكانت لنا فيها لقاءات إسبوعية وبجلسات تستمر إحيانا لثلاث أو أربعة ساعات وكأن الجميع يحاول أن يبقى أطول مدة ممكنة في الحسينية لتنوع النشاط فيها. وشارك الجميع في كل فعالياتها وكان للبعض موقف سلبي منها مع الأسف فبالإَضافة إلى ما تقدم من دمغها بجهة معينة إلى تسقيطهاوخاصة من قبل من نصب نفسه إماماللمنطقة في حين كونه لم يتعد خطيب منبرحسيني وحتى في هذه (مشرق ومغرب) وشن الحرب عليها بشتى الطرق الغير شرعية والغير خلقية وإنا لله وإنا إليه راجعون.

    كان من جملة نشاطات الحسينية هو دعوة خطباء من البلاد الإٍسلامية أو من ترشيحات بعض الأخوة وخاصة في ذكريات المحرم لإقامة المجالس الحسينية أودعوة بعض الخطباء من المقيمين في مدن أخرى.

    وذات يوم عرفنا بقدوم طالب علم ديني إلى مدينتنا فكانت فرصة أن نستضيفه في الحسينية لإلقاء بعض المحاضرات طول مدة بقائه في المدينة لكن بعض الإخوة أعترض على الدعوة لمعرفته السابقة بهذا الطالب وعرض بعض كتبه وكتيباته في الحسينية ليطلع عليهاالإخوة ولكن الرأي إستقر إخيرا على دعوته والإحتفاء به كعالم دين وله مؤلفات فلسفية وإن كانت غير مفهومة وغير متناسقة في إغلبها ولكن عللنا ذلك بعدم وصولنا لمستواها العلمي. وبهذه المناسبة تصفه إحدى مقدمات كتيباته بأنه من الفلاسفة الناشئين الطليعيين، وكان رأي الأخوة يجب دعمه وتشجيعه مادام أحد طلاب مدرسة أهل البيت(ع).
    نشير للشيخ فقط بإسم الشيخ الركابي.
    كنت ممن عمل له قصيدة ترحيب شعبية وأتذكر بعض من أبياتها:

    هلة بشيخ الركابي وكل بني رجاب.........هلة ببحر العلم لو نطق ينساب
    هل بها اللمة لمة أخوة وأحباب...............هلة ويا مرحبة وكل الهلة ياب
    وتستمر القصيدة ولا أتذكر أبياتها الأخرى لأسباب يأتي شرحها.
    ولكن أتذكر بعض أبياتها المشاغبة والتي تشير لأحد الأخوة الذي كان يناصب الحسينية العداء والصخب. والتي تقول:
    ولو زارنا الحولي السخيف................... نكلة ظل أنت وراء الباب
    ولو جبر نفسة ودخل .........................كلهاتكول كوم أطلع جراب

    المهم بدى الشيخ غريبا بعض الشئ وخاصة في طروحاته ولكن خلق الضيافة وقلة المعرفة كانت توجب علينا تحمله والتأدب معه فغض الطرف عن كل ما عكر صفو الزيارة.

    تكررت زيارة الشيخ لنا في السنة القادمة بسعي من بعض معارفه وإن كان التيار معاكس لقبوله أصلا خاصة وقد وجه لنا لوما من بعض الشيوخ الذين يعرفون عنه اكثرمنا ولكنه زارنا وإن كانت زيارته شبه مفروضة.
    في هذه الزيارة الثانية كنا حذرين من طروحاته ولاحظنا تحلق مجموعة غير معروفة بإلتزامهاالديني حوله وتصوير زياراته ونشر له لقاء في أحد الصحف المحلية واصفينه بأحد أقطاب المعارضة العراقية.
    وإتسمت طروحاته هذه المرة بالشراسة والخروج على المألوف حيث لم يترك عالما من علماء الدين المجتهدين الكبارإلا ونبزه بما يعيبه ويخطأه ولا حظناطرحا غريبا بعض الشئ وإستعمال الشيخ لمصطلحات مستعارة من علم اللغات الأجنبية أو الفلولوجيا.
    من أمثال عناوين بعض كتبه: الإبتسمولوجي والأنتربولولوجي و...و...إلى آخرلولوجي وحتى في طروحاته بعض الإفكار الغريبة التي ينتقد بها بعض العلماء مثل جواز التمتع بالرضيعة والزمن والتداخلات الزمنية, والممارسات الهرمسية ....والخ.
    إمتعض الجميع من تصرفات هكذا شيخ وحاولنا إيقافه ولكن حرمة للتاج الذي يلبسه إكتفينا بالمقاطعة لجلساته وأحس هو بتذمرنا فغادر المكان إلى غيررجعة وحمدنا الله ولكن بدأنا بلوم أنفسنا والعتب الشديد على معارفه الذين سهلوا مجيئه للمرة الثانية.
    طالبني بعض الأخوة بقصيدة هجاء هذه المرة بعد أن مدحته بقصيدة شعبية في أول زيارة له فكتبت.

    ركبت على إسم الله في ردي...........فناقشت الركابي على فردي
    فقلت هداك الله ياشيخا ................لقول الحق أقولا ترى تجدي
    نطقت كوعاظ السلاطين............تعيد القول ماقال علي الوردي
    ....
    تهرمست تلوجقت تهرطقت........تلاعبت على الإلفاظ بالنرد
    وخطأت رفاق الدرس من......... رافق شهيد الصدر في عهدي
    صفات العالم النحريرفي ...........العلم وليس النقد والرد

    هذا كل ما أتذكره من القصيدة.

    وإلى حديث آخر.
    حسبي الله ونعم الوكيل

  2. #17
    تاريخ التسجيل
    Aug 2003
    المشاركات
    226

    افتراضي

    نتابع حديث الغربة والتغرب:
    ------------------

    اللهم صل على محمد وآل محمد.

    الحمد لله رب العالمين أن أرانا بأم أعيننا نهاية المجرم الطاغية جزار بغداد.

    وكنت دائماأدعواالله أن يعذبه عذابا لم يعذب شخصاآخر مثله!!

    وقدتحقق ذلك من طريقة إعتقاله حيث حصلت بشكل أذهل كل المراقبين والتوقعات، وحتى خبراء علم النفس الذين صوروه كسادي ومقاتل شرس يفضل الإنتحارعلى الوقوع إسيرا بيده طالبيه، ولكن إرادة الله خيبت كل مراقبيه ودارسيه لتظهره على حقيقته جبانارعديدا، مستعدا لعمل أية وضاعة ودنائة وخسة للحفاظ على حياته، فتعسا لنهايته المقرفة المخزية وحمدا على فضيحته المبهجة المفرحة.

    أكثرمن ثلاثة عقود، وهومتربع وكابس على أنفاس العراقيين، بقوة الحديد والنار!! ولأي سبب ؟؟ ولماذا؟؟ وماهوالداعي؟؟ ولامن سبب !! ولامن موجب لكل جرائمه وإستهتاره بأرواح العراقيين!!

    بعد رجوعي للعراق في السبيعات، وبعدأن أنهيت دراستي، كان علي أن أوفي عقد بعثة الدراسة في بريطانيا، وذلك بأن أشتغل على قدرعدد السنين التي قضيتهافي الخارج على حساب الحكومة.

    تعينت مهندسا في شمال العراق، في واحد من المشاريع الجديدة. كانت ظروف عملنا في الحقول ومعنى ذلك عشنا في مخيمات، لذلك كنافي المخيم كمالوكنانعيش في بيت كبير، فالكل يعرف الكل وله علاقة معه إن قربت أوبعدت حسب الظروف.

    لكون الظروف الحقلية قاسية بعض الشئ، بسبب ظروف العزلة عن المدن والإحتكاك المباشربكل الموجودين، كثير ماكانت تظهر على المتواجدين في المخيم بعض من أنواع الهستيرياوالتصرفات الغيرطبيعية، كأن يتجه بعضهم لأحتساء الخمر والبيرة كل يوم، أو يعملون تكتلات تنابزتكتلات أخرى..... وألخ من مظاهرالشذوذ التي يفرزهاالوضع غير الطبيعي داخل المخيم السكني.

    لذلك كنت كثيرا ماأتجنب النادي والجلوس فيه وألجأ للقلة من هم على شاكلتي من الملتزمين دينيا، للحواروإستعادة الذكريات وسماع بعض النكات لتمضية الوقت بعد الدوام الرسمي، أو بممارسة الرياضة وآحيانا مشاهدة التلفيزيون.

    كناخريجي الخارج قريبين بعض الشئ من بعضنا، ولا أخفي كنانحاول خلق الأجواء المفتوحة والمتحررة بعض الشئ مثل تداول مصطلحات اللغة الأنكليزية في كل نقاش أوحوارداخل المخيم، أوحتى الكلام بالأنكليزي بالكامل لتعودنا عليه.

    كان خريجي الداخل ينظرون لنا شزراوريمايحسدون تثقنا بالثقافة الأنكليزية، المهم كان هناك نوع من التقارب المحبذ بين خرجي الجامعات الغربية.

    وفي يوم من الأيام كنت أشاهد التلفيزيون العراقي، وكله من أول فتحه ولحين غلقه تمجيد بالبعث وصدام والبكروالحزب القائد...و... وألخ من الحديث الممل والأغاني المبتذلة عن البعث والعبث بعقول المشاهدين.

    جلس جنبي صديق لي ومن خريجي الخارج – بريطانيا، وطلب مني مرافقته إلى خارج المخيم لحديث مهم ثنائي بيني وبينه، فأمتثلت لطلبه.

    أعرف الشخص بعثي ومتعاون مع حكومة البعث، إن لم يكن جاسوسا، على بقية المهندسين والموظفين، بدأ حديثه معي بنصحي بإن الحلقة الحزبية في المخيم تناقش قضيتك! فصقعت من كلامه قضيتك!!

    أي قضية أخي ؟؟

    قال لا مافي شئ بس يعني إنشوفك ماتهتم كثيروماتصفق عاليا عندما تطلع صورة صدام أو البكرفي التلفزيون !!!

    قلت له: لوكان شخص آخر غيرك ماتعجبت لكن أنت الذي درست في بريطانياوعرفت نسيم الحرية والديمقراطية تتحدث هكذا!!

    فأقسم بأنه يريد مصلحتي وإبعاد الشبهة عني.

    لكوننا تعودنا على الحياة الغربية، لكن العراق يختلف عما تعودنا عليه!!!

    المهم عرفت بإني مراقب وكل تصرفاتي محسوبة، فكتمت الأمر في نفسي وقررت الهروب بجلدي من جهنم!!

    أفهم بإن من عنده نشاط سياسي يكون مراقب ومحاسب على نشاطه!

    لكن الساكت لماذا يراقب ويضايق وتمارس معه كل وسائل الأرهاب والتخوين؟؟؟

    سألت بعثي آخر معتدل، وشاركهم من أجل المصلحة!!

    فأكد لي بإن الساكت أخطر على البعثيين من الظاهروالمتملق، لكونهم يعرفونه أما الساكت فغير ظاهر وسكوته يخفي شئ يخيفهم ويثير قلقهم!!

    وإلى حديث آخر
    حسبي الله ونعم الوكيل

  3. #18
    تاريخ التسجيل
    Aug 2003
    المشاركات
    226

    افتراضي

    نتابع الحديث:
    -------------

    وحديث اليوم سوف يكون عن الغربة وليس التغرب لكونه حصل في الخليج وفي بداية فترة الثمانينات:
    ركبت سيارة التاكسي بعد إنتهاء عملي متوجها إلى شقتي في المدينة الخليجية التي كنت مقيما ومشتغلا فيها وكان سائق التاكسي من البتان أو البشتون قبائل الحدود الأفغانية الباكستانية وما أكثرهم وأنشطهم في الخليج.
    والمعروف عن هؤلاء الناس الطيبة والشهامة والشجاعة والوفاء لمن يحسن معاملتهم.
    لاحظت بطاقة ملونة مزركشة ملصوقة على زجاج السيارة الأمامي ومكتوب عليها بخط عربي متناسق وجميل يعني مثل بطاقات العيد.
    وكان مكتوبا عليها(علي ولي الله).
    فسألت سائق السيارة بعد أن لاطفته بقولي له:
    كيف أنت حاجي ؟ فيه بندوق ، رايفل (يعني بندقية بالأنجليزي) هكذا يلفظها البتان.
    فأبتسم قائلا:
    في واجد تعال باكستان.
    ثم سألته: حاجي أنت في شيعة
    فألتفت إلى يعيون يتطاير منها الشرر، وصارخا بلهجة عصبية مخيفة قائلا:
    لا أنا ما في شيعة أنا سني. ثم أردف قائلا : هذا شيعة كلو خيوان (يقصد حيوان)
    فحاولت تهدأته قائلا : حاجي أنت ما يزعل أنا كمان في سني .
    فهدأ قليلا متابعا سيره ثم قال:
    أنت ليش يسأل.
    قلت له : حاجي أنا في شوف هذا. وأشرت إلى البطاقة الملصوقة على زجاج السيارة.
    فبدأ يشرح هادئا: هذا سيارة مش مال أنا. مال واحد بتان شيعي خيوان مريز (يقصد مريض).
    سألته: حاجي ليش هذا شيعي خيوان؟
    فأجاب: هذا شيعي خيوان عشان في الأزان (يقصد الأذان) ما يكول أشهد أن محمد رسول الله يكون أشهد أن عليا رسول الله.
    بعدين من شان حج هذا شيعي خيوان مايروخ مكة يروخ كربلاء.
    بعدين في عاشوراء هذا شيعي خيوان يسوي دوك ..دوك...دوك وبدأ بالضرب على صدره.
    كنت احمل معي علبة من اللبان المعسل(العلك) فأخرجتها وناولته واحدة ثم قلت له:
    حاجي: شيعي سني كلو واحد مسلم مافي فرق شيعي سني.
    ماما مال أنا سني بابا مال أنا شيعي. الحمد لله كلو مسلم. بدأت نظراته تتزايغ بين مصدق ومكذب وبدأ خجولا بعض الشئ.
    إطمأنيت بأنه غير متوتر وبدأ مستمعا لي فأردفت له.
    أنا مولود في كربلاء لكن عشان حج أنا روخ مكة حاجي.
    حدق في عيني وكأنه غير مصدقا لقولي.
    ثم تابعت حديثي معه: لكن هذا كافر أنكليزي هندي يسوي تفرقة بين مسلمين عشان هو يأخذ كل شئ. فأجاب بتأييد متحمس.
    أي والله أنت صحيح يكول.
    ويطول الحديث مع هذا المسكين الفقيرالغير متعلم والمصدق لكل ما يحشون في دماغه من قصص وأكاذيب والذي ترك أهله على بعد ألآف الأميال جاريا وراء لقمة عيشه فأنبسط لكلامي كثيرا وبدى وكانه خجلا منكسرا من كلامه الأولي.
    وقبل تركي للسيارة اخرجت له ورقة بعشرة دراهم في حين كان العداد يشير إلى سبعة دراهم وقلت له حاجي: هذا كلو عشان أنت.
    فما أن سمع كلامي ورأى ورقة النقود حتى هجم على يدي جاذبا أياها بقوة ليقبلها. وأصر على عدم أخذ أي شئ مني وكان منفعلا جدا. ثم قال:
    أنت يكول كلام كلش زين أنا في خيوان.
    عانقته وكانت رائحة العرق الكريهة تفوح من بدنه ودعوته للإفطار معي في شهررمضان المبارك وكنا على أعتاب الشهر الفضيل وقلت له:
    جيب معك هذا صديك مال أنت شيعي خيوان.
    وفي شهررمضان وعند الإفطار وصل الإثنان ففطرنا سوية وأنشرحا لي الإثنان كثيرا وكل واحد منهم يسمي صديقه خيوان.
    وكما عرفت بعد ذلك من صديقه الشيعي وكنت أراه في الجامع في الصلاة بأن والي خان أصبح من أحسن أصدقائه وقال سوف يأتي به للصلاة معنا في وقت من الأوقات.

    وإلى حديث آخر.
    حسبي الله ونعم الوكيل

  4. #19
    تاريخ التسجيل
    Aug 2003
    المشاركات
    226

    افتراضي

    نتابع أحاديث الغربة والتغرب:
    -----------------------------------

    حديثنا هذه المرة سوف يكون عن أيام مرت علينا،عصيبة حالكة، مشحونة بالأسى والعذاب النفسي وحرق الإعصاب. ففي خلال حياتي في الغربة لم تمرعلي أيام قاسية مريرة إلا مرتين.

    كانت المرة الأولى في بريطانياسنة 1967م. والثانية في شمال أمريكا سنة 1991م.

    ففي المرة الأولى لم أكن الوحيد الذي قاسى من المرارة والإنكساروالإذلال والخيبة!!

    بل كل الجالية العربية، وذلك بعدهزيمة العرب في حرب الأيام الستة في عام 1967.

    فعندماينتقل الفردمن بيئة إلى بيئة تغايربيئته الأولية يحصل عنده نوع من الحنين إلى عشه ومسقط رأسه، فيزدادإعتزازا بماعنده حتى ولوكان ذلك أقل مستوى من مستوى الظرف الجديد،وعندماتطرح الشعارات لتذكربالماضي التليد، وتدغدغ المشاعرلرفع المعنويات ويستشعرالواحد بنابقيمة معنوياته ومثلة وعلوهاعلى مايجده في بلد اللامعنويات وحقارة المثل، بل فقط ماديات وكسب يومي.

    ينشحن ويتشنج بصورة فوق الطبيعية،ثم فجأة تفشل المعنويات لتنكسرأمام جبروت وطغيان المادة. لينهارالإنسان أمام هول الفاجعة وعظم المصيبة وهذا ماحصل لنابعد هزيمة العرب في حرب الإيام الستة.

    كان الإعلام البريطاني معادي ومتحيزبشكل لا يوصف، وعلى دراية تامة بما سيحدث وماسينتج!!!! وكنانشاهدعيانا كيف كانت الأحداث والوقائع تصوروتبث للمواطن البريطاني، لتهيأه لحدث قادم فيه حمل وديع،مظلوم محاصر، بمجموعة ذئاب كاسرة من ظلمة عرب، ومتلهفة لإلتهامه أورميه في البحر.

    وفي المقابل كان هناك إعلاماعربيا صفيقاليس فيه سوى العربدة والجعجعة والكلام الرخيص. كان ذلك ظاهرا وباديا للعيان وحتىالسطحي وقليل الثقافة كان يتساءل مابال الحكام العرب وعلى رأسهم النظام الناصري المصري حامل راية العروبة والشعارات الرنانة الطنانة، بهذه السذاجة والسطحية وعدم تقديرالأمورلوضعهافي محلهاالمناسب؟

    بعدأن أغلقت البحرية المصرية خليج العقبة بإحتلالهامضايق تيران. لاحت نذر الحرب وسارع البريطانيون وكل حماة إسرائيل،إلى شحن همم شعوبهم بكارثة سوى تحدث لليهود المساكين الذين خذلتهم أوربا والعالم لينتقم منهم هتلر، وها قدعاد هتلربإسم العرب لينتقم ثانية من هؤلاء القلة،الثلاثة الملايين الأليفين الوحيدين والمحاطين بأكثر من مائة مليون متوحش لقلعهم من الجذورلأبتلاعهم.

    في المقابلة التي عملهاأنتوني نتنك وزيرخارجة بريطانية الأسبق والذي إستقال إحتجاجا على حكومته أثناء عدوان 1956 م. على قناة السويس مع الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصرظهرالرئيس المصري وكأنه واثق جدامن نفسه وهويقول بإننامنتظرين لإسرائيل أن تهاجم لنري العالم بإن ماكتب عن حرب السويس في 1956م. كان تخريف في تخريف.

    كان الكل يراقب ولايعلم ماكان يخبأه القدرللعرب بقيادة مصر!! بل فقط كنانستمع ونتسلى بحماس ثائرلكوكب الشرق الراحلة أم كلثوم وهي تغني للعرب وللعروبة:

    الله معك .....الله معك
    جيش العروبة يا بطل الله معك..........ماأروعك ماأعظمك الله معك
    مأساة فلسطين تدفعك نحوالحدود......حول لهاالألام برود في مدفعك.

    راجعين سيول من الصحارى للحقول..........زي الرسول...
    ..........
    وبدأت الحرب بهجوم كاسح متواصل لتدمرالجيوش العربية فتصل إسرائيل إلى قناة السويس في ستة أيام ويقبل العرب الهزيمة صاغرين لتقف إسرائيل عند الشاطئ الشرقي للقناة ويعلن جمال عبدالناصر تخليه عن الحكم بخطاب عاطفي ذرفنا له الدموع غزيرة ولاأستطيع تصورالحالة التي كنافيها!!وخاصة أثناء معارك سيناء حيث كانت وسائل الإتصال المرئية تنقل مشاهدجثث الشباب المصري وهم صرعى العطش في صحراء سيناء. أتذكرأثناء خطاب عبد الناصر وبعد أن أعلن عن تدميرقوته الجوية وهو يقول:

    (ظلت قواتنادون غطاء جوي........ولم تكن طبيعةالصحراء تسمح بالدفاع الكامل...)

    حيث الكل صرخ نادباباكياليصب لعناته عليه وعلى طريقة إدارته للمعركة.

    وفي الحقيقة لاأستطيع شرح الحالة التي كانت فيهاالجالية العربية، البريطانيون ينظرون لناشزرا وبإحتقاربين وتشفي يحطم أعصاب الفرد فكان الفرد منا يتمنى لوأنه خلق في مجاهل أفريقيا ومتاهات سيبيريا وليس في بلد عربي!!!!!!!!.

    وبلاش نكمل ذكريات حزينة مقرفة وتاريخ حالك أسود.

    إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.

    وإلى حديث آخر.
    حسبي الله ونعم الوكيل

  5. #20
    تاريخ التسجيل
    Nov 2002
    الدولة
    الكويت
    المشاركات
    1,216

    افتراضي

    بما اني عقبت على بعض النقاط في منتدى آخر فاني ساكتفي بالتعقيب على قضية الحسينيات بالخارج

    بايجار : دور المراكز الاسلامية في الغرب دور مهم جا فهي البيت الثاني للمسلم , و تكتسب الحسينيات و المساجد في اوربا و امريكا أهمية مضاعفة بالنسبة للفرد عما هي في بلادنا شأنها شأن اي شئ اسلامي نادر كالمطعم الحلال و محلات بيع اللحم الحلال و غيرها , و اذا توفر المبلغ الرسالي الناجح فان هذا سؤدي الى نجاح المركز و نشاطه و جذب الشباب الى التدين , أما اذا كان المبلغ غير مخلص و صاحب فتنة فسينفر الناس منه و تنشا حالة الاستقطاب و الاحزاب المصغرة خاصة مع ترسخ عقلية تشطيل الكتل و الشلل في عقليتنا الشرقية ,

    بالنسبة للمشايخ الزائرين فكان يزورنا مشايخ و شخصيات في مناسبات مختلفة خاصة في محرم و شهر رمضان و أذكر انه اتى شيخ سعودي يدرس في قم لاحياء شهر رمضان و كان ذو مزاج عصبي جدا و حدثت مفارقات و قصص نتذكرها و نضحك عليها خاصة انه امضى شهرا كاملا (شهر رمضان) و بعد أيام عرفنا الفلم ماله فكنت احيانا اقوم مع بعض الشباب من البحرين بعمل مقالب له و نبقى بعدها نحكي ما حصل و نتسامر في جو رمضاني بهيج

    سيدنا نتمنى المزيد من احاديث الغربة
    السلام عليك يا ابا عبدالله

  6. #21
    تاريخ التسجيل
    Aug 2003
    المشاركات
    226

    افتراضي

    نتابع الأحاديث:
    -------------------

    أيهاالساقي تلطف بالشراب.........فإسقني ماء الفرات العذب
    وألعن الأيام سوتني خراب..........يوم ساقتني إلى أرض(الهبي)

    قطعة من شعر الموشحات الإندلسية، تشرح حال العراقي،الذي أصبح يدورمن أرض إلىأرض، ومن بلدإلى بلد، ليجد مأوى يأويه وعائلته.ليعيش بكرامة، حرمتها منه عصابة القتل والإجرام الطاغية الحاكمة في العراق، والجاثمة على صدورأبناء البلد، والمطبقة على أنفاسهم منذاكثرمن ثلاثةعقود.

    فبعدإخراجنامن عملنا في الخليج، وكنتيجة للضغط الذي مارسته حكومة البعث في العراق، على حكومة البلدالخليجي، الذي كنانعيش فيه في منتصف الثمانينات (حتى ترك البلد بكل خيراته ومافيه غيركاف لكي تكف حكومة الإرهاب والقتل عن العراقي الشريف بل تظل تلاحقه وتحاربه في لقمة عيشه أينماحل وحيثماإرتحل).

    نصحنا زملاؤنا المصريين الذين تعرفناعليهم في الخليج بالسفرلأم الدنياوالعيش فيها. فعملنابنصيحتهم وسافرنا لمصر لنستقر في مدينة الزقازيق أحدى مدن محافظات مصرالشرقية وأهلها الفلاحين الطيبين.

    وحتى في مصرالطيبة،رفضوا تسجيل أولادنا في المدارس الخاصة، المدفوعة الأجر بالعملة الصعبة، مالم نأتي لهم بإوراق ثبوتية مصدقة من السفارة العراقية في القاهرة. ولكن هيهات يحدث ذلك وقادسية العار، مستعرة الأوار، تطحن أبناء الشعب المغلوب منذ مايقارب السبع سنوات.

    إضطررناللتسكع من جديد في البحث عن الهجرة، لبلدآخريراعي حقوق البشرأكثرمن أي بلد عربي.

    كنا ننتظر بفارغ الصبر أوراق الموافقة على هجرتناإلى شمال امريكا ونحن نعيش في مصر، وكنت لاأخرج من الشقة إلا للضرورة وأقضى معظم اوقاتي في المطالعة في البلوكونة أنظر للترعة التي تشرف عليها شقتنا، ومراكب الصيد الصغيرة التي تنساب في الترعة مع حركة المياه، أوعكس جريان المياه وفلاحة غلبانة تجرالمركب بحبل طويل وهي تنوء بجر الحبل ماشية على ضفاف الترعة، في حين يعمل زوجها على توجيه المركب وجنبه عياله الثلاثة والأربعة.

    منظرمعبريبعث على التأمل والحسرة على هؤلاء المساكين الغلبانين الذين يجهدون في كسب قوت يومهم وكيف كانت كل العائلة تتخذ من المركب سكنا لها.أو مشاهدة الفلاحات المصريات المتشحات بالسواد حتى أخمص القدم،وهن يحملن حاجياتهن فوق رؤوسهن من بقول وخضار وحتى طيورالأوزوذكران البط، في طريقهن إلى سوق البلد.

    في صباح ذات يوم وكناعلى أعتاب فصل الشتاء، وقد بدأنانشعرببرودة الجو.كنت جالسالوحدي في البلكونة أحتسي كوبا من القهوة. شاهدت فلاحا يخلع ملابسه ليستحم في الترعة والظاهرمن طريقة إستحمامه أن الرجل كان يتطهرمن جنب.

    أخذتني العاطفة عليه، وشعرت،وبعدأن شاهدته، بإنني ظالم لهذا المسكين! فلم لا أدعوه ليستحم عندي في الشقة حيث توفر الماء الحاروبقية لوازم التنظيف فأساعدمضطرا محتاجا وأكسب أجراعلى ذلك.

    عقدت العزم على ذلك إن تكررالمنظرإمامي، فكلمت زوجتي وشعرت هي نفس الشعور.

    بمحض الصدفة، شرحت زوجتي رقتي على ذلك الفلاح الغلبان للمرحومة الحاجة صاحبة العمارة التي باعتنا الشقة وزميلة عمرنا منذ ان كنامعهم في الخليج. فصعقت الحاجة للخبر وإذابها تنادي علي بنوع من الإحتجاج والعصبية.

    أوعى تعمل كدا الله يرضى عليك.

    ليه ياحاجة شقتناوأناحرفيها.

    مش كدا ياحاج! لوعملتها سوف يكون عندك طابور طوله عشرة أمتار في اليوم التالي وكله عاوز يستحم في شقتك! عاجبك كدا؟

    لاياحاجة الله يرضى عليك مش عاجبني!

    وهكذا بدأنا بنية صافية سليمة لمساعدة شخص محتاج لمساعدة فخانتنا ومنعتناعواقب الأمور وإنا لله وإنا إليه راجعون.

    وإلى حديث آخر.
    حسبي الله ونعم الوكيل

  7. #22
    تاريخ التسجيل
    Aug 2003
    المشاركات
    226

    افتراضي

    نتابع حديث الغربة والتغرب:
    ----------------------

    سيكتب التاريخ:

    بمصاحبة توشيحات وتقسيمات شجية على آلة القانون الموسيقية والتي تشبه آلة السنطور الموسيقية الأخرى والمصاحبة للجالغي البغدادي في وصلاته وبستاته ومقاماته وموالاته الشجية أيام زمان يعلن صاحب الصوت الشجي اللآجئ في إيران، العراقي أبو ثائر، في الثمانينات أيام كنا في الخليج، ونحن نتابع وقائع حرب السجال، بين نظام البعث في بغداد ودولة الإسلام في إيران، يعلن أبوثائر.

    هنا طهران - صوت الجمهورية الإسلامية في إيران.

    حجايات حجي عباس:

    ثم يبدأ الحاج عباس بالقول على الطريقة البغدادية المميزة.. الله بالخير عيوني يكلون (يقولون) قبل...شارحالبعض العبروالأمثال والحجايا التي قالها الحكماء وأهل العقل ممن خبرواالحياة ومافيها من أفراح وأتراحا ورابطا إياها بما يستعرضه من بهلوانيات بطل قادسية العار الأخرق ، وجرذ الأوساخ الأمرق!! وبماكان يسمى ويعرف بالإعلام المضاد الناجح، في فضح صدام وجلاوزته من المتسلطين على رقاب الشعب العراقي.

    جل المواد الإعلامية التي كان يهاجم بها صدام ونظامه الدموي كان يقوم به المبعدون والمشردون من إبناء العراق بل ومن خيرة أبناءالبلد وهم من دفعتهم حميتهم وغيرتهم على عدم مساومة الطاغوت والإنصياع لرغباته الطاغوتية وطموحاته الشيطانية، ففروا بجلودهم ليحاربوه ويفضحونه من بعد وبعد أن أستشهد البقية ممن صمد بوجه الطاغوت وآثرالمواجهة المسلحة فالشهادة!! على الخروج من البلدهروبا.

    وكان ممن خرج وترك البلد ثلة من الشعراء والأكاديميين والعلماء وغيرهم، لذلك أنعكست مآساتهم على شعرهم وكلماتهم وأفكارهم، فجاءت قصائد شعرائهم الشعبية والقريضية خيرمعبرعن آلام الشعب والأكثرية التي سدت منافد الهروب أمامها لتعيش تحت وطأة الحكم الظالم الحديدي المتسلط بقوة النار والحديد، وسفك الدماء بقطع الرقاب والوريد.

    وهذا ماسيكتبه التاريخ وماخلدته قصائدهم فلنسمع بعض مماحفظته الذكريات.

    دورت عن دفترهوية ومالكيت......................ردت أحجي وماحجيت...............وغوركت بعيوني دمعة ومابجيت.
    ليش كلي الصدر ميت حتى أبجي؟؟؟؟؟؟؟؟
    الصدرخالد في وجودك يامجاهد.....................آه ياعلم العراك ويالصاعد وصاعد
    يمتة أشوفك تنتقل من أيد عفلق للمجاهد؟؟
    وأرجع وبيدي هويتي....................وبيك أتحدى محطات الزمان الطالبتني بالهوية
    وبيك أتحدى حثالات الخيانة العفلقية.....................وصاح بية
    ها وين رايح ........إي صدك شوفطنتني أنا مادري وين رايح
    وك أنا مسلم هذا قرآني أكو مثلة هوية.

    أبيات من الشعرالشعبي العراقي تشرح مآساة شعب العراق الذي أبتلي بطغمة البعث من شذاذالآفاق، وسفلة العراق، مجموعة أشقياء قتلة عرفتهم ساحة الفضل في بغداد، وخبرتهم بكل موبقات النفاق وأعمال الحرامية والسراق!!

    وسيكتب التاريخ وبعد أن أندحر الجيش البعثي، وسلم لجند الإسلام ماتبقى من الجيش العراقي الأبي والرافض لتلك الحرب المفروضة عليه فرضا، على يد أبطال الإسلام، سيكتب التاريخ شعرا، كماعبرعنه الشعراء الشعبين العراقيين ممن لجأ لدولة الإسلام.

    الله أكبر وأندحرجيش المنافق صدام..............الله أكبروالنصرعاد ورجع للإسلام
    لاحت رايات النصروالبعثي ذب هدومة.

    وقول الآخر:
    خل تبشرالبصرة وتقرعين النجف بالسادة............بغداد خل تزهي بفرح خل تلبسهاقلادة
    صدام جدام الزلم مهزوم ولة شرادة.

    هذا كل ماتسعفني به الذاكرة .

    وصدقت نبؤة أبناء الرافدين المبعدين والمشردين فكانت نتيجة جرذالأوساخ الهزيمة والشردة أمام أعين كل العالم، فإلى سقروبئس المصيروعذاب الله قادم لامحال بعد أن أذاقه الله مرارة الذل والأندحار وألبسه ثوب الخزي والعار، في الدنيا قبل عذاب الآخرة.

    وإلى حديث آخر.
    حسبي الله ونعم الوكيل

  8. #23

    افتراضي

    تسلم ياسيد مهدي على هذه الفكرة الرائعة ، فقد فقدت اشياء كثيرة بوفاة واستشهاد اصحابها . ضاعت المواقف الغير مسجلة للكثير من شخصياتنا امثال السيد عبدالرحيم الشوكي ، والسيد مهدي الحكيم ، والحاج الاديب ، ومواقف معسكر الاهواز وكيف كانت تتسابق الشباب لركوب الحافلات ، مواقف الحوزة وازمة العراقيين فيها ، الانظلاقة الاولى للمواكب وتأسيس الحسينيات .

    الله يبارك فيك استمر فهي تجربة قد تحرك بقية الاخوة للكتابة
    الحياة مليئة بالحجارة فلا تتعثر بها بل اجمعها وابني بها سلما تصعد به إلى المجد

  9. #24
    تاريخ التسجيل
    Jul 2003
    الدولة
    طائر لا أرتضي الأرض مسكنا
    المشاركات
    4,759

    افتراضي

    أحسنت سيدنا و بارك الله فيك٫ فكرة رائعة و عبر كثيرة نستفاد منها نحن الشباب في هذه الأيام خصوصاً في بلاد الغربة..
    نحن بأنتظار المزيد و أنشاء الله يوفقك لذلك و يعطيك الصحة و طولة العمر.

  10. #25
    تاريخ التسجيل
    Aug 2003
    المشاركات
    226

    افتراضي

    شكرا للمكرمين النداء وصفاء تي كواندو على التواصل مع الأحاديث.

    بمناسبة ذكرى شهيد الإسلام الخالد السيد محمد باقرالصدر قدس سره نذكرهذا الحديث:

    في سنة 1966 م كنت لاأزال شابا طالبا أدرس الهندسة الكهربائية في بريطانيا فأستغليت العطلة الصيفية لذلك العام لزيارة أهلي في كربلاء-العراق. وعندما علم بعض أصدقائي من الطلبة الإيرانيين بنية زيارة العراق حملوني بعض رسائلهم إلى الإمام الراحل الخميني(رحمه الله وطيب ثراه) والذي كان يقيم في مدينة النجف الأشرف مبعدا من قبل المقبور شاه إيران.

    في تلك الفترة من الحكم العارفي في العراق كانت الأوضاع هادئة نوعاما في ظل حكم غيرقمعي، وكانت زيارة العلماء في مدينة العلم النجف الأشرف متيسرة وبدون خوف فلارقابة ولاقلق من مقابلة أي عالم دين.

    وكعادة الشيعة وإنشدادهم لمراقد إئمتهم الأطهارمن آل بيت الرسول(ص) تشرفت بزيارة مراقد الإئمة في كربلاء والنجف الأشرف والكاظمين.

    أستغليت وجودي في النجف الأشرف لأتشرف بزيارة العلماء الأعلام مراجع التقليد،فزرت بيت العلامة مرجع التقليد المرحوم السيد محسن الحكيم وبيت زعيم الحوزة العلمية في النجف الأشرف المرحوم العلامة السيد أبوالقاسم الخوئي، وكنت أتبعه في التقليد،ثم زرت بيت العلامة الجليل الشهيدالسعيد السيد محمد باقر الصدر وكانت تربطني به معرفة وصداقة قديمة منذ أن كنت طالبا في الثانوية حيث أول زيارة قمت بها له مع زميل لي كانت سنة 1960 بعد صدور كتاب فلسفتنا.

    كنت على إتصال دائم بالشهيد الصدرمن بريطانيا حيث هو الذي نصحني بالتقديم على بعثة دراسية إلى بريطانيا ،عندماأبديت له رغبتي بالدراسة الدينية لكنه نصحني قائلا بإن البلد بحاجة إلى مؤمنين ملتزمين بقدر ماهو بحاجة لعلماء دين.

    ثم زرت المرجع الديني المرحوم آية الله الخميني ولكن لم أوفق لرؤيته في داره، حيث وصلت الدار بعد أن كان الإمام قدخلد للنوم، لكن إلتقيت بإبنه المرحوم الشهيد مصطفى وسلمته رسائل زملائي الإيرانيين وشربت الشاي معه.

    قبل تركي لمدينة النجف الأشرف عائدا لمدينتي كربلاء عرجت على جامع متواضع يصلي فيه الإمام الخميني وشاهدته وقدأم مجموعة متواضعة من المصلين من كبار السن والمرضى والعجزة وبعدالصلاة بدأ الإمام يشرح كيف سيقيم الدولة الإسلامية في إيران وينشأ النظام الإسلامي و..و...

    بدأت مشدوها لكلام الإمام باديا كل العجب ومتسائلا أنى لهذا العجوز وبمجموعته الصغيرة المتواضعة من كبار السن والعجزة أن يزحزح شاه إيران ليقيم دولة الإسلام في أيران؟؟؟ شاه إيران صاحب رابع أكبرجيش في العالم ومن ورائه كل طواغيت الأرض من أمريكان وبريطانيين وفرنسيين وحتى روس!!!! يزحزحه من منصبه هذا العجوز!!! هل هو في حلم؟ ولكن في داخلي تمنيت من كل قلبي أن يحقق الله حلم الإمام الراحل رحمه الله.

    ولم يمض على هذا المشهد المتواضع والمحير سوى عقد واحد من الزمن حتى شاهدت الإمام الراحل ينزل منتصرا من على سلم الطائرة وكنت يومها في الخليج!!!!!!!!

    ويومها تذكرت ذلك المشهد المتواضع وخطاب الإمام في النجف الأشرف فأستسخفت من نفسي ومن إيماني.

    وإلى حديث آخر.
    حسبي الله ونعم الوكيل

  11. #26
    تاريخ التسجيل
    Aug 2003
    المشاركات
    226

    افتراضي

    نتابع حديث الغربة والتغرب:
    ----------------------------

    في بدايات التسعينات ونهايات الثمانينات من القرن الماضي كنت مشتغلا مع شركة إستشارية لتقديم خدمات الإتصالات الراديوية الميكرووفية من أعمال صيانة وإدامة وتطوير وتصليح وغيرها، يعني في مجال إختصاصي.

    كان العمل مرهقا بعض الشئ لتواصله المستمر،ولتغيير الوجوه التي تتعامل معها من مدينة لمدينة ومن مكان لمكان، حيث كنا في حركة دائمة على مدار السنة للتنقل من موقع لموقع ومن محطة إتصال إلى محطة إتصال أخرى.

    وإنتقالنالم يكن سهلا بل متعباومملا ،فكنا ننتقل بأجهزتناالثقيلة الحساسة جوا، مما شكل عبئا عليناإضافة إلى مفارقة الأسرة والأطفال ولمدة قد تتجاوز الشهرونصف أِحيانا.

    لكنه كان مسليا حيث تتغير المواقع والمناظر لتشاهد الغرب والشرق، والشمال والجنوب، بتقلباتها الجوية وطقوسها المناخية ...الخ. المهم حصلت لنا سفرة للقطب الشمالي للقيام بصيانة أجهزة محطات الراديو والتي كانت تسترق السمع والأستشعار هناك وعلى مقربة من حدود الإمبراطورية السوفيتيه الشيوعية قبل تفككهاوإنهيارها.

    أتذكرعندماأخبرت أصدقائي وخاصتي بنية السفر للقطب الشمالي زارني جمع من الإصدقاء لتوديعي وغبطتي من البعض وربماحسدي من البعض الآخر!! حيث الكل كان يتمنى السفر لتلك الأصقاع البعيدة ليتعرف على مافي القطب الشمالي من طبيعة بيضاء ثلجية ناصعة البياض، وكيفية المعيشة في تلك الظروف الصعبة والقارصة البرودة، وسكانها من الأسكيمو ومانسمعه عنهم من قصص وحكايات مثيرة.

    من طريف ماطرح علي من إسئلة هوسؤال أحد الزملاء، كيف ستتصرف لوعرض عليك أحد الأسكيمو زوجته!!!!

    أخذني العجب من هكذا سؤال!!! إذ لم أسمع مثل هكذا قصة!!ولاحتى من بقية موظفي الشركة التي كنت إشتغل فيها، فأكتفيت بالقول إنني في مهمة عمل وليس لزيارة أحد من الأسكيمو ولاأعتقد بإنني سوف أرسل لتلك الأصقاع البعيدة لعمل زيارات!! فأمتعض الزميل من جوابي!! وبعدها لمت نفسي متسائلا إن كانت هناك ضرورة لإعلام معارفي بطبيعة عملي؟؟

    الظاهرهاجس الجنس، يظل متابعا للعربي إينما حل وأرتحل.

    وأيضا من جملة ماأثاره بعض الأخوة عن كيفية الصلاة هناك وأشارة علي بالإتصال بمن كانت عنده المعرفة والعلم فأتصلت ببعض من عنده العلم في كيفية الصلاة في تلك المناطق النائية والتي يستمرفيها الليل ستة اشهر والنهار مثلها من المدة.

    أخبرني أحد الإخوة النجفيين من أهل العلم بإنه كان يحضرمجلسا للمرحوم آية الله العظمى السيد محسن الحكيم حينما زاره وفد من جامعة بغداد من قسم الجغرافية، وكان في رحلة جامعية لتلك المناطق، ليسأله عن كيفية تحديد أوقات الصلاة هناك؟؟فكان جوابه بإن أوقات الصلاة تحدد بمثل أقرب نقطة لتلك المناطق حيث تكون فيها أوقات الصلاة أعتيادية، يعني خمسة أوقات من فجروظهر وعصر ومغرب وعشاء.

    كان المسافر لتلك الأصقاع يجهز بملابس خاصة وعدة تتناسب مع متطلبات الطقس الشديد البرودة بكل هراشته وقراصته وزمهريريته.وعادة تكون تلك الملابس عسكرية بكل معنى الكلمة وتعليمات وتوجيهات بإن عليه التقيد بها لكونها تخص سلامته وحياته. يتم السفر والنقل عادة بطائرات النقل العسكرية من طراز هركليس وبمعية وصحبة الجنود المغادرين لتلك القواعد ولمدة ستة أشهرمتواصلة لكل منهم، للإقامة وتأدية الواجب العسكري هناك.

    تدوم الرحلة لمدة 18ساعة متواصلة من الطيران متعبة ومملة وبدون خدمة داخل الطائرة وضوضاء مزعجة والكل محشور بين أكتال العدة والعتاد وصناديق وحاويات الغذاء والشراب الذي ينقل لتلك المناطق. إرتداء ملابس الرحلة والعمل عادة يبدأ قبل الصعود للطائرة. لكون الجو داخل الطائرة بارد وغير مريح!! وكأن المسافرلتلك المناطق ذاهب لمعركة حقيقية لكنها ليست معركة رجال مع رجال بل مع طبيعة قاسية غدارة وغيرطبيعية.

    عندما تطل من خلف زجاج النافذة الصغيرة، التي يلعب الحظ أن تكون قريبا منها، أويتكرم عليك جندي لتتطلع من خلال واحدة جنبه لثواني معدودة، تشاهد كثبان الجليد المتراكم على الأرض مثل التلال والجبال العالية ولاشئ آخر. وقتهاكنت أديم النظر لتلك المناظر وإلى جانبي وبإرتفاع مترين أكداس من صناديق الجعة(البيرة) وبعلوممتد إلى سقف الطائرة، فشدني المنظروالتأمل متسائلا فماذا لوتحطمت الطائرة وأنا على تلك الحالة؟؟ حتماسيكون الجليد المتصلب كالصخرلحدي ورمسي وسوف أغسل غسل الموت بالجعة المحرمة شرعا.

    إمتدت يدي لقلم في جيبي لأكتب شعرابعد أن شط بي الخيال وأنتابي شئ من الخوف وعواقب المجهول ولكن عبثا حاولت ذلك فأكتفيت بالتشهد والدعاء بالحفظ من غوائل الزمن.

    وللحديث بقية.
    حسبي الله ونعم الوكيل

  12. #27
    تاريخ التسجيل
    Aug 2003
    المشاركات
    226

    افتراضي

    نتابع بقية الحديث:
    --------------
    أول توقف للطائرة كان في (تولي) قاعدة عسكرية أمريكية في الجزيرة الخضراء (Green Land) والمملوكة والمحكومة من قبل حكومة الدانمارك الأورببية.

    بتنا ليلة واحدة في (تولي) وللعلم كان سعر المبيت للغرفة الخشبية (ببوت خشبية متتنقلة)التي بتنا فيها دولارين فقط لنتابع طيراننا إلى هدفنا في موقع ((ALERT حيث القاعدة العسكرية التي تتواجد فيها أجهزة الإتصالات الراديويية.

    القاعدة عبارة عن مجمع صناعي وسط فضاء منبسط لانهائي من الثلوج! والأنتقال من قسم لقسم يكون وفق مسارات محددة بإشارات واضحة جدا وبحبال مربوطة لأعمدة حديدية، حيث تستعمل الحبال كدليل يقودك من محل لآخرفي حالة حصول زواعب وعواصف ثلجية. الخروج من بناية المجمع الرئسيي الذي يحوي المرافق الرئسية من مطعم ومستوصف وبنايات ترفيهية وصالات عرض و..و...الخ لا يكون إلا بإخبار المسؤول لكي يتم التدقيق عن الخارج ومتابعة سلامته خوفا عليه من التيه والضياع ثم الهلاك بالتجمد في ذلك الفضاء الثلجي اللامتناهي.وفي حالة حصول عاصفة الكل يخلد في مكانه الآمن أين ماكان ولايخرج إلا في حالة الضرورة القصوى.

    كل الواصلين لتلك البقعة المتجمدة يحاولون إنهاء عملهم وتركها بأسرع وقت ممكن فيماعدا الجند المقيمين فيهاوالتي تستمر لفترة ستة أشهر متواصلة. ورغم كثرة الأكل وتنوعه وتوفير كل وسائل الراحة وزيارات المغنين والمطربين الشعبين للترفيه عن المقيمين في القاعدة لكن الكل يتمنى الخلاص من ذلك الجحيم وتركه في أقرب فرصة والعودة للحياة الطبيعبة في الأجواء الدافئة جنوبا.

    موقع القاعدة يقع حوالي تسعمائة ميل جنوب القطب الشمالي الحقيقي، وحوالي ألف وخمسمائة ميل شمال مناطق تواجد الأسكيمو. لذلك لم نلتقي بأي من الأسكيمو في تلك الرحلة، لنتعرف عليهم وعن طريقة حياتهم معايشة، ولسوء حظ الزميل السائل عن كرمهم فيما يخص الجنس. ولم نشاهد الدب القطبي الأبيض ولا الذئاب القطبية وكل ماشاهدناه أرانب وبعض الثعالب الجائعة الباحثة عن بقايا الطعام الذي يتركه سكنة المخيم الإستيطاني.

    في ذلك المجمع السكني القطبي كان أحد الطهاة دائما يبتسم لي وفي مرة من المرات بادلته الإبتسامة فقال لي السلام عليكم بلغة بسيطة مكسرة. وعرفت فيمابعد بإنه خدم مع قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في لبنان وكان متعاطفا مع العرب وصرح لي بإنه كان يحب شابة جميلة من جنوب لبنان وكان راغبا بالزواج منها لكن تعصب اهلها حال دون ذلك.

    كان ودودا جدا معي ويحاول أن ييهيأ لي وجبة أسماك وبيض لتجنب تناول اللحم الحرام. بعكس زميل له وممن خدم مع قوات حفظ السلام في جنوب لبنان حيث كان تعاطفه مع اليهود ويصرح علنا بكرهه للعرب.

    في ليلة من الليالي وبعد أنتهاء العمل الفني كنت أقضي بعض الوقت في الحديث مع صاحبنا الذي كان يحن لشوقه وحبه القديم في لبنان وفجأة ظهر ذلك اللعين الحاقد على العرب ليشاركنا الحديث ويتهمنابالتعصب والتخلف و..وغيرها مما طفح على لسانه القذر السليط وباح بما في قلبه الأسود العبيط.

    أحتد النقاش بيني وبينه ليقول لصاحبه الذي حاول تهدئته، بأن هؤلاء المتعصبين المسلمين يبلغ بهم التعصب حدا سخيفا إلى درجة إنهم حتى إستخدام اليد اليسرى في الأكل محرم عليهم. فتدخلت له لأقول له أنت مشتبه ولايوجد ما يحرم الأكل باليسرى وبإمكانك إستخدام حتى قدمك لتأكل بها إن إستطعت ولاتوجد حرمة في ذلك.

    المهم بعد إنتهاء الجلسة مع زميلي الأول العطوف الودود والثاني العدو اللدود، عدت إلى غرفتي وكنت منزعجا جدا مماحصل، وتمنيت أن لا أفتح حديثا معهم، ليحصل ماحصل!! ولكني بقيت متفكرامتأملا بماذكره الثاني لي عن التعصب. وتساءلت هل نحن حقا متعصبين كما يتصورنا الآخرون وماهي حكاية التعصب لعدم تناول الغذاء باليد اليسرى؟؟ فتذكرت كيف كانوا يعلموننا ونحن صغار في السن، بإن اليد اليسرى تستعمل فقط لتنظيف الجسم عندما يكون الإنسان في بيت الراحة!! وهي مايدخل في أحكام التخلي، ففرحت بماتذكرت وعقدت العزم على أن أعيد له الصفعة إن فتح معي الموضوع ثانية، بالمناسبة كان يجلس معنا طول الوقت مرافقي في العمل مهندس آخرحاقد متعصب ويكره العرب كراهية أكثر من الذي ألتقيناه في موقع العمل لكنه كان يفضل السكوت لكوني كنت رئيسه في العمل.

    شاهدت الملازم الذي يصفنابالتعصب فحياني من بعيد، ولكنني لم أعبأ به هذه المرة! فمشى بإتجاهي معتذرا عما بدى منه أمس، بادلته الإبتسامة متظاهرا بإن ماحصل لم يؤثرعلي!! ولكنني قلت له وجدت الجواب لك ياإبن الكذا(؟)

    فضحك عاليا قائلا : مستحيل أن تقنعني !! قلت له سترى ثم تركته لجلب طعامي فجاءني مبتسمامع الأول عاشق لبنان. بادرني عاشق لبنان بقوله قلت لهذا إبن الكذا ليس بإستطاعته هزيمتك ولكن إبن الكذا يصر بإنه ربح الرهان.

    ثم شرحت لهماكيف كانت وسائل النظافة والمنظفات محدودة جدافي الماضي وفي ظروف الصحراء حيث شحة المياه وغيرها، لذلك جاءت تعليمات الدين بإستحباب تخصيص اليد اليسرى لتنظيف جسم الإنسان وخصصت اليد اليمنى للأكل وكل ذلك إستحبابا، فأين التعصب يا أبن الكذا.؟؟فقال له زميله عاشق لبنان ألم أقل لك بإنه سيغلبك!!

    بخلاف كل سفرات العمل الأخرى، والتي كانت تجري في ظروف طبيعية، حشرناأنا ومرؤسي في غرفة واحدة وكان علي أن أقيم الصلاة بحضوره وخاصة صلاة وقت الصبح وكان يراقبني جيدا وفي مرة من المرات صرح لي بشكل مكشوف بإن الشيوعية أصبحت في خبركان ولا نخشى منهابعد ألان ولكن عليناأن نخشاكم فأنتم الآن أعداءنا الجدد(طبعا قاله مازحا – لكن الإناء ينضح بما فيه) سألته لماذا تقول هذا أليس من حقي أن أمارس عبادتي كما من حقك هذا؟ فأجاب من حقك ولكن عندما يحركك مبدأك لكي تؤدي واجبادينيا في مثل هكذا ظروف صعبة!! هذا يعني بإنك تقدم دينك على أي شئ آخر وهذامايقلقنا ويتوجب علينا الحذر منه. ثم أردف أنتم أصوليون متعصبون نحن نخشاكم ويجب أن نخشاكم.

    حدث هذا قبل أكثر من عشرة سنوات من إحداث 11 سبتمبروتفجيرات نيويورك حيث ضربت أعتى أقوى على وجه الأرض وفي عقر دارها!! فماعليك قارئي العزيز إلا أن تتصور شعور الأمريكان الآن على المسلمين والعالم الإسلامي.

    وإلى حديث آخر.
    حسبي الله ونعم الوكيل

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني