أوافقكم الرأي سيدي العقيق في أن المفصل الحيوي في أقرار المشاريع تغيب عنه في العديد من المرات عمق المعرفة الفنية و أيضا " الغيرة " على تنفيذ المشاريع الحيوية دون " توريقها ".
الأمثلة كثيرة و قد أطلعت شخصيا على العديد من المناقصات التي أعلنتها أحدى الشركات الحكومية فوجدت أنها كتبت بصيغة عامة و مبهمة مما يفتح الباب على مصراعيه للأجتهاد في المواصفات و التنفيذ و قبول المنتج او العمل المنفـّـذ لصالح المقاول و طبعا بمساعدة المرتشين من موظـّـفي و كادر الشركة المحيلة للعطاءات
الأمر لا يقل فسادا عندما تقرأ مناقصات الأحالة على المقاولين حيث تكتب هذه الأحالات و الخاصة بالتجهيز منه مثلا بشكل يستلم المجهـّـز ما يصل الى 90 بالمئة من قيمة الأحالة بمجرد وصول المواد الى ميناء أم قصر و لا أدري ما قيمة الـ 10 بالمئة المتبقية اذا لم تكن المواد المجهـّـزة مطابقة للمواصفات و هل يستحق أمر أستبدالها بأخرى مطابقة عناء الـ 10 بالمئة المتبقية ؟!!
عملت لفترة طويلة كمهندس في العراق و الخارج و قضيت السنوات الأخيرة كمهندس تصاميم و مهندس أستشاري و أطـّلعت بحكم عملي على كم كبير من العطاءات التي كانت تحيلها شركتي الأجنبية و قد كنا في هذه المناقصات و العطاءات دقيقين في سرد تفاصيل التفاصيل بشكل يصل مثلا الى تحديد الأرتفاع الذي يجب على المقاول أن ينصب فيه مأخذا كهربائيا مثلا و نوعية هذا المأخذ و قدراته التحمـّـلية و في أحيان نحدد للمقاول من أي مصنـّـع يجب عليه أن يشتري هذا المنتج و هذا مجرد مثال بسيط و يتعقد الأمر و يسهب (بضم الياء و تسكين السين) فيه كلما ارتقت أهمية الجزء هذا أو ذاك من فقرات المقاولة حتى أن المقاول لا يمكنه أن ينصب هذا الجزء قبل أن تقرأ الشركة الأستشارية المشرفة على العمل نيابة عن الجهة المستفيدة كل تفاصيله الفنية و تتأكد من كونها مطابقة للتصاميم و العطاء المحال وتتفحـّـص هذا الجزء موقعيا قبل السماح للمقاول بالبدأ بالفقرة التالية
مع قول ما تقدم فأن هذا لا يعني ان الأجانب أنبياء و أنهم غير مرتشون و لكنهم قطعا لا يساومون على الجانب الفني المحدد في المقاولة لسببين أولهما أن المناقصة أو العطاء مكتوب بشكل فني و قانوني واضح جدا لا يحتمل التأويل و ثانيهما الوعي بأن هذا العمل ناتجه يعود لهم كمواطنين مستفيدين مباشرة أو بشكل غير مباشر من أنجاز المقاولة ضمن مواصفاتها الفنية المحددة
أعتذر عن الأطالة و لكم تحيـّـاتي