بريمر يسمح بعمل عسكريين ومدرسين من نظام صدام
عودة البعث بالتقسيط
في تحول واضح للسياسة الاميركية في العراق من اجل تخفيف التوتر مع السنّة، اعلن الحاكم المدني الاميركي الاعلى للعراق بول بريمر ان ضباطا كبارا في النظام العراقي السابق سيستدعون للمساعدة في اعادة بناء هيكلية الجيش العراقي الجديد، فضلا عن السماح لبعثيين سابقين بالعودة الى مواقع اخرى في مؤسسات الدولة.
وقال في كلمة عبر التلفزيون: "اطلعني وزير الدفاع (العراقي علي علاوي) على نيته مقابلة ضباط كبار في النظام السابق الاسبوع المقبل تم التدقيق في ملف خدماتهم السابقة من اجل درس افضل الطرق لاعادة بناء الهرمية العسكرية". وافاد: "اذ ان اكثر هؤلاء الضباط الذين يتمتعون بسمعة طيبة، من الجيش السابق وغيره، سيتولون مهمات في الاشهر المقبلة كلما نما الجيش العراقي". واشار الى ان الجنود العراقيين سيخضعون لقيادة ضباط عراقيين كبار برتبة لواء بعد 30 حزيران موعد نقل السيادة الى العراقيين.
ويذكر ان بريمر اصدر قرارا بحل الجيش العراقي في 23 ايار 2003 والغى وزارة الدفاع وسرح العسكريين. وفي 8 آب 2003 انشأ الجيش الجديد الذي سيضم مع الوقت 40 الف رجل، اي عشرة في المئة من عديد الجيش في ظل الرئيس السابق صدام حسين.
وصرح الناطق باسم سلطة الائتلاف الموقتة دان سينور ان الخيار الجديد لا يمثل تعديلا لسياسة الائتلاف التي تحظر حتى الان على مسؤولين كبار في حزب البعث شغل مناصب عالية في الادارة والجيش. وشدد على ان عملية تجنيد ضباط كانت مطروحة دوما بعد تجنيد عسكريين من رتب ادنى. وستخضع ملفاتهم كلها للتدقيق للتأكد من انهم غير متورطين في عمليات تعذيب او جرائم اخرى. وقال ان الائتلاف سيستمر "في العمل بالاشتراك مع القوات العراقية من اجل ضمان الامن" بعد 30 حزيران. وافاد ان مدرسين واساتذة جامعة لم يستخدموا مواقعهم لالحاق الضرر بالعراقيين سيسمح لهم بالعودة الى مزاولة اعمالهم.
واعلن بريمر الافراج عن اكثر من 2500 معتقل كانت تحتجزهم قوات الائتلاف منذ تأليف مجلس خاص للاسراع في عملية اعادة النظر في قضاياهم قبل شهرين. وقال ان الاولوية تعطى للنظر في قضايا النساء المعتقلات وانه لم يتبق حاليا سوق اقل من عشر معتقلات. وشرح ان محاميا يراجع حاليا كل القضايا في غضون 72 ساعة. وفي الكثير من الحالات يفرج عن المعتقلين فورا. وقد تم الافراج عن 75 في المئة من آلاف العراقيين ومئات الاجانب الذين اعتقلتهم قوات الائتلاف منذ بداية الحرب قبل أكثر من سنة.
لكن بريمر أكد ان "سياسة اجتثاث البعث لا تزال قائمة"، مع اقراره بوجود الكثير من الشكاوى من تطبيق تلك السياسة "بشكل غير متساو وغير عادل". وأوضح انه اتفق على تخفيف عملية اجتثاث البعثيين خلال محادثات مع وزيري التربية والتعليم العالي في الحكومة العراقية الموقتة ومع عضو مجلس الحكم الانتقالي في العراق احمد الجلبي الذي يرأس لجنة اجتثاث البعث التابعة للمجلس. وخلص الى انه "لا مكان في العراق الجديد للايديولوجيا والمجرمين البعثيين". ورأى "ان سياسة اجتثاث البعثيين كانت ولا تزال سليمة، لكنها طبقت بطريقة تفتقر الى الكفاية".
الجلبي
ولم يلق قرار اعادة النظر في السياسة الاميركية حيال البعثيين السابقين تأييد جميع الزعماء العراقيين، اذ علق الجلبي على هذه الخطوة قائلا: "هذه السياسة ستخلق مشاكل كبيرة في الانتقال الى الديموقراطية وتعرض للخطر أي حكومة يشكلها الاخضر الابرهيمي مبعوث الامم المتحدة وتتسبب بسقوطها بعد 30 حزيران... هذا الامر يشبه السماح بعودة النازيين الى الحكومة الالمانية في نهاية الحرب العالمية الثانية".
وأكد ان بريمر بحث مع مجلس الحكم العراقي في سبل اعادة بعض صغار موظفي الحكومة مثل المدرسين الذين كانوا اعضاء بالاسم في حزب البعث، لكنه لم يشر الى بعثيين يشاركون في حكومة جديدة. ولاحظ ان "الولايات المتحدة حولت العراق فأر تجارب من غير ان تعطي العراقيين حق التعبير عن رأيهم".
حزب الدعوة
إلى ذلك، صرح المسؤول في حزب الدعوة عدنان الاسعدي: "نرفض هذا الاتجاه الاميركي. مثل النازيين كان حزب البعث منظمة عنصرية شوفينية... سيساعد ذلك على تدهور الأمن أكثر ويصيب بالاحباط العراقيين الذين عهدوا الى الائتلاف في ادارة العملية السياسية ويؤدي الى حرب أهلية".
باول
ومع اقتراب 30 حزيران موعد تسليم السيادة الى العراقيين، أبلغ وزير الخارجية الاميركي كولن باول الى شبكة "ار تي ال" الألمانية للتلفزيون ان الولايات المتحدة ستدفع في اتجاه صدور قرار عن مجلس الامن يجيز ارسال مزيد من قوات حفظ السلام الى العراق فور مصادقة الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان على خطة الابرهيمي لاقامة حكومة موقتة في العراق بعد 30 حزيران.
وقال انه واثق من المصادقة على قرار جديد في مجلس الامن في الاسابيع العشرة المقبلة التي تسبق تسليم السيادة الى العراقيين. وأضاف: "بدأنا الآن وضع مسودة بنود قرار... وهو مرتبط طبعاً بخطة السفير الابرهيمي التي حملها (من بغداد)... فور موافقة الامين العام على هذه الخطة، يمكننا البدء مع اصدقائنا في مجلس الامن بتطوير وتمرير قرار جديد للأمم المتحدة".
وحض الحكومة الهولندية على ابقاء 1300 من جنودها في العراق.
كذلك حض نروج على ان تفعل ذلك في مقابلة مع شبكة نروجية للتلفزيون قائلاً: "لقد تخلصنا من ديكتاتور رهيب. اننا نبني ديموقراطية".
لندن
* في لندن قالت الحكومة البريطانية انها تدرس احتمال ارسال قوات اضافية الى العراق تحل محل القوات الاسبانية التي بدأت انسحابها، لكنها لم تتخذ قراراً بعد في هذا الشأن.
وصرح ناطق باسم وزارة الدفاع البريطانية: "يخضع مستوى قواتنا (في العراق) للنقاش باستمرار. ونحن طبعاً سنناقش مع الائتلاف كيف نأخذ في الحسبان الانسحاب الاسباني. لكننا لم نتخذ قراراً بعد في شأنها".
النهار 24 - 4 - 2004