صفحة 4 من 5 الأولىالأولى ... 2345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 46 إلى 60 من 75
  1. #46
    تاريخ التسجيل
    Feb 2004
    المشاركات
    360

    افتراضي

    اعتذر عن ورود بعض الاخطاء الكتابية في موضوعي السابق



    اجمل لعبة متصفح للعب عبر الانترنت اضغط على الرابط


    أو

  2. #47

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منتصر مشاهدة المشاركة
    اعتذر عن ورود بعض الاخطاء الكتابية في موضوعي السابق
    أحسنت .. سلمت يداك .. ورحم الله العلامة السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب

  3. #48
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    ارض الله الواسعه
    المشاركات
    109

    افتراضي

    .

    ***لقد شاء الله ان تكون الوجهة «بلد» فقد طلب، اهلها استضافته في رمضان 1385 هـ(1966م)، وقد كانت بلد آنذاك غارقة في لجة فتنة عشائرية طاحنة، استمرت طيلة خمس عشرة عاماً وعجزت المرجعية الدينية والسلطات معاً على ايقافها، وفقد معها الناس الآمان والاستقرار، واتت الفتة على الزرع والضرع، فقد هجر الناس مزارعهم، وكان يلوذون ببيوتهم مع خيوط الظلام الاولى، يغلقون ابوابها الثقيلة باحكام، فلا يتزاورون ولا يفتحونها لاحد وقد ازداد عدد الضحايا مع الايام، وتراكمت الاحقاد والثارات، وحين استجاب لطلب اهالي بلد، نصحه عدد من معارفه بعدم الذهاب لما سمعوه عن حوادثها، لكنه اصر على الذهاب، فسافر إلى هناك وقد كانت المرة الاولى في السنوات التي تُحيّي فيها بلد ليالي رمضان، وقد استقبلته بترحاب حافل، فكان اول شيء ركز فيه جهده، هو محاولة اصلاح ذات البين، وكسر شوكة الفتنة، وشاء الله عز وجل ان يفتح على يديه، فقبل ان ينتهي شهر رمضان، استطاع بعون الله ان ينجز صلحاً عاماً نسي فيه المتقاتلون احقادهم وثاراتهم وصار شعارهم «نحن اولاد واحد» كناية عن الاخوة والصفاء، وتوج الصلح بمسيرة طافت المدينة يتقدمها هو وشيوخ العشائر وقد تشابكت ايديهم، وصار جذوة الفتنة برداً وسلاماً، وعاد الوئام والآلفة للمدينة، واصبح الناس يتزاورون ويتسامرون، ويتشاطرون في المسرات والاحزان، وتوجه من بلد وفد كبير لزيارة الامام الحكيم اعلى الله مقامه، وقد رجوه بان يقنع راحلنا الكبير بالانتقال إلى بلد والاستقرار فيها، وقد تحققت لاهالي بلد بعد وقت قصير.

    وفي بلد لم يكن سيدنا الراحل رجل دين فسحب، بل اصبح جزءاً من حياة الناس ومشاعرهم، اطفالاً وشباباً وكهولاً وشيوخاً، رجالاً ونساءاً، وعلى مختلف مشاربهم ونحلهم، ولا اظن ان مدينة احبت بمجموعها رجلاً واخلصت له كما فعلت بلد فيه، وقد قابلها حباً بحب واخلاصاً باخلاص، كان كل واحد يرى ان له علاقة خاصة بسيدنا الراحل، يقصدونه ليحكم فيما شجر بينهم، ويخرجون من عنده، راضين بحكمه، ويأتونه حتى بمشاكلهم العائلية وادق خصوصياتهم، يسألونه فهيا عوناً أو رأياً أو مشورة، وكان يعامل الصغير بأبوة وحنان، والكبير بأخوة واحترام، وقد زادتهم المعايشة حباً له وتعلقاً به، فان غاب افتقده الناس وترقبوا حضوره، وكان يجلس لحل مشاكل الناس ومتابعة قضاياهم ضحىً وعصراً، فاذا جاء الليل فان له مجلسه المفتوح لكل الناس، فكان منتدىً لهم يتداولون فيه شتى الوان الحديث ويتعمق من خلالها التآف والتآخي بينهم.

    وقد وقف مدافعاً عن بلد بكل صلامة وشجاعة حين تعرضت عام 1967م لحملات الجور والاضطهاد والحقد، وكانت له مواقف ستبقى مخلدة في تاريخ المدينة وذاكرتها، حين تصدى لحملة حكومة طاهر يحيى التي استغلت مقتل المرحوم جبر التكريتي في حادث عرضي، وكان معروفاً بصلاحه ونزاهته وخلقه، فارادت السلطات ان تسبي بلد مستغلة مقتله، وتأخذ المدينة كلها بجريرة شخص واحد، وحين وقف في وجه تعسف وزير الاصلاحي آنذاك عبد الكريم فرحان الذي تذكر ولدوافع معروفة ان بلد التي تسقي بساتينها ومزارعها من جدول متفرع من نهر دجلة، مدينة الحكومة بأجور السقي عن ثلاثين عاماً مضت، رغم عدم وجود عقد أو قانون يخول السلطات استيفاء مثل تلك الاجور، فأمر بقطع مياه السقي عن المدينة بعد ان وجد الناس انفسهم عاجزين عن تسديد تلك الاجور حتى لو باعوا مزارعهم وبيوتهم، وحين افشل مخطط الفتنة الطائفية الذي وضعه (سامي باش عالم) رئيس دائرة الاوقاف الذي اصدر قراراً باستيلاء الاوقاف عل جامع بلد الكبير، وعين اماماً من دائرته للجامع في استفزاز صارخ لبلد، ولخلق العداوة بينها وبين محيطها.

    وقبل ان يبني له داراً في بلد، بادر سيدنا الراحل إلى تجديد بناء جامع بلد الكبير «جامع الزهراء» في عام 1970، وقد ساهمت المدنية جلها ان لم يكن كلها في بناء ذاك الصرح العامر بالمال والعمل، فكان رمزاً لوحدتها، ولتحديها ايضاً اذ كانت السلطات تجد في اندفاع الناس للتبرع والمساهمة في بنائه ذنباً يستحق الملاحقة والعقاب.

    الى السيد مرحوم
    موضوع رائع وحقائق اكيده ومواقف جسدها السيد عبد الزهراء الحسيني في مدينه بلد
    بارك الله فيك وجعلنا واياك من ينال شفاعه شهيد الغربه السيد عبد الزهراء الحسيني
    اهالي بلد لا زالت الى اليوم تتذكر مواقف ذلك العالم الرباني الكبير السيد عبد الزهراء الحسيني

  4. #49
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    35

    Post

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو زيد الحسيني مشاهدة المشاركة
    الى السندباد مع التحية

    يظهر في الصورة السيد طاهر الملحم بجانب موسى الحسيني .
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كم اتمنى ان ارى هذه الصوره اخي العزيز لاني افتقدت هذه الوجوه الطيبه منذ اكثر من ثلاثين عاما بسبب الحرمان الذي واجهناه صدقني انا اكتب الان ولا استطيع السيطره على دموعي وامامي صورة السيد مع الشيخ الوائلي رحمهما الله فانهما كانا نورا لعيوننا وفقكم الله ان استطعتم تزويدي بصورة السيد موسى فهذا فضل لا انساه اخوكم ابن الوفاء

  5. #50
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    35

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيد مرحوم مشاهدة المشاركة
    [align=center]العلامة
    السيدعبدالزهراء
    الحسيني الخطيب

    أوراق من دفاتر أيامه..
    [/align]
    [align=center]
    عبدالحسين الحسيني[/align]

    [align=center]هناك.. على ضفاف الفرات.. وحيث «الخضر» مدينة ترفل بدفء العلاقات وصفاء القلوب، وحيث الشهامة والمروءة، مسلسل الروايات الذي لا ينقطع، وتزخر بحكاياه «الدواوين».. «الدواوين» التي كانت مرابعاً للسمر، ومدارس ينهل منها المرء ما يشاء من الحكمة والمعرفة والاخلاق والأدب والعلم، ولكل ليلة من ليالي الاسبوع مجلسها أو «ديوانها»، جدول يحفظه الناس عن ظهر قلب، والابواب مفتوحة للجميع، فلا يحتاج احد لاذن فان وفد جديد احتضنته القلوب بالألفة والمودة، بدون تحفظ أو ريبة، وان غاب آخر افتقده الجميع وكأنه قد نأى دهراً، ولكل واحد عاداته وجلسته وحتى مكان جلوسه، والمكان قد ألف الاشياء وكأنها جزء منه، في الشتاء يختلط عبق دخان الموقد بنكهة الشاي والقهوة، وممتدة ساعات المسامرة إلى منتصف الليل، الوجوه ترى طافحة بالبشر، وكأن لا غم في الدنيا ولا هم، وكثيراً ما استغرق الجميع في الضحك، ويستكثر البعض على نفسه فرحة وضحكة، فتسمح من هنا وهناك.. اللهم لا تمقتنا، فان جاء الصيف يهرب الرواد من قيظه اما إلى السطوح أو إلى الشاطىء، يفترشون عباءاتهم، تضيء لياليلهم نجوم زاهية، أو قمر متلألأ ينعكس ضوءه على ماء الفرات، فيضفي على المجلس بهجة على بهجة، هناك في «الخضر» فتحنا عيوننا، وقد كانت تلك الدواوين واحداً من ملامحها، يعد الناس الساعات حتى تغيب الشمس ويطل المساء الحنون على تلك المدينة الوادعة في جنبات الفرات، فيلقون على ابوابها بمشقة الكدح وتهب النهار، وينهلون من النبع الدافق بالمحبة والانسجام.

    ومن هذه المجالس تشكلت مع الايام صفوة من الاصدقاء، كانت الصداقة عندهم صداقة دائمة وعلاقة عمر، فلم نسمع ان احداً قد قاطع آخر من هذه الصفوة أو خاصمه وكل منهم يحفظ الود بأسمى اخلاص ويشاطر الآخرين سراءهم وضراءهم، وقد حفظوا الود لبعضهم حينما باعدت بينهم مسافات الاقدار.

    ***

    لقد ابتدأت بتلك المجالس، وبتلك الصفوة لانها كانت دوماً على لسان فقيدنا الراحل، فيتذكرها ويسترجع صداها بحنين لم توهنه السنون، ويحكي لنا الكثير من شريط ذكرياته عن تلك المجالس وتلك الايام التي سبقت مجيئنا إلى الدنيا، واستمرت حتى رحيلنا عن الخضر في منتصف الستينات، ومن ثم تشتت اصدقاء عمره المخلصين في انحاء شتى من العراق، وأي ذكريات جميلة تلك التي تركتها الايام الخيرة في حياته وقلبه وذاكرته بحيث صارت حديث الساعات الاخيرة من عمره، يعبر عن حنينه اليها ويتمناها.. ويرغب في ساعة من ساعاتها، وفي جلسة من مجالسها.

    ***كانت الخضر مدينة تهنأ بالحب والتواصل، يتشارك الناس كل الناس في الافراح والاتراح، وكم من القيم والخلق الذي الفته تلك المدينة الوادعة التي ليس فيها فندق، فان حل فيها غريب يجد الكثيرين يفتحون ابوابهم، ويكرمون الضيف الوافد حتى وان لم يعرفوه، فهذا ديوان آل علو، وذاك ديوان آل صويحب.. وديوان الحاج منشد.. وديوان السادة آل تاج الدين.. وغيرها.. وغيرها، وكان لسيدنا الراحل ديوانه.. وقد سبقه ديوان عمه الخطيب السيد كاظم الحسيني واخواله آل حيدر، وجده لامه الحاج خيون.

    وكان التكافل واحداً من تلك القيم التي عمرت طويلاً في الخضر حيث اعانة المحتاجين وشد ازر الضعفاء، ومد يد المساعدة عند الشدائد، مسؤولية تمتزج فيها البواعث الدينية بالدوافع الإنسانيّة امتزاجاً متكاملاً، ويتحملها كل ذي مقدرة مادية أو معنوية، وكان الاحترام ميزة اخرى، احترام الناس لبعضهم البعض، واحترامهم لعاداتهم وتقاليدهم وشعائرهم، ويتضاعف الاحترام لذوي السن والخبرة، وللسادة والاشراف مكانة خاصة يختلط فيها الاحترام بالتقديس، وكم في الخضر من مقامات تزار لسادة راحلين، يتبرك بها الناس ومن بينها مقام السيد علي والد السيد كاظم الحسيني الخطيب، فاذا كان السيد من اهل العلم صار سيد الناس وراعيهم وموضع احترامهم الذي لا يحد، ومن المفارقات ان تلك المدينة النائية في جنوب العراق، والبعيدة عن العتبات المقدسة بمئات الاميال، والمعزولة بعيداً عن طرق المواصلات، قد ضمت بين جوانحها العديد من رجال الدين وخطباء المنبر الحسيني.

    في تلك الاجواء كانت نشأة سيدنا الراحل بعد ان عاد اليها شاباً من دراسته في النجف الاشرف، والتي لازم في شطرها الاكبر، الامام المجاهد الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء طيب الله ثراه اميناً لسره وكاتباً له، وقد ترك الامام الكبير بصماته العميقة في المراحل التالية من حياة سيدنا الراحل، في تفكيره وطريقة عيشه وصفاته وتعامله مع الناس والحياة، وفي الخضر كان وريثاً لمجد مقيم تداخل في حياة اهلها، وذاكرتهم، نهله من عمه السيد كاظم الحسيني الخطيب الذي لازمه حتى مماته، وكان من حب اهالي الخضر لهذا السيد الجليل ان صوره كانت تزين المقاهي والمحلات والبيوت، ومن اخواله من آل حيدر، واضاف إليه من شخصه وطباعه واخلاقه، فصار سيد المدينة وراعيها وموئلها، يهرع إليه ذو الحاجة، ويلوذ به ذو المظلمة، ويطلب عونه الضعيف، فكان لا يبخل بحبه على احد، ولا يخيب رجاء لأحد، ولم يكن يومذاك ممثلاً للمرجعية الدينية رغم انّه كان على صلة وثيقة بها ويحتفظ بوكالات من مختلف المراجع العظام قدس الله سرهم جميعاً، اذ كان يمثلها آنذاك المغفور له الشيخ محسن البزوني الإنسان الذي كان مضرب الامثال في رفيع خلقه، وعظيم طيبته، وخالص مودته، وتشاء ارادة الله ان يسبقه إلى رحاب الله سبحانه وتعالى بأشهر قلائل.

    ***

    كان سيدنا الراحل يجد في الخطابة امانة ومسؤولية اختار ان يتحملها، ولم تشغله المشاغل عنها، وهو القائل: لو خيرت بين الخطابة والمرجعية لما اخترت عن خدمة سيد الشهداء بديلاً، يرتقي اعواد المنبر فتشرئب له الاعناق، وتخفق له القلوب، وتسترسل الكلمات بين شفتينه، يختارها بدقة، عميقة بقدر ما هي واضحة، تنفذ إلى الروح، وتترك اثرها في السامعين، ويزيد من تأثيرها تحكمه بنبرات صوته، وأكثر ما كان يبدع فيه القائه لخطب الامام علي عليه السلام.

    ورغم ان له في عاشوراء، ورمضان من كل عام رحلاته ومجالسه في مناطق مختلفة في العراق وخارجه، فانه كان يحرص على مجلسين للعزاء، الاول يقيمه في الناصرية الامام الراحل الشيخ عباس الخويبراوي الناصري قدس الله روحه، والآخر في الرميثة ويقيمه الحاج سلمان آل بوحميد، وكلاهما ترك في نفسه اثراً لم تمحه الايام، الاول بتواضعه وعظيم خلقه وحلمه، والثاني بطيبته وكرمه واهتمامه بقضاء حاجات الناس، وكم تحدث عنهما، وعما وجده فيهما ومنهما، وقد كانت بعض ذكرياته مع الامام الناصري طيب الله ثراه حديث الساعات الاخيرة من حياته. وقد كان حريصاً على ان يكون للخضر نصيباً من خطابته، حيث كان خطيب مجلسها الذي يقام في سوق الخضر ويندر ان يتخلف احد من اهلها عن حضوره.

    والخطابة كانت وسيلته للجهاد واعلاء صوت الحق، لا تأخذه في الافصاح عن الموقف الذي يعتقده، وقول الكلمة التي يؤمن بأن من واجبه ان يقولها لومة لائم، وقد نمت مجالسه في اثناء الاضطرابات السياسية العاتية في نهاية الخمسينات وما تلاها، عن شجاعة منقطعة النظير، ما تزال ترد على الالسن كملمح بارز من ملامح سيرته.

    ***

    وفي الخضر بدأ بتنفيذ سفره الخالد «مصادر نهج البلاغة واسانيده»، وعلى قلة المراجع في المدينة، وانشغاله بمسؤولياته الدينية والاجتماعية الجسام، فقد كان لا يفوت فرصة يستطيع منها ان يبحث أو يكتب دون ان يستغلها، وحتى عندما كان يمارس عادته اليومية في «التمش» مع بعض اصدقائه، كان كثيراً ما يشغل وقت الاستراحة في كتابة شيء من كتابه بأن يجعل مرافقه يقرأ له في مرجع من المراجع وهو يكتب، والعكس بالعكس، وقد تحمل صديقا عمره المرحوم الاستاذ محمد امين نصار، والحاج فاخر آل وليد قسطاً كبراً من هذا المضمار، وقد كان مجداً في بحثه، يسهر الليالي فلا ينام الا في وقت متأخر، واحيانا ينسى نفسه في البحث فلا ينتبه الا والمؤذن يرفع آذان الفجر، فيردد كلمته المعهودة في هذا الحال «انا اخوك»، وقد امضى عقداً من الزمن في انجاز هذا الجهد العلمي الكبير ليتم في منتصف الستينات، ومع انّه كان يصغي بانتباه لكل ملاحظة وتعليق، الا انّه في بحثه وتنقيبه، وفي ايناع الثمار الي بذرها وسقاها ورعاها واعطى قطافها للمكتبة العربية، كان منفرداً لم يشاركه في الجهد احد، ولا زاد في نتاجه احد، وان تواضع ـ وتلك كانت شيمته، وعد حتى من قال له احسنت، وبارك الله في جهدك، صاحب فضل في تشجيعه ودفعه.

    وقد رافقه جده في البحث والتنقيب في سنوات غربته الاخيرة من عمره الشريف، فقد كان يلازم المكتبة الظاهرية بدمشق منذ الصباح الباكر حتى اغلاقها، ما خلا وقت الصلاة، وحتى غذاءه كان يتناوله في مطعم مجاور للمكتبة، ويدعو إليه في احيان كثيرة احباءه، حتى صار يعرف بـ«المضيف»، وعندما كان يعود إلى البيت، فان شيخوخته لم توهنه عن سهر الليالي، كان يستلقي على ظهره مداراة لآلام الفقرات، فيقرأ ويكتب على تلك الحالة، واسعد الاوقات عنده حينما يجد شيئاً ذا قيمة، فتراه يضع الكتاب جانباً، ويصفق بفرح جذل، وكأنه يقول.. وجدتها.. وجدتها، وبالرغم من الاضافات النوعية التي اضافها للمكتبة العربية، فقد انجز القليل مما يدور في خلده، ويخطط بانجازه، ولولا صروف الدهر ونوائبه، وكدحه الدائم لتدبير معيشته وعائلته، لانجز اكثر مما انجز، ولحقق الكثير مما يتمنى تحقيقه.

    ***

    في الخضر امضى راحلنا الكبير القسط الاكبر من حياته، يعيش وسط اخوة له وابناء ظلت وشائج العلاقة معهم متينة لم ينقطع لودها حبل حتى اضطراره للهجرة إلى خارج العراق وقد تركت الخضر في ذاكرته اثراً جميلاً طالما استعاده بالحنين إلى ايامها ومرابعها، الا انها خلفت في نفسه ذكرى تلك الايام السوداء، ايام الفوضى والبغضاء التي حلت قسراً في تلك المدينة الآليفة التي تعيش شبه عزلة عن العالم، فمثلما ضربت اطنابها في شتى انحاء العراق، ولا شك ان اي عاقل ومنصف يستعيد ذكريات تلك الايام، سيجد ان ذلك الحقد الاسود كان بلا مبرر، فجأة تتشكل الاحقاد جامحة، وتنطلق بدون روية أو تفكير، والادهى من ذلك بدون هدف، وما زال العراق يدفع اليوم تلك الخطايا، لم يكن حقداً طبقياً كما بدى آنذاك فقد تداخلت المواقع والمواقف والانتماءات، واختلط حابلها بنالها، وما كان حقداً من اجل الوطن، وكم تذكر سيدنا الراحل بأسىً كبير كيف فرقت تلك البغضاء الالفة التي عاشت طويلا في ربوع تلك المدينة، وكيف انفتح جرح ظل فاغراً وما زال، وكيف نشأت العداوات بين اقرب الاصدقاء لبعضهم البعض، وتطورت وتعمقت وصارت حاجزاً راسخاً يفصل بين الصديق وصديقه، والقريب وقريبه، وحتى الاخ واخيه، وقد رافقت الكثير حتى مماتهم، بل واورثوهم لابناءهم، وكيف يندفع العامة وراء الشعارات والاضاليل، ولم يكن سيدنا الراحل مستهدفاً لذاته في بداية الاحداث في الربع الاخير من عام 1959م، كانت البداية ان البعض من سقط المتاع، لم يرق له ان تظل الخضر هادئة، وفتش عن رجعي، متآمر، وخائن ومصطلحات تلك الايام ثم وجد ضالته في السادة من آل تاج الدين، وهم من العوائل العلوية التي نزحت من الحلقة إلى الخضر وامتهنت التجارة والزراعة، فاحرقت محلاتهم، واستبيحت دورهم، واعتدي على رجالهم، وانتهكت حرمهم، فما كان من سيدنا الراحل الا ان يتصدى إلى ذلك العدوان الذي لا مبرر له ولا سبب، فكانت وقفة شجاعة، وفر فيها وثلة من صحبه الخلص الاوفياء الحماية للمعتدى عليه، وصار هدفاً، وضمر اهل الاحقاد احقادهم حتى كان شهر رمضان من ذلك العام، وبينما تحتفل المدينة في جامعها الكبير بذكرى ميلاد الامام الحسن(ع)، وإذا باحدهم ليهتف بالصداقة السوفيتية، وآخر يهتف بالسلام العالمي وفق خطة مبيتة، فهاج الناس وماجوا واخرجوا الاثنين من الجامع، وما هي الا برهة وجيزة الا والحجارة تنثال على المحتفلين من كل جانب، وكانت معركة استمرت ساعات، وتهدم فيها جزء كبير من الجدار الشمالي للجامع، وتفاقمت الفوضى في المدينة، وبات الناس لا يأمنون على انفسهم، فمتى انفرد اولئك باحد يناحبهم العداء اشبعوه ضرباً واثخنوه بالجراحات، وجدوا سيدنا الراحل كان يفرض هيبته فلا يجرأ احد على التعرض له، وان صارت داره محطة لتظاهراتهم اليومية، يقفون امام الدار، تتقدمهم صورة «الزعيم الاوحد»، ويهتفون بهتافاتهم المعهودة، ويرعدون ويرددون، ولكنهم من الجبن بحيث لم يقتحموا الدار التي ليس فيها سوى سيدنا الراحل وزوجه وبناته واطفاله، ثم ينصرفون بعد ساعة من التظاهر، ومن المفارقات المضحكة ـ المبكية، ان الخضر التي ليس فيها سوى مدرسة ابتدائية قديمة البناء، وتفتقر إلى ابسط المرافق العامة، كأي مدينة مهملة في جنوب العراق، فلا شوارع معبدة ولا شبكة كهرباء أو مياه، ولا جسر يربط بين ضفتي نهرها، ومقطوعة عن محيطها فليس من طريق يبعد بينها وبين اقرب مدينتين اليها وهما المساواة والناصرية، ومع ذلك فان ازقة الخضر مليئة بصور «ستالين» ويهتف كل يوم متظاهروها بالصداقة السوفيتية.

    لقد تركت تلك الاحداث المفجعة اثراً مراً في ذاكرة راحلنا الكبير، فكثيراً ما تذكر تلك الاحداث المأساوية باسف لما آليت إليه احوال الناس، وكيف يندفع كثيرون دونما تدبر أو تفكير، وكيف يغير البعض حتى جلده بين عشية وضحاها، وقد زادته تلك الاحداث حكمة وتبصراً، فكان لا يميل للاندفاع، ويكره التهريج والتطرف، الا انّه لم يعرف الحقد على احد، على العكس من ذلك كان يرثي لاولئك الذين فقدوا صوابهم وتوازنهم عند المنعطف، ويسأل ربه المغفرة والرحمة لكل مسيء.

    وبعد ان انزاحت تلك الغمة، وكان قد انجز كتابة «مصادر نهج البلاغة واسانيده» قرر الارتحال إلى كربلاء في منتصف الستينات، ليكون قريباً من النجف حيث طبعت الطبعة الاولى من كتابه، وقد كانت له رحلة يومية بين كربلاء والنجف لذلك الغرض، وبعد انجاز طباعته كان متردداً في العود إلى الخضر، فعزم عل البقاء والسكن في كربلاء المقدسة لولا انتقاله وعائلته بعد عام إلى بلد، وبعد رحيله عن الخضر تفرق الكثيرون من صحبه في نواح شتى من العراق، وكأنهم لم يطيقوا العيش في الخضر من دونه.

    ***لقد شاء الله ان تكون الوجهة «بلد» فقد طلب، اهلها استضافته في رمضان 1385 هـ(1966م)، وقد كانت بلد آنذاك غارقة في لجة فتنة عشائرية طاحنة، استمرت طيلة خمس عشرة عاماً وعجزت المرجعية الدينية والسلطات معاً على ايقافها، وفقد معها الناس الآمان والاستقرار، واتت الفتة على الزرع والضرع، فقد هجر الناس مزارعهم، وكان يلوذون ببيوتهم مع خيوط الظلام الاولى، يغلقون ابوابها الثقيلة باحكام، فلا يتزاورون ولا يفتحونها لاحد وقد ازداد عدد الضحايا مع الايام، وتراكمت الاحقاد والثارات، وحين استجاب لطلب اهالي بلد، نصحه عدد من معارفه بعدم الذهاب لما سمعوه عن حوادثها، لكنه اصر على الذهاب، فسافر إلى هناك وقد كانت المرة الاولى في السنوات التي تُحيّي فيها بلد ليالي رمضان، وقد استقبلته بترحاب حافل، فكان اول شيء ركز فيه جهده، هو محاولة اصلاح ذات البين، وكسر شوكة الفتنة، وشاء الله عز وجل ان يفتح على يديه، فقبل ان ينتهي شهر رمضان، استطاع بعون الله ان ينجز صلحاً عاماً نسي فيه المتقاتلون احقادهم وثاراتهم وصار شعارهم «نحن اولاد واحد» كناية عن الاخوة والصفاء، وتوج الصلح بمسيرة طافت المدينة يتقدمها هو وشيوخ العشائر وقد تشابكت ايديهم، وصار جذوة الفتنة برداً وسلاماً، وعاد الوئام والآلفة للمدينة، واصبح الناس يتزاورون ويتسامرون، ويتشاطرون في المسرات والاحزان، وتوجه من بلد وفد كبير لزيارة الامام الحكيم اعلى الله مقامه، وقد رجوه بان يقنع راحلنا الكبير بالانتقال إلى بلد والاستقرار فيها، وقد تحققت لاهالي بلد بعد وقت قصير.

    وفي بلد لم يكن سيدنا الراحل رجل دين فسحب، بل اصبح جزءاً من حياة الناس ومشاعرهم، اطفالاً وشباباً وكهولاً وشيوخاً، رجالاً ونساءاً، وعلى مختلف مشاربهم ونحلهم، ولا اظن ان مدينة احبت بمجموعها رجلاً واخلصت له كما فعلت بلد فيه، وقد قابلها حباً بحب واخلاصاً باخلاص، كان كل واحد يرى ان له علاقة خاصة بسيدنا الراحل، يقصدونه ليحكم فيما شجر بينهم، ويخرجون من عنده، راضين بحكمه، ويأتونه حتى بمشاكلهم العائلية وادق خصوصياتهم، يسألونه فهيا عوناً أو رأياً أو مشورة، وكان يعامل الصغير بأبوة وحنان، والكبير بأخوة واحترام، وقد زادتهم المعايشة حباً له وتعلقاً به، فان غاب افتقده الناس وترقبوا حضوره، وكان يجلس لحل مشاكل الناس ومتابعة قضاياهم ضحىً وعصراً، فاذا جاء الليل فان له مجلسه المفتوح لكل الناس، فكان منتدىً لهم يتداولون فيه شتى الوان الحديث ويتعمق من خلالها التآف والتآخي بينهم.

    وقد وقف مدافعاً عن بلد بكل صلامة وشجاعة حين تعرضت عام 1967م لحملات الجور والاضطهاد والحقد، وكانت له مواقف ستبقى مخلدة في تاريخ المدينة وذاكرتها، حين تصدى لحملة حكومة طاهر يحيى التي استغلت مقتل المرحوم جبر التكريتي في حادث عرضي، وكان معروفاً بصلاحه ونزاهته وخلقه، فارادت السلطات ان تسبي بلد مستغلة مقتله، وتأخذ المدينة كلها بجريرة شخص واحد، وحين وقف في وجه تعسف وزير الاصلاحي آنذاك عبد الكريم فرحان الذي تذكر ولدوافع معروفة ان بلد التي تسقي بساتينها ومزارعها من جدول متفرع من نهر دجلة، مدينة الحكومة بأجور السقي عن ثلاثين عاماً مضت، رغم عدم وجود عقد أو قانون يخول السلطات استيفاء مثل تلك الاجور، فأمر بقطع مياه السقي عن المدينة بعد ان وجد الناس انفسهم عاجزين عن تسديد تلك الاجور حتى لو باعوا مزارعهم وبيوتهم، وحين افشل مخطط الفتنة الطائفية الذي وضعه (سامي باش عالم) رئيس دائرة الاوقاف الذي اصدر قراراً باستيلاء الاوقاف عل جامع بلد الكبير، وعين اماماً من دائرته للجامع في استفزاز صارخ لبلد، ولخلق العداوة بينها وبين محيطها.

    وقبل ان يبني له داراً في بلد، بادر سيدنا الراحل إلى تجديد بناء جامع بلد الكبير «جامع الزهراء» في عام 1970، وقد ساهمت المدنية جلها ان لم يكن كلها في بناء ذاك الصرح العامر بالمال والعمل، فكان رمزاً لوحدتها، ولتحديها ايضاً اذ كانت السلطات تجد في اندفاع الناس للتبرع والمساهمة في بنائه ذنباً يستحق الملاحقة والعقاب.

    وحينما حلت المحنة التي ما زال العراق يعيش فصولها، كان راحلنا الكبير قد اعد نفسه لتحمل مسؤوليته ومواجهتها، ولم يفت في عضده ترهيب أو ترغيب، فكان يحث الناس على التحدي، ويضرب لهم مثلاً من نفسه، وحينما بدأت السلطات بمضايقة الامام الشهيد السيد الصدر، بدأ يستعرض اراء السيد الصدر وفتاواه في محاضرات اخذ يقيمها بعد صلاة من كل يوم وقبل انصراف المصلين من صلاة الجماعة، ليعلن بذلك مرجعية الامام الشهيد، ويكرس التفاف بلد حول مرجعيته، ومما يذكر لبلد في هذا الصدد ان احداً ممن سار في ركب الطغاة لم يتعرض له يوماً أو يحاول الاساءة إلى مقامه، وكان هذا يردع الوافدين من جلاوزة السلطة عن الاساءة إليه الا ان الاذى والظلم كان يطال اقرب المقربين إليه ثم اخذت دائرة الجور تتسع، الا ان الناس اخذوا يزدادون التفافاً حوله وتحدياً للطغاة، فيزداد رواد مجالسه وتتضاعف صلاة الجماعة، ويستقطب الناس حديثه عن سير المجاهدين وعبر التاريخ ودروسه، وجهر رأيه عن مفاسد الوضع ومثاليه، وقد فطن مع الايام إلى ان السلطات الغاشمة تنتقم منه لا بالتعرض له، وانما بالحاق الاذى بمن حوله وخاصة الشباب منهم، فكانت تجد في مجالسته وحضور مجالسه أو زيارته تهمة تستحق اقسى عقاب، ثم كان ان تفتقت اساليبهم الرخيصة عن حيلة خبيثة فقولوه في صحفهم ما لم يقله، وما يأباه له الله ورسوله والمؤمنون ونفسه الابية، لكن الله فضحهم فجاءت الكلمات ركيكة مبتذلة لا تنم عن اسلوبه وهو المعروف ببلاغته وفصاحته، فأراد ان يفوت عليهم ان يأخذوا الناس به، أو ان يخدعوهم بما قولوه، فاختار الهجرة بعيداً عن الوطن وفي رحلة شاقة طويلة من الالم والعذاب مخلفاً وراءه عائلته.

    ***

    وفي ديار الغربة، اختط طريقه الخاص به في جهاده، وكرس له السنوات التالية من عمره الشريف، الا وهو رعاية العراقيين ومواساتهم والتخفيف عنهم في محنتهم، وقبل هذا كان يضع من نفسه المثل في الجلد والتحمل، وهو الشيخ الذي تجاوز الستين من عمره، فيشد من عزائمهم، ويشحذ هممهم، وبعد ذاك يشاطر الاخرين في ما يستطيع ان يشاطرهم به، ويتفقدهم ويصلحهم، ويسأل عن حاجاتهم ومشاكلهم، ولا يدخر جهداً أو وسعاً من اجل حلها، كان الهم العام همه، لكنه لم يكتف بذاك، فصار يبحث عن مفرادته وتفاصيله، ويحاول ان يقاسم كل ذي هم أو مشكلة حتى وان لم يعرفه من قبل همه أو مشكلته، ما صغر منها وما كبر، وكان يشاركهم بوجدانّه وكم ارق وعلى تقاسيمه الحزن لان احداً يعرفه يعاني من فاقه، واخر يكابد من مرض، واخر مشغول بمحنة اهله في الوطن، لقد كان يردد دوماً كم اتمنى لو ان لي الف عين والف رجل والف يد إلى اخر ما يتمنى ان يمتلكه حتى اقدم للبصير عينيه وللاعرج رجلاً، لقد كان يؤثر الاخرين على نفسه، وترى وجهه يطفح بالبشر حين يستطيع حل مشكلة احد أو تقديم العون لاخر، وللشباب كان يوجه اهتماماً خاصاً، يشعر بمعاناتهم بكل ابعادها، وكم من شاب وشاب يعامله معاملة الاب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى حتى لا يجد فرقاً بينه وبين احد ابنائه.

    لقد كان يدرك ان المرحلة تتطلب التعاون والمحبة والتواصل ونبذ الضغائن لهذا فان اقسى ما كان يمكن ان يقع على مسمعه هو ان اثنين قد تخاصما أو تقاطعا اما عنه فانه لم يكتف بان لا يعرف قلبه حقداً أو ضغينة، أو ان يأخذ الاساءة بحسن نية، ويلتمس شتى الاعذار للمسيء، بل انّه كان لا يطيق ان يكون في نفس احد شيء منه، ويبذل كل ما يستطيع من اجل ان لا يترك في ذهن احد تصوراً خاطئاً أو سوء فهم أو شعوراً بتقصير تجاه احد، لقد كان يردد كل يوم اللهم اني قد أبرأت ذمة كل من اساء لي أو اقصر بحقي أو اغتابني فلا تؤاخذ احداً بالاساءة لي حتى هذه الساعة، وكان يلتفت لمن حوله ضاحكاً ويقول احذروا فقد لا اطلب هذا الذي طلبته من ربي غداً، لكنه ما انفك عن ترديد دعائه ذاك حتى في ساعاته الاخيرة.

    ***

    اما بين اهله ووسط عائلته، فقد كان يتمثل قول الرسول الكريم(ص) «خيركم خيركم لاهله»، لا يكتفي بما يمتلك من عطف ورقة وحنان، بل كان يجهد ان لا يكلف احداً من عائلته بقضاء حاجة من حاجاته مهما كانت بسطة، فان اضطر بالغ في حمده وثنائه، حتى كأن احداً من عائلته قد قدم معروفاً كبيراً، وكم من مرة ومرة يغافلنا فيها فنجده قد غسل ملابسه بيده، أو يغسل الصحون ويرتب البيت، أو يذهب إلى السوق ويجلب للبيت حاجاته، وحين نعاقبه كان يتعلل بأن ما يقوم به رياضة أو تسلية.

    كان لايعرف الغضب أو الزجر، ويحاذر ان يترك في قلب احد من عائلته ما يزعجه أو يؤذيه، فان اغضبه شيء كان يكظم غيظه، ويلجأ إلى النكتة والمثل في قول ما يريد قوله.

    ورغم ما وهبه الله سبحانه من قلب عامر بالمحبة والرقة فانه لم يدع لعاطفة الابوة ان تأخذه بعيداً عن انسجامه مع نفسه، ومع قناعاته ومسؤولياته، فقد ادركنا مبكراً انّه انسان يعش من اجل دينه لا عليه، ويكرس حياته للآخرين، ويوازن بدقة بين مسؤولياته العامة والخاصة، فلم نعرف له الا شخصية واحدة في كل دقائق حياته، امام عائلته وامام الناس، في بيته وخارجه، لا يتكلف بشيء، والتواضع والزهد ميزتاه، كان متواضعاً إلى الحد الذي يجعل المقابل لا يرى حداً بين سيدنا الراحل وبينه في السن أو العلم أو المنزلة، وكان ذلك يدخله في القلب ويزيده هيبة واكباراً، وكان زاهداً في حياته التي لا يجد فيها الا رحلة ثانية طالت ام قصرت لهذا لم تغره، ولم يبحث عن مغانمها.

    ***

    لقد رحل القلب الكبير الذي اتسع لكل الناس، بعد مسيرة ملئت سنواتها الاخيرة بالعذاب، عذاب كان يداري اوجاعه حتى عن اقرب الناس إليه،
    العراق الذي احب وما آلت إليه احواله.
    الناس الذين عاش معهم ولهم وما يلاقونه من اهوال.
    صحبه الذين كانت تترى إليه اخبارهم بين مشرد وشهيد ومغيب، بلد..
    المدينة التي احبته وأحبها وحرمانه منها واستباحتها وسبيها.
    داره التي صودرت ونهبت، واغلى ما فيها كتبه وما تحويه من مخطوطات وكتب قيمة وتعليقات.
    عائلته التي ظلت مشردة يطاردها الرعب من بيت إلى بيت، ومن مدينة إلى مدينة حتى اندلاع الانتفاضة المباركة.
    ابنه «جعفر» المغيب في سجون الطغاة لسنوات طويلة.
    صهره «نعمة السيد علي الحسيني» الذي استشهد تحت التعذيب.

    وهموم الناس التي حملها، لقد كان قلباً كبيراً يتسع لكل الناس، وكل هذه كانت تأخذ من روحه وقلبه، وتترك آثارها في صحته، ويتحمل العناء بصمت، ويخفي اوجاعه وآلامه، حتى اختاره الله سبحانه إلى جواره ورجعت النفس المطمئنة إلى بارئها راضية مرضية.
    لقد كان الموت بالنسبة له مجرد لحظة من لجظة كان واثقاً بانها قد ازفت فرغم تأكيد اطبائه على تحسن صحته واستقرارها، كانوا يؤكدون على انّه لم يعد هناك من مبرر لبقائه في المستشفى، وكان يقسم على انّه سيكون يوم وفاته، وكانت لحظة لم يكن ما قبلها ينبىء بها، رغم اننا كنا نسأله ان كان يعاني من الم أو يشعر بشيء، سوى انّه ادى الشهادتين، وتمتم بكلمات لم نستطع ان نميزها، واسلم روحه إلى بارئها، ومضى القلب الكبير يشكو إلى ربه ظلم الطغاة، وكانت وفاته بعيداً عن ارضه ووطنه الذي احب وهو ابن السبعين بعد ان قض سنواته الاربعة عشر الاخيرة من منفى إلى آخر، وصمة عار على جبين الطغاة، لقد كان يردد ومنذ استشهاد السيد الصدر: من مات على فراشه لهول هذه المحنة مات شهيداً، وقد كان شهيد الغربة ورحلة الالام الطويلة.

    وان بكاء العراقيين في مختلف منافيهم الواسعة، فقد بكوا انسانيته وعطاءه ومحبته، كان للكبير اخاً وللصغير اباً، اخلص لله، واطاع الله في اخيه الإنسان، فكرمه البارىء عز وجل بأجمل مايكون التكريم، فجعل من وفاته عبرة ستبقى في ذاكرة وقلوب من عرفه لسنوات طويلة.

    ***
    [/align]




    [align=center]











    [/align]


    ----------------------------
    جميع الصور منقولة من مجلة الموسم العدد العشرون 1994 - 1415 حيث اصدر فيها ملف خاص عن الراحل الكبير
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    سيدي الفاضل لا اعتقد ضني يخيب ان تكون انت احد ابناء السيد عزيز قلوبنا ومهجتنا وكم اتمنى ان التقيكم فقد طال الفراق يا سيدي واني اخاف ان تنتهي حياتي ولا ارى منكم احد فاني قصدت الشام ووقفت على مرقده الشريف وشفيت غليلي بالدموع وبقيت متلهفا لكم انتم موسى او عبد الحسين و جعفروان كان السيد محمد لم نلحق بمعرفته حيث بدا الفراق اللعينولكن يا عزيزي الفراق قاسي علينا والله فان لوالدكم كما انتم ذكريات لا نستطيع نسيانها ولكنك سيدي قد ذكرت الخضر بكلمات طيبه كقلوبكم الشريفه بان اهلها يتصفون بالطيبه وصفاء القلوب ولكن يا سيدي لم تذكر احد من الذين كانو مع السيد من جلاسه ومسامريه وكنا لا نغيب عنه يوم واحد فهو ابونا ربانا كما رباكم وعشملنا بعطفه معكم ولكم يكن يفرق بيننا وبينكم واذا تفخر الناصريه بمولده لشريف فان الخضر تفخر بحياته الشريفه ويحق لبلد المناضله ان تفخر باحتضانه بقية من الايام وكذلك الشام بلد الحوراء فان حبه للعقيله قد جعل نهاية جواره قربها سلاما عليكم سيدي اين ما كنتم من صغيركم الى كبيركم فمن اجلكم سميت لنفسي ابن الوفاء

  6. #51
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    35

    افتراضي السلام عليكم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو زيد الحسيني مشاهدة المشاركة
    ارسل اليكم صورة السيد نوري المالكي ريئس الوزراء العراقي اثناء تشيع جنازة المغفور له السيد عبد الزهراء الحسينيوالمنشورة في مجلة الموسم العدد العشرون لسنة 1994
    السلام عليكم اخي ابو زيد ورحمة الله وبركاته اشكرك كثيرا على هذه الصوره ولكن صغيره جدا ولا يمكن تكبيرها هل تستطيع ان ترسل لي صوره اكبر او ترشدني الى اي طريق استطيع الحصول عليها لان عندنا الان مشروع كبير لجمع وثائق تخص السيد رحمه الله لنرد جزء من عطائه لنا ان وفقنا الله لذلك ونرجو من جميع الخيرين امثالكم بمساعدتنا والله ولي التوفيق اخوك ابن الوفء

  7. #52
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    35

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اطلقنا مبادرة بالاتفاق مع عدد من شباب قضاء الخضر على تاسيس هيئة الزهراء الثقافيه تحتوي على جميع موءلفات العلامه السيدعبد الزهراء الخطيب طيب الله ثراه المقدس لذا نهيب بكل من لديه مؤلفات او صور او وثائق ان يعلمنا او يرسلها لنا لكي نتمكن من الحصول عليها ونطمح ان يكون بيته الاول في قضاء الخضر هو المقر الرئيسي للهيئه لان مكتبة السيد الاولى هناك لذا نوجه هذه الدعوه للجميع لمن يتمكن من مشاركتنا او دعمنا وان هذا جزء بسيط مما نستطيع ان نقدمه لصاحب القلب الطيب والحنان الكبير فاننا مدبنبن له اخوكم ابن الوفاء

  8. #53
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    35

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اطلقنا مبادرة بالاتفاق مع عدد من شباب قضاء الخضر على تاسيس هيئة الزهراء الثقافيه تحتوي على جميع موءلفات العلامه السيدعبد الزهراء الخطيب طيب الله ثراه المقدس لذا نهيب بكل من لديه مؤلفات او صور او وثائق ان يعلمنا او يرسلها لنا لكي نتمكن من الحصول عليها ونطمح ان يكون بيته الاول في قضاء الخضر هو المقر الرئيسي للهيئه لان مكتبة السيد الاولى هناك لذا نوجه هذه الدعوه للجميع لمن يتمكن من مشاركتنا او دعمنا وان هذا جزء بسيط مما نستطيع ان نقدمه لصاحب القلب الطيب والحنان الكبير فاننا مدبنبن له اخوكم ابن الوفاء

  9. #54
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    826

    افتراضي

    بارك الله بك يابن الوفاء وبالتوفيق والفاتحة الى روح العلامة الحسيني

  10. #55
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    35

    افتراضي اسلام عليكم

    اشكرك خي عراق اشموخ والاباء ونحن محتاجين الدعم من كل شخص يملك صور و وثائق او ذكريات حتى لو كانت كلمه مع السيد رحمه الله حيث اننا سنجعل من المقاله التي كتبت عن اوراق من دفاتر ايامه مقدمه بسيطه لما سنكتبه عن هذا العلم الجليل الذي له افضال في حياتنا لا نستطيع ان نفي له حتى في جزء بسيط بارك الله فيكم وفي كل غيور شهم وفقكم الله ابن الوفاء

  11. #56
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    253

    افتراضي

    رحم الله الخطيب عبدالزهره الحسيني

    ووفقك الله اخي ابن الوفاء على مشروعك الطيب

  12. #57
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,603

    افتراضي


    السيد عبدالزهراء الحسيني الخطيب في الوسط بين الشيخ الدكتور احمد الوائلي (الى يساره) والشيخ السهلاني (الى يمينه) رحمهم الله جميعا.





  13. #58
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    35

    افتراضي تحيه الاسلام

    اشكرك اخي سيد مرحوم وبارك الله فيك وكثر الله من امثالك على هذه الصورة التحفة النادره وا رجو فضلك ان تذكر لي الاسماء من اليمين لجميع الحاضرين في الصوره عدى السيد والشيخ الوائلي والسهلاني بارك الله فيك
    فاان هذه الصوره ستكون ضمن موجودات موسسة الزهراء الثقافيهالتي تم تاسيسها ببركة السيد عبد الزهراء الحسيني وثوابا لنفسه الطاهره

    اخوك ابن الوفاء

  14. #59
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    ارض الله الواسعه
    المشاركات
    109

    افتراضي

    الساده الافاضل والاخوة الاعزاء
    السلام عليكم
    بداية شكرا لكل القائمين على هذا المشروع الكبير في اظهار مفاضل هذا العلم الشامخ السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب.
    فلا يمكن نسيان الفترة التي قضاها السيد الجليل في مدينة بلد وما تركه من اثار لا زالت تذكر لهذا اليوم فعلى الرغم من عدم معاصرتي للعالم الكبير السيد عبد الزهراء الخطيب الا ان اثر السيد باقي في مدينة بلد ولا زال الكثير من ابناء المدينه تحتفظ بصور وذكريات جميله لهذا العلم الشامخ.
    وخير دليل على ذلك بيته الذي لا زال في مدينة بلد ويستطيع القائمون على هذا المشروع القدوم لمدينة بلد والحصول على الكثير من الصور والذكريات الجميله للسيد الجليل عبد الزهراء الحسيني الخطيب

  15. #60
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    35

    افتراضي السلام عليكم

    اشكرك اخي سندباد الحزن الازلي وبارك الله فيك
    نود ان نعلمكم ان مشروع مؤسسة السيد اصبح عاملا وظهر الى النور بمعاونة الخيرين امثالكم وبدعم ومسانده من ابناءه حرسهم الله
    وان من يريد معاونتنا ان يرسل ما عنده الى عنوان مؤسسة الزهراء الثقافيه
    [email protected]
    وبهذا يسجل مشاركته معنا في اقامة هذا المشروع ويسجل ثوابا لروحه الطاهره واود علمكم اني قد قدمت اليوم من بيت الله الحرام حيث اديت العمره واقمت مراسم العمره لروحه الطاهره مثلما اديتها لنفسي كي اكون فعلا ابن الوفا ولكن هذا لن يوفي جزء مما اعطاه لنا لاننا ثمرة جهوده
    نشكركم ونرجو مشاركتكم
    اخوكم ابن الوفاء

صفحة 4 من 5 الأولىالأولى ... 2345 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني