
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد السمياوي، العراق، 25/05/2005
أولاً على الشيخ حارث الضاري أن يثبت بأدلة قاطعة بأن بدر هي التي قتلت الأربعة عشر شخصاً، وغيرهم. فبالنسبة لكل متابع يبدو من غير المعقول أن منظمة بدر التي انتُخِب منها ستة محافظين والتي لها أكثر من عشرين عضواً في الجمعية الوطنية، بل وتعتبر الحكومة الحالية حكومتها .. أقول يبدو من غير المعقول أن تخرّب الوضع الأمني في العراق وتضع البلاد على حافة حرب أهلية من خلال القيام بجرائم اغتيالات طائفية .. فما هي مصلحتها في ذلك؟ وما هي الضرورات التي تدفعها إلى ذلك؟ بينما لا يأتي الشيخ حارث الضاري أبداً على ذكر الزرقاوي الذي يدعو صباح مساء لخلق فتنة طائفية في العراق .. فهناك جهة واحدة لها مصلحة في تخريب الأمن في العراق وجعل الوضع يفلت من يد الحكومة القائمة .. إن هذه الجهة بالتأكيد ليست منظمة بدر، إنما هي منظمة الزرقاوي الإرهابية التي ترسل الانتحاريين ليقتلوا الناس، بينما يتحدّث الضاري ومساعدوه عن المخابرات الإسرائيلية والإيرانية، وكأن القصد من ذلك ذر الرماد في العيون، لأنه ببساطة لا توجد مخابرات في الدنيا لديها انتحاريون يفجرون أنفسهم ليقتلوا الآخرين. ويجب الإشارة هنا إلى أن بعض الإرهابيين الذين تم القبض عليهم اعترفوا بإطلاقهم النار على جامع سنّي في الحرية بقصد البلبلة. فالإرهابيون يحاولون بأقصى جهودهم إثارة فتنة طائفية بين السنة والشيعة، وأخشى أن تكون هذه الدعوة كدعوة تدنيس القرآن الكريم في الرمادي والتي أراد فاعلوها تأجيج الفتنة بعد أن شاهدوا ما أججته أخبار تدنيس القرآن الكريم في غوانتانامو، وهنا من الجميل أن أورد ما قاله الأستاذ عبد الرحمن الراشد: (رأينا في افغانستان اشاعة قضية، بغرض تأليب الشارع في عمل منظم. وهو ما حاولت جماعة اخرى فعل مثله في العراق، وان لم يصدقها احد).
كما أن وزارة الداخلية العراقية مُطالبة بتوضيح وجهة نظرها في اتهام الضاري، بل وأرى أن على وزارة الداخلية والحكومة العراقية عموماً أن تكثف الجهود الإعلامية والسياسية في مواجهة الإرهاب ومكانته الإعلامية الضخمة، وتعاون وتعاطف قوى كثيرة معه.
ثانياً: إن المشكلة التي يُعاني العراقيون منها اليوم هي الإرهاب. وما يجري في العراق هو جزء مما يجري في بلدان عديدة، حيث لا يتورّع الإرهاب عن شيء، كما هو الأمر في السعودية والجزائر ومصر وأندونيسيا .. وغيرها. أما خلط الأوراق وتغيير العناوين وتبرير الجرائم من خلال تصوير ما يجري في العراق وكأنه (اقتتال طائفي) فهو محاولة لتوفير غطاء سياسي لجرائم الزرقاوي والمجموعات الإرهابية الأخرى بحيث يبدو ما يقومون به، وكأنّه مجرد رد طبيعي على جرائم الآخرين بحق السنّة. وهكذا فأن الشيخ حارث الضاري ومساعديه وفي كل مرة تقع فيها جريمة إرهابية يصرحون ويلمحون متهمين جهات أخرى. وكأمثلة على ذلك فإن جريمة اغتيال السيد محمد باقر الحكيم هي من عمل المخابرات الإيرانية، وجريمة يوم عاشوراء هي من عمل جماعة الجلبي، وجريمة الحلّة من عمل الموساد الإسرائيلي، وجريمة المدائن قالوا عنها في البداية بأنّها ملفّقة، ثم قلبوا الأمر بالحديث عن اعتداءات شيعية ومؤامرة أيرانية، ثم قالوا أنها خلافات عشائرية حول أرض مختلف عليها. وعرض عدنان سلمان رئيس دائرة الوقف السنّي وساطته لحلها، ثم اعترف الضاري أخيراً بها جزئياً قائلاً أنها (ضُخِّمَت).
ثالثاً: يبدو أننا في العراق أمام (مارونية سياسية) أخرى، وهي مصرة أيضاً، كالمارونية اللبنانية، إما أن تأخذ الحكم أو تخرّب البلد. فالمشكلة عندها ليست الاحتلال، ولا الإرهاب، ولا البطالة، ولا فساد الحكم، إنما المشكلة هي أن تكون السلطة في يد الآخر العراقي. ومن يتابع مواقف الضاري منذ سقوط بغداد حتى اليوم يبدو له ذلك واضحاً، فهم – مثلاً – لم يقاطعوا الانتخابات في البداية، ولكنهم عندما اكتشفوا أن الآخرين قد رصوا صفوفهم وتوحدوا في قائمة (الائتلاف العراقي الموحد) والأكراد في (قائمة التحالف الكردستاني)، عرفوا أن لغة الأرقام الانتخابية ستفضح الحجوم الحقيقية، ولذلك قرروا الانسحاب بحجة المطالبة بجدولة الاحتلال. وهكذا فاليوم هم لا يقرون بشرعية الحكومة التّامة ويعتبرون البلد بلا سيادة، ومع ذلك فهم (وأقصد هنا الضاري وجماعته) يريدون أن يشاركوا بكتابة الدستور .. أي أنهم يعملون الشيء ونقيضه.