في اليوم الأول لوصوله إلى مكة المكرمة، استقبل سماحة العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، في مقر بعثته جموعاً من الحجاج، وعلى رأسهم حجاج قادمون من الولايات المتحدة الأمريكية ومن الجاليات الإسلامية في استراليا، إضافة إلى حملات من الحجاج العراقيين والبحرينيين.
وألقى سماحته في وفود الحجاج كلمة تطرق فيها إلى الحركة الذاتية لسيرة الرسول الأكرم(ص) ومعاناته مع الصفوة الطيبة من أهل بيته وأصحابه، وهو يتابع إيصال الدعوة إلى الناس في أقصى الظروف وأصعبها، وكيف واجه أولئك الذين أرادوا إسقاط الدعوة وكيف تصدى لجموع المشركين وجيوشهم وواجه قواهم العسكرية والعددية، كما واجه ضغوطهم الاقتصادية ومحاولات العزل الاجتماعية، إلى أن انتصرت الدعوة، ودخل العرب في دين الله أفواجاً.
وأشارإلى ضرورة الاستفادة من سيرة الرسول الأكرم في إيحاءاتها الروحية والعملية، مؤكداً أن الإسلام لم يبلغ المستوى الذي بلغه من القوة إلا من خلال الوحدة الداخلية التي شعر الآخرون بأنها تمثل القوة التي لا يمكن معها اختراق الجسم الإسلامي من الداخل.
وشددعلى أن ما يحتاجه المسلمون في هذه الأيام، وفي ظل المراحل الصعبة التي تمر عليهم، هو أن يعززوا وحدتهم، وأن يتطلعوا إلى قضايا أمتهم بعيداً من التعقيدات المذهبية التي مثلت حركة الكثير من المنتمين إلى المذاهب الإسلامية والذين انطلقوا من زاوية حساباتهم الخاصة بدلاً من أن يعملوا على الانتصار لهذه القضايا من خلال ما تمثله في العنوان الإسلامي العام، البعيد عن الأطر المذهبية والحزبية والشخصانية، وما إلى ذلك.
ورأىأن على المسلمين سنة وشيعة استلهام حركة الرسول الأكرم(ص) بعيداً من العناوين والتفاصيل الصغيرة التي استغرق فيها المنتمون إلى المذاهب، والتي كادت أن تصبح ثوابت غير قابلة للنقاش والجدال، ما افقد الواقع الإسلامي حيويته وحركته الأصيلة في نطاق الحرية التي أكدها الإسلام بعيداً من كيل الاتهامات للآخر وتخوينه وتضليله وما إلى ذلك...
وقال سماحته:
إن المرحلة الحالية هي من أصعب المراحل التي يواجهها الإسلام بالنظر إلى التعقيدات السياسية الكبرى التي تحيط بالواقع الإسلامي وفي ظل إصرار القوى المستكبرة على استخدم أساليب التفرقة بين المسلمين لتشتيت قواهم وتمزيق اجتماعهم فضلاً عن سعي هؤلاء لمحاربة الإسلام في أسسه العقيدية ومفاهيمه و قيمه الشرعية ومنظومته الأخلاقية. ولذلك فإن المطلوب هو أن يؤكد موسم الحج بحركته الميدانية ونتائجه الكبيرة على الاجتماع الإسلامي العام الذي يمثل الناظم لحركة المسلمين في ما تحتاجه قضاياهم وما تستدعيه حاجات الأمة التي ينبغي أن تكون دائماً فوق حسابات المذاهب وتطلعات الأشخاص، أو ما قد ترسمه الأحزاب والجهات المتعددة لنفسها من خطوط تجعل منها أولويات على حسب الأولوية الإسلامية الأساسية التي ترتكز إلى كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة.
سماحة آية الله الشيخ محمد باقر الناصري "مد ظله" "ارشيف"
واستقبل سماحة السيد عدداً من الشخصيات،
على رأسهم آية الله الشيخ محمد باقر الناصري الذي ترأس وفداً علمائياً كبيراً حيث جرى البحث في عدد من القضايا الإسلامية، إضافة إلى استعراض الوضع العراقي من كل جوانبه، وجرى التشديد في خلال اللقاء على ضرورة العمل لحماية الوحدة الإسلامية والوحدة الوطنية في العراق، وصولاً إلى إخراج المحتل الذي يتطلع للالتفاف على العراقيين بعد أن تتغير الظروف وتتبدل المعطيات. وأكد سماحة السيد فضل الله في خلال اللقاء ضرورة أن تواصل القوى الشعبية الإسلامية والوطنية ضغطها على المحتل بكل السبل، حتى لا يشعر بأن العراق يمثل أرضاً خصبة وملائمة لمشروعه الإمبراطوري الاستكباري، وصولاً إلى إخراجه من أرض الرافدين عندما يشعر أنّه لن يستقر له المقام فيها.
واستقبل سماحة السيد وفداً من علماء النجف،برئاسة السيد صادق التبريزي، وجرى البحث في شؤون حوزة النجف والتحديات الفكرية والثقافية التي تواجهها، كما جرى البحث في أمور شرعية وإسلامية أخرى.