الكلمة التأسيسية لجماعة الفضلاء
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كما هو أهله وصلى الله على النبي وآله وسلم تسليماً .
أود ان أقدم تعريفاً بفكرة تأسيس الجماعة وأهدافها وطبيعة عملها وآلياته:
(جماعة الفضلاء) تجمع يهدف الى النهوض بواقع الأمة لتكون بمستوى التحديات وهو مفتوح لكل فضلاء واساتذة الحوزة الشريفة وأئمة الجُمعات والجماعات وخطباء المنبر الحسيني وكل المؤمنين الرساليين العاملين على رفعة الاسلام ونشره وعزة المسلمين مهما كانت انتماءاتهم واتجاهاتهم الحوزوية وتنفتح الجماعة في عملها على جميع الجهات الأخرى في المجالات التي تلتقي بها معها.
والغرض من تأسيسها أمران:
1 ـ تنظيم آلية عمل الحوزة في أداء المسؤوليات ومواجهة التحديات بتشكيل اللجان المختلفة فالجماعة ليست بديلاً عن الحوزة وانما هي اداة للحوزة العلمية تقوم بمسؤولياتها وتؤدي وظائفها .
2 ـ توحيد الحوزة وتقريب وجهات نظرها وتنسيق المواقف بينها وتمثيل الحوزة في المؤتمرات والمناسبات باعتبار انضمام الفضلاء من مختلف الاتجاهات اليها وانتزاع هذه اللجان المشتركة كممثلة للجميع.
والمسؤوليات المشار اليها يمكن اجمالها بما يلي:
1- اصلاح الناس وهدايتهم وتكميل نفوسهم وتقريبهم الى طاعة الله بايجاد فرص الطاعة وتكثيرها فمثلاً حينما يدعى الى صلاة الجمعة او يُفتح مشروع خيري فهذا ايجاد لفرص جديدة للطاعة وتجنيبهم المعصية بتقليل فرص المعصية ومنعها.
2- تبليغ الاحكام وتعليم مسائل الحلال والحرام في مختلف شؤون الحياة.
3- الدفاع عن الشريعة ضد الشبهات الفكرية والعقائدية واي خطر يهدد كيان الأمة.
4- تنظيم حياة المجتمع وبسط العدل فيه وايصال الحقوق الى اهلها وقضاء حوائج الناس.
5- العمل على وحدة الصف ومقاومة اي محاولة لزرع الشقاق بين أهله والانتباه والتحذير لهذه المحاولات.
اما التحديات فيمكن ملاحظة عدة اشكال منها:
1ـ السياسية: حيث يسعى الشعب لاغتنام الفرصة في نيل حقه للمشاركة في ادارة البلد وعدم فرض حكومة لا يرتضيها سواء من جهة عناصرها كونهم متورطين في جرائم النظام أو غير كفوئين لشغل المواقع او من جهة نسب توزيعها او شكلها واتجاهها.
2- العقائدية والاخلاقية: فان الانفتاح المقبل والحرية المدعاة ستحمل معها الكثير مما يتنافى مع مبادئ الاسلام وتعاليمه وسيكون ذلك مدعاة للتمحيص والابتلاء الشديد الذي لا ينجو منه الا من امتحن الله قلبه للايمان وتمسك بدينه واطاع ولاة امره الحقيقيين وهذا الاختراق الاخلاقي والفكري يتوقع حصوله من خلال عدة قنوات أولها وسائل الاعلام المؤثرة وثانيها الوافدين الى البلد من ابنائه المهاجرين وغيرهم الذين يحملون ذلك الفكر والسلوك الغريبين.
3- الاجتماعية: فان النظام العالمي الجديد الذي يراد للعراق ان يكون جزءاً منه يتطلب نظماً واوضاعاً اجتماعية لا تتلائم مع تركيبته الاسلامية الاصيلة وستتغير انماط العلاقات والمعايير المتحكمة فيها.
ان مما يؤسف له انشغال الأمة وحتى الحوزة بالهم السياسي فقط والاندفاع لتحصيل مكاسب سياسية وانصبت المحاضرات والخطب والكلمات على هذا الاتجاه رغم ان بناء شخصية المسلم والمحافظة على سلوكه واصلاح المجتمع أهم واولى وقد تحصل مكاسب سياسية بمقدار معين وبآخر ولكن يبقى الهدف الرئيسي للحوزة هو هذا اعني هداية البشر ومساعدتهم على تكميل نفوسهم وهذا ما إستفدناه من الأئمة المعصومين (عليهم السلام) فلم يكونوا يهتمون بالمواقع الدنيوية سواء حصلت في حالة توفر ظروفها الموضوعية ام لم تحصل لكن الواقع الآن هو العكس فلا أحد فكر في انشاء مراكز ثقافية او حوزات علمية في مختلف المدن او رابطة للمرأة المسلمة تعمل على تثقيف النساء وتعليمهن او جمعيات خيرية بل قد انحسر عدد المصلين في المساجد وترك ائمة المساجد خطبهم ومحاضراتهم ودروسهم الا ما ندر وهذه هي الهزيمة الحقيقية التي استدرجنا اليها ونحن ما زلنا في أول الازمة فكيف ستكون النهاية ؟
ان هذا يوم له ما وراءه كما يقولون فان المجتمع يتلقف كل جديد ويتأثر به ويتخذه طريقة دائمة لحياته فاذا وجهناه وعبئناه بهذا الاتجاه اعني الانخراط في المراكز الثقافية والحوزات العلمية والمنتديات الادبية والدينية فسيأخذ هذا الطريق وإلا فالعكس وحينئذ لا نلوم إلا انفسنا .
ولضخامة هذه المسؤوليات وقوة هذه التحديات لابد من تنظيم العمل وتوجيهه ووحدة العاملين وتنسيق جهودهم او قل لابد من ترتيب بيتنا الحوزوي أولاً .
ومن واقع هذه المسؤوليات والتحديات تنشأ الحاجة الى تشكيل لجان ومكاتب تتوزع على اعضائها اعمال وتكون لها فروع في مختلف المدن تقوم بنفس المسؤوليات والوظائف .
ونشير الى هذه اللجان اجمالاً على ان تضع كل لجنة لاحقاً برنامج عملها ووظائفها باشراف الامانة العامة:
1- لجنة أئمة الجمعات والجماعات: حيث تقوم باختيار الكفوئين علماً وعملاً لهذه المواقع ومتابعة نشاطهم وتقييمه ومساعدتهم في اعداد الخطب والكلمات وتحديد محاور الكلام .
2- المكتب الثقافي والعلمي : يقوم بنشر الكتب والاصدارات النافعة لجميع الاتجاهات المرجعية وتشخيص حالات الخلل والانحراف واعطاء العلاج لها واعلان رأي الجماعة في مختلف القضايا الفكرية والاخلاقية والعقائدية وتصدر عنه مجلة او جريدة ناطقة باسمها كما ينقل المكتب اولاً بأول ما يصدر من المرجعيات الشريفة من استفتاءات وتوجيهات اجتماعية ويقوم بتفجير الطاقات العلمية والثقافية وتشجيعها وتطويرها.
3- لجنة خطباء المنبر الحسيني : تفتح معهداً لاعداد الخطباء وتأهيلهم وتضع له المناهج اللازمة، وتشرف على اختيار الخطباء الكفوئين وتوزيعهم ومتابعة نشاطاتهم .
4- لجنة الشعائر الدينية والتجمعات الجماهيرية: حيث تتولى اقامة الاحتفالات الدينية وتوجيه الشعائر وتوظيفها في خدمة القضايا المصيرية والدعوة الى عقد التجمعات للمطالبة بأمور محددة.
5- المكتب الاعلامي : ينشر نشاطات الجماعة ويتابع الاخبار ويحللها وينشر تعليقات الجماعة على هذه الاخبار وتحليلها.
6- لجنة التنسيق بين المرجعيات واستعلام مواقفها وآرائها.
7- لجنة الرعاية الاجتماعية: فيما يتعلق بحضورها مناسبات الناس كاقامة الفاتحة وعيادة المرضى وغير ذلك من النشاطات التي تعكس العمل الانساني للجماعة.
8- لجنة شؤون المراة المسلمة: فانه يوجد اغفال تام لدور المرأة ولم توضع آليات وبرامج عمل لتثقيف المرأة وتعليمها من خلال تأسيس مراكز ثقافية حتى ولو في البيوت واعداد دروس في الفقه والعقيدة والاخلاق والتفسير مناسبة لطبيعتهن.
هل للجماعة عمل سياسي:
ليست الجماعة تشكيلاً سياسياً بالمعنى المتعارف لكنه مستعد لمشاركة الاحزاب والحركات السياسية ضمن الاطار الذي حددته الجماعة لنفسها وباعتبار ان الجماعة تضم بحسب العنوان فضلاء من جميع الاتجاهات الحوزوية فيمكن للجماعة ان تمثل الحوزة في الفعاليات السياسية وتحل هذه المعضلة لكل اطراف القضية العراقية الذين يتساءلون من هي الحوزة التي يعلن الشعب باستمرار عن كونها الممثل الوحيد له، والعمل السياسي للجماعة يمكن ان يكون ضمن الاشكال التالية:
ان أهم قضية تواجهنا هي قضية الدستور لانه المرجع في كل قضايا البلاد فلابد ان يكون وفق الشريعة الاسلامية التي تكفل حقوق جميع البشر ولكي يتحقق ذلك يجب تصدي مجموعة من الفقهاء للاشراف على صياغة الدستور ومراقبته ومن مسؤوليات هذا المجلس مراجعة اطروحات وبرامج عمل الحركات والاحزاب السياسية التي تود دعم الحوزة لها ولو بشكل غير مباشر واعطاء الضوء الاخضر لما صح منها او ترشيح عناصر مستقلة وسيؤثر موقف الحوزة هذا كثيراً في فوز تلك الاحزاب او النقابات او الحركات في الانتخابات وتحث الجماعة كافة المؤمنين على تشكيل النقابات النظيفة والجمعيات الثقافية والحركات الوطنية والاسلامية المخلصة باشراف الحوزويين لتشارك في الحياة السياسية مستقبلاً ودعم من يعمل على تحقيق المطالب الشرعية للشعب واعتقد ان هذا هو المقدار الذي يمكن للحوزة بمستوياتها العليا المشاركة فيه فان لها دور الاشراف والرعاية والابوة والتوجيه للجميع ولا يمكن تحجيمها في حزب سياسي ونحوه.
ان العمل غير المنظم وغير المنسق يؤدي الى سلبيات عديدة:
1ـ ضعف النتائج وقلة الثمرات التي ينبغي قطفها.
2ـ اهمال الكثير من الاعمال لقصور العمل الفردي عن القيام بها وقلة فاعليته.
3ـ كثرة الاخطاء بينما بالمشاورة والمشاركة يمكن اجتناب الكثير منها (من شاور الرجال شاركهم في عقولهم).
فنحن مدعوون ايها الأخوة الى تظافر الجهود والتجرد من العناوين الشخصية والفئوية والعمل سوية للنهوض بالواقع الذي نعيشه الى مستوى الطموح الذي نأمله ويريده منا الله تبارك وتعالى وأمامنا المهدي الموعود عجل الله فرجه وارجو ان تبارك مرجعيتنا الشريفة هذا العمل وتشد من ازر العاملين.
ان ركيزة الانطلاق في هذه المسؤوليات الجبارة هي المساجد فلا بد من تفعيل دورها واعادة الحياة اليها وليكن كل مسجد بالاضافة إلى كونه محلا للصلاة مركزاً ثقافياً ومدرسة دينية ومحلاً للشعائر الدينية والتجمعات الجماهيرية ومقراً لانعقاد الجمعيات والمؤتمرات فان المسجد اذا اخذ دوره الحقيقي كما كان في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فان الأمة تكون بخير وتسترد عافيتها.
[align=center]سأمضي وما بالموت عار على الفتى*****اذا ما نوى حقاً وجاهد مسلما[/align]