|
-
سيرة البعثي علاوي كما يرويها هو
سيرة البعثي علاوي كما يرويها هو
الفيلم الوثائقي
[إياد علاوي سيرة رجل ووطن]
[الماضي البعيد, المستقبل القريب]
إيلي ناكوزي: دكتور بالعودة إلى طفولتك كنا سبق وذكرنا إنك من أب طبيب, وأخ توأم طبيب, وأنت طبيب, أصدقاءك معظمهم أطباء, لمين كنت أقرب لوالدك ولاّ لوالدتك يعني مع مين كنت ترتاح أكثر؟
د.إياد علاوي: والله أعتقد للوالدة أكثر.
إيلي ناكوزي: ليش؟
د.إياد علاوي: انشدّيت أكثر ما أعرف يعني انشدّيت أكثر لجهة الخوال, هو إحنا عندنا مثل في العراق يقلّك ثلثين الولد للخال, انشدّيت يعني وحقيقةً كنت معجب بأداء الأسرة في لبنان, يعني ولف أكو أولاد العائلة, وحقيقة أيضاً يعني تدري همّ الأسرة في الجهتين يعني في العراق وفي لبنان كانوا في المعترك السياسي أيضاً, تمام والدي كان طبيب بس كانوا أيضاً نواب ووزراء إلخ.. بالعائلة, وكذلك في لبنان, بس ما أعرف يعني تعاملت مع المسألة في لبنان أكثر بأكثر انفتاح من المسألة في العراق يعني, فكان إلي ميل ولهذا كنت يعني في أيام الطفولة والشباب المراهقة يعني أفضّل أنّو أقضي أي وقت أقدر أقضيه أقضيه بلبنان, إذا عندي أسبوع فراغ أروح للبنان بيه.
إيلي ناكوزي: دولة الرئيس والدتك يعني شو إذا هيك بدك تتذكّرها بمشهد شو بتتذكر؟
د.إياد علاوي: والله دائماً أتذكّرها مضيافة وبالمطبخ وتشرف على المطبخ, ودائماً إحنا كان عندنا بيتنا مفتوح وضيوف والأصدقاء والإخوان..
إيلي ناكوزي: كانت تدلّعك تغنّجك؟ ولاّ كانت..
د.إياد علاوي: والله هي يعني كانت هي تدري أنا أصغر الإخوة فطبعاً الصغير دايماً يعني مدلل بين إخوته, فدائماً أتذكّرها هي دائماً كانت مضيافة كتير يعني الله يرحمها, وتفضل إنو دائماً تشوف أحد ويّانا بالبيت يعني على الغداء على العشاء.
إيلي ناكوزي: تحب الناس يعني؟
د.إياد علاوي: تحب الناس كتير.
إيلي ناكوزي: كانت تدافع عنك وقت يعني تشعر إنو..
د.إياد علاوي: والله إي طبعاً بس أنا الحقيقة أيضاً أذيتهم يعني تدري أنا كنت سياسي وكانوا مو مرتاحين يعني أنو أنا كنت بعثي, واعتقالات وما اعتقالات حقيقة فكانوا يتأثرون كثيراً يعني..
إيلي ناكوزي: والدتك كانت تفضّل إنك كنت تبقى بعيداً عن السياسة..
د.إياد علاوي: كانوا يفضلون أنو أترك السياسة..
إيلي ناكوزي: وأبوك؟
د.إياد علاوي: أبويَ
إيلي ناكوزي: كان قاسياً؟ كان شخصية؟
د.إياد علاوي: جداً والله يعني أنا أتذكر.
إيلي ناكوزي: هو فرض عليك دراسة الطب دولة الرئيس؟ ولاّ هذا خيارك كان من الأساس؟
د.إياد علاوي: والله هي لأ يعني هو يعني كان نوعاً من الفرض يعني ترغيب, من عنده يعني قال أنو إخوتك درسوا مواضيع ثانية إنت يكون تروح تدرس طب, أنا كان الحقيقة عندي واهس أنو أعمل: اقتصاد، علوم سياسية.. وكذا من هالمواضيع, بس آني شفت إنو الطب أيضاً يعني موضوع يسوى فدخلت كلية الطب, بس هو كان ما يقبل يعني كان يتعارض, يقول لي إنت لازم تروح تصير طبيب, يابا ليش أصير طبيب؟ لا ما يصير أخوتك كلهم واحد منكم لازم يطلع طبيب, فهو..
إيلي ناكوزي: يعني أثر على قرارك؟
د.إياد علاوي: إي أثّر أثّر..
إيلي ناكوزي: وندمت بعدين من دراسة طبيب, ولا بعدين ما أثر بالعكس؟
د.إياد علاوي: لأ والله تدري صراحةً يعني لما أخذت الشهادة آني بطبيعتي ما يعني تمام يعني الطب بعدين قمت أستلطفه وأشوفه موضوع مهم, ولكن أيضاً كنت أشوفه موضوع يعني خاص به جمود يعني, فأخذت مواضيع اختصاصات بالطب اللي يعني متعددة الجوانب, بيها اقتصاد وبيها قانون وبيها اجتماع وبيها كذا وبيها إلخ.. فنوّعت يعني ما خليت القضية طب يعني طب.
إيلي ناكوزي: طيب وأنت مراهق يعني بغض النظر عن حياتك الحافلة بالسياسة, هل كنت شخص نسائي يعني كنت تحب الصبايا؟ كان عندك علاقات مع الصبايا بالجامعة أو بالمدرسة أو كنت شخص يعني عندك هاجس وهوس سياسي فقط؟
د.إياد علاوي: لأ هو كان عندي هوى سياسي بالتأكيد يعني وهذا كان المسألة المهمة, بس همّ أنا يعني كان واحد تدري شباب ومراهقين وسفر وما سفر فكان يعني تصير علاقات إلخ يعني..
إيلي ناكوزي: بس تشعر المرأة لعبت دوراً بحياتك أساسي في تكوينك السياسي في تكوين شخصيتك أو يعني السياسة هي اللي لعبت كل الدور؟
د.إياد علاوي: السياسة هي اللي لعبت دور كبير.
إيلي ناكوزي: كنت شخص يعني حابب يتزوج ويكون عنده عيلة أو بتفضّل تبقى يعني طليق وحر وما فيه ارتباطات؟
د.إياد علاوي: لأ يعني ما يعني حقيقةًَ كنت يعني نعطي السياسة الاهتمام الأكبر بسياق الحياة العامة اللي كنت أحياها, بس أيضاً يعني كانت يعني.. تدري نتيجة السفر والاحتكاك يصير علاقات وتولّدت علاقات قريبة مع البعض يعني بس كانت دائماً السياسة يعني الاهتمام الأكبر.
إيلي ناكوزي: أكيد.. أكيد وما زالت.
د.إياد علاوي: وما زالت إي.
إيلي ناكوزي: طيب دولة الرئيس تتجنب كتير تحكي عن زوجتك الأولى, يمكن لأنّو يعني انتهت القصة في مأساة, بتحبّ تشيل هالمرحلة من حياتك أو تلغيها؟ أو بتشعر أنّو ما بتتكلم فيها لأنها يعني مؤلمة؟
د.إياد علاوي: والله حقيقةً هي كانت مؤلمة القضية, وطبعاً يعني هي توفّت إلى رحمة الله يعني, لعبت دوراً مهماً الحقيقة بالبدايات يعني وهي كانت زميلتي بالكلية, وبعدين حتى في يعني من تعرّضت وهي تعرّضت معاي لمحاولة لمن رادوا يغتالوني وتأذت يعني بعد أن قاتلت أيضاً بضراوة الحقيقة يعني, وأنقذت حياتي ساعدت في إنقاذ حياتي بدرجة كبيرة ولكن تأذت, وبعدها طبعاً يعني بعد أن تعافت إن صح التعبير جسدياً, من الضربات وآثار الضربات صار عندها نوع من يعني..
إيلي ناكوزي: بسبب الإصابة.
د.إياد علاوي: بسبب اللي صار
إيلي ناكوزي: كان مخيف
د.إياد علاوي: مخيف يعني كان, واللي حصل مخيف وصعب وقاسي وإلخ.. وهي بعدها انتهت بالطلاق يعني بالافتراق والطلاق, بس يعني وراها هي دخلت إلى المستشفى وتعالجت وحقيقةً ارتبكت حياتها بعد هالمرحلة هاي, وأنا أيضاً بقيت فترة همّ ما متزوج يعني, بقيت فترة طويلة يعني من.. أعتقد الـ 79 هي كلها قضيتها بالمستشفى آني 78 إلى بداية 79, 79 طلعت إلى سنة الـ 87 تزوّجت مرة أخرى.
إيلي ناكوزي: دكتور إياد يعني شو الأشياء المحفورة بذاكرتك عن بغداد كيف بتتذكر بغداد أنت وطفل وأنت مراهق؟
د.إياد علاوي: أنا بغداد الحقيقة كانت يعني تحمل نوعاً ما من التناقضات وضعها الاجتماعي, كان مثلاً في المقاهي الجانب الشعبي المقاهي الشعبية اللي كانت يعني تعجّ بالسياسة والسياسيين, أتذكّر منها كازينو اسمه النعمان مقهى يعني هو مقهى الشرداغ ومقهى البلدية.
إيلي ناكوزي: مين كان يقعد بهالمقاهي؟
د.إياد علاوي: والله كنا كل السياسيين الشباب المثقفين, وكانت المناطق مقسّمة حينذاك مناطق يرتادها الشيوعيون, مقاهي يرتادها القوميون البعثيون, وكان أكو طبعاً بالمقابل أيضاً مؤسسات اللي تضمّ الطبقة الأرستقراطية الطبقة البرجوازية بالبلد, يعني نوادي مهمة مثل نادي علوية بعدين نادي المنصور, وكنت أنا شخصياً أنتمي للاثنين, يعني همّ في هذه النوادي, وهمّ في المقاهي الشعبية, بس كان ميلي الأكثر للمقاهي الشعبية الحقيقة, وأكثر تواجدي في المقاهي الشعبية يعني مع زملائي وإخواني, أكثرهم كانوا من السياسيين يعني حينذاك الطلبة الشباب يعني, وكان الجزء المهم من العمل السياسي إما يصير في أروقة الجامعات والمدارس والثانويات أو في المقاهي, المقاهي الشعبية يعني, وكنا نتبارى مين كانوا أكو صدام بينا وبين الشيوعيين, وكان في نوع من المباراة بيننا وبينهم ومين يسيطر على مناطق أوسع في بغداد وإلخ..
إيلي ناكوزي: أيها المنطقة المفضلة كانت يعني أي منطقة ببغداد تحسّ إنو عندك ذكريات حميمة فيها؟
د.إياد علاوي: والله منطقتين منطقة الأعظمية ومنطقة الكرادة.
إيلي ناكوزي: ليش؟ شو بيعنولك؟
د.إياد علاوي: اثنينها سكنت فيها, واثنينها عندي أصدقاء كثيرين, واحدة درست فيها يعني كلية بغداد مدرسة الأميركان الجزويت اللي كانت بالأعظمية التنظيمات الحزبية الأولى أوائل انتمائي إلى البعث وإلى العمل السياسي كان في الأعظمية, كوننا كنا ندرس في كلية بغداد وكنا ساكنين أيضاً بالأعظمية, وأيضاً سكنت واشتغلت بالكرادة سياسياً يعني ولنا أصدقاء كثيرين هناك, وكنا ننتمي إلى هذه النوادي البرجوازية اللي قلتلك عنها اللي في منطقة الكرادة..
إيلي ناكوزي: ليش كنت ترتاح أكثر يعني ترتاح أكثر يعني بهذه المقاهي من الأماكن الأرستقراطية والبرجوازية؟
د.إياد علاوي: والله أعتقد تغلّب علي التفكير السياسي والعمل السياسي تغلّب على سلوكي العام يعني فلهذا آثرت, طبعاً كان العدد الأكبر والأوسع واللي في انسجام سياسي بينهم اللي همّ يرتادون المقاهي هاي الشعبية فكنت وياهم على طول نعم.
إيلي ناكوزي: طيب دولة الرئيس بتقارن بين بغداد آنذاك وبين بيروت اللي كان كمان يعني النقاشات السياسية دائماً ما كانت تدور في المقاهي بين الأحزاب والتيارات السياسية والحركات التحررية إلخ.. فهل تقارن بين بغداد أو بيروت أو بيروت بالنسبة لإلك هي مكان آخر عالم آخر؟
د.إياد علاوي: لأ كانت الحقيقة بيروت متقدمة يعني على بغداد, ولكن بغداد كانت تخطو بنفس السياقات تقريباً, ولكن لبنان وبيروت بالذات يعني كانت متقدمة كثير على الأوضاع في بغداد, ومثل ما هو معروف يعني كان مطعم فيصل والدوج فيتا وهالمسائل يعني كل السياسيين تقريباً هناك يلتقون, بغداد كانت تنمو ببطء بس بنفس الاتجاه بس ببطء أكثر, طبعاً بيروت متقدمة أكثر والثقافة أعمق في أوساط لبنان يعني واللبنانيين, وفي بيروت بالذات يعني.
إيلي ناكوزي: كيف شفت لبنان أول مرة وبيروت؟
د.إياد علاوي: والله إحنا من كنا أطفال يعني..
إيلي ناكوزي: شو كان الانطباع عندك وقتها؟
د.إياد علاوي: من كنا أطفال نروح يعني بشكل مستمر, وأنا قضيت فترات طويلة من طفولتي يعني ومراهقتي في لبنان بين صيدا وبيروت والمصايف اللبنانية, وبالتدريج يعني بالإضافة إلى الأقرباء صاروا أصدقاء كثيرين وبعدين طبعاً من انفتحنا أو دخلنا بالعمل السياسي نمت العلاقات أيضاً مع كثير من الإخوان في لبنان, فكانت الحقيقة متعة يعني أنو واحد يروح إلى لبنان وأقول لك بصراحة يعني أثرت زياراتي إلى لبنان ولقاءاتي مع إخوان لبنانيين أثرت على آفاق الفكر يعني والثقافة بشكل عام يعني, والاحتكاك وكان دائماً إلها أثر يعني, تدري كانت لبنان تمثل وضعاً آخر, صحافة حرة, حديث حر, حوار مفتوح, ما فيها كان حينذاك نفس الحدية بالعلاقات السياسية, بالعراق كان في حدية يعني وصارت مآسي بين الشيوعيين والبعثيين وقتل وذبح إلخ.. هاي ما كانت موجودة بلبنان الحقيقة, كان الطابع انفتاحي أكثر, ثقافي أكثر, فكري أكثر, فحقيقة تأثرت كثيراً بالأوضاع والتجربة في لبنان.
إيلي ناكوزي: شو أحب منطقة في بيروت لقلبك؟
د.إياد علاوي: والله طبعاً كانت الحمراء ومنطقة الجامعة هاي المناطق الحلوة.
إيلي ناكوزي: لم تزل الحمراء هيك يعني.
د.إياد علاوي: والله تفاجأت كتير لما يعني رحت زرت لبنان بعز الحرب الأهلية وبعدين رحت سنة الـ 90 أعتقد قبيل كان توها يعني منتهية الحرب الأهلية.
إيلي ناكوزي: يعني بعد اتفاق الطائف.
د.إياد علاوي: فشفت يعني الحقيقة تألمت يعني للأوضاع اللي شفتها هناك والدمار اللي حاصل يعني حزّ في نفسي كثير الحقيقة, لأنو هاي كانت لبنان تمثل فد طفرة يعني نقلة من مفهومي أنا شخصياً يعني طفرة حضارية حقيقة يعني ما أدري همّ لأني أنا متعلق بيها أو لأن فعلاً هي هكذا بس أجمع الكثيرون من الإخوة والأصدقاء أنو لبنان كانت تمثل فد حالة متقدمة, فآلمتني المشاهد اللي شفتها بالتسعين, وبعدين طبعاً رحنا بالـ 91 انعقد مؤتمر للمعارضة العراقية كانت بعدها لسّا يعني ما مدمرة تقريباً لبنان، الآن أحسن يعني.
إيلي ناكوزي: بس شفتها اليوم يعني بآخر جولة عربية.
د.إياد علاوي: إي الطابع القديم أحلى كان فيه شوية يعني..
إيلي ناكوزي: أحلى من الطابع الجديد للمدينة.
د.إياد علاوي: أنا أشوفه أحلى يعني طبعاً تدري كل إنسان مألوفاته مهمة يعني إحنا اعتدنا على المألوفات هديشة, يعني كانت ساحة النجمة والبرج ومنطقة الجامعة ومطعم فيصل وسقراط كلها كان غير شكل يعني.
إيلي ناكوزي: عم تذكر هلأ..
د.إياد علاوي: انتهت هي ما لها موجودة مطعم فيصل أعتقد صار بيتزا.
إيلي ناكوزي: عم بتذكر الناس هلأ خاصة اللي واكبوا هالفترة بذكريات حلوة.
ميسون عزام: مشاهدينا نتوقف الآن مع فاصل إعلاني قصير نتابع بعده برنامج مشاهد وآراء والحلقة الأخيرة من سلسلة: (إياد علاوي: سيرة رجل ووطن), فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم مجدداً لا زلتم مع برنامج مشاهد وآراء والحلقة الأخيرة من سلسلة: (إياد علاوي: سيرة رجل ووطن), فلنتابعه سوية.
[الفيلم الوثائقي]
إيلي ناكوزي: ولة ا لرئيس هيدي النقاشات والحوارات اللي كانت مثل ما قلت ببغداد يمكن كانت تتقدم بس ببطء, نحنا عم نحكي عن مرحلة ما كان حزب البعث بعد حاكم في بغداد, إذا بدّك توصف يعني مرحلة ما قبل البعث أو مرحلة هذا الغليان بالأفكار السياسية, كيف بتوصف المشهد العراقي السياسي قبل وصول البعث إلى السلطة؟
إيلي ناكوزي: والله في مرحلة اللي قبل الـ 63 المرحلة الأولى اللي وصل البعث بيها للسلطة قبل 9 أشهر وانهار, كانت حقيقة مرحلة جداً حرجة فيها تصارع شديد للأضداد يعني كان فيه النفوذ الشيوعي.
إيلي ناكوزي: قوي جداً
د.إياد علاوي: جداً عنيف يعني, وكنا نعتقد أن هذا يمثل خطراً على الوضع العراقي, ويمثل خطراً على الوضع العربي, ويمثل خطراً على الوضع القومي, فحقيقة انساقينا بحدة ضده, ضد الوضع والنفوذ والمد الشيوعي, وكانت المرحلة حينذاك تتسم بشكلها العام بفوضى عنيفة ما كانت موجودة قبل الـ 58, قبل الـ 58 كان فيه توترات وفيه مشاكل وفيه بس بعد الـ 58.
إيلي ناكوزي: ازداد الـ
د.إياد علاوي: ازداد، العنف ازداد, ازداد الاستقطاب, الصراعات, فتقريباً هي تلك المرحلة اللي حددت مسارات الشباب حينها يعني المراهقين, إما باتجاهات الشيوعية أو الاتجاهات القومية, بس للأسف التحديد حينذاك كان إطاره العنف والضغط والتحدي وصولاً إلى القتولات والمذابح..
إيلي ناكوزي: طيب برأيك الملكية كان لازم تستمر في العراق؟ يعني عندك حنين للملكية, بسمع عراقيين بيقولوا يعني أيام الملكية كانت أيام رقي وكانت أيام خير وكانت أيام استقرار.
د.إياد علاوي: الملكية الحقيقة عندنا ما نجحت بالعراق كثيراً يعني بسبب كونها يعني كانت هي السلطة الحقيقية, وإجت في ظرف اشتدت فيه الصراعات في المنطقة, قصة فلسطين وقصة السويس ومصر والثورة المصرية وإلخ.. فأفرغت الملكية من محتواها يعني وما قدرت تمسك زمام الأمور بالعراق.
إيلي ناكوزي: يعني ما كانت تقدر تستمر؟
د.إياد علاوي: ما كانت تقدر تستمر.
إيلي ناكوزي: كان يجب إيجاد بديل؟
د.إياد علاوي: كان يجب إيجاد بديل, الملكية عجزت أنو تتقدم بالاتجاهات الصحيحة باتجاهات الانفتاح الحقيقة على المجتمع العراقي, لكن التغيير اللي حصل كان تغييراً متعباً وقفز بالعراق إلى الحافة العميقة جداً يعني من دون أن تكون هناك أي تهيئة مسبقة يعني, وأدخلنا في حالة فوضى بعضها طبعاً كبيرة وسيّس المجتمع العراقي وتعسكر أيضاً.
إيلي ناكوزي: هل تعتقد أنو الشخصية العراقية كما يقال هي شخصية ميالة إلى العنف؟
د.إياد علاوي: إيه.
إيلي ناكوزي: يعني العراقيين عنيفين.
د.إياد علاوي: إيه ميالة إلى العنف إيه, يعني تدري هادا تسجيل التاريخ هذا كله يعني تاريخ كله ما أعرف ليش الحقيقة يعني هذا سؤال محيّر يعني وضع محيّر بس التاريخ كله اللي معروف يعني والمكتوب أنو العنف بالعراق كان هو دائماً الطابع الغالب على الأوضاع في العراق.
إيلي ناكوزي: بسبب شخصية العراقيين برأيك العنف؟
د.إياد علاوي: بالتأكيد بالتأكيد يعني أنا ما فيه تفسير آخر, بس ليش صار هالعنف انبنى بالشخصية العراقية ما أعرف.
إيلي ناكوزي: طيب مقابل هالعنف في الشخصية العراقية, ألا تبرر بعض الأحيان لصدام حسين ما فعله لمعالجة يعني مشاكل مع طبيعة ومع كركتر عنيف عند العراقيين؟
د.إياد علاوي: لأ مو للدرجة اللي.. تدري صدام الحقيقة فاق كل الـ.. يعني أي تصور يعني حتى الحجّاج اللي قرأنا عنه بالكتب والكذا همّ بكثير أرحم من صدام وتصرفاته وسلوكه وإيذائه للعراقيين, أعتقد صورة صدام مبالغة, ولكن أيضاً في مجتمعاتنا يعني وخاصةً المجتمع العراقي, نحتاج إلى اللين وإلى القوة يعني وإلى الوضوح وإلى القوة, لحين أن المجتمع يقدر فعلاً يمر بأدوار استحالة ويصل إلى وضع من الفهم الديمقراطي للعلاقات الاجتماعية و.. إلخ.. هذا باعتقادي عملية تأخذ وقتاً يعني, بس بحاجة الحقيقة وتعرف حضرتك يعني اليوم حتى في بريطانيا حتى في أميركا حتى الدول المتحضرة يعني إذا ماكو قوة أيضاً..
إيلي ناكوزي: تضبط.
د.إياد علاوي: والقوة اللي هنا هي قوة أجهزة في الدولة, قوة القانون, قوة النظام, اللي يفهمها الغربي, الآن مرّ بأدوار استحالة كبيرة, إحنا بعد ما نفهم قوة القضاء, القانون هو الدولة وهو العشيرة وهو الأهل وهو الأصدقاء وهو الحزب وهو الكذا, فلهذا أصبحت قضية القوة بس ضمن المنطق المقبول مسألة غير مرفوضة في العالم العربي, بالعراق طبعاً يمكن تتراوح من دولة إلى دولة, ومن مجتمع إلى مجتمع فيه خصوصيات يعني قطرية يعني لكل بلد خصوصياته, بس صعب الآن نحقق نوعاً من الانفتاح العام والكامل إذا ماكو شوية نوع من القوة اللي نأمل أن تتحوّل بالنتيجة إلى قوة قانون يعني مو قوة دولة وقرارات دولة وإلخ..
إيلي ناكوزي: نعم, شو بتحلّل دولة الرئيس الظاهرة اللي على مرّ التاريخ كان أي رئيس أو حاكم عراقي كان يموت اغتيالاً وبطريقة عنيفة, شو بتفسّر هالظاهرة؟ يعني طبعاً إلا صدام حسين كمان يُقدّر أنو يعدم كمان؟
د.إياد علاوي: إيه.
إيلي ناكوزي: فيعني منذ الإمام علي..
إياد علاوي: إيه.
د.إياد علاوي: وحتى الآن العراق يعني كل رئيس كان يُقتل أو محاولة انقلابية أو يعني بشكل دموي, عندك تفسير أو تحليل لهذه الظاهرة؟
د.إياد علاوي: والله هو.. هو هذا اللي كنا نتحدث عنه العنف يعني. هو الوحيد اللي لم يقتل كان عبد الرحمن عارف.
إيلي ناكوزي: صحيح.
د.إياد علاوي: وإلا البقية كلهم قُتلوا في العراق.
إيلي ناكوزي: قُتلوا.
د.إياد علاوي: وقتلوا بشكل بشع يعني.
إيلي ناكوزي: وعنيف.
د.إياد علاوي: وعنيف هذا هو نتيجة اللي كنا نتحدث عنه قبل قليل إنو..
إيلي ناكوزي: بتردها لنفس الأسباب؟
د.إياد علاوي: إي الشخصية العراقية بيها عنف يعني, يعني خذ السحل مثلاً إحنا قصة السحل يعني..
إيلي ناكوزي: كانوا يسحلوا على الطرقات.
د.إياد علاوي: إي سحل على الطرقات يعني هاي قصة عجيبة غريبة يعني, مارستها مجموعة يعني هذا كله نتيجة باعتقادي بناء النفسية العراقية كان بيه نوع من التطرف.
(إياد علاوي في مؤتمر صحفي: عندنا بيان صحفي مختصر: التقيت في وقت سابق بالسفير.. بسعادة السفير بريمر والفريق الأول أبي زيد والفريق سانشيز وطلبت منهم تسليمي بشكل رسمي محاضر اجتماعات الهيئة الوزارية للأمن الوطني في العراق وملفاتها يوماً بيوم، إنه..)
إيلي ناكوزي: هل تعتقد دولة الرئيس من خلال معرفتك بالأميركيين أن الأميركيين قدروا يفهموا الشخصية العراقية, أو ما قدروا يفهموها؟
د.إياد علاوي: لا ما قدروا يفهموها.
إيلي ناكوزي: ليش برأيك؟ يعني ما قدروا يدخلوا إلى أعماق..
د.إياد علاوي: والله أكو.. أكو أولاً بُعد جغرافي وأكو فارق بالحضارة والعادات والتقاليد والفهم, والمجتمعات الأوروبية مثلاً أكثر فهماً للوضع العربي..
إيلي ناكوزي: لاحظنا هالشي الإنجليز وطريقة تعاطيهم..
د.إياد علاوي: يعني حتى طريقة تعاطي الإنجليز بالبصرة في أكو فوارق ثقافية وأكو خلفيات احتكاك تاريخية أيضاً.
إيلي ناكوزي: طيب شو الشي اللي ما فهموه الأميركيين على العراقيين؟
د.إياد علاوي: والله أنا باعتقادي بشكل عام ما فاهمين النفسية العراقية يعني.
إيلي ناكوزي: اللي هي كيف بتوصفها؟
د.إياد علاوي: يعني النفسية العراقية سهلة وصعبة بنفس الوقت, أولاً هي العراقي قصة الكرامة عنده قضية كلّش مهمة, يعني وقد بعضاً يبدو أنّه – للغير - أنّو أكو مسائل قد تبدو سخيفة بس للعراقي تؤثر, يعني حتى طريقة الجلسة, حتى طريقة الحديث..
إيلي ناكوزي: التقاليد.. القيم.
د.إياد علاوي: التقاليد، القيم، القعدة، يعني يقعد مثلاً يخلّي رجل هيش على رجل والكندرة يعني بالوجه, عندنا مثلاً بمناطقنا صعبة يعني..
إيلي ناكوزي: ما بتصير مزعجة.
د.إياد علاوي: ما تصير مزعجة ومو مقبولة, فأكو الإنجليز يفهموها الفرنساويين يفهموها, الأميركان ما يفهمون هالقضية هاي, مو لعيب بيهم, بس تدري هاي ثقافة ثقافتهم بهالشكل, فلهذا يعني هاي المسألة عززت العقد الموجودة في الوضع العراقي يعني.
ميسون عزام: مشاهدينا نتوقف الآن مع فاصل إعلاني أخير نتابع بعده برنامج مشاهد وآراء, والحلقة الأخيرة من سلسلة "إياد علاوي: سيرة رجل ووطن" فابقوا معنا.
إيلي ناكوزي: اليوم العيلة.. دولة الرئيس إنت اليوم موجود ببغداد وضع يعني وضع خطير أمنياً, في أنت مستهدف يمكن إنت أكثر الشخصيات استهدافاً, عم تقدر تتواصل مع عيلتك بالشكل اللازم والطبيعي؟ كيف عم تتواصل مع العائلة اللي بعيدة عنك؟ أديش أهمية العائلة اليوم بظل كل هالتوتر اللي إنت عايشه؟
د.إياد علاوي: والله هي حقيقةًَ لأ يعني أنا أشعر أيضاً يعني في تقصير بالنسبة للعائلة, تعرف لبغداد ما أقدر أجيبهم, واقتربوا من بغداد أول شيء ردت أجيبهم للبنان وأجو فعلاً لبنان, بعدين استقرين بالأردن, وبقوا في الأردن فترة, بعدين أيضاً وجدنا من المناسب أن يعودوا إلى لندن يعني لأسباب أمنية, وأسباب تتعلق بالدراسة وإلخ.. طبعاً انشغالي أيضاً لأن مِن كنت في مجلس الحكم صرت أقدر أتردد عليهم أكثر في.. مِن كانوا في لبنان أو بالأردن, بس مِن صرت رئيس وزراء صارت أصعب القضية, ففكرنا أن يجوا لندن وفعلاً إجوا لندن, والتواصل حقيقةً بالتلفون, يعني هاي هالمرة جئت إلى زيارة رسمية إلى بريطانيا وإلى أميركا فمريت عليهم, مجيئهم إلى بغداد صعب كتير الآن يعني.
إيلي ناكوزي: صحيح, بس دولة الرئيس يعني أنا من بعد ما تعرّفت على عائلتك, شعرت إنّو العائلة ما عندها رغبة إنك تكون رئيس حكومة, وما عندها رغبة إنك.. يعني عندهن رغبة فيك كأب
د.إياد علاوي: صحيح.
إيلي ناكوزي: وزوج أكثر بكثير من كرئيس حكومة..
د.إياد علاوي: إيه.
إيلي ناكوزي: هل يمكن تتخلى عن الدور السياسي فقط ليعني تتقاعد مع العائلة في مكان بعيد؟
د.إياد علاوي: والله هو بس بنتي الكبيرة هي شوية مؤيّدة للوضع السياسي, يعني..
إيلي ناكوزي: بس زوجتك لأ؟
د.إياد علاوي: زوجتي لأ, والبنيّة الثانية لأ, وطبعاً الولد بعده صغيّر, الحقيقة يعني هي المشكلة أنّو أكو فيه ولاء للبلد, يعني وأنّو الواحد يخدم البلد, وأيضاً أكو طبعاً ولاء للعائلة يعني أنا أيضاً مسؤوول عنهم, فما أخفيك أكو صراع في هالجانب, يعني عندي فيه صراع يعني أيهما أفضل أن أخدم البلد؟ وأقدم ما أستطيع..
إيلي ناكوزي: وين إنت هلأ؟ وين أقرب إلى ماذا؟
د.إياد علاوي: والله حقيقة ما أعرف يعني مرات الصبح أكون في وضع شكل وبالليل أكون في وضع شكل, والعصر في وضع شكل, بس حقيقة يعني من حسن الحظ أيضاً زوجتي متفهمة يعني, وتزوجتني وتعرف أنا سياسي ومطارد وإلخ.. ومطلوب من صدام حينها, فطبعاً تتفهّم الآن أنو أكو حجم من المسؤوليات اللي يجب عليّ أن يعني أتحمّلها ومتعايشة مع هذا, بس أشعر بيها متعايشة بمرارة مو..
إيلي ناكوزي: نعم, بس بيمرّ لحظات ببالك بتقول فيها أنا بدي أترك كل شيء.. وأترك؟
د.إياد علاوي: والله تمرّ إي, تمرّ بعضاً.. بعض الأفكار إنّو أقول المهم أنا قدمت اللي عندي للبلد يعني وحاولت واشتغلت وسوّيت, وكنت جزء من العمل السياسي والوضع السياسي, ولكن أيضاً يعني ما أفكر وأقول أنه عسى ولعل الأمور تستقر وبالنتيجة العوائل تقدر تجتمع وتقعد في بغداد وحينها الواحد يكون يقدر يجمع بين الاثنين يعني عائلته معه ويشتغل بالعمل السياسي.
إيلي ناكوزي: بنتك الكبيرة دولة الرئيس سارة مسيّسة بعض الشيء يعني بتحب الدور اللي عم تلعبه, هل إنت بوارد إنك توجّه عائلتك أو أولادك إلى السياسة أو ستترك لهم حرية القرار؟ أو عندك مخطط لكل واحد منهن؟
د.إياد علاوي: لا والله أنا أترك لهم حرية الاختيار.
إيلي ناكوزي: بس بتحب إنو يشتغلوا بالسياسة؟
د.إياد علاوي: الحقيقة أشجع يعني مثلاً سارة أشجّعها إن يعني تتعامل ويّا الأوضاع الاجتماعية والسياسية مو تبتعد يعني أشجعها, يعني مثلاً كانت هي تحاول ترسل رسائل, وترسل خرجّيتها إلى بعض الشباب اللي بعمرها الأطفال الصغار اللي متضررين بالعراق, فأتذكر مثلاً كانت مرة شافت صورة بنيّة عراقية بأيام الحصار والأوضاع المزرية بالعراق, فقالت: هاي شلون أقدر أدزّ لها فلوس؟ في أبيل بالجريدة هنا بإحدى الصحف, فدزّتلها قامت تدزّ لها مصاري, فقالت لي: شو هاي ما تجاوب, وكتبت لها رسائل وكذا, فاضطريت أن أخلّي أحد يكتب لها مكتوب حتى تشعر بإنّو فيه شيء, فأحاول أن أخلّيها تزجّ في الـ.. يعني العمل الاجتماعي.
إيلي ناكوزي: منّك معارض يعني؟
د.إياد علاوي: لا بس طبعاً الخيار لهم بالنتيجة, يعني ولكن مهم أن يكونوا يعني جزءاً من المجتمع مو لا على هامشه ولا على.. وإنما في داخله.
إيلي ناكوزي: ما عندك يعني مثل والدك توجيه إنو يكونوا أطباء أو محامين أو يعني رح تترك لإلن ..
د.إياد علاوي: لا.. لا لإلن الخيار.
إيلي ناكوزي: بتفضل إنو يرجعوا على بغداد؟ ولا بتحبّن يعيشوا بعالم آخر؟
د.إياد علاوي: لا والله طبيعي أفضل إنّو يرجعون لبغداد بالنتيجة, يعني أنا مثلاً أشجعهم دائماً أخلّيهم مشدودين إلى بغداد, بالرغم من حتى قبل من كنا ما نقدر يعني, وعاشوا حياتهم يعني حقيقةًَ بالبدايات مِن بدؤوا يفهمون ويوعون على الدنيا تدري نروح مثلاً لأوروبا لسويسرا لفرنسا بالكذا بالعطل, فمِن نقعد بأوتيل لأنو غالباً ما أروح باسم مستعار يعني مو باسمي الحقيقي, عندي كانت جوازات متعددة بأسماء مختلفة, فكنت أجد من الصعوبة أن أفهّمهم أنا وأمهم أنّو إذا سألوكم لا تقولون من وين أنتو؟ خوفاً من صدام يعني متابعته إلنا وإلهم إلخ.. فكانوا بالبدايات ما يفتهمون إلى أن وصولاً إلى أنّو صارت عندهم بالنتيجة حالة رعب من صدام, فأذكر مرة لما رجعت، مِن كنت في العراق, أثناء الحرب بالصحراء فخابرت للبيت من الصحراء, على تلفون الثريا فجاوب ابني حمزة, فقال: إنت وينك؟ قلت: آني بالعراق, فلا إرادياً سقط التلفون من إيده.
إيلي ناكوزي: من الخوف.
د.إياد علاوي: من الخوف وصاح يصيح بأمه يعني طبعاً ما يحكي هو عربيته مكسّرة, إنو راح العراق ورح ينقتل ورح كذا ومدري إيش فتدري الآن بدنا نحاول إن يرجعون إلى الحياة الطبيعية, وخاصة سارة بدي أحاول هي الكبيرة بدي أحاول إني إجيبها بغداد في أقرب فرصة, تجي تزور تشوف أهلها أقربائها ناسها, طبعاًَ هنا ولو همّ ولدوا في بريطانيا بس معظم أصدقائهم من العرب يعني, من العراقيين في بريطانيا.
إيلي ناكوزي: هل أنت أب قاسي دولة الرئيس؟ أو إنت شخص بيبيّن عواطفه أو حنانه؟ أم إنك شخص بتحاول دايماً تبقي مسافة بينك وبين أولادك؟
د.إياد علاوي: لأ والله في بعض النوع من القساوة نحنا هيك ربينا يعني أنا نشأت هالنشأة, أنا أتذكّر يعني مرة بالعيد قاعدين إحنا صغار يمكن عمري 16سنة كذا يعني 15 سنة.. شاب يعني, فقاعد رجل على رجل ببيت عمي الكبير يعني فوالدي الله يرحمه صاحني احنا الشباب قاعدين تعرف بآخر الغرفة, فوصلت يمه طرأني بكف يا أخي, شو صار؟ قال: ممنوع تخلّي رجل على رجل إذا في واحد أكبر منك قاعد, الآن لحدّ الآن يعني لما أقعد ويّا عمي ويّا كذا أتوماتيكياً [ضحك] فتدري النشأة تؤثّر علينا يعني, ففي أحاول أن أكون يعني منفتحاً بس تبقى تشدني أيضاً يعني التربية القديمة إلى أن أربيهم بنفس الاتجاه.
إيلي ناكوزي: دولة الرئيس بشو بتحلم؟
د.إياد علاوي: والله حقيقةً هو يعني حلم واحد أنّو الواحد يعيش ما تبقى يعني بكرامة في بلده وبين أهله, وباحترام وفي منطقة يعني يسودها الأمن والاستقرار, حقيقةً أنا شخصياً يعني متعلّق بالمنطقة ومتعلّق بالبلد, ومتعلّق بالأصدقاء يعني الموجودين يعني أنا أحترم الصداقة كثيراً يعني, والعلاقات الشخصية أحترمها كثيراً يعني, ولنا أصدقاء في سوريا, في لبنان, في الأردن, في مصر, في الخليج, إخوة أعزاء فيعجبني دائماً التواصل والاختلاط والـ.. يعني واللقاء معهم, فنتأمل أنو أوضاعنا تستقر بحيث واحد يواصل هالمسيرة هاي بشكل معقول.
إيلي ناكوزي: طيب بس بالمقابل من شو بتخاف مثلاً؟ شو الكابوس اللي الشي اللي بتعتبره كابوس بالنسبة لإلك؟
د.إياد علاوي: والله الكابوس هو الفوضى وعدم الاستقرار يعني..
إيلي ناكوزي: بتخوّفك هي؟
د.إياد علاوي: إي والله, تدري بالنتيجة أنو أعتقد أنو منطقياً الإنسان يكون بين أصدقائه وبين أهله وبيئته, وتظل العلاقات حتى نرجع للعراق حتى يرجع
العراق, حتى أهل العراق يقدرون يرجعون, حتى تكون أكو نوع من الكرامة للناس للعراقيين, أن يكون لكل عراقي حصته في العراق, يعني يعيش باستقرار مع أهله مع أصدقائه, ويعمل ما يشاء ضمن القانون, وضمن الأعراف, فأخشى أنّو بعد أن بدأ يتحقق هذا الحلم إن صح التعبير ترجع الفوضى مرة أخرى, ونرجع من الصفر يعني, وما بقى تدري هم واحد مِن شاب شكل, ومِن يكبر شكل يعني ما نقدر الواحد يستمر بالقتال إلى ما لا نهاية.
"أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام" كونفوشيوس (ع)
-
إيلي ناكوزي: دولة الرئيس لو أنت اليوم نزلت على الشارع بالعراق يعني وعشت لحظات انفجار السيارات, والخطف والقتل مثل ما عم بيعيشها المواطن العراقي العادي, هل يعني رح يغيّر هالشي ردة فعلك حيال كل ما يحصل أم سيكون لك نفس ردة الفعل؟
د.إياد علاوي: لا والله ستكون لي نفس ردة الفعل يعني إحنا تدري مِن يعني مِن عملنا لتغيير نظام الحكم بالعراق, وفعلاً تغيّر نظام الحكم في العراق, وكان إلنا رؤية أيضاً بعد تغيير نظام الحكم, الآن فيه وضوح أنو فيه أطراف وفيه جهات تحاول أن تعطل هاي المسيرة, فرح نبقى نتصدى لها, يعني حقيقة أنا ما منطلق من موقع الخوف من أنّو فيه تفجيرات, أقول أنو هذا يحصل ورح يحصل إلى أن تستقر الأمور, وأنا يعني طالما في موقع المسؤولية نأوي أن تحسم الأمور يعني وتحسم إن شاء الله بشكل يخدم مصالح العراق, بس مثل ما قلتلّك أيضاً أشعر ببعض القلق على ما يصير يحصل بالمنطقة, يعني أتمنى أنو فعلاً تستقر, وأتمنى فعلاً أن تنتعش, وأتمنى يعني أنو نحنا كنا يعني وأنا شخصياً تأذّيت بما فيه الكفاية أنو الواحد يعيش يا أخي بشكل محترم بين أهله.
إيلي ناكوزي: دولة الرئيس لو يعني لو بإيدك الخيار, لو أعطيت خيار أن لا تكون إياد علاوي أن تكون شخصاً آخر أن تغيّر تاريخك بتغيّر بحرف أو بتغير كل الصفحات؟
د.إياد علاوي: والله ما أعتقد, يعني حتى أقولهم لإخواني يمكن لو ترجع عقارب الأيام ساعة إلى الوراء أختار نفس.. بالتأكيد أختار نفس المنحى يعني, اللي حرّكني هو أنا شعرت بتحدّي طبعاً غلطنا في وقتها, وغلطنا مو بس إحنا, كل الأطراف غلطت يعني, أنا غلطت الأطراف السياسية الوضع السياسي العام الشيوعيين البعثيين بس كان فيه تحدّي, وهذا التحدي يعني شعرنا بظلم, فمن جئت إلى حزب البعث كنت حقيقة أتصدى للظلم يعني, أريد أتصدى للظلم اللي لحق بالعراق وبالمنطقة يعني مو بس بالعراق, هي هاي من المفارقات المهمة إنو مِن دخلنا في حزب البعث ما دخلنا بس كعراقيين, دخلنا ضمن تصوّر أوسع يعني ضمن تصوّر منطقة يعني بالكامل, تريد تطلع من الاستعمار, وتطلع للحرية, وتطلع للديمقراطية, وتطلع للحضارة وتطلع لكذا وإلخ.. فهذا يعني لو أتيح التاريخ أن يعيد نفسه فحتماً أختار نفس الطريق.
إيلي ناكوزي: مش ندمان على شيء؟
د.إياد علاوي: لا والله.
إيلي ناكوزي: بتمارس نفس المسيرة؟
د.إياد علاوي: نفس المسيرة.. بس يمكن كنت أغيّر الوضع من صدام يمكن ما كان بشكل مواجهة كان يمكن بشكل تآمر أعنف من الداخل, يمكن. [يضحك]
إيلي ناكوزي: مصّر على نفس..
[لقطات من الشارع العراقي وحركة السير ومصفحات أميركية تسير في الشارع.. ثم لقطات لرجل يغني في مقهى بصوت حزين]
إيلي ناكوزي: يعني إذا بدنا نحكي عن التمنيات والأحلام متى برأيك سيستقر العراق؟ أديش بيحتاج من الوقت؟
د.إياد علاوي: والله هي..
إيلي ناكوزي: إحنا نتمنى أنو بكرة يتحسّن, ولكن واقعياً وأنت رجل يعني كثير تتعاطى بواقعية مع الأمور؟
د.إياد علاوي: والله واقعياً يحتاج لثلاث إلى خمس سنوات.
إيلي ناكوزي: كيف بيكون شكل العراق بعد خمس سنوات برأيك؟
د.إياد علاوي: والله أتوقع يكون عراقاً قوياً, يكون عراقاً ديمقراطياً, يكون عراقاً يتمتع بسيادة قانون, يكون عراقاً ضمن منطقة متعافية, لا أعتقد في المنطقة رح تخلص المشاكل ستبقى, ولكن ستكون متعافية أكثر, والمشاكل ستأخذ منحى آخر غير المناحي الحالية يعني الصدامات وإلخ.. وطبعاً أتوقع أنو ظاهرة الإرهاب ستنحسر يعني بعد سنة سنتين ثلاث سنين من الآن ستنحسر ستنتهي ظاهرة الإرهاب, ولا أستطيع التنبّؤ لكن اللي أتوقّعه هو أنّو العامل الاقتصادي سيكون هو الأساس في أي توترات قد تحصل أولاً, وثانياً: الواقع الجغرافي بما يفرزه من ثروات على الأرض.. والمي.. أزمة المياه وإلخ..
إيلي ناكوزي: والبنى التحتية؟
د.إياد علاوي: ومنابع وحقول النفط والغاز, هاي رح تكون يعني من المشاكل المقبلة بالمنطقة.
إيلي ناكوزي: رح يعيش العراقيون برفاهية برأيك اقتصادية وسياسية؟
د.إياد علاوي: والله أتوقع أنا رح يكون بعض الدول العربية وهذا شي أيضاً مخيف يعني بحدّ ذاته, أتوقع بعض الدول العربية رح تكون فقط للموسرين, فقط للموسرين اللي يقدرون يعيشون فيها ومنها لبنان, ولكن سيبقى حزام فقير في المنطقة, ولهذا أقول إن التحديات القادمة ستكون تحديات اقتصادية ذات طابع اقتصادي أكثر منه طابع سياسي وأيديولوجي, من غير المعقول مثلاً السودان نصفها يعيش تحت خط الفقر, ودول أخرى في المشرق تعيش تحت خط الفقر وفي دول رح تكون موسرة وثرية وثراءها رح يزداد يعني.
إيلي ناكوزي: شكراً دولة الرئيس.
د.إياد علاوي: شكراً لك.
[line]
الحلقة الثانية من سلسلة: (إياد علاوي: سيرة رجل ووطن) بعنوان: "وداعاً العراق"
إيلي ناكوزي: دولة الرئيس 1968 كانت محطة ما بدّي أقول إنك تنبّأت فيها بأنه فيه مسائل خطأ عم بتصير, بلّشت تشعر إنه في مشكل, بلشت تشعر.. بلش امتعاض من صدام حسين والمجموعة وأسلوبهم في التصرف, بس متى بدأ يعني بدأت الفرقة الحقيقية؟ وين هو الاجتماع اللي صار مع صدام حسين قلت فيه هالأمور، وبديت الخلافات تُعرف وتُكشف إلى العلن؟
إياد علاوي: والله هي ابتدأت بنفس 1968 حتى أساساً قبل الثلاثين, أنا أذكر كنت أنا مسؤول مجموعة حزبية كبيرة يعني فمن جملتهم إخوان.. شخص اسمه إياد القادري مثلاً, فالتقيت بيهم وهم كانوا أيضاً من اللي نفّذوا العمل يعني العسكري و.. التقيت فيهم أعتقد يوم 25 أو 26 تموز, فكانوا يا أخي ناقمين بشكل فظيع..
إيلي ناكوزي: ناقمين على مين؟
إياد علاوي: على وضع القيادة..
إيلي ناكوزي: يعني مثلك؟
إياد علاوي: إيه واتهموني وقالوا أنتو فعلاً طلعتو عملاء الاستعمار وكذا من هالكلام اللي يعني.. فكان أكو يعني فد نوع من الامتعاض العام في أوساط البعثيين, فأذكر قلت لإياد القادري أحد الإخـوان - موجود طبعاً الآن يعني أيضاً - قلت له يعني خلينا ننتظر ونشوف, فحقيقةً من صار بحث الأمور مع صدام ما شفنا عنده تبريرات كافية..
إيلي ناكوزي: شو كانت تبريراته دولة الرئيس؟
إياد علاوي: ما يعني إنه إحنا يجب أن نغيّر النظام, ويجب أن نستلم الأوضاع, ويجب أن تكون هناك يعني تحالفات قائمة, هذا فهمناه مو مشكلة هذا ما عندنا مشكلة فيه, بس ا لمشكلة حقيقةً هو في طريقة أداء وطريقة قيادة التحالف هذا, بحيث إنه الحزب اللي هو ساهم في العمل الرئيسي بالتغيير أصبح له موقع ودور ثانوي في الرأي حقيقةً لحساب مجموعة من الأقرباء.
إيلي ناكوزي: هون بلّش.. بلّش يبين برزان..
إياد علاوي: وأحمد حسن البكر، ومحمد يعني مجموعة من الناس اللي همّ بتربطهم علاقة وكان هذا.. هاي العلاقات هي أقوى من وضع الحزب, فبالوقت اللي كنا نتوقع أن الحزب رح ياخذ مداه ودوره مع قوى وطنية أخرى بالعراق استعيض عن هذا الأمر بترتيب..
إيلي ناكوزي: مجموعة عائلية.
إياد علاوي: عائلية..
إيلي ناكوزي: يعني تريد السلطة.
إياد علاوي: تريد السلطة, تمسك السلطة, مستغلة اسم الحزب.
إيلي ناكوزي: نعم, وإنتو يعني.. فيه ناس كتير بيقولوا دكتور إياد أنه مشكلتك الحقيقية مع صدام كانت صراع السلطة, يعني فريقكم كان برضه عايز السلطة؟
إياد علاوي: لا والله إحنا حقيقيةً ما ولا مفكرين أساساً، أنا حتى تدري من عرضت عليه كنت لسّى طالب في كلية الطب, وبالرغم من أنه عرضت علي مواقع وسفارات ورفضتها ما أخذتها.. ما قبلت آخذها يعني بشكل قاطع, المشكلة كانت تكمن في مسألتين مهمتين حين ذاك يعني, المسألة الأولى: هل الحزب هو اللي استلم الحكم أو جهة أخرى غير الحزب؟ حزب البعث يعني, والمسألة الثانية: إنه إحنا بقرارات المؤتمر القومي اللي سبقت الانقلاب كانت واضحة يعني مقررات المؤتمر القومي مسألة الجبهة الوطنية العربية العريضة على الصعيد الوطني العربي وعلى صعيد الأقطار, رفعنا شعار الجبهة وشعار أيضاً حرب يعني تحرير فلسطين, هو هذا بعدين مسألة تحرير فلسطين اللي ولّدت التفكير في إنشاء جبهة التحرير العربية حينذاك, فلا إحنا قدرنا نقيم جبهة حقيقية بالعراق وإنما ابتدأنا بضرب القوى السياسية والمرتكزات الاجتماعية أيضاً مو بس القوى السياسية, ولا أعطينا الحزب دوراً في إدارة شؤون الدولة يعني, فكان بترخيص شديد يعني, كان رأي مجموعة كبيرة من البعثيين وأنا منهم أن تم سرقة الحزب لصالح مجموعة من..
إيلي ناكوزي: يعني فيه انقلاب على الحزب؟
إياد علاوي: عليه طبعاً هذا كان التفسير الحقيقة اللي وصلنا له والقناعة اللي وصلنا لها حزبيين كثيرين وأنا منهم يعني, وطبعاً بالتدريج بدأ حزبيون أكثر وأكثر يقتنعون بأنه هذا هو اللي حصل بالعراق.
إيلي ناكوزي: واللي مشيوا مع صدام بالفريق الثاني يعني؟
إياد علاوي: اللي مشوا طبعاً قسم منهم..
إيلي ناكوزي: ما قدرتوا تقنعوهم أو هي فقط مجموعة مصالح تجمعت؟
إياد علاوي: لا همّ بعدين اكتشفوا إنه هم مشوا بالطريق الغلط ولكن اكتشفوا بعد أن فات الأوان مثل ما يقولون, يعني قدر.. ومنهم أحمد حسن البكر نفسه.
إيلي ناكوزي: اللي خُلِع.
إياد علاوي: اللي خُلِع طبعاً، هذا خُلِع بعملية انقلابية, بعملية تهديد واضحة ومباشرة.
صدام حسين: وكان في ذهنا إنه انطوّل خلقنا أكثر رغم خطورة التآمر اللي رح تسمعونه, ولكن جاءت الظروف اللي شدّد بيها الرفيق المناضل أحمد حسن البكر على ضرورة خروجه لأسباب اللي وضعها في خطابه.
إياد علاوي: بعد أن قتلوا زوج بنته وقتلوا ابنه أُجبر على أن..
إيلي ناكوزي: دكتور كان صدام حسين فقط يتحمل مسؤولية كل هذا ويخطط لهذا؟
إياد علاوي: لا..
إيلي ناكوزي: يعني كان عنده كل هالقوة والقدرة والذكاء إنه يخطط لكل هالمسألة ويبعد هذا الفريق؟
إياد علاوي: لا..
إيلي ناكوزي: أو كان في جهة ثانية نافذة يعني؟
إياد علاوي: لا هو ما عنده هالذكاء الحقيقة, هو يعني صدام ما عنده فكر استراتيجي نهائياً يعني, وطبعاً بعدين أيضاً كان واضحاً أنه ما عنده فكر استراتيجي, طبيعة الصراعات اللي خاضها..
إيلي ناكوزي: واليوم أكبر دليل.
إياد علاوي: واليوم دليل على ما.. ولكن في هذيك المرحلة التخطيط واللي انسجم مع واقع صدام ورؤيته وتطلعاته هو كان تخطيط أحمد حسن البكر الله يرحمه, هو اللي كان.. هو القوة والنفوذ الأكبر والأعظم في حزب البعث حينذاك في العراق هو أحمد حسن البكر, لكون أولاً يمتلك الخلفية العسكرية والتأييد العسكري, وثانياً كان هو أمين سر الحزب في العراق, فلهالسببين ولتاريخه كان يتمتع بقوة كبيرة, هذه القوة وجّهها أحمد حسن البكري لدعم صدام، ومن خلاله ومن خلال جماعة يعني المتعاونين معاه رضي وساعد أو ساهم في القضاء على خصوم صدام, حتى من كان يعتقد صدام أنهم سيشكلون خطر عليه يعني بالنتيجة, فبدؤوا يضربون مراكز القوة داخل الحزب ومراكز القوة داخل العراق, ويعني حتى القوى السياسية والركائز الاجتماعية اللي موجودة خارج إطار الحزب أيضاً ضُربت وبقوة.
إيلي ناكوزي: يعني إنتو كفريق ما كان عندكم تأثير على أحمد حسن البكر, كان صدام هو يعني وسمعنا كثيراً ما يُقال إنه كان أحمد حسن البكر رئيس بالاسم، ولكن من كان يُدير هو نائب الرئيس اللي كان صدام حسين؟
إياد علاوي: لأ.. لأ, هو كان اللي يدير الأمور أحمد حسن البكر نفسه..
إيلي ناكوزي: طب ليش ما قدرتوا أقنعتوه؟ ما حاولتوا؟
إياد علاوي: بس بطريقة أيضاً يعني بيها تمتاز بالذكاء إلى حدٍّ ما من أحمد حسن البكر عندما سُلّم صدام جهاز المخابرات..
إيلي ناكوزي: نعم.
إياد علاوي: باعتباره عضواً متفرغاً بالقيادة، طبعاً ذاك الوقت ما كان اسمه جهاز المخابرات كان يسمى مكتب العلاقات العامة، هذا الجهاز اللي بيه حجازي وبيه برزان وبيه من القصص هاي, هذا الجهاز هو اللي حقيقةً كان يقدّم تقارير أكثرها كذب مو صحيحة..
إيلي ناكوزي: لأحمد حسن البكر؟
إياد علاوي: لأحمد حسن البكر وتروق لما يريده صدام طبعاً، وكانت التقارير على سبيل المثال للحصر يعني مثلاً يقول أنه إحنا ما حصل بالأردن في أحداث أيلول الأسود هو هدفه الحقيقة الإطاحة بالثورة في العراق وبحزب البعث بالعراق, وأكو معلومات وألزمنا واحد بالسودان اعترف أن السودان له صلة بالمخابرات المركزية الأميركية وألزمنا واحد مدري وين له صلة بالجهاز الفلاني, فحقيقةً كانت تروّج أفكار غير صحيحة وغير واقعية, تقدم للحزب وتقدم لأحمد حسن البكر، وطبعاً أحمد حسن البكر كان يتخذ إجراءات وقرارات على صعيد توازن القوى بالعراق سواءً داخل الحزب أو بالمحيط العراقي السياسي ككل, القرارات اللي كان يأخذها كانت تصب في مصلحة صدام..
إيلي ناكوزي: نعم.
إياد علاوي: يعني..
إيلي ناكوزي: كان تلاقي مصالح يعني.
إياد علاوي: إيه فصار تلاقي مصالح, كان التخطيط هو البكر, وبعدين طبعاً هذا كان ضمن ما يريده صدام, واستثمرها صدام.
إيلي ناكوزي: وساعدته في ما بعد على التخلص..
إياد علاوي: وساعدته.
إيلي ناكوزي: طيب وين كنتوا من أحمد حسن البكر؟ يعني هذا الفريق اللي كان كمان بالحزب..
إياد علاوي: والله أنا يعني الحقيقة حين..
إيلي ناكوزي: تواجهتوا معه مثلاً؟
إياد علاوي: أي طبعاً في عدة مرات بس المشكلة اللي كانت سائدة حين ذاك كان فيه نوع من القلق والتخوّف ما بين الجهاز الحزبي, تنظيمات الحزب الكوادر والقيادات وإلى آخره والمجموعة العسكرية اللي يمثلها أحمد حسن البكر, سبب الحساسية والتخوّف هو ما حصل عام 1963 مِن قامت مجموعة عسكرية بضرب الحزب باسم الحزب..
إيلي ناكوزي: نعم.
إياد علاوي: فكان هذا التخوّف لا يزال قائماً.
إيلي ناكوزي: من التجربة يعني..
إياد علاوي: من تجربة سابقة عانى منها البعثيون بوقتها, وكان همزة الوصل وهكذا اعتقدنا يعني واعتقد الكثير من البعثيين واللي كان يعطي إشارات تطمينية هو أحمد حسن.. صدام باعتباره ينتمي إلى نفس الأسرة من تكريت وكذا, فكان يقول أنه إحنا خلينا نهدّئ وإلى أن نطلّع بعض ضباطنا الشباب يأخذون مواقع مهمة فحين ذاك كان وجّه ضربة لهؤلاء، فحقيقة قام صدام بعملية خداع لتهيئة الأجواء لكي لا يكون هناك تحدي لسلطات أحمد حسن البكر والجناح العسكري المسيطر عليه أحمد حسن البكر, وهذا طبعاً أقنع عدد لا بأس به من البعثيين, ومكّن أحمد حسن البكر من ضرب فعلاً العناصر الحزبية في الجيش وكانت أول محاولة لضرب العناصر الحزبية جرت عندما اعتُقل وبعدين قُتل محمد علي سعيد أحد قادة.. وبعض الإخوان من سامراء سعد وهيب وآخرين يعني من الحزبيين المتقدمين..
إيلي ناكوزي: للقضاء على كل من يشكل خطراً.
إياد علاوي: داخل المؤسسات العسكرية..
إيلي ناكوزي: داخل المؤسسات..
إياد علاوي: من البعثيين.
إيلي ناكوزي: نعم، طيب.
إياد علاوي: صُفّي تمت تصفيتهم و..
إيلي ناكوزي: بتخطيط صدام وموافقة أحمد..
إياد علاوي: بتخطيط وبقوة أحمد حسن البكر ولكن صدام اللي كان يقول إنه إحنا رح نسمح للعسكريين إلى أن يأخذوا مواقع الحزبيين حينها نضرب الجناح العسكري لأحمد حسن البكر كان يكذب, كان يعطي معلومات لأحمد حسن البكر عن هؤلاء العسكريين بحيث أن أحمد حسن البكر اتخذ القرار بضربهم فعلاً اعتُقلوا وضُربوا وإلى آخره, فلعب لعبة مزدوجة صدام بدأت تتكشف مع الأيام، واكتشفها بوقت جداً مبكر في حينها ناظم قزار وأعضاء المكتب العسكري نفسهم واللي منهم الله يرحمه محمد فاضل وآخرون ومرتضى الحديثي وزير الخارجية وطبعاً قبلهم وهَمْ اكتشفوها آخرين من البعثيين, ولهذا مِن ناظم قزار ومعاه متحالفين من القيادة حين ذاك عبد الخالق السامرائي ومرتضى الحديثي وغيرهم مِن أرادوا يقومون بالعمل العسكري هو حقيقةً للتخلّص من الاثنين معاً.. من صدام وأحمد حسن البكر باعتبارهم يكمّلون بعضهم البعض..
إيلي ناكوزي: فالتقت المصالح..
إياد علاوي: اللي.. اللي أغفلوه واللي الكل أغفله الحقيقة هو أنه صدام أيضاً ما كان مخلص لأحمد حسن البكر, مِن تمكّن إلى حين أن بالأخير كما هو معلوم يعني خلّى ابن خاله عدنان خير الله يتزوج بنت أحمد حسن البكر لتوثيق العلاقة مع أحمد حسن البكر, فمِن انتهى وعيّنه وزير دفاع لعدنان خير الله وقدر طبعاً بالنتيجة أن يضرب أحمد حسن البكر ويقصيه, أيضاً اعتبر عدنان يشكل خطراً عليه..
إيلي ناكوزي: وقتله؟
إياد علاوي: وقتله بحادث طائرة فحقيقة اللي أغفلوه أغفلوا فهمه البعثيون أنه كان لازم يصير تحرك مباشر على أحمد حسن البكر..
إيلي ناكوزي: مش على صدام.. على الاثنين؟
إياد علاوي: مش على الاثنين، كان يصير تحرك مباشر ويصير تفاهم معاه وما كان يجب أن يعتمدون البعثيين على الصورة اللي كان صدام ينقللهم إياها باعتباره قريب من الأسرة مالتهم.
إيلي ناكوزي: أنت كنت من الفريق اللي بدو يضرب اثنين أو كنتم بهالأثناء..
إياد علاوي: والله لا أنا الحقيقة أنا شخصياً كنت أعتقد في أحمد حسن البكر وفي حردان التكريتي اللي للأسف قتل واستشهد يعني.. وحماد شهاب اللي كان وزير دفاع وصالح عماش الله يرحمه اللي كان أيضاً.. يعني ناس عندهم قيم مهما يكون يعني عندهم قيم عندهم تراث وعندهم وضوح وعندهم تاريخ.
ميسون عزام: مشاهدينا نتوقف الآن مع فاصل إعلاني قصير نتابع بعده برنامج مشاهد وآراء والفيلم الوثائقي بعنوان: "وداعاً العراق" في سياق سلسلة (إياد علاوي: سيرة رجل ووطن), فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم مجدداً. ما زلتم مع برنامج مشاهد وآراء والحلقة الثانية من سلسلة: (إياد علاوي: سيرة رجل ووطن), بعنوان: "وداعاً العراق", فلنتابعه سويةً.
إياد علاوي: صدام كان يعني ما محسوب بهالمستوى يعني, كان محسوب إنه هو إحنا نسميه بالعراقي شقاوات, الأشقياء أبضايات..
إيلي ناكوزي: نعم الزعران يعني..
إياد علاوي: إيه.. إيه مسدسه بحزامه وبفرفر وكذا .
صدام حسين: أمةٌ عربيةٌ واحدة, ذات رسالة خالدة.
إيلي ناكوزي: ايمتى كان آخر لقاء مع صدام وآخر لقاء مع أحمد حسن البكر؟ بينك شخصياً أو بين المجموعة اللي كنت تمثلها؟
إياد علاوي: آني آخر لقاء مع أحمد حسن البكر كان سنة الألف و.. قبل ما أطلع يعني أخير الواحد وسبعين, قبيل أنا أقول لك إيش وقت..
إيلي ناكوزي: قبل ما تطلع بيروت يعني؟
إياد علاوي: لا.. لا إي قبل.. قبل أعتقد بالشهر التاسع, أيلول السنة 1971, ومع صدام إلى تقريباً أيضاً أخير التاسع وتكلّمت معاه, هاي مِن نشبت معركة بالتلفون, كان بالشهر العاشر..
إيلي ناكوزي: بتتذكّر شو الحديث اللي صار؟
إياد علاوي: والله الحديث هو اللي حصل أُقصي وزير الخارجية ووزير الداخلية, وعضو قيادة آخر, وأُذيع بالراديو إقصاؤهم, طبعاً إحنا عارفين أكو خلفيات, وأنا يعني عايش بالخلفية, أعرفها يعني, بس ما كنا نتصور الوقاحة تصل إلى درجة إنّو بالراديو يُعلن إنه الموضوع بهالشكل قبل أن يُعقد مؤتمر الحزب ويناقش هذا المؤتمر القضية هاي, وهذا كان طبعاً في عام 1971, وهذا خلاف النظام الداخلي لحزب البعث, وطبعاً كثيرون وأنا منهم اعتبرنا أن هذا هو - إن صح التعبير - ضربة نهائية في الممارسة الديمقراطية في داخل حزب البعث, من أعضاء قيادة قطرية وقومية يُعزلون بقرار..
إيلي ناكوزي: بقرار وعالراديو.
إياد علاوي: على الراديو.. فحقيقةً أنا صار كلام مع صدام..
إيلي ناكوزي: أنت اللي اتصلت فيه؟
إياد علاوي: لأ هو اتصل, هو اتصل.. هو اتصل لأن هو يعرف علاقتي بعبد الكريم الشيخلي, وكان يريد مني أن أحكي موقف ضد عبد الكريم الشيخلي, أهاجم عبد الكريم الشيخلي, فأنا طبعاً خبّرته وقلت له أنتو دمرتوا جوهر الحزب اللي هو النظام الداخلي، وبالتالي أصبحت القضية فوضى, وهذا موضوع غير مسموح به, وما نقبله, وأنا شخصياً أيضاً ما أقبله ولا أقبل أن أكون جزءاً منه, فقال: أريد أشوفك, ممكن نلتقي؟ فقلت له: والله ما أقدر أطلع, العميد..[يضحك] عميد الكلية ما يسمح لي أن أخرج.. كان عميد الكلية جالس موجود..
إيلي ناكوزي: فقال لك بكلّموا..
إياد علاوي: لا.. لا.. كان والله ما كان ما موجود. مسافر كان خارج بغداد, وأنا قلت له يعني.. المهم.. كان العميد حينذاك تحسين معلّى, الأستاذ تحسين معلّى, رجل فاضل ورجل كريم, فقلت له ما أقدر أطلع يعني, هذا عميد وما أقدر أطلع من الكلية, فاستمر الحديث بالتصعيد..
إيلي ناكوزي: بالتلفون؟
إياد علاوي: بالتلفون, وكنت في غرفة مدير إدارة كلية الطب, وكان لي أخ عزيز كثير يعني حقيقةً موجود أيضاً, الدكتور وائل السامرائي, مريض خطية الآن, موجود أيضاً بالـ.. فهذا حقيقةً يعني الحديث الأخير اللي جرى بيني وبين صدام..
إيلي ناكوزي: بس كان عنيفاً؟
إياد علاوي: عنيف جداً..
إيلي ناكوزي: كان مشكل..
إياد علاوي: إيه مشكل, مشكل حتى يعني أحد أساتذتنا وكان موجوداً بالغرفة أثناءها, قال لي: مع مين اتكلمت؟ قلت له مع فلان, فهرب خطية خاف يعني حتى لا يكون يجيبوه شاهد أو شي من هذا القبيل..
إيلي ناكوزي: كان بدي..
إياد علاوي: وحتى صديقي هذا الأخ..
إيلي ناكوزي: كان بدّي صورة صدام تتوضّح عند الناس؟
إياد علاوي: والله بادية عند قسم من الناس بادية نعم, لأنو هم بعكس ما اتُفق عليه, يعني أولاً بدأ في ضرب البعثيين بقساوة, وقلت لك أنه تعلن بالراديوات إحالة إقصاء مسؤولين كبار من حزب البعث ذوي مواقع مهمة, وطبعاً سبق هذا سلسلة من العمليات التي تستهدف قوى أخرى للمجتمع العراقي, سواءً شيوعيين, سواءً أكراد, يعني حاولوا يقتلون..
إيلي ناكوزي: ما حدا سلم يعني؟
إياد علاوي: ولاّ مصطفى البرزاني اللي فجّروه, إحنا متفقين ويّاه, متفقين معاهم, مساويين قانون الحكم الذاتي, وبعثوا له ناس يقتلوه..
إيلي ناكوزي: صدام حسين؟
إياد علاوي: إيه طبعاً, وطبعاً أيضاً الله يرحمه بيّه لعبد العزيز الحكيم السيد محسن الحكيم, اللي كان مرجع للشيعة حينذاك, أيضاً ابنه شهيد مهدي الحكيم, سيد مهدي الحكيم طورد بقساوة مع العلم كان سيد مهدي - الله يرحمه - قريب من التفكير القومي.
إيلي ناكوزي: نعم, طيب دولة الرئيس شو بتفهم هذه الظاهرة؟ يعني التقرب من الحلفاء جعلهن أصدقاء, اتفاق على مشروع, ثم يعني تصفيتهم إما سياسياً, وفي معظم الأحيان محاولة تصفيتهم جسدياً, لم يكن صدام حسين يريد حلفاء, يعني يريد القضاء على من يشكلون يمكن خطراً أو عداء نفهم هذا, ولكن حتى على يعني متل ما عم بقول ملاّ مصطفى البرزاني يعني هو كان فيه اتفاق..
إياد علاوي: طبعاً.
إيلي ناكوزي: وصدام كان واضحاً إنه يعني مش متأذّي من هذا الاتفاق, فكيف بتفسروا هذا الظاهرة بوقتها إنتو كبعثيين؟
إياد علاوي: لا, هو طبعاً بوقتها ما فسرناها بهالشكل, بس طبعاً هو بالنتيجة صدام خشي على وضعه, هو مثلاً عرف نفسه بتحالفه مع أحمد حسن البكر ومع مجموعة أخرى يمكن يقدر يكون له نفوذ أو سيطرة على حزب البعث, بس متى ما توسعت الرقعة وشملت القوى..
إياد علاوي: ما رح يكون له مكان.
إيلي ناكوزي: ما رح يكون له مكان, فلهذا هو عمل باتجاهات واضحة, يعني أول شي هو ضرب البعثيين, ضرب القوى الناصرية, ضرب المرجعية اللي متمثلة بالسيد محسن الحكيم وخاصةً بمتابعة ابنه الشهيد مهدي اللي بعدين قتلوه, في السودان اغتالوه..
إيلي ناكوزي: إزالة كل الحواجز.
إياد علاوي: وضرب الأكراد, ولهذا حقيقةً وجد حزب البعث نفسه في خندق محاصر, بالوقت اللي كان رافع شعار الجبهة الوطنية في العراق, أصبح محاصراً من كل القوى السياسية..
إيلي ناكوزي: من كل ضد.
إياد علاوي: حتى إحنا استغربنا في 1973 صدام ادّعى إنه هذه السياقات جاءت من تيار ناظم قزار وعبد الخالق السامرائي, وبالتالي هو منفتح على مسألة الجبهة, ويريد يتعاطى، وأقام جبهة مع الحزب الشيوعي, وأنا حذّرت عامر عبد الله - الله يرحمه - بوقتها كان عضو مكتب سياسي الحزب الشيوعي, طبعاً ما أنا كنت خارج العراق, حذرته قلت له هذا كمين كبير للحزب الشيوعي العراقي..
إيلي ناكوزي: نعم, وهذا تحضير للقضاء.
إياد علاوي: إيه قلت له الخطوط الوطنية في داخل حزب البعث هي اللي تم القضاء عليها, وهي اللي كانت صاحبة مصلحة في التحالف معكم ومع القوى السياسية الثانية العراقية ومنها قضية..
إيلي ناكوزي: إذاً نفس الأسلوب يعني..
إياد علاوي: إيه نفس الأسلوب.
إيلي ناكوزي: طيب دكتور يومها, يوم التلفون الشهير.. اللي كان آخر كلام مع صدام, هل بدأت.. هل تشعر اليوم أنه اتخذ القرار بتصفيتك جسدياً أم يعني هذا الاتصال هو افتراق طرق بس ما وصل إلى موضوع أن نتخلص منه نهائياً؟
إياد علاوي: أعتقد كان افتراق مو مسألة خلاص, يعني ما كنت أتصور إنو توصل بيه.. لأن تدري حقيقةً يعني بشكل عام علاقاتنا داخل الحزب كلنا يعني علاقات أخوية وصداقة وزاد وملح مثل ما يقولون, وكانت تحصل في الحزب انشقاقات كثيرة, يعني ناس تترك وناس كذا وإلخ, بس أنا تيقّنت من مسألتين, المسألة الأولى أنا شخصياً يعني تيقّنت من إنو هذا بعد ماكو مجال بيني وبينه.. خلاص يعني..
إيلي ناكوزي: قطعت الأمل.
إياد علاوي: قطعت الأمل, يعني أنا شخصياً يعني شعرت إنو مستحيل بعد ممكن إنو حتى ترجع جزء من الثقة البسيطة في إمكانية التعامل معاه, وهذا كان ناحية, الناحية الثانية تيقّنت بأنو الأمور ستسير بشكل معاكس تماماً..
إيلي ناكوزي: لما كنتم تخططون.
إياد علاوي: لما يريده البعثيون وممكن أن يكون للعراق, وبالتالي.. وبالتالي ما قلته لزميلي وصديقي أصبحت مقتنع بيه أكثر من قبل, ووصلت إلى القرار إنّو يجب أن نعمل شيئاً, شو هالشيء ما.. بس يجب أن نعمل شيئاً لإنقاذ الوضع.
إيلي ناكوزي: طيب ليش رفضت تروح, يعني وقت اللي طلب منك إنو تلتقوا, ليش كان هالرفض منك؟ إنك ما بدك تلتقي معه؟
إياد علاوي: والله كنت أولاً متقزّز, وثانياً ما ردت أكون حقيقةً يُستغلّ اسمي مثلاً للنيل من أصدقاء في الحزب..
إيلي ناكوزي: مثل عبد الكريم الشيخلي.
إياد علاوي: مثل عبد الكريم الشيخلي إيه, وانا وجدت في ذول.. في صدام يعني قدرة على الكذب فظيعة, يعني نتيجة..
إيلي ناكوزي: خصوصاً إنه هو اللي تمنى عليك إنك تقنع عبد الكريم الشيخلي إنه يأخذ منصب وزارة الخارجية..
إياد علاوي: هو.. هو سرعان.. هو هو.. أنا رحت شخصياً وقدمت المذكرة باسمي يعني بخط إيدي قصدي.. اللي تتعلق بتأجيل دراسة عبد الكريم الشيخلي, فقلت إنّو إذا رح أقعد ويّاه رح يبدي إما حديث وخلينا نجرب ونبدي صفحة أخرى وكذا وحصل ما حصل بعد كم شهر يرجعون الإخوان والرفاق ونسوّي مؤتمر.. وقلت هذا كله راح يكون كذب، واثنين أيضاً قلت راح تفسر وينزل.. طبعاً هو يقدر يدفع.. هو ماسك مخابرات.
إيلي ناكوزي: إنه اجتمع مع إياد علاوي ووافق؟
إياد علاوي: وافق وصار حديث بهذا الاتجاه على أساس..
إيلي ناكوزي: هنا أخذت قراراً يعني بهالـ.. بعد هالتلفون أخذت قراراً إنك تروح على لبنان وتلتقي القيادة؟
إياد علاوي: إيه أخذت هو هذا أخذت القرار وبعدين طبعاً اللي ساعد بالقرار الحقيقة هو تبلور القرار يعني تقريباً خلال أسبوعين ورا عشر أيام أو أسبوعين أو ثلاثة ورا هالحديث هذا اللي جرى، أنا صار عندي فكر أن أروح أحكي ويّا القيادة، وثانياً إجو إخوان أصدقاء أعزاء وتكلموا معاي بشكل حتى بيه يعني نصيحة يعني إنه الوضع ترى إنت أصبحت.
إيلي ناكوزي: إنو امشِ.
إياد علاوي: اترك فترة.. وأنا كنت مو من النوع اللي يسكت يعني كنت أتكلم أحكي يعني بالأوساط بالجلسات، علاقتي بالقوى السياسية كانت جيدة يعني الثانية غير البعثيين علاقتي بالبعثيين جيدة, فتبلور الرأي عندي إنو فعلاً يجب أن خلّي أشوف نشوف القيادة إذا تقدر تسوّي شي أو ما تقدر تسوّي شي وعلى ضوئها الواحد يقرر بأي اتجاه ..
ميسون عزام: مشاهدينا نتوقف الآن مع فاصل إعلاني أخير نتابع بعده برنامج مشاهد وآراء والفيلم الوثائقي بعنوان: (وداعاً العراق) في سياق سلسلة: (إياد علاوي: سيرة رجل ووطن) فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم مجدداً لا زلتم مع برنامج مشاهد وآراء والحلقة الثانية من سلسلة: (إياد علاوي: سيرة رجل ووطن) بعنوان: (وداعاً العراق) لنتابعه سويةً.
إيلي ناكوزي: شو كانت محاولتك الأخيرة قبل ما كنت تترك بغداد هل يعني قمت بمحاولة أخيرة أو LAST SHORT يعني مع أحمد حسن البكر أو مع أحد؟
إياد علاوي: لا لا هذا إحنا هالأثناء لأنه هو اللي حصل مو أنا قلت لك كنت جزء من مشاهد على.. فيه قضية عائلية حصلت ما بين السيدة هذه.. على أساس زواج لكريم الشيخلي وشخص قريب لصدام فـ.. وأنا بشرب القهوة مع عبد الكريم الشيخلي واثنين أشخاص آخرين واحد ابن أخت عبد الكريم الشيخلي وواحد توفى - الله يرحمه - دخل هذا الشخص القريب لصدام بالبيت فانفرد بعبد الكريم الشيخلي، وعبد الكريم الشيخلي كان وزير خارجية وعضو قيادة قومية وقطرية وكان صياح وعركة..
إيلي ناكوزي: هذا بعد إقصائه؟
إياد علاوي: قبل.. قبل.
إيلي ناكوزي: قبل.
إياد علاوي: فـ.. طلع هذا الشخص يعني فحتى طلع بدون خلق يعني بدون أن يسلم, فقلت له شو هالزعرنة – لعبد الكريم – يعني غير سرسري الكلمة السرسرية معناها الزعران. قال لي: إيه بس..قلت هذا الموضوع هذا مو ما له علاقة بالـ.. هذا مو شخصي هذا موقف سياسي ترى، وجزء مهم بالقيادة معني بهذه القضية, طبعاً هم قبلها بشهر أو شهرين كانوا مفتشين بيت أخو عبد الكريم الشيخلي اسمه ضياء، دخلوا عليه المخابرات وفتشوا بيته بحجة إنو أكو زوجة ضياء قومي ناصري مختبي عندهم طبعاً هذه كلها..
إيلي ناكوزي: طبعاً تحت هذه الحجج كانوا.
إياد علاوي: هاي للوزير فحقيقة طبعاً اللي كان موافق على هذا الإجراء هو أحمد حسن البكر ولاّ من غير..
إيلي ناكوزي: مستحيل.
إياد علاوي: ما يصير وذاك وزير داخلية وهذا وزير الخارجية وعضو قيادة قطرية وقومية..
إيلي ناكوزي: مش ممكن حدا يدخل عليهم إلا بموافقة.
إياد علاوي: طبعاً فلهذا ما قلت شو تحاول بعد ويّا أحمد حسن البكر هذا منتهى هذا مصطف اصطفافاً كاملاً ويّا صدام واتفقوا سوا تحالف وهذا التحالف يجب أن ينتهي..
إيلي ناكوزي: شو سبب..
إياد علاوي: وما راح ينتهي إلا إما بتأثير من القيادة القومية تدعوا إلى مؤتمر.. الحقيقة كنا نتصور أنه ممكن دعوة مؤتمر قطري أو قومي خارج العراق..
إيلي ناكوزي: نعم.
إياد علاوي: هذا هي نفس المطالب اللي بعدين طالبها ناظم قزار لاحقاً بعد سنتين .
إيلي ناكوزي: شو صار بعبد الكريم الشيخلي بعد إقصائه.
إياد علاوي: عبد الكريم عُيّن سفيراً للعراق بالأمم المتحدة.
إيلي ناكوزي: يعني نوع من الإبعاد يعني؟
إياد علاوي: أي طبعاً وبعدين استدعي.. استدعي السفراء إلى بغداد ومجرد ما هو وصل اعتُقل في بغداد..
إيلي ناكوزي: كالعادة.
إياد علاوي: اعتُقل وحُقق معاه يعني طبعاً ومن جملة تحقيقه أنتم تتآمرون أنت وإياد علاوي وفلان.
إيلي ناكوزي: اللي بوقت بمرحلة لاحقة..
إياد علاوي: إيه بعدين طلعوه إقامة إجبارية للبيت وقطعوا الكهرباء واتصل بالتليفون قالوا له لازم أنت تجي إنت بنفسك توقّع على قضية مال كهرباء وشي من هالقبيل، فراح الرجل هو وزوجته وبنته مسكينة كانت طفلة صغيرة كذا سنة 5- 6 سنوات عمرها يمكن, وباب.. بده ينزل من السيارة باب محطة..مكتب الكهرباء شركة الكهرباء بالأعظمية قُتل فوقع خطية على بنته وعلى زوجته بالسيارة المسكين..
إيلي ناكوزي: أي سنة دكتور؟
إياد علاوي: مِن طلعوه من السجن يعني أعتقد 81 يمكن بهالحدود هو طبعاً بعد أميركا نقلوه إلى ألمانيا سفيراً وكنا أنا وإياه على اتصال دائم يعني طبعاً بهالـ..من انضربت كان لسه سفير هو.
إيلي ناكوزي: نعم.
إياد علاوي: استدعوه بثاني يوم ضربتي استدعوا السفراء.. السفراء استدعوهم إلى بغداد وأنا في المستشفى فورا ما طلعت من الإنعاش جاء أحد أقربائه الكريم اتنين من أقربائه واحد صديقنا أخونا يعني الآن صار سفيرنا في لندن الدكتور صلاح الشيخلي, وشخص جليل فاضل أيضاً اسمه صليح محمود شكري من أقربائه قال لي كريم يريد يكلمك إلى ألمانيا فتكلمت مع كريم فدا يقول لي قال لي أنا يعني طبعاً بعد السلام وما سلام وكذا قال أنا أكو استدعاء قلت له إلك؟ قال: للسفراء قلت له زين إذا تيجي تشوف وضعي هسّه مستحيل يعني مستحيل تروح، قال: أنا دزّيت خبر ونشوف شلون يعني فالمهم راح وصفّوه بالنتيجة.
"أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام" كونفوشيوس (ع)
-
مناقشة الفيلم الوثائقي
[فاصل إعلاني]
ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم وبرنامج مشاهد وآراء، بصرف النظر عن التوافق والاختلاف مع آراء ومواقف رئيس الوزراء العراقي الدكتور إياد علاوي إلا أن السلسلة التي تحدث فيها عن سيرته ومواقفه فتحت نقاشات أساسية على الساحة العراقية بشأن الأسباب التي دفعت بالعراق إلى ما هو عليه حالياً وبشأن التصوّرات لمستقبل هذا البلد، في خلال تلك السلسلة أفاض الدكتور علاوي في الحديث عن تجربة البعث وعن تجربته في البعث معيداً إلى الذاكرة جانباً مهماً من المرحلة التي سبقت تولّي البعث السلطة عام 1968، وأيضاً مرحلة الصراعات التي أعقبت ذلك التاريخ والتي لعبت دوراً أساسياً في تحديد مصير العراق وتشكيل صورته الحالية، علاوي قدّم في هذه السلسلة تصوّره لشكل العلاقة مع الأميركيين وذلك في سياق حديثه عن تجربته في المعارضة والسلطة، وهو أيضاً قدّم تصوره لما يراه بشأن مستقبل العراق متطرقاً إلى العلاقة مع الجيران العرب وتصوره عن علاقة أميركا بالمنطقة، موضوعات بالغة الأهمية لا تجعل من السلسلة مجرد سيرة ذاتية لسياسي رئيسي وأيضاً محاولة لاستعراض تاريخ العراق المعاصر الحاضر والمستقبل لهذا البلد، أهميتها أنها تفتح المجال لنقاشات أوسع تتجاوز حتى العراق، النقاش حول هذه الموضوعات هو محور هذه الحلقة من برنامج مشاهد وآراء, دعونا بداية نرحب بضيوفنا:
معنا من بغداد الأستاذ صلاح عمر علي سياسي عراقي.
ومعي من لندن عباس الجنابي مدير مركز البحوث العراقية في لندن.
وفي الأستوديو الدكتور حسني عبيدي مدير مركز الدراسات والبحوث حول العالم العربي في جنيف.
وأيضاً معي في الأستوديو اليوم الأستاذ حميد قاسم الإعلامي العراقي.
بداية مشاهدينا أريد أن أثير هذه النقطة، أثارت الحقيقة الحلقة السابقة من برنامج مشاهد وآراء والتي ناقشت الحلقتين الأوليين من سلسلة: (إياد علاوي: سيرة رجل ووطن)، أثارت انتقادات من جهات متعددة ومختلفة الاتجاهات، مكتب رئيس الوزراء العراقي إياد علاوي من جهة اعتبر أن الحلقة كانت متحيّزة ضده، وبالمقابل هناك جهات اعتبرت أن الحلقة ليست سوى جزء من حملة للترويج لشخصه وسياساته، ومع ترحيبنا بكل الآراء والانتقادات والتي تعبّر عن ظاهرة صحية، فإنه لا بد من التأكيد على أن برنامج مشاهد وآراء يركّز على السعي لمناقشة الأفلام الوثائقية التي تعرضها قناة العربية من مختلف وجهات النظر، وفي إطار السعي أيضاً لمزيد من إلقاء الضوء على الأفلام الوثائقية، وأيضاً الموضوعات الجدلية التي تثيرها، نكرر ترحيبنا بالمواقف كافة ونتمنى أيضاً من الجميع أن يوجّهوا ملاحظاتهم عن أي حلقة من حلقات برنامج مشاهد وآراء عبر موقعنا على الإنترنت: www.alarbiya.net، واسمحوا لي الآن أن أبدأ حواري وأبدأ مع الدكتور حسني، دكتور حسني الحمد الله على السلامة عدت الآن من العراق هذا المساء، إياد علاوي يقول بأن العراق يحتاج إلى ما بين 3 إلى 5 سنوات حتى يستعيد سيادته واستقراره وهدوءه ما رأيك؟
د.حسني عبيدي: نتمنى أن يتحقق ذلك لكن أعتقد من خلال زيارتي للعراق وخاصة لبغداد فترتين متتاليتين أن الواقع المعيشي واقع صعب جداً، والظروف التي يجتازها العراق الآن، الظروف التي يمرّ بها المواطن العراقي ظروف جداً صعبة، أعتقد أن 3 أو 4 سنوات غير كافية لكي يستعيد العراق عافيته، وقبل كل شيء الأمنية، أوكيه يستطيع العراق تجاوز المرحلة الانتقالية، الظروف التي تولّد اللاأمن والتي تولد اللااستقرار وانعدام أي أفق اقتصادي أي أمل سياسي بالنسبة للعراقيين هو الذي جعل العراق يعيش هذه المرحلة الصعبة من حياته، أعتقد بدون تجاوز هذه الأزمة الحقيقية التي تتجاوز حتى إياد علاوي نفسه لا يستطيع العراق أن يصل فعلاً إلى طريق النجاة.
ميسون عزام: إذاً نظرة متشائمة بعض الشيء، دعني أنتقل للسيد حميد، سيد حميد يعني تابعت معنا في الحلقة الماضية، الحلقتين الأوليين لسلسلة إياد علاوي وبالمقابل الآن نحن بصدد مناقشة ما تبقّى من هذه الحلقات ما هو تقييمك لهذه السلسلة الوثائقية أو اللقاءات، البعض يقول بأنها فتحت مجالاً لنقاشات مهمة وحساسة قبل الانتخابات، ما رأيك؟
الأستاذ حميد قاسم: بالتأكيد هناك من ينظر إلى هذه السلسلة على أنها ربما كما فعل بعض المنتقدين على أنها كانت حملة ترويجية لإياد علاوي، وهناك من وقف ضدها من اتجاه معاكس، باعتبار أنها كُرست النقاشات التي دارت حولها ربما لم ترق للبعض خصوصاً كما أشوف من مكتب السيد رئيس الوزراء المؤقت إياد علاوي، فأنا أعتقد أن جدلاً من هذا النوع ضروري جداً، العراق الآن في.. كما يفترض أو كما يقال مقبل على إغلاق صفحة من القمع وقمع الأصوات، ومقبل على أفق ديمقراطي كما يطمح..
ميسون عزام: ماذا تقصد بقمع الأصوات يعني؟
الأستاذ حميد قاسم: يعني العراقي.. كان لا يستطيع أي عراقي مثلاً أنا كنت عراقي لا أستطيع منذ سنوات خارج العراق لكنني كنت لا أستطيع مثلاً أن أتحدث ضد السلطة وضد أي شخص أو ضد أي وضع سيئ في العراق، لم أكن أخشى على نفسي كنت أخشى على عائلتي وعلى إخوتي وعلى أصدقائي، فأما الآن أنا أعتقد من أجل تعزيز وترسيخ القيم التي يدعو إليها يعني السيد إياد علاوي كما قال في إحدى الحلقات أعتقد التي عُرضت أمس.. أول أمس أنه يحلم بعراق قوي وديمقراطي وتعددي، أولى هذه أن يُفسح في المجال الآن عالم مفتوح الفضاء العراقي مفتوح على كل الفضائيات، وما لا يروق للمشاهد العراقي في هذه القناة يستطيع أن يذهب إلى قناة أخرى ولم يعد أحد يستطيع أن يفرض على العراقي ما يشاهده في بيته وإلا أن تحوّل الأمر إلى عودة.. العراقيون ربما يقبلون بكل شيء إلا أن العودة أو تكرار التجربة المريرة التي عاشوا بها هذا أمر لا أعتقد أن العراقيين سيسمحون به..
ميسون عزام: وطبعاً حول هذا الموضوع سنستمع إلى وجهات نظر مختلفة خلال هذه الحلقة، يبدو جلياً من الأجزاء الأولى من سلسلة: (إياد علاوي: سيرة رجل ووطن) تأثر إياد علاوي بالمرحلة الأولى من تكونه السياسي أي المرحلة البعثية، لنتابع ما يقوله عن الخلافات الحزبية في تلك المرحلة.
[الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: والأستاذ - الله يرحمه - كان ميشيل عفلق حينذاك في لبنان كتب في حينها مقالاً مهماً سُمي.. كان عنوان المقال: "الفراغ الكبير"، نُشر في جريد الأحرار ودعا قواعد البعث وقواعد القوى الناصرية إلى ثورة على قياداتها وخلق قيادة وطنية قومية جديدة..
إيلي ناكوزي: نعم.
د.إياد علاوي: وكان بقساوة تكلّم عن الوضع في العراق والانحراف اللي حصل في العراق، القيادة القومية في لبنان الحقيقة حينذاك والبعثيين في لبنان أسقط في يدهم يعني ما عندهم نفوذ حقيقة على الحزب في العراق وبالعراق طبعاً حينذاك تبلورت مسألة الاستحواذ الشخصي على الحزب يعني].
ميسون عزام: سيد صلاح أتوجه إليك بسؤالي هذا، يعني أنت عايشت تلك الفترة، ما أهمية ربما يمكن أن نقول الصراع ما بين القيادة القومية والحزب في بغداد؟ وكيف انعكس ذلك إن كان على النظام الحاكم أو على الحزب نفسه؟
صلاح عمر علي: في الواقع أنا يعني أعتقد أن الحزب كان محكوماً بمجموعة من القرارات والقوانين الداخلية، وأهمّ تلك القوانين هو النظام الداخلي الذي يشكل الهيكل التنظيمي للحزب، ووفقاً للنظام الداخلي يتوزّع الحزب على سلسلة من القيادات الدنيا ثمّ صعوداً وبالتدريج وصولاً إلى القيادة القطرية في كل بلد عربي، وهذه القيادة لها صلاحية في قيادة الحزب في كل قطر عربي وقيادة سياسية وتنظيمية والقيادات القطرية أو الحقيقة هناك قيادة قومية أيضاً تتشكل بعقد مؤتمر قومي للحزب يضمّ ممثلين عن كافة الأقطار العربية..
ميسون عزام: نعم.
صلاح عمر علي: القيادة القومية من الناحية التنظيمية هي القيادة السياسية العليا للحزب والتي تنبثق من المؤتمر القومي، طبيعة الحال من حق القيادة القومية وفقاً للنظام الداخلي وللدستور.. لدستور الحزب الإشراف على القيادات القطرية في كافة الأقطار العربية التي يتواجد فيها تنظيم الحزب، لكن من الناحية الواقعية والعملية هناك فترات مرّت في الحزب صعبة جداً للغاية جعلت من غير الممكن للقيادة القومية أن تشرف وأن تمارس سلطتها على فروع الحزب في الأقطار العربية ومنها العراق بالتحديد نظراً للظروف الصعبة التي كان يعيشها الحزب في هذا القطر، وبالتالي نتيجة للانقطاع لفترات كثيرة بين القيادة القومية وقيادة الحزب في العراق حصلت بعض الإشكالات التي أفرزت شيئاً من الخلاف في وجهات النظر بين القيادة القومية وبين قيادة الحزب في العراق، وهذا طبعاً عكس بآثاره على طبيعة مسيرة الحزب في العراق وكذلك في باقي الأقطار العربية الأخرى.
ميسون عزام: نعم طيب في العام 1971 غادر الدكتور علاوي إلى بريطانيا حاملاً الكثير من الاعتراضات على حكم البعث إلا أنه وحسب قوله تراجع عن فكرة ترك الحزب بهدف السعي إلى الإصلاح من الداخل لنتابع ما يقول.
[الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: غادرت إلى بريطانيا من لبنان وأنا مصمم أن لا أعمل في حزب البعث، كان هناك إلحاح من قبل بعثيين كثيرين عراقيين وغير عراقيين بأنه من الخطأ ترك الحزب، وبالتالي الابتعاد عن مواقع القرار والتأثير وكذا وإلى آخره وإنّو يجب أن العناصر والقوى والكوادر اللي فكرت باتجاهات صحيحة أن تعود إلى..
إيلي ناكوزي: وتحاول إصلاحات من الداخل.
د.إياد علاوي: من الداخل].
ميسون عزام: طيب أنتقل إلى السيد عباس، سيد عباس يعني المشاهد في عام 2005 عندما ينظر إلى مثل هذه التصريحات التي تتحدث عن معارضة كانت موجودة فعلاً ضد صدام حسين في بداية السبعينات، ربما يدهش بسبب ما نسمعه من استمرار لصدام حسين وفي فترة النظام أو في النظام بالأحرى، بالمقابل ما طبيعة هذه المعارضة؟ ما شكل هذه المعارضة؟ ولماذا فشلت كل تلك السنوات في فرض صورتها أو قراراتها أو أمرها؟
المعارضة العراقية في الخارج لم تكن منظمة ذاك التنظيم الذي يستطيع أن يغيّر نظام الحكم في العراق لأن نظام الحكم في العراق كان نظاماً قوياً وكان نظاماً أمنياً
عباس الجنابي
عباس الجنابي: في الواقع المعارضة العراقية في الخارج لم تكن منظمة ذاك التنظيم الذي يستطيع أن يغيّر نظام الحكم في العراق لأن نظام الحكم في العراق كان نظاماً قوياً وكان نظاماً أمنياً واستطاع خلال.. منذ البداية أن يتخذ جملة من القرارات التي جعلت من عملية التآمر ضده عملية صعبة لأن القسوة التي استُخدمت من منطق العنف الثوري أو ما يُسمى في ذلك الوقت بالعنف الثوري..
ميسون عزام: نعم، ولكن..
عباس الجنابي: لكن..
ميسون عزام: عذراً سيدي عذراً ولكن دكتور إياد علاوي كان لا يتحدث فقط عن معارضة في الخارج ولكن أيضاً عن تململ في الداخل، أحاديث تتحدث عن معارضة من الداخل وخروجه كان من العراق بفكرة أنه سيترك الحزب بالنهاية بسبب اعتراضاته واعتراضات غيره كما ذكر.
عباس الجنابي: هذا صحيح، يعني دكتور إياد علاوي في الواقع تكوّن بعثياً وعمل داخل الحزب في العراق وهذا معروف وعندما خرج إلى بريطانيا أيضاً عمل في الحزب عمل في منظمة أوروبا وكان أحد القياديين في هذا المجال ولكن كما..
ميسون عزام: إذاً هل لديك تفصيلات حول شكل هذه المعارضة بالداخل لتمسّك صدام حسين بقيادة الحزب والسيطرة على الحكم من ثم؟
عباس الجنابي: يعني أنتِ أمامكِ التاريخ منذ عام 1968 وحتى 2003 كان هناك سلسلة من العمليات المضادة لقيادة حزب البعث بالعراق، على سبيل المثال لا الافتراض هناك 12 محاولة اغتيال لصدام حسين نُشرت في كتاب ألّفه أخوه برزان التكريتي، هناك ما حدث عام 1979، هناك أيضاً عدد.. سلسلة من الأشياء التي أُطلق عليها اسم المؤامرة في يعني في تاريخ العراق الحديث بعد.. من 1968 صاعداً، فالمسألة إذاً كانت واضحة، كان هناك معارضة في الداخل وكانت هناك محاولات من أحزاب إسلامية وأحزاب سياسية ومن البعثيين نفسهم لأن..
ميسون عزام: طيب، في ظل التأكيد حول ذلك يعني تجدر بنا الإشارة الآن إلى الأسباب وراء فشل هذه المحاولات في الإطاحة ربما أو تغيير النظام داخل العراق، وأوجه سؤالي الآن للسيد صلاح، ما دقة القول فعلاً بأن هناك معارضة في الداخل لسيطرة صدام على الحزب؟ وبالمقابل لماذا فشلت هذه المعارضة؟
صلاح عمر علي: يعني أنا حسب تجربتي ومعرفتي ومعلوماتي المتوفرة لتلك الحقبة من الزمن لا أعتقد بأن هناك معارضة حقيقية وجدية لا لقيادة الحزب ولا لشخص صدام حسين لأنه في الواقع يعني من بعد استلامنا السلطة عام 1968 وكما هو معروف بدأت سلسلة من التطورات لصالح الشعب العراقي، وتحققت مكاسب كثيرة جداً وتحديداً بعد تأميم ثروة البترول من شركات النفط الاحتكارية، وفي الواقع الحزب يعني معروف في الشارع العراقي بأنه كان حزباً قوياً ومتيناً ويتمتع برصيد كبير جداً في داخل صفوف الشعب العراقي كذلك يعني لو عدنا إلى وصف شخصية صدام حسين، صدام حسين كان شخصاً قوياً ومتيناً وطبعاً منذ الأيام الأولى لاستلام السلطة بدأ ببناء جهاز أمني قوي ومتين واعتمد عليه اعتماداً كبيراً جداً، لذلك الحقيقية القول بوجود معارضة في الداخل ضد.. سواء كان ضد شخص صدام حسين أو ضد القيادة آنذاك أعتقد فيها شيء من المبالغة، وأعتقد يعني لا يمكن أن نطلق عليها اسم معارضة، لأنه في الواقع هناك أعداد ربما أشخاص محدودين في داخل الحزب كانوا ربما فيما بينهم يتحدثون بسلبية تجاه تصرفات صدام حسين..
ميسون عزام: وماذا عن محاولات الاغتيال التي ذكرها ضيفنا؟
صلاح عمر علي: لأ، أنا أتحدث طبعاً في السنوات الأولى، في الواقع السنوات الأولى لم تجرِ أي محاولة لاغتيال صدام حسين، على العكس تماماً صدام حسين يعني الكثير من المواطنين العراقيين خاصة كبار السن يدركون أنه كان يعني في ذاك الوقت نجم صدام حسين يصعد ويعني في الأجواء السياسية العراقية..
ميسون عزام: إذاً هو مبالغ فيه نتحدث عن معارضة حقيقية في بداية السبعينات هذا ما تقوله.
صلاح عمر علي: نعم، أنا أقول أنه ليست هناك معارضة بالمعنى الصحيح لكلمة معارضة، إنما ربما كان هناك عبر أشخاص اللي يعربوا عن تذمرهم من.. تجاه..
ميسون عزام: تململ إذاً يمكن أن نقول.
صلاح عمر علي: صدام حسين في بعض المجالات.
ميسون عزام: طيب في حديثه المطوّل مع الزميل إيلي ناكوزي يتحدث الدكتور علاوي على أن بقاءه في حزب البعث في شعبة بريطانيا كان مشروطاً لنشاهد هذا المقطع سوية.
[الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: كان عندي موقف مكوّن من جزئين: الجزء الأول: هو أنه يعني أرجع بشرط أن تحصل انتخابات في تنظيمات بريطانيا. إذا حصلت انتخابات وانتُخبت بها، المسألة الثانية: هو إصراري على استمرار العلاقة مع القيادة القومية في لبنان وتخفيف العلاقة مع بغداد..
إيلي ناكوزي: نعم.
د.إياد علاوي: مع القيادة في بغداد باعتبار أن القيادة اللي إحنا نتطلع لها كانت في لبنان وليس في العراق، حصلت انتخابات ثانية].
ميسون عزام: دكتور حسني سؤالي موجّه إليك يعني في ظل ما نسمعه من صراعات وتوجهات نحو الديمقراطية وأيضاً حوار داخلي في حزب البعث ألا يُعتبر ربما صورة مختلفة عن الصورة العامة المنتشرة لحزب البعث؟
د.حسني عبيدي: صحيح، ربما عندما لا نكون مطلعين على واقع حزب البعث وخاصة تطبيقاته في العراق تكون الصورة مغايرة تماماً، لكن اسمحي لي فقط بملاحظتين أساسيتين بالنسبة للحالة العراقية وحالة حزب البعث باعتبار أن الحزب في الحقيقة الممارسة السياسية كانت باسم حزب البعث، لكن في الحقيقة كما ذكر الضيف أنه كان هناك قبل كل شيء جهاز أمني قوي جداً ثم كذلك استعمال حزب البعث كوعاء سياسي كواجهة سياسية، لكن لا.. أعتقد أن هذا الجزء فقط ليس لتبرئة حزب البعث ولكن لتبرئة الأيديولوجيات باعتبار أن إياد علاوي كما قال في حلقاته تأثر كثيراً وذكر يعني قراءاته لميشيل عفلق. النقطة الثانية: وهي مهمة وتنطبق ليس فقط على الحالة العراقية وإنما الحالات الكثيرة من الوطن العربي سواء كانت أحزاب شمولية وأحزاب غير شمولية هو أن المعارضة لحزب اللي يكون مسيطراً في سلطة ليست لأن.. ليس لأن النظام قوي نظام صدام حسين يعني زال في 48 ساعة.. أقل من 48 ساعة أكيد لأنه كانت هناك فيه قوات أميركية بريطانية، النظام كان قوياً لأن المعارضة كان ضعيفة، لأن المعارضة لم يكن لديها برنامج سياسي موحّد، لأن المعارضة أصلاً سقطت كذلك ضحية الخلافات الداخلية وهذا..
"أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام" كونفوشيوس (ع)
-
ميسون عزام: يعني في الحديث عن المعارضة يمكن أن نشارك السيد حميد في هذه النقطة، يقول الدكتور حسني بأن المعارضة كانت ضعيفة جداً وسقطت بالأحرى كما ذكر، ولكن بالمقابل يعني هذا سؤال افتراضي دكتور علاوي يقول بأن صدام حسين والمحيطين به هم السبب في الانحراف الكبير؟ وبالمقابل لو استطاعت المعارضة فعلاً في السابق أن تسيطر على الحكم هل كانت لتخطوا خطوات أخرى؟
الأستاذ حميد قاسم: يعني لا أعرف أنا في الحلقة السابقة أيضاً قلت هذا الكلام يعني وأجدني مضطراً إلى تكراره يعني لماذا تُربط سيرة العراق دائماً وحتى سيرة المعارضة بحزب البعث وحتى وهو في السلطة؟ أنا لا أعتقد يعني لأختلف يعني ليسمح لي الأستاذ صلاح عمر علي هو عضو سابق في مجلس قيادة الثورة وفي القيادة القطرية لحزب البعث..
ميسون عزام: نعم.
الأستاذ حميد قاسم: على أن هناك وجهات نظر وحياة داخلية من يسمع هذا الكلام يتصور أن هناك فعلاً حياة داخلية ديمقراطية داخل حزب البعث، حزب البعث منذ البداية واجه العراقيين بالعنف، العراقيون لا ينسون أحداث الإعدامات التي كانت في الشوارع بغض النظر عن مسبباتها ولكن عملية الإعدام العلنية في الشارع لما سُمي بزمرة التجسس المكتشفة في البصرة كانت أول ترويع أعتقد في الأيام الأولى من عام 1969 بعد مرور ستة أشهر أو أقل تقريباً أو خمسة أشهر على استلام السلطة في انقلاب تموز 1968، بعد هذا أو قبل هذا كان قبل تأسيس جهاز العلاقات العامة الذي أصبح فيما بعد المخابرات العامة كان هناك القسم النهائي الذي كان يشرف عليه أحد زمر التعذيب فيه صدام حسين والكثير من أعضاء القيادة بوقتها من ضمنهم ناظم قزار وآخرين، هناك أيضاً ما سُمى بمؤامرة عبد الغني الراوي التي نجمت عنها مجزرة كبيرة في قصر النهاية أيضاً الذي هو قريب من نهر الفرات، أما بالمعارضة العراقية إذا لم تكن هناك معارضة عراقية إذاً من أين كل هذه الجثث؟ من أين كل هذه المقابر الجماعية التي ملأت العراق؟ خارطة العراق كما قلت سابقاً تمتلئ من الشمال إلى الجنوب بقتلى، من هؤلاء؟ هل هم فعلاً يعني هاربون من الجيش أو لصوص؟ هل يمتلك العراق مثل هذا الجيش؟ مثل لصوص؟ مثلاً أو..
ميسون عزام: إذاً وهذا يمكن أن يكون رداً ربما على ما تحدثنا عنه من مبالغة من كون هناك معارضة أو لا، أنت تؤكد أن هناك كانت معارضة..
الأستاذ حميد قاسم: بالتأكيد.
ميسون عزام: وفاعلة، أريد أن أنتقل إلى مشهد آخر يتحدث الدكتور علاوي مراراً عن تأثره بالانفتاح الفكري في لبنان في تلك الفترة وحتى عن التأثير الكبير للبعثيين في لبنان على التوجهات الفكرية للبعث في العراق، لنستمع إلى هذا المقطع.
[الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: تأثرت بالأفكار في لبنان ومن اختلاطي أنا شخصياً مع البعثيين اللبنانيين أكثر مما تأثرت بالأفكار في بريطانيا..
إيلي ناكوزي: نعم، يعني لبنان صاحبة الفكرة.
د.إياد علاوي: لا لبنان بدأ تأثيرها أساساً من قبل من غاد لما كنا لسّه في العراق..
إيلي ناكوزي: نعم.
د.إياد علاوي: وأشرت في كلامي إلى مجلة الأحرار هي مجلة أسبوعية، وكانت تطرح المواضيع بشجاعة وبجرأة لإخوان بعثيين في لبنان يعني وقسم من عندنا في العراق من البعثيين تفاعل مع هذه الأفكار].
ميسون عزام: سيد صلاح برأيك ما حجم التأثير.. تأثير النظام في لبنان أو التنظيم عذراً في لبنان على التنظيم في العراق؟ وبالمقابل كيف انعكس ذلك على الحزب؟
صلاح عمر علي: والله الحقيقة الحديث عن هذا الموضوع يعني يأخذ مسارات كثيرة جداً، الواقع يعني عادةً هناك مؤتمرات قومية تُعقد للحزب بين فترة وأخرى، ومن خلال هذه المؤتمرات طبعاً يشتركون فيها ممثلين عن كافة تنظيمات الحزب في الأقطار العربية وفي هذه المؤتمرات يتبادلون الآراء والأفكار ويناقشون طبعاً مسيرة الحزب في كل الأقطار العربية ومن ثم يتخذون القرارات اللازمة، فالواقع الحديث عن تأثيرات فردية أو شخصية بين هذا على ذاك أنا أعتقد هذا ليس له كبير أهمية، المسألة الجوهرية: هو أنه عادة هناك تفاعل في الآراء في داخل هذه المؤتمرات بين ممثلي الأقطار العربية ومن خلال هذه الأفكار تُصاغ أفكار جديدة أو تتطوّر الأفكار القديمة وتُتخذ قرارات أخرى..
ميسون عزام: طيب نحن بصدد الحديث عن العراق تحديداً، التنظيم في العراق وتأثير التنظيم في لبنان عليه باختصار لو سمحت.
صلاح عمر علي: لأ هو الواقع مسألة يعني التنظيم في لبنان له ظروف مختلفة كلياً عن ظروف التنظيم في العراق، التنظيم في لبنان على سبيل المثال كان تنظيماً شبه علني أو علني، بينما التنظيم في العراق يعني لم يشهد ولا مرحلة من المراحل السابقة العمل العلني إطلاقاً، كل أعمال حزب البعث كل ممارساته كل نشاطه كان يجري في.. تحت الأرض وكان دائماً مطلوب من قبل السلطات من أيام المرحلة الملكية وإلى أن استلم السلطة في عام 1968، ما خلا طبعاً فترة 1963 أيضاً اللي هيّ أقل من سنة، فإذاً مسألة تأثير يعني الحزبيين في لبنان على الحزب وعمله في داخل العراق أنا الحقيقة ما أستطيع أن أجسّده ولا أستطيع أن ألمسه ولا أعرف حجم هذا التأثير على الحزب في العراق.
ميسون عزام: طيب، لنستمع إلى السيد عباس، سيد عباس ألا ترى أنه غريب بعض الشيء أن تُؤثر أو يؤثر الوضع الفكري والثقافي اللبناني على الدكتور إياد علاوي أكثر مما أثّر عليه ذلك في فترة وجوده في بريطانيا؟
عباس الجنابي: ليس هناك ما يثير الاستغراب في هذا الموضوع لأن الأفكار في لبنان انسجمت مع الخط البعثي الذي يفكر به الدكتور إياد علاوي لا تنسين الدكتور إياد علاوي في بدايات حياته كان من البعثيين الذين عملوا مع يعني الجانب.. تدرين انقسم الحزب إلى مكتب تنظيم بغداد وما يسمى باليمين وهو كان من يعني أصدقاء القيادات وكان من الفاعلين، ولا تنسين أيضاً الدكتور إياد علاوي ينتمي إلى عائلة من أعرق العوائل العراقية يعني وهي معروفة جداً، أريد أن أعلّق على كلام الأستاذ أبو عمر الأستاذ صلاح عمر العلي أنا لا.. لم آتِ بهذا الكلام من عندي يعني أدبيات الحزب.. حزب البعث العربي الاشتراكي تقول: أن هناك معارضة وتعترف بأن هذه المعارضة شكلت على مدى فترة طويلة خطراً على قيادة الحزب وعلى الثورة في العراق، وأيضاً الأستاذ يعني صلاح عمر العلي أكيد قرأ تفاصيل المؤامرات التي جاءت على أساس عمليات اغتيال ضد الرئيس صدام حسين..
ميسون عزام: سيد عباس يعني وصلت الرسالة وستكون لنا وقفات أيضاً حول هذا الموضوع بالذات موضوع المعارضة في سياق هذه الحلقة، ولكن الآن مشاهدينا نتوقف مع فاصل إعلاني قصير نعود بعده لنتابع معاً برنامج مشاهد وآراء حيث نناقش سلسلة: (إياد علاوي: سيرة رجل ووطن)، فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم مجدداً ما زلنا معكم وبرنامج مشاهد وآراء نناقش معاً سلسلة: (إياد علاوي: سيرة رجل ووطن)، في حديثه يكشف الدكتور علاوي تفاصيل وأسرار عن مرحلة السبعينات لنستمع إلى هذا المقطع.
[الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: المهم أنا أذكر بعض المحطات اللي أثرت على المسار وخلّت الوضع يبقى بيد هذه المجموعة اللي انحرفت عن المسار العام، المحطة الأولى هي ما حصل عام 1970 مما سُمي بأيلول الأسود..
إيلي ناكوزي: نعم.
د.إياد علاوي: والدور اللاقومي واللاأخلاقي اللي مارسته الأجهزة المخابراتية العراقية بالإيقاع ما بين الأردن والإخوة الفلسطينيين، والثانية هيّ حرب 1973، حرب 1973 أولاً زادتنا من جانب اهتزاز بحقيقة موقف العراق ونوايا العراق والتبريرات اللي سيقت من قبل هذه الزمرة في العراق وانسحابهم وعدم اشتراكهم إلا بدور بسيط في الحرب].
تركت قيادة الحزب عام 1970 بعد أن تركت دوري السياسي في العراق وأُجبرت على مغادرة العراق إلى مصر كلاجئ سياسي أو بالمنفى، ولم أكن قادراً على مواكبة التفاصيل التي جرت في داخل العراق
صلاح عمر علي
ميسون عزام: وأنتقل إلى السيد صلاح، سيد صلاح هل فعلاً لعب البعث في العراق دوراً سرياً في إثارة وتفجير الصراع بين الأردن والمقاومة الفلسطينية؟
صلاح عمر علي: والله طبعاً أنا بالنسبة إلي تركت قيادة الحزب عام 1970 وطبعاً بعد أن تركت دوري السياسي في العراق أُجبرت على مغادرة العراق إلى مصر كلاجئ سياسي أو بالمنفى، وبالواقع لم أكن قادراً على مواكبة التفاصيل التي جرت في داخل العراق وخصوصاً على مستوى القيادة والعلاقات بين القيادة والفلسطينيين أو الأردنيين.. كل ما أعرفه..
ميسون عزام: وليس لديك أي معلومات حول هذا الموضوع؟
صلاح عمر علي: أنا الحقيقة لا أملك معلومات دقيقة عن هذا الموضوع ولا يمكن أن أتحدث عن هذا الموضوع الحقيقة، هذا أمر بالنسبة إلي يعني شبه مبهم وغير مؤهل للحديث عن هذا الأمر.
ميسون عزام: طيب إذا ما انتقلت إلى الأستاذ حميد، أستاذ حميد إلى أي مدى ترى أن أحداث أيلول الأردن وبالمقابل حرب تشرين، حرب لبنان كانت قد لعبت دوراً حاسماً بالفعل في تمتين يد صدام حسين في السلطة.
حميد القاسم: بعيداً عن أيلول ربما هو استخدم هذه المسألة سياسياً أو إعلامياً لكن بعد أن تكشفت الأمور وما قيل يبقى في حدود المرويات يعني إذا كان الأستاذ صلاح عمر العلي على عمق صلاته والصلة التي لم تنفصل إلا سوى أشهر..
ميسون عزام: ليست لديه معلومات حول هذا الموضوع فأنت تشكك أيضاً بهذه النقطة..
حميد القاسم: ولكن هناك مرويات عن الدور الذي.. في خذلان المقاومة الفلسطينية بعد توريطها في عمليات العنف التي سادت حينذاك في عمان وفي بقية المدن الأردنية مثل الزرقاء وغيرها، أما استخدامه لورقة الحرب 1973..
ميسون عزام: نعم.
حميد القاسم: فبالتأكيد استفاد صدام حسين من هذا كثيراً في تمتين وضعه وتمتين وضع حزب البعث وسبق هذا أيضاً عملية تأميم النفط عام 1972، أيضاً استُخدمت وجُيّرت بشكل محكم لصالح ترسيخ قاعدة هذا الحزب الذي كان ربما عدد أفراده حين استلم السلطة في انقلاب تموز لا يزيد عن بضعة مئات ربما لا يتجاوز الـ 300 عضواً تقريباً، لكن فيما بعد وبوسائل أخرى طبعاً ومنها وسائل العنف وإزاحة الآخرين شأنه كشأن أي حزب عقائدي يعتقد أنه يمتلك الحقيقة المطلقة والآخرون هم على خطأ مطلق وينبغي إبادتهم أو إقصاؤهم أو إزاحتهم من طريقه ربما يكون الأمر بهذا بهذه الصيغة.
ميسون عزام: طيب دعنا نستمع أيضاً إلى مقطع آخر يربط فيه الدكتور علاوي بين وصول صدام إلى قمة السلطة وبين التطورات آنذاك في إيران.
[الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: كان هو حاسب الحسابات للتصدي لـ.. كان يمكن أكو تنبؤ بالتقدم والتغيير في إيران وانتصار الثورة الإسلامية في إيران، فبالتالي هوّ كان من العناصر المهمة في الإعداد للمواجهة لإيران لأن ما.. لو كان أحمد حسن بكر موجوداً ما كان يقدم على المغامرة العسكرية كان يحسبها يعني عسكرياً و..].
ميسون عزام: سيد صلاح أريد أن أعود إليك يعني ما رأيك هل تعتقد فعلاً أن صدام حسين استولى على السلطة في إطار الاستعداد لحرب مع إيران حتى قبل أن تنتصر الثورة الإسلامية وتسقط الشاه؟
صلاح عمر علي: يعني صدام بالواقع كما يعني وضحت الأحداث اللاحقة ما بعد استلام السلطة كان يخطط منذ الأيام الأولى ويهيّئ من أجل أن ينفرد في السلطة، وطبعاً لكن بشكل تدريجي وبطيء واستفاد في الواقع من علاقات القربى من الرئيس السابق أحمد حسن البكر واستظل به لفترة طويلة يعني قرابة عقد من الزمن إلى أن تمكّن من الهيمنة على الأجهزة الأمنية والحزبية بشكل تدريجي ومن ثمّ أصبح في أواخر السبعينات يعني الحاكم الرئيسي والمطلق للحزب والدولة، وطبعاً لما يعني الأحداث في إيران تطورت وحصلت الثورة الإسلامية في إيران أصبح صدام حسين مهيّأً لأن يلعب دوراً مهماً في المواجهة مع الأوضاع الجديدة في إيران، وطبيعة الحال معروف لدى الجميع بأنه يعني صدام حسين أجبر الرئيس البكر على الاستقالة لكي يأخذ دور القائد الرئيسي أو رئيس الجمهورية في العراق، وطبيعة الحال أعقب هذا التطور الإعداد والتخطيط للخوض في حرب استمرت حوالي 8 سنوات مع الجارة إيران.
ميسون عزام: طيب دكتور حسني يعني استمعت إلى تصريحات ومداخلة إياد علاوي يعني هل تعتقد فعلاً أنه هناك كان تخطيط بعيد الأمد من هذا النوع فيما يتعلق بإيران؟
د.حسني عبيدي: قطعاً بالنسبة لسياسة الولايات المتحدة الأميركية في تلك المرحلة وهناك شهادات يعني لمستشاري الأمن القومي في المنطقة أنه كان في مطلع السبعينات التعويل على العراق، التعويل على صدام حسين قبل أن يستولي على السلطة على أساس أن يكون يد مباشرة أو غير مباشرة للولايات المتحدة في المنطقة بعيد على إنه صدام حسين والعراق تمّ سواء كان دفعهما أو تسليحهما من الولايات المتحدة الأميركية وحتى بالوكالة في الولايات المتحدة الأميركية بدول أخرى، تعلمون أن فرنسا كذلك ساعدت، العديد من الدول العربية ساعدت، أعتقد أنه فعلاً العراق دفع ثمناً في تلك المرحلة أنه كان جزءاً من استراتيجية كبرى تريد.. أرادت أن تنفذها الولايات المتحدة الأميركية وهي ما تُسمى بسياسة الاحتواء المزدوج أي إضعاف كل.. إضعاف إيران بواسطة العراق وبعد ذلك إضعاف العراق وهو ما تحقق فعلاً بعد ذلك..
ميسون عزام: وربما يمكن أن نتطرق الآن إلى ما يُقال عن تأييد الغرب لصدام المباشر هنا أتحدث عن التأييد المباشر في حديثه المطوّل عن مراحل حياته يتحدث الدكتور علاوي عن بداية فترة معارضته العلنية للنظام ويورد بأنه كان هناك اعتقاد بأن الغرب يؤيّد صدام لنشاهد هذا المقطع.
[الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: ومو سرّ كان مساعدة مثلاً أميركا لصدام وبريطانيا ودول أخرى في حربها ضد إيران كانت يعني مكشوف.. في هديش المرحلة حقيقة يعني وبصراحة كنا نعتبر الغرب مصطفّ اصطفافاً كاملاً مع صدام، وكنا نعتبر أنه في حالة مفاتحتنا للغرب في أي موضوع من هالقبيل].
ميسون عزام: سيد صلاح أريد أن أعود إليك لأتحدث عن هذه العلاقة، علاقة الغرب مع صدام حسين، ما هي الأسباب التي كانت آنذاك وراء هذا الدعم الغربي لصدام حسين خاصة وأن البعض يرى أن أميركا كانت وراء وصول صدام حسين إلى السلطة.
صلاح عمر علي: هذا الواقع يعني هناك سؤالان: سؤال يتعلق بالأسباب الداعية لدعم الغرب لصدام حسين وأنا أعتقد في الإجابة على هذا السؤال حسب تصوري وتوفر بعض المعلومات أن ذلك حصل ما بعد الحرب مع إيران، لأن هناك توافقاً في المصالح بين الغرب وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية وقيادة صدام حسين في مواجهة إيران..
ميسون عزام: إذاً لم تكن قبل ذلك أنت تقول؟
صلاح عمر علي: و.. أما قبل ذلك فلا تتوفر لديّ أي معلومات عن أن الولايات المتحدة الأميركية ساهمت بوصول صدام حسين إلى السلطة بمعنى أن الولايات المتحدة دعمت قيادة حزب البعث للوصول إلى هذه السلطة، لم تتوفر لديّ أي معلومة عن مثل هذه المساعدة أو الدعم الذي تلقّاه حزب البعث أو صدام حسين في الوصول إلى السلطة.
ميسون عزام: طيب إذا ما استشرنا أو استمعنا إلى مداخلة السيد عباس فيما قيل حتى الآن حول دعم.. الدعم الغربي وتحديداً الولايات المتحدة لصدام ماذا تقول؟
عباس الجنابي: الحقيقة هذا يتناقض مع المنطق، ويتناقض مع كل التاريخ، لأن الفترة الأولية كان واضحاً أن سياسة الرئيس صدام حسين وسياسة حزب البعث العربي الاشتراكي لا تقبل الحياد في موضوع محاربة الغرب والتوجهات التي يعني يعرفها كل عراقي في ذلك الوقت مهما كان وضعها: هل كان معارضاً، كان مع الحزب، كان بعثياً منتمياً، أو غير منتمٍ أو إلى آخره، لكن في.. مع بدايات الحرب العراقية الإيرانية وأيضاً كان هناك نقلة في العلاقات، ولكنها لم تكن على أساس واضح ولا على أساس علني، وكلكم تتذكرون زيارة رامسفيلد للعراق التي كانت زيارة سرية، لكن عندما رأى الأميركان أن طبيعة الصراع في المنطقة ستكون لصالح إيران، بدأ هنا التدخل لأنه هنا دخلت مسألة أكبر من مسألة الحرب العراقية الإيرانية، مسألة توازن استراتيجيات، وبالتالي صار هناك تدخل ولكن تدخل ليس على صعيد ما يُشاع الآن من تقديم أسلحة وإلى آخره، لا حقيقة كان على أساس تدخل استخباري ربما أعطى إحداثيات في عمليات خاصة فيما يتعلق بعملية تحرير الفاو أما ما..
ميسون عزام: طبعاً هناك وثائق تتحدث أيضاً عن المد بالأسلحة سأضطر للتوقف هنا، مشاهدينا سنتوقف هنا مع فاصل إعلاني قصير ونعود إليكم فابقوا معنا.
"أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام" كونفوشيوس (ع)
-
ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم مجدداً ما زلتم تتابعون برنامج مشاهد وآراء وسلسلة: (إياد علاوي: سيرة رجل ووطن)، في حديثه يذكّر الدكتور علاوي بمجزرة حلبجة التي ارتكبها النظام العراقي بحق الأكراد عام 1985 لنشاهد هذا المقطع.
[الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: جريمة حلبجة بسبب الدعم الدولي لصدام صرّحت دول العالم ومنها الولايات المتحدة الأميركية أنّو هاي إيران..
إيلي ناكوزي: نعم.
د.إياد علاوي: وبالتالي جرت محاولات لطمس الجريمة بسبب الموقف العدائي لإيران من جهة، والداعم لصدام من جهة أخرى].
ميسون عزام: دكتور حسني يعني استمعت إلى هذه التصريحات، إلى أي مدى يمكن أن يُبرَّر هذا الموقف الغربي ضد إيران تعمي عن هذه الجريمة البشعة يعني ألا يؤثر ذلك وخاصة الولايات المتحدة على مصداقيتها وبالمقابل يعني أن يلقي ربما بظلال الشك والضبابية على هذه الدولة؟
حتى الآن الولايات المتحدة تعاني من نقص كبير في المصداقية في العراق سواءً بالنسبة للأكراد أو الشيعة لأنها في مراحل مهمة في تاريخ العراق الحديث خاصة في حلبجة خذلت سواء الأكراد أو كذلك الشيعة في انتفاضتهم في الجنوب
د.حسني عبيدي
د.حسني عبيدي: إلى حدّ اليوم يعني الولايات المتحدة الأميركية تعاني من نقص كبير في المصداقية في العراق سواءً بالنسبة للأكراد أو بالنسبة للشيعة لأنها فعلاً في مرحلة في مراحل مهمة جداً في تاريخ العراق الحديث خاصة في حلبجة خذلت سواء الأكراد أو كذلك الشيعة في انتفاضتهم في الجنوب، وبالتالي أعتقد أنه رغم كل الروايات يعني صعب الآن إعطاء رواية صحيحة لأن.. أنا في بغداد تحدثت مع بعض القيادات العراقية السابقة وتشكّك حتى في حادثة حلبجة وتقول أنها أُعطي الأمر بإخلاء حلبجة لكن الأكراد أرادوا توريط صدام حسين، لكن تبقى كلها روايات تريد تبرئة ممارسات النظام البائد، أعتقد أنه فعلاً أن حادثة حلبجة كانت كذلك دليلاً إضافياً بعد مرور سنوات عنها بعد التحقيقات التي أجرتها منظمات دولية باستعمال أسلحة ممنوعة دولياً بأن الولايات المتحدة الأميركية لأن صدام كان في تلك الفترة يخدم مصالحها أغفلت الطرف عن الحديث حول هذه الكارثة.
ميسون عزام: طيب كنت تريد أيضاً التعليق على قضية العلاقة والدعم الغربي وتحديداً الولايات المتحدة.
د.حسني عبيدي: بالضبط أعتقد أن الموضوع الآن هو العراق والحالة المأساوية التي يعيشها العراق والشعب العراقي، أعتقد أن من بين الأسباب الأساسية للوضع الحالي هو أن تسليح صدام حسين تسليح العراق دفع عراق صدام حسين إلى الحرب ضد إيران كان من بين الأسباب اللي وصلها العراق إلى هذه.. السبب في ذلك هو أن في تلك الفترة قُوي يعني النظام العسكري، الجهاز الأمني، قبضة صدام حسين قُويت، أصبح لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وبالتالي خفض كل الأصوات.. كل الأصوات التي كانت تنادي بأخذ قرار ديمقراطي أنه لا يمكن أخذ قرار الحرب فقط بشخص واحد، وتعلمون الحادثة أن صدام حسين وقف أمام العالم ومزّق اتفاقية الجزائر بين.. الموقّعة بين إيران والجزائر، فأعتقد أنه أولاً الغرب لديه مسؤولية أخلاقية تجاه ما يعاني منه الشعب العراقي هو أنه كان سباقاً في الدفاع وفي الزجّ بصدام حسين في هذه الحرب، ثم النقطة الثانية: أن هذا مثال ودليل وبكل الأنظمة في العالم خاصة الأنظمة العربية أن قرار السلم وقرار الحرب هو خطير جداً حتى لا يمكن أن نضعه فقط في يد شخص واحد.
ميسون عزام: طيب سننتقل إلى الحرب الآن والحرب الكويتية يتحدث الدكتور علاوي عن مرحلة احتلال الكويت لنشاهد معاً هذا المقطع.
[الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: لا أتصوّر أن هذا كان فخاً إلى صدام لـ.. وإنما أعتقد كان خطأ استراتيجي ارتكبه صدام، وارتكبه بعض المتخلفين اللي كانوا مستشارين له مثل حسين كامل وعلي مجيد يعني وكم واحد من..].
ميسون عزام: سيد صلاح أريد أن أسألك حول قضية احتلال الكويت خاصة وأنه موضوع نقاش لا زال قائماً حتى هذه اللحظة، يعني هل تعتبر فعلاً أن الولايات المتحدة نصبت فخاً لصدام في احتلاله للكويت؟
صلاح عمر علي: مرة أخرى أقول أنه بعد أن انتهت الحرب مع إيران وعاد الجيش العراقي إلى داخل الأراضي العراقية طبعاً يعني كانت نتائج الحرب شنو هيّ أولاً: العراق بعد أن كان يتمتع بموقف مالي ممتاز جداً وكان يملك في الأرصدة الأجنبية حوالي 45 مليار فائض عن الحاجة، رجع العراق.. رجع الجيش العراقي إلى داخل العراق وكان العراق مطلوب قرابة 160 مليار دولار، الجيش العراقي طبعاً كانت تشكيلاته قليلة بينما أصبحت بفعل الحرب وحاجة العراق لمواجهة الجيش الإيراني الضخم والكبير واللي يملك أسلحة حديثة تضخّم هذا الجيش فأصبح عبئاً كبيراً جداً على الميزانية العراقية، فطبعاً كل هذه العوامل جعلت القيادة العراقية برئاسة صدام حسين تبحث عن وسائل للخروج من هذه الأزمة وهذه الدوامة وهذا العبء المالي الكبير جداً، فأنا طبعاً لا أستطيع أن يعني أشخّص من هي الجهة؟ هل هي يعني مجموعة مستشارين يلتفون حول صدام حسين؟ أم جهة عربية؟ أم أجنبية نبّهت صدام حسين إلى أن احتلال الكويت ربما يشكّل الحل المثالي للخروج من أزمة ودوامة الوضع الاقتصادي المتردّي في العراق بعد انتهاء الحرب؟
ميسون عزام: طيب دعنا نستمع إلى رأي السيد عباس في هذا الموضوع، الأشخاص أو مؤيّدو سيناريو التآمر الأميركي يستشهدون بالمقابل إلى اللقاء ما بين صدام حسين والسفيرة الأميركية إبريل جلاسبي، لقد عايشت أنت تلك الفترة يعني برأيك ما الذي حدث؟
عباس الجنابي: قبل ما أجاوبك على هذا السؤال يعني عندي تعليق صغير على كلام الدكتور حسني يعني سوّا قضية السلاح العراقي كأنما كله سلاح غربي، ولكن لا توجد هناك قطعة سلاح غربي حتى عام 2003 في العراق هاي معروفة إذاً كان السلاح لا يأتي من الغرب كان يأتي من الشرق والعقيدة أصلاً العراقية هي عقيدة عسكرية شرقية لا تنتمي بأي شكل من الأشكال إلى العقيدة الغربية، بالنسبة للقاء هذا طبعاً من المعيب أن نتصوّر أن رئيس دولة يقابل سفيرة الولايات المتحدة أكبر دولة بالعالم، ولا يكون هناك مترجم يعرف تماماً ماذا تقول؟ وماذا تترجم؟ وإلى آخره، كان اللقاء ربما لأنه فيما بعد فُسر بطريقة معينة في الصحف ولدى المحللين فاعتبر هذا اللقاء..
ميسون عزام: طبعاً فُسرت التصريحات للسفيرة عندما قالت أنها.. أن الولايات المتحدة لن تتدخل بأي شأن عربي - عربي.
عباس الجنابي: أي نعم يعني أنا.. طبعاً أنا أشكك في تصريحات الأميركان بالمناسبة لأنهم لا يصدقون على الإطلاق.
ميسون عزام: طبعاً المعلومات تقول بأن طارق عزيز هو الذي سرّب فحوى اللقاء فيما بينهم..
عباس الجنابي: لأ هذه المعلومات ليست دقيقة على الإطلاق لأن طارق عزيز عضو في القيادة القومية والقطرية ونائب رئيس الوزراء وعضو مجلس قيادة الثورة فلا يمكن أن يتصرف بهذه الطريقة ولو كان قد تصرف بهذه الطريقة لم يكن ليبقى في الحكم على الإطلاق، المسألة يعني أنا من وجهة نظري قلت لك قبل قليل كان هناك صراع استراتيجيات، صراع توازن قوى من يقود المنطقة؟ من هو المؤهل لمعادلة يعني إسرائيل في المنطقة؟ كان هذا هو المنطق، وبالتالي فإن من حق العراق في تصورات القيادة العراقية في ذلك الوقت أن تلعب الدور الذي يؤهلها لكي تكون هذا المعادل الموضوعي خاصة وأن العراق خرج من حرب إيران قوياً من الناحية العسكرية، جيش قوي، جيش هائل لا تنسين أيضاً المشاريع الكثيرة: المشاريع العسكرية والتصنيع العسكري..
ميسون عزام: طيب.
صلاح عمر علي: والصواريخ البعيدة المدى وغير ذلك.
ميسون عزام: طيب لنستمع الآن إلى رأي، تريد أن.. ولكن باختصار لو سمحت.
د.حسني عبيدي: أنا لا أحب قضية نظرية المناظرة وأعتقد أن لدينا مسؤولية العراق مسؤول في هذه الحرب، لكن كل هناك إحصائيات مكتوبة وموثقة، الجيش العراقي استفاد من سلاح غربي، وفقط أذكّر الدكتور في لندن إنه من بين الأسلحة التي استفاد منها الجيش العراقي في وقت صدام حسين من فرنسا هي مثلاً طائرات وصواريخ سيباريتن ليتوندار الفرنسية.
ميسون عزام: الرسالة وصلت لضيق الوقت سأضطر للتوقف هنا، مشاهدينا فاصل قصير نعود بعده لنتابع معاً برنامج مشاهد وآراء كونوا معكم.. كونوا معنا عذراً ولكن بالمقابل دعوني أشكر السيد صلاح الذي كان معنا، صلاح عمر علي السياسي العراقي شكراً جزيلاً لك، مشاهدينا ابقوا معنا ومع تتمة لهذه الحلقة.
[فاصل إعلاني]
ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم مجدداً ما زلتم تتابعون برنامج مشاهد وآراء في هذه الحلقة نناقش سلسلة "إياد علاوي سيرة رجل ووطن". احتلال الكويت كانت نقطة تحوّل بالنسبة إلى النظام العراقي لنشاهد معاً هذا المقطع:
[مقطع من الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: قبل غزو الكويت بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية, قراءتي الشخصية كانت أنّو بدأ العد التنازلي لصدام, هاي الأمور أنا بالنسبة لي
إيلي ناكوزي: أنبأتك.
د.إياد علاوي: أنبأتني أنو هذا وضعه بدأ العالم ينتبه إلى أنه هذا الرجل خطر, وهذا الرجل فعلاً عنده نوايا..].
ميسون عزام: دكتور حسني يعني استمعت إلى ما قاله علاوي هناك تحوّل في الموقف العالمي تجاه الحكم في العراق بعد احتلال الكويت, ولكن بالمقابل بقي صدام بالحكم أكثر من 13 سنة يعني كيف يمكن أن يُبرر ذلك؟ ما رأيك في ذلك؟ وبالمقابل خاصةً أن هناك دول غربية ربما دافعت عن صدام وحاولت أن يبقى بالسلطة؟
د. حسن العبيدي: ربما أخالف الرأي الدكتور إياد علاوي باعتبار أنه بدأ العد العكسي لصدام حسين, لكن لولا تعدد أخطاء صدام حسين لأعتقد أنه بقي صدام حسين في السلطة إلى حدّ اليوم, لكن المشكلة أن غزو الكويت صحيح حدثت شرخاً في النظام ليس فقط في النظام العراقي, باعتبار أنه فصلته تقريباً على.. من المحيط العربي وخاصة من دول الخليج, لكن أحدثت كذلك شرخاً في النظام الإقليمي والنظام الدولي, بدأ صحيح اللي يبدو للعالم وللولايات المتحدة الأميركية إنّو العراق يمكن أن يكون خطراً على دول المنطقة, أنه يمكن أن يبتلع ربما دول خليجية أخرى, وأثبت العراق أنه يستطيع في ساعات قليلة أن يجتاح دولة وهي الكويت, لكن في نفس الوقت ظهر للولايات المتحدة الأميركية أن الإبقاء على صدام سنوات إضافية ربما سيخدمها أكثر مما يضرها, كيف؟ أن صدام حسين في المنطقة وإن كان ضعيفاً سيشكل عامل تخويف لمنطقة الخليج..
د.إياد علاوي: للدول المحيطة.
د. حسن العبيدي: لدول الخليج.. وكانت أول نقطة فرضت فيها الولايات المتحدة الأميركية, وأصبحت منطقة الخليج العربي منطقة.. نقطة ارتكاز منطقة استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية, القواعد العسكرية في المملكة العربية السعودية التي كانت تحلم بها..
د.إياد علاوي: هل هذا يعني بالمقابل أنه بعد ذلك أصبح يمثل تهديداً لدول الجوار والدول الغربية؟
د. حسن العبيدي: بعد ذلك.. بعد سنوات, لكن نقطة التحوّل أنه لأول مرة الولايات المتحدة الأميركية منذ الملك عبد العزيز منذ الـ 45 وهي تحلم أن تكون لها موقع قدم في المملكة العربية السعودية ولم تستطع, لكن بفضل أخطاء صدام حسين وغزوه للكويت, المنطقة أصبحت فعلاً تخاف من صدام حسين وانفتحت على الوجود العسكري, أصبحت يعني بين كماشتين صدام حسين الولايات المتحدة, وفضّلت بالتالي الولايات المتحدة على صدام حسين, ولكن فعلاً الأخطاء يعني ضعف ربما الدعم العربي كذلك انقسام في الصف العربي لأنه كما تعلمون هناك دول ساندت صدام حسين ودول ثارت ضده, كانت بداية لضعف صدام حسين, لكن مرة أخرى لولا الأخطاء المتعددة لصدام حسين وخاصة عدم.. ربما في قضية العقوبات الاقتصادية لبقي صدام حسين باعتراف روبن كوك.
د.إياد علاوي: وصلت الرسالة يتحدث إياد علاوي عن بدايات العلاقة مع الأميركيين لنشاهد هذا المقطع.
[مقطع من الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: عام 1993 في بدايته يمكن جانوري التقينا مع الولايات المتحدة الأميركية, قبلها ما كان فيه أي لقاء, ليش حصل اللقاء؟ حصل اللقاء لسببين, السبب الأول: بعد أن تأكدنا أنّو مجموعة الدول العربية والإسلامية هي إما غير قادرة, وإما غير راغبة بدعم الوضع السياسي العراقي قوى المجتمع العراقي وتغيير نظام الحكم].
ميسون عزام: يعني ربما هناك أكثر من نقطة, نقطة الدور أو المشروع العربي الإسلامي, وبالمقابل هناك نقطة التقاء المعارضة مع الأميركيين يبدو أن هناك تأخير في ذلك, تأخرت المعارضة كما يقول الدكتور إياد علاوي في الالتقاء مع الأميركيين, ما الأسباب وراء ذلك برأيك؟
حميد القاسم: أنا أعتقد أن المعارضة لم تتأخر كثيراً, يعني هذا اللقاء ابتدأ في بداية التسعينات في أعقاب غزو الكويت, وفي تقديري الشخصي أن هذه المعارضة لم تكن معارضة محسوسة في الشارع العراقي, هي معارضة أفراد تجمّعوا فيما بينهم وألفوا هيئات أو قوى سياسية, بصراحة حتى المتابعين الدقيقين والشديدين من العراقيين الذين يتابعون الشأن العراقي اليومي, لم يكونوا يعرفون كثيراً وللآن الشارع العراقي هناك كثير من الناس وبعد مرور سنتين من سقوط صدام حسين, هناك ناس كثيرون لا يعرفون كثيراً من هذه الأحزاب ومن هذه الوجوه, هناك أحزاب تناسلت بطريقة أميبية مخيفة يعني, ما لا يقل عن 120 – 150, نحن نتحدث عن الأحزاب التي كانت قائمة في الخارج, أو التي اجتمعت في مؤتمر لندن وقبلها في مؤتمر بيروت, مؤتمر بيروت كان هو البداية بداية التسعينات هؤلاء اختصروا الطريق لأنهم يدركون تماماً أن الطريق لا يمر إلا عبر أميركا, صدام حسين أنا أختلف مع الدكتور حسني عملية حصار العراق قوّت صدام حسين كثيراً, وأضعفت القوى الفاعلة في الشعب العراقي, أصبح العراقي حتى المعارض حتى المختلف مع صدام حسين وهم الأغلبية الساحقة مشغولاً بهمّ يومه, بقوته, بأن بموازاة يعني بالتزامن مع قوى القمع والأجهزة البوليسية المرعبة والمفزعة, لم يكن أمام العراقي هذا الفقر والاضطهاد وهدر الكرامات لم يكن بإمكان العراقي أن يتصوّر أنه بإمكانه أن يقاوم سلطة بهذا الجبروت, خصوصاً بعد أن أفرغ صدام حسين الواقع العراقي من.. أحدث فراغاً سياسياً كبيراً بعد أن شرّد وقمع وقتل وسجن, ويعني للأسف ألقي لوم كبير على قوى أساسية في المعارضة العراقية أنها عند أول مواجهة حاسمة لم تقف الموقف المهم الأساسي, يعني عندما تكون هناك من يطرح نفسه كقائد وطليعي ومناضل ينبغي أن يكون ذلك في الموقف الصعب, لكن هذه الأحزاب خرجت خارج العراق وتركت المواطن العراقي وحده بدون يعني ليس هناك مسألة سلاح, أنا لا أتحدث عن قوى عسكرية, ولكن إحساس المواطن بانتمائه إلى تنظيم إلى مجموعة قوية إلى حزب.. إنه دافع..
د.إياد علاوي@: طيب لنستمع إلى الدكتور حسني ربما يمكن أن يردّ على تعليقاتك, وبالمقابل يعني هل تعتقد أن ما قاله الدكتور علاوي عن غياب المشروع العربي تجاه التغيير في العراق كافٍ لإقامة علاقة وثيقة مع الأميركيين؟ وباختصار لو سمحت.
د. حسن العبيدي: لأ يعني لا أختلف كثيراً مع زميلي يعني قضية الأنظمة الشمولية رأينا ذلك في يوغسلافيا, رأينا كذلك في النظام الليبي في نظام معمر القذافي إنّو قوي بقضية العقوبات الاقتصادية, أنا أتحدث على عقوبات غزو الكويت أثّرت كثيراً على نظام صدام حسين حيث أنها فصلته عن المحيط العربي, ثم كذلك أثرت صحيح على الفرد, كذلك على الحياة المعيشية للمواطن.
ميسون عزام: دكتور حسني لنلتزم بالسؤال ليس لدينا وقت كثير, النقطة تتعلق بالمشروع العربي, هل كان يمكن أن يكون هناك مشروعاً عربياً ليغيّر؟
د. حسن العبيدي: لأ ليس لا أعتقد أن هناك أي دولة عربية ممكن أن تقدم نفسها بديلة أو يمكن أن تكون كمقدمة للدرس للنظام العراقي, بحيث أن كل تقريباً الدول العربية المحيطة كانت في نفس المستوى, سواء بمستوى الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان, ثم النقطة الأخرى إنّو الدول التي كان يمكن أن تؤثر فعلاً في النظام العراقي كانت دول كما تعلمون محسوبة على الولايات المتحدة الأميركية, وبالتالي فأعتقد إنّو الحديث عن مشروع عربي أو حتى محاولات عربية, تعلمون أن حتى في غزو الكويت كانت هناك محاولات عربية لثني صدام حسين, أو حتى محاولات لتقريب وجهات النظر, ولغزو ربما بدون أن يكون هناك الانسحاب دون أن يكون هناك أخطاء كبيرة, لكن الولايات المتحدة تدخّلت في آخر لحظة لتمنع أي محاولة عربية لفضّ النزاع في العراق.
ميسون عزام: طيب إذن بالمقابل هذا يعني أن التوجّه لأميركا من قِبل المعارضة مبرر؟
د. حسن العبيدي: هذه نقطة ثانية, وهي أن المقاومة.. المعارضة من الداخل فشلت, ونجت بنفسها للهروب للخارج, أعتقد إنّو في مرحلة من حالات التغيير من الداخل يصبح صعباً للغاية إن لم يكن مستحيلاً, وبالتالي تمت الاستعانة بالغرب للتغيير في العراق, المشكلة ليست في قضية الاستعانة أو لا بدولة أجنبية, بالولايات المتحدة الأميركية, ولكن في قضية ما هو المشروع الذي يأتي بعد الاستعانة؟ المشكلة في العراق أنه تمت الاستعانة بطرف أجنبي بالخارج لتغيير النظام لأن النظام كان بقوة لا يمكن تغييره من الداخل, لكن المشكلة هو أن هذا الغرب أو هذا الأجنبي بأخطائه المتعددة نزع شرعية التدخّل, بالعكس نزع حتى أحياناً نوعاً من الشرعية لهذه المعارضة, وأصبحت بالنسبة لقطاع كبير من الشعب العراقي أنها في يد الأميركان أنها دمية في يد الأميركان, والمشكلة هي في قضية المشروع الذي أتى به هذا التغيير.
ميسون عزام: طيب لنرى تصوّر الدكتور علاوي فيما يتعلق بالعلاقة مع أميركا لنشاهد معاً هذا المقطع.
[مقطع من الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: العلاقة مع أميركا علاقة جداً مهمة لأسباب كثيرة منها: إنّو إذا نريد هذا البلد يتقدم والمنطقة تستقر فعلينا أن نقيم علاقات حوارية, مبنية على الصراحة والصدق مع الولايات المتحدة الأميركية, حقيقةً يعني العلاقات مع أميركا ومع غيرها يجب أن تقوم أولاً على الوضوح, وأن تقوم على المصالح المشتركة, وأن تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية).
ميسون عزام: أستاذ عباس يعني إلى أي مدى ترى هذا الموقف منسجماً مع المسلك السياسي للدكتور إياد علاوي قبل رئاسته للحكومة وحالياً؟
عباس الجنابي: الحقيقة هذا الموقف ينسجم تماماً مع توجهاته وأفكاره, لأن هو منذ البداية وأنا عرفته عام.. بشكل مباشر عام 1998 كان يؤمن بأن التغيير في العراق غير ممكن بدون مساعدة قوى خارجية, يعني هو راهن كثيراً على مسألة التغيير من الداخل, وكان يتحدث في مؤتمرات ولقاءات في يعني عندما كان في لندن يقود الوفاق الوطني, بالمناسبة ترى الوفاق الوطني هو تجمّع بعثي, لأن كل قياداته من البعثيين السابقين, وكل مكتبه السياسي من البعثيين السابقين, عدا اللجنة المركزية, وكانت تضم أيضاً ناس من خارج حزب البعث, فأعود إلى الموضوع وأقول أنه كان الدكتور إياد علاوي يتحدث بشكل مستمر عن هذا الموضوع وكان يرغب في أن يكون التغيير من الداخل, لكن في الواقع الولايات المتحدة لم تكن تشاور أحداً ربما كانت تشاور للحصول على معلومات أو لقراءة الأفكار أو لأمور أخرى, لكن فيما يتعلق بموضوع التغيير فكان القرار كما أشار الدكتور إياد علاوي في حديثه كان القرار قراراً أميركياً, لم تناقش الولايات المتحدة أياً من الأطراف مهما كانت علاقته قوية بها.
ميسون عزام: طيب سيد عباس يعني بالمقابل علاوي تحدث أيضاً عن تغيّرات في المواقف العربية أو الغربية بعد حرب الكويت, بالمقابل السؤال هو: لماذا الاهتمام الأردني آنذاك لحركة علاوي؟
عباس الجنابي: الحقيقة الاهتمام الأردني بحركة الدكتور إياد علاوي لدى عام 1996 وليس قبل ذلك, وفي ذلك العام تأسس مكتب الوفاق هناك, السبب الرئيسي باعتقادي الخلافات التي بدأت عام 1996 بين العراق والأردن, وبالتحديد بعد هروب حسين كامل إلى الأردن, وبالتالي فشل الوفد الذي تألف من علي حسن المجيد وعدي صدام حسين, لإقناع العاهل الأردني بعودة يعني العائلة وليس حسين كامل إلى العراق, من هناك بدأت خلافات وبالتالي تعرفين إنّو ليس هناك ما هو مستقر في العلاقات العربية, والأردن وجد أنه من حقه أن يستضيف حركة الوفاق الوطني هناك, والحقيقة كانت يعني حركة بشكل عام هي حركة إعلامية وتأسست إذاعة وجريدة, وكانت يعني محتضنة من قبل الجانب الأردني.
ميسون عزام: طيب يرى الدكتور علاوي أيضاً أن النفط لم يكن عاملاً من العوامل وراء شن الحرب على العراق من جانب الولايات المتحدة لنستمع معاً إلى رأيه في هذا المجال.
[مقطع من الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: القرار هذا اتخذ لمجموعة أسباب, طبعاً بالتأكيد مسألة النفط ما تقع بضمنها لأنه هو النفط العراقي أساساً وين يروح؟ هو النفط العراقي في عهد صدام كان يباع تقريباً بغالبيته إلى الولايات المتحدة الأميركية, وإلى بلدان أوروبا والبلدان الصناعية, العوامل الرئيسية التي لعبت دوراً مهماً في مسألة الحرب هو أولاً غياب المشروع العربي, وتراجع المشروع العراقي, وغياب المشروع الإسلامي هذا العامل الأول, لم يكن هناك أي مشروع لتغيير نظام الحكم, العامل الثاني الآن تقدم في اتجاه معالجة الأزمة بعد أن فشل العامل الإقليمي في حلها, كان يخشى من قضيتين, القضية الأولى: هو إنّو صدام إذا عاد واستعاد قوته وعاد إلى المسرح الإقليمي والدولي فبالتأكيد سيرتكب حماقات, كما ارتكبها في غزوه.. في محاولته لغزو الكويت وحربه ضد إيران.
إيلي ناكوزي: فيجب أن يبقى ضعيفاً؟ أو أن ينسحب, نعم.
د.إياد علاوي: فيجب.. أو ينتهي, الشي الثاني طبعاً هو استمرار صدام بتحدّي قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة وعدم تنفيذها والمماطلة, والتسويف والتهديد].
ميسون عزام: سيد حميد كيف تنظر إلى هذا التقييم للأسباب وراء الحرب؟
حميد القاسم: في تقديري يعني وهو رأي الشخصي أن هذا الكلام صحيح إلى حدّ ما, ليس تماماً ولكن إلى حدّ ما, فصدام حسين كما نذكر في يوم 12 آب, 12أغسطس يعني بعد عشرة أيام من غزو الكويت أعلن مبادرةً أعلن فيها استعداده لمنح أميركا كل شيء بما فيها النفط يعني وبأسعار تفضيلية, وعرض مساومة علنية في بيان معروف يعني من يعود إلى الوثائق وهو كان يعني بصوته خطاب صوتي في وقتها, هذه يعني نمط ساد يعني منهج عند صدام حسين في هذه المساومات, دائماً يستخدمه في أي موقف صعب أو مأزق يدخله طبعاً, المشكلة الأخرى لم يكن هناك فعلاً نية لتغيير صدام حسين, إلى أن جاء جورج دبليو بوش لنرى نستعرض المرحلة بإيجاز من الـ 91 إلى 2003, 9 أبريل كان هناك محاولة لإضعاف صدام حسين وإبقائه في الحكم ضعيفاً, ضعيف في المحيط يعني الإقليمي لكنه في الداخل هو قوي, ويعني مستأسد على الشعب العراقي وعلى أي محاولة للجهر بالمعارضة, مسألة أخرى أيضاً إبقاء صدام حسين ليس فقط لإرهاب دول المنطقة والتلويح به كورقة ضغط وتخويف, وإنما أيضاً ليبقى سداً أمام ما تعتبره أميركا مدّاً شيعياً من الممكن أن ينشأ إذا ما اتفقت جماعات شيعية أو استلمت السلطة في حال سقوط صدام حسين, خاصة وهذا نعرفه في انتفاضة آذار مارس 91.
ميسون عزام: ولكن هذه المخاوف لا زالت مثارة حتى الآن, يعني الملك عبد الله أشار إلى أن هناك تخوّف من هلال شيعي.
حميد القاسم: نعم ما زال ولكن الأمر الآن أصبح تحت السيطرة, وتحت الإدارة الأميركية بشكل مباشر يعني القوات الأميركية موجودة, والحاكم الفعلي الآن يعني إن الدكتور علاوي اعترف أن مجلس الحكم مثلاً لم تكن له أي صلاحيات, وكشف لنا لأول مرة اعتراف من مثل هذا النوع أنه كان مجلساً بلا صلاحيات, وأنه كان شكلاً اسمياً فقط, إذن أميركا تدير اللعبة بأيديها, ما حدث أن هناك إدارة أخرى, توجهاً آخر لست على يعني في مجال استعادة صقور الحرب, والاتجاه ما يسمى باليمين.. المسيحي اليميني أو المتصهين في الإدارة الأميركية وغيرها مما يتحدث به المحللون السياسيون, ولكن الأمر اتضح وحسم تماماً مع وصول جورج دبليو بوش إلى الحكم, وكان القرار فعلاً بعد أن وصل, لا ننسى أن صدام حسين مارس يعني شيئاً من.. أنا أسمّيه دائماً أقول عنه أنه خرج على النص, يعني أنا لا أريد أن أستعرض حرب إيران, لماذا.. هناك اتفاق واضح..
ميسون عزام: ولكن خرج عن النص فيما يتعلق بالغرب ليس فقط بدول الجوار.
حميد القاسم: خرج على النص بدخول الكويت, كان الخروج الأول على النص في السيناريو المذكور.
ميسون عزام: طيب دعني أستمع إلى وجهة نظر الدكتور حسني فيما يتعلق بدور النفط في هذه الحرب, يعني سيد حميد يقول بأنه لم يكن هناك سبب أو النفط لم يكن سبباً رئيسياً أو أساسياً وراء شن الحرب, صدام حسين قدم كل ما لديه للغرب, هل كانت مساومة أم حقيقة برأيك؟
د. حسن العبيدي: الولايات المتحدة الأميركية لم تشن الحرب لإزاحة صدام حسين من أجل عيون العراقيين, أو فقط حباً بالديمقراطية, أو نشراً للديمقراطية, لديها أسباب استراتيجية وأسباب اقتصادية, أنا أوافق الدكتور إياد علاوي بذلك على إنّو النفط لم يكن السبب الأساسي, لكن كان سبباً من أسباب اندلاع الحرب, يعني الولايات المتحدة الأميركية كانت لا ترغب أن يكون هذا البحر العائم من النفط في أيدي صدام حسين, لأن من لديه هذه السلطة الهائلة يمكن أن يستعملها أي استعمال, وأفتح جسراً مع ما تقدم مع ما سبقني وهو إنّو قضية إيران, قضية الكويت لكن قضية أخرى نسيناها وهي قضية أسلحة الدمار الشامل وقضية العلاقة مع الإرهاب, الولايات المتحدة الأميركية خاصةً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي أحدثت هي فعلاً الشرخ الهائل, هناك غزو الكويت ثم هناك أحداث الحادي عشر من سبتمبر, التي أقنعت صانع القرار في الولايات المتحدة الأميركية بأن العراق يجب أن يكون الهدف الثاني بعد أفغانستان, لأنها دولة يمكن أن تهدد السلم العالمي, لأن لديها القوة في استخدام أسلحة دمار شامل, ويمكن كذلك أن تكون سنداً للإرهابيين, لكن صحيح النفط لم يكن هو الدافع الوحيد وراء الحرب.
د.إياد علاوي: دكتور حسني سأتوقف هنا قليلاً مع فاصل إعلاني قصير, مشاهدينا فاصل قصير ونعود إليكم فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
"أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام" كونفوشيوس (ع)
-
ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم مجدداً الدكتور علاوي تحدث عن رأيه في سلوك وزير الإعلام العراقي في فترة الحرب "الصحاف", لنستمع إلى جانب مما قاله في هذا الشأن.
[مقطع من الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: كوزير إعلام يعني إذا أتجرّد من العواطف, يعني أنا أعرفه شخصياً طبعاً, أعتقد قام بدوره كوزير إعلام, ولكن إذا يعني نظرنا إلى الأمر بموضوعية أكثر يعني هو تسبب في مزيد من قتل الناس, لو كان أعطى الحقائق كما هي يمكن كانوا كثيرين ما يستمرون بالعمل العسكري].
ميسون عزام: دكتور حسني يعني استمعت إلى تقييم الدكتور علاوي لدور الصحّاف وقت الحرب, دوره كان متميزاً لا سيما على الصعيد الإعلامي, كيف تنظر إلى تقييم الدكتور علاوي لدوره؟
حميد القاسم: يعني الدكتور كان إيجابياً مع سعيد الصحّاف, أنا أعتقد إنّو وزير الإعلام السابق سعيد الصحاف يعني كان دولة داخل دولة لوحده، يعني كان يعطي تصريحات حول الحالة العراقية, حول الوضع العراقي, حول الوضع العسكري في العراق, وهو كان منفصلاً تماماً ليس لديه أي صلة لا بأم قصر ولا بالبصرة ولا غير ذلك, فأعتقد هذا نموذج على أي نظام شمولي عندما يكون تصوير المجتمع تصوير الحالة العراقية, رغم أن البلد كان في حرب رغم ذلك أعطى صورة مغايرة تماماً, وبالتالي أعتقد أن الكذب في زمن السلم مشكلة، لكن الكذب وتزوير الحقيقة في زمن الحرب مش فقط كذبة وإنما هو جريمة في حق المجتمع.
ميسون عزام: هناك من يرى أيضاً بالمقابل أن دوره كان لدعم المعنويات, وكانت هناك حاجة بالنسبة للجيش لدعم هذه المعنويات.
د. حسن العبيدي: أتفق معك تماماً يا سيدتي لكن المشكلة ما كان يقوله كان لا يعكس أبداً واقعاً, لا أعتقد أن الجنود الذين كانوا لا يتلقون حتى الوجبات الغذائية في العراق كان بإمكانهم التقاط الصور, ومشاهدة سعيد الصحاف على شاشات التلفزيون العالمية, فأعتقد أنه كان فعلاً سعيد الصحاف ومسرحيته كانت فعلاً نموذج مثال على الانفصام الكبير بين المحكوم والحاكم.
ميسون عزام: يقدم الدكتور علاوي في حديثه معلومات مختلفة عن مسار الحرب عن ما هو مشاع أو متداول لنستمع إلى هذا المقطع.
[مقطع من الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: كانت أقل المعارك خسارة وأسهل المعارك عسكرياً ما كانت معركة داميةً مثل المعارك اللي صارت, حتى في أم قصر صارت المعركة أقوى بكثير, مع العلم أم قصر وين؟ أم قصر في..
إيلي ناكوزي: أول المدن.
د.إياد علاوي: بس معارك المطار ما كانت قاسية لأن القوى الرئيسية اللي كان معتمد عليها صدام, فركتها.. انهارت يعني.
إيلي ناكوزي: طيب انهارت يعني لإنّو انهزمت؟ أو كان فيه خيانة في صفوفها؟
د.إياد علاوي: لا.. لا.. حصلت خيانات أيضاً].
ميسون عزام: طبعاً هنا تحدث عن دور المعارضة أيضاً سيد عباس ما الدور الفعلي الذي لعبته المعارضة في هذه الحرب؟ هل سهّل دورها من نجاح الأميركيين فيها؟
عباس الجنابي: بالتأكيد يعني هناك بعض القوات التي دخلت مع طلائع القوات البريطانية إلى منطقة البصرة وبالتالي.. (الصوت غير مسموع)..
ميسون عزام: يبدو أننا..
عباس الجنابي: كانت توالي الدكتور أحمد الجلبي.
د.إياد علاوي: سيدي لو تعيد ما ذكرته فقدنا صوتك لبعض الوقت, لو تعيد ما ذكرته لو سمحت؟
عباس الجنابي: نعم بالنسبة للمعارضة لعبت دوراً بسيطاً جداً, ويعني ممكن أن يسمى دور الأدلاء, خاصة عندما دخلت من البصرة وبالتالي ذهبت إلى العمارة وهي طلائع (انقطاع الصوت).. التي درّبها السيد أحمد الجلبي في هنغاريا, أما بصورة عامة فمن الداخل كان هناك أيضاً دور للمعارضة من خلال تقديم ما يسمى في العلم العسكري بالإحداثيات.. (انقطاع الصوت فترة قصيرة) ثم أنا كنت أعلم أن هناك مجموعة من العراقيين دخلوا عن طريق دول مختلفة, وقاموا بدور أيضاً ينسجم مع مصطلح الإحداثيات, لكن الحقيقة التي لا تقبل نقاشاً أو جدلاً وأنا قد أختلف مع.. لا أدري لماذا أختلف دائماً مع الدكتور حسني بالنسبة لـ.. يعني معركة المطار حقيقة لا أعتقد أن هناك خيانة, وإنما هناك قسوة كبيرة من قِبل القوات الأميركية في ضرب هذه المنطقة..
ميسون عزام: يعني الحقيقة كان هذا تعليقاً من الزميل إيلي وليس تعليق من الدكتور حسني فيما يتعلق بالمطار.
عباس الجنابي: أي نعم أنا آسف يعني أنا قلت بشكل عام، لا أدري لماذا لا أختلف معه, بس مع ذلك يعني آني آسف إذا لم أكن دقيقاً في تصوّراتي, بالنسبة لهذا الموضوع كانت الولايات المتحدة قد استخدمت عنفاً غير مسبوق في معركة المطار, أنا لا يعني لم آت بهذا من عندي وإنما اقرئي التقارير وهناك برنامج عرضته الـ (بي.بي.سي) وقد شاركت به حول هذه العمليات, هذا الذي صار طبعاً شتت القوات قسم أبيدت قسم تشتّتت, وبالتالي هناك تكشفّت معلومات فيما بعد, هناك قرار بسحب عدد كبير من القوات إلى مناطق أخرى حرصاً من القيادة العراقية إلى.. حتى لا تتعرض للإبادة.
ميسون عزام: طيب سأنتقل إلى مقطع آخر تكتسب العلاقات بين العراق والدول الجارة خصوصاً سوريا وإيران حساسية خاصة لنستمع إلى هذا المقطع.
[مقطع من الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: مِن أنا أتحدث مع الولايات المتحدة أتحدث بحرص مثلاً على سوريا ما أفرط بمسألة سوريا, وما أفرّط بعلاقاتي معها.
إيلي ناكوزي: بس كان فيه تحفظ على زيارتك على سوريا دولة الرئيس؟
د.إياد علاوي: إي نعم, نعم.
إيلي ناكوزي: الأميركيون تحفّظوا وطلبوا منك إنّو ما تقوم بهذه الزيارة على سوريا؟
د.إياد علاوي: ومع ذلك أنا زرت سوريا].
ميسون عزام: أستاذ حميد يعني استمعت إلى تصريحات الدكتور إياد علاوي يبدي حرصاً على علاقته مع سوريا, وبالمقابل اعتبر ضمناً أن إيران معتدى عليها, ألا يعتبر هذا متناقضاً مع أقطاب آخرين من النظام؟
حميد قاسم: يعني الدكتور إياد علاوي لا يمكنه أن يتجاوز الوقائع, واقع العراق الجغرافي كونه محاطاً بإيران وسورية, برغم كل ما يدور من تشنجات أو.. هناك معركة يبدو تدور في الخفاء يعني تتكشّف ملامح بسيطة من ملامحها, وإذا وصلت إلى ذروتها قيل إن هناك جهات معيّنة في أجهزة هذه الدولة أو تلك تدعم المجموعات الإرهابية, أو يقال إن هناك غضّ نظر لنشاط هذه القوى الإرهابية, أيضاً هو لا يمكنه أن يتجاوز هذه الوقائع ولا يمكنه أن يمضي بكامل الأجندة الأميركية ليطرحها ويخسر عمقه العراقي, ويخسر التيار القومي والعروبي والإسلامي أيضاً الشيعي أيضاً في العراق بهذه المسألة, لذلك تجدين كثيراً من الشد والتنافر بين تصريحات مسؤولين عراقيين مثل تصريحات وزير الداخلية فلاح النقيب ووزير الدفاع حازم الشعلان..
ميسون عزام: حازم الشعلان نعم.
حميد قاسم: وما يتردد فيها أنه في أحسن الأحوال أنهم ليسا مصرحين وأن هناك ناطقاً رسمياً يتحدث كما ذكر مثلاً مرة هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي.
ميسون عزام: نعم.
حميد قاسم: هذه المسألة لم تحسم يبدو تماماً في ذهن الحكومة العراقية المؤقتة لربما هناك أمر يتعلق أيضاً بكونها حكومة مؤقتة وليس.. ولا تمتلك الصلاحيات الكاملة، وربما ترجئ هذه المسألة إلى ما بعد الانتخابات, أنا بتقديري ينبغي أن يكون الموقف واضحاً وحاسماً وأن تسمى الأشياء بأسمائها, لأن من يدفع الثمن الآن هو الشعب العراقي نتيجة أخطاء كارثية لا نريد أن نحدد الآن..
ميسون عزام: طيب دكتور حسني يعني أريد أن أتحوّل إلى موضوع الدكتور علاوي قال إنه زار سورية بالرغم من اعتراض الولايات المتحدة, ألا تعتبر هذه نقطة إيجابية لصالح الولايات المتحدة, أنه رغم ذلك رغم اعتراضها فذهب إلى سورية ولم يحدث أي شيء بعد ذلك؟
د.حسني عبيدي: والله بصراحة موقف يعني يُشهد له في هذه النقطة, وأنا أعلم أن الدكتور علاوي لديه يعني مواقف يعني الحقيقة وطنية من هذا القبيل, أنا أستغرب عندما تأتي تصريحات من قبل وزير مثلاً في الحكومة العراقية, ومشكلة الحكومة العراقية أن هنالك أصواتاً متعددة, الجوق ليس واحد, فنسمع مثلاً أن أحد الوزراء يقول إنّو مستعد لنقل إذا سورية لم تتوقف عن دعم الإرهابيين فسينقل المعركة إلى شوارع دمشق, إذا كان وزير الداخلية وزارة الداخلية عاجزة عن ضبط الأمن في محطة بنزين في بغداد كيف يمكن نقل معركة إلى دمشق أو طهران؟ أعتقد إنّو نحتاج في هذه المرحلة بالضبط إلى مزيد من المسؤولية وكذلك المزيد من الاعتدال, بالنسبة لتنقّل إياد علاوي إلى دمشق أعتقد إنّو كذلك محاولة ورسالة من قِبل إياد علاوي لكي يبين بأن رغم أن هذه الحكومة وليدة احتلال وهي في ظرف احتلال إلا أنه تبقى لإياد علاوي مسافة كذلك متميزة من التحرك ولديه هامش من الحركة ويمكن أن يفعل أشياء حتى وإن كانت تغضب الولايات المتحدة الأميركية.
ميسون عزام: طيب يتحدث الدكتور إياد علاوي في الأقسام الأخيرة من حديثه عن الاختلافات في المواقف والآراء بينه وبين الأميركيين لنتابع هذا المقطع سوية:
[مقطع من الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: هذا موضوع مال تشكيل حكومة اعتبروه ملغي, لأن أنتو دمّرتوا العراق وتركتوه قاعاً صفصفاً, فأي حكومة هاي تتشكل؟].
ميسون عزام: سيد عباس ألا يعتبر غريباً بعض الشيء أن ينتقد حليف أميركي وأيضاً مسؤول سياسي وحليف أساسي طبعاً للولايات المتحدة ومسؤول سياسي أن ينتقد السياسة الأميركية تجاه العراق؟
عباس الجنابي: الحقيقة أنا لم أجد أي شيء غريب في كلام الدكتور إياد علاوي, وأنا تابعته بدقة، ولمعلوماتك الدكتور إياد علاوي سنة 1999 في مؤتمر نيويورك رفض ووقف بشدة ضد تشكيل حكومة منفى, فإذاً هو عندما يقول أنه ضد تشكيل حكومة بعد أن سحقتوا العراق, فباعتقادي من وجهة نظري فهو صادق, بس عندي تعليق صغيّر إذا تسمحين حول مسألة سورية الحقيقة يعني, طبعاً تعرفين أنت حركة الوفاق كان لها مكتب في سوريا, والدكتور إياد علاوي يتعامل مع الحكومة السورية منذ زمن ليس قريب, أضف إلى ذلك يعني سوريا صايرة بين نارين, يعني هل تطرد العراقيين الذين لجؤوا إليها؟ يعني هذا موقف قومي يعني سورية معروفة بمواقفها القومية، أنا لست بصدد الدفاع عن مواقف سورية, ولكنها حقيقة يعني يمكن أن أقول الملجأ القومي الأخير بالنسبة للقومية العربية أو للعرب أو لحركات التحرر ذات البعد القومي, فمن من هذا المجال يعني يجب أن لا نضغط على سورية, لا ننسى أن سورية كانت قد احتضنت قبل ذلك الكثير من البعثيين الموجودين ضد سلطة الرئيس السابق صدام حسين..
ميسون عزام: طيب سيد عباس..
عباس الجنابي: فلماذا - إذا تسمحين لي - لماذا إذاً نأتي اليوم ونقول أنها تؤوي إرهابيين إلخ..
ميسون عزام: يعني الحقيقة هذا موضوع آخر, نحن الآن نتحدث على زيارة علاوي وتحدّيه إذا صح التعبير وهذه كلمة استخدمها كثيراً في البرنامج تحدّيه للأميركان عندما عارضوا هذه الفكرة فكرة الزيارة, على كل سأضطر للتوقف هنا مع فاصل إعلاني قصير مشاهدينا فاصل إعلاني قصير نتابع بعده برنامج مشاهد وآراء فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم مجدداً وبرنامج وآراء يتحدث الدكتور علاوي عن عدم توافق بينه وبين السفير بول بريمر لنشاهد هذا المقطع.
[مقطع من الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: كنت أشعر أيضاً يعني بعض الأوساط اللي معاه اللي مع يعني مع بريمر الأميركية لم تكن مرتاحة لكي أكون أنا رئيس الوزراء..
إيلي ناكوزي: مين كان مرتاح؟ مين كان يعني؟
د.إياد علاوي: والله الأمم المتحدة حقيقة أن شفت التجاوب الرئيسي من الأخضر الإبراهيمي].
ميسون العزام: سيد حميد كيف يمكن أن تفسر هذا الخلاف ما بين الدكتور إياد علاوي وبالمقابل بول بريمر؟ وبالمقابل كيف يمكن أن نفسر كيف يصبح الدكتور إياد علاوي رئيساً للوزراء برغم معارضة بريمر؟
حميد قاسم: هو فعلاً يعني مثل ما أكد الدكتور حسني وأنا أشرت أيضاً أن إياد علاوي ترك مسافة بينه وبين الأجندة الأميركية وأهدافها، وبين نقاطها المتسلسلة, أيضاً إياد علاوي لا ينسى جذوره يعني وموقعه من سواء كان حينما كان داخل حزب البعث, أو حينما خرج عن حزب البعث, ويعرف تماماً تطلّعات ومواقف الشعب العراقي برغم أن كثيرين من العراقيين بل أن غالبية العراقيين كانت مستعدة للتحالف مع الشيطان للخلاص من الكابوس الذي استمر أكثر من 35 عاماً, فـ.. أيضاً لا يريد أن يخسر رصيده من الشعب العراقي أو من الفئات المتعاطفة مع موقفه, وأنا أعتقد أنه نجح في ذلك إلى حدّ كبير يعني الآن خصوصاً في هذه الفترة, الأمر الآخر أن..
ميسون العزام: في هذه الفترة أو في هذا اللقاء بالذات؟ [يضحكان]
حميد قاسم: في هذه الفترة.. ثم إن أميركا تحت ضغوط معينة اضطرت إلى أن تقبل بتحكيم الأمم المتحدة, وأن تلعب دوراً للأسف هو في ما بعد غدا هامشياً, وقبل قليل كنا نتحدث أنا والدكتور تحسين أن الدور ليس هامشياً فقط بل إنه دور بصراحة أن عدم وجوده أفضل من وجوده يعني, إما أن يكون دوراً هاماً وفاعلاً ومؤثراً وأما أن تنسحب وذلك أفضل لها, فهذا الدور تأثير الأمم المتحدة الذي أيضاً نتج عن ضغط لا تنسي أن إصرار المرجعية الشيعية بقيادة آية الله علي السيستاني كان لها دور كبير في تحكيم الأمم المتحدة في كثير من الفترات وخصوصاً في تلك المرحلة..
ميسون العزام: نعم.
حميد قاسم: أيضاً بريمر لا يعرف المزاج العراقي ولا يعرفه, وكان أحياناً حينما يعني يلمس بادرة ما، فإنه يعني بما أنه لا يعرف تماماً الواقع العراقي يعني ارتكب كثيراً من الأخطاء بفعل حدث غير دقيق وتقارير وقراءة غير سليمة..
ميسون العزام: وربما سنتطرّق إلى هذا المزاج العراقي والشخصية العراقية بعد قليل عذراً دكتور تفضل ولكن باختصار لو سمحت.
د.حسني عبيدي: ما دام الحديث على الأخضر الإبراهيمي يجب القول للتاريخ يعني أن الأمم المتحدة دورها الآن في العراق يعني دور فيه الكثير من الشبهات, وفيه الكثير من الضبابية, بالنسبة للأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي قال: إنه يريد حكومة تكنوقراطية للتحضير لانتخابات نزيهة, انتخابات لبرلمان يُعدّ الدستور, القضية بعدين لم تأتِ حكومة تكنوقراطية فيها تكنوقراط وفيها رجال أكفاء, لكنها أصبحت حكومة سياسية, بدليل ذلك أن السيد إياد علاوي يشن حملته الانتخابية ولا يكتفي فقط بدور رئيس الوزراء, النقطة الثانية أنه الآن في قضية الانتخابات الأمم المتحدة لم تقل أنه فعلاً إذا كانت في الداخل أو في الخارج, هل هي شريك فعلي في تنظيم الانتخابات أو أنها فقط تشرف عليها من الناحية العلمية؟ وأعتقد أن هذا بالإضافة إلى ما تركته الأمم المتحدة من ماضي غير مشرّف في قضية العقوبات الاقتصادية لا يزيدها في الحقيقة وزناً في.. على الساحة العراقية في قضية موقفها من الانتخابات والإشراف الفعلي على انتخابات العراق.
ميسون العزام: طيب، دعنا نتحدث الآن عن الفساد المالي في العراق يعني يتطرّق الدكتور علاوي في حديثه إلى الفساد المالي والاختلاسات الكبيرة التي حصلت بعد الحرب لنستمع إلى ما يقوله في هذا الشأن.
[مقطع من الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: بالتأكيد حصلت حالات من التسيّب وحالات من المشاكل وحالات من القلق..
إيلي ناكوزي: حجمها بالمليارات.
د.إياد علاوي: وحجم كبير حقيقة يعني شفنا أموال يعني ومشاريع يعني حجم ما أعرف يعني إيش قَد يعني..
إيلي ناكوزي: رح تحاكموهم..
د.إياد علاوي: بس نكتشف يوماً بعد يوم يعني واحدة من الأمور إنه نكتشف إنّو يعني مثلاً على سبيل المثال مناقصة مأخوذة بتقريباً شوية أقل من 100 مليون دولار تعطى كمناقصة ثانوية بـ 14 أو 15 مليون دولار, يعني أكو فرق شي 70 مليون بالموضوع مليون دولار].
ميسون العزام: سيد عباس برأيك من هي الجهة المسؤولة وراء.. عن هذه الاختلاسات؟ وبالمقابل ماذا عن التحقيقات المتعلقة بالأمر؟
عباس الجنابي: الحقيقة بالنسبة للتحقيقات ليس لدي علم, لكن تعرفين إنه هناك تسيّب يعني هو واحدة من المشاكل التي يعاني منها الدكتور إياد علاوي هي هاي المسألة, مسألة التسيّب, مسألة وجود أكثر من طرف يتعامل حتى خارج مجلس الوزراء, ويتصرّف بشكل فردي, بس أريد يعني إذا تسمحي لي يعني هاي مسألة أعتقد ضرورية أن أعود قليلاً إلى مسألة الخلاف مع بريمر..
ميسون العزام: باختصار لو سمحت.
عباس الجنابي: أي نعم باختصار.. بريمر يختلف مع إياد علاوي في 3 نقاط لأن إياد علاوي كان ضد حل الجيش, وضد حل وزارة الإعلام, وضد مشروع اجتثاث البعث, فهي الأسباب اللي خلت الخلافات قائمة بين الدكتور إياد علاوي, وبالمناسبة إياد علاوي أيضاً يختلف في أسلوب تعامل إدارة بريمر مع هذه الصفقات التجارية التي كانت تقام يعني من وراء ظهر مجلس الحكم, ومن وراء .. يعني تخيّلي أنه هناك شخص من الولايات المتحدة جاء إلى العراق وبدأ يفكك بالمصانع العراقية ويبيعها سكراب, وبالتالي هذا أدى إلى تدمير حقيقي للبنية التحتية للاقتصاد العراقي الذي كان يمكن أن يتحوّل إلى..
ميسون العزام: طيب.
عباس الجنابي: الاقتصاد السلمي.
ميسون العزام: طيب، صورة العراق الجديد يقدم الدكتور علاوي في حديثه تصوّره لصورة العراق الجديد لنشاهد هذا المقطع.
[مقطع من الفيلم الوثائقي]
بد.إياد علاوي: الدائرة الأولى أن يكون عراقاً قوياً, والدائرة الثانية أن يكون عراقاً ديمقراطياً, والدائرة الثالثة أن يكون عراقاً مسالماً].
ميسون العزام: سيد حميد ما الجديد في هذا التصوّر للعراق؟ وهل بالمقابل يعكس مواقف عموم العراقيين؟
حميد قاسم: بالتأكيد أن طموح كل العراقيين أن يكون هناك عراق قوي في خضم هذه الصراعات التي تعصف بالمنطقة, وخصوصاً العراق يقع في أخطر منطقة ملتهبة يعني سواء على صعيد التوتر السياسي أو حتى على صعيد أهميته الاقتصادية وموقعه.. وموقع الحضارات القديمة..
ميسون العزام: أنت.. أنت توافق كلام الدكتور علاوي بهذا الموضوع؟ دعنا ننتقل الآن إلى المزاج العراقي والشخصية العراقية، يتطرّق الدكتور علاوي إلى تصوّره للشخصية العراقية لنستمع إلى هذا المقطع.
[مقطع من الفيلم الوثائقي]
[د.إياد علاوي: التاريخ كله اللي معروف والمكتوب إنّو العنف بالعراق كان هو دائماً الطابع الغالب على الأوضاع في العراق.
إيلي ناكوزي: بسبب شخصية العراقيين برأيك يعني..
د.إياد علاوي: بالتأكيد بالتأكيد يعني].
ميسون عزام: سيد حميد بما أنك تحدثت عن الشخصية والمزاج العراقي الشخصية العراقية عنيفة برأي الدكتور إياد علاوي, ما رأيك في هذا الكلام؟ وبالمقابل ألا يقدّم ذلك تفسيراً لعنف الأنظمة المتعاقبة على الحكم في العراق؟
حميد قاسم: لا أعتقد أن الشخصية يعني الشخصية العراقية تقدم بطريقة يعني بيها الكثير من الظلم والتجني, العراق يعني ليس انحيازاً للعراق لأنه وطني, صحيح أنا أعترف أني أنحاز إلى شعبي, لكن هذا العراق قدم حضارات كبرى لم تبنَ بالعنف, وقدم من الحضارة السومرية وصولاً إلى خمس حضارات تعاقبت على أرض العراق, الآن العراق وحتى في العصر الحديث أي كم هائل ونوعي قدم من الشعراء والمثقفين والأدباء والمهندسين, العراقيون يحققون الانجازات في كل مكان, يعني شعب حضاري يتغنّى بالحياة, يعني ما أريد أذكر أمثلة كثيرة لكي لا أطيل يعني أنا لا أتفق..
ميسون عزام: يعني أنت مثال على الرجل الهادئ العراقي, ولكن بالمقابل دعني أسأل الدكتور حسني: رامسلفيد نفسه أشار بأن العنف هو من مميزات المجتمع العراقي, هل يمكن أن يقدم ذلك مبرراً لفرض نظام ربما عنيف على الشعب العراقي؟
د.حسني عبيدي: يعني لو كنت أعرف رامسفيلد وزير دفاع ما كنتش أعرف إنه عالم نفساني خاص بالشعوب العربية, لا أعتقد أن هناك خاصية يعني قلنا نفس الشي بالنسبة للجزائر عندما اجتازت بأمان الحرب الأهلية تقريباً من عشر سنوات, وقلنا أن الشعب الجزائري شعب لديه شخصية من مكوّناتها العنف, أعتقد أن نوعية.. صحيح طبيعة النظام المسيطر النظام الاستبدادي تشكّل وتولّد تراكمات لدى الشعب, وحينما تغيب الأوعية أو أساليب التعبير عن الاختلاف مع النظام الحاكم أو اختلاف أي جماعة سياسية أو جماعة عرقية مع جماعة ثانية فيبقى ربما يبقى الوسيلة الوحيدة للتعبير عن هذه الاختلافات للتعبير عن هذه التراكمات عن هذه التناقضات تكمل فقط في وسيلة من العنف, لكن العنف يمكن أن.. ليس طبعاً وإنما هو ثقافة يمكن أن تحلّ بثقافة أخرى وهي ثقافة الديمقراطية, ثقافة الممارسة الحرة, ثقافة كذلك التداول على السلطة, نقطة - في ثانية واحدة - ما قاله إياد علاوي صحيح أنه عراق قوي وعراق ديمقراطي وعراق مسالم أنا أختلف في التصنيف, يجب أن يكون قبل كل شيء عراق ديمقراطي بدون ديمقراطية بدون إشراك كل شرائح المجتمع بدون إعطاء الفرصة والكلمة لكل مكوّنات الشعب العراقي بدون استثناء لا يمكن أن نضمن الأمن لأن المعالجة الأمنية بدون معالجة سياسية بدون مقاربة سياسية شاملة لا يمكن أن توفّر الأمن.
ميسون عزام: طيب لنستمع إلى رأي السيد عباس في هذا الموضوع هل تعتقد فعلاً أن العراقي عنيف في تكوينه؟
عباس الجنابي: الحقيقة هو نوع النظام هو اللي يشكّل علاقات المجتمع, فإذا كان النظام عنيفاً ستكون العلاقات عنيفة, ثم لا تنسي إنّو الشعب العراقي أو العراق منذ عام 1958 وحتى هذا اليوم, يعني كانت هناك مسائل كثيرة أدّت إلى استشراء ثقافة العنف في العراق, وبالتالي إذا استطاع العراق أن يجد دستوراً دائماً, ترى بالمناسبة العراق لا.. ما بيه دستور دائم من عام 1958 وحتى هذا اليوم, وأشك أنه رح يكون هناك دستور دائم لأن يعني المقدمات تكشف عن النتائج, لكن الشخصية العراقية بشكل عام وهذا رأي الدكتور علي الوردي وهو واحد من عمالقة العلماء العراقيين في تحليل الشخصية العراقية يقول: نعم أن العراقي عنيف.
ميسون عزام: ولكن أنت تقول أن ذلك يعتمد على النظام وربما هذه المرة الأولى التي تتفق فيها مع الدكتور حسني في هذا الموضوع [تضحك], على كلٍّ في نهاية الحلقة أن أشكر ضيوفي على هذه المشاركة كان معنا من بغداد صلاح عمر علي سياسي عراقي كان معنا في بداية هذه الحلقة, وأيضاً معي من لندن عباس الجنابي مدير مركز البحوث العراقية في لندن, وفي الأستوديو الدكتور حسني عبيدي مدير مركز الدراسات والبحوث حول العالم العربي في جنيف, وأيضاً كان معنا في الأستوديو على مدى حلقتين الأستاذ حميد قاسم الإعلامي العراقي, شكراً لكم جميعاً
"أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام" كونفوشيوس (ع)
-
ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم وبرنامج مشاهد وآراء في خضم الأحداث المتسارعة والتطورات الصاخبة في العراق خصوصاً في مرحلة ما بعد سقوط نظام البعث غابت عن الأذهان وقائع وأحداث كان لها أبلغ الأثر في وصول العراق إلى ما وصل إليه الأهمية في إعادة طرح تلك الأحداث أنها يمكن أن تقدم إجابات عن ألغاز كبيرة عجت بها الحياة السياسية في العراق والمنطقة كما أنها وهذا الأهم يمكن أن تقدم دروساً وعبراً للمستقبل ويمكن أن تعيد طرح العديد السياسية الخلافية تحديداً على الساحة السياسية العراقية، في هذا الإطار تأتي شهادة كشهادة الدكتور إياد علاوي رئيس الوزراء العراقي الذي عايش التطورات السياسية في العراق منذ سقوط الأسرة الهاشمية عام 58 مروراً بالانقلاب على عبد الكريم قاسم وانقلابات البعث المتلاحقة حتى استيلاء البعث على السلطة وسيطرة صدام حسين عليها إلى سقوطه في الحرب الأخيرة في ربيع 2003، في الفيلمين الأولين من سلسلة: (إياد علاوي: سيرة رجل ووطن) يروي علاوي في مقابلة مطولة مع الزميل إيلي ناكوزي تجربته الأولى في حزب البعث ومن ثم يروي خروجه من الحزب ونشاطه السري لقلب النظام وصولاً إلى دوره الحالي في العراق، هذه الشهادة تثير أسئلة كبيرة وعديدة وهو ما سوف نناقشه مع ضيوفنا في هذه الحلقة الجديدة من برنامج مشاهد وآراء، نرحب بضيوفي معي من لندن الدكتور رغيد الصلح الباحث الأكاديمي وأيضاً من لندن سيكون معنا الطبيب إياد القرقجي الصديق الشخصي لإياد علاوي وفي الأستوديو الأستاذ حميد قاسم الصحفي والباحث العراقي واسمحوا لي بداية أن أبدأ بضيفي من لندن الدكتور إياد بصفتك يعني صديقاً شخصياً للدكتور إياد علاوي أريد أن أعلق معك على بعض المراحل التي ربما لها كان تأثير كبير على تكوّن إياد علاوي الشخصي أو السياسي أو الفكري وأبدأ بالمرحلة الأولى من انتمائه لحزب البعث ما رأيك بالدور الذي لعبته هذه المرحلة في حياته في تكوّنه الشخصي والسياسي؟
د. إياد قرقجي (طبيب مقيم في بريطانيا): بدأ الدكتور إياد علاوي حياته السياسية منذ كان عمره حوالي 14 سنة، ودخل في ظروف كانت صعبة بالنسبة للعراق في انقسام بين الناس اللي متخذين آراء قومية، وكان في ذاك الوقت حركة القومية العربية والتأثير مال السويس وكذلك المفهوم التحرري الجديد اللي كان بقيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فلعب هذا دوراً كبيراً في تكوين النشأة السياسية في كثير من الشباب العراقي وكان من ضمنه إياد علاوي.
ميسون عزام: طيب إذا ما انتقلت إلى الأستاذ حميد معي بالأستوديو، أستاذ حميد من خلال ما تابعناه وما ورد على لسان إياد علاوي هل يمكن أن نعتبر أن ما صدر حتى الآن يمكن أن يعتبر نوعاً من التأريخ ربما الشخصي للعراق، وبالمقابل للصراعات التي حدثت داخل العراق في الستينات.
حميد قاسم (إعلامي عراقي): هذا صحيح إلى حدّ كبير فأنا في تقديري أن ما حدث في العراق بدءاً من عام 58 مروراً بأحداث 59 والصراع بين القوى السياسية في العراق وبالتحديد الصراع ما بين القوى القومية والقوى اليسارية الممثلة بالحزب الشيوعي العراقي انسحبت بتأثيراتها على ما وصل إليه العراق الآن، وكان لها الدور الكبير في هذا الأمر، إنها إلى حدّ ما سيرة وطن، سيرة وطن جريح خاض حروباً ليس على مستوى الحروب الخارجية وإنما على مستوى الصعيد الداخلي بدءاً من الاضطرابات التي حدثت في عام 59 والصراع الدموي الذي دخل شكلاً دموياً سواء في أحداث الموصل أو أحداث كركوك وغيرها من مناطق العراق وصولاً إلى بغداد في مناطق معينة من بغداد ومروراً بما حدث من مجازر جماعية عام 63 خلال الفترة اللي استولى فيها حزب البعث على السلطة لمدة 9 أشهر، وهي السيرة التي عادت مع عودة البعث إلى السلطة عبر انقلاب 17- تموز عام 68.
ميسون عزام: طبعاً سنعالج هذا الموضوع لاحقاً لكن دعنا ننتقل إلى مقطع لإياد علاوي نتابع هذا المقطع الذي يتحدث فيه رئيس الوزراء عن انطباعاته عن الأستاذ ميشيل عفلق في سياق سرده لمرحلة النشأة في حياته السياسية.
[إياد علاوي: حتى أول مرة أنا قابلته بالـ 63 كأنما أنا محصّل على كنز يعني..
إيلي ناكوزي: شو كانت ردت فعلك أنّو ميشال عفلق..؟
إياد علاوي: يعني أنه الحقيقة ورا ما شفته تفاجأت كنت أتوقع أنه رح يكون أعمق بكثير، تدري كنا نقرأ أدبياته وكراساته وكتبه ومحاضراته.
إيلي ناكوزي: يعني خاب أملك بأول لقاء؟
إياد علاوي: خاب أملي خيبة كبيرة يعني.. من بعد ما شفته وقعدت أنا ويّاه وشفت أنه بس شفت أيضاً فيه جانب آخر بيه عدا الجانب الفكري اللي هو خاب أملي بيه، شفت بيه جانب حقيقة أخلاقي، يعني عودة إلى التاريخ يعني ما يقبل على الاعتداء أو ما يقبل على الغلط وبعدين كان دائماً حديثه يركّز على مسألة الممارسات الديمقراطية داخل الحزب].
ميسون عزام: دكتور رغيد أريد أن أنتقل إليك يعني من الواضح أن تجربة الدكتور علاوي ربما المحدودة مع الأستاذ ميشال عفلق طبعاً هو مؤسس حزب البعث حفرت بقوة في ذاكرته إن كان سلبياً أو إيجابياً ما هو تفسيرك لما ورد من انطباعات له عن عفلق، وبالمقابل أليس مستغرباً أن يستمر بعد ذلك بعثياً.
د. رغيد الصلح: الحقيقة هنالك أمر أود إيضاحه ابتداءً أنني لست مطلع على تفاصيل وعلى دقائق علاقة الدكتور علاوي بحزب البعث بالطبع كان أحد الحزبيين البارزين في العراق وفي المنظمة الحزبية في بريطانيا ولكني لست مطلعاً على التفاصيل يعني.. أما في ما يختص برأيه في الأستاذ ميشيل عفلق، فهذا رأي شخصي وتقييم شخصي وأعتقد أن الكثيرين من البعثيين والكثيرين من المعنيين يعني بالفكر السياسي العربي لا يشاركون الدكتور علاوي تقييمه هذا، رغم أنه هنالك يعني الجانب الإيجابي الذي رآه والذي يلاحظه العديد من الذين قابلوا الأستاذ ميشيل عفلق وكانوا على صلة به.
ميسون عزام: طيب، في العام 1963 استولى البعث على السلطة في العراق للمرة الأولى إلا أنه أزيح عن الحكم بعد أشهر قليلة لنستمع إلى الدكتور علاوي يتحدث في هذا المقطع عن تلك المرحلة.
[إياد علاوي: مِن استلمنا السلطة يعني كانت فد خضّه كبيرة والكل شباب ما عارفين شو المسألة ولهذا بتسع أشهر سقط البعث بالـ 63 هي هاي كانت الـ..
إيلي ناكوزي: المفصل.
إياد علاوي: المفصل المهم اللي مشى البعث بالانحراف وبدأت الانشقاقات والمشاكل وصولاً إلى ما حصل بالنتيجة بالعراق.
ميسون عزام: دكتور إياد أعود إليك والمراحل التي ربما أثرت كثيراً على تكوّن إياد علاوي الشخصي والسياسي والفكري، التجربة الفاشلة لحزب البعث في الحكم كيف أثرت عليه؟
د. إياد قرقجي (طبيب مقيم في بريطانيا): أثرت عليه من عدة نواحي: الناحية الأولى كان بالنسبة له فد نوع من فقدان فد شي تعب عليه كتير ونفس الوقت انخذل يعني حس نوعاً من الانزعاج لفترة طويلة، وبعدين الناس اللي كان معتمد عليهم أصبحوا في فترة معينة مراهقين سياسيين في الحقيقة، ليس لهم أي نوع من الفهم لواقع العراق وانتهى الموضوع نهاية مأساوية بحيث أنه الأسبوع الأخير بدأت الاعتقالات تصير بين الأطراف الاثنين بحيث أنه أثرت على كل البعثيين اللي كانوا موجودين ذاك الوقت. أنا مو حزبي ولا دخلت بالحزب ولكن ملاحظاتي اللي كانت عن طريق علاقتي مع الدكتور إياد والشباب الباقين في الكلية الطبية أنه كان في الفترة الأخيرة نوع من الصراع النفسي بالحقيقة لأنه ناس أصدقاء انقسموا على نفسهم، وطبعاً توّجت العملية في الـ 18 تشرين حيث انتهت فترة حكم البعث ومن ورائها صارت انشقاقات أعمق.
ميسون عزام: طيب لنستمع أيضاً إلى رأي الدكتور رغيد في هذه القضية يعني الدكتور علاوي يرى بأن الصراعات ربما والانحرافات في حزب البعث بدأت بعد التجربة الفاشلة للحكم ما رأيك؟
الصراعات في حزب البعث كانت موجودة ربما قبل الوصول إلى السلطة كانت هنالك تباينات واتجاهات مختلفة في حزب البعث و لم تكن هناك مركزية فكرية
د. رغيد الصلح
د. رغيد الصلح: الصراعات في حزب البعث كانت موجودة ربما قبل يعني الوصول إلى السلطة كانت هنالك تباينات واتجاهات مختلفة حزب البعث لم يكن.. لم تكن فيه مركزية فكرية شديدة ولا مركزية سياسية شديدة، كانت هنالك آراء واتجاهات مختلفة ومتباينة عندما وصل الحزب إلى السلطة في العراق في تقديري ظهرت هذه التباينات والاتجاهات المتباينة بشدة أكثر خاصة أن البعث صار يحكم بلداً من أكبر البلدان العربية وبيده القوة وإمكانية التقرير وقيادة بلد يضم أكثر من 10 ملايين شخص آنذاك، فهذه ولا شك تؤثر على العلاقات داخل المؤسسة الحزبية خاصة إذا كانت هنالك فيها آراء واتجاهات مختلفة ومتنوعة وخاصة إذا كان البعث هو آنذاك حركة أكثر مما هي حزب مركزي شديد المركزية.
ميسون عزام: نعم مرحلة النضال السلبية أو السري في مرحلة ما بعد سقوط حكم البعث في العام 1963 كانت مهمة في تكوّن العقلية السياسية والتنظيمية للبعثيين العراقيين خصوصاً في العلاقة مع الأطراف السياسية لنتابع ما يقوله الدكتور علاوي في هذا المقطع.
[إياد علاوي: إلى أن بدأت تصير تهديدات من الشيوعيين من القوميين من كذا.
إيلي ناكوزي: تهديدات لمين؟
إياد علاوي: تهديدات ضدنا أنه يعني مطاردة وملاحقة واستفزاز ويعني بعدنا شباب فقلنا: مو معقولة نسكت، فبدينا نرجع نعيد التنظيم ونخطط لتغيير نظام الحكم مرة أخرى].
ميسون عزام: سيد حميد يعني الدكتور يتحدث عن تلك المرحلة وكأنه يستعرض ربما مسيرته الشخصية في حزب البعث ومسيرة حزب البعث أيضاً وكأن التاريخ يتمحور في تلك المرحلة على حزب البعث دون غيره، يعني وهناك كما يبدو ربما نوع من التجاهل لتطوّرات أخرى في العراق ما رأيك؟
حميد قاسم (إعلامي عراقي): هذه مشكلة الأحزاب السياسية خصوصاً في العراق يعني للأسف الدكتور علاوي أخفى الكثير من الوقائع وخصوصاً عن صلة.. عن مجريات الأمور في الشارع عن علاقات الأحزاب السياسية في ما بينها اللي كانت علاقات احتراب وصراع دموي يعني لا يرحم من هذه الأحزاب دائماً تروي سيرة الحزب هي سيرة الوطن وسيرة الشخص بالتالي تسبح في ما بعد سيرة الشخص تصبح هي سيرة الوطن، نلاحظ هنا ما قاله الدكتور إياد علاوي أن هناك حدثت مضايقات بعد سقوط تجربة حزب البعث يا ريت نتوقف عندها إذا سمح الوقت في ما بعد بعد سقوط تجربة الانقلاب البعثي بـ 63، 8 شباط تعرضنا لمضايقات من قبل الشيوعيين لأن الشيوعيين كان أغلبهم في السجون في تلك الفترة هذا يبدو يعني ليس دقيقاً الكلام لكن الدافع يعني يقول ففكرنا أن نعود إلى التنظيم ومن ثم نقوم بانقلاب ونستولي على السلطة إذاً العملية المنهج الذي الذي يحكم هذه المسألة هو منهج انتقامي والروح الانتقامية، وكأن المسألة هي ليست مسألة وطن ولست هناك برنامج لحزب وليست أفكار وليست هناك عقيدة ولا هذه الأفكار التي طرحت وأنا أستغرب أيضاً أن يقول أنه كشف خيبة.. وقع في خيبة أمل كبرى من ميشيل عفلق، لأنه من الناحية الفكرية المادة الفكرية لحزب البعث المادة التي طرحها ميشال عفلق ولم يكن هناك منظرون بالمفهوم المعروف للبعث سوى مثلاً ميشال عفلق في ذلك الوقت إذا ما أغفلنا مثلاً الأرسوزي أو البيطار.
ميسون عزام: نعم.
د. رغيد الصلح: فكان هو المبرّز في هذا المجال، فكيف تكون إذا خيبة الأمل؟! إذاً هي في البداية الأفكار التي قام عليها حزب البعث ربما هي التي أدت إلى خيبة الأمل التي يتحدث عنها الدكتور علاوي.
ميسون عزام: نعم أريد أن أسأل أيضاً الدكتور إياد برأيه فيما طرحه الدكتور والسيد حميد وبالمقابل تأثير تلك الفترة نعود إليها على إياد علاوي.
د. إياد قرقجي (طبيب مقيم في بريطانيا): الفترة اللي صارت بعد 18 تشرين كانت فترة صعبة.. انشقاق في الحزب، أصدقاء الأمس أصبحوا أعداء، وبعدين اللي أثر على الموضوع صارت أحداث 5/9 اللي صار فيها اعتقالات جماعية إلى البعثيين الموجودين، وبنفس الوقت جمعت هالعملية هذه البعثيين اللي انتموا إلى تنظيم القيادة القطرية وفرق بينه وبين الجماعات الباقين اللي كانوا ملتحقين بلجنة تنظيم القطر، فالوضع اللي كان وضع شائك وصعب.
ميسون عزام: نعم طيب أريد أن أنتقل إلى مقطع آخر بحسب شهادة الدكتور علاوي فإن هزيمة 67 كان لها تأثير كبير على توجّهاته وتوجّهات البعث لنتابع ما يقوله في هذا المقطع.
[إياد علاوي: تدري هي أيضاً ما حصل في 67 أيضاً كان لها تأثير يعني انتكاسة.. الحرب العربية الإسرائيلية. فإحنا قررنا أنه إحنا يجب أن نرفع الاستعداد القتالي نستلم.. نسقّط النظام في العراق، نستلم الحكم نرفع الجيش العراقي من 6 فرق إلى 11 فرقة آلية، فرق آلية، ونتعرض لإسرائيل، فهذا كان حلم بالنسبة إلنا يعني].
ميسون عزام: دكتور رغيد يعني استمعنا إلى هذا المقطع هل برأيك كان الدافع الأهم لاستعادة البعثيين للسلطة هو الاستعداد لمحاربة إسرائيل وقتالها؟ أم حب السلطة وربما الانتقام من الأعداء الشيوعيين أو القوميين أو غيرهم؟
د. رغيد الصلح: أعتقد أن الموضوع الفلسطيني كان هاجساً عند البعث منذ نشأته وبالتالي ليس من الغريب أن يفكر البعثيون في العراق بعد هزيمة 67 أن يستلموا الحكم من أجل مساهمة في إيجاد حل سليم للقضية الفلسطينية لكن أود هنا الإشارة إلى أن التفكير في استلام الحكم.. بالوصول إلى السلطة يبدو كأنه شيء غريب عن الأحزاب إن أي حزب سياسي هدفه الرئيسي هو الوصول إلى السلطة وتنفيذ برنامجه في السلطة، والدفاع عن مصالح الجماعات التي ساهمت.. يعني يعبّر عنها هذا الحزب. فالتفكير في الوصول إلى السلطة كان أيضاً موجوداً إلى حزب البعث إلا أنه أيضاً يجب الإشارة هنا إلى أن المسألة الفلسطينية كانت مسألة محورية ورئيسية ولكن هنالك كانت جوانب أخرى متعددة يعني استولت على تفكير البعثيين، وكانوا مهتمين فيها قضية مثلاً الوحدة العربية كانت مهمة، كانوا يريدون العمل من أجل تجديد مسألة الوحدة والدعوة إلى الوحدة العربية، وإنقاذها من واقع التقهقر الذي أصابها فهنالك كانت عدة مسائل تشغل البعثيين وبالطبع..
ميسون عزام: نعم.
د. رغيد الصلح: من أهمها كانت القضية الفلسطينية.
ميسون عزام: طيب بحسب ما قاله إياد علاوي في الفيلم الوثائقي فإن الرئيس السابق صدام حسين عمد منذ البداية على إبراز أقاربه وتمكينهم من الحكم نشاهد سويةً هذا المقطع.
[إياد علاوي: بعضنا لاحظ أن فد أكو شيء غريب أنه يعني
إيلي ناكوزي: هالنظرية يعني..
إياد علاوي: أنه ليش صدام هو من دون الآخرين المدنيين بدأ يختلط بهؤلاء العسكريين مثلاً، واللي همّ محسوبين على النظام وهمّ محسوبين باللي كنا نسميهم رجعيين اللي بعدين لاحقاً
إيلي ناكوزي: تبيّنت بعد 68..
إياد علاوي: تبيّنت أنه هناك تحالف ما بينه وما بين أحمد حسن البكر، وتحالف بني على أساس علاقات عائلية وشخصية مو عن علاقات وطنية وحزبية].
ميسون عزام: سيد حميد يعني أنت عشت تلك الفترة كعراقي هل ظهر صدام حسين فعلاً على أنه يؤسس حكم على أساس أسري ربما؟
"أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام" كونفوشيوس (ع)
-
حميد قاسم (إعلامي عراقي): صدام حسين لم يكن ذلك ظاهراً بأنه عمل على ذلك بالخفاوة منذ أمد بعيد. المشكلة التي ينبغي أن نشير لها هنا أن ضعف البناء التنظيمي وضعف الحياة السياسية الحياة الداخلية في الحزب ضعف الحزب، هي التي أنتجت ظاهرة مثل ظاهرة صدام حسين.. صدام حسين كان بامتياز كان ظاهرة بعثية، هو إنتاج الأزمة البعثية في العراق هذا الحزب اللي نناقش أزمته كان اعتماده في البداية في الأساس قاعدته الجماهيرية طلبة غالباً، والشباب يعني في مرحلة سنية محددة.. هذه.. بالإضافة إلى مجموعة من العسكر، في ما بعد استعان تحدث عنها الدكتور إياد علاوي بمجموعة من القبضايات..
ميسون عزام: الفتوات
حميد قاسم (إعلامي عراقي): الفتوات أو الأشقياء أيه.. في ما بعد أُقصى هؤلاء الشباب اللي بينهم أيضاً ليسوا ناضجين ليستلموا السلطة في 63 وحتى في الـ 68 يعني صدام حسين في 68 كان لا يزيد عمره عن 32 سنة بدأ يؤسس على أساس عشائري، بدأ بالتقرب من أحمد حسن البكر وعمل حارساً شخصياً له ومن ثم بدأ بعملية تنقلات وعملية إضافة ضباط جدد إلى دورات سريعة وترصينهم ترصيناً مركزياً في القصر الجمهوري في الدائرة الضيقة ومن ثم بدأ يحيط حتى أحمد حسن البكر بكل أنصاره وأعوانه إلى أن - في ما بعد - بدأ يضيّق الدوائر عزل: صالح مهدي عماش، حردان التكريتي، سابقاً عزل بعثيين قدامى مثل عبد الخالق السامرائي وسواه إلى أن وصلت الدائرة في ما بعد إلى أحمد حسن البكر نفسه، وأطاح به في المسرحية أو السيناريو الذي أعدّ في يوم على 17 تموز سنة 79 وهكذا الذي ترافق بعد أيام قليلة مع مجزرة كاملة لأعضاء بالعشرات من أعضاء القيادة القطرية والقومية لحزب البعث، إذاً هذا التأسيس يدلّ على أن هناك هشاشة في الحياة السياسية الداخلية للحزب هي التي أفرزت ظاهرة مثل ظاهرة صدام حسين، لأن هذا الحزب أصبح في ما بعد حاضنة للعنف في العراق.
ميسون عزام: نعم، سأضطر لأقاطعك هنا سنتوقف مع فاصل قصير مشاهدينا فاصل قصير ونعود إليكم لنتابع معاً مشاهد وآراء فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم مجدداً ما زلنا معكم وبرنامج مشاهد وآراء نناقش معاً الفيلم الوثائقي (وداعاً العراق) في سياق سلسة: (إياد علاوي: سيرة رجل ووطن) في الفيلم يتحدث علاوي عن دوره في تنظيم البعث وانقلاب 68 والذي أوصل البعث إلى السلطة لنتابع هذا المقطع.
[إياد علاوي: المهمة اللي عندي هي السيطرة على الإذاعة، بنفس الوقت اللي يصير سيطرة على القصر الجمهوري وعلى المعسكرات الأخرى أنه إحنا نتوجّه نسيطر على الإذاعة وهذا ما نفّذناه فكان تحالف مو بس البعث، كانوا كثيرين ما راضين وعلى أساس هذولة يعني إحنا نتصور أنه همّ يمثلون التوجهات الرجعية حين ذاك طبعاً
إيلي ناكوزي: نعم. نعم.
إياد علاوي: همّ حقيقة كانوا على حق، صراحة يعني
إيلي ناكوزي: أنتو كنتوا على خطأ.
إياد علاوي: إحنا كنا على خطأ بس هذا التصور مالتنا حين ذاك].
ميسون عزام: دكتور رغيد كنت متابع ومعاصر لتلك الفترة برأيك ما هو الدور الحقيقي الذي لعبه إياد علاوي في تلك الفترة وخصوصاً أن الحديث عن أنه كُلّف بالسيطرة على الإذاعة يعتبر ويعكس أنه كان نافذاً وفاعلاً في تلك الفترة.
د. رغيد الصلح: الحقيقة أن هذا السؤال وجّه إلى الدكتور وهو الأجدر بالإجابة عليه لأنني كما ذكرت في المقدمة لست مطلعاً على دقائق وتفاصيل علاقة الدكتور علاوي بالحزب وتفاصيل المهمات والأدوار التي كلّف بالقيام بها.
ميسون عزام: طيب أنتقل ربما إلى الدكتور إياد لأتحدث عن علاقة ودور بالأحرى عذراً إياد علاوي في حزب البعث بالمقابل في تلك الفترة بالذات وبالمقابل علاقته مع صدام حسين يعني في خلال حديثه ذكر بأن صدام حسين بنفسه قام بإعلان نبأ وفاة والدته في الإذاعة فماذا تقول في ذلك؟
د. إياد قرقجي (طبيب مقيم في بريطانيا): الدكتور إياد كان وصلته إلى مطار بيروت حوالي 10 أيام قبل انقلاب تموز، إجاني يوم انقلاب تموز الصبح وكان في حالة نفسية جداً تعبانة والدته المرحومة توفت قبل يوم، وأخذنا سيارتي وكانت سيارة جديدة عندي وهو بدّو يسوق وفيه نقاط تفتيش كانت، يعرف كلمة السر فسألته قلت له: شنو الموضوع؟ قال لي: الانقلاب صار وأنا مشارك به وسيطرت أنا على الإذاعة وما نايم للصبح، فاتجهنا بعد إلى المستشفى الجمهوري اللي كنا نطبّق بيه في كلية الطب، وطبعاً الطريق كله فيه مفارز عسكرية اللي كانت قايمة بعملية الانقلاب، ويعرف كلمة السر ويخلّونا نمشي في مع العلم كان فيه منع تجوّل فهذه دلاله إنه كان له دور مهم وفعال في أحداث تموز.. 17 تموز.
ميسون عزام: طيب علاقته مع صدام حسين؟
د. إياد قرقجي (طبيب مقيم في بريطانيا): علاقة إياد مع صدام حسين في سنة الـ 1967بدأ يتردد صدام حسين إلى الكلية الطبية، وكان ذاك الوقت عندنا المرحوم عبد الكريم الشيخلي طالب في الصف الثالث، وكان يتردد يومياً تقريباً صدام إلى الكلية ويجلس في نادي الكلية مع الدكتور إياد ومع مجموعة أخرى من الشباب، ويتحدثون بيناتهم ويشربون قهوة وشاي وكذا وكذا ويطلعون.. أصدقاء يعني.. فيه صداقة وبنفس الوقت علاقة حزبية قوية، فكان يتردد مرات لبيت الدكتور إياد علاوي وطبعاً كان بالفاتحة اللي صارت بمناسبة وفاة والدته.. بس إياد كانت علاقته مع صدام علاقة سطحية أكثر مما هي علاقة روحية.
ميسون عزام: طيب دكتور.
د. إياد قرقجي (طبيب مقيم في بريطانيا): بالنسبة.
ميسون عزام: نعم لو تستمع الآن إلى هذا المقطع سأوجّه إليك سؤالاً بعد أن نعرضه منذ الأيام الأولى بعد نجاح انقلاب عام 1968 جرى الحديث عن انقسامات وانحرافات في البعث لنشاهد هذا المقطع.
[إياد علاوي: شعرت منها أن الأمور راح تمشي بمنحيات خطيرة.
إيلي ناكوزي: مو هيك قلت لعبد الكريم الشيخلي؟
إياد علاوي: فقلت لإياد قرقجي.
إيلي ناكوزي: عفواً.
إياد علاوي: لإياد قرقجي قلت له في ثلاثين تموز قلت له: أنا أعتقد إنه حزب البعث رح يدمّر العراق، وباسم حزب البعث سيدمّر العراق].
ميسون عزام: دكتور إياد يعني استمعت إلى هذا الحديث هل تتذكر هذه المكالمة الهاتفية مع إياد علاوي؟ ما الدفع وراء هذا الحديث؟ وبالمقابل هل لديك نفس الانطباع أو كان لديك نفس الانطباع كما هو؟
د. إياد قرقجي (طبيب مقيم في بريطانيا): هذا ما كانت.. ما كانت مقابلة هاتفية.. مكالمة هاتفية، هاي كانت كنا في السيارة سوى، في يوم ثلاثين أمام سينما نصر حسب ما أتذكّر وكان الدكتور إياد يسوق وفاتحين الراديو فكانت أمسية فبدأت إذاعة بغداد تذيع إنه ترقّبوا بياناً هاماً صادر عن مجلس قيادة الثورة، فالبيان صدر بعد عشر دقائق وكان فيه موضوع تنحية عبد الرزاق النايف والداود وإلى آخره، فرأساً إياد اندار عليّ وقال لي: بدأت عملية تدمير العراق، هذا الكلام كان، قلت له: دقيقة يعني على مهلك شو إنت منفعل ولاّ، قال لي: شوف إياد شوف شو رح يصير بالبلد؟ بدأت عملية تدمير العراق. هذه اللي كان مو كانت مكالمة هاتفية. والموضوع كان إلو أسبوع، هو كان وضعه النفسي نهائياً ما مرتاح، على اللي كان يصير في البلد، وبنفس الوقت كان عند العراقيين وبصورة عامة الناس كلها تعرف أنه هذا اللي يسموه عرس واوي، وعرس واوي عنا في العراق هو العراقيين يعرفون شنو أنه قضية وقتية، الائتلاف اللي صار بين جماعة النايف وحزب البعث كان مكتوباً عليه الانتهاء في أسرع وقت ممكن، بالحقيقة أقدر أقولكم المؤامرات بدت بيناتهم ورا ساعة مما سيطروا على الحكم، بدت قطعات عسكرية تتحرك وبدت التنظيمات السابقة للحرس القومي بدت تلتمّ في النوادي الرياضية وأسلحة بدت تجي، فكان.. فكان أكو استعداد لـ.. لـ.. القضية هذي، فما كان عجيب أنه.. أنه هل الشي يصير هذا والدكتور إياد عنده كان حس أنه هالشي راح يصير والناس اللي راح تسيطر بالمستقبل راح تقوم في عمل يدمر العراق، وهذا ما حصل.
ميسون عزام: طيب، يتحدث أيضاً الدكتور علاوي عن مراكز القوى والمخططات في تلك المرحلة لنشاهد هذا المقطع.
[إياد علاوي: كان يدير الأمور أحمد حسن البكر نفسه.
إيلي ناكوزي: طيب ليش ما قدرتوا أقنعتوه؟
إياد علاوي: بس الـ.
إيلي ناكوزي: ما حاولتوا؟
إياد علاوي: بس بطريقة أيضاً يعني بها.. تمتاز بالذكاء إلى حدّ ما، أحمد حسن البكر كان يتخذ إجراءات وقرارات على صعيد توازن القوى في العراق سواء داخل الحزب أو بالمحيط العراقي السياسي ككل، القرارات اللي كان ياخذها كانت تصب في مصلحة صدام.
إيلي ناكوزي: نعم، تبادل مصالح يعني؟
إياد علاوي: إيه فصار تلاقي مصالح فكان التخطيط هو البكر].
ميسون عزام: سيد حميد يعني هل لك أن تحدثنا قليلاً عن مراكز القوى في تلك الفترة، من الذي حكم العراق فعلياً؟ هل هو صدام؟ هل هو البكر؟ أم من؟
حميد قاسم (إعلامي عراقي): صدام حسين في تلك الفترة بدأ كما قلت لك يستغل ويستثمر بطريقة ملعوبة تماماً بين قوسين (يستغل شعبية أحمد حسن البكر داخل حزب البحث) لأن المعروف أن أحمد حسن البكر ليست له شعبية يعني داخل الشعب العراقي يعني بين أفراد الشعب العراقي لأنه رجل عسكري وحتى كان مغموراً من ضمن الضباط الأحرار اللي جاؤوا في ثورة 14 تموز 1958، وعرف لأول مرة في انقلاب 1963 حينما التحالف بين القوميين العرب وبين البعثيين أثمر عن هذا الانقلاب وكان عبد السلام رئيساً للجمهورية وأحمد حسن بكر رئيساً للوزراء، فاستثمار أو استغلال صدام حسين لموقع أحمد حسن البكر الذي كانت له مكانة مميزة داخل البعثيين الذين استولوا على السلطة وخصوصاً همّ كانوا بالمئات، إن لم أقل أقل من ذلك، يعني لم يتوسع الحزب هذا التوسع الأخطبوطي المعروف أسبابه ومبرراته حتى إنه كان يدعى أحمد حسن البكر بالشايب على أساس أنه ختيار الحزب أو الرجل الكبير أو الحكيم في الحزب، فصدام حسين استغل هذه المسألة إلى أن كما قلت لك سابقاً أحاط أحمد حسن البكر بكل العناصر الموالية له وبدأ بتصفية العناصر الموالية لأحمد حسن البكر حتى وصل الأمر في النهاية إلى اغتيال ابن أحمد حسن البكر الذي كان مديراً لمكتب أبيه، وتصفيات كثيرة مثل نسيبة صهره الذي كان أعتقد اسمه مظهر أو شيء من هذا القبيل لا تسعفني الذاكرة الآن بدأ بتصفية حتى الضباط اللي كانوا يدينون بالولاء لأحمد حسن البكر وكانت الواجهة هي أحمد حسن البكر التي لم تستمر إلا أعتقد إلى 1969 حيث تم تنصيب صدام حسين رسمياً بما يسمى نائب رئيس مجلس قيادة الثورة.
ميسون عزام: نعم.
حميد قاسم (إعلامي عراقي): ومن هناك بدأت سلطة صدام حسين ونفوذ صدام حسين وهيمنة وجبروت صدام حسين يظهر حتى يتحدث عنه الشارع العراقي في كثير من الاستغراب والخوف.
ميسون عزام: نعم، لنستمع إلى رأي الدكتور رغيد، دكتور رغيد ماذا تقول في ذلك: هل فعلاً استغل صدام موقع البكر؟ وبالمقابل كان البكر مجرد الختيار ليس إلا؟
د. رغيد الصلح: كانت هنالك علاقة شبه تبنّي بين أحمد حسن البكر وصدام حسين، يعني البكر.. البكر لم يكن خافياً عنه أن صدام طموح وأنه يريد أن يعزز مواقعه في السلطة وفي الحزب وفي مؤسسات الدولة، وكان أحمد حسن البكر يعني يساير صدام في هذا الأمر وربما ما جاء به الدكتور علاوي في شيء من الصحة بمعنى أنه كان يساعد صدام على تعزيز موقعه، تعزيز مكانته في الحزب والدولة، وصدام بالمقابل كان يعني متفاهماً مع البكر، يدافع عنه في كثير من الأحيان، ولدى بعض المؤسسات الحزبية حتى أن هنالك جرى بعد أحداث أيلول في الأردن كان هنالك اجتماع مشترك بين القيادة القومية في العراق وقيادة قطر لبنان ويعني صدام قال أن.. طبعاً هناك كان شبه نقمة أو شبه استياء لأن العراق لم يتدخّل لحماية المقاومة الفلسطينية وعُبّر عن هذا الاستياء في لبنان بشكل علني.. الحزب في لبنان عبّر عن موقفه هذا.
ميسون عزام: نعم.
د. رغيد الصلح: عبر الإعلام، في هذا الاجتماع صدام هو الذي روى رواية بشكل قال فيه إنه هو يتحمل مسؤولية هذا القرار غير الشعبي وليس أحمد حسن البكر بالعكس أحمد حسن البكر كان ميالاً إلى التدخل حسب قول صدام، ولكن هو الذي يعني ضغط على البكر لكي لا يتدخل حرصاً على بقاء الحزب في السلطة في العراق وحرصاً على استقرار الوضع لأن الوضع لم يكن مستقراً بعد سنتين من قيام الحزب بالاستيلاء على السلطة وقال آنذاك أن استمرار الحزب في السلطة في العراق سوف يكون ظهيراً مهماً للمقاومة الفلسطينية فلا تصفّى المقاومة إذا استمر الحزب في السلطة..
ميسون عزام: طيب سأضطر للتوقف هنا نعم عذراً هناك فاصل قصير مشاهدينا فاصل قصير ونعود إليكم فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم مجدداً تتابعون برنامج مشاهد وآراء وسلسلة: (إياد علاوي: سيرة رجل ووطن) بحسب ما يقول الدكتور علاوي فإن الصراعات الدموية في البعث بدأت بعد قليل من تولّي السلطة لنشاهد هذا المقطع.
[إياد علاي: أول محاولة لضرب العناصر الحزبية جرت عندما اعتقل وبعدين قُتل محمد علي سعيد أحد قادة الـ .. وبعض الإخوان من سامراء وسعد وهيب وآخرون من الحزبيين المتقدمين..
إيلي ناكوزي: القضاء على كل من يشكل خطراً.
إياد علاوي: إي داخل المؤسسة العسكرية.
إيلي ناكوزي: داخل المؤسسة العسكرية.
إياد علاوي: من البعثيين صُفّي.. تمت تصفيتهم فلعب لعبة مزدوجة صدام بدأت تتكشف مع الأيام].
ميسون عزام: سيد حميد يعني أريد أن أسأل ما تفسيرك للصراعات التي حدثت هل هي بسبب الصراعات شخصية ربما على النفوذ أما صالح خارجية أن تكون ربما تكون لعبت دوراً؟
حميد قاسم (إعلامي عراقي): واضح أن صدام حسين شخصية طموحة وكان لا يرضى بأقل من أن يكون الأول في الموقع الذي يكون هو فيه، ضمن المجموعة التي هو فيها. صدام حسين وجد نفسه يعني وسط - بعد أن تمت بعد أن يعني أدت أزمة 63 إلى تصفية الكثير من الكوادر التي نقول متعلمة ولا نقول مثقفة أو ذات الوزن الفكري - وجد نفسه في الموقع الأبرز يعني بعد أحمد حسن البكر وهو رجل عسكري كما قلت لك وحتى أعلن براءته في 63 من حزب البعث علناً، يعني في الصحافة هذا أمر معروف وموثّق. فكان صدام حسين يسعى إلى أن يزيح الآخرين بأي.. بأقسى الوسائل وأبشعها وليس الأمر كما تحدث الدكتور إياد علاوي فحسب داخل حزب البعث بل حتى هو يعني يتغافل كثيراً عن الاغتيالات التي بدأت بعد أيام ناصر الحاني الذي كان وزير خارجية العراق بعد 68 بعد انقلاب 17 تموز، قتل ووجد في أحد المناطق شرقي بغداد.
ميسون عزام: إذاً لماذا هي هذه الصراعات؟ وما تفسيرك لذلك؟
حميد قاسم (إعلامي عراقي): هذه.. صدام حسين طموحاته لا تتوقف على أن يكون نائب رئيس مجلس قيادة الثورة.. هو يريد أن يستولي على السلطة لتلبية رغباته يعني هذا ربما علماء النفس والاجتماع معنيون بتحليله أكثر ولكن كما قلت لكِ حزب البعث بعد 63 أصبح..
ميسون عزام: إذاً الشغف للسلطة وليس هناك أي.. أي تدخّلات خارجية أنت تقول، ليست هناك أي مصالح خارجية أنت تقول.
حميد قاسم (إعلامي عراقي): ربما ترتبط بمصالح خارجية ودليل على ذلك ما قاله الدكتور رغيد الصلح عندما تحدث عن تبرير صدام حسين عدم تدخل الجيش العراقي الذي كان متواجداً بكثافة في الأردن أثناء أحداث أيلول سبتمبر 70..
ميسون عزام: نعم.
حميد قاسم (إعلامي عراقي): فبرر صدام حسين عدم التدخل في أنه للحفاظ على المقاومة الفلسطينية ببقاء حزب البعث. ما هو المقاومة الفلسطينية كانت تذبح يعني لماذا ينتظر الجيش العراقي أو صدام حسين ليصدر الأمر لإيقاف هذه المجزرة؟ أنا لم أحمِ المقاومة الفلسطينية من الذبح لكي أحافظ على المقاومة الفلسطينية!!
ميسون عزام: طيب.
حميد قاسم (إعلامي عراقي): منطق غريب.
ميسون عزام: بالمقابل تحدثنا عن التصفيات وسنتابع هذا المقطع كانت السنوات الأولى التي أعقبت 68 في العراق مفعمة بالصراعات والتصفيات لنشاهد سويةً هذا المقطع.
[إياد علاوي: أول شي هو ضرب البعثيين، ضرب القوى الناصرية، ضرب المرجعية اللي متمثلة في السيد محسن الحكيم وخاصة بمتابعة ابنه الشهيد مهدي اللي بعدين قتلوه، في السودان اغتالوه.. وضرب الأكراد. وبهذا حقيقة وجد حزب البعث نفسه في خندق محاصَر في الوقت اللي كان رافع شعار الجبهة الوطنية في العراق أصبح محاصراً من كل القوى السياسية].
ميسون عزام: دكتور رغيد يعني برأيك لماذا تراجعت القيادة البعثية عن مشروع الجبهة الوطنية كما ذكر الدكتور علاوي وبالمقابل اختار طريق التصفية للقوى السياسية.
د. رغيد الصلح: أعتقد أنه كان هنالك ميل للتفرد بالسلطة على أنه أودّ الإشارة هنا إلى أن هذه الرغبة في التفرّد لم تكن احتكاراً للبعثيين فقط. تاريخ الصراعات السياسية في العراق بين الأحزاب - خاصة الأحزاب الراديكالية والثورية - هو تاريخ دموي وفيه نزعة استئثارية إقصائية واضحة عند الجميع وأعتقد أنه عندما نقيّم مرحلة من مراحل تاريخ أي بلد يجب تقييمها بدقة وبموضوعية، بحيث لا يعني نركّز على الجوانب السلبية والمثالب الموجودة عند حزب واحد فقط، وإنما أن نراجع هذه التجربة بغرض الخروج منها وتجاوزها، وهذا يقتضي أن نحاسب - يعني مش نحاسب - أن نراجع التجربة بمجملها، وأن نراجع أدوار الجماعات المختلفة بمجملها لكي نقيّم العلاقات في ما بينها تقييماً سليماً ومفيداً في المستقبل كما تفضلتِ بالإشارة إلى هذا الموضوع في بداية البرنامج.
"أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام" كونفوشيوس (ع)
-
ميسون عزام: طيب، يتحدث الدكتور علاوي عن شخصية صدام حسين وأيضاً عن رفضه التعامل معه في الفترة الأخيرة قبل مغادرته العراق في العام 71 لنشاهد هذا المقطع:
[إياد علاوي: صدام يعني كان مو محسوب بهالمستوى، كان محسوباً يعني هو اللي إحنا نسميه بالعراقي الشقاوات القبضايات..
إيلي ناكوزي: الزعران يعني..
إياد علاوي: أيه أيه.. المسدس بالحزام ويفرفر وكذا.. وشنو.. فقال أريد أشوفك ممكن نلتقي؟ فقلت له: والله ما أقدر أطلع، العميد.. عميد الكلية ما يسمح لي أن أخرج.. كان عميد الكلية جالس فاستمر الحديث بالتصعيد بالتلفون هذا حقيقة].
ميسون عزام: دكتور إياد أريد أن أوجّه سؤالي إليك يعني صدام معروف بعنفه ضد أو تجاه كل من يكون ضده أو ينتقده بالمقابل برأيك لماذا لم يتخذ أي إجراءات ضد علاوي بعد هذا الموقف؟
إياد قرقجي: والله أنا شخصياً أعتقد دكتور إياد طلع في الوقت المناسب، أنا طلعت قبله إلى لندن بأسبوع.. أخوه خابرني كلّمني بالتلفون قال لي: أحزر منو أجا؟ قلت له عرفت أنا أجا هنانه معاه زملاء 2 دكتور علي أبو الخيل وأتذكر كان وائل السامرائي فأجوا هم حكوا لي القصة بالضبط شلون صارت يعني اصطدم مع صدام بالتلفون، فبعدين ورا ما سكّر التلفون همّ قالوا له: أنت بأي يعني.. هاي فد جراءة اللي اللي مو محسوبة نتائجها، فهو بالنسبة له بالنسبة له كان عنده بعثة إلى بريطانيا، وقرر في ذيك الأثناء أنه يبتعد عن هالجوّ بخطورة.. يعني صراحة أنا هذا كان باعتقادي..
ميسون عزام: ولكن نعم دكتور إياد رغم هذه الخطورة التي تتحدث عنها إلا أن إياد علاوي بالمقابل استبعد أن تتم تصفيته دعنا نشاهد أيضاً هذا المقطع الذي يتحدث فيها الدكتور علاوي عن هذا الموضوع.
[إياد علاوي: أعتقد كان افتراق مو مسألة خلاص يعني، ما كنت أتصور أنه توصل بيه.. تدري حقيقة يعني بشكل عام علاقاتنا داخل الحزب الكل كنا يعني علاقات أخوية وصداقة وزاد وملح مثل ما يقولون وكانت تحصل بالحزب انشقاقات كثيرة ويعني ناس تترك وناس كذا إلى آخره].
ميسون عزام: سيد حميد يعني استمعت إلى الدكتور علاوي استبعد كلياً أن تتم تصفيته لماذا برأيك؟ هل يعود ذلك ربما إلى العلاقات القوية ما بين البعثيين؟ أم لأسباب أخرى ما هو السبب؟
حميد قاسم (إعلامي عراقي): ربما تعود إلى حسابات أخرى يعني يحسبها صدام حسين.. صدام حسين لا يلجأ إلى الحل الجذري والحاسم من البداية هذا من ضمن تكتيكاته واستراتيجيته في كسب الولاءات ربما كان يفكّر في أن يستعيد ولاء إياد علاوي في يوم ما، والدليل على ذلك أن إياد علاوي بعد خروجه لم تنقطع صلته بحزب البعث بل أصبح مسؤولاً عن - كما نعرف – عن المنظمة الحزبية البعثية في بريطانيا، لعدة سنوات قبل أن تنتهي علاقته بحزب البعث وتحدث هذه القطيعة الأساسية والنهائية..
ميسون عزام: ولكن موقف مثل الذي استمعنا إليه وبمعرفة عن شخصية صدام حسين لماذا لم يتصرف أي تصرف كما عهدناه يعني من خلال الأخبار.
حميد قاسم (إعلامي عراقي): هذا أمر غريب يعني لا أجد له تفسيراً أن يجرؤ أحد في ذلك الزمن في زمن صعود صدام حسين الذي في تلك الفترة خصوصاً فترة تأسيس لا يسمح فيها .. في أن أحد يثلم هذه الهيبة أو يتصدّى لهذا المشروع خصوصاً في بداياته كان منطلقاً بعنفوان قوي، ربما يعني يمارس من السياسة وكسب الولاءات يشتري الولاءات أحياناً بالإغداق بالمال أو بالمناصب أو غير ذلك أو بالوعود حتى بالبعثات الدبلوماسية وغيرها لكن أن يسمح صدام حسين بمرور هذا الأمر مرور الكرام وكأن أن شيئاً لم يكن وبدون أي عواقب وبدون أي حادث بسيط يعني حتى على صعيد الإيذاء الجسدي مثلاً مو شرط التصفية فهذا أعتقد أنه أمر غريب ويعود تفسيره للدكتور إياد علاوي أكثر من الآخرين لأن هذه المسألة غير واضحة وحدثت يعني كما يقول الدكتور إياد علاوي بينهما هاتفياً يعني المسألة بدون شهود.
ميسون عزام: نعم، لأ هناك كان شهود في الحقيقة قال أنه كان الأستاذ موجود.. الأستاذ في الجامعة كان موجوداً على كلٍّ لن ندخل
حميد قاسم (إعلامي عراقي): وانسحب.
ميسون عزام: وأنسحب فعلا، على كلٍّ في تلك المرحلة كان الدكتور يرى أنه يمكن معالجة الموضوع في حوار داخل البعث بمؤتمر قطري أو قومي لنشاهد هذا المقطع.
[إياد علاوي: أنت تحاول بعد ويّاهم هذا أنت مصطفّ اصطفافاً كاملاً ويّا صدام واتفقوا سوا وتحالفوا وهذا التحالف يجب أن ينتهي، وما رح ينتهي إلاّ بتأثير من القيادة القومية.. تدعو إلى مؤتمر الحقيقة أنه ممكن دعوة مؤتمر قطري أو قومي خارج العراق، هذه هي نفس المطالب بعدين اللي طلبها ناظم قزار لاحقاً بعد سنتين].
ميسون عزام: دكتور رغيد هل تعتقد أن الأمر كان يتطلب فعلاً مؤتمراً قومياً أو قطرياً؟
د. رغيد الصلح: كانت هنالك الكثير من الظواهر التي كانت تحتاج إلى معالجة على مستوى التنظيم الحزبي القومي وبالفعل يعني حدثت محاولات من هذا النوع وحدث.. حدثت محاولة من أجل عقد يعني بعض الهيئات القيادية القومية خارج العراق.. إلا أنه يجب إلا أنه يجب أن نأخذ بعين الاعتبار التفاوت بين حجم المنظمة الحزبية في العراق وحجم المنظمات الحزبية خارج العراق فبما أن الحزب كان في العراق كبيراً ويحكم قطراً عربياً مهماً.. دولة عربية مهمة تشكل قوة إقليمية مهمة فكان له الصوت الراجح داخل المؤسسة الحزبية سواءً انعقد المؤتمر القطري القومي خارج العراق أو بداخله، يعني كان لو عقد المؤتمر قومي خارج العراق تمثيل الحزب في العراق كان يلقي بظلّه على القرارات التي يمكن كانت أن تتخذ وعلى اتجاه المناقشات ويعني الجدل داخل المؤتمر القومي على أنها أودّ أن ألفت النظر هنا إلى أن أنه عقد مؤتمر قومي في العراق بعد وصول الحزب إلى السلطة عام 1968 واتسمت المناقشات فيه بدرجة عالية من الصراحة وفي كثير من الأحيان من المواجهة بين صدام.. صدام حسين وبين يعني أعضاء الحزب الذين قدموا من مناطق مختلفة من الدول العربية يعني بعض الإخوان كانوا يوجّهون انتقادات واضحة وصريحة إلى بعض الظواهر في.. التي رافقت الوصول إلى السلطة والتي تبعت هذا الوصول.
ميسون عزام: دكتور سنضطر للتوقف هنا انتهى وقت البرنامج دعني أشكرك كان معنا من لندن الدكتور رغيد الصلح الباحث الأكاديمي، ومن لندن أيضاً كان معنا الطبيب إياد قرقجي الصديق الشخصي لإياد علاوي وفي الأستوديو الأستاذ حميد قاسم الصحفي والباحث العراقي مشاهدينا شكراً للمتابعة وإلى اللقاء.
http://www.alarabiya.net/Article.aspx?v=9625
http://www.alarabiya.net/Article.aspx?v=9406
"أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام" كونفوشيوس (ع)
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
|