طوبى للجعفري والعار كل العار لقطاع الطرق

أرض السواد : بقلم المحرر



لا يخفى على كل عراقي شريف أن تخلي السيد الجعفري عن الاستحقاق الانتخابي الدستوري لرئاسة الوزراء جاء على خلفية ضغوط كبيرة جدا , داخلية وخارجية , ومن داخل الائتلاف نفسه ممن قبلوا على أنفسهم أن يلعبوا هذا الدور الخطير .. لقد توجهت السهام صوب الجعفري من اليوم الأول الذي اُنتخب فيه رئيسا للوزراء قبل سنة من الآن - فترة انتخابات المرحلة الانتقالية - واستمر قطاع الطرق على اختلاف مشاربهم من ذلك اليوم حتى ليلة أمس , لم يكن همهم غير الاطاحة بالجعفري , حرقوا العراق كله في سبيل أن يُقال ان حكومة الجعفري فشلت ! لفقوا الأقاويل والأساطير حول السجون السرية وفرق الموت وما تركوا شاردة ولا واردة الا وتلاقفوها .. شنوا حربا اعلامية لا مثيل لها وما استطاع واحد منهم أن يطعن بشخصه الكريم باستثناء بعض الأبواق المدفوعة الثمن ..

لو تخلى السيد الجعفري منذ يوم رفضوه لما اتضحت الصورة بهذا الجلاء اليوم ! ولما عرف الشعب العراقي من هو المخلص من الانتهازي والوصولي والمتهالك على منصب زائل لبضعة سنين يدفع القائد الشريف فيها جهده ووقته وحياته في مثل ظروف العراق , بل وحتى ماله ! فالسيد الجعفري قد تبرع بكل رواتبه وهو رئيس وزراء الفترة الانتقالية الى عوائل شهداء جسر الأئمة !! .. نعم كنا نأمل أن يكون السيد الجعفري أكثر اصرارا ليحكم البرلمان المنتخب , وما هي الا فواق ناقة ! ووقتها لكنا أكثر حظاً في معرفة المزيد من قطاع الطرق ومن المتربصين باختيار الشعب . ولكن الخير فيما وقع فربما لو رُحلت القضية الى مجلس النواب لاطلعنا على أمور نولي منها فراراً ! ..

لقد رفضوا الدستور برفضهم للجعفري المنتخب ! رفضوا الدستور وتمسك به الجعفري , حتى في إرجاع الأمانة للائتلاف كان الجعفري حريصا أن يخالف الدستور , والعراق اليوم وهو يحبو دستوريا , بحاجة ماسة الى من يحترم الدستور ويشيع الثقافة الدستورية والقانونية .

كنت وطنيا أيها الجعفري حين لم ترضخ الى املاءات البيت الأبيض الاسود , ولو وجد فيك سفيرهم أدنى ثغرة تخدم مشروعهم لما تجرأ أحد على رفضك ..

كنت وطنيا وأنت لم تداهن على اقتطاع كركوك وتركت أمرها للدستور وممثلي الشعب العراقي في مجلس النواب , ولهذا استشاط من يهمهم الأمر غضباً ! .

كنت عراقيا أصيلاً وأنت ترفض مناقشة اتفاقية الجزائر مع ايران في أول زيارة لك لطهران , بينما تسول الآخرون في مرابع الكريملين ..

كنت صوتا لأبناء المقابر الجماعية وأنت تعلن الخطر الأحمر بوجه البعث وأذنابه في مؤتمر الوفاق بالقاهرة ولا زالت كلمتك الارتجالية تدوي في أسماع ابناء المقابر الجماعية ..

كنت شعبيا ولم تركن الى هدوء المنطقة الخضراء ففي بضعة أشهر زرت أبناء شعبك في معظم مدن العراق كالبصرة والديوانية وكربلاء والعمارة والرمادي والكوت والنجف وتلعفر ومدينة الصدر .

كنت صدريا بحق وأنت تحتضن أخوتك وأبناءك من التيار الصدري , ولم تجافي مظلوما لحسابات سياسية ..

لم تكن معصوما وجل من لا يخطأ , ولكن أمانتك ونزاهتك واخلاصك لم يشكك فيها عراقي منصف غير مؤدلج ..

لم يسلبك من أسميته (قطاع الطرق) حقك بل سلبوا حق الشعب فيك .. واذا كانوا قد حققوا نجاحا ظاهريا لغل وحسد في نفوسهم و ( متسافل الدرجات يحسد من علا ) , فإنك تعاطيك مع أزمتهم المفتعلة قد عرتهم وقريبا ما يرحلون وقد رحلوا فعلاً من قلوب ابناء الشعب , وتجذَّرت أنت في أعماق الجماهير لتساميك .. وسيسجل التاريخ من باع ومن اشترى , وسيسجل التاريخ انك خضت غمارها وخرجت منها بيد بيضاء ناصعة .. وأبناء المقابر الجماعية , المضطهدون , الناخبون , الكثرة الكاثرة من مريدي أرباب النزاهة والأمانة , هم وحدهم من يكتب التاريخ هذه المرة ولن يبخس التاريخ للجعفري حقه .. فطوبى لك ولمدرسة الفكر التي تنتمي اليها .



محرر أرض السواد