لسنا بصدد سوق المبررات وبيان الأيجابيات التي حملت أطرافاً سياسية كبيرة وجهات مستقلة ذات تأريخ طويل في مقارعة الظلم والظالمين للأنضواء تحت لائحة وطنية شاملة رعتها المرجعية الدينية في العراق، سيما وإنها وضعت المصلحة الوطنية والإسلامية العامة فوق كل الاعتبارات الخاصة، لأن أسباب مثل هذا التلاحم وفي هذه المرحلة بالذات باتت معروفة للجميع، وهو ما يدعونا الى إعتبار هذا الإئتلاف معبراً بدرجة كبيرة عن حاجة المرحلة.
فمما لاشك فيه إن التحدي الأكبر في المرحلة القادمة يكمن في محاولة تبني بعض التحالفات لطروحات وبرامج سياسية ستمهد الطريق لعودة حقبة جديدة ربما تشابهت في صورها مع الحقبة المظلمة الماضية من تأريخ العراق الحديث وهذه المرة تحت مسميات ولافتات وطنية وبلباس جديد هو الخيار المفضل للمرحلة بعيداً عن شبح الديمقراطية الحقيقة والذي سيضع أنظمة كثيرة مفروضة على شعوبها في المنطقة أمام استحقاق التغيير، ودوائر أخرى تخطط لأحكام قبضتها على مقدرات الشعب العراقي وتمرير سياساتها في المنطقة، وفي هذه المرة سيكون التنكيل بالرأي الآخر مبرراً بسيف الشرعية حيث كان مبرراً إبان حكم النظام السابق فكيف بنا الأن وغطاء (شفاف) من الشرعية يلفه.
ومن أجل أن لا نستغفل بالشعارات البراقة ومن أجل أن نخرج من نشوة الإنعتاق والتحرر من النظام الصدامي الى ميدان العمل الحقيقي وجني ثمار التضحيات الجسيمة التي قدمها المؤمنون والشرفاء من أبناء العراق، يجب أن نبادر الى كل ما من شأنه جمع كلمتنا وتوحيد موقفنا ونبذ إختلافاتنا والترفع عن كل الحسابات الشخصية والمناطقية والقومية والمذهبية لأن ما يراد لمستقبل العراق لا يبتعد كثيراً عن مؤامرة كبرى اشترك ويشترك فيها الكثير من الأشخاص والقوى السياسية ودوائر إقليمية ودولية تستهدف هويته وحضارته واقتصاده ومجتمعه.
من هنا نؤكد إن المشاركة في الإنتخابات والتصويت لمن نعتقد انه سيتكفل بصيانة وحدة العراق وأمنه وصيانة النسيج الإجتماعي من التفكك وبناء اقتصاد متين والحفاظ على هوية الشعب ليس كافياً وحده، فالمطلوب هو الحضور الفاعل في الساحة المحلية والخارجية لمراقبة سير الأحداث لقطع الطريق على كل المحاولات التي ربما تحملها الأشهر القادمة لإجهاض التجربة الديمقراطية بذرائع شتى.
ومن هذا المنطلق نعتقد إن الإتهامات الرخيصة التي حاول سوقها أحد اقطاب الحكومة المؤقتة (وزير الدفاع) مؤخراً واتهام لائحة "الإئتلاف العراقي الموحد" بتبعيتها لإيران هو خطوة أولى لمؤامرة تحاك في أقبية الدوائر الخارجية تسبق نتائج الإنتخابات للتشكيك بها فيما لو كانت لا تتوافق ومخططاتهم وقد سبقتها دعوة الملك الأردني بنفس الإتجاه، هذا من جهة ومن جهة أخرى هو التأثير على رأي الناخب العراقي وتخويفه من مغبة الإقدام على انتخاب اللائحة المذكورة.