مرجعية السيستاني وشيعة العراق

كتابات - سالم علي

يبدو أن البعض بات يحلو له المجاهرة علناً بخضوعه المطلق لشخصيات أجنبية هناك ألف مؤشر ومؤشر على فساد أدارتها وملاحقتها بالكثير من الشبهات التي بدأت تطفو على السطح يوماً بعد يوم.

وليس بجديد الاشارة الى مشكلة الشيعة والمرجعيات الفارسية، وبالتالي التسرب الفكري الغريب للتفكير الفارسي والعقلية المركبة لحضارة تمتد الى آلاف السنين، والتي تمظهرت في مسميات وأشكال مختلفة وباسم التشيع وهو منها براء.

والحق يقال انه ربما لم يستفق البعض جهلاً، وغفلة، وسذاجة من تسرب الكثير من المعقتدات الفارسية الى العقيدة الشيعة النقية كنتيجة منطقية للهيمنة الفارسية على مقاليد الحوزة الدينية في النجف الأشرف، وكربلاء، وغيرهما، فلم يدرك هذا البعض أن الكثير من الشبهات التي تنا ولت عقيدة التشيع كانت قد ترشحت من عقليات سدنة الحوزة من الايرانيين فبات مفكرو الشيعة لا هم لهم إلا دفع تلك الشبهات وتأويلها دون أن تنالها يد جراح شجاع ليضع الكثير من النقاط على الحروف.

وشيعة العراق وأهل الجنوب بالتحديد منهم والذين ترواحت مسمياتهم بين "الشروكية" و"المعدان" في القاموس الفارسي لا مناص من أن يبقوا كذلك أتباع مطيعين لمشيئة السادة الاجلاء القادمين من بلاد فارس طالما انهم في نظر الأخيرين من الاعراب الاشد كفراً ونفاقاً، والذي يجب أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله، بل وهم من الجهلة طالما أنهم لن ينالوا ما يناله علماء بلاد فارس الذي جاءوا بالمن والسلوى لهؤلاء الحفاة العراة المتسكعين.

هؤلاء الجهلة!! ليس لهم أن يتساءلوا عن حقيقة مراجعهم الفرس، وعن دورهم وعن ارتباطاتهم، وعن المنهج الذي يتبعونه في معالجة قضاياهم، بل وعلى هؤلاء الجهلة!! أن يسلموا قيادهم لهؤلاء يقودونهم حيث يشاؤون، وما عليهم إلا الطاعة وا لركون، ومن خرج على هذه القاعدة المقدسة فالتفسيق والتكفير هو أمضى سلاح للقضاء عليه.

بالامس القريب كان موقف السيد محسن الحكيم السلبي من العراقيين، وبعده ورث المنصة السيد الخوئي وموقفه لا يحتاج الى بيان، والمليارات التي ورّثها لاولاده وأرحامه لا تأكلها النيران، والجاه والنعيم الذي يعيشه اولئك فوق الخيال، بل يكفي أن يتأمل أحد كيف كان يعيش ولده مجيد في لندن، بل وكيف كان يحيا صهره جلال واولاده الذين جابوا شرق الدنيا وغربها وهم ينثرون حقوق الفقراء من الشيعة على ملاذهم وملاهيهم.

ورغم ذلك كله لم يكن بوسع أحد أن يرفع أصبع الاتهام نحو تلك المرجعية وحاشيتها التي نخرها الفساد، والتي أسعدها استشهاد المفكر العراقي الشهيد محمد باقر الصدر، طالما كان رحمه الله تعالى من أول المشككين بتلك الحاشية، وكان من الداعين الى اقتلاعها من جذورها.

قُتل محمد باقر الصدر، وقتلت اخته، وقتل الكثيرون، ومرجعية الخوئي تواصل جمع الأموال، فلا شأن لها بمرجع عراقي، حين تبارى كل المراجع الفرس والعرب للوقوف بوجه الشاه حينما حاول أن ينال من الامام الخميني رحمه الله، وكان ذلك ال موقف على عظمته لا يمكن أن يسري بأي حال من الاحوال على المراجع العرب وإن علا شأنهم، وارتفع قدرهم.

عجلة مدمرة سحقت كل العقول العربية الشيعية التي لا تدور في فلك الهيمنة الفارسية، ونالها الكثير من الأذى والتسقيط والاتهام وأعانها على ذلك نظام الجور القذر لصدام وزبانيته، فكان خير عون لهم لتنفيذ هذه السياسة لرضاه عن الصمت المطبق لهؤلاء المراجع الايرانيين عن سياسته الحمقاء والظالمة، فلا غرو أن تتضخم ثروات هؤلاء المراجع، وتزداد قدراتهم، وتمتد شبكاتهم، وتجند لتحقيق هالاتهم الكثير من الأقلام المأجورة، والنيات الساذجة، حين تطارد اللعنة والاتهامات، بل والقتل غيرهم.

واليوم تطل علينا مرجعية لا يجهل حقيقتها إلا السذّج والبسطاء، انتقلت الى يديها قدرات مادية ضخمة، وشبكات معقدة تمتد الى أنحاء العالم، ومصالح مادية متشابكة ستكشفها الأيام، باتت ووفق سياسة لم تعد خافية تتحدث جزافاً وظلماً ب اسم شيعة العراق، ودون وجه حق، أو حجة منطقية خلا ما يروج له اتباعها ومريدوها.

هذه المرجعية التي نمت غفلة في ليلة وضحاها لم يتوقف أحد ليسأل نفسه كيف نمت، وكيف ترعرعت، وما هي مقومات وجودها، بل وما هي ارتباطاتها، ومن يمثلها، ومن يتحدث باسمها، وكيف تدير شؤون الشيعة، وباسم من، ولمصلحة من!!< /SPAN>

مرجعية تطابقت مصالح الآخرين ـ عدا شيعة العراق ـ في ايجادها، ودعمها، ورفدها، وتقديمها الى الواجهة، ومرجع دفع الى واجهة الاحداث دفعاً، وانيطت به دون حق مسؤولية شيعة العراق حين كان حتى اواخر حياة الخوئي مجرد رقم متواضع في مؤسسة مالية ضخمة تمتد من العراق الى لندن، وتتحكم بمصائر ملايين الشيعة النائمين في أحلام العسل وسطوة الطاغية.

ان هذه المرجعية التي يتجرأ البعض بوصفها ضمير العراقيين وأملهم ليست ألا واجهة براقة لحقيقة مرة ستكشفها الأيام آجلاً أم عاجلاً، وحينها ستطارد المروجين لها اللعنات المتلاحقة.

والغريب أن ذلك البعض يحاول أن ينسب لها من المواقف الحكيمة ما لا يمت لها بصلة ولا نسب، فلا حكمة تهدف صيانة دماء العراقيين هو ما يجعل تلك المرجعية تصمت عن كل شيء، وتخرس عن أتخاذ أي موقف، فهي صامتة، خرساء، لا هم لها إلا بن اء كيان ضخم لها ربما يمكنها يوماً ما من الاستحواذ على مقدرات هذا البلد العظيم، وهو ورب الارض والسماء مجرد حلم صيف ستصحو منه عاجلاً وليس آجلاً.

أن منهج عدم التصادم ليس سياسة جديدة ومدروسة في تعامل اركان هذه المرجعية مع الاحداث الآنية قطعاً، فهي سالمت صدام حسين، وستسالم فرعون أن حكم أي شخص باسمه.

لم ولن ثم ولن تقف هذه المرجعية موقفاً يعرضها لادنى مستوى من الخطر يهدد مصالحها وامتيازاتها، وهذا هو منهج المراجع الذين سبق لاحد الاخوة وصفهم بالشاهنشاهية.

ليسال كل واحد منا ما هو تأريخ هذه المرجعية؟ وما فعلت للعراقيين؟ ومن يديرها؟ وأين هي أموالها التي حرمت منها أطفال ونساء العراق سنين القحط يوم كان فلان وعلان يعيشون بذخاً ومتعة لا توصف؟

ليتجاوز العراقيون الشيعة نظرية الانقياد الاعمى للمراجع الفرس فوالله ما نالهم من الضيم والقهر والذل والاستعباد إلا بسبب هذه النزعة السلبية من المتابعة العمياء لهؤلاء الذي لم ولن يخدموا إلا مصالحهم ومصالح أتباعهم وحاشيتهم

لنجعل لنا مقاييس شرعية وعقلية لمحاكمة هؤلاء المراجع وحاشيتهم، فلسنا نعاجاً تقاد لمسالخ أهوائهم ومذابح ملذاتهم.

لماذا هذه السلبية من قبل الحركات الشيعية العراقية والاحزاب الاسلامية الشيعية في التعاطي مع الشان العراقي فلا يكون إلا من خلال المنظور الايراني، والتوجيه الايراني، والرأي الايراني، والدعم الايراني؟ فهل يلومن أحدٌ أحداً أ ن كفر بهذه الاحزاب وتبرأ منها.

أقول نحن نبجل المراجع الايرانيين الذين كان ولازال تأريخهم يشرف كل شيعي امثال الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه، ولكننا نرفض أن تنسحب هذه النظرة على غيره من أصحاب المؤسسات المالية المسجلة في دوائر الطابو على أنها مرجع يات دينية.

أما آن الاوان ليخرج شيعة العراق من بودقة التحكم الايراني في شؤونهم وليعلموا انهم عراقيون عرب لهم شأنهم الخاص كما للايرانيين شأنهم الخاص بهم؟

اننا بحاجة الى بلورة وجود عراقي وطني يؤمن بالعراق وشعبه، وبالعراق وسيادته وكرامته، وأن نتجاوز هذه السلبية التي لن تقود هذا الوطن إلا الى مزيد من الخراب والتشرذم والضياع، وهذه مسؤولية كل الوطنين الشرفاء، وأصحاب الاقلام ا لنزيهة، والهمم العالية.