أخي العزيز علي
أتفق معك تماماً في رفض تخوين المناضلين من المقاطعين للانتخابات، ورفض التشكيك في وطنيتهم.
ومن حيث المبدأ ينبغي التعامل مع مسألة المشاركة والمقاطعة من حيث الاجتهاد الديني والسياسي تعاملاً يبتعد عن التخوين والاتهام بالعمالة وما إلى ذلك من اتهامات.
إنك يا عزيزي تنتقد دائرة الاتهامات التي توجه للمقاطعين ولا تخرج منها في توجيهها إلى المشاركين، كقولك:
اجراء الانتخابات الان وفي هذه الظروف المتشابكة قد يكون وباءا وكارثة لا تحمد عقباها وقد يجر البلد الى المزيد من الويلات والمآسي قد لا يدركها من غلب على عقله التفكير الاني الضيق؟ولا يعيها من لا يمتلك ادراكا للمستقبل،
فلماذا اتهام الآخرين بالفكر الآني الضيق؟ لماذا لا تعتبر من يشارك في الانتخابات بأنه فكر في كل الأبعاد والآفاق المستقبلية كما فكرت أنت، فوصل إلى قناعة المشاركة ووصلت أنت إلى قناعة المقاطعة، فلم يكن تفكيرك الأوسع وتفكيره الضيق؟
ان الذين ينادون بتاجيل او عدم المشاركة في الانتخابات في هذا الوقت ،فانهم ليس ضد مبدأ الانتخابات ابدا ، ولكن تحليلهم وقناعتهم للواقع العراقي الحالي جعلهم يرون بان الانتخابات لا يمكن اجراؤها الان ، وابسط ما في الموضوع هو وجود الاحتلال وهذا يفقد الانتخابات ابسط مقوماتها الشرعية ، لا شرعية لانتخابات بوجود احتلال
نعم، هناك مبررات واقعية يطرحها بعض المقاطعين في عدم موافقتهم على إجراء الانتخابات، وهي مبررات يوافق عليها المشاركون أيضاً، إلا أن التعامل مع الانتخابات بالنسبة إلى المشاركين قائم على ترجيح المصلحة منها باعتبارها أفضل الخيارات المطروحة، وأهون الشرين... شر الانتخابات في ظل الاحتلال حتى تنتخب حكومة عراقية تمثل الشعب العراقي أهون بملايين المرات من شر الدمار الذي يقوده شعار "لا شرعية لانتخابات بوجود احتلال" من دون وجود البديل...
والامر الغريب هو ان اولائك الذين اعتبروا يوما من الايام بان امريكا هي الشيطان الاكبر،نراهم اليوم يسيرون مع الركب الامريكي ( ركب الشيطان) ،ولا ادري هل اصبح الشيطان ملكا او جن صالح؟؟حتى يتعامل معه هؤلاء،ان الانتخابات المزعومة هي مطلب امريكي بحت ويخطئ من يقول انها مطلب عراقي ، وان العراقيين يصرون على اجرائها ، لانه لو اقتنعت امريكا بان اجراء الانتخابات ليس في صالحها فستقرر ارجاؤها الى حين وسوف نرى بان الكل سيؤيد ذلك بما فيهم قادة العراق الجدد وحتى المرجعية الدينية ؟ وهذه حقيقة لا اعتقد ينكرها كل حليم .
العراق بعد صدام أمام معطيات عالمية، فهل نريد أن نتعامل بالمداراة مع قرار مجلس الأمن وندخل الانتخابات ونؤكد على حكومة تمثل الشعب وتطالب برحيل الاحتلال (نلحق الكذاب إلى بيت أهله) أم ندخل في حرب مسلحة غير متكافئة مع قوات الاحتلال وندمر ما بقي للعراق وأهلها؟ في أي الطريقين مصلحة العراقيين؟
لماذا نعتبر كل هذا تعاملاً مع الاحتلال؟ لماذا نتعامل مع الشعارات دون أن نطرح البديل ودون أن ننظر إلى مقاييس المنفعة والمفسدة للعراق؟
كلامك صحيح أمريكا تريد مصالحها في العراق وفي المنطقة، ولعل من مصالحها وصول حكومة منتخبة تتعامل معها، وصحيح كلامك أن لا أحد يضمن نزاهة الانتخابات، ولكن ما هو الضير من دخول الانتخابات على مرأى ومسمع من العالم؟ فإذا حققت الانتخابات النزاهة المطلوبة كان ذلك انتصار لإرادة الشعب العراقي، وإذا لم تحقق ذلك فبعدها لكل حادث حديث ولن يخسر العراقيون شيئاً بعد ذلك بل سيكون موقفهم أقوى وأشد أمام العالم أجمع، فقد مد يد السلام للعالم عبر دخول الانتخابات...
كما أن المقاطعة وخصوصاً من الأطراف التي تناوش أمريكا بتشدد يحقق رغبة أمريكية إبعاد هذه الأطراف عن الانتخابات (هذا ليس اتهام لأحد بل تحليل)، فأمريكا تريد انتخابات لا يشارك فيها المناوئون لها وقد أدركت المرجعية ذلك وأيديت الانتخابات لقطع الطريق أمام انتخابات هزيلة لا يشارك فيها إلا أمريكو الهوى فتصبح بذلك انتخابات شرعية، ولكن المشاركة بالقائمة الشيعية وغيرها من القوائم الوطنية الرافضة للاحتلال أحرج أمريكا وهي الآن تحسب لها ألف حساب، وتصريحات الشعلان وملك الأردن أمريكة الهوى وتدل على ذلك...
ان الذين يطبلون لانتخابات مزيفة ويتمشدقون بمصطلح الوطنية ، فان هؤلاء لايملكون الواعز الوطني اطلاقا
إطلاقاً؟!
لمَ يا عزيزي كل هذا الاتهام؟ لمَ ترفض أن يتهمك الآخرون وأنت من يتهمهم؟ فقط لأنهم سيشاركون في الانتخابات؟ طيب هذه رؤيتهم الدينية والسياسية فما المشكلة؟
نعم من حقك أن تبين لهم وجهة نظرك وتبين لهم خطأ وجهة نظرهم ولكن لن يقبل أحد منهم أن تتهمه بعدم امتلاك الوازع الوطني كما أنك لا ترضى بأن يتهمك أحد بذلك...
إن المناضلين الذي وقفوا ضد صدام وضد كل طاغية مقدرون ومثابون عند الله قبل الناس، وعند المؤمنين قبل غيرهم، وكما أن في المقاطعين مناضلين ومجاهدين، فإن في المشاركين مناضلين ومجاهدين، وكلنا أمل أن يلتقي هؤلاء بهؤلاء على خطى العراق الواحد الذي يوحد قلوبهم... وكلنا أمل أن يستمر الحوار بينهم للوصول إلى توافق بشأن المرحلة المقبلة...
العراق حبّ لا تحده حدود العراق