بسم الله الرحمن الرحيم
زاهر جاسم

هل كان الهدف من ثورة الإمام الحسين عليه السلام هو الإطاحة بالعرش الأموي و استلام الحكم؟
قبل الجواب على السؤال ينبغي ملاحظة ما يلي:
أولاً: لم تكن حياة الأنبياء و الأئمة عليهم السلام كلها معجزات و إنما كانت حياة طبيعية طبق قاعدة الأسباب و المسببات ، و المعجزة تكون إما لإثبات دعوتهم
عليهم السلام أو للحفاظ على الدعوة و استمرارها كقوله تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون" و قوله تعالى "هو الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون".
من هنا نعلم أنه لا بد للإمام عليه السلام من جيش قوي مكافئ للجيش الأموي من حيث القوة و الإمكانات العسكرية لكي يتمكن الإمام عليه السلام من الإطاحة بعرش الأمويين. و السؤال هل كان الإمام عليه السلام يمتلك مثل هذا الجيش؟ و الجواب واضح ، فإن الإمام الحسين عليه السلام لم يمتلك مثل هذا الجيش، حيث أن قوته العسكرية كانت متمثلة بجيش العراق و الذي انهار بعد مقتل الإمام علي عليه السلام في مسجد الكوفة و الذي كان السبب في قبول الإمام الحسن عليه السلام للصلح مع معاوية.
و كذا استمر الحال مع الحسين عليه السلام بل لربما كان أكثر سوءً حيث تمكن الأمويون من بسط نفوذهم و تحكيم قبضتهم ، و على هذا ليس من المعقول أن يقوم الحسين عليه السلام بثورة تطيح بعرش قوي و هو لا يمتلك قوة عسكرية متكافئة و الإمام عليه السلام هو العارف بسنن الحياة و أحكام الشريعة .
و يلاحظ أن هناك شخصيات أخرى كانت تدرك هذه الحقيقة و هي ضعف جيش الإمام الحسين عليه السلام و لهذا تراهم قد نصحوه بعدم الخروج و منهم بن عباس
و عبد الله بن جعفر الطيار و محمد بن الحنفية فكيف لم يدرك الإمام عليه السلام ذلك بنفسه؟
ثانياً: لقد بين الإمام الحسين عليه السلام و في مواطن متعددة أنه عازم على الموت و أن مسيره هو مسير إلى الموت ، و من هذه المواطن:
1- لما عزم عليه السلام على الخروج إلى العراق قام خطيباً فقال: "الحمد لله، و ما شاء الله، و لا قوة إلاّ بالله، و صلى الله على رسوله. خُطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة، و ما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف. و خُيٍّر لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس و كربلا, فيملأن مني أكراشاً جوفاً وأجربة سغباً، لا محيص عن يوم خُطّ بالقلم، رضى الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه, و يوفينا أجور الصابرين، لن تشذ عن رسول الله لُحمته, وهي مجموعة له في حظيرة القدس، تقر بها عينه و ينجز بهم وعده ، فمن كان باذلاً فينا مهجته و موطناً على لقاء الله نفسه , فليرحل معنا فإني راحل مصبحاً إن شاء الله."
2- خطبته عليه السلام في العراق: "ألا ترون إلى الحق لا يُعمل به و إلى الباطل لا يُتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً، فإني لا أرى الموت إلاّ سعادة و الحياة مع الظالمين إلاً برماً."
3- قصة منامه و حديثه مع ولده علي الأكبر عليهم السلام المعروفة.
4- جوابه عليه السلام لأخيه محمد بن الحنفية الذي كان قد نصحه بأن يسير إلى اليمن بدلاً من العراق.
فكل هذه الأدلة و غيرها تدل على أن الإمام عليه السلام لم يكن تخطيطه للإطاحة بعرش الأمويين عسكرياً لأنه غير ممكن عملياً.
و السؤال إذا لم يكن خروجه عليه السلام بهدف الحكم فما هو إذاً الهدف من خروجه عليه السلام ؟