الطائفية في السعودية: القديمُ الجديد
د. محمد جعفر هاشم آل حسن
لعل من رحمة الله سبحانه بالأمة الإسلامية هو أن جعلها على دين واحد من حيث المنهج، وأعطى مجالاً واسعاً للاختلاف في التفاصيل وفي بعض التأويلات الفرعية لأمور الدين بحسب ما يتاح لكل فرد من فهم ومن وعي وإدراك، وبحسب متغيرات الزمان والمكان والمعطيات المختلفة في الحياة. وقد سعى المسلمون إلى إعمال عقولهم في فهم هذه التفصيلات واجتهدوا في الطرق المنهجية التي حث عليها الإسلام؛ ومن هنا ظهرت المذاهب الإسلامية المختلفة؛ ومن الطبيعي بل ومن السمة المميزة لهذه المناهج أن ثمة اختلافاً تنوعياً فيما بينها في فهم النصوص وتأويلها في المجال المتاح للبشر وفق أطر الإسلام المحددة وثوابته القائمة. والشيء المؤكد أن هذه المذاهب مهما اختلفت في التأويلات وفي فهم بعض التفاصيل الدينية إلا أنها تجتمع في أصول الدين الأساسية، من حيث التوحيد الخالص لله سبحانه والتصديق برسوله محمد صلى الله عليه وسلم وبجميع الأنبياء من قبله، والإيمان بالكتب السماوية وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره. كما تتفق في الوقوف معاً في صف واحد ضد من يريد الإساءة للمسلمين ولدينهم ولبلادهم. أما جوانب الاختلاف الفرعية فتدخل من باب التنوع والإثراء، وليس من باب الخلاف والخصومة كما يريد أن يصورها بعض المغالين في الفهم والتصور.
ولابد من الإشارة هنا إلى أن الشيعة -الذين ينتمون إلى أحد هذه المذاهب الإسلامية- يمثلون نسبة كبيرة من المسلمين، وربما يصل عددهم إلى نصف عدد المسلمين أو قريب من ذلك، ومذهبهم له امتداد تاريخي قديم ولا يزال قائماً، وهو مذهب معترف به ليس فقط في الدول التي فيها الشيعة، بل إن الجامع الأزهر الذي يعتبر مرجعاً دينياً له أهميته الكبرى في العالم الإسلامي يعترف بالمذهب الشيعي (الجعفري) ويقوم بتدريسه جنباً إلى جنب مع بقية المذاهب الأربعة الأخرى.
وقد ظهرت بعض الفتاوى من بعض العلماء الأفاضل هنا في السعودية التي تقدم رأياً ضد الشيعة، ومع احترامنا الشديد لهؤلاء العلماء الأفاضل ولجهدهم إلا أن تعميم آرائهم على الشيعة في المملكة غير صحيح واقعياً، فلا يوجد في السعودية روافض أو أناس تسب الصحابة أو تلعنهم كما يزعم البعض، بل الجميع موحدون ومؤمنون بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم ويترضون عن صحابته وعن أهل بيته رضي الله عنهم أجمعين، وإن وجدت آراء نادرة في هذا الشأن فهي بالتأكيد لا تعبر إلا عن صاحبها, ولا يمكن تعميمها على الجميع. فالشيعة مسلمون ومحبون لوطنهم الكريم ولهم ما لغيرهم من المواطنين من حقوق وواجبات في ظل حكومتنا الرشيدة.
والحقيقة أن علماءنا الأفاضل مع مالهم من الفضل والعلم إلا أنهم غير معصومين لأنهم بشر معرضون للخطأ والنسيان، فالآراء التي تخرج على شكل فتاوى منهم ليست منـزهة من الخطأ، فصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقعوا في بعض الأخطاء وتراجعوا عنها حينما أدركوها، والأمثلة كثيرة في هذا السياق، ومن البديهي القول بأن العلماء من جميع المذاهب تخطئ سواء أكانوا من السنة أم من الشيعة أم غيرهما، وخير الخطائين التوابون، ولكن ذلك لا يعني الطعن في العلماء وانتقاصهم، بل لابد من وجود قنوات حوار ونقاش بين العلماء من مختلف المذاهب بهدف تقليص الهوة بين المذاهب وفهم مجالات الاختلاف باعتبارها تنوعاً واستثمار مجالات الاتفاق فيما يخدم الأمة الإسلامية ويزيد من تماسكها. وربما يتبادر إلى ذهني أن السبب في وجود هذه الفجوة والتي أنتجت مثل هذه الفتاوى يعود إلى افتقادنا إلى التواصل بين علماء المسلمين، وبالذات في بلادنا. ويبدو لي أن هذه الفتاوى لها طابع آخر قد لا يكون طابعاً دينياً، وأتمنى لو يكون للجهات الرسمية دور في منع مثل هذه الفتاوى التي تشيع الفرقة و العداء بين أفراد الشعب الواحد، وفي هذا الوقت الراهن الذي ينعدم فيه الاتصال بين علماء السنة وعلماء الشيعة أرى أن هذه الجهات هي الأقدر على البيان بأن هذه الفتاوى التي صدرت في فترة معينة وفي ظروف ربما لم تتح فيها للمفتي الإطلاع الكافي على مذهب الشيعة القائم اليوم في السعودية- لا تنطبق على المواطنين الشيعة في المملكة، ولابد للتأكيد مرة أخرى لما سبقت الإشارة إليه إلى أنه لا يوجد في بلادنا رافضة، بل إنهم مسلمون شيعة موحدون لله سبحانه وتعالى، لهم ما للمواطنين وعليهم ما على المواطنين في بلادنا.
إن موضوع الطائفية في المملكة العربية السعودية موضوع حسّاس جداً، ويتخوف كثيرون من الدخول في متاهاته، لأسباب عدة، منها ما ذكرته عن انعدام الاتصال بين العلماء ومنها أن هناك من يشيع أموراً غير صحيحة وينسبها للشيعة ويبني عليها الآخرون فهمهم السلبي، وأهم من ذلك أن الجهات الرسمية ليس لها توجه صريح من الموضوع، بمعنى أنه لا زالت الكتب الطائفية ضد الشيعة تُباع وتُوزّع في كل مكان، بل تتم طباعتها على حساب الجهات الرسمية ذاتها، وأكثر من ذلك، فبعض الكتب الدينية التي تُدرّس في الجامعة التي يفترض أن تكون مجالاً للبحث العلمي والنقاش المحايد المثمر- هي للأسف كتب طائفية تتهم الشيعة بالكفر، أو على أقل تقدير تتهمهم بالضلال، وتطلق على الشيعة اسماً مهيناً وهو الرافضة، ولذلك أصبحت الفتاوى تظهر بالطعن في الشيعة مباشرةً أحياناً والرافضة أحياناً أخرى.
وسوف أحاول هنا عرض بعض هذه الفتاوى الصادرة ضد الشيعة في المملكة، وسأعقبها بعرض موضوع شخصي يتعلق بممارسة هذه العنصرية الطائفية ضد ابنتي في المدرسة من قبل معلمات الدين؛ وقد بلغ الأمر أن تم فصل أطفالي الثلاثة من مدارس دار السلام. وهدفي من ذلك هو التنبيه على وجود هذه العنصرية المقيتة اليوم التي تحاول التفريق بين أبناء الوطن الواحد والتمييز بينهم بحسب المذهب، وممارسة الظلم والجور على من يدافع عن أطفاله الذين يهانون أمام زملائهم ويتهمون بالكفر، وقد وصل الأمر إلى إهدار دمه وتهديده بالقتل من قبل بعض المتطرفين! وسوف أعرض الوثائق التي لدي في هذا الموقع، لعلنا يمكن أن نتدارك هذا المرض الذي يريد الفتك بمجتمعنا وتمزيقه من قبل فئة متطرفة تعتقد ملكيتها الكاملة للدين وللحياة وللوطن، فتطرد من تشاء وتُبقي من تريد بحسب فهمها المغالي للحياة بشكل عام وللدين على وجه الخصوص.
فهاهي رسالة من ابن إبراهيم المفتي قبل حوالي 37 عاماً تستشكل وجود معلم شيعي في مدرسة في المدينة المنورة:
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب المعالي وزير المعارف .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
وبعد : وصل إلينا الكتاب المشفوعة صورته من حمزة على أفندي أحد أفراد أهل المدينة حول ما ذكره أنه قد تولى أناس من الشيعة التدريس بمدارس المدينة المنورة أحببنا عرضه لمعاليكم والاستيضاح منكم قبل كل شيء فنأمل بعد اطلاع معاليكم عليه الإفادة عن حقيقة الموضوع .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( ص/م/في 25/1/1386هـ )
[ فتاوى ابن إبراهيم 13/213 ]
وهاهي فتوى جديدة تصف الشيعة بالمبتدعة:
مذهب الشيعة الإمامية مذهب مبتدع في الإسلام أصوله وفروعه ونوصيك بمراجعة كتاب [الخطوط العريضة] و[مختصر التحفة الإثني عشرية] و[منهاج السنة] لشيخ الإسلام بن تيمية وفيها بيان الكثير من بدعهم .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبدالله بن قعود عبدالله بن غديان عبدالرزاق عفيفي عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
[فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج2/378]
وهذه فتوى عن حكم تقليد المذهب الشيعي ويصف الشيعة بأنهم من أهل البدع كالخوارج:
ولا يجوز للمسلم أن يقلد مذهب الشيعة الإمامية ولا الشيعة الزيدية ولا أشباههم من أهل البدع كالخوارج والمعتزلة والجهمية وغيرهم وأما انتسابه إلى بعض المذاهب الأربعة المشهور فلا حرج فيه إذا لم يتعصب للمذهب الذي انتسب إليه ولم يخالف الدليل من أجله.
[فتاوى اسلامية (اللجنة الدائمة) ج1/153]
وهذه فتوى أخرى حول مبدأ التقريب بين السنة والشيعة، وهنا، كما في السابق، يطلق على الشيعة بالرافضة، وأن الشيعة لا يمكن أن يكون تقارب معهم، كما لا يمكن أن يكون هناك تقارب مع اليهود؟، ولا أدري هل التقارب مع اليهود غير ممكن في ظل الأحداث الأخيرة؟:
التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة غير ممكن؛ لأن العقيدة مختلفة ، فعقيدة أهل السنة والجماعة توحيد الله وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى، وأنه لا يدعى معه أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم الغيب، ومن عقيدة أهل السنة محبة الصحابة رضي الله عنهم جميعا والترضي عنهم والإيمان بأنهم أفضل خلق الله بعد الأنبياء وأن أفضلهم أبو بكر الصديق ، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، رضي الله عن الجميع، والرافضة خلاف ذلك فلا يمكن الجمع بينهما ، كما أنه لا يمكن الجمع بين اليهود والنصارى والوثنيين وأهل السنة، فكذلك لا يمكن التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة لاختلاف العقيدة التي أوضحناها.
[مجموع فتاوى ومقالات لابن باز ج5ـ156]
وفتوى أخرى تتهم الشيعة بعبادة أهل البيت وأنه لا يمكن التعاون معهم لضرب العدو الخارجي ويتهمهم بسب الصحابة [مجموع فتاوى ومقالات لابن باز ج5،157]، وهذا أيضاً رد على سؤال حول الشيعة:
فقد تلقيت كتابكم الكريم وفهمت ما تضمنه . وأفيدكم بأن الشيعة فرق كثيرة وكل فرقة لديها أنواع من البدع وأخطرها فرقة الرافضة الخمينية الاثني عشرية لكثرة الدعاة إليها ولما فيها من الشرك الأكبر كالاستغاثة بأهل البيت واعتقاد أنهم يعلمون الغيب ولا سيما الأئمة الاثني عشر حسب زعمهم ولكونهم يكفرون ويسبون غالب الصحابة كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما نسأل الله السلامة مما هم عليه من الباطل.
[مجموع فتاوى ومقالات لابن باز ج4،439]
وهذه فتوى عجيبة لعبدالله بن جبرين حول وجود العديد من الشيعة يعملون في المؤسسات الحكومية ويفتي بالتضييق وإهانة الشيعة وأن لا يبدأهم بالسلام وأن يظهر الكراهية في وجوههم، الخ (الفتوى بتاريخ 23/8/1421 هـ:
يكثر الابتلاء بهم في كثير من الدوائر من مدارس وجامعات ودوائر حكومية، في هذه الحال نرى إذا كانت الأغلبية لأهل السنة أن يظهروا إهانتهم وإذلالهم وتحقيرهم وكذلك أن يظهروا شعائر أهل السنة فيذكرون دائم فضائل الصحابة ويذكرون الترضي عنهم ومدائحهم وتشتمل مجالسهم على ذكر فضل القرآن وعلى ذكر _ تكفير من حرفه أو ما أشبه ذلك_ لعلهم أن ينقمعوا بذلك وأن يذلوا ويهانوا وتضيق بذلك صدورهم ويبتعدوا، أما معاملتهم فيعاملهم الإنسان بالشدة فيظهر في وجوههم الكراهية ويظهر البغض والتحقير والمقت لهم ولا يبدأهم بالسلام ولا يقوم لهم ولا يصافحهم، لكن يمكن إذا ابتدؤا بالسلام _ أن يرد عليهم بقوله وعليكم أو ما أشبه ذلك
وفتوى أخرى لابن جبرين حول الجهاد بين فئتين مسلمتين (سنة وشيعة) (الفتوى بتاريخ 23/8/1421 هـ) ويصف الشيعة بالشرك وأن من الواجب قتالهم:
وعلى هذا إن كان لأهل السنة دولة وقوة وأظهر الشيعة بدعهم، وشركهم، واعتقاداتهم، فإن على أهل السنة أن يجاهدوهم بالقتال، بعد دعوتهم ليكفوا عن إظهار شركهم، وبدعهم، ويلزموا شعائر الإسلام، وإذا لم تكن لأهل السنة قدرة على قتال المشركين، والمبتدعين، وجب عليهم القيام بما يقدرون عليه من الدعوة، والبيان، لقوله تعالى : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها )
إذاً لا غرابة أن يستمر الحال كما هو عليه من التجني على الشيعة واتهامهم بالكفر، الشرك أو بالضلال وتحقيرهم والتمييز ضدهم في جميع المجالات، وهذا ليس في الكتب التي تصدر والفتاوى، بل في الإذاعة والتلفزيون، فأكل ذبائح الشيعة حرام، والزواج منهم حرام، ودفن موتاهم في مقابر المسلمين حرام كما قال ذلك الكثير من مشايخ الحكومة، وآخرهم الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد في برنامج ديني يوم الجمعة على إذاعة إم بي سي قبل أشهر، ولكن هذا لا يتناقض مع أكل ذبيحة الذميين والزواج منهم أليس كذلك؟. إلى هنا ليس جديد في الموضوع، ولكن زاد عن ذلك أن تخرّج من هذه الكليات والمعاهد معلِّمين ومعلِّمات مواد الدين وعلى مدى عقود من الزمن استقوا مبدأ التكفير للآخرين وأنه من مبادئ الدين أن تقوم بتكفير الشيعة ووصفهم بأشنع الأوصاف. فأصبح من المسلّمات أن يقوم المعلّم أو المعلّمة بوصف الشيعة بالكفر أو الضلال. ووصل الأمر إلى أن هذا الموضوع يعاني منه كل شيعي، سواءً في شرق المملكة أو غربها، شمالها أو جنوبها، طالما أن معلمي المواد الدينية يستقون علومهم من نفس المصادر التي تكفّر الشيعة دون أن يكون هناك أي نوع من الاعتراض من أي جهة مسؤولة.
من التمييز الطائفي هو منع إنشاء مدارس بنات خاصة ورياض أطفال خاصة في مناطق الشيعة بسيهات والقطيف وصفوى بالمنطقة الشرقية بأمر من رئاسة تعليم البنات (سابقاً) ولا تسمح الرئاسة بوجود مديرة مدرسة شيعية في أي مدرسة بنات في المناطق الشيعية. التفاصيل في هذا الرابط. وهذه بعض الأمثلة قبل الدخول في تفاصيل، كنت قد حضرت محاضرة للدكتور بدر حمود البدر في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وكان ذلك قبل دخول الإنترنت إلى المملكة (عام 1417), وكان عدد الحاضرين يزيد على 300 شخص، والموضوع عن الإنترنت وكيفية الإبحار فيها، وهي محاضرة عامة، وتحدث عن الكثير من جوانب الإنترنت، وأعرج قائلاً بما معناه أن هناك مواقع مشبوهة منحرفة شيعية يجب الحذر منها، وقاطعته بقولي على أي أساس تحكم على الآخرين بهذه الأوصاف، ورد أن النقاش بعد المحاضرة. أرسلت فاكساً لمدير المدينة د. العذل وهذا نص الخطاب:
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
معالي رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، الأستاذ صالح بن عبدالرحمن العذل المحترم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
لقد حضرت اليوم (1 صفر 1417 هـ) محاضرة عن الإنترنت وقد ألقاها الدكتور بدر حمود البدر. لقد كنت ومازلت من المهتمين بالإنترنت حيث لم يمض على قدومي من أمريكا أكثر من عام واحد، لذلك حرصت على حضورها.
لقد كانت المحاضرة ممتعة ومفيدة جداً حتى تكلم الدكتور بدر بكلمات بعدها تصببني العرق وازدادت دقّات قلبي وكرهت متابعة المحاضرة لولا أني رغبت في متابعة المعلومات. تكلم الدكتور بدر عن مواقع مشبوهة ومنها ترجمة للقرآن الكريم على الإنترنت، وأعتقد أن هناك كذلك الفرق المنحرفة كالشيعة والبهائية وغيرها. لم أتمالك نفسي بأن رفعت يدي وقلت: "على أي أساس اعتبرت الشيعة بالفرقة المنحرفة، وهذا تعميم سيئ وغير مقبول"، فرد بأن النقاش بعد المحاضرة.
فجلست طوال المحاضرة أضرب أخماسً بأسداس وكيف أنه أي د. بدر أقحم موضوع بهذه الحساسية بالإنترنت واتهم الشيعة بالانحراف أما العشرات من الناس وأن ضمنهم.
انتهت المحاضرة وهممت بالذهاب له ومحادثته لولا استوقفني أحد الحاضرين واعتذر لي وقال إنها هفوة حيث كلنا مواطنين وهناك هدف أسمى وأهم وهو الوحدة الوطنية، فهذه الخزعبلات لا تليق بالموقع ولا بالشخص، وخرجت معه نتحادث حتى أقبل مطوّع آخر وقال لي: أأنت معترض على ما قاله د. بدر، فقلت نعم، فقام بالتجريح وترديد أن الشيعة أخطر على الإسلام من اليهود وأنه قريباً سيأتي اليوم الذي يتم فيه حصادنا. طبعاً ضحكت "فشر المصيبة ما يضحك" وقلت: "إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" وتركته في كلامه وذهبت
طبعاً نحن لا نحتاج إلى أي دليل في إثبات إسلامنا وولائنا للوطن، ولم يفرق دستور وطننا بين المواطنين, وبالذات في هذه الفترة الحرجة بعد حوادث الاعتداء في العليا، وعلميات التكفير والإخراج من الدين وحل دماء المسلمين، كل هذه تنعكس على الوحدة الوطنية والتي كلنا ينادي ويطالب بها، فمصيرنا مشترك. فلم تفرق إسرائيل بين الفلسطينيين السنة واللبنانيين الشيعة حين تقصف أو تقتل، فنحن بأشد الحاجة للتلاحم.
كم تمنيت أن تكون المدينة على الأقل مركزاً علمياً منيراً وأن لا يكون هناك دعاة التطرف والطائفية. لقد خاب ظني بالدكتور بدر حيث أنه متعلم ومطّلع ومع ذلك لم يمنعه تعليمه من التشنيع واتهام الشيعة بالانحراف في محاضرة لم يكن للشيعة فيها ناقة ولا جمل.
أرجو من معاليكم التنبيه للعاملين وبالذات أصحاب النفوس المريضة بالدخول في تلك مواضيع شخصية وإقحامها على المدينة وأن يعاقب كل من تسول له نفسه المس بالوحدة الوطنية وتكفير المسلمين، شاكراً لكم حسن اهتمامكم.
كما أرجو أن يكون هناك تواصل بين هؤلاء النوعية من الناس مع جهات متخصصة لمحاولة إثناءهم وتعليمهم بأهمية وخطورة تلك المواضيع والتي لربما سببت شرخاً في هذا الوطن الغالي والذي نحن في غنى عن هذه مشاكل. فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم "مازالت الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها" وهؤلاء دعاة فتنة لعنهم الله في كتابه.
د. محمد جعفر آل حسن
جامعة الملك سعود
--------------------------------------------------------------------------------
اتصل بي د. العذل وطلب مقابلتي، وذهبت لمكتبه. الحق يقال فإن الدكتور العذل رجل على خلق عالٍ وشدد على أن موضوع الطائفية لم ولن يكون من سياسة المدينة، وكان نائبه موجوداً أيضاً (لا أذكر اسمه) وقال أنه كان في المحاضرة وسمع ما قاله د. بدر حمود البدر، وبين لي د. العذل بأنه تم التحدث للدكتور البدر حول ما قاله، ولكن هل تم معاقبة د. البدر، بالطبع لا، فهو نال من الشيعة، وهذا لا يستوجب العقاب، أليس كذلك؟
ولهذه الأسباب حدث خوف لدى الشيعة في بعض مناطق المملكة، كما في المدينة المنورة، فأخفوا مذهبهم بسبب الاضطهاد الذي يتعرض له الشيعة هناك ومنذ مدة ليست بالقصيرة حتى لا يتم تمييزهم على أسس طائفية، وتظاهروا بأنهم سنة، وأعرف البعض منهم، وأذكر أن قام أحد الطلاب بزيارتي واعتذر لي، لماذا؟ لأنه شتمني عندما شتمني طلاب آخرين كان يمشي معهم، ولإثبات أنه لا ينتمي للمذهب الشيعي، حتى مع أن الطلاب الذين شتموني لم أقم بتدريسهم ولا أعرفهم. ولا ننسى توزيع المنشورات التي تنال من الشيعة في جامعة الملك سعود وتتهمهم بالكفر وأنهم أخطر على الدين من اليهود والنصارى. كذلك المواقع على الإنترنت والتي تعيث في الأرض فساداً وتدعو للطائفية والعنصرية والعنف، ولكن دون أن يتم حجبها، ولكن ما أن يخرج موقع شيعي، وخاصةً في مجال النقاش والمنتديات، إلاّ والحجب مصيره دون أن يكون هناك أي مبرر.
ومن المشاكل الطائفية البغيضة هو وصم الشيعة بالكفر أو بالضلال أمام أطفالنا في المدارس وعلى يد معلمي ومعلمات الدين، وحتى مع الشكوى، ترى الموضوع مكانك راوح، أي لا فأئدة ولا عقاب للمعلم أو المعلمة. ففي أحسن الأحوال، سيتم التنبيه على المعلم أن لا يدخل في هذه المواضيع والالتزام بالمنهج، ولو حدث ذلك في أي بلد آخر لتم طرد المعلم أو المعلمة، وربما السجن أيضاً والاعتذار العلني لنا ولأطفالنا. وهذه الحوادث ليست فردية، بل هناك بدل القصة قصص عند كل طفل أو طفلة ينتمي للمذهب الشيعي ويدرس في المدارس الحكومية أو الأهلية.
قبل عدة سنوات، وبالتحديد عندما كانت ابنتي في الصف الرابع الابتدائي بمدارس دار السلام الأهلية، قامت المعلمة عائشة والتي تقوم بتدريس مادة الفقه بوصف الشيعة بأنهم من الفئة الضالة. فقمت بالاتصال بالمدرسة والتحدث مع المعلمة وكيف أن الحديث من هذا النوع لا يليق خاصةً مع أطفال لا يجب إدخالهم في متاهات عقدية وطائفية، فكان ردّها هو أن هذا رأيها. فكان لا بدّ من التحدث لإدارة المدرسة، وكتبت خطاب في حينه وتحدث مع إدارة المدرسة حول الموضوع، وتم التحدث مع المعلمة بأن لا تخرج عن المنهج. بعدها بعامين، في يوم السبت الموافق 5/8/1420 هـ حيث كانت ابنتي في الصف السادس الابتدائي بمدارس دار السلام الأهلية نفسها، تتكرر الطائفية وعلى يد المعلمة فوزية معلمة الدين وقامت بوصف الشيعة كسابقتها بأوصاف طائفية، وتحدثت مرةً أخرى مع المدارس وقمت بإرسال خطاب حول الموضوع، وهو كما يلي:
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
مديرة مدارس دار السلام الأستاذة هند الهذلول المحترمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد
ونحن نرى ما يحدث من حولنا في العديد من الدول المجاورة من مشاكل داخلية وصلت إلى إباحة الدماء بين أبناء البلد الواحد، والمسلم في أغلب الأحيان، كماهو الحادث في الجزائر، وما يحدث في دولة مسلمة مثل باكستان من مذابح بين الطوائف المسلمة، حيث يتم قتل المسلمين في المساجد وباسم الدين، نحمد الله أن هيأ لهذه البلاد حكّاماً أقاموا العدل حيث لم يُفرّقوا بين أبناء الوطن الواحد وكلهم من المسلمين، فلم يُفرّق دستور الوطن بين طائفةً وأخرى، وكُلنا أمام القانون سواء.
ولكن يبدو أنه مازال هناك من يحاول أن يسيء لهذا الوطن وأن يثير النعرات الطائفية والتي لن تجلب سوى الخراب والدمار لهذا الوطن الغالي علينا جميعاً. إن أكثر ما يحزّ في النفس هو وجود هؤلاء الأشخاص في المجتمع ويعملون على هدم قواعده، مثل ما ذكرت معُلمة العام الماضي في مدرسة دار السلام عن الشيعة بأنهم من الفئة الضالة، وهاهي المشكلة تتكرّر مع أنني كتبت حينها خطاباً موجهاً إلى الأستاذة لينا زياد أدهم حول الموضوع.
إن ما حدث يُعتبر وصمة عار، حيث أن المعلمة فوزية معلمة الدين "مادة التوحيد" في يوم السبت الموافق 5/8/ 1420 هـ أجابت على سؤال بعض الطالبات يستفسرن عن وجود من يعتقد بأن جبريل الأمين المرسل من رب العالمين أخطأ ونـزل على نبي الهدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولم ينـزل بالوحي على علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه، فكانت إجابة المعلمة أن الشيعة هم يعتقدون ذلك. كانت ابنتي من ضمن طالبات الصف "السادس" فردّت أن هذا غير صحيح، فأجابتها بما معناه "إيش عرّفك إنتي".
في يوم الأحد قابلت ابنتي المعلمة وأخبرتها بأن الشيعة لا يعتقدون ذلك، فردت عليها بأن الشيعة عدة فرق، وبابتسامة صفراء. ولا أدري من سمح للمعلمة طرح هكذا مواضيع، وبدل أن تتراجع عن موقفها الخاطئ والغير مُبرر، تراها تصر على رأيها، وهو ليس المتعارف عليه من قبل معلمة توحيد. إضافةً إلى أن المناهج لا تذكر شيئاً عن الشيعة وهناك تعليمات مباشرة تمنع الدخول في تلك المواضيع، ولكن يبدو أن المعلمة فوزية أصبحت بين ليلة وضحاها عالمة بالمذاهب الإسلامية وتريد أن تُعلّمنا نحن الشيعة مبادئ مذهبنا.
نعم، لا يوجد بين الشيعة من يعتقد بما قالته المعلمة، إلاّ في عقلها المريض فهي لا تعرف عن الشيعة إلاّ ما تسمعه من المرضى أمثالها وتُريد أن تقوم بدور الهادم والـمُسمم لعقول أطفالنا الأبرياء الذين يتعاملون مع بعضهم البعض بكل طيبة وبراءة وحسن نية. لقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم " مازالت الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها"، فما شعور ابنتي الآن بعد أن قالت المعلمة ما قالت؟ ولماذا لا يتم التشديد على معلمات الدين بعدم الدخول في تلك المواضيع؟
أليس الأجدر بنا أن نحافظ على هذا الكيان المسلم بدل الدخول في متاهات لا تجر إلا الويلات والمصائب، وربما سفك الدماء. إن ما ذكرته المعلمة ليس مقبولاً ليس مني فقط، ولكن من قادة هذه البلاد حفظهم الله الذين لا يألوا جهدا للحفاظ عليه من هكذا منتسبات للدين والوطن.
إن أكثر ما أرجوه هو أن تعتذر المعلمة عن ما قالته للطالبات حتى يعلمن أن ما قالته ليس صحيحاً وأن الشيعة أبرياء من هذه الأقوال والأفعال، ونحن كلنا نشهد أن لا إله إلاّ الله محمداً رسول الله أبناء وطن واحد. إن مصير أبناء الوطن واحد، والعمل على هدم أي جزء فيه يعني العمل على هدمه كله، وهذه المعلمة يجب أن تعلم بأن الشيعة ليسوا كما يقال "كبش فداء" وشتمهم لا يوجب العقوبة، فأنا أستطيع إيصال ما قالته إلى من يستطيع اتخاذ القرار في هذا العمل الشائن
--------------------------------------------------------------------------------
طبعاً لم تعتذر المعلمة ولا يحزنون، وبعدها قمت بالتحدث مع الأميرة منيرة الفيصل والتي تملك المدارس ووعدتني بأن لا يتكرر أي موضوع له علاقة بالطائفية، ولكن يبدو أن هذه الوعود لا يمكن الوفاء بها، ففي يوم الأربعاء 2 صفر 1423 هـ، عادت المشكلة للظهور مرةً أخرى، وبشكل أقبح، وأتت ابنتي باكية تحدثني عن ما حصل في حصة معلمة الدين (ثاني متوسط)، وهو بالنص كما كتبته:
--------------------------------------------------------------------------------
يوم الاثنين 2/صفر/1423 هـ الحصة الثالثة
المادة: توحيد المعلمة: نوره القحطاني مدارس دار السلام
الدرس: في العبادة
بدأت المعلمة شرح الدرس والذي يتكلم عن العبادة وعن العقيدة عرّفت المعلمة وبعد ذلك بدأن في التكلم في جوانب العقيدة – جزء من الدرس – وهي:
1- الإيمان بالله ووجوب وحدانيته والإيمان بالرسل.
2- القيام بجميع ما أمر الله تعالى به وفق ما شرع.
قالت: من دون بدع، ثم قالت ما معناه: بالمناسبة – أي ذكر النقطة الثانية، وهي تقصد مثال على البدع التي تنتشر – أن طالبة في الصف الأول متوسط كانت توزع أوراق عن الصلاة تحتوي هذه الأوراق على أركان الصلاة وصفتها، وبعض الأدعية التي تُقال في أثناءها أو بعدها، وقد استلمت هي (المعلمة) نسخة من الأوراق وتركتها في دفتر لمدة أسبوع، وبعد ذلك وهي تقرأها انتهت إلى أن الأدعية الموجودة هي أدعية صوفية.
تعجبن الطالبات لأنه لم يمر عليهن هذا الاسم من قبل، لكن إحدى الطالبات (العنود آل الشيخ) تكلمت وقالت: فرقة مثل الشيعة علماً بأن ذلك قرّب المعنى للطالبات لأنهن يعلمن بوجود هذه الفرقة – لكن المعلمة أكملت وأجابت: فرقة ضالة مثل الروافض – وذكرت أمثلة أخرى لا أذكرها جميعها، سألت إحدى الطالبات: والشيعة؟ إذا كانت ضالة أم لا؟ فأجابت المعلمة: فرقة ضالة أيضاً. حاولت أن أكلم المعلمة لكنها تجاهلتني قليلاً، ثم انتبهت لي فقلت أن هذا ليس صحيحاً لأننا لا يمكن أن نعرف أي الفرق هي الناجية، لكنها أنكرت ذلك وقالت: أن أتباع مذهب أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية وبدأت بالشهادة على ذلك بحديث (انقسم اليهود إلى 71 فرقة ... إلى آخر الحديث).
لكنني قاطعتها وقلت أن الرسول قال أن واحدة هي الناجية ولم يحدد من، لكنها قالت أن هناك كتاب لا أذكر اسمه يتكلم عن جميع الفرق الثلاثة والسبعون ويبين من هي الفرقة الناجية، ولتبين أن كلامها صحيح قالت: أن الشيعة يقولون أن أبا بكر وعمر سيدخلون النار، فتضايقت كثيراً وأخبرتها أنني شيعية وأن هذا ليس صحيحاً وأننا لا نشهد لأي صحابي أياً كان بالنار. لكنها أنكرت ذلك وأكملت بقولها أننا نحن – تقصد السنة – نصلي الظهر أربع ركعات، وبعدها ركعتين سنّة، أما هم- وتقصد الشيعة – يصلونها 8 ركعات وبعدها ركعتين سنة، فقاطعتها وأخبرتها بالحرف – هذا كله افتراء، لكنها (المعلمة) ردت بالحرف: لا ليس افتراءً.
وبعدها تجاهلتني وبدأت في سماع كلام طالبة في الخلف وهي نفس الطالبة التي قالت الصوفية فرقة مثل الشيعة. وقالت الطالبة (العنود آل الشيخ) أن بعضهم – تقصد الشيعة أو مجموعة من الشيعة – يقولون أن جبريل أخطأ وبدلاً من أن ينـزل الوحي على علي بن أبي طالب، أنزله على محمد. طبعاً هذا كله افتراء في افتراء – فقالت المعلمة – أن الشيعة أكثر من فرقة ومنها ما يكون قريباً من مذهب السنة والجماعة – وهي تقصد أنها أقل ضلالاً من الأخريات – وبعد ذلك أكملت آخر فقرة في الدرس وهي وحدة العبادة وهي تتكلم – الفقرة – عن أن الله لا يفرق بين أبيض وأسود ولا بين عربي وأعجمي.
--------------------------------------------------------------------------------
طبعاً، وكالعادة، قمت بمراسلة مديرة المدارس مبدياً قلقاً أكبر وحنقاً وكرهاً لمعلمة الدين وللمدرسة ككل بسبب تكرار نبرات التكفير والوصف بالضلال، وكان خطابي هذه المرة، ليس كسابقه، فليس به الكثير من اللياقة في الحديث، بل اتهام مباشر للمدرسة بالتقصير والكذب، وعدم الاكتراث بنا نحن الشيعة، وكأننا لسنا مواطنين، أو مواطنين درجة عاشرة، وكان الخطاب هو التالي:
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الاثنين 15 أبريل 2002 م
سمو الأميرة منيرة الفيصل حفظها الله ورعاها،
هذه الرسالة الثالثة التي أقوم بإرسالها لمدارس دار السلام، وتعليقاً على نفس الموضوع، وهو الطائفية البغيضة التي تقوم بإثارتها معلمات الدين مرةً أخرى. لقد خاب ظني في المدرسة وكم تمنيت أن لم أقم بإدخال أطفالي في هذه المدرسة، والتي سمعتها بدأت بالانحدار يوماً بعد يوم.
وللأسف، حتى بعد الوعود التي قطعتها المدرسة بالتنبيه على معلمات مادة الدين في عدم الدخول في مواضيع لها عواقب وخيمة على الوطن ككل، حيث التفرقة البغيضة وتكفير الآخرين ووصفهم بالضلال، لا تزال نفس المشكلة مما يعني أن المدرسة لم تفي بوعدها، فباتت سمعتها تنحدر من سيء إلى أسوء ليس في مجال التعليم فقط (للمعلومية، فمعلمة اللغة العربية لا تجيد التعامل مع اللغة العربية ولها أخطاء عديدة، ووعدتنا المدرسة بالتعاقد مع معلمة متميزة، ولكن يبدو أنها وعود عرقوب)، بل في المجال الديني الأخلاقي، فهاهي معلمة الدين نوره القحطاني تتهم الشيعة بالضلال (الاثنين 2 صفر 1423 هـ) ، وحتى مع وقوف ابنتي معترضة على ما تقول، تصر المعلمة بدل الاعتذار عما قالته من كلام وقح يوجب العقوبة، بل الطرد من المدرسة.
فمتى معلمة مثل معلمة الدين لم تفقه سوى أدنى المعرفة بالمذاهب تقوم بالفتوى بضلال عدة ملايين من المواطنين المسلمين والذين لهم حقوق في هذا الوطن، كما عليهم واجبات. فليس هناك فرق بين المواطن الشيعي وأخيه السني في هذا الوطن، والحمد لله والشكر له، فقادة هذا الوطن طالما بيّنوا أهمية الوحدة الوطنية، فلا يوجد مواطن درجة أولى، وآخر درجة ثالثة، فكلهم متساوون أمام الله والقانون. ولو كان الشيعة ضالين كما تدّعي هذه الخرقاء، لكان أحرى بقيادة هذا الوطن بيان ذلك، ولكن اليد القذرة والمتخفية بلباس الدين هي التي تعمل على تقويض عرى الأخوة والمواطنة لمسلمين موحدين مواطنين، لا يوجد أدنى شك في انتماءهم لهذا الوطن الغالي علينا جميعاً. فهكذا ما يطلق عليهن معلمات دين، الأحرى بهن أن يعطين دورات في أسس الدين أولاً، أو يجلسن في بيوتهن حتى يقل خطرهن على المجتمع.
وكأن معلمات الدين أصبحن بين ليلة وضحاها عالمات في المذاهب الإسلامية، ويقمن بتعليمنا مبادئ ديننا الحنيف، وكذلك ممارساتنا الدينية والتي تعكس مذهبنا الشيعي الجعفري. إن ما قالته المعلمة بالحرف الواحد "الشيعة فرقة ضالة" وأن الشيعة يقولون بأن أبا بكر وعمر سيدخلون النار، وحتى مع نكران ابنتي لهذه الأقوال الغريبة والتي لا نؤمن بها، تصر معلمة "أو بالأحرى هادمة" الدين بأن تقول أن الشيعة يصلون الظهر ثمان ركعات بدل أربع. إن إصرار هذه المعلمة على ما تقول لا يعنيني في شيء، سوى أنها معلمة في المدرسة، ورأيها لا يهم، فهي أصغر من أن تُناقش في مسائل الدين، ولكن أن تقوم بإفساد المجتمع والكذب والتلفيق، وإقصاء الآخرين، فلا يوجد أحد مسلم سواها، أو أمثالها، فهذا علماني، وذاك كافر، وهذا شيعي، وآخر، وآخر.
إن هذه النفسية المريضة والتي لا ترى صواباً غير نفسها، ودخولها في سخافات باستمرار مثل حف الحاجبين "النامصة والمتنمصة" وأن من يفعل ذلك يدخل النار، وقول ذلك باستمرار للطالبات، وكأن لم يبقى من مشاكل المسلمين سوى هذه المواضيع التافهة للنقاش.
إن كنّا الشيعة كما تقول هذه الغبية المتعصبة الخرقاء، فلا يحق لنا أن يدرس أطفالنا في مدرسة دار السلام، وإن كان كلامها محض كذب وافتراء، فيجب معاقبتها.
أقسم بالله، أن يكون هذا العام هو العام الأخير لأطفالي في هذه المدرسة إذا لم يتم فصل هذه المعلمة من المدرسة، أو لم تعتذر المعلمة أمام طالبات الفصل عن ما قالته، كما أهانت ابنتي أمامهن، فلا يشرّفني ولا يشّرف أطفالي أن يتعلموا في مدرسة بها هكذا معلمات.
د. محمد جعفر آل حسن
جامعة الملك سعود
--------------------------------------------------------------------------------
وأخبرت ابنتي أن لا تحضر حصة المعلمة نورة القحطاني وتحت أي ظرف احتجاجاً على ما قالته عن الشيعة، وقمت أيضاً بإرسال فاكس لمعالي نائب وزير المعارف د. خضر القرشي وهذا نص الفاكس:
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
معالي نائب وزير المعارف لشؤون تعليم البنات، حفظه الله،
إن قرار ولي الأمر حفظه الله بضم رئاسة تعليم البنات إلى وزارة المعارف له أصداء واسعة لا زالت تتردد تشكر الملك فهد حفظه الله لما له من أيادي بيضاء في جميع المجالات، وخاصة مجال التعليم، حيث كان الملك فهد أول وزير للمعارف. لقد استبشرنا خيراً كما استبشر جميع المواطنين، حيث أن الرئاسة نشرت الصحف لها العديد من المشاكل والتراكمات والتي أدت إلى ذلك القرار. وأنا كنت من ضمن من كتب عن الرئاسة العديد من المقالات في الصحف المحلية، وأخص بالذكر في صحيفة الاقتصادية، وكذلك على الإنترنت. وها نحن متفائلون بأن يكون هناك تغيير جذري في إدارة الرئاسة خاصة ومعاليكم من يذكر له الإخلاص والجد في العمل لخدمة هذا الوطن وأهله.
في هذه الفترة الحرجة من التاريخ، وخاصةً بعد أحداث سبتمبر الأليمة وما آلت إليه من حروب ومآسي، بات من الواضح للجميع أن وحدة الصف الداخلي هي من أهم مقومات أي دولة، بل هي أساس أي دولة، لكن يوجد من يسيء إلى الوطن ويحاول بشتى الطرق إثارة النعرات الطائفية والتي لا سمح الله تهدد هذا الكيان المسلم. ولنا عبرة في ما يحدث في الجزائر، الباكستان، وسابقاً في أفغانستان. إن هذه الفئة وباسم الدين تقوم بتمزيق وحدة الوطن بوصفها طائفة أو أخرى بالضلال أو الكفر، ونحن إذ نعيش في بلد مسلم، ومواطنيه جميعهم من المسلمين، فمن أباح لهذه الفئة بتكفير الآخرين؟ إن كان ما يحدث عن جهل، وهذا ما أتمناه، فيجب تصحيح مفاهيمهم، ولكن إصرار البعض يعني أنهم أمنوا العقوبة، ونحن كلنا أمل في معاليكم أن يكون لكم الدور الفاعل في رد هذه الفئة على أعقابها ومعاقبتها لما لها من خطر على الوطن ووحدته.
لقد قامت معلمة الدين في مدارس دار السلام الأهلية (الأسبوع الماضي، على ما أعتقد يوم الاثنين الموافق 15/4/2002 م الموافق 2 صفر 1423 هـ) ، والمعلمة اسمها: نوره القحطاني والتي تقوم بتدريس طفلتي (الثاني متوسط)، قامت المعلمة بوصف الشيعة بالضلال، وقالت الكثير، ولكن من ضمن ما قالته أن الشيعة يصلون الظهر ثمان ركعات، وأن الشيعة يؤمنون بأن جبريل عليه السلام نزل بالخطأ على نبي الأمة محمد صلى الله عليه وآله. قامت ابنتي وقالت هذا محض افتراء، لا يوجد في الشيعة من يؤمن بذلك، ولكنها أصرّت على قولها.
السؤال هنا: من سمح لهذه المعلمة بالدخول في هذه المواضيع؟ هل ما تقول موجود في الكتاب المدرسي؟ طبعاً لا. إن كلام المعلمة غير مقبول من أولي الأمر والمسئولين حفظهم الله، أمثالكم، ولكن هذه المعلمة أمنت العقوبة، وأصبح العديد من مرضى النفوس يرى أن شتيمة الشيعة لا توجب العقاب، ولربما العكس من ذلك، فهل أصبح الشيعة "الطوفة الهبيطة" كما يقال؟ ولماذا لا يتم معاقبة هذه المعلمات المنتسبات للدين وباسم الدين تنفث السم في المجتمع؟ إن هذه ليست المرة الأولى التي تحدث فيها في مدارس دار السلام، بل هذه المرة الثالثة، وقد تحدثت مع إدارة المدرسة، وكالعادة وعدوني خيراً، ولكن يبدو أن هذه الوعود هي وعود عرقوب، فلم يتم معاقبة المعلمات السابقات، وهاهي المعلمة الحالية تمرح في المدرسة، وكأن شيئاً لم يكن.
ما هو شعور ابنتي الآن بعد كل هذه الحوادث، خاصةً بين زميلاتها واللاتي بينها وبينهن كل حب ومودة وصداقة على مدى عدة سنوات؟ كيف لابنتي أن تحضر الحصة والمعلمة تعتقد أن ابنتي ضالة، حتى مع أداءها جميع الواجبات الإسلامية؟ ومع أن ابنتي الأولى على جميع الفصول للثاني متوسط، فهي الآن ترفض دخول الفصل الدراسي للمعلمة.
كلنا أمل في معاليكم أن تقوموا بمعاقبة هذه المعلمة وغيرها من مرضى النفوس اللاتي تسول لهن أنفسهن المس بمواطنة أي فئة والإقلال من قدرها، سواءً بالتكفير أو بوصفها بالضلال، وكذلك تهديد الوحدة الوطنية لهذا المجتمع المسلم حفظه الله من كل مكروه، ونتوقع من معاليكم التنبيه على جميع المدارس الحكومية والخاصة عدم الدخول في هذه المواضيع من الأساس، والالتزام بالمنهج الدراسي.
حفظكم الله ورعاكم وسدد خطاكم لما فيه مصلحة هذا الوطن وأهله.
* مرفقاً خطاباً سابقاً لمدارس دار السلام حول تصرفات معلمة دين أخرى.
د. محمد جعفر هاشم آل حسن
جامعة الملك سعود
--------------------------------------------------------------------------------