في ذكرى المبعث النبوي نقرأ التاريخ لنعيش المستقبل - عبدالامير علي الهماشي

--------------------------------------------------------------------------------


في ذكرى المبعث النبوي نقرأ التاريخ لنعيش المستقبل - عبدالامير علي الهماشي

المبعث النبوي الشريف يمثل ولادة للاسلام بتكليف النبي محمد (ص واله) بحمل رسالة الى الناس سُميت بالاسلام هدفها اخراج الناس من الظلمات الى النور و(....يتلو عليهم ءاياته ويزكيهم ويُعلمُهُمُ الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبلُ لفي ضلال مبين) و كذلك (يهدي الى الرشد) والامام علي -ع- قد وصف الغاية من بعثة النبي فقال:( فبعث الله محمدا بالحق ليخرج عباده من عبادة الاوثان الى عبادته ومن طاعة الشيطان الى طاعته بقران قد بينه وأحكمه ليعلم العباد ربهم إذا جهلوه وليقروا به بعد إذ جحدوه وليثبتوه بعد أن أنكروه فتجلى سبحانه لهم في كتابه من غير أن يكونوا قد رأوه بما أراهم من قدراته وخوفهم من سطوته وكيف محق من محق بالمثلات واحتضد من احتضد بالنقمات..)1نهج اللاغة
وإذ نعيش ذكرى المبعث كذكرى عظيمة من ذكريات هذه الامة، الذي هز كيان الانسانية كما عبر بذلك المرجع الديني السيد فضل الله حينما تحدث عن البعثة النبوية فقال:( إنها الحدث الذي هز كيان الانسانية بعد أن فنا مدة من الزمن ،وفتح كل جانب من جوانب الحياة على الحق والخير والجمال،وانطلق بالانسان الى حياة مُثلى يسودها العدل والامن بينما تتفجر أعماقها بالفكر النير والروحية الخلاّقة المبدعة في عملية خصب وعطاء وهي -بعد ذلك_قضية الحياة الكبرى التي تنطلق لتبلغ بنا شاطئ الامن والسلامة..)2
وفي هذه المناسبة وغيرها من المناسبات التاريخية لانعيش الذكريات ونستغرق فيها لنهرب من الواقع من خلال تسلية أنفسنا بما حققه السلف من أمجاد وبطولات وإنما نعيش التاريخ كمدرسة ننتقل بين صفوفها لنتزود من هذا التاريخ ما يقوينا ويدفعنا باتجاه تقديم ما تستحقه إنسانيتنا في الحاضر والمستقبل وكما حث القران الكريم عندما عرض لنا القصص أن نعتبر فقال لقد كان في قصصهم عبرة لاُولي الالباب()الاية 111 من سورة يوسف
علينا أن نعتبر من سيرة النبي _ص واله -الذي استطاع أن يقود الامة ويخرجها من الظلمات الى النور من اُمة لافيها علم قائم ومنهج واضح كما قدم لنا الامام علي _عليه السلام-هذا التقرير عن حال الاُمة قبل بعثة النبي فقالبعثه حين لاعلم قائم ولامنار ساطع ولامنهج واضح....) نهج البلاغة
الى اُمة حملت مشاعل الحضارة والعلم والحرية الى كل موطئ وطأوه
ولكن مشكلتنا أننا نرى صنفين من الناس حينما تعرض لهم قضية تأريخية أو عندما يتعاملون مع التأريخ وخصوصا التاريخ الاسلامي حيث يرى الفريق الاول في التاريخ ملاذه للهروب من واقعه المأساوي وواقع الامة كلها ولايكاد يرى ما يحفزه على البقاء والصمود فيلجأ الى التاريخ يتلذذ به ويوهم نفسه بما سطره الاخرون من بناء للحضارة ورقي وتعظيم انسانيتهم الى المجد المعروف،ويتعامل مع التاريخ بكل ما ينقله المؤرخون والرواة دون تدبر وتعقل لانه يريد مخدرا وملهيا ينسيه مأساته المتراكمة نتيجة واقع الامة المتردي وواقعه كذلك لانه جزء من مشكلة الاُمة،وهو بذلك لايعالج نفسه وامته بل أنه يزيدها مرضا وسقم ...!!!.
والصنف الاخر الذي أحاطته المأسات من كل جانب واستشعربها لكنه بدلا من العودة الى الماضي يهرب الى الامام رافضا كل التاريخ ومشككا به قاطعا لجذوره لعله يبلغ مراده وبذلك يزيد الامة مرضا وسقما كالصنف الاول
وبدلا من أخذ تجارب الاخرين الذين اعتزوا بماضيهم وتاريخهم لانها عنوان لشخصيتهم وقيمهم وهاهي اليابان والمانيا كمثلين لبلدين يعدان من البلدان المتقدمة في كافة المجالات التي يبتغيها
فهاتان الدولتان بالرغم من الانتكاسة العظيمة جراء هزيمتهما في الحرب العالمية الثانية إلا أنهما بقيا على إعتزازهما بكل الخصائص التي يتمتعان بهما واستطاعا أن ينهضا بعد النكسة ذلك النهوض العظيم الى وقتنا هذا
ولناخذ دولا في شمال اوربا لاتملك من التاريخ سوى ان اصولهم تعود الى مجموعة من القراصنة وصولوا الى الدول الاسكندنافية ولكنهم يعتزون بهذا التاريخ لانه يمثل مقطعا مهما من اصالتهم
فما بال الصنف الثاني لايعتبر بتجارب هؤلاء
إننا نبحث عن صنف آخر لايستغرق في التاريخ ويغرق فيه بل يغوص في أعماقه لينطلق الى الحاضر والمستقبل يقرأ عناصر النجاح التي حققتها الامة انذاك وامتدت حضارتها مئات السنين
إننا نبحث عن صنف يمجد عظماء امته ليستلهم منهم قوته في مواجهة الواقع والمستقبل
إننا نبحث عن صنف يقرأ التاريخ بتجرد موضوعي ويبحث عن الحقيقة رافضا كل الشوائب التي اُدخلت اليه لتضفي اُمورا ليس لابطالها حاجة الى ذلك
من هنا نستطيع ان نقرأ التاريخ لننطلق الى المستقبل ومن هذه الفكرة نستطيع أن نقرأ المبعث النبوي لنعيش الحاضر والمستقبل
[email protected]