|
-
صوم يوم عاشوراء بدعة ام حقيقة! مقال وفيديو
البحث منقول
بقلم عقيل البركاتي
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا وحبيبنا محمد وآله الطاهرين
لا ريب أن الفاجعة التي وقعت يوم عاشوراء لهي أكبر فاجعة مرت على الإنسانية جمعاء، لاسيما وقد ذبح ابن خاتم النبيين وسيد شباب أهل الجنة وريحانة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ـ وذبح معه إخوانه وأبناؤه من العترة الطاهرة النبوية، وما تلا ذلك من سبي لبنات المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم واقتيادهن كسبايا الكفار إلى الطاغية يزيد لعنه الله.
ولكن بني أمية اعتبروا هذا اليوم يوم عيدهم وفرحتهم وأساس دولتهم اللعينة، فأخذوا الناس بذلك قهرا، بل وشجعوا على وضع الأحاديث والفضائل في هذا اليوم حتى يوهموا الناس بفضل ذلك اليوم ويجعلوه يوم بركة وعيد ....! فعليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة ومن حذا حذوهم.
وكان من جملة تلك الأحاديث أن زعموا لهذا اليوم أحداثا تاريخية مباركة ليوهموا العامة والأجيال التي تليها ببركة ذلك اليوم الذي وقعت فيه أكبر فاجعة في تاريخ الإنسانية...!!
كما وضعوا الأحاديث التي تثبت فضل صيام ذلك اليوم وكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى صحابته فوضعوا أحاديث على لسان عبد الله بن عباس وأم المؤمنين عائشة وأبي موسى الأشعري وغيرهم، ولكن لأن حبل الكذب قصير... فقد وقع في هذه الأحاديث كم من المتناقضات التي بينت ما فيها من زور وبهتان على سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم ونحن في هذا المبحث المتواضع نحاول بمن الله وتوفيقه وعونه سبحانه أن نبين هذه المتناقضات ونفند تلك الأحاديث حتى يتبين لكل عاقل أن الأمر كله لا يتعدى أكذوبة حقيرة..!!
أحاديث صوم عاشوراء في كتب السنة
وردت في المصادر السنية مجموعة من الأحاديث في فضل صيام يوم عاشوراء نسبوها للمصطفى صلى الله عليه وآله وسلم نجملها فيما يلي:-
1- عن عائشة قالت: (كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله يصومه في الجاهلية، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه ، فلما فُرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه). [صحيح البخاري: كتاب الصوم]
2- عنها قالت: (كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان النبي يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما نزل رمضان، كان رمضان الفريضة، وترك عاشوراء، فكان من شاء صامه ومن شاء لم يصمه).[ صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، سورة البقرة]
3- عنها قالت: (كانوا يصومون عاشوراء، قبل أن يفرض رمضان، وكان يوماً تُستر فيه الكعبة، فلما فرض الله رمضان قال رسول الله: من شاء أن يصومه فليصمه، ومن شاء أن يتركه فليتركه).[ صحيح البخاري، كتاب الحج، الباب 47]
4- عن ابن عباس قال: قدم النبيّ المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا ؟ قالوا: هذا يوم صالح، يوم نجّى الله بني إسرائيل من عدوّهم فصامه موسى. قال: ((أنا أحقّ بموسى منكم)) فصامه وأمر بصيامه[صحيح البخاري، كتاب الصوم: 30].
5- عنه أن النبيّ لما قدم المدينة وجدهم يصومون يوماً ـ يعني يوم عاشوراء ـ فقالوا: هذا يوم عظيم، وهو يوم نجّى الله فيه موسى وأغرق آل فرعون، فصام موسى شاكراً للّه. فقال: ((أنا أوْلى بموسى منهم)) فصامه وأمر بصيامه. [صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء: 60]
6- عنه قال: لما قدم النبيّ المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء، فُسئلوا عن ذلك فقالوا: هذا هو اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون، ونحن نصومه تعظيماً له، فقال رسول الله: ((ونحن أوْلى بموسى منكم)) فأمر بصومه(3). [صحيح البخاري، كتاب مناقب الأنصار، الباب 52]4 ـ عنه قال: قدم النبيّ المدينة واليهود تصوم عاشوراء، فقالوا: هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون، فقال النبي لأصحابه: ((أنتم أحقّ بموسى منهم، فصوموا)). [صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، سورة يونس]
7- عنه قال: لما قدم رسول الله المدينة واليهود تصوم عاشوراء، فسألهم، فقالوا: هذا اليوم الذي ظهر فيه موسى على فرعون، فقال النبي: ((نحن أولى بموسى منهم )). [صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن. سورة يونس]
8- عن أبي موسى الاشعري قال: دخل النبيّ المدينة وإذا أناس من اليهود يعظّمون عاشوراء ويصومونه، فقال النبي: ((نحن أحق بصومه. فأمر بصومه)). [صحيح البخاري، كتاب مناقب الانصار، الباب 52]
9- عنه قال: كان يوم عاشوراء تعدّه اليهود عيداً، فقال النبي: ((فصوموه أنتم)). [صحيح البخاري، كتاب الصوم: 30]
الأدلة القاطعة على كذب تلك الروايات
هذه جملة من الأحاديث التي رواها القوم في صوم عاشوراء، وبالتأمل في هذه الأحاديث نلاحظ الآتي:-
أولا: مدى التناقض الشديد في هذه الروايات، حيث يظهر من بعضها أن صوم يوم عاشوراء كان معمولا به في الجاهلية ثم أقره الإسلام مؤخرا كما في الأحاديث 1 و 2 و 3، بينما يظهر من باقي الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجد اليهود تصومه في المدينة فسن صيامه للمسلمين أسوة باليهود...! فكيف نوفق بين هذين المتناقضين
ثانيا: بالنسبة للروايات التي تزعم أنه كان صوما جاهليا أقره الإسلام فيما بعد فلنا هنا عدة ملاحظات:-
(الملاحظة الأولى) أن اسم "عاشوراء" هو اسم إسلامي لم يكن معروفا في الجاهلية، كما ذكر في كتاب "النهاية في غريب الحديث والأثر"/ المجلد الثالث ص240، وأيضا في كتاب "الجمهرة في لغة العرب"/المجلد الرابع ص212.
(الملاحظة الثانية) أن الصوم عبادة شرعها دين الإسلام ولم يكن معروفا عن العرب أنها تصوم في الجاهلية ولا ورد بذلك أي أثر عند المؤرخين وأصحاب السير والمغازي، فكيف كانوا يصومون يوم عاشوراء...؟؟!!
(الملاحظة الثالثة) عاشوراء ـ لغة ـ هي على وزن فاعولاء مختومة بالألف الممدودة، وتصحّ بالألف المقصورة بلا همزة: عاشورى، فهي صفة مؤنثة لليلة العاشرة من الشهر القمري العربي، وغلبت على الليلة العاشرة من أول الشهور القمرية العربية المحرم الحرام، ولذلك لا يوصف بها اليوم فلا يقال: اليوم العاشوراء، وإنما يقال : يوم عاشوراء بنحو الإضافة، بحذف الليلة، والتقدير: يوم ليلة عاشوراء، والموصوف ـ الليلة ـ محذوف، فإذا كان العرب يصومونه لأنه كان يوماً تُستر فيه الكعبة ، فلماذا أُضيف إلى وصف الليلة (عاشوراء) كما مرّ ؟ ولم تكن الكعبة تُستر في الليل طبعاً قطعاً. أم هل وصفوا اليوم المذكّر بصفة التأنيث ؟ فالعجب من العرب كيف غاب عنهم هذا
(الملاحظة الرابعة) إذا كان النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يصوم يوم عاشوراء في الجاهلية ـ كما مر في الأحاديث المنسوبة إلى أم المؤمنين عائشة ـ فلماذا تركه بعد الإسلام ؟ فلو كان تركه لمخالفة المشركين فلماذا رجع إليه بعد الهجرة ؟ وتلك هي التساؤلات التي تفرض نفسها بلا جواب شاف كاف...
ثالثا: بالنسبة للروايات التي تزعم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صامه لما قدم المدينة المنورة بعد أن وجد اليهود تصومه فلنا عليها مجموعة من الملاحظات أيضا
(الملاحظة الأولى) جاء في دوائر المعارف البريطانية الإنجليزية والفرنسية والألمانية، أن احتفال اليهود بنجاة موسى وبني إسرائيل يمتد سبعة أيام لا يوماً واحداً فقط.
أما صوم اليهود فهو في اليوم العاشر، ولكنه ليس العاشر من المحرم، بل من شهرهم الأول: تشري الموافق لجمادى الأولى من الأشهر العربية القمرية وليس شهر المحرم، ويسمّونه يوم "كيپور"، أي يوم الكفّارة، وهو اليوم الذي تلقّى فيه الإسرائيليون اللوح الثاني من ألواح الشريعة العشرة، ولم يكن ذلك يوم نجاتهم من فرعون، بل بعد نجاتهم من فرعون، وميقات موسى عليه السلام، وابتلائهم بعبادة العجل إلهاً لهم، ورجوع موسى من الميقات إليهم، وإعلان اشتراط قبول توبتهم بقتل بعضهم لبعض، وبحصولهم على العفو من رفقائهم، ولذلك فقد خُصّص اليوم الذي قبل كيپور بتبادل العفو فيما بينهم، وخُصّص يوم كيپور للصيام والصلاة والتأمل، لاعتباره أقدس أيام اليهود.
والتقويم اليهودي المستعمل اليوم عندهم شهوره قمرية، ولذلك فعدد أيام السنة في السنوات العادية 355 أو 354 أو 353 ولكنهم جعلوا سنواتهم شمسية بشهور قمرية، ولذلك فلهم سنوات كبيسة، ففي كل سنة كبيسة يضاف شهر بعد آذار الشهر السادس باسم آذار الثاني فيكون الشهر السابع، ويكون نيسان السابع الشهر الثامن، وعليه تكون أيام السنة الكبيسة 385 أو 384 أو 383 يوماً.
هذا هو التقويم اليهودي المستعمل لديهم قديماً واليوم، ولم يُنقل عنهم أيّ تقويم غيره. وتلك احتفالاتهم بنجاتهم من الفراعنة تمتد أسبوعاً لا يوماً واحداً فقط، وليس لهم فيه يوم صوم ولهم يوم صوم هو يوم عيد كيپور العاشر من شهرهم الأول تشري، ولكنه يوم كفارتهم وقبول توبتهم وليس يوم نجاتهم من الفراعنة.
فإذن لم يكن يوم عاشوراء، يوم نجاة موسى ـ عليه السلام ـ وبني إسرائيل من فرعون،وبالتالي لا يصحّ ما نُسب إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من أخبار في عاشوراء، تتضمن أنه يوم نجاة موسى وبني إسرائيل من الفراعنة.
(الملاحظة الثانية) أن تلك النصوص دلت على أن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ سأل اليهود عن صومهم ذلك اليوم ثم قال: أنا ـ أو نحن ـ أحق منهم فصامه وأمر بصيامه. وليس فيها أنه أفاد من وحي الله أو من علمه الإلهي، أي أنه اعتمد على ما قاله اليهود هنا. وقد قال الله تعالى: ï´؟وَلَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌï´¾، فهل يجوز أن نتأسى برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ على زعم هذه الروايات ـ فنعتمد على نُقول أهل الكتاب من اليهود والنصارى والمجوس عن أنبيائهم
وهل يصح أن يكون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممن يأخذ دينه من أعمال اليهود ويقر ما ينقلونه عن أنبيائهم وهو الذي يتلقى الوحي من لدن العزيز الحكيم....! كلا وحاشاه والله بأبي هو وأمي....
(الملاحظة الثالثة) أن نصوص هذه الأخبار تعلّل صوم الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وأمره بصوم ذلك اليوم بأننا أحق أو أولى من اليهود بموسى عليه السلام، فهل يجوز لنا أن نأخذ بقياس هذه العلّة المنصوصة هنا فنقول : كل ما كان في الشرائع السابقة فنحن أحق أو أولى به أن نفعله!
وبالتالي نصوم صوم النصارى ونحتفل باحتفالاتهم .... وإلاّ فما وجه الفرق بين ذلك وبين ذلك الفعل المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
صوم عاشوراء عند أهل البيت عليهم السلام
روى الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، بسنده عن نصر بن مزاحم المنقري (م 212 هـ) عن عمر بن سعد، عن أرطاة بن حبيب، عن فضيل الرسّان، عن جبلة المكية قالت: (سمعت ميثم التمار ـ وهو من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه ـ يقول: والله لتقتلنّ هذه الأُمة ابن نبيّها في المحرّم لعشر مضين منه، وليتخذن أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة، وإنّ ذلك لكائن قد سبق في علم الله تعالى ذكره. أعلم بذلك بعهد عهده إليّ مولاي أمير المؤمنين صلوات الله عليه.قالت جبلة: فقلت: يا ميثم، وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي يُقتل فيه الحسين ابن علي ـ عليه السلام ـ يوم بركة؟
فبكى ميثم، ثم قال: سيزعمون بحديث يضعونه أنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم عليه السلام، وإنما تاب الله على آدم في ذي الحجة، ويزعمون أنه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح على الجودي، وإنما استوت على الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجة، ويزعمون أنه اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل، وإنما كان ذلك في شهر ربيع الأول، ويزعمون أنه اليوم الذي قبل الله فيه توبة داود. وإنما قبل الله توبته في ذي الحجة، ويزعمون أنه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس من بطن الحوت . وإنما أخرجه الله من بطن الحوت في ذي القعدة.
ثم قال ميثم: يا جبلة، إذا نظرت إلى الشمس حمراء كأنها دم عبيط فاعلمي أن سيدك الحسين قد قتل)
[أمالي الشيخ الصدوق: 110، طـ بيروت]
هذا وقد اعتبر أهل البيت عليهم السلام ذلك اليوم يوم حزن ومصيبة وأمروا شيعتهم بذلك واعتبروا صيام ذلك اليوم معصية كبيرة وتشبها بالظالمين من بني أمية لعنهم الله ، ويستحب فيه البكاء على سيد الشهداء عليهم السلام وذكر مصابه الأليم والدعاء فيه و الإبتهال إلى الله عز وجل والإمساك عن الطعام والشراب إلى ما بعد العصر ـ ليس بنية الصوم ـ وإقامة المآتم على سيد الشهداء عليه السلام حتى يلتفت العالم كله لهذا المصاب ويستشعر الناس معاني النهضة الحسينية السامية التي تجلت فيها أسمى معاني التضحية والعزة والإباء التي ليست بغريبة على أهل البيت عليهم السلام .
اللهم صل على محمد وآل محمد وآل محمد وأرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، ولا تجعلنا ممن ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، واحشرنا مع الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه والعن قتلة الحسين ومن رضي بفعلهم إلى يوم القيامة وصل اللهم على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه الأخيار المنتجبين وسلم تسليما كثيرا.
وكالة انباء براثا - عقيل البركاتي
....................
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
|