[align=justify][align=center][/align]
[align=center]
وظيفة الحوزة في قيادة الأمة (1)
[mark=666666]دراسة في فــــــكر الشــــهيد الصــــدر [/mark]
سماحة الشيخ أحمد أبوزيد*
- « شبكة والفجر الثقافية » - 19 / 11 / 2007م - 7:13 م
[/align]
كنت تحدثت مع الاخت الفاضله ام عباس حول اختيار بحث حول نظريه معينه للشهيد الصدر وبعد التباحث معها تم الاتفاق على ان يكون عن وظيفة الحوزه في قيادة الامة في نظره رضوان الله عليه
الرؤى حول كيفية سد الثغرات التي كانت في جسم هذه الحوزة بحيث يصبح جسم الحوزة بشكل عام قادر على أداء دوره المرجو منه .
ولكن قبل أن ندخل في الموضوع احببت أن نذكر في جلستنا الأولى باختصار حياة الشهيد الصدر ليتشكل بذلك منطلق لفهم تحرك الشهيد الصدر .
السيد الشهيد محمد باقر الصدر ينحدر من اسرة علمية عبر عنها بعض العلماء بـ (السلسة الذهبية ) نظرا انَ هذه السلسة من الشهيد الصدر وصعودا الى ان تصل السلسلة الى الامام الكاظم حيث يتصل الشهيد بالامام الكاظم عليه السلام .
كل هذه السلسلة علماء وفضلاء اذا استثنينا الحقبة التي اعقبت غياب الامام الحجة عليه السلام اذ لم يكن هناك حوزه بالمعنى المتعارف حتى نعرف ان هذا عالم او مجتهد او فقيه ،وأحد اجداده يقع في سلسلة رواة حديث سلسلة الذهب ((ولاية علي حصني فمن دخل حصني امن عذابي))..
ولذلك عبر عن العائلة بالعائلة الذهبية .
جده اسماعيل الصدر الذي كان قيادي من قياديين ثورة العشرين ، هذا الاسرة تنقلت تارة الى العراق وتارة الى الحجاز واخرى الى لبنان ثم انتقلت اثر المصائب التي المت بها اثر حملات الجزار الى العراق فسكنوا في الكاظمية .
استقر السيد حيدر والد الشهيد الصدر في الكاظمية الى ان توفي رضوان الله عليه بعد ان خلف السيداسماعيل والسيد الشهيد واختهما السيدة الشهيدة بنت الهدى ..
عاش الشهيد يتيما لان كان عمره حين توفي والده انذاك 3 سنوات فتربى في حجر ووالدته الحاجة بتول كريمة ال يس والتي يعرف اخوانها بمشايخ ال يس .
السيد الشهيد عاش ظروفا قاسية جدا حسب مانقل احد طلابه ان آل الصدر وال يس كان وضعهم جيدا في الكاظمية ولكن كيف عاش الشهيد هذه الظروف القاسية ؟
وذلك لأن العائلتين كل واحدة منهم اعتمدت على الاخرى في الاهتمام بالشهيد الصدر .
والطفولة القاسية كما يقول علماء النفس ذات بعدين اما ان تولد طاقه ونبوغ او تولد احباط .
عاش الشهيد في ظل اسرته وكان اخوه السيد اسماعيل والذي كان بمثابة الوالد له .
كانت والدته شديدة الاهتمام به وكأنها لمحت علامات النبوغ في قسمات وجهه وكان اختياره لطريق الحوزه باصرار ودعم من والدته وعندما كان الشهيد الصدر في التاسعه من عمره تأسست مدرسة علمية باسم منتدى النشر والتي اسسها المرحوم السيد العسكري
وبجانبه احمد الأمين لتكون مدرسة ذات طابع ديني و في السنة الاولى من تأسيسها التحق بها السيد الصدر ولشدة ذكائه كما يشهد السيد العسكري واساتذته وزملائه كان يطوي المرحلتين (السنتين) في سنة واحده وكان يدرس بعض المواد التي كان يتلقاها .
وبعد سنتين من دخول السيد الشهيد الى مدرسة منتدى النشر رأى ان هذه المدرسة لاتلبي طموحاته العلمية فقرر الالتحاق بالحوزه العلمية وكانت هناك ضغوط من عائلته بأن يتنهج الطريق الاكاديمي فقد هيأ له السيد محمد الصدر نجل السيد حسن الصدر والذي رئيس مجلس الاعيان و مناه بالذهاب الى اوروبا بأن يتكفل كل مايحتاج اليه لكن السيد كان مصرا على موقفه بالرغم ان عمره كان تسع سنوات
ويستشف ان اخيه السيد اسماعيل كان يشجعه ان يلتحق في السوق لكي يؤمن قوت العائله ولكن والدته قد ساندته في اتخاذ القرار والاختيار فقد روي ان صام لمدة يومين ولم يأكل الا فتات الخبز لكي يثبت لهم ان القادر على صيام يومين ولم يأكل الا فتات خبز يستطيع ان يتحمل المصاعب التي يتلقاها جراء اختياره للسلوك الحوزوي.
ولكي يضع اهله امام الامر الواقع لم يحضر الامتحانات فرسب و ترك مدرسته رسميا .
بدء مشواره العلمي بالدراسه عند اخيه السيد اسماعيل حيث درس المنطق وكتاب معالم الدين وملاذ المجتهدين .
كان يتم دراسته في ذلك الوقت في فترة وجيزه والف في تلك الفترة رسالة منطقية صغيرة سجل فيها اعتراضات على بعض الاراء الوارده في الكتب المنطقيه .
لم ترضى الحوزة العلميه في الكاظميه طموحات الشهيد الصدر ولا اخيه السيد اسماعيل والذي وصل في تلك الفترة الى مرحلة البحث الخارج ، فقررت العائلة عام 65 هجري الى الانتقال الى النجف الاشرف وكان عمر الشهيد انذاك 11 عام.
فالتحق السيد اسماعيل بدروس البحث الخارج للسيد الخوئي ولخاله السيد الشيخ محمد ال يس بينما اكمل الشهيد الصدر المشوار العلمي في فترة زمنيه قصيره جدا حيث درس اللمعه والكفايه والرسائل في سنه ونصف وكان انذاك في الرابعه او الخامسه عشر وكما تنقل الوثائق انه اجتهد في مرحلة السطوح فهو لم يقلد ابدا من حين بلوغه بل احتاط وبعد ذلك التحق في الدورة الاصولية الثانيه للسيد الخوئي واتم معه الدوره الثالثه وبانتهاء الدوره الثالثه للسيد الخوئي عام 75هجري ترك الدروس الأصوليه للخوئي واكمل بعد ذلك دروسه الفقهيه لمدة سنتين ليستقل بعد ذلك في تدريس البحث الخارج .
كانت له في هذه الفتره الكثير من الانتاجات العلميه اولها كتاب العقيدة الالهية في الاسلام .
ويشير اليه في كتاب فدك في التاريخ الذي الفه على مراحل ثم شرع بتدريس الاصول .
وبعد سنتين بدأ بتدريس الفقه لذلك كان للشهيد الصدر منزله خاصه عند السيد الخوئي لنبوغه وامتيازه الخاص حيث كان يرجع تلامذته في اشكالاتهم للشهيد الصدر ولشدة تعمقه لمباني السيد الخوئي كان يجيبهم وفقا لمباني السيد الخوئي وان لم يكن هذا الرأي موافق لرأيه الخاص .
في هذه الفتره عام 52م تم انقلاب عبد الكريم قاسم حيث انقلب على الحكم الملكي و لم يكن ينتسب الى الدين ولكنه لانه كان يريد ان يستغل الحوزه لصالحه اعطاها الكثير من الامتيازات ، وكان ذلك في مرجعية السيد الحكيم وقبل وفاة السيد البروجردي بسنتين لذلك نجد في تلك الفترة تأسست مجموعه العلماء وبعد ذلك بفترة وجيزة أصدرت مجموعه العلماء مجله الأضواء وكانت لذلك للحوزة أنشطة عظيمة وقوية لم تشهدها العراق في تاريخه كله (طبع الكتب – مسابقات – فتح المكاتب) وبعد فترة وجيزه من قيام عبد الكريم قاسم بدأ النشاط الشيوعي في التزايد واشتد هذا النشاط بحيث يقال انه عائلات علمية عميقة في النجف الأشرف غزاها هذا النشاط الشيوعي وتخوفت الحوزة العلميه من هذا الوضع وبدأت اصدارات تندد بالشيوعيه ولكن لم يكن هذا هو الحل الناجع الى ان اقترح السيد محسن الحكيم على نجله السيد مهدي الذي كان زميلا للشهيد الصدر أن يطلب منه أن يؤلف كتابا علميا ليهدم المباني العلمية التي تقوم عليها المباني الشيوعية فإن هذه الخطوه سوف تساهم أكثر في تقويض هذا النظام أكثر من مساهمة الخُطب والمنشوارت، وبالفعل أستجاب الشهيد لأقتراح السيد الحكيم فألف كتاب (فلسفتنا) خلال عشرة شهور، ضمن تزايد المّد الشيوعي في النجف خطر في بال العلماء ومنهم المرحوم الشيخ حسن الجواهري فكرة تأسيس مجموعة من علماء الصف الثاني الذين يلُّون المراجع الكبار من أجل إقامة المهرجانات والإحتفالات والخطب والمنشورات التي ممكن أن تكون الخطوة الدفاعية في مقابل المَّد الشيوعي وبالفعل تأسست وعلى رأسهم الشيخ حسن الجواهري والشيخ مرتضى ال يسين خال السيد الشهيد.
جماعة العلماء في النجف إنطلاقاتها كانت شيء وماآلت إليه كان شيء آخر بأنه مالبثت فترة من بعد تشكيلها أنضم إليها مجموعة من الشباب كانوا يحملون أفكار إصلاحيه اتجاه الحوزه وأفكار إقامة حكومة إسلامية في العراق وهذه الأفكار لم تكن من أهداف الشيخ الجواهري بل كان هدفه من تأسيس هذه المجموعة التصدي إلى الشيوعيه ، تسرب إلى الحوزه مجموعة من الشباب وغيروا بنية الحوزه حتى أصبحت ذات طابع إصلاحي وتشكلت آنذاك مجلة الأضواء المعروفة وكان السيد الشيهد يساهم بكتابة المقالات الأفتتاحية التى حملت عنوان (رسالتنا)...
أما سبب خروج الشيهد الصدر من الأضواء : أن الشاه (محمد رضا البهلوي) قبل وفاة السيد البروجردي أعترف بأسرائيل كدولة وعدد من علماء النجف لم يعارض حكم الشاه نظراً أنه الحكم الشيعي الوحيد في العالم لذلك لا ينبغي بأي شكل من الأشكال أضعاف هذا الحكم، ولذلك كانوا يخالفون الأمام الخميني في كيفية تعاملة مع هذا الحكم وكان انذاك النجف كان في النجف تياران من الناحية العلمائية :
1- تيار يعارض حكم الشاه معارضة شديده
2- تيار يؤيد نظام الشاه. والتيار المؤيد لم يكن قليلاً، ولذلك مجلة الأضواء بعد صدور هذا الأعتراف من الشاه لأسرائيل نشرت بيان نددت فيه بهذا الأعترف وأنتقدت الشاه انتقادا علنيا والشهيد الصدر بأعتباره من ضمن هيئة المجلة وبأعتبار أن الشهيد الصدر كان على علاقة مع السيد محمد الروحاني والذي كان من التيار الغير معارض للشاه، تعرض الشهيد الصدر لانتقاد قاس من السيد الروحاني فلم يتحمل هذا التوبيخ لذلك قرر العزلة وأنتقل إلى الكاظمية وبعد محاولات من زُملائهُ في المجلة توصلوا لنتيجة بأن لايشارك الشيهد بالكتابة بل بالتوجية ببذل الأفكار فظل يوجه هذه المجلة. وفي هذه الفترة توفى السيد البروجردي وكان السيد الحكيم آنذاك مرجع قبل وفاته ولكن بعد وفاة البروجردي تأصلت مرجعيتة حيث الكثير من الناس رجع إليه .
في فترة مرجعية الحكيم كما قلنا إنقلاب عبد الكريم قاسم هيأ لمرجعية السيد الحكيم أرضية العمل وبعد زوال عبدالكريم قاسم وبعد مجئ العارفيين تهيأت الظروف أكثر للسيد الحكيم بأن الظروف كانت مؤاتيه جداً لأن تتسلم المرجعية زمام حكومة الدولة بيدها لكن السيد الحكيم لم يكن يؤمن بأن الدولة تكون في يد الفقية بل أن تكون في يد ذوي الخبرة والفقيه يمارس دور الموجة لا أكثر، فنظرته تختلف عن نظرة الأمام الخميني للحكم في الإسلام .
في هذه الفترة أبعد الشاه الأمام الخميني إلى النجف معتقداً أنه من الممكن أن يدفنه حيا هناك حيث لم تكن النجف مدينة تسلط عليها الأضواء الاعلامية وقد استقبله السيد الصدر والسيد الخوئي استقبالا حافلا وعندما استقر السيد الامام في النجف الأشرف لم يمارس اعماله كما كان يمارسها المراجع الكبار وبعد حكم العارفين سنة 68 اتى البعثيين على رأس الحكم (تیار صدام والبكر) هنا وضع العراق اختلف كلياً ، وضع المرجعيه ، وضع الحوزه ، وضع الأمام ووضع السيد الحكيم بشكل كلى اختلف وتغير.
البعثيين لم يكونوا على نسق العارفين كانوا في شدة القسوه حيث تعرض السيد الحكيم الى ضغوطات لم يتعرض لها سابقاً حيث قام البعثيين بتسفير طلابه الذي كان أكثرهم من الايرانيين (حيث كان فيها مايقارب 50_60 طالباًمن العراقيين فقط والأغلبيه من الطلاب الأيرانيين) واراد البعثيين من خلال تسفيرهم للطلبه توجيه ضربه لمرجعية السيد الحكيم وبالفعل آلمت هذه الخطوه السيد الحكيم ، وتلتها خطوه اخرى هي اشد الخطوات خطوره على وضع السيد الحكيم وهي اتهام نجله السيد مهدى الحكيم بمحاولة الأنقلاب على الحكم وربما كان هذا صحيحاً ، استفاد البعثيين من هذه الخطوه وتم التضييق على السيد الحكيم ووضعوالسيد الحكيم تحت الأقامه الجبريه في داره إلى ان الحَّ عليه الأمام الخميني لأن يخرج الى صلاة الجماعه حتى يصل صوته الى الجماهير ليتفاعلو معه وبالفعل خرج السيد وكسر هذا الطوق من الحصار.
اما عن وضع السيد الصدر في تلك الفتره (سنة 69 أي قبل سنه من وفاة السيد الحكيم ) : سافر الى البنان و بمعونة السيد الصدر وطلابه مثل الشيخ ملك و الشيخ كوراني حاولو جميعهم نصرة مرجعية السيد الحكيم من خلال الأعلام اللبناني وبالفعل نجحاو في حملتهم الاعلاميه هذه لدرجة ان النظام العراقي اصدر قراراً نشره في الصحف الرسميه وتسببت ازمه دبلوماسيه بين لبنان والعراق وعلى اثرها قال النظام العراقي اني امهل رعايايي 48 ساعه لمغارة لبنان وإلا سوف يتحملون كافة المسؤوليات من مصادرة الأموال والجنسيات هنا غادر السيد الصدر لبنان ورجع الى العراق بعد ان اتمَّ هذه المهمه الاعلاميه بنجاح .
في هذه الفترة سافر السيد الحكيم الى لندن حيث اجرى عمليه جراحيه وبعدها عاد الى العراق وتوفى هناك رضوان الله عليه وبعد وفاته شهدت مرجعية العراق وحوزة النجف الأشرف تاريخاً مختلفاً كلياً حيث كانت وفاة السيد الحكيم بمثابة المفصل الذي غير وجهة الحوزه العلميه وهذا ما يعبر عنه السيد الصدر في احد مسائله قد هُدَّ البنيان ، حيث فقدنا مرجعية السيد الحكيم التي كنّا نتفيئ بظلالها ونلجئ إليها ونستعين بها
-------------------------------------------
- مؤلف كتاب "الشهيد الصدر ..السيرة والمسيرة حقائق ووثائق ".
- معد حلقات "الشهيد الصدر" على قناة المنار[/align]