مشكلتي خاصة بطفلي الذي أعاني بشدة من عصبيته الزائدة وذلك منذ حوالي العامين، أي منذ حملي بشقيقته، وعلى الرغم من اهتمامي الشديد به فإنه دائم العصبية والصوت العالي عند حدوث أي شيء لا يعجبه، كما أنني أشعر بأنه دائما غضبان ولا يشعر بالفرح عند تحقيق أي مطلب له، بل إنه يزيد في طلباته بشكل غريب.
طفلي في السنة الأولى بالمدرسة وتقييمه جاء جيدا جدا في نصف العام وله أصدقاء بالمدرسة، إلا أن مدرِّساته يشتكين من ثرثرته الدائمة. أنا أحاول مساعدته في تجنب العصبية، ومنعته من بعض أفلام الكرتون العنيفة التي تزيد الأمر معه، مع العلم أن والده شديد العصبية لأتفه الأسباب؛ فهل حالة ابني وراثية؟ كما أنه أخذ عني البطء الشديد في أداء واجباته وأكله وكافة أفعاله.
أشعر بالخوف على طفلي، ولا أريده أن ينهج نهج والده الذي يحاول أن يكف عن عصبيته أمامه، ولكنني ألاحظ أن الطفل يأتي بأفعال مماثلة لأفعال والده على الرغم من عدم مشاهدته لوالده في نفس المواقف، كأن يقذف بالأشياء حال نرفذته، علما بأن طفلي يعشق الرسم والتلوين، وأنا أحاول تنمية هذا الجانب فيه.
الحل
دعيني قبل أن أبدأ في التحدث عن ابنك الغالي أن أتحدث معك ومع باقي القراء عن حياتنا وبيوتنا، قد تستغربين ولماذا التحدث عن حياتنا وأنت ترسلين في السؤال عن عصبية ابنك، ولكن هنا أهم جزء في مساعدتنا على فهم كيفية تنشئة أطفالنا.
فكما فهمت أن زوجك شديد العصبية وأن الأطفال بعض الوقت يرونه وهو متعصب؛ فدعيني أسألك وأجيب لك في نفس الوقت لماذا يصل بينكما حد النقاش في البيت إلى العصبية وأمام الأطفال؟
لأن الشيطان هيأ لنا أقل الأسباب والتي تكاد ألا يكون لها مكان من النقاش إلى أشياء تتوقف عليها حياة أسرة كاملة، منها مثلا كرامتي التي تهان وهي أبدا لم تهن إذا فكرنا أن نتجنب المشاكل ونفهم أن الرجل لا يريد أن تقف زوجته في وجهه وكأنها رجل مثله، والآخر مثلا أنه يريد أن يلغي وجودي وكأني جزء من المفروشات التي أتى بها للزواج، هذا ليس صحيحا؛ فأنت ملكة هذا البيت، وقد جهزه لك زوجك حتى تسعدي بوجودك فيه وتسعديه أيضا بذلك.
وأشياء كثيرة من المشاكل التي إذا فكرنا فيها بعد حدوثها فسنجد أنها لا تساوي كل هذا النكد، وأن كل امرأة أعطاها الله الصبر الوفير والذي يقل عند الرجال.
والشيء الآخر دعينا نفكر كم يتعب الرجل في عمله ولم أنكر عمل المرأة ومجهودها والذي يضاعف عمل الرجل، ولكن هل سألنا أنفسنا من الذي عليه تحمل مسئولية الإنفاق على هذا البيت؛ الزوجة أم الزوج؟ نعم هنا نقف ونقول إنه الزوج الذي يفكر دائما في عمله وفي بيته وفي أسرته، وكل هذا يضع ضغوطا هائلة عليه، وينتظر من زوجته التي يفكر فيها طوال الوقت ابتسامة رضا بعد أن يعود إلى البيت ويستريح.
فعلينا أن نحاول إرضاء الزوج، ولا تعتقد الزوجة أن هذا ينقص من شأنها أو يقلل من كرامتها أو أننا نجور عليها، ولكن هي راحة البيت والسعادة وعدم جعل الشيطان الفائز الوحيد، ومنها يأتي أهم جزء في حل مشكلة ابنك، ومن ناحية أخرى فأنا أطلب من الأب أن يتماسك أمام أولاده وعدم إظهار العصبية حتى يساعد الأم في تربية أولادهما.
ومن الجانب الإيماني في العلاج أن تنصحي طفلك أو زوجك -ولكن بعد أن تنتهي نوبة الغضب- أنه عندما يشعر بالغضب أو العصبية يتوجه للوضوء كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب، وإلا فليضطجع) رواه أحمد وأبو داود. (الغَضَبَ مِنَ الشَّيْطانِ، وَإِنَّ الشَّيْطانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وإنَّمَا تُطْفأُ النَّارُ بالمَاءِ، فإذَا غَضِبَ أحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأ).
أما بالنسبة إلى عصبية الأطفال فلا أستطيع القول: إن الطفل يولد عصبيا أو هادئا، ولكن هناك عوامل تساعد الطفل أن يكون عصبيا أو هادئا، منها:
- النقاش العائلي والذي تحدثنا عنه أعلى.
- الطعام: هناك بعض أنواع الطعام التي تساعد الطفل أن يكون عصبيا جدا، وهي الحلويات والشيكولاته والسكر إذا أكثر من تناولها، وبعض من الأهالي يعطون الأطفال قليلا من الشاي حتى يساعدهم على التنبيه وهذا معتقد خاطئ بالطبع.
- الألعاب: بعض الألعاب التي يصدر منها صوت عال وكثيرة الحركة تجعل الطفل متوترا طوال الوقت.
- تنظيم الوقت: أن تجعلي وقتا محددا لكل شيء، مثلا للأكل نصف ساعة، إن لم ينته فخذي الطعام ولا تعطيه شيئا حتى ميعاد الوجبة الأخرى، والدراسة إن لم ينته من عمل الواجبات المطلوبة منه يعاقب بحرمانه من وقت اللعب ومضاعفة الواجب له.
- تحديد وقت النوم: من المهم والضروري أن يتعود الطفل على وقت محدد للنوم ويكون على الأكثر الساعة الثامنة، حتى وإن جلس مستيقظا بعض الوقت في سريره، وقد يتطلب هذا الأمر بعض المجهود في الأول حتى يتعود الطفل عليه.
- تنفيذ طلبات الطفل: كثير منا يعتقد أن الحنان والعطف على أطفالنا هو تنفيذ الطلبات لهم وإحضار كافة الأشياء وكل ما يشيرون إليه.
- التدليل الزائد من بعض أفراد الأسرة وخاصة الأجداد.
وإليك بعض من النصائح والتي أتمنى أن تفيدك:
- اختيار الأكل الصحي له (الإكثار من تناول الفاكهة والخضراوات والتقليل من تناول الحلويات بكافة أنواعها).
وأن تجعليه متشوقا لهذا الطعام بأن تقطعيه في طبق وأن تصنعي له شجرة وأوراقا عليها اسمه، وعند أكله من الفواكه عليه أن يأخذ ورقة ويضعها على الشجرة، وفي النهاية يقوم بعدِّ الأوراق وتكافئيه عليها، ومنها أيضا أنها وسيلة تعليمية يتعلم منها الأعداد والأرقام والألوان وأنواع الفاكهة وأشياء كثيرة.
- اعملي على شغل وقت ابنك بالأنشطة المفيدة، منها ابتكاره للأشياء الفنية وقراءة القصص.
- أن يتعود على مشاركة الألعاب مع باقي الأطفال، وإن لم يوفق تؤخذ منه اللعبة وتعطى للطفل الآخر.
- الاتفاق على طريقة واحدة للتعامل مع الطفل، مثلا إذا عوقب من ناحية الأب فيحترم أنه معاقب ولا يسمح له بشيء حتى يقول له والده، وعدم النقاش في شيء يخصه أمامه بل الاتفاق الدائم وبعد ذهابه يمكن أن تتناقشا.
وفي النهاية تذكري أن العقاب يكون بوضعه في السرير أو حرمانه من شيء يحبه أو ضربه ضربا خفيفا وليس مبرحا، ولا يكون أمام أحد، بل تأخذيه في حجرة أخرى وتتكلمي معه أنه فعل خطأ وأنه سيعاقب.