النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: ممكن مساعدة؟؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    الدولة
    بيت الأحزان
    المشاركات
    22

    افتراضي ممكن مساعدة؟؟

    السلام عليكم

    أخواني وأخواتي

    منذ مدة وأنا أبحث عن كتاب "مذكرات سجينة"

    ولكن للأسف لم أجده

    فأتمنى منكم أن تساعدوني

    لقد وجدته بالانترنت ولكن الوصلات لا تعمل

    وهذا العنوان

    http://www.iraker.dk/makalat/sajena.htm

    وشكرا
    [align=center][/align]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205
    وعليكم السلام ورحمة الله

    أختي للأسف الكتاب غير متواجد على النت.... بحثت عنه مسبقاً حتى أنقله هنا لواحة الكتب ولم أجده
    يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......








  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    67

    افتراضي

    مذكرات سجينة

    صفحات حمراء من تاريخٍ منسي‏







    تأليف‏
    فاطمة العراقي علي العراقي‏








    دار ال ....






    «لقد كان في قَصَصِهِم عِبرَةٌ لأُوْلي الالباب‏

    ما كان حديثاً يفترى‏ »



    الإهداء

    الى‏ أرغفة الروح في زمن القحط ..
    الى‏ الأرواح التي جادت بالفضيلة في تجارةٍ لن تبور ..
    الى‏ حكايا الجِراح ، الناطقات في زمن الخرسى‏ ..
    الى‏ اللاتي علّمن الرجال معنى‏ الرجولة ..
    الى‏ اللاتي تنحني لبطولاتهن هامات الرجال ..
    الى‏ الخالدات مع العراق وشمس الأبد ..
    والى‏ كُلِّ حجيج كربلاء ، الأحرار الذين لم‏
    ينضَب الزيت من مصابيحهم ..
    أهدي صوراً من حياة أُخرى‏ .

    َّ مذكرات سجينة ...
    َّ ... المقدمة


    المقدمة

    وكانت البداية
    لم يكن هيِّناً التصدّي لمشروع توثيق أنبل ظاهرة عرفها تاريخ العراق المعاصر بل وتاريخ الإنسان المسلم المعاصر ، ألا وهي الشهادة ، التي تعتبر أبرز مظهر حضاري شعبي أطَّر أحداث العراق السياسية خلال سني النصف الأول من عقد الثمانينات ..
    والصعوبة ناجمة عن الخشية في التقصير بحق الشهيدات والعجز عن تبيان عظمة التضحية التي قدّمتها أولاء اللّبوات تجاه دينهن ووطنهن ، والحفاظ على‏ خصائصِ تلك المرحلة التي احتضنت عملهن وصدق نواياهن .. سيَّما وأنني لست روائياً ولا كاتب قصة ، بل لم أُحاول قبل ذلك أن أضع لمسات ولو أولية لاحداثٍ جسام .
    لقد اضطرتنا الظروف للخروج من الوطن ، ورُبَّ ضارّة نافعة ، فقد كان المهجر محطّةً لنا للملمة شَتات مذكراتنا ، فتصدّيت لمهمة الكتابة وإنجاز المشروع خصوصاً بعد أن «علمت أنَّ عملي لا يعملهُ غيري فاجتهدت» .
    - الإمام علي‏7 ، نهج البلاغة .
    نعم ، فبعد أن استقر بنا المقام بأشهرٍ لفت نظر زوجتي وأثار دهشتها التغييب المطلق والتناسي التام لحبيباتها الشهيدات الغاليات ..
    - تم جرد جميع الصحف العراقية في المهجر الإيراني : (مجلّدات صحيفة الجهاد من العدد الأول عام 197م الى‏ عام 2001م ، ومجلة الجهاد ، وكذا مجلدات مجلة الشهيدة ، وصحيفة الشهيد ، ومجلدات صحف لواء الصدر وبدر والشهادة ، وصحف المبلِّغ الرسالي والنبأ والمنتدى‏ وحتى‏ صحف المهجر السوري) فلم نجد مقالاً تامّاً يؤرِّخ لحياة وجهاد واستشهاد زينبيّة واحدة من زينبياتنا المنسيّات ..
    نعم ، وجدتُ أسطراً غائمة تناثرت هنا وهناك بحياءٍ واختزال ، في عددٍ أو عددين وعلى‏ مدى‏ عقدين من السنين !
    أما المؤلَّفات ، فالمهجر يُصدِّر ولله الحمد عشرات الكتب الجديدة وبالأطنان ، غير أننا لم ولن نعثر على‏ كتابٍ واحدٍ يُورِّخ ولو لشهيدة واحدة من شهيداتنا المنسيّات !!
    فطفح بها الألم ، وانهمرت الدموع وتقرّحت الجفون .. ثم عتبتْ ونادت ، ولكن لا حياة لمن تنادي !
    فأحسستُ أن دموعها قد جالت في عيوني ، وعتبها قد سحق صمتي ، فقرّرت الكتابة وأذعنت لثورة قلمي ، فكانت «مذكرات سجينة» .
    - «إيهٍ فاطمة .. ماذا أقول يا ابنة العراق ؟ هل أقولُ أن مأساتنا هي أن ننسى‏ مأساتنا ! أن ننسى‏ الدماء الزكية ! أن ننسى‏ أخواتكِ الزينبيات اللاتي ساقَهنَّ فرعون بغداد الى‏ طاحونة الموت الأحمر وساحات الاعدام ؟!
    وأنتِ يارفيقة الدرب ، إذ تهمسين بمذكراتكِ الحزينة ، فها أنا أرى‏ دموعكِ ماثلة أمامي وأنتِ تملئين القلم من محبرة الهمِّ والحزن لتُذكِّرينا بقرابين البيعة المنسيّة .. فشكراً لكِ شكراً لكِ ، لان في همساتكِ صرخة غضب في دنيا النسيان واللامبالاة ، وفي مذكراتكِ وثيقة شاهدة وشهيدة ، شاهدة على‏ وحشيّة ذئاب البعث ، وشهيدة تروي ظُلم ذَوي القُربى‏ ..
    عُذراً فاطمة ، وعُذراً لكل الزينبيات المنسيّات ، لأننا نسيناهنَّ أو تناسيناهُنَّ ، نعم عزيزتاه .. لقد ابتعدنا عن الجهاد وزدنا بُعداً ، حتى‏ أصبح الكثير منّا - في المهجر - يسقط إعياءاً وخواءاً ..
    فلنقف وقفة تأمُّلٍ صادقة ، ولنَعد في أذهاننا مأساة أخواتنا ونباتنا وما قدّمن ، كي لا نتأخّر في الاعتذار» من مقالٍ نُشر في صحيفة الكلمة الحرة ، بأسم علي العراقي وتحت عنوان : كي لانتأخَّر في الاعتذار .
    الشهيدات لسن بحاجة الى‏ كُتُب تمجيد ، والمذكرات ليست محاولة لتعميدهنَّ بماء الكتابة ، غير انني رأيت من الأهمية بمكان تسليط الضوء على‏ نماذجنا النسوية الفاعلة - خصوصاً ان تاريخنا الإسلامي المعاصر يفتقر الى‏ نساء مجاهدات كزينبيات العراق - علِّي أُشارك ولو بشمعةٍ في إنارة الدرب الوعر أمام جيل ابنائنا الذين فُرِضَ على‏ شبابهم البلاء وخيّمت على‏ أحلامهم المِحْنة ..
    فقرّرت هذه المرة كتابة عذابات تلك المذكِّرات في أخاديد القلوب لا على‏ ورق الليل ، وبذلت الجهد الجهيد للملمة هذه الأشتات المبعثرة علِّني أُوفَّق في إعادة بعض ملامح الصورة .. وهكذا نمتْ الرغبة الصادقة الصارمة للتصدّي لهذا البخس والإهمال الذي طال شهيداتنا عشرين عام ، والذي سبّب تغييب صفحاتٍ من نور كادت تنطفى‏ء لتراكم المِحَن وتغيِّر المهاجر والإحَن والتي جعلت من ألوانها شاحبةً باهتة !
    ساعات وأيام وشهور نادرة ، أحسست أنها ساحرة، غرقتُ بها مع أطياف الزينبيات وعوالم الشهيدات .. فلم أشعر للحظةٍ من اللحظات أنني قريب من المولى‏ الكريم كما شعرت وانا في حالة استغراقٍ في الكتابة عن الشهيدات .
    - باشرنا في كتابة «مذكرات سجينة» في صحيفة الكلمة الحرّة ، ونحن على‏ يقين أن العمل في كشف هذا الملف الخطير سيكون في دائرة رصد المرتزقة إلّا أننا لم ننثن ولن ننثني ، لأن الكلمة موقف ، وأعز الرقاب قُطِعت لانها نطقت بآبةِ حق ..
    وحدثَ ما كنّا نتوقّع .. فأثناء سفري وعائلتي الى‏ مدينة مشهد المقدّسة في الفترة (14 - 21)/2000/11م لزيارة مرقد الإمام الرضا7 ، إنسلَّ في جُنح الظلام مرتزقة أذلّاء الى‏ منزلي ، وتجاوزوا على‏ حُرمة بيتي .. حيث وجدنا رسائل تحذير وتهديد رخيصة قد خُطَّت على‏ جدران الغرف ، وقد بُعثرت محتويات البيت ، غير أنهم لم يسرقوا شيئاً !! وقد سُجِّل الحادث من قِبَل الجهات الرسمية المختصّة ، وسنكشف عن تفاصيل مصوّرة وموثّقة في الوقت المناسب إن شاء الله تعالى‏ .
    ذكريات عِبر الجِراح نكتبها لجيل الفتح وللّذي سيولد ، بأسلوب سلسٍ واضح لايخلو من البساطة والعفوية ، ليتسنّى‏ للقراء بمختلف مستوياتهم إدراك مواعظها واستيعاب غاياتها .. وقد حرصنا على‏ كتابتها بروحٍ حياديّة وجرأةٍ موضوعية ، وبدماء الحق لابحبر الأحقاد ، لأنها وثيقةٌ للأجيال .

    قرابين الفجر ..
    المذكرات صفحات حمراء من دمٍ زينبيٍّ قانٍ ، لخدورٍ مُزِّقَت وأعراضٍ انتُهِكَت ولبواتٍ دُفِنت .. تؤرِّخ لمرحلةٍ هي من أبشع مراحل المواجهة مع الطاغوت البعثي .. لذا فهي صرخة ألم لأيامنا السود في دنيا النسيان ، وصفعة ضمير من دون صدى‏ ، للمهجر الطافح بالخَدَر واللامبالاة ، ولَسعة قلم ملأ مِدادهُ من آهات السنين العجاف..
    والمذكرات محاولة توثيقية لبيانات ثورية ضد الجبت والطاغوت ، لواقعٍ عاشتهُ فتيات العراق ، ووثيقة إدانة لكلِّ المتثائبين في محكمة التاريخ ..
    وهي في الوقت نفسه رصيد إرثٍ لنساء العراق والمهجر ، من فيتات آثرن الموت عِزّاً على‏ الحياة ذُلّا .. وإشراقة أملٍ في دنيا القنوط ، وسَبَحات دف‏ءٍ في آفاق الروح ، وإطلالة على‏ عالمٍ يُجبركَ أن تُعيد حساباتك من جديد نحو عالَم الآخرة ..
    زحفٌ آثم اجتاحَ بلد المقدّسات كوباءٍ فتّاك ، فتصدّى‏ لهُ جيل نَدر أن يجود الزمن بمثل سخائِه وتضحياته .. إنهُ جيل الصدر وبنت الهُدى‏ .
    فكان يقف على‏ مسرح المعركة كيانان نقيضان ، أحدهما راسف في أغلال الباطل ومُزوَّد بكل أساليب المكر والخداع ، الآخر متحرِّر من أغلال الشهوات ومتسامي في الغايات .
    نماذج نسوية رائدة عِشنَ الصراع ضد طاغوت العراق كأشد ما يكون الصراع ، قرابين سخيّة لإحياء دور العقيلة زينب‏3 أمام يزيد العراق .. إنَّهن قرابين الفجر الذي أشرق سنا نوره مع ضياء شمس الثورة الإسلامية في إيران ..
    فتيات عِشن جِراح الوطن وأرهقتهنَّ همومه ، أخذن مواقعهنَّ الريادية في خارطة العراق الجهادية ، وقاتلنَ بنوايا صادقة بعيدة عن الرخيص من الأهداف .. فحاولنَ بعطرِهنَّ الزينبي الفوّاح بَثْ الهِمَم في النفوس الهامدة وبعث الحياة في الأجساد الراقدة ..
    نوارس تم اعتقالهنَّ من مختلف شطآن العراق وروافده ، وتم تمزيقهنَّ بمختلف أدوات التعذيب ووسائله .. فكانت أجسادهنَّ صغيرة ، إلّا أن راواحهنَّ كبيرة كبر مواقفهن وعظيم تضحياتهن ، وكانت جِراحهن بطولة في جسد الوطن الكبير ، - «جرحُكَ بطولة ، جرحُكَ قوة .. وهو جرح في جسدك الصغير ، لكنهُ يتحوّل في جسد الأمةِ الى‏ قوة» سيد شهداء حزب الله لبنان ، السيد عباس الموسوي .
    ودمائهن خير صائن لحركة الأُمة نحو الاستقامة .. فتمازجت الدماء وتشابكت الاغصان حتى‏ بلغت الثرى‏ .
    إننا بحق أمام نوعٍ فريدٍ من النساء ، وحُقَّ للعراق أن يملأ صفحاته بعبق بطولاتهن ، وينير أسطُره بشمس تضحياتهن .. فتيات انطلقن من قلب المِحْنة وأعماق هم الأُمة ، تجاسرن بكلِّ عزمٍ وكابدن في سبيل الدين والوطن شتّى‏ البلايا والمِحَن .. زينبيات جئن يوقظن النائمين على‏ الفجر الصادق القادم من مخاضات الزنازين .
    ومن هنا كانت حركة الزينبيات في خط الاستشهاد جزءاً لايتجزّأ من ضرورات المعركة لأُمةٍ مسلمةٍ متوجهةٍ نحو الله ، كُن انصار حسين زمانهن وشتائل زينب عصرهن ، التي أورقت سيوفاً وسنابلاً ، فأينما يكون يزيد لابد من حسين وزينب، ومَن لا يملك زينب في قلبه لايتذوّق الكرامة في حياته ، لانها حياة بلا عقيلة .
    إذن لابُدَّ من المشانق لنصل الى‏ ما نطمح اليه من فتحٍ ونعمة ، لابد من الخسائر وإن كانت مؤلمة .. فلا حرية بلا دماء ، لكن الذي يؤلم الروح أن لكلِّ حربٍ قوانينها إلّا الحرب البعثية ، ولكل السجون أساليبها البشعة ، إلّا الزنازين البعثية .. قطعان من المرتزقة ، حيث الدمار وموت الضمير ، وصور من سبي الأعراض وهتك الحُرمات مالا يحسن للقلم سوى‏ رسم جزء منها ..
    القارى‏ء الكريم
    لا أُريد أن أُثير أشجانك ، فلذلك حديثاً آخر سأبُثَّهُ لكَ لاحقاً إن شاء الله تعالى‏ .. كانوا يقتلون أنصار الأنبياء ليُعبَد الوثن ، يقتلون أنصار الحُسين ليُعبَد البعث .. إنها دماء بدرٍ وخيبرٍ وكربلاء .
    لذا شهد (أبو غريب) و(الرضوانية) والصحارى‏ النائية مشاهداً بشعة من مهرجانات الإعدام الجماعية لم تشهد لها حتى‏ محاكم التفتيش مثيلاً ، مما جعل دموية نظام بعث العراق من حقائق هذا الوجود .
    أيَّ مصائبٍ على‏ شعبنا أن يتحمّلها ، وأيَّ دمارٍ علينا أن نكابدهُ ، وكم من القادة والأبطال يجب أن ينزف كي نغسل روح العراق وعقله من رجس البعث .. شعبٌ صابرٌ محتسبٌ حُمِّل الكثير من ميراث الطُغاة ، حتى‏ حار المؤرخون أيَّ فصلٍ من جهادهِ يُخلِّدون ، وأيَّ عبقٍ من بطولاته وتضحياته يُسطِّرون !

    أضابير دثّروها بالتُراب !
    الحديث عن الشهيد والشهادة هو الحديث عن القيم ومحاولة زرعها في شرايين الأمّة من جديد ، وما المذكرات سوى‏ دروسٍ في التحرّر من قيود الذات وأغلال الشهوات وبالتالي تفعيل الطاقات .. ونحن لانملك من وسائل الضغط على‏ الواقع المهجري الراكد سوى‏ دماء الزينبيات ..
    في المهجر تغيرت الكثير من دلالات الهجرة ومعاني الجهاد ، وربما أعطت النقيض .. لذا لا غرابة أن نجد أكثر المنسيِّين والمهمَّشين في المهجر هُم من قوافل الشهداء والمجاهدين ! باعتبارهم المرآة التي تكشف سوءاتنا ونقيض ادّعاءاتنا !
    نعم ، لاغرابة .. فالاذلّاء المترفين الذين أدمنوا حياة الدِعة والخواء يمقتون حتى‏ الحديث عن الثورة والثوّار ، ولا يطيقون شمَّ عطر دماء الأحرار ..
    جيل نبت على‏ نجيع الدم ، ملأ العراق جهاداً وتضحيات ، انتهى‏ أغلبهُ في المهجر الى‏ روحٍ خاوية لاهمَّ لها سوى‏ دنيا خضراء وعيشةٍ بلهاء .. إنّهمُ ثوّار الظروف ، هاجروا ليهجروا - ولو بعد حينٍ - ساحات الجهاد والاستشهاد ، وليهيموا على‏ وجوههم في أقطار الأرض ، بحثاً عن الأمان وتَرف العيش !
    ناموا في أحلك ساعات الشدّة ، لأنهم وجدوا في الجهاد بؤساً وهم يرجون نعيماً .
    كنتُ من كُربتي أفرُّ إليهم‏
    فهمُ كُربتي فأينَ الفِرارُ
    هنا في المهجر تجد أغلب الطرقات مستوية جميلة ، بَيْد أنها في الحقيقة متعرِّجة كمسار الثعبان .. إدّعاءات تنظيرية وممارسات عُصابية جثمت على‏ عقل المهجر كالاخطبوط ، فمنعت كل صيحات الانعتاق .. تكتّلات فئوية ومناطقية أدمنت استبدادية القرار ومصادرة الرأي الآخر ..
    رؤى‏ وتحزبّات مُعاقة ومُعيقة منهجها التشكيك أو التسقيط لكل مَن لم يسجد لصنمها أو يدور في فلكها .. نفوس أصغت الى‏ فحيح الأرض وتناست رحاب‏ - الصنميّة مرض شائع ، غالباً ما يُصيب الحركات الرائدة العريقة .
    السماء ، كُلٌّ توارث عجلاً صنعتهُ أهواءُهُ وتراكُم نزاعاته ..
    لذا حلّ محل الايثار الاستئثار ، وانقلب الاختلاف الرحمة الى‏ خلاف فتنة ونقمة ، وانتسر الوعي الأُحادي الذي يلغي الآخر ولايؤسّس للمعرفة الصحيحة .
    - اختلاف الرأي طبيعة فطرية في بني البشر ؛ قال تعالى‏ : (ولايزالون مختلفين إلّا مَن رحم ربك ولذلك خلقهم) .
    وهنا في المهجر مواخير للكلام لاحِصَر لها ؛ تراشق الاشاعات والاتهامات سوق رائجة على‏ مدار الساعة ، وتسقيط الآخرين على‏ طريقة (أُقتلوا يوسُف أو اطرحوه أرضاً) منهج يومي للأجهاز على‏ كل مشروعٍ خيّرٍ واستئصاله وهو في مهده مادام لم ينتمِ لهم أو ينطلق من رؤاهم !
    -





    مهجر يفيض بالنزاعات السرّية والعلنية ، يحرص على‏ الرخيص فيفوته النفيس .. يعيش همومه واهتماماته بعيداً عن همّ العراق ومحنة شعبه ..
    نعم ، هذا هو الواقع المهجري ، ولامجال لإنكاره .. ولكُلٍّ دليله وتفصيله ، ولكُلِّ مقامٍ مقال وليس كُل مايُعرف يُقال !
    الى‏ الماء يسعى‏ من يغُصُّ بلُقمةٍ
    الى‏ أين يسعى‏ مَن يغُصُّ بماءِ
    فالمهجر بكل رموزهُ وتكتّلاته ، يعيش الازدواجية المقرفة بين الأدّعاء والممارسة .. ولانهُ واقع مترهِّل فقد كرّس في الروح الخمول وسلَّح العقل بِفن التبريرات والتخريجات الشرعية .. ولأن شعور العِزّةَ بالاثم هو السائد في عقليات أغلب المتصدّين ، أفراداً وجماعات ، فقد نظَّروا لأخطائهم وحوّلوا رؤاهم وقناعاتهم الى‏ عقائد معصومة ! لالشي‏ء سوى‏ تهميش الآخرين والغائهم ثم اخضاع الواقع ومصادرته لصالح عناوينهم ومواقعهم .
    ولأن المرأة هي مَلاك حديثنا في هذا الكتاب فإننا نستطيع القول إنها كانت إحدى‏ ضحاياهم ..
    مفارقة تحزُّ القلب أن نرى‏ حضور المرأة في المهجر لايتناسب وحجم عطائها وتضحياتها أثناء مشاركتها الرجل كحليفٍ دائم في العمل السياسي والثقافي في سني المواجهة العجاف .. فالمرأة في المهجر تتوق الى‏ خوض التجربة ، لكنها تفتقد الإسناد وحق الممارسة ، وعلينا أن لا نقع في خطأ الانحياز بين نقاء النظرية وبين شوائب التجربة ..
    فمحْنَة المرأة العراقية أكبر وابشع من محِنْة المرأة الإيرانية قبل الثورة ، وبنت العراق ليست بأقل كفاءة من اختها الإيرانية التي احتلّت دورها باقتدار وخاضت تجربة المسؤولية بنجاح ..
    ونحن على‏ يقين أن دخول المرأة العمل الثقافي والسياسي لا يتنافى‏ أو يتقاطع مع مسؤوليتها الأُسرية واستقرارها العائلي ، فلا اثنينية في الامر ، فكلاهما يسير نحو الهدف المتمثِّل برضا الله سبحانه وتعالى‏ ..
    لانود أن ننكأ الجراح لولا كثرة المصاديق ، فالواقع النسوي المهجري لايُعبِّر عن حقيقة الملكات التي امتلكتها (بنت الرافدين) ، وما بعض تلك التجمُّعات النسوية إلّا سرابٍ يحسبُه الضمآن ماءاً ، والتي لاتعدوا كونها في أحسن الحالات مجالس تعزية تفتقر الى‏ مستلزمات التطوير وبعض الجلسات الثقافية المتواضعة التي لاتُشبع الطموح .
    المرأة مازالت ترى‏ نفسها خارج التشكيلات الأساسية ، وان حضورها في المعادلة السياسية مازال لايتناسب وحجم تلك التضحيات .. وفي قلبها بحر عتب على‏ الحركة الإسلامية على‏ وجه الخصوص ، لانها دفعت ضريبة العمل الحزبي والتنظيمي والثقافي بالأمس في ظلِّ حِراب البعث ، واليوم في ظلِّ نِصال المهجر ..
    - على‏ الرغم من ان الشاعر العربي قد أفتى‏ بتحديد وظيفة المرأة وتعيين دورها بقوله :
    كُتِب القتل والقتال علينا وعلى‏ المُحصنات جر الذيول
    وعلى‏ الرغم - أيضاً - من أن العوائل المتدينة في العراق كانت تستثقل بل لا تطيق تعليق «عباءة سوداء» في صالة الضيوف بسبب الغيرة والمروءة المفرطتين إلّا إن المواجهة الفعلية مع النظام ومتطلباتها استدعت الحضور النسوي المشرف وإلغاء الكثير من العقد التقاليدية فتقدمت المرأة العراقية في ميدان المواجهة واسهمت الى‏ جنب أخيها الرجل في صياغة نسيج الرفض والتحدي ، فطالها ما طال الرجال من الاعتقالات والإعدامات والتشريد والتبعيد ، بل وجدنا أمهات رساليات استقبلن جثث أولادهن الشهداء عند بوابة الطب العدلي في بغداد بسيل من الزغاريد والأهازيج وكأن أولادهن في زفة عرس .
    وفي مدينة الثورة عام 1979م كانت المسيرة الجماهيرية الغاضبة التي أعقبت اعتقال الشهيد الصدر تحمل في ثناياها صفاً ثائراً من النساء المؤمنات واللاتي اغلبهن من عائلة آل المبرقع الكريمة وقد تم إعدام بعضهن واعتقال البعض الآخر .
    وكانت بعض النساء تُحرِّض أبناءها للمشاركة في انتفاضة شعبان المباركة وتشحذ هممهم وتشد عزيمتهم . وفي عام 1985م وفي سجن أبو غريب وبالتحديد في قسم الإعدامات تقدمت أربعون فتاة الى‏ خشبة الإعدام وهن يهتفن ويكبرن بكل عز وفخر ، الأمر الذي أذهل الجلادين واغاضهم .
    ثُمَّة مفارقة حصلت في الأداء النسوي للحركة الإسلامية وهو إشراك العنصر النسوي في مرحلة المواجهة وبالتحديد مرحلة المحنة والبلاء وتغييب دورهن في مرحلة الرخاء المهجري والأداء المؤسساتي للمعارضة الإسلامية ، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو : لماذا نزج النساء في اصعب المواجهات واعقدها وبمواجهة أبشع طواغيت القرن بينما لم نسهم في زجهن في مشاريع المعارضة ومؤسساتها السياسية والاجتماعية ؟!
    لماذا تنجح المعارضة الإسلامية في صعود المرأة الى‏ اعواد المشانق بينما تعجز أو تستنكف من صعودها الى‏ مواقع المؤسسات ومفاصلها الحيوية في صنع القرار . لماذا نزج النساء العراقيات في تنظيماتنا في الداخل والتي لاتخلو بعضها من اختراق وخطورة بينما يغيب وجودهن في مشاريعنا واطروحاتنا ؟
    لماذا نحتاط في دخول نسائنا الى‏ عضوية مؤسساتنا كالمجلس الأعلى‏ وحزب الدعوة ومنظمة العمل ، بينما لانحتاط في دخولهن في طبيعة المواجهة العنيدة ؟
    لماذا لانكون عادلين في توزيع الاحتياط والتريُّث ؟ فإذا كنتم تفخرون بمواقف النسوة الرساليات في معتقلات الطاغية فلماذا لانفخر بنشاطات النسوة في المهجر ؟ ومن منبر «الكملة الحرّة» جدار المستضعفين وصوت مَن لا صوت له ندعو الى‏ إشاعة ثقافة الوعي السياسي النسوي وتفعيل الممارسة النسوية في الانشطة السياسية والاجتماعية دون احتكارها على‏ فئة معينة .
    ونأمل ان نشاهد في دورة «المجلس الأعلى‏» القادمة حضوراً نسوياً حضارياً فاعلاً . ولئن كان بعضنا يتحسّس ويتحرَّج من النشاط النسوي في العمل السياسي والاجتماعي فإن تحسُّسه وتحرّجه ينبغي أن يكون أشد في إدخال النسوة في معترك المواجهة غير المتكافى‏ء مع النظام الحاقد وتعرضهن الى‏ الاعتقال في دهاليز الرعب مع أسوء خلق الله .
    ينبغي أن نستفيد من كل الطاقات النسوية ، سيّما أن أمامنا تجربة عظيمة في الحكم الإسلامي وما منحه من مساحات واسعة للحركة النسوية في مجمل الأداء السياسي القيادي .. فهل تأملت المرأة العراقية في مغزى‏ إرسال إحدى‏ النساء الإيرانيات مع الوفد الذي حمل رسالة الإمام التاريخية الخالدة الى‏ رئيس الاتحاد السوفيتي الأسبق قبل تفكُّكه ، بينما نشاهد مواقف مقززة للطالبان باتجاه النسوة الأفغانيات من مشاهد حجر النساء وطردهن من المدارس والمؤسسات ، باعتبار أن تواجد المرأة وحضورها الميداني ينافي «الأخلاق والقيم الإسلامية» . فلماذا نكون خمينيين بالشكل وطالبانيين بالمضمون ؟! ولماذا نكون متحضرين بالنظرية وجاهلين بالتطبيق ؟!
    مقال نُشر في العدد (3) من صحيفة «الكلمة الحرّة» بأسم أنوار السرَّاج ، وبعنوان : الطاقات النسوية المُغيَّبة .. مَن المسؤول ؟!
    فالواقع المهجري مازال يختزن الكثير من المظالم تجاه المرأة ، فالرؤية السائدة المتخلّفة تُصرِّح بأن المجتمع هو مجتمع الرجال ، فهو الذي قدَّم شيئاً في طريق الجهاد يَمُنُّهُ اليوم على‏ الأُمّة ، أما المرأة فلم تكن إلّا مغنماً للرجال لم تصلح لدخول معركة أو مواجهة طاغوت . فكانهم أرادوا أن ينكروا عظمة التضحية وجلالة العطاء الذي بذلته بنت الزهراء في طريق الإسلام اللاحب . وان كان للمرأة من دورٍ في حركة العمل فحركتها هامشية مرتبطة بحركة الرجل الشمولية !
    فالمرأة تعرَّضت للحيف والتهميش - وأحياناً للشطب والإلغاء - على‏ يد بعض الإسلاميين الذين غرقوا في التنظير لموقعها ودورها في الإسلام ، في الوقت الذي مارسوا فيه تجاهها مزاجهم البدوي ففرَّطوا بكفاءَتها وعطّلوا دورها ، السياسي والاجتماعي ، طمعاً بمواقع القرار وعوائده بعد أن رسم (المتصدّون) صورةً مشوَّشة لها ، سيّما انهم طمروا تضحياتها في أضابير ودثّروها بالتراب منذ عقود ! غير أنهُ سيبقى‏ للجمر حرارته مهما دُثِّرَ بالرَماد .
    لماذا هذه المحاولات المحمومة لاستئصال نبتة الربيع عن مواقع القرار ؟ لماذا هذا التفريط بطاقاتها ؟ بل لماذا هذا التمادي في اغتيالها كأنسانة والتشبُّث بها واحترامها كأُنثى‏ ؟! أهي جاهلية جديدة اختفت في زحمة ضجيج المهْجَر ؟!
    فنحن أمام معركة حضارية مقدسة ، ومن غير الحكمة التفريط بكفاءة نصف المجتمع بحُجَج واهية وذرائع خاوية ، وان الشعور بعدم جدوائية جهاد المرأة يمثل بداية سقوط الحركة الإسلامية مهما كانت عميقة الجذور عريقة الأُصول ، لان ذلك مُنافٍ لمنطق القرآن .. بل لعل هناك مَن يؤكد وبضرسٍ قاطع ، أن وعي المرأة وجهادها يمثل «ترموميتر» الحركة الإسلامية في نضجها وسلامة منهجها .. لذا جاهدت (بنت الهدى‏) مع الرمز القائد الصدر ، أُسوةً بجهاد السيدة الزهراء مع الرمز الرسول وزينب الحوراء مع الرمز الحسين .
    فهؤلاء النساء شهيدات في طريق الحق وغيرهن الكثير ، مِمَّن مشين على‏ الدرب بعزمٍ متين وهمّةٍ صلبة . يطلبن رضوان الباري تعالى‏ ، فشمخن حيث العُلى‏ ، وارتقين ذُرى‏ المجد ، لأن هذه التضحيات هي التي تصنع للأمة عظمتها ، وتمنحها كرامتها ، وتحفظ لها هيبتها .
    ولهذا صارت الشهادة مغنماً لا مغرَماً ، وصارت التضحية مطلباً لامهرباً ، وإلّا فلِمَ صار أشرف الموت مفهوم الشهادة «أشرف الموت قتل الشهادة» وما الذي‏ - حديث شريف ، بحار الأنوار ج 74 / 116 .
    جعلها البر الذي لايعلوه بر ، بنص حديث الرسول الكريم : «فوق كل ذي برٍّ بر فوقهُ حتى‏ يُقتَل الرجل في سبيل الله فلا يكون فوقه بر» وما الذي جعل قطرة دم‏ - حديث شريف .
    الشهيد أحب قطرةً الى‏ الله تعالى‏ على‏ حد قول الحديث الوارد عن الإمام زين العابدين‏7 : «ما من قطرةٍ أحب الى‏ الله عزوجل من قطرتين ، قطرة في سبيل الله ، وقطرة دمعة في سواد الليل لايريد بها عبداً إلّا الله عزّوجل» ؟!
    -
    فلولا القيمة الحضارية والدلالات العقائدية في فلسفة الشهادة في الإسلام لما خصّها الله بكل هذه المنزلة الرفيعة ولما جعل الشهداء أُمراء أهل الجنة .
    - «الشهداء أُمراء أهل الجنة» ، الرسول الأكرم‏9 .
    وحتى‏ وإن لم يُحقِّق الشهيد غاياته باستشهاده ، فإن دماءهُ ستبقى‏ آثاراً حيّةً خالدة ، تستثير الضمائر والقلوب ، بل وتؤول الى‏ منهجٍ ثائرٍ يعمل لتحقيق أهدافه ..

    شموع وأعاصير ..
    لماذا إذن نُغيِب عِزَّتنا بأيدينا ؟! ولِمَ نُمزِّق كرامتنا بإرادتنا ؟! فالشهداء ذاكرة الوطن ورموز الأُمة .. الشُهداء مشاعل العز التي أضاءَت دروب الحرية في عراق الظُلم والظلام ، وصُنّاع التاريخ في أقسى‏ مراحل الصراع وأعتى‏ جولات المنازلة ..
    دماء زكية غالية ما ذهبت سُدىً ولا أُريقت ثمناً للوهم ، ومن الصعب أن نتصوّر قيمةً لجهادنا ومسيرتنا بتناسي ذلك الماضي المُضمّخ بتضحياتنا .. وان هذا الصمت الطويل الذي غيّب هذا الملف الأحمر كل تلك السنين لايقل بشاعةً عن ذلك الحبل الذي غيّب تلك الأجساد الطاهرة ..
    بل وان تلك الرؤى‏ المتخلفة والآفاق الضيقة - وأحياناً المغلقة - التي أدّت بتكتلات المهجر الى‏ اعتساف التخريجات وتزييف الأولويات وبالتالي تغييب‏ - لسنا بعيدين عن إدراك خطورة بعض المنعطفات وثقل الانشقاقات وقبلها ضغط الضربات وعظيم المؤامرات التي تعرضت لها بعض التكتلات السياسية العريقة ، بَيْد أن ذلك لايمنع من النقد وبعض العتب .
    سجل الزينبيات هي نفسها التي ستحاول يوماً ما الى‏ استثمار تلك الملاحم البطولية والدماء الزكية لأهدافها الفئوية وتكريسها لمصالحها السياسية ، ولكن عند الضرورة وحسب الحاجة ! بعد أن تعاملت معها بمطلق الاهمال واللامبالاة عقدين ونيف من السنين ..
    إن الشُهداء مُلك الإسلام والأُمة ولاينبغي أن نتحزَّب فيهم ، وأن مَن لم يُحي ذكرى‏ شُهدائه لايستحق قيادة المسير .. وإن كان من وفاءٍ نقدِّمه لهم فهو السير في‏ - «... أوصيكم بدماء الشهداء ، وبالثأر لها ... أوصيكم بدموع الأرامل وصرخات اليتامى‏ وأنين المسجونين المظلومين ، بالانتقام لها في سبيل الله» . من وصيةٍ للشهيد السعيد (أبو مريم العراقي) بطل العملية الاستشهادية التي نسفت السفارة البعثية ببيروت يوم 1981/12/15م .
    دربهم واكمال مشوراهم .
    كُلٌّ يدّعي وصلاً بليلى‏
    وليلى‏ لا تُقِر لهم بذاكا
    ولان مذكراتنا ليست دروس الماضي فحسب وإنما دروس الحاضر والمستقبل، فقد حاولت في كتابنا جعل جذور الماضي فروعاً للحاضر ، فلم أكتفِ بعرض صور تراجيدية لحياة وجهاد واستشهاد زينبياتنا ، وإن كان ذلك عَلَيَّ أهون ولرسم الصورة أجمل ، بل عرضت أخطاء الماضي المُرّة واختراقات العدو المريرة وغرفة مساعيه الحقيرة ، وتأثير كل تلك الأسباب وغيرها في اعتقال وتعذيب واستشهاد فتياتنا المخلصات .
    فجميعنا مسؤول أمام الله والتاريخ في ترشيد دماء أبنائنا لمصلحة الإسلام العُليا ، فالشهادة تأصيل لا استأصال ، والعاقل مَن وضعَ الشي‏ء في مواضعه .. لأننا - سُأل أمير المؤمنين‏7 : عَرِّف لنا العاقل ؟ فقال : (العاقل مَن وضع الشي‏ء في مواضعه) .
    في الوقت الذي نعتز بالشهادة ولا نبخل بالتضحيات ، نحرص في الوقت نفسه على‏ أن لانُفرِّط بالدماء .. فالى‏ متى‏ نزرع ولانحصد سوى‏ القليل من الأهداف والكثير من اللحود ! سيّما وقد أصبحنا بعد كل تلك التجارب والسنين اكثر واقعية وأعمق موضوعية أزاء أولويات جِراح الوطن وأبنائِه الطيبين ، لأن لاخير في حركةٍ تأكُلُ أبناءَها كما لاخير في طاحونةٍ لاتُطْعِم أهلها خُبزاً .
    مأساتنا حيثُ نُسقي جذرَ نخلتنا
    دَماً ومازال منها يُسرَقُ الرُطَبُ‏
    لِذا اعتقدتُ أن كشف أخطاء الماضي حاجة تفرضها ضرورات المرحلة ومتطلبات المواجهة ، لأن تأجيل النقد وعدم المواجهة تحت ذريعة «الوقت غير مناسب والمصلحة العامة» ما هي سوى‏ وجه آخر للأستبداد ووأد الإصلاح ..
    - «الظرف غير مناثب» مقال كتبه الأُستاذ (أبو حيدر الفاطمي) في صحيفة «بدر» عام 1995م يحمل فيه على‏ دُعاة مبدأ «لاتنتقدوا فالظرف غير مناسب» جاء فيه :
    «... سمعنا هذا القول في أواخر السبعينات ، ومرّت الاعوام خلف بعضها حتى‏ أصبحنا اليوم وبعد (15) سنة في عصر آخر بمقياس التطور العالمي وسرعته الهائلة ، ولم يبق بيننا وبين سنة الألفين الرهيبة الذكر سوى‏ (5) سنوات ، ولكن مازلنا نستمع الى‏ تلك العبارة (الظرف غير مناسب) ... ولعلَّ الذي قالها أواخر السبعينات مازال مستعداً لأن يقولها بكل ثقة رغم إنه يجلس الآن متفرِّغاً لأعماله في أحد أسواق الجملة . نعم سيقولها بعد (15) سنة مع فارق واحد فقط (الظرف غير مناثب) بالثاء ، لان (15) سنة كفيلة بإسقاط أسنان ذلك المفكِّر ...» .
    كما أننا لا نتحايل أو نتوارى‏ لإبلاغ قناعاتنا ورؤانا عن المهجر ، لان «الذي يملك البرهان لايخشى‏ حرّية البيان» ف «الضرورات تُبيح المحظورات» و«ماحُرِّم‏ - الإمام الخميني‏2 .
    لذاته يُباح للضرورة» فنحنُ لم نسلك شططاً أو نتكلَّم عبثاً ، ولم نحشر أقلامنا ونستهلك مدادنا في نزاع الفئويات الخاوية والتكتلات الخالية ، بل نُحاول وصف الداء .. وإذا عُرِف المرض هانَ الدواء .
    أخي القارى‏ء الكريم
    نحن إن لم نتفاءَل بالمهجر فذلك لأننا لم تزل عيوننا متسمِّرة صوب العراق .. لأبطال الرافدين .. عشاق الصدر وبنت الهُدى‏ ، فهم للبيعة مخلصون ولدماء الشهداء حافظون .. هُم العراق والحركة الإسلامية رُغم طوامير الحجّاج ومهرجانات الإعدام الجماعية ، فحبال البعث الخاوية لم تَزل أوسمةً على‏ صدورهم وسلاسله الصدئة حِليَّاً لنسائهم .. فالحزن توأمهم اليومي ، والفرح خصمهم الأبدي ، مصائبهم مفاخرهم وسني عذابهم سُمَّارهم ..
    وستبقى‏ راية الحوراء مرفوعة ، ويبقى‏ الدم القاني ينزفُ من شرايين أهل البيعة والولاء ، وسيكتب التاريخ أن معركة عاشوراء لم تنتهِ بعد ، فلاتعايش مع نظام الغدر ، ولاتطبُّع مع بعث الرذيلة .
    - استولى‏ نظام بغداد على‏ عرشٍ استوى‏ على‏ جماجم ضحايا غدره ، فهو منذ يوم مجيئه الدامي ووصله سدّة الحكم عام 968م بدأ يغدر بقادة وكوادر انقلابه الأسود أمثال فؤاد الركابي وحردان التكريتي ، ثم غدرَ بالشعب الكردي العراقي من خلال ما يسمى‏ ببيان 11/آذار/1973م ، وغدر بالحزب الشيوعي العراقي من خلال مايسمى‏ ب (الجبهة الوطنية) ، كما غدر بوزراءه وكوادر حزبه واستأصل معهم الوحدة الاندماجية بين سوريا والعراق عام 1979م ، كما غدر بأقرب أعوانه ومرتزقته أمثال وزير دفاعه عدنان خير الله ووزير تصنيعه العسكري حسين كامل ، بل وغدر بكافة الدول الخليجية التي ساندته وساعدته في حربه العدوانية على‏ الجارة الفتيّة إيران عام 1980م .. لذا من السذاجة والبله والأُميّة التاريخية أن تظهر بعض مشاريع التعايش مع هكذا نظام بعد هكذا تجارب ، مهما تكن المكاسب والمبررات .
    وسيبقى‏ جهادهم رمزاً للوفاء العقائدي في دنيا الثوّار والاحرار ، كما هي دماؤهُم وثيقة إدانة لبربرية البعث ولكل أولئك الخانعين أشباه الرجال .. وسينمو بُرعم الحرية على‏ أجسادهم ويرتوي بنجيع دمائِهم ، ليغدو شجرةً وارفة مثمرة ..
    وسيختفي زمن الذئاب وتنتهي سني العذاب ، فالظلم مهما طال سيزول والظلام مهما جثمَ سينقشع ويعم الخير ، فلابد للسعادة أن تعود وللسحابة السوداء أن ترحل ، فبعد كل ليلٍ لابد من صبح .. ألف صبح .
    فلنبحر بزورقنا الصغير نحو شاطى‏ء الشهادة المنسي ، ولنسبغ وضوءَنا من جِراح زينبياتنا ، ف «إنَّ ركعتين يُصلّيهما العبدُ لِربه ، لابُدَّ أن يكون وضوءُهُما من دم» ، وإن الدماء النازفة من جُرحِ حمامةٍ مسكينةٍ هي نفس الدماء المتدفِّقة من‏ - الحلّاج .
    جِراح الانبياء .
    القلبُ في مُذكِّرات ثائر جريح ،
    كزورق قد حطّم التيارُ ألواحهْ .
    والقلبُ في جنازة الشهيد ،
    حمامةٌ بيضاء ،
    عادت تسكن الواحهْ .
    والقلب في عراقنا الحزين
    يرمقُ من شُبّاك زنزانتهِ السوداء
    مشانق الاعدام في الساحهْ .
    والقلبُ في صدورنا تغمره البغضاء
    القلب في صدورنا خُواء .
    شي‏ءٌ بلا عطاءْ .
    - من قصيدة «أشياء يفهمها الثوّار» للشاعر العراقي المهاجر ؛ جواد جميل .


    علي العراقي‏
    المهَجْر

    علي العراقي‏
    المهَجْر
    َّ مذكرات سجينة ...
    َّ ... التمهيد

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    الدولة
    بيت الأحزان
    المشاركات
    22

    افتراضي

    أشكركم على ردودكم

    وفقكم الله لما يحب ويرضى
    [align=center][/align]

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    67

    افتراضي

    الاخت العزيزه عاشقة بنت الهدى السلام عليكم
    الشهيدة السعيدة العلوية الفاضلة

    آمنة الصدر (بنت الهدى‏)





    الاهداء
    الى‏ وقفة العز في المحن الطاغيات ..
    الى‏ منارة الطريق في صحراء التيه والضَياع ..
    الى‏ حادية الركب الزينبيات ..
    الى‏ شموخ الزهراء وإباء الحوراء ..
    الى‏ بَلسم المخدَّرات وأميرة الشهيدات ..
    الى‏ محراب الصلاة وسيف الإباء ..
    الى‏ الجسد المُخضَّب والقبر المُغيَّب ..
    الى‏ بنت الهدى‏ .. أهدي هذه الدموع ..

















    أطلِّي مع الفجر (بنت الهُدى‏)
    فما لمداكِ المُعلّى‏ مَدى‏
    أ(أُمّاه) مازلتِ روحاً لنا
    ترفُّ بأنوارها فرقدا
    تَظلّين ورداً بعين الهُداة
    وتبقينَ شوكاً بعينِ العِدى‏
    أتيتُكِ ، والنفسُ محزونةً
    ونارُ الفجيعة لن تخمدا
    وأوقفتُ عينيَ فوق القبور
    تتيه بأهوالها صُعَّدا
    وناديتُ ياأُمُّ ، بحَّ النداء
    وقد ردّدَ الصوتَ ذاك الصدى‏
    أأُمّاه .. أُمّاه .. لو تُفتَدين‏
    بنفسي ، وروحي لكنتُ الفِدا

















    أطلِّي مع الفجرِ آناً فآنا
    فمازال جُرحُكِ يحكي الزمانا
    أ(عذراء) ، ياسُبحات الجلال‏
    تبقين ماثلةً في رؤانا
    مشيتِ الى‏ الموتِ في عَزْمةٍ
    تُقرِّبُ من ناظريكِ الجِنانا
    أ(بنت الهُدى‏) ياتحدِّي الزمان‏
    ياومضةً سطعت في سَمانا
    تأمَّلت أيّامكِ النيِّرات‏
    نهايتها خلقت مُبتدانا
    وعشتُكِ مذبوحةً في أكُفٍّ
    مُدْيتُها غُرِزَتْ في حشانا
    سلامٌ على‏ تُربةٍ ضَمَّنَتكِ‏
    يدُ الله قد أودعتها ألأمانا

















    أطلِّي علينا نجوماً عَذارى‏
    فمازال فوكِ يحكي المسارا
    أ (بنت الهُدى‏) يالجُرمِ العراق‏
    إذا عُدَّ أهلوه بينَ الأُسارى‏
    لكِ الله مُخضّلةً بالدماء
    يدُ الغيب قد نثرتها نثارا
    فيا راية المجد ما غُيِّبتْ
    وهل غيَّبوا بالعماء النهارا
    وما عفَّروكِ بملحودةٍ
    يدُ الله مدَّت إليها الوقارا
    فيا أُمّةَ البغيِّ حان القصاص‏
    جئنا إليكم .. بداراً .. بدارا
    لنكتب بالأُفق أنَّ النجيح‏
    يُحرِّرُ تأريخنا المُستعارا .
    - أناشيد من ديوان «أشعار مُقاتِلة» للشاعر العراقي الأُستاذ السيد جودت القزويني .
    قبسات من سيرة
    هي السيدة آمنة ، ابنة آية الله المرحوم السيد حيدر الصدر أحد كبار العلماء والفقهاء والمحققين في العراق .
    أمها : من عائلة علمية مرموقة ، وهي شقيقة المرجع الديني الكبير المرحوم آية الله محمد رضا آل ياسين .
    وأخواها : السيد اسماعيل الصدر المعدود من الفضلاء في العلم والورع . والسيد محمد باقر الصدر ، المرجع الديني الكبير ، والمفكر الإسلامي الشهير ، ومفجر الثورة الإسلامية في العراق .
    وقد ولدت السيدة آمنة - رضوان الله عليها - في مدينة الكاظمية عام 1357 للهجرة الموافق لعام 1937 للميلاد ، وشبَّت في أكناف عائلتها العريقة في العلم والإيمان والسيادة والتقوى‏ ، كما ذاقت مرارة اليتم وهي لم تتجاوز ربيعا الثاني ، حين رحل والدها المرحوم عن هذه الدنيا الفانية .
    وفي منزلها ، درست الشهيدة بنت الهدى‏ علوم النحو والمنطق والفقه والأصول جنباً الى‏ جنب العلوم التقليدية التي تدرّس في المدارس الحكومية ، حتى‏ شهد لها الكثيرون بالنبوغ والألمعية والذكاء . وبعد سنوات من الدراسة ، اتجهت السيدة الشهيدة نحو التدريس ، فتخرج على‏ يديها عدد من رائدات العمل الإسلامي النسوي والمبلغات والكاتبات اللائي يمارسن نشاطهن الآن في شتى‏ مجالات الحركة الإسلامية ، فضلاً عمَّن نلن منهنَّ وسام الشهادة الرفيع في سجون ومعتقلات النظام البعثي .
    وقد استطاعت الشهيدة بنت الهدى‏ ، وبفضل مالديها من قدوة أصيلة في العلم والعمل ، هداية الكثيرات من الفتيات الى‏ جادّة الصواب وجعلهن يتمسكن بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ، حيث كان لها (رض) حضور واسع في الساحة النسوية الاجتماعية والثقافية ، ونشرت العديد من المقالات في مجلة (الأضواء) التي كانت تصدر عن جماعة العلماء في النجف الأشرف .
    وفي مرحلة لاحقة ، تسلمت الشهيدة بنت الهدى‏ مسؤولية الاشراف على‏ مدارس (الزهراء) في النجف الأشرف والكاظمية ، فأسهمت بدور عظيم في سبيل تطويرها عن طريق الادارة المثالية والتدريس النموذجي المفيد واللقاءات والمحاضرات والحوارات الجادة مع الدارسات والمدرِّسات وطالبات الجامعات ، ثم ما لبثت ان استقالت من هذا العمل إثر قانون تأميم التعليم الذي صدر في العراق عام 1972م ، والذي مثّل عقبة أمامها بما فيه من اتجاهات ومضامين زائفة تتعارض مع شخصية المرأة المسلمة .
    وللشهيدة بنت الهدى‏ (رض) يد طولى‏ في الأدب والشعر والقصة الإسلامية التي تُعدّ من مؤسسيها وروادها بما تجلت به من موهبة خلّاقة وثقافة واسعة وأسلوب رصين وإلمام كبير وعميق بمشاكل وقضايا المجتمع الإسلامي ، ومؤلفاتها في القصة القصيرة تشهد لها بصدق هذا الادِّعاء .
    ولقد عانت الشهيدة بنت الهدى‏ (رض) آلام الظلم والاعتقال والتعذيب على‏ يد النظام البعثي الجائر بسبب احتجاجها المتواصل على‏ الممارسات الوحشية لحزب البعثا لعميل ، وظلت صامدة تنافح عن القيم الإسلامية الرفيعة والمُثُل الإنسانية السامية بجانب أخيها السيد الشهيد محمد باقر الصدر1 حتى‏ نالا معاً درجة الشهادة على‏ يد الجناة البعثيين الذين قتلوهما صبراً ثم سلَّموا جثتيهما لابن عمهما السيد محمد صادق الصدر ليل الثالث والعشرين من جمادى‏ الأولى‏ عام 1400 ه الموافق للثامن من نيسان عام 1980م ، فدفنهما في مقابر العائلة بجوار مرقد أمير المؤمنين‏7 في النجف الأشرف ، ورضخ لأوامر السلطة البعثية بالصمت والسكوت .. فطوبى‏ لهما وحسن مآب .
    * * *

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    الدولة
    بيت الأحزان
    المشاركات
    22

    افتراضي

    أشكرك أخي الكريم من أعماق قلبي

    وأنا بانتظارك على أحر من الجمر

    بارك الله فيك وأعطاك ما تتمنى بحق محمد وآل محمد
    [align=center][/align]

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    4

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
    الأخت العزيزة عاشقة بنت الهدى
    لقد وجدت بعض القصص من كتاب مذكرات سجينة وبعضها موجودة في موقع شبكة إرث العراق الذي عنوانه
    www.iraqml.com
    فعلى الموقع ستدجدين قصة الشهيدة عواطف الحمداني والشهيدة امل الربيعي والشهيدة سلوى البحراني وهي كلها ماخوذة من كتاب مذكرات سجينة واما باقي القصص فانا اتصور انهم سينشروها تباعا وذلك لان الموقع جديد

  8. #8

    افتراضي

    الاخت عاشقة بنت الهدى
    الكتاب موجود في العراق لكن نسخه قليلة ، اشتريت نسخة ان شاء الله تصلك عبر البريد
    :Iraq:من بريد شبكة العراق الثقافية:Iraq:

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jun 2003
    المشاركات
    42

    افتراضي

    السلام عليكم.. هذا الرابط فيه بعض كتب العالمة الفاضلة الشهيدة امنة الصدر رخمها الله.. ارجو الاستفادة مع الممنونية.
    www.al-tawhid.org

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني