هيلاري:اليوم غير الامس في العراق

كغيرها من الديمقراطيين او لأقل من المرشحين للرئاسة الامريكية كانت السيناتور كلينتون تريد الوصول للبيت الابيض من بوابة العراق وبمفتاح المالكي.

وفي زيارتها الاولى السريعة التي لم تستغرق سوى سويعات كانت تحمل معها قناعات وتريد ان تُرسخ هذه القناعات أو ربما فرض عليها الجو الانتخابي أن ترى كل شيء أسودا في العراق .

وكغيرها من السياسين الامريكان الذي لايريد ان يحمل رجاله الاخطاء والتبعات التي مرت على العراق بسبب نظرتهم القاصرة والمتسرعة أو لتخطيطات مسبقة، لم تكن السيدة كلينتون مطلعة عليها فتحاول أن ترمي تبعات ماجرى في العراق على الساسة العراقيين ،وبعضهم يعزو سبب هذه التصريحات الى أنها أرادت أن تعطي انطباعا بأنها المرأة الحديد وهكذا كانت حملتها الانتخابية التي وصفت بانها من أشرس الحملات الانتخابية في تاريخ الولايات المتحدة .

ولاننسى دور المؤسسات العربية الرسمية في إرساء بعض من هذه القناعات لدى السيدة كلينتون حيث تملك هذه المؤسسات علاقات وطيدة مع الحزب الديمقراطي ومازالت قلقة من شكل التغيير في العراق ومازالت لاتتكيف مع الوضع العراقي الجديد حتى هذه اللحظة بالرغم من بعض الاشارات الايجابية

بسبب قوة الموقف العراقي في تماسكه الداخلي وما فرضته الحكومة العراقية ولاشيء غيره.

وهكذا جاءت الى العراق وهي تحمل تلك القناعات ،وذهبت لتصرح بما صرحت به والغريب انها قالت : أن أيام النظام السابق أفضل من الوضع الحالي ،وعُبر عن تصريحاتها بأنها (غير متزنة) أو قليلة الذوق.

وكنت قلقا جدا فيما لوفازت هذه المرشحة برئاسة الولايات المتحدة حيث حكمت بمزاجية وهي لاتحمل القرار السياسي ولاتعرف من الملف العراقي الا ماقُدم لها من تقارير مساعديها ولم تنظر الى أبعد من ذلك .

كنت قلقا لان من الصعوبة ان تُغير قناعات الرجال أو النساء في مثل هذه المرحلة من العمر وستجد نفسها قد نجحت برئاستها للولايات المتحدة وستمضي في تطبيق ما تصورته إعتمادا على وجهة نظر مستشاريها الذين اعتمدوا في رؤيتهم على مؤسسات عربية رسمية وغير رسمية معادية للتغيير في العراق.

وستأتي الى العراق كوزيرة للخارجية الامريكية ، بعد أن فشلت في انتخابات الترشيح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي وبصفقة داخلية في توزيع المناصب وقفت مع السناتور أوباما كمرشح للحزب الديمقراطي .

وبالطبع فإن هذا المنصب سمح لها بقراءة مختلفة للواقع بعد أن أصبحت في مركز القرار واطلعت على حقائق كثيرة كانت إدارة بوش قد حجبتها عن أعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي .

وستأتي الى العراق وتجد واقعا مختلفا عن انطباعاتها وماصرحت به أنذاك ، ستأتي الى العراق وتجد حكومة استطاعت أن تتخذ زمام المبادرة في كثير من القضايا التي ربما أحرجت الادارة الامريكية في عهد الرئيس الامريكي بوش،ولكنها لم تجد الوقت الكافي لتدارك ما يخالف توجهاتها.

ستأتي للعراق لترسم مسار انسحاب أمريكي عُبر عنه بأنه (انسحاب مسؤول) ،وستجد التقارير من القادة العسكريين في العراق بما يعبر عن التغيير الايجابي واستقرار الوضع الامني وانحسارتنظيم القاعدة في العراق ليعود مرة اخرى أفغانستان حيث ستكون هي الجبهة الرئيسة لمحاربة الارهاب .

وستجلس مع القادة العسكريين والسياسين قبل أن يقدم المعنيون تقريرهم الخاص بشأن العراق الى الرئيس الامريكي باراك اُوباما وربما نشير اليه في وقت لاحق لذلك عليها أن لاتكون متسرعة كما في زيارتها الاولى .

وبإختصار على السيدة هيلاري كلينتون أن تعي أن العراق اليوم ليس كما زارته قبل وموقعها كوزيرة للخارجية غير موقعها كمرشحة للرئاسة الامريكية ، والتصريحات الانتخابية غير التصريحات الدبلوماسية فهي تزور بلدا له اتفاقية مع بلدها وما عليها الا تدرس الواقع العراقي الجديد بعيون وآذان غير تلك التي استخدمتها في زيارتها الاولى.

مع تمنياتي لها بطيب الاقامة في العراق.



عبدالاميرعلي الهماشي