المالكي و المطبخ الأميركي !! - فالح حسون الدراجي
(صوت العراق) - 19-03-2007
ارسل هذا الموضوع لصديق
بعد التحية
تعُتبَرالمجتمعات المقموعة، أفضل حقول التفقيس للظواهرالمتخلفة، ولعل ظاهرة الفضول واحدة من تلك الظواهر. لذلك فأن علماء الأجتماع وضعوا الأمم الشرقية ومنها (الأمة العربية الواحدة) في مقدمة المنابت لهذه الظاهرة، فلو وقفتَ عزيزي القارىء في احد شوارع -القاهرة - مثلاً، ورفعت رأسك الى شيء عالِ، كأنك تنظرالى عمارة شاهقة! فستجد بعد دقيقتين، أو ربما ثلاث،
صفاً طويلاً يقف خلفك، وهو ينظر الى العمارة ذاتها، دون ان يعرف السبب !!
أما إذا قدرَّ لك، وجلست على مصطبة في أحدى حدائق الخرطوم، وأخرجت البوم صورك العائلية، لتقلب الصور! فستجد ذلك الرجل السوداني - الذي يجلس جنبك - وقد دس أنفه العريض، ذا المنخرين الكبيرين في ألبومك، مشاركك النظر. وبمناسبة الفضول فقد حدثني صديقي العراقي، الذي يعمل أستاذاً في احدى جامعات اليمن، عن موقف فضولي(لايستهان به) إذ يقول، بأنه تلقى رسالة من زوجته في العراق، ومن شدة الشوق، أخرج الرسالة في الباص الصغير! الذي يسميه اليمنيون ( الدبَّاب ) وراح يقرأ بلهفة، وما ان قلب الصفحة الأولى، حتى أوقفه الراكب اليمني الذي يجلس جنبه قائلا :- عفواً أستاذ، هل يمكن أن تنتظرني لحظة واحدة، لأني لم اكمل قراءة الصفحة الأولى من الرسالة بعد!!
وللتأكيد على أن الفضول صفة من صفات المجتمعات المقموعة دون غيرها، هو انحسارها في المجتمعات الغربية بل وعدم وجود أي ذكر لها في أميركا، فهنا لاتحتاج (الحجية نانسي) لأن تسترق السمع لجارتها ( الزايرة أم جيمي) لكي تعرف اخبارالمجتمع وأسعارالبنزين، ورقم تلفون الفتاح فال (أبو رونالد) فهذه المعلومات وغيرها تأتي لكل بيت يومياً بالمجان، فالدش الذي يأتي بستمائة قناة، أضافة الى مئات الصحف والمجلات اليومية، مع كل مراكزالمعلومات والاستطلاع والأعلانات التي تضخ يومياً كميات هائلة من المعلومات والتحليلات والتوقعات لما سيحصل بعد أسبوع أوشهر، أو حتى بعد سنة، فمثلاً حين ينبئك المركزالاستطلاعي الفلاني، بأن رئيس الاتحاد الأوروبي الحالي بلاتيني سوف يقف الى جانب (حسين سعيد) في أي أجراء وطني تتخذه الرياضة العراقية ضده، كما سيدعمه أيضاً حتى وأن لم يفز بالانتخابات القادمة. وحين تقول له : بأن بلاتيني لايعرف حسين سعيد من قبل، بل ولا يعرف (وين يزين)!! فكيف يدعمه اذاً؟! فيجيبك، بأنه يعرف ذلك، ولكن شبكة المصالح التجارية والمالية، التي تجمع بين بلاتيني وبلارتر سكرتيرالفيفا، وبين القطري محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي وحسين سعيد، بخاصة وأن بين حسين سعيد وهمام علاقات دافئة تعود ( لتلك الأيام ) !! وبعد ربط الخيوط بعضها ببعض، سوف تظهربوضوح الدوافع الحقيقية لاسناد حسين سعيد - دون غيره - من قبل بلاتيني والمجموعة الخليجية الأوروبية، الفيفية العبدية، الكروية، العالمية المتحدة!! وهكذا يمكن القياس على هذا المثال في الكثيرمن الأحداث السياسية، والقضايا الاقتصادية، والرياضية الهامة. لذا، فأننا يمكن ان نطلق على مجمل النشاط المعلوماتي والتحليلي في الولايات المتحدة اسم ( المطبخ الأميركي)! وبما اننا قريبون جداً من هذا المطبخ، فأننا نستطيع اليوم ان نشم رائحة قوية تنبعث منه، رائحة تحكي بشكل أو بآخر عن مؤامرة (سرية علنية) يتعرض لها السيد نوري المالكي، فهي تطبخ على نار هادئة، حيث يساهم في تهيئة واعداد مقاديرها والاشراف على طبخها نخبة من ابرزالطهاة المحترفين،ولكن البعض من قراء الأنواء السياسية في الولايات المتحدة، يشيرالى أن هذه المؤامرة ستفشل فشلاً ذريعاً، وذلك لأن نوري المالكي رجل قوي، وقوته تكمن في شرعيته القانونية والدستورية، وفي وقوف الملايين الجماهيرية التي مضت الى صناديق الانتخاب معه، وكذلك في نزاهته! واخلاصه للوطن، ولايظن أحد بأن الرجل يملك قوة بدنية خارقة، فهو ليس رياضياً ( وما لاعب حديد بحياته) قط !! ختاماً أرجوأن تدقق-عزيزي القارىء- جيداً في يومية المشهد السياسي العراقي، لتشم بنفسك أيضاً هذه الرائحة.