[align=center]سجال يسبق التنافس بين الكتل حول انتخابات مجالس المحافظات [/align]

بغداد - اصوات العراق


فيما لم يعط البرلمان كلمته الاخيرة حول اجراء انتخابات مجالس المحافظات القادمة أواخر هذا العام، نشب سجال بين اثنتين من كبريات الكتل البرلمانية بشأن كم يوما ستستغرق هذه الانتخابات التي يبدو انها ستدق اسفينا بين المساجلين.
ويتمحور السجال حول هل ستجرى الانتخابات في يوم واحد حسبما يرى قطب سياسي عماده الرئيس جزء كبير من السنة العرب المنتشرين في شمال العراق (الموصل وصلاح الدين) والمنطقة الغربية (الانبار ومنها الفلوجة) وجزء من بغداد ام ستجرى على مدى يومين متتاليين كما يود رئيس الحكومة التابع لائتلاف شيعي يتوزع مؤيدوه على محافظات جنوب العراق وجزء من بغداد وانحاء من كركوك وديالى (في شمال وشمال شرق العراق).
ويتعلق السجال بالجدول الزمني لانتخاب ما يسمى في العراق "مجالس المحافظات غير المرتبطة باقليم" وهي مجالس محلية ينتظر ان تدير على طريقة الادارة اللامركزية محافظات في البلد غير تلك التي يمكن في المستقبل ان تتآلف لتشكيل اقاليم (كانتونات).
وقدم مجلس الوزراء في الثالث عشر من نيسان ابريل الماضي مسودة قانون انتخابات مجالس المحافظات الى البرلمان لاقراره ليضع اليات الانتخاب وطريقتها معتمدا فيه طريقة القائمة المفتوحة التي تتيح للناخب اختيار أحد المرشحين من داخل القوائم الانتخابية، حيث سيتبع نظام الصوت الواحد غير القابل للتحويل، كما يسمح القانون بالترشيح وفق نظام الترشيح الفردي.
الا ان البرلمان لم يفلح لحد الان في اقرار الصيغة النهائية للقانون الذي يعد مكملا لقانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم الذي اقره البرلمان في الثالث عشر من شباط فبراير الماضي المعول عليه ليساهم في تقليص العنف، عبر اجتذاب الجماعات المختلفة للمشاركة في العملية السياسية.
ويبرز احد طرفي السجال عبر ما ذهب اليه المالكي عقب لقائه مبعوث الأمم المتحدة في العراق ستيفان دي مستورا، يوم الاحد الماضي من إن حكومته ستقوم بإجراء انتخابات مجالس المحافظات "في مواعيد متعددة، وليس في يوم واحد، من أجل ضمان نزاهتها وعدم التلاعب بنتائجها، ولأجل ضمان حماية الناخبين" بمن أي تعكير قد تسببه الجماعات المسلحة.
ويقف مع المالكي في هذا الخندق الائتلاف العراقي الموحد صاحب الاكثرية بـ83 مقعدا في البرلمان ذي الـ275 مقعدا. ويقف في مواجهته تيارات سنية ممثلة بجبهة التوافق ذات الـ35 مقعدا تريد ان تجرى الانتخابات في يوم واحد خوفا من التأثير على نتائجها. ولكل طرف في ما يعشق مذهب كما يقال.
وحسب باحث مستقل فان "العرف العالمي ان تجري الانتخابات في يوم واحد إلا اذا كانت منطقة ملتهبة بسبب ظرف اضطراري وهو استثناء".
ويرى الدكتور فالح عبد الجبار ان الخلاف بين الطرفين هو ان التوافق التي تتالف من الحزب الاسلامي العراقي ومؤتمر اهل العراق ومؤتمر الحوار وهي كتل بينها العديد من المشاكل ضمن نفس الجبهة.
وتواجه هذه الجبهة السنية المتضعضعة حسب عبد الجبار، منافسا شديد هو جماعة الصحوة التي من الواضح انها تحجم من نفوذ جبهة التوافق عبر اعلان الاولى انها ستدخل انتخابات مجالس المحافظات القادمة بعد ان دخلت في معارك كلامية مع الحزب الاسلامي في الانبار.
وفي المقابل فان كتلة رئيس الوزراء الشيعية هي ايضا في حالة خوف من المنافسات الشديدة التي يمثلها التيار الصدري والفضيلة وغيرها وهناك خوف وقلق شديد لان حزب الدعوة الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء لم يحصل على نتائج ملموسة في انتخابات مجالس المحافظات السابقة ولم يكن له حضور قوي حتى في انتخابات مجلس النواب اللذين جريا بالتوازي في نفس اليوم من العام 2005 كما يرى الباحث.
ويحوز الصدريون على (30) مقعدا في البرلمان الذي دخلوه من خلال الائتلاف العراقي الموحد الذي يضم احزابا شيعيا منها الدعوة الذي ينتمي اليه المالكي والمجلس الاسلامي الاعلى بقيادة عبد العزيز الحكيم لكنهم إنسحبوا من حكومة نوري المالكي التي كانوا يشغلون فيها ست حقائب وزارية، في نيسان/ أبريل من العام الماضي (2007)، بسبب رفض الحكومة مطلبهم بجدولة إنسحاب القوات الأجنبية من العراق ودخلو منذ اذار مارس الماضي في مواجهات مسلحة مع الحكومة بسبب رفضهم حل جيش المهدي الذراع العسكري للتيار.
كما انفضت كتلة الفضيلة عن الائتلاف بمقاعدها الـ15بالبرلمان ولم تدخل الحكومة اصلا احتجاجا على الاستفراد بالحكم.
ويعتبر الباحث الذي يدير في بيروت مركز الدراسات الاستراتجية العراقي ان كل طرف ينظر الى الموضوع من ناحية مصلحته، فمن يريد مواعيد مختلفة يعتقد ان هذا الشيء يعطيه فرصة في السيطرة على التفاصيل في كل منطقة.
ويقرر ان "جميع الكتل خائفة وكل منهايبحث عن شيء يطمانه او يقنعه بان الطرف الثاني لن يكون المسيطر ويكسب المباراة".
الا ان باحثا عراقيا آخر من بغداد احال السجال الى دوافع فنية نائيا به عن الاغراض السياسية.
ويقول الدكتور عامر حسن فياض انا اعتقد ان من يطالب بان تتم الانتخابات على ايام متوالية هو الاقرب الى الواقع على الارض".
"بتصوري... انها قضية فنية ولو انها تترك الى الجهة الاقرب الى ممارسة هذا العمل مثل المفوضية العلية للانتخابات وهي بتقديراتها تحدد الجانب الفني والجانب العملي" يسترسل فياض.
"وبشكل عام نحن نعرف جميعا ان اي فعل سواء كان ذو طابع سياسي او اقتصادي او حتى ثقافي وحتى المسائل ذات الطابع البسيط الفردي يؤخذ فيها بنظر الاعتبار الوضع الامني واثارها السلبية او الايجابية حضوره او غيابه، وان اعتقد ان جميع هذه المسائل يجب ان تقدر" يقول الباحث العراقي المختص بالعلوم السياسية.
ويطالب فياض الكتل السياسية "بمغادرة مسألة تحديد التوقيتات المسبقة" في شأن الانتخابات" ومراعاة مسألتين الاولى فنية يحيلها الى المفوضية العليا للانتخابات والثانية هي الوضع الامني والحكومة هي التي تبت فيه حسب رأيه.
ويرفض فياض أي تدخل من الامريكيين في الموضوع قائلا "انا اعتقد ان الجانب الامريكي لم يعد معنيا بهذه القضية ويجب ان تترك التقديرات والتقريرات للجانب العراقي.. واذا كان هناك شيء يلقى على عاتق الجانب الامريكي فهو دور التسوية في حالة الخلاف وليس اتخاذ موقف لان اي موقف يتخذه الجانب الامريكي ان كان صحيحا سيفسر خطا وان كان خطا قد يفسر بانه صحيح والقضية هي عراقية وعلى الجانب الامريكي ان لايتجاوز دور الوسيط لتسوية هذه القضية وليس اتخاذ موقف".
بيد ان هناك في العراق مناطق ما زالت قلقة امنيا ومسجلة على انها ذات مستوى عال من العنف كنينوى ومركزها الموصل (400 كم شمال بغداد) التي يقول رئيس مجلس محافظتها هشام الحمداني ان الانتخابات "تحتاج الى عدة ايام وليس يوم واحد لان الانتخابات هذه تتضمن انتخابات مجالس الاقضية ومجالس النواحي ولايمكن ان تنجز جميعها في يوم واحد بدون تزوير او تجاوزات".
ويرى الحمداني ان الانتخابات تحتاج من الناحية الامنية فالى تكثيف في الاجراءات وتشديد امني على اعلى المسويات لان هناك خلاية نائمة من التكفيريين وازلام النظام السابق" تسعى لتكدير الاجواء.
وفي كركوك (250 كم شمال العاصمة بغداد) بدا المحافظ متفائلا اكثر في نبرته قائلا ان كركوك ليست لديها أي مشكلة اذا ما قررت بغداد اجراء الانتخابات لمجالس المحافظات في يوم واحد لان هناك استقرارا امني في المحافظة الواقعة شمال العراق.
وفيما اذا اقرت بغداد ان تكون الانتخابات لمدة يومين او اكثر "فنحن ملتزمون بقرار مجلس النواب العراقي وبأي قرار يصدر من بغداد الا ان من المستحسن ان تكون الانتخابات في عموم العراق في يوم واحد" يقول المحافظ عبد الرحمن مصطفى.