[align=justify]غالبا ما كان البخل صفة تنسب إلى الرجل من دون المرأة، باعتباره رب الأسرة، صاحب القوامة، والمسؤول عن الانفاق سواء شرعا أمام الله او لاعتبارات ادبية وأعراف اجتماعية، وفي المقابل نسب إلى المرأة حسن تدبيرها واعتدالها في ادارة ميزانية بيتها لكونها الأقدر على ذلك لعلمها بكل صغيرة وكبيرة في البيت، وما ينقصه وما لا يلزم، عدا احتياجات الابناء وطلباتهم وما الى ذلك من مثل هذه الأمور

فماذا لو كان العكس هو الصحيح، ماذا لو كانت المرأة بخيلة في الوقت نفسه الذي تمتلك هي فيه زمام الأمور المالية، حيث ميزانية الاسرة بيدها، فكيف يؤثر هذا في حياة الاسرة، وهل يؤثر في علاقتها بالزوج، ثم ما الأسباب التي تجعل المرأة بخيلة؟

نواف أحمد المطيري (34 عاما) موظف في أحد البنوك، قال إن بخل الزوجة يعمل على ارباك الحياة الزوجية، ويزيد من حالة التوتر في المنزل، خصوصا اذا تعلق هذا البخل بأهل الزوج. واضاف:

المشكلة الحقيقية ليست في بخل الزوجة على بيتها أو أولادها، ولكن في بخلها على أهل زوجها، فعندما يريد الزوج مثلا مساعدة أهله أو أحد اخوانه تجدها تعارضه وتدعي ان ذلك نوع من الاسراف والتبذير، ومن الأفضل أن تدخر هذه الأموال للمستقبل،

في الوقت الذي قد تصرف هي فيه بتبذير على أشياء كمالية ليست بحاجة إليها. بل ما يزيد الأمر حدة وتوترا ـ وهذا عن تجربة شخصية ـ انه حين أدعو الأهل لتناول العشاء أو الغداء أشعر بنوع من الحرج لعدم حسن ضيافتها لهم، وقد يظهر ذلك في نوعية الطعام أو كميته اما عن الأسباب فأوضح أن مساعدة الزوجة لزوجها ماديا قد تجعلها أكثر حرصا على المال، خصوصا اذا كانت وظيفتها مجهدة أو على فترتين، حيث تشعر أن مقابل تعبها يضيع هباء

ارتفاع الأسعار

واعترفت سناء الحمود (موظفة) ان تكاليف الحياة وارتفاع مستواها قد يخلق هذا السلوك لدى الزوجة، خصوصا اذا كان لديها أولاد. وأضافت ارتفاع الأسعار الذي حدث في منتصف عام 2005 جعل كل ربة بيت أكثر حذرا في الصرف، والزوج قد يكون لديه مفهوم مختلف عن المرأة في تدبير أمور الحياة، لكونه يعتبر ان الكرم نوع من الوجاهة الاجتماعية «البرستيج»، في الوقت الذي تحمل فيه الزوجة هموم بيتها ومصروف أولادها، ولذلك فإن عدم موافقتها على كل ما يريد لا يعد بخلا أكثر مما هو «فرملة فلو وافقت كل زوجة على ما يقترحه زوجها فيما يتعلق بالإنفاق لأفلست في غرة الشهر

أزمة وحساسية

واعتبر فايز اسكندر (موظف) ان بخل الزوجة موضوع في غاية الحساسية ويخلق الكثير من المشاكل. وقال: إن معظم الأزمات التي تعصف بالعلاقات الزوجية هذه الايام تلعب فيها المادة دورا كبيرا، لاسيما في ظل ارتفاع تكاليف الحياة، وزيادة وعي وثقافة المرأة التي أصبحت تقف أمام كل صغيرة وكبيرة للرجل في ما يقول وفي ما يقترح. ومثل هذاالسلوك من شأنه أن يجعل الزوج يهرب من المنزل أو يبحث عن مكان آخر يرتاح فيه بعيدا عن عش الزوجية

عملة نادرة

واختلف سعد حمد (موظف) عن الذين سبقوه حين أوضح أنه أصبح من النادر وجود زوجة بخيلة، حيث ان كل الزوجات أو النساء بشكل عام مغرمات بارتياد الاسواق والانفاق بشكل غير معقول. واضاف: الاعتدال أمر جيد، لكن البخل قد يثير غضب الزوج، خصوصا اذا تعلق بأمور معينة تخصه، وليس بكل أمور الحياة

التربية والنشأة

وأرجع جاسم الشمري بخل الزوجة الى النشأة والتربية، وقال: ـ المشكلة التي قد يواجهها الزوج هي بعض السلوكيات التي تكتسبها الزوجة من والديها، وتنقلها معها الى بيت زوجها، والطبع غالبا ما يغلب التطبع، واعتقد أنه من الضروري ان يكون هناك دورات أو نوع من التثقيف للفتيات قبل الزواج، حتى لا تحدث مشاكل من شأنها ان تقلب الحياة الزوجية الى جحيم توفير وليس بخلا

ودافعت لمياء احمد عن الزوجات وشرحت الفرق بين البخل وبين التوفير وقالت: علينا أولا ان نعترف بأن تكاليف المعيشة اختلفت، وأمور الحياة تغيرت في كل جوانبها واحتياجاتها، وإذا اتفقنا على هذه الصيغة يكون هناك فرق كبير بين سلوك البخل وبين عملية التوفير التي أصبحت كل اسرة الآن بحاجة اليها، فبعض الادخار من الأموال ينفع في الايام الصعبة، اما اطلاق كلمة البخل على الزوجة لمجرد أنها تدير بيتها بالشكل الذي تراه مناسبا فهو أمر غير مقبول

لكن في الوقت نفسه طبع البخل قد يكون نقمة على الحياة الزوجية، وقد يؤدي الى انهائها في أقرب وقت، فالاعتدال أمر واتفاق الزوجين على طبيعة الصرف شيء ضروري حتى يكون لديه هو الآخر إلمام بكل الأمور

سلوك غير سوي

واعتبرت مريم حمدان البخل سلوكا غير سوي بكل المقاييس، لأنه يعد أمرا شاذا في هذا الزمن المليء بالابهار والتجديد والتطوير السريع وقال: طبع البخل لم يعد يليق بالمرأة وسلوكياتها لأننا أصبحنا في القرن الواحد والعشرين، وكل امرأة تعرف جيدا أسلوب التعامل الاجتماعي الذي من المفترض ان يتصف بالرقي والبخل يفقد المرأة الكثير من جمالها حتى لو كانت جميلة، لأنه صفة غير حميدة ولا تليق بالمرأة غلى الاطلاق

وكشف عبداللطيف النواف (28 سنة ـ موظف) ان بخل الزوجة يجعل الرجل لا يقبل عليها ويفقد محبتها مهما كانت جميلة، واضاف: البخل سلوك غير سوي وسبب لي مشاكل كثيرة مع زوجتي السابقة التي كانت كثيرا ما تصر على رأيها في بعض الأمور بحجة أنها تريد ان تدخر بعض الأموال، فشعرت بكثير من الحرج أمام ضيوفي وأمام أصدقائي، وحتى أمام أهلها لعدم ادارتها بيتها بالشكل المطلوب، فكنت أفضل الا أذهب في كثير من الأحيان الى المنزل حتى لا أدخل معها في نقاش، ولكن الحياة بيننا أبت ان تستمر.

البخل مرض

وعلق على هذا الموضوع الدكتور عويد المشعان أستاذ علم النفس قائلا: البخل أمر غير مرغوب فيه، ليس في الزوجة فحسب، ولكن في الزوج ايضا. فهو سلوك يؤدي الى فقدان الحميمية بين الزوجين، والى الجفاف في علاقتهما، ويزيد من التوتر والصراع بينهما، والبخل قد يتحول الى مرض اذا استمرت الزوجة في هذا السلوك
واضاف: هناك شعرة صغيرة بين الحرص والبخل، وكذلك التبذير.. ويفترض على الزوجة ان تتلاءم مع أجواء بيتها وأولادها وزوجها ولا تأخذ منعطفا من شأنه ان يزعج حياتها ويجعلها عرضة للتوتر النفسي والاجتماعي، فالبخل ليس ميزة حميدة وإنما نقطة ضعف

وأرجع المشعان اسباب بخل بعض الزوجات الى النشأة والتربية وتدخل أطراف أخرى في طبيعة العلاقة الزوجية،

وقال: الزوجة كثيرا ما تأخذ بعض الصفات من بيت والدها الى بيت زوجها، وما يصلح في الماضي قد لا يصل الآن إلى تغيير نمط الحياة،

بالإضافة الى تدخل بعض الأمهات في حياة بناتهن محاولات إثبات ذاتهن وتعويض بعض التجارب اللواتي فشلن فيها، وتكون النتيجة هدم حياة بناتهن الزوجية

ومن المفترض ان تكون الأم عونا لابنتها، فتثقفها جيدا بمثل هذه الأمور وطبيعة علاقتها بزوجها وبيتها، ولا تتدخل في شؤونها بالشكل الذي قد يجلب المشاكل وعلى الزوجة ان تدرك جيدا ان الحياة الزوجية لابد فيها من تنازلات وتضحيات حتى تستمر، وانها وزوجها يكمل بعضهما البعض حتى تسير الحياة ولا يسيطر عليها الصراع.
[/align]