آخر مرة أشاهد فيها السيد سامي العسكري كانت في شتاء عام 2002 عندما كنت حاضرا ندوة سياسية يحاضر فيها و قد قدّم الى الحضور على أنه عضو المكتب السياسي لحزب الدعوة في لندن
بعد ذلك بأشهر طالعت على صفحات الأنترنت خبر أستقالته من الحزب ببيان أصدره و أنقله لكم هنا و لكنـّـي للأسف لم أحتفظ بالمصدر الذي نقلته منه في حينه و لم أعثر لمصدر له الآن عندما أجريت بحثا لذلك على محرك كوكل رغم أني متأكد من بيانه الذي أحتفظت به في أرشيف المقالات التي أود الأحتفاظ بها
هل أستقال السيد العسكري و أذا قد كان فعل فهل عاد الى صفوف الحزب لأني أقرأ من وقت الى آخر أخبارا تتعلق به و تصفه أحيانا بالقيادي في حزب الدعوة و اذا كان فعلا قد عاد الى صفوف الحزب فلم لم يعلن عودته الى الدعوة ببيان كما أعلن أستقالته موضـّـحا أسباب هذه العودة كما كان واضحا في مسببات أستقالته!!.
أترككم مع بيان أستقالته كما نشره على صفحات الأنترنت في شهر آب من عام 2002
الاستاذ سامي العسكري هذه اسباب استقالتي من قيادة حزب الدعوة الاسلامية
هذه اسباب استقالتي
في مطلع السبعينات من القرن الماضي انتميت الى حزب الدعوة الاسلامية الذي وجدت فيه الحركة التي تحقق طموح الشباب المتدين من امثالي اذ جمعت الى اصالة فكرها الاسلامي فهما متميزا لذلك الفكر نأت فيه عن الفهم الكلاسيكي الذي احال الاسلام الى طقوس ميتة لا تمت الى دنيا الناس وهمومهم بشيء ، ورفضت الفهم المتغرب للدين الذي كان ثمرة الهزيمة العسكرية والسياسية للمسلمين امام الاستعمار الغربي. كما عبرت الدعوة حين ولادتها عن بداية مرحلة جديدة في حياة المسلمين وبدايات نهضة حقيقية تقوم على اساس فهم الدين فهما واقعيا عصريا ومعالجة جادة وهادفة لمشكلات وافع الامة. كما وجدنا في الدعوة واسلوبها التنظيمي اداة فعالة في احداث التوعية ونشر الافكار وتواصل المسيرة التي تحولت خلال مرحلة زمنية قصيرة الى حركة سياسية واسعة تركت اثرها في الواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي للعراق والعديد من دول المنطقة.
ومنذ انتمائي الى حزب الدعوة الاسلامية قبل اكثر من ثلاثين عاما شاركت بفعالية في كل الانشطة والفعاليات التنظيمية والاعلامية والسياسية التي عهدت الي ، وتعرضت ، كغيري من الدعاة ، الى الاضطهاد والملاحقة من قبل اجهزة النظام القمعي في العراق ، واخيرا اضطررت ، كالاف العراقيين المعارضين للنظام ، الى الهجرة ، حيث واصلت نشاطي في اكثر من ساحة من ساحات المهجر. وتركز نشاطي في المرحلة الاولى من الهجرة على الجوانب التنظيمية والاعلامية حيث ساهمت مع اخواني في اعادة بناء تنظيمات الدعوة في الخارج التي تشظت بفعل الهجمة الشرسة التي تعرضت لها الدعوة منذ تسلم صدام مقاليد السلطة كاملة في تموز 1979، وعملت في مؤسسات الدعوة الاعلامية المختلفة ، ومنذ منتصف الثمانينات اضيفت الي مسؤوليات في الجانب السياسي الذي تفرغت له بالكامل منذ مطلع التسعينات.
لقد اصبحت الدعوة بجهاد دعاتها وببركة دماء الالاف من الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن القيم والمبادىء الاسلامية وانتصارا للمظلومين من ابناء شعبنا العراقي ، اصبحت ، وفي فترة زمنية قياسية ، القوة الرئيسية في حركة المعارضة العراقية ، بل باتت الهاجس الاول للنظام العراقي الذي عبأ كل امكاناته الامنية والمخابراتية والسياسية والاقتصادية لمحاربة الدعوة واجتثاثها من العراق.
هذا التراث الجهادي والتاريخ المشرق للدعوة كان يمكن ان يوظف لدفع مسيرتها اشواطا الى الامام ويعزز بذلك حركة المعارضة العراقية ، غير انه وللاسف ساد اجواء الدعوة في السنوات الاخيرة حالة من التراجع في اكثر من صعيد خاصة في الجانب السياسي ، انعكست على علاقات الدعوة مع القوى السياسية العراقية من جهة وعلى علاقتها مع حكومات ودول المنطقة او تلك المهتمة بالقضية العراقية من جهة اخرى. فقد ساد في اوساط الدعوة تيار مؤثر يدفع باتجاه العزلة تحت ذرائع وحجج لا تنسجم مع مرحلة العمل السياسي التي تتصدى فيها الدعوة والتي تفرض قدرا كبيرا من الواقعية والمرونة في التعامل مع من حولنا من قوى واطراف سياسية مختلفة. وكان من نتيجة ذلك ان فشلت الدعوة في تحسين علاقاتها مع العديد من الاطراف السياسية العراقية ومع دول المنطقة ، بل وخسرت بعض ما حققته من علاقات طيبة خلال فترات سابقة.
لقد ناقشت وعبر سنوات عديدة الاداء السياسي لحزب الدعوة مع الاخوة في القيادة وفي المكتب السياسي واوضحت لهم مرارا قصور هذا الاداء وعدم واقعيته وخضوعه لتصورات ورؤى تجاوزها الزمن وتخطتها الاحداث ، وقلت لهم مرارا انه لابد من ان نعيد النظر باساليب مخاطبة العالم الذي من حولنا بدءا من جماهيرنا العراقية التي تحمل الحب والاحترام للدعوة ولتاريخها الجهادي المشرق ومرورا بحلفائنا من اطراف المعارضة العراقية وشخصياتها وانتهاءا بمحيطنا الاقليمي والدولي. وللاسف ذهبت تلك الحوارات والنقاشات التي امتدت على مدى سنوات ادراج الرياح.
كان قصور خطابنا السياسي عن ادراك مفردات الواقع السياسي والتعامل الواعي مع تلك المفردات سببا اساسيا في ضعف دورنا السياسي في الساحة العراقية خلال السنوات الاخيرة ، ولعب العجز عن التوفيق بين الالتزام الايديولوجي والالتزامات السياسية دورا سلبيا اضعف خطابنا السياسي وشل حركتنا السياسية.
لهذه الاسباب ، ورغم اعتزازي بالتاريخ الجهادي لحزب الدعوة الاسلامية ، وافتخاري في الانتماء اليه طوال اكثر من ثلاثة عقود ، اجد ان الواجب الديني والوطني يفرضان علي ترك موقعي في قيادة حزب الدعوة الاسلامية ومكتبه السياسي ومختلف لجان وهيئات وحلقات الحزب، بعدما عجزت عن اقناع اخواني في القيادة وفي المكتب السياسي بقصور النهج الذي يتبعونه وخطأ مواقفهم من العديد من مفردات الواقع السياسي العراقي.
اني اعتقد ان قضية شعبنا العراقي اكبر من كل الانتماءات والعلاقات وخلاص هذا الشعب يجب ان يحتل الاولوية عند كل عراقي معارض بريد الخير للعراق والخلاص والحرية لشعبه.
واريد التاكيد على ان استقالتي من حزب الدعوة الاسلامية لا تعني التخلي عن واجبي في التصدى لنظام صدام ومواصلة العمل في صفوف المعارضة العراقية من اجل الاطاحة بهذا النظام وتحرير شعبنا العراقي وحفظ وحدة العراق واستقلاله الوطني.
وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون
سامي العسكري
اب 2002م