ثمار المظاهرات في سلال منَّ...؟
ثمار المظاهرات في سلالِ منَّ ..؟
إبراهيم محيسن الخفاجي.
التظاهر السلمي حق مشروع كفله الدستور العراقي وهو ممارسة ديمقراطية تنبئ عن حالة صحية واعلان صريح عن تقدم واضح في جنح العقل المجتمعي نحو خيار التسالم؛ وهو صحوة دستورية بعد سنّي الأضطهاد والدكتاتورية ؛ لتصحيح مسار معين والتاشير على خلل ما .
والتظاهر الواعي بارقة أمل في لملمة شتات الوعي في الشخصية العراقية الميّالة الى العدائية، وسحق عادات العنف البالية الموجودة داخلها والمتجذرة فيها ،والتي تعمل على تدمير النسيج الأجتماعي ، وبهذا التدرج نحو الادراك والتحضر ؛ يمكننا الانطلاق والتوجه نحو كل ماهو سلمي وتجذيره والتأسيس له؛ ليحل محل ما كان متعارف عليه من عنتريات وتقاتل وانقلابات دموية سائدة .
والتظاهر السلمي تطور ملحوظ باتجاه نبذ العنف والركون الى سلك الطرق السلمية للحصول على المبتغى دون إزهاق لأرواح الأبرياء ، وتعطيل حياة الناس ، والتسبب بالأذى القسري لهم ؛وهذا ما تنهجهُ أغلب الدول والبلدان ذات الديمقراطيات الراسخة ، وهو ما يجب ان يكون في بلدنا نظراً لبحبوحة الديمقراطية التي نعيشها والتي وصلت حد الفوضى في اغلب الاوقات ...!
لكن للأسف هذا لم يكن في مظاهراتنا المطلبية الأ ما ندر بسبب غياب الوعي وانتشار الجهل ،ولم نأخذ من الحالة الديمقراطية سوى الأسم مع أختلاف جذري في المضمون وحالنا مغاير تماماً عن ماسواه ، ويختلف جذرياً عن ماهو سائد لدى الدول التي تتخذ من الديمقراطية حكماً لها .
فلا مظاهراتنا تسير بسلاسة المظاهرات الاخرى ولا تعامل القوات الامنية مع المتظاهرين يندرج ضمن المعايير الدولية لتعامل اجهزة الامن وحفظ النظام مع الجموع الغاضبة والساخطة على الاهمال المتّعمد في تقديم الخدمات الضرورية ، ولا حتى سلوك المتظاهرين انفسهم يتسم بالسلمية العالية وتحاشي الاحتكاك بقوات الامن والابتعاد عن كل مايخرجهم عن السلمية .
ناهيك عن اختراق صفوف المتظاهرين من قبل مجاميع مختلفة الاتجاهات والمشارب مع سيطرة واضحة للمال الخارجي وتأثيره المباشر في توجيه بوصلة الاحتجاجات نحو التصعيد الدموي والحرق والتخريب،وكذلك عدم خلو الاجهزة الأمنية من العناصر التي تأتمر بأمر الغير وتدين بالولاء لهم وتجهد لتحقيق اجندتهم ..!
لكل المعطيات التي ذكرت ولضبابية الوضع العراقي وما تخلل جو ساحات التظاهر من تعقيدات وتداخلات وتقاطعات واضحة دفع بالعديد من القوى السياسية وبعض من الجهات الخارجية ذات النفوذ الواضح وبواجهات محلية لركوب موجة التظاهر وزرع ادواتهم داخلها وتسييرها حسب ما تشتهي وحيث ترغب .
طبعاً الجواب المفترض على سؤال عنوان المقال وبدون عناء وبلا تنظير (لو كان الوضع العراقي كحال بقية الدول ذات الديمقراطيات الراسخة) سيكون واضح وجلي وهو حصول المتظاهرين السلميين وعامة الطبقة المسحوقة ومن ساندهم من فئات الشعب الاخرى على مبتغاهم وتحقيق مطالبهم ذات الفائدة العامة والمصلحة الشاملة وتحقيق حلمهم في تقويم العملية السياسية وشذب الفساد منها وتوعية المغفل والجاهل لأختيار الشخوص الاكفاء في الاستحقاقات الأنتخابية القادمة .
اما في خضم هذه الأجواء ربما كان صعباً على عموم الناس ايجاد جواب شافي في بداية المظاهرات عن هوية الجهة التي ستستحوذ على أغلب المغانم من هذا الحراك التصعيدي الخطير ، لكن وبعد مرور اشهر على بدايته ويوم بعد يوم ينجلي الضباب وتتضح الرؤية بعض الشيء لتكون جلية في بعض الاماكن من خلال المستجدات في الواقع السياسي ،وحين التعامل بدقة مع ما آلة اليه الأوضاع سنعرف ولو النزر اليسير عن سلة ثمار المظاهرات لمن آلت وبيد من أصبحت .
في نظرة سريعة للمظاهرات وبعد أن نقاطع المواقف في مخيلتنا ونتتبعها سنجد أن المستفيد والمتحكم في أوراق اللعب كُثر ولا يمكن حصر الامر بجهة واحدة ،ونجد ان معيار الاستفادة ينطبق على أكثر من طرف، وبعملية حسابية بسيطة نبين من خلالها هذه الجهات .
نبدأ بأول هذه الجهات وهي جهة سياسية جماهيرية ومن خلال مقارنة لهذه الجهة وارتباطها بالحكومة قبل وبعد المظاهرات ومدى استفادتها منها في كلتا الحكومتين لعادل وحكومتة المستقيلة وعلاوي وحكومتة قيد التكوين وكيفية التحكم بخيوط ادارتهن في الخفاء وتحريك الشخوص وبالخصوص في حكومة عبد المهدي وكذلك استحواذ هذه الجهة على معظم المناصب والاماكن الحساسة للدولة وكيف عملت من خلال المظاهرات على تدمير الخصوم السياسين بمعاونة [الاعلام المعادي] وكيف طوعت الظرف المناسب للتربع على رأس المقاومة بحركة ذكية مع مناغمة واضحة لأرشادات المرجعية..!
اما الجهة الثانية والتي يمكن أن تجني ثمار المظاهرات في سلالها وبسهولة فبصماتها واضحة وجليه في المظاهرات واجندتها معروفة واهدافها مكشوفة واطماعها مفضوحة، وحركات لعبها ذكية ربما تكون هي من اوجدت اللعبة برمتها ،لا بل ومؤكد أن هي من هيّئة الاجواء لهذا الغليان الشعبي فهي كالأخطبوط مرة من خلال وضع العصي في عجلة الحكومات كي تعيق حركة تقدمها ومرة من خلال دس من هم تحت رعايتها في مفاصل الدولة والاماكن الحساسة ليعيثوا فساداً في المال العام دون الخضوع للمسائلة والحساب ومرة من خلال تحريك عملائها لأغتيال النشطاء او قتل افراد اجهزة الدولة لاشعال فتيل الفتنة وزرع الاحقاد ..!
ومن خلال ما تملك من ادوات ضغط وبمخططها هذا قد وجهت صفعة مؤذية وقاتلة للجهة التي طالما أجهضت مشاريعا وعطلت تمددها وكانت العائق في افشال كل ما اريد له ان يحدث ..!
وهناك جهة ثالثة خارجية ربما تكون قد اعدت العدة واغدغت الاموال بمساعدة طيف واسع من العراقيين الذين يعلنون اعتراضهم لطريقة الحكم وسيطرة التوجه الديني على مقاليد الامور بمساعدة مؤسسات اعلامية ضخمة تسيطر وتتحكم بالشارع من خلال برامجها وتغطياتها المتواصلة لساحات التظاهر .
إن غداً لناظره قريب وسنعرف حينها بسلال من ..؟ ثمار مظاهرات الشعب المطلبية وهل أن الشباب الطامح بغدٍ أفضل وبلد خالي من مظاهر الفساد ومرض المحسوبية يسوده القانون والمساواة وينعم الجميع بخيراته حصلوا على مبتغاهم أم لا ومن الخاسر ياترى من هذا كله؟
((اللهم صلي على محمد وال محمد))