أعمال التعذيب شملت الحرق والصعق الكهربائي والتهديد بالموت

واشنطن: عماد مكي
كشفت منظمة أميركية بارزة عن وثائق سرية جديدة تدين ممارسات قوات المارينز الأميركية وتثبت انخراطها في اساءات وانتهاكات للمدنيين العراقيين علاوة على تعذيب متفش للاسرى.
وقالت منظمة «اتحاد الحريات المدنية الأميركية»، التي مقرها واشنطن، في الوثائق التي حصلت عليها بموجب امر قضائي حديث من البنتاغون ان التعذيب والانتهاكات كانت امرا شائعا وسط الجنود الأميركيين في العراق بشكل يفوق ما يحاول البنتاغون تصويره، وهي شملت اعمال حرق وصعق بالكهرباء وتهديد بالموت باطلاق الرصاص بالقرب من رؤوس بعض المعتقلين.
وتشير الوثائق، التي اطلع مراسل «الشرق الاوسط» على جزء منها، الى ان احد المحققين الجنائيين كتب في رسالة بريدية إلكترونية له في يونيو من عام 2004 يقول فيها ان «حقيبة القضايا والاساءات توشك ان تنفجر من كثرة امثلة تلك الانتهاكات».
وقال المدير التنفيذي لاتحاد الحريات المدنية انتوني دي روميرو معلقا على الاوراق الجديدة: «يوما بعد يوم تظهر صور وقصص للتعذيب الى الضوء. ونحن بحاجة الى ان نعرف كيف سمح لهذه الاحداث بالحدوث». وتوجه روميرو بالاتهام الى قيادات بارزة مدنية في وزارة الدفاع الأميركية وقال انهم يقفون وراء هذه الانتهاكات بشكل متعمد. وقال: «ان هذا النوع من الانتهاك المنتشر لم يكن ليحدث لولا فشل القيادة على اعلى مستوى ممكن».
وكشفت وزارة الدفاع عن هذه الوثائق بعد عام كامل من الرفض وبعد صدور حكم قضائي فيدرالي يجبر الوزارة على الافصاح عن هذه الوثائق وفق قانون «حرية المعلومات».
ومن امثلة الانتهاكات التي كشفت عنها الوثائق ما قام به احد الجنود في مايو 2003 في مدينة كربلاء بالقيام بتصويب بندقيته الى رأس احد المعتقلين بينما اخذ جندي آخر صورة تذكارية للمشهد. ومنها اجبار مراهقين وصغار سن عراقيين على الركوع امام الجنود بينما قام الجنود بتمثيل انهم يقومون بعملية اعدام لهم وذلك في الديوانية في يونيو 2003.
ووفق الوثائق فان الجنود الأميركيين قاموا بحرق ايدي احد المعتقلين تماما بعد ان اغرقوها بالكحول ثم اشعال النيران فيهما وذلك في اغسطس 2003. وكذلك «جعل احد المعتقلين يرقص» بعد صدمه كهربيا بمحول كهربائي في ابريل من 2004 في المحمودية. ومن وسائل التعذيب التي تذكرها الانتهاكات قيام الجنود الأميركيين باذلال السجناء عن طريق «غرس وجهوهم في الطين والقاذورات«، وهو ما وصفته الوثائق نفسها انه كان يقصد به «الاهانة والاذلال كما في الثقافة العربية«.
وفي اعترافات لبعض الموظفين والجنود من السلاح الطبي قال بعضهم انه وصلت طلبات لبعضهم بعدم تقديم المساعدات الطبية او العلاج الى اي عسكري عراقي او مدني عراقي. وقال احدهم ان بعض الجنود الأميركيون هددوه قائلين «اذا فعلت ذلك فانهم سيقتلونني بأنفسهم (اي الجنود الأميركيين)» مما دفعه للامتناع عن تقديم الرعاية الطبية للجرحى والمرضى.
وتأتي الوثائق بعد ان كشفت منظمات حقوقية ان البنتاغون سعى حثيثا لاسكات افراد من وكالة الاستخبارات الداعية ممن عاينوا عمليات التعذيب وانتقدوا اساليب الاستجواب المهينة واللاانسانية التي استخدمها البنتاغون.
وقال محامي اتحاد الحريات المدنية جميل جافر في تصريحات له نشرت في بيان من المنظمة اول من امس: «ان الانتهاكات التي تعرض لها المعتقلون لم تكن امرا استثنائيا. لقد تبنت وزارة الدفاع الأميركية هذه الاساليب المتطرفة والصارخة في الاستجواب كسياسة معتمدة». وتوضح الوثائق ايضا انه بالاضافة الى التعذيب والانتهاكات فان «ثقافة سرية» تنتشر في البنتاغون تمنع عن الافصاح عن الحقائق حتى التي يطالب بها القانون. ووفق الوثائق فان احد افراد البحرية فرض ضغوطا كبيرة على الشهود لكي لا يتفوهوا بأي حقائق عما حدث للمعتقلين والاسرى. وابدى عدد من رجال الكونغرس غضبهم على وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد بقولهم ان هذه الانتهاكات تعرض الأمن القومي الأميركي للخطر عن طريق زيادة الغضب ضد أميركا وسط العراقيين وفي العالمين العربي والاسلامي.
وقال السيناتور جيف بينغمان، وهو من الحزب الديمقراطي من ولاية نيو مكسيكو انه يجب ان يكون هناك تحقيق آخر في هذه الانتهاكات على غرار ما حدث مع اساءات سجن ابو غريب. يذكر انه من المتوقع ان تفصح الحكومة الأميركية عن المزيد من الوثائق المتعلقة بانتهاكات ضد العراقيين بحلول يوم 31 يناير المقبل وفق الحكم القضائي ووفق القضية التي رفعتها المنظمات الحقوقية والمدافعة عن الحقوق الدستورية والمدنية الأميركية. وهددت منظمة الحريات المدنية بانها ستلجأ للقضاء ثانية في حال فشل البنتاغون في الافصاح عن المزيد من تلك الوثائق.

http://www.asharqalawsat.com/view/ne...16,271623.html