النتائج 1 إلى 9 من 9
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    401

    افتراضي موعد اللقاء. رسائل سماحة الإمام الخميني إلى ابنه السيد أحمد

    [align=center][/align]
    [align=center]المقدمة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    {لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ، وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ، وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ}(البلد/1ـ3).[/align]

    لم أكن أتصور أبداً أن يقوم قلمي المكسور هذا بكتابة مقدمة لهذه المجموعة، التي تمثل العلاقة بين العاشق والمعشوق، ولم يدر في خيالي مطلقاً أن أصبح يوماً كاتب مقدمة لمراسلات المراد والمريد.
    أحس أن حديث العشق يروم لساناً آخر، وأن سرَ سويداء العشاق لن يتفجّر من قلمي الملوث، ليجري اسم الخميني أحمدياً.
    لكن ما العمل؟ فالقدر الإلهي أراد أن يرجع الإنسان إلى أصله، وأن يطوي سفر العشق من التراب إلى الأفلاك، ومن عالم الناسوت إلى عالم الملكوت، هناك حيث يجد وصال المعشوق. وكم هو جميل الجلوس إلى مائدة الحسين عليه السلام مع الإمام، والاستماع إلى حديث علي عليه السلام، ومجالسة نبي الحسنات صلى الله عليه وآله ومحادثته.
    وها أنا أبدأ هذه المقدمة بقلبٍ يعتصره غم الفراق الذي لا يمكن التعبير عنه، وفؤاد مرتعش من الحزن على الحبيب. عسى أن يتقبلها أهل الفن، ويغضوا الطرف عن قصور هذا الحقير بلطفهم.
    الحديث عن الحياة الطيبة لرجل قضى عمره الثر في الطريق المقدس للخميني الكبير، والدفاع عن أهداف الثورة الإسلامية حديث طويل ومتشعب لا تسعه مقدمة كتاب أو حتى كتاب واحد، ولا بد من فرصة أخرى لهذا الحديث. ورغم أن فراق وهجران ذلك المسافر أمر يذهب النفس ويحرق القلب، ويترك فراغاً، لكن لابد لي أن أذكر هنا ذكرى موجزة تتناسب مع محتوى هذه المجموعة التي نشرت بذكرى مرور أربعين يوماً على وفاته، ذكرى من سماحة الإمام الخميني ( س ) كانت مؤثرة ومفيدة لي، علّها تكون لرواد فكر الخميني وعشاقه معبّرة أيضاً:
    قال لي سماحة الإمام الخميني (س) ـ لأكثر من عشر مرات، وفي مواقف متعددة ـ " يا حسن تعلّم من أبيك الأبوة " وأعتقد أن هذه الجملة القصيرة ـ التي تدل على الرضا التام والكامل لسماحته من ابنه العزيز ـ كافية لأن نعرف سرّ العلاقة والحب بين ذينك المسافرين. وندرك جذور محبة ابن الإمام التي نبتت في القيم، والمناقب التي دفعت الشعب الإيراني الوفي لتسطير ملحمة جديدة في رثائه.
    هذا الكتاب يحتوي على عدد من رسائل الإمام الخميني (س) التي أرسلها لولده العزيز سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد أحمد الخميني، معظمها عادي أرسلها سماحة الإمام إبان إقامته في النجف الأشرف، وكجواب على رسائل ولده، تدور في جو العلاقة بين الأب وابنه، والسؤال عن أحواله ؛ لكننا نجد بين سطورها نكات كثيرة تربوية وأخلاقية وتنبيهات تنم عن دقة الإمام الخميني وحساسيته، ومن أجل ذلك وجدنا أن حرمان عشاق تراث الإمام من هذه الرسائل أمر مؤسف.
    لابد من الإشارة هنا إلى أن هذه الرسائل أرسلها الإمام من مدينة النجف الأشرف في العراق، وفي ظروف كان النظام الملكي يمارس فيها أشد الظلم، وتقوم أجهزة الملك الأمنية برصد ومراقبة كل شيء، وخاصة نشاطات سماحة الإمام، مما جعل أي ارتباط يعد أمراً صعباً ومخاطرة. من هنا نرى أن الإمام الخميني كان حذراً جداً في رسائله، ولم يضمَن رسائله تلك أي خبر أو تحليل سياسي، لئلا يؤدي ذلك إلى كشف أهداف المجاهدين ونشاطاتهم، وخاصة جهود والدي الذي كان يتحمل مسؤولية إقامة العلاقة بين مراكز الثورة وقائدها، وعند اضطراره لذكر أمر من هذا القبيل، نجده يشير إليه إشارة خفية. في حين أن أمور المواجهة، والأسئلة والأجوبة، والارتباط بين والدي وسماحة الإمام في سنوات النفي، كان يتم عادة عبر إرسال أشخاص ثقات، بل وحتى أن والدي ( ره ) كان يسافر بنفسه إلى النجف الأشرف أحياناً وبشكل سري، حيث كان الوالد يتولى مهمة صعبة جداً تتلخص في متابعة دفع المساعدة الشهرية(يدفع الناس الحقوق الشرعية التي بذمتهم إلى الحاكم العادل، أو إلى مراجع التقليد، فيتولى المراجع دفع قسم منها إلى طلاب العلوم الدينية كرواتب شهرية، لهذا سميت بالشهرية، وكان سماحة الإمام يفعل نفس الشيء، أكثر الحقوق الشرعية هي الخمس أي سهم الإمام وسهم السادات، وأجمع الفقهاء على أن أفضل مجال لصرف سهم الإمام هو صرفها في طريق التبليغ للدين الإسلامي، وتأمين حاجة المبلغين. نيابة عن الإمام، وإيجاد ورعاية الارتباط بين ممثلي الإمام ووكلائه الشرعيين في إيران، وتفعيل بيت الإمام في قم كرمز ومقر لثورة عام 1963م(حاول النظام الملكي أن يحد من تحرك الإمام الخميني (س) فبدأ اتصالات مكثفة مع حماته الغربيين، وقرر اعتقال الإمام وسجنه، فقامت قواته في الساعة الثالثة من بعد منتصف الليل ليوم الرابع من حزيران عام 1963م بمهاجمة منزل ذلك الرجل العظيم في مدينة قم المقدسة، ثم اعتقلته ونقلته إلى طهران.
    لكن سرعان ما انتشر خبر اعتقال الإمام (س) في أنحاء البلاد، وبعد أن سمعت الجماهير هذا الخبر، توجهت في الصباح الباكر ليوم الخامس من حزيران 1963م إلى الشوارع وتظاهرت، وكانت أضخم التظاهرات في مدينة قم المقدسة، وقامت قوات النظام الملكي بقمع هذه التظاهرات، وقتلت العديد من المتظاهرين.
    وأعلن الملك الأحكام العرفية، وشكل حكومة عسكرية، فقامت هذه الحكومة بقمع تظاهرات طهران...
    ... يومي الخامس والسادس من حزيران بقسوة وإجرام، فاستشهد جراء هذا القمع آلاف العزل، وضرجوا بدمائهم.
    هذه الفاجعة كانت عظيمة لدرجة ذاعت أخبارها خارج البلاد، ولم تتمكن ملايين الدولارات التي كان ينفقها الملك سنوياً على الإعلام الخارجي أن تقف بوجه أخبار هذه المجزرة وإخفائها.
    وبعد انتصار الثورة الإسلامية، وفي حزيران 1979م بمناسبة الذكرى السنوية لهذه الفاجعة أصدر سماحة الإمام (س) بياناً اعتبر فيه أن الثورة الإسلامية بدأت يوم الخامس من حزيران عام 1963م وأعلن يوم الخامس من حزيران يوم حداد عام إلى الأبد.
    نشير هنا إلى أن هذا اليوم شهد فيما بعد أحداثاً أليمة كان منها : نكسة الخامس من حزيران عام 1967م، وهزيمة الجيوش العربية أمام الصهاينة الغزاة، ثم دفن سماحة الإمام الخميني يوم الخامس من حزيران عام 1989م، وأحداث مرة أخرى.
    ودعم المجاهدين، ومتابعة أوضاع عوائل السجناء السياسيين والمنفيين وتأمين حاجاتهم.
    ورغم أن الإمام الخميني لم يضمّن رسائله شؤوناً سياسية، لكنه بعد انتصار الثورة الإسلامية، ومطالعة الملفات الضخمة التي أعدتها أجهزة أمن النظام الملكي ( السافاك ) (السافاك هي منظمة الأمن الملكية، أسست رسمياً عام 1957م بأمر من الملك محمد رضا بهلوي، وأوكلت إليها مهمة قمع المعارضة، ومواجهة الجهاد الإسلامي، وكان لهذه المنظمة ارتباط وثيق جداً مع منظمة سي أي إيه الأمريكية ومنظمة الأمن الصهيونية الموساد، وقد مارست هذه المنظمة أبشع أنواع التعذيب والتآمر والفتن إلى الحد الذي دفع بالأمين العام لمنظمة العفو الدولية عام 1975م أن يعلن: أن ملف إيران في مجال حقوق الإنسان يعد أسوأ ملف لدولة من دول العالم.) حول تحرك الإمام الخميني أظهرت أن تلك الأجهزة قامت بمراقبة تلك الرسائل واستنساخها وهي في طريقها في البريد، لكن حذر الإمام والتفات والدي كانا كفيلين بحرمان أجهزة أمن النظام الملكي من الوصول إلى أي معلومات أو أسرار عن المواجهة.
    إن إظهار العلاقات بشكل عادي من خلال هذه الرسائل يدل على دراية الإمام الخميني وحنكته السياسية.
    ومنذ تصاعد نهضة الإمام الخميني عام 1978م وحتى شباط عام 1979م، ومنذ الانتصار وحتى آخر لحظة من عمر الإمام الخميني كان سماحة السيد أحمد حضوراً مباشراً في صلب الحوادث السياسية والاجتماعية الخطيرة لهذه السنوات إلى جانب والده، وكما يعلم أبناء الشعب الإيراني فإن والدي العزيز أعرض عن جميع المناصب الرسمية التي عرضت عليه بإصرار، رغم لياقته، كل ذلك من أجل التفرغ لمسؤولية رسالية مقدسة، حيث كان يعتبر أن رسالته هي الدفاع عن خط الإمام ونهجه، ونشره وتثبيته في مجموعة النظام والثورة الإسلامية. وحقاً فإن الابن الوحيد للإمام هذا أدى رسالته تلك مؤدياً بذلك دوراً خاصاً به، ورغم وجود الصعاب والمشاكل الكثيرة في طريقه ذاك، لكنه طواه بجهد لم يعرف نهاراً من ليل، ووقف حياته ووجوده في هذا الطريق، وسار فيه مطمئناً ثابتاً.
    وأقام أوسع شبكة اتصال بين قائد الثورة ومختلف طبقات المجتمع على اختلاف توجهاتهم. لذا فإن المسائل المتعلقة بالحوادث الكثيرة جداً لهذه الفترة من تاريخ الثورة الإسلامية، إضافة إلى الاستشارات وتحديد التكليف من قبل الإمام الخميني، وأجوبة الامام حول مختلف القضايا،كل ذلك كان يتم في جلسات وارتباط حضوري بين ذينك العزيزين. وعدا بعض الموارد النادرة فإن هذه الأمورـ التي تشكل خزانة من الأسرار ومن قضايا الثورةـ كانت تتم مشافهة دون كتابة. لكن دور سماحة السيد أحمد الخميني في هذا المجال يظهر جلياً في ابلاغه آراء الامام وأجوبته وتوجيهاته إلى أركان النظام الاسلامي والوزارات والمؤسسات، وذلك عبر تدوينه لهذه الأجوبة في هواميش وحواشي رسائل المسؤولين، والتي تدل على دقته وأمانته بنقل أجوبة الامام وتوجيهاته الشفوية. على أمل أن تنتشر مؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني(س) هذه المجموعة في أسرع وقت.
    ومن بين ما كتبه الإمام الخميني (س ) لابنه العزيز بعد انتصار الثورة الإسلامية، وتجدونها في هذا الكتاب، هناك عدة رسائل تفصيلية حول أعمق المباحث العرفانية والأخلاقية التي تحمل في طياتها مئات الدروس والعبر، فإنها تدل على أن الإمام الخميني وجد في ابنه القابلية اللازمة لاستيعاب هذه الأسرار والمعاني الأخلاقية والعرفانية.
    إضافة إلى ذلك فإن عدة شهادات صريحة للإمام يدافع فيها عن مواقف ابنه العزيز السياسية ـ والتي نجدها في طيات هذه المجموعة ـ نقف على أهميتها عندما نعرف أن الإمام الخميني كان ذو شخصية مستقيمة عميقة، لا يطلق أي كلمة أو موقف خارج إطار الصدق والتكليف الشرعي.
    كتب الإمام في واحدة من رسائله تلك " إني أشهد الله سبحانه وتعالى أني ـ ومنذ بداية الثورة وحتى الآن، بل وقبل الثورة أيضاً عندما بدأ أحمد بمزاولة هذا النحو من المسائل السياسية ـ لم أر منه قولاً أو فعلاً يخالف فيه مسيرة الثورة الإسلامية الإيرانية، ودعم الثورة في جميع مراحلها، وفي مرحلة الانتصار المبارك للثورة كان ما يزال معيناً لي ومساعداً في أعمالي، ولا يقوم بأي عمل خلاف رأيي "هذه الجمل واشباهها، والتي نقرؤها في هذا الكتاب، إنما جرت من لسان وقلم من قال "إني قلت عدة مرات أني لم أعقد عقد أخوة مع أي أحد وفي أي منزلة كان" و "إن إطار صداقتي يكمن في صدق واستقامة أي فرد" و "إن الله يعلم أني لا أرى لنفسي ذرة من الحصانة أو حق خاص أو امتياز عن الآخرين. فلو صدر مني أي تخلف، فإني مهيؤ للمؤاخذة".
    المسألة الأخرى التي تذكر هنا حول الكتاب هي أن الرسائل هذه كان مقرراً لها أن تنشر حسب تاريخ تحريرها ضمن المجموعة الكاملة لتراث الإمام الخميني، ولهذا فإن مسؤولي المؤسسة كانوا قد عرضوا هذه الرسائل على والدي العزيز ليوضح لهم ما يحتاج منها إلى توضيح، فقام سماحة السيد أحمد بكتابة بعض التوضيحات على هامش ما كتبه الإمام الراحل، وقد وردت تلك التوضيحات في هوامش هذا الكتاب، لكنه لك يكمل عمله ذلك فوافته المنية، فترك ثلمة لا تسد، حيث بقيت بعض الرسائل دون تعليق. ومن المحيّر أنه بتاريخ 22/1/1995م ـ أي قبل وفاته بعشرين يوماً ـ كتب تعليقاً على رسالة مفصلة كان قد دونها مخاطباً نائبه في المؤسسة " جانب الشيخ حميد الأنصاري، إني قلت للإمام عدة مرات أن الدفاع عني لا وجود له في ثقافتك، وبالفعل كان الأمر كذلك. لكن في هذه الرسالة التي أشار فيها إلى ذلك، اعتقد أن هذا الدفاع أيضاً لا يتناسب مع ثقافته، لكنه عندما رأى مظلوميتي، اضطر لكتابة هذه كدفاع عن المظلوم. لذا لا تنشر هذه الرسالة، واتركهم يقولون عني ما يشاؤون، فإن الله أعلم بأعمال الإنسان ".
    سلام الله عليه حيث صرف عمره في سبيل الاعصار الوحيد، ولم يكن مستعداً ليغترف من البحر اللامتناهي للخميني العظيم أي غرفة لصالحه الشخصي، بل أنه فتح صدره المملوء بالحب ليتلقى به أمواج التهم، لكنه رفض أن يحط غبار التساؤلات على الرداء الطاهر للإمام العزيز، وحقاً أن يكون لمثل ذلك الأب مثل هذا الابن.
    حسن الخميني (هو الإبن الأكبر لسماحة السيد أحمد الخميني (ره) وهو حالياً طالب للعلوم الدينية، ويتولى إلى جانب دراسته مسؤولية تولي مرقد سماحة الإمام الخميني الراحل (س) ومؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني (س).)

    9/6/1970م

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    401

    افتراضي

    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    أسأل الله تعالى أن تكون سالماً، حالي جيد بحمد الله، ولست مريضاً، أما مرض الروح فكبير. عليّ أن أنبه إلى أنه قد تطرح هناك في هذه الأوقات مسائل حول المرجع (إشارة إلى مسألة المرجعية بعد وفاة سماحة آية الله العظمى السيد محسن الحكيم يوم2/6/1970م والتي كانت تشكل قضية الساعة في بحوث الحوزات العلمية. يشير مؤلف كتاب نهضة الإمام الخميني في المجلد الثاني ص 553 إلى ذلك فيقول نقلاً عن أحد أعضاء مكتب الإمام في النجف الأشرف: قضى الإمام الخميني تلك الليلة في الدعاء والتفكير، وفي الصباح أدى الصلاة ثم دعاني وقال لي: قل لأصدقائي أني لا أرضى لهم أن يدخلوا في هذه المعمعة الموجودة في الحوزات ليعملوا لصالحي.) أو ـ لا سمح الله ـ تبدأ المنازعة بين الشباب، عليك وسائر أصدقائي أن تتجنبوا هذه المسائل، ولا تتدخل فيها بأي كلمة. وقد أوصيت بذلك هنا أيضاً، طبعاً عليك أن لا تثبت ولا تنفي.
    أرجو لك التأييد والتوفيق، وإني مسرور لأنك منشغل، وشعفت لأنك أصبحت مدرساً، خيراً فعلت. منذ البداية إلى جانب تلقيك الدروس ومباحثاتك، عليك أن تدرِّس أيضاً، ولو شخصاً واحداً. تكن موفقاً إن شاء الله تعالى.

    [align=left]والسلام عليكم
    أبوك

    14/8/1970م
    11/ج2/1390هـ[/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    لم يحدث حتى الآن أن تصل رسائلكم جميعاً ومعها رسالة السيدة معصومة(معصومة هي زوجة سماحة الشهيد السيد مصطفى الخميني.) إذن بعد سفر السيدة (هي السيدة خديجة الثقفي زوجة الإمام الخميني المكرمة) وصلت كل هذه الرسائل. السيدة الآن في سوريا إن شاء الله. ومن هناك ستستقل الطائرة إلى إيران. إني وحيد وسالم. أخوك(هو السيد مصطفى الخميني الإبن الأكبر لسماحة الإمام (س) الذي استشهد عام 1977م في ظروف غامضة، وعلى يد أعضاء السافاك.)
    في سوريا أو لبنان. الطقس هنا حار وقد بلغ ثمانية وأربعين درجة. لكن إقامتنا جيدة. ونفتقدكم فيها. أبلغ سلامي إلى أخواتي جميعاً وإلى السيدة معصومة. لا أستطيع الآن أن أجيبهم على جميع رسائلهم، حيث إني لا أريد أن أثقل على السيد الكشميري الرسائل في سفره هذا، تولّ أنت نقل سلامي لهم، واعتذاري. وأبلغني عن سلامتكم، وعن وصول السيدة. منذ مدة لم أطلع على وضع السيد اللواساني (هو سماحة السيد محمد صادق اللواساني.). اطلعني على ذلك أيضاً، وأبلغه أن يطلعني هو على سلامته أيضاً.

    [align=left]والسلام عليكم
    22/10/1970م
    20/8/1390هـ .[/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    وصلتني رسالتكم، أتمنى لكم وللآخرين السلامة والسعادة. أملي أن يكون أمر الخير مقروناً بالسلامة والسعادة إن شاء الله. بلّغني عن سلامتكم والعائلة والأطفال. حررت هذه الرسالة على عجل لانشغالي، كلنا سالمون.
    أبلغ سلامي للعائلة وللبنات وللآخرين.
    الظرف المرفق أوصله إلى السيد صادق الروحاني القمي.

    [align=left]والسلام عليكم
    أبوك
    28/10/1970م
    7/شهر الصيام/1390هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    وصلتني رسالتك غير المؤرخة، إذن قررتم أن تجروا عرسكم في منتصف شعبان، مبارك عليكم وعلى زوجتكم المحترمة، وتقضوا سنين طويلة بالسلامة إن شاء الله. إني كلما ذهبت إلى الحرم (يقصد الإمام بالحرم هو النجف الأشرف حيث مرقد أول أئمة المسلمين في العالم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع).) فإني أدعو لكم، إن شاء الله يكون دعائي مستجاباً.
    أما بالنسبة لما كتبت لي من زيادة الشهرية، فليس في ذلك مصلحة، وذلك لعدة جهات.
    أولاً : حسبما هو مشهود أخيراً، فإنه من غير المعلوم أن تصلني أموال شرعية، ولعل مجموعات مختلفة تعمل لمنع وصولها، لذا فليس صحيحاً زيادتها.
    وثانياً : قد ترتفع الأصوات إذا زدتها، مما يدفع الأجهزة [السلطة] إلى معارضة أصل الموضوع بشكل من الأشكال. لذا فمن الاحتياط أن تستمر حالياً بنفس هذا النحو، ولا تعجل حتى نرى ما سيحصل.
    بالنسبة لقاعة الاستقبال لا يمكنني أن أتدخل كل يوم، اعمل ما تراه صالحاً، ولا تتقيد كثيراً. أما مجيء وذهاب الأصحاب والأشخاص فليس مهماً.
    على أي حال افعل ما تراه مناسباً، ويمكنك أيضاً أن تستشير السيد سلطاني (هو آية الله سلطاني الطباطبائي، ووالد زوجة السيد أحمد الخميني.) في هذه الأمور، وافعل ما تراه مناسباً.
    وصلتني من طهران رسالة من السيدة، وكتبت الجواب، أبلغ زوجتك المحترمة السلام.

    [align=left]أبوك
    26/11/1970م
    26/شهر الصيام/1390هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    أحمد العزيز [/align]

    وصلتني رسالتك، واطمأننت على سلامتك، أبارك لكما زواجكما أسأل الله أن يكون مقروناً بالسلامة والسعادة إن شاء الله، إني أدعو لكم. يبدو أنك عاتب لأني تحدثت عن البيت، الحق معك، لكني انتظر منكم دوماً مراعاة الأمور، وإذا قلت حينا ما يخالف الصلاح فعليك أن تعذر والدك الكهل.سلمه للطلاب حسبما ترى مناسباً. لم تكتب لي كيف دفعوا الشهرية ومتى وبأي عنوان. السيدة وصلت بالسلامة بحمد الله، وهي منشغلة بالضيافة، اكتب لي عن كيفية درسك وبحثك وأشغالك، وأبلغ عروسك المكرمة (هي السيدة فاطمة الطباطبائي زوجة السيد أحمد الخميني.) سلامي.
    أسأل الله لكم السلامة
    أخوك (هو السيد مصطفى الخميني.) وعائلته سالمون، ذهبوا الليلة الماضية للإعتكاف، ويرجون لكم السلامة.

    [align=left]أبوك
    28/12/1970م
    28/شوال/1390هـ[/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    وصلتني رسالتك بيد السيد علي. أتمنى لكم السلامة. حول الموضوع الذي أدرجته، عليّ أن أقول أن مبلغاً ضئيلاً لا يناسبه مائدة ملونة. إني أسحب أنفاس آخر عمري، ولديّ من المشاكل ما يكفيني، ولا أرغب في أن أضيف عليها شيئاً، فالعمل الكثير أدى إلى اختلال وضع الحياة. آمل أن يؤمن الله تعالى الوسائل لأفكر في آخر عمري. بحمد الله تعالى فإن فكركم ما يزال شاباً ويطفح بالأمل، ولا يتلائم مع فكري التعب والمهترئ.
    كل ما أريده منك أن تنشغل بجدٍ بالدرس والبحث، وأن لا تغفل أبداً، وأن تسعى خلال ذلك لتحصيل تهذيب الأخلاق وتحكيم مباني الديانة المقدسة. إذا كنت تريد أن تفكر بترتيب المراسم والمستشارين والأصحاب، تراني حينها قد رحلت. وحسبما كتبوا لي من طهران فإنه من غير المعلوم أن يتمكنوا من الاستمرار بدفع الشهرية. وهذا ما كنت أتوقعه، لكن السادة غير مطلعين على ذلك، لذا تواترت كتاباتهم أن زد على ذلك.
    أخوك كان يعاني ليومين من الزكام وحمى خفيفة، وبحمد الله فقد ارتفع عنه ذلك، فحضر الدرس اليوم وأمس، وأتى إلى هنا، لكنه مازال يعاني من ألم في يده، قد يكون بسبب الزكام، وليس مهماً إن شاء الله يتعافى. أبلغ أخواتك وزوجتك سلامي، أسأل الله أن تكونوا بخير وسعادة.

    [align=left]أبوك
    21/1/1971م
    24/ذي القعدة/1390هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    أرجو أن تكون دوماً في سعادة وسلامة. لم تجبني على بعض الأمور التي كتبتها لك فيما قبل:
    1ـ بالنسبة للتحقق من عائلة السيد الكلانتر. كتبت لك أن تتحرى عنهم في طهران، وأن توصل لهم شهرياً مبلغ ثلاثماية تومان بأية وسيلة كانت.
    2ـ لم تكتب لي عن المكتبة. لا أعلم ما هو حالها. سلمها عاجلاً لأهل العلم، وابلغني عن الأمر.
    3ـ كان مقرراً أن تذهب بنفسك إلى طهران لاستلام المال من السيد اللواساني (هو آية الله السيد محمد صادق اللواساني.). هذا الأمر أقلقني. أتركه.
    4ـ بالنسبة لجوازات سفر البنات أقدم رسمياً، لكن لا تتشبث بالأشخاص.
    5ـ بالنسبة للمستشار ـ الذي كتبت لي عنه عدة مرات ـ لا أرى في ذلك صلاحاً، وفساده أكثر من صلاحه، لكن لا تتحدث أنت، بل اقضيها بالسكوت.
    6ـ لا تشغل نفسك بغير البحث والدرس، وتابع المباحثات والدرس أكثر فأكثر، واطوِ السطوح(تقسم مراحل الدراسة في الحوزات العلمية إلى ثلاثة أقسام هي: المقدمات، والسطوح، والخارج، وكما تقسم مرحلة السطوحإلى قسمين: مقدمات السطوح، والسطوحالعليا. حيث يدرس الطالب في هذه المرحلة الفقه والأصول بشكل أساسي، إضافة إلى بعض الدروس الهامشية والتكميلية.) بأسرع وقت.
    7ـ لا تتردد في إرسال الرسائل أنت وأخواتك، بل تابعوا ذلك تترا.
    8ـ ابلغ سلامي لأخواتك وعائلتك المحترمين.

    [align=left]والسلام عليكم أبوك
    6/2/1971م
    9/ذي الحجة/1390هـ[/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    أحمد العزيز [/align]

    وصلتني رسالتك غير المؤرخة. أسأل الله تعالى لكم السلامة.
    1ـ بالنسبة للمكتبة(اقترح سماحة السيد أحمد الخميني على الإمام أن يسكن في الغرف الثمانية الكبيرة للمكتبة عوائل ثمانية، فرفض سماحة الإمام هذا الاقتراح في البدء، لكنه وافق بعد أن شرح له السيد أحمد وضع المكتبة.) حيث أني لم أطلع على وضع المبنى، فقد كتبت لو تزاد الغرف من أجل الطلاب، لكن إذا لم يكن ذلك مناسباً ؛ خصصها لأولئك المعيلين، وأنت مخير في هذا الأمر.
    بالنسبة لذهابك إلى طهران من أجل الشهرية (أرسل البعض إلى الإمام الخميني خبراً خطأً مفاده أن السيد أحمد يذهب إلى طهران لاستلام رواتب شهرية لأصحاب الإمام، وكان الإمام يعتبر هذا الأمر عملاً غير لائق. لكن أصل الخبر كان كذباً، حيث أن السيد أحمد لم يكن يذهب إلى طهران، وكانت هذه المبالغ موجودة في قم، وكان يدفعها من الموجود، لأن كل رواتب أصحاب الإمام كانت عبارة عن مبلغ ألف وخمسمائة تومان.) فالمقصود هو شهرية الأصحاب، وإذا كان الأمر غير ذلك فشكراً.
    ما دام سماحة السيد العم (هو سماحة آية الله بسندسده الأخ الأكبر لسماحة الإمام الخميني(س).) المعظم في قم فحافظ عليه جيداً، من حيث الكرسي والمكان، وكذلك من حيث الطعام وسائر الأمور، وخاصة الاحترام.
    1ـ بالنسبة للسيد الاشتياني وأخيه (يقول السيد أحمد الخميني (ره): كنا نعتقد أن علاقة السيد اللواساني مع السيد الاشتياني غير جيدة، وأنه لا يرجع الناس إليه، وإن هذا أدى إلى قلة الموارد المالية عندهم، وإنهم بعد أن نفذت المبالغ التي وضعنا بيدهم، امتنعوا عن استلام الحقوق الشرعية من السيد اللواساني وسائر وكلاء الإمام، ولم يكن ممكناً دفع الشهرية باسم الآخرين، لأنهم لم يبلغوا مستوى المرجعية آنذاك، فسمعنا أنه قلق لذلك، إضافة إلى أنه كان يتعرض لضغوطات شديدة من قبل المعممين المعارضين للإمام، وكانوا يقولون له: إنك في مستوى المرجعية، فتوليت في آخر عمرك وكالة السيد الخميني. ولكن الروحية الإسلامية وتدينه كانا بحد لم تؤثر معه هذه الأقوال. وقد عرف السافاك بذلك، لكنهم كانوا قانعين بأن لا يذكر اسم الإمام، حيث أن السافاك كانوا يخشون أنهم إذا منعوا شهرية الإمام وقطعوا الطريق بين وكلاء الإمام والناس، قد يتحول الناس لدفع الحقوق الشرعية إلى المجاهدين مباشرة، وهذا الأمر أخطر من توزيع الشهرية لجميع طلاب قم.) لم أفهم لماذا هما قلقين، الأفضل أن يذكر سبب ذلك، ولا يمكنني التدخل في هذه الأمور كثيراً، والأفضل أن تحل هناك، وحسب اقتراحك فسأكتب للوكيل في طهران(هو سماحة آية الله السيد اللواساني.) واستفسر منه. لا تعتني بهذه الأمور المادية كثيراً.
    2ـ سأكتب ليدفعوا تكاليف جوازات السفر، وإن شاء الله تكن موفقاً ومؤيداً، وأن تكون مجدَاً في دراستك وما أهم منها وهو تهذيبك نفسك.
    ونحن قد اجتمعنا في كربلاء (كربلاء مدينة عراقية تقع إلى جانب نهر الفرات، وكانت عام 61للهجرةصحراء، لكنها بعد وقوع حادثة استشهاد الإمام الحسين (ع) فيها تحولت شيئاً فشيئاً إلى مزار لمحبي آل بيت الرسول (ص) وبعد أن شيدت المقابر على هيئة مراقد، قطن فيها الناس، وتحولت بالتدريج إلى مدينة، وتعد اليوم أحد المدن العراقية التي يؤمها الزائرون. وتعد كربلاء عند المسلمين أحد المدن المقدسة والتاريخية، ويكن لها المسلمون احتراماً خاصاً لوجود مرقد الإمام الحسين بن علي (ع) وإخوته وأولاده وأصحابه فيها .) المقدسة، وإني أدعو لك. بلغني من إيران أن هناك شيئاً من الفوضى في الأموال وإيصالها إلى الأشخاص المختلفين، وأن أشخاصاً مختلفين لم يحولوا أشخاصاً من قاعة الاستقبال إلى وكيلي الرسمي السيد الطهراني، وأنهم يسعون إلى تحجيمه. هذا العمل غير صحيح، ويجب أن تصل الحقوق الشرعية ليده. وإذا كان عمك موجود، فيجب أن يدفع الأشخاص من طهران وقم إليهما، لتصرف هذه الأموال على الحوزات، وما كتب لي فإنه أسلوب سيئ جداً، وأنه يصرف في شؤون غير صحيحة، أنت مكلف بالتحقيق في الأمر، ومعرفة الأشخاص الذين يبعدون الناس عن وكيلي، واكتب لي عن ذلك.

    [align=left]والسلام عليكم
    أبوك
    28/2/1971م
    2/محرم/1391 هـ [/align]



    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    وصلتني رسالتك. كنت قد أرسلت رسالة إلى السيد اللواساني سألته فيها إذا كان قد دفع حقوقاً وسط الطريق، فأجابني أنه لم يحصل مثل هذا الأمر حتى الآن، وأنهم لم يدفعوا له أي حقوق شرعية، وأنه لم يتدخل في هذا الأمر ولن يتدخل، لكن المفسدين يمارسون إفسادهم. وكنت أحدس بنفسي أن هذا الأمر لا أصل له.
    وكان قد بلغني من قم أنك والسيد رباني(هو المرحوم آية الله الرباني والعضو الأسبق في مجلس الخبراء، بالمشورة معه ومع السيد أحمد الخمينيـومن أجل إيصال بيانات الإمام وتنظيم العلاقة مع الطلاب والفضلاءـ تقرر اعطاء حوالي مئة شخص منهم رواتب شهرية، ليقوموا بالاتصال بباقي الطلاب، لتنتشر بيانات الإمام في الحوزة العلمية وسائر الأماكن بسرعة، وكان الإمام يتصور أن الهدف من ذلك هو ايجاد حركة داخل البيت والتر\دد عليه والدعوة إلى مرجعيته.) تنوون إعطاء مئة شخص شهرية خاصة، من أجل أن يكثر التردد على البيت. إني أعجب منك كثيراً لأنك لم تعرفني بعد، فإني لم أكن لأميل لأن ارتكب أنا أو أنت مثل هذا النوع من الأعمال غير الإنسانية. فلا تقوم بأي عمل في هذا المجال دون مراجعتي، على الرغم من أن هذا الخبر قد يكون مثل معظم الأخبار. على أي حال أبلغني عن ذلك، وأبعد هذا النحو من التفكير عنك.
    أبلغ سلامي لسماحة عمك المكرم(هو سماحة آية الله بسنديده الأخ الأكبر للإمام.) فإني قلق عليه، وأخشى أن يسبب له هذا التردد علي البيت إزعاجاً، ويسلب راحته في قم.
    [align=left]والسلام
    أبوك
    أبلغ سلامي لعائلتك المحترمة، وأسأل الله تعالى أن تكونا في خير وسعادة.

    11/3/1971م
    13/محرم/1391هـ[/align]




    [align=center]باسمه تعالى

    أحمد العزيز [/align]
    إن شاء الله تكونوا سالمين وسعداء. وصلتني رسالة من الشيخ صانعي(هو الشيخ حسن الصانعي من العلماء الملتزمين والمجاهدين، ورئيس مؤسسة الخامس عشر من خرداد حالياً. وكانت مفصلة جداً، وكتب لي عن أمور إذا كانت صحيحة عندها تكون أنت وهو مسؤولان عنها بالدرجة الثانية وعن الفوضى. على أي حال الأفضل أن يعم الصلح والصفاء بين السادة. جدّ أنت في الصلاح بين هذين الشخصين، لئلا يزداد قلقي أكثر مما هو عليه. لمجرد أن ظن الشيخ صانعي أن الطهراني (الوكيل الرسمي لسماحة الإمام الخميني (س). قد كتب لي شيئاً، عندها كتب لي أشياء مؤسفة. إني انتظر سماع خبر الإصلاح بينهما، إني لا أعلم على ما هما مختلفان. عدة أيام من العمر ما قيمتها ليؤلم الإنسان أصدقاءه؟ إلاّ إذا كان الأمر ذو وجهة شرعية، ويكون ذلك من أجل الله فقط. وتحقق ذلك أمر صعب.
    أبلغ سلامي للجميع. حالي جيد الآن بحمد الله، وإذا كنت سمعت أني كنت مريضاً، فليس مهماً، والآن لست مريضاً، وهو ضعف الشيخوخة ليس إلاّ، ولن تعرفه ما لم تبلغه.

    [align=left]والسلام
    أبوك
    وصلتني رسالة من السيد موسى العلوي يشكو فيها من وضعه، لذا حسبما ترى زره كل شهر أو في بعض الأحيان.

    10/5/1971م
    14/ربيع الأول/1391هـ[/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    أحمد العزيز[/align]

    إن شاء الله تكن سالماً. الشيخ الخلخالي(هو الشيخ نصر الله الخلخالي، صديق الإمام الخميني (س) ويتولى الشؤون المالية للإمام الخميني(س) في النجف.) أعطى السيد ديبائي (المتعاقد المالي مع الشيخ الخاخالي في طهران.) الحوالات، ليدفعوا ما تبقى من شهرية ربيع الثاني بواسطة والد السيد رضا اللواساني، إحسب ما هو موجود عند السيد(آية الله بسنديده.) وعند الشيخ محمد صادق(آية الله السيد محمد صادق الطهراني، وهو وكيل الإمام، بعد توليه الوكالة نفي.) ليؤمِّن النقص من السيد والد رضا(آية الله السيد اللواساني.).
    السيدة والآخرون تشرفوا لأسبوع إلى الكاظميين وسامراء، على أساس أن يعودوا اليوم، لكنهم حتى بعد ظهر اليوم لم يأتوا بعد. أسألك الدعاء. لا تقلق من الشائعات (بعد اغتيال (بختيار) ـ من معارضي الملك ـ على يد منظمة الأمن الإيرانية ـالسافاكـ انتشرت شائعات تفيد أن النظام العراقي قد يستغل هذه الحادثة ليغتال سماحة الإمام (س) ويتهم الحكومة الإيرانية بذلك. وقل للسيد كذلك أن لا يقلق، فليس المر مهماً.
    [align=left]والسلام
    أبوك

    23/5/1971م
    27/ربيع الأول/1391هـ[/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    أحمد العزيز [/align]

    يبدو أنه عندما كان الجميع هناك كانت تصلنا منك رسائل أكثر، وكنت أكتب لك أكثر. منذ مدة لم أستلم خبراً عنك، إن شاء الله تكونوا سالمين، بحمد الله نحن سالمون. حوالة (المقصود هي الحوالة المالية لدفع الرواتب الشهرية للطلاب.) أول الشهر تيسرت، استلم أي مبلغ لازم، ولا تستلم أكثر منه. وإذا كان الوضع أول شهر جمادى على نفس الحال فسأحول حوالة، لا تقلق.
    أسأل الله أن تكون منشغلاً ـ بكل قواك ـ بالدرس والبحث، وأن لا تشتغل بأي شيء آخر، أرجو لكم التوفيق.
    [align=left]والسلام عليكم
    أبوك

    14/6/1971م 20/ربيع الثاني/1391هـ[/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    أحمد العزيز [/align]

    وصلتني رسالتك المؤرخة 14 ربيع الثاني، وسررت لسلامتكم. كذلك وصلت برقيتك. بالنسبة للشهرية كنت قد كتبت أني سأرسل حوالة من باب الاحتياط، ولو كنت أعلم أن مقداراً كافياً موجوداً هناك لما كان هناك داعٍ للحوالة. كان مقرراً أن لا تراجع طهران بنفسك (عند البدء بدفع شهرية للطلاب كان الأمر بحاجة لمساعدة السيد اللواساني وكيل الإمام في طهران،وفيما بعد استطاع البيت في قم أن يدير الأمر، ومن ثم ارسال الأموال إلى النجف وسائر الحوزات العلمية في المحافظات.)
    لا يدفعوا شيئاً لهذا الشهر، حوّل إلى هناك مبلغ عشرين ألف، أي أني كنت قد أخذت، والسيد رضا (هو السيد رضا الإبن المعمم لسماحة آية الله اللواساني.) أخذ من قم إلى حسابي، وإذا زاد عندك هناك إن شاء الله أرسله إليّ للمساعدة هنا. سررت للإصلاح بين السادة(إشارة إلى توتر العلاقة بين آية الله بسنديده والسيد الطهراني والتي تحولت بعد مدة قصيرة إلى صداقة عميقة.) إن شاء الله تكون حياتهم دوماً صلحاً وصفاءاً. حالنا بخير والحمد لله، لكن ذهاب الأولاد(المقصود هُنَ بنات سماحة الإمام اللاتي كن يذهب لزيارته مرة كل عامين.) أدى إلى الوحدة، أسأل الله أن يكونوا سالمين.
    جواب سماحة السيد العم، والوصلات سأرسلهم إن شاء الله بواسطة أخرى (كان الإمام يتصرف حسب معرفته للشخص الذي يلتقيه في النجف، فكان إذا رآه خائفاً لا يرسل معه رسائل، وإذا كان متوسطاَ يرسل معه رسائل عادية، وإذا كان مجاهداَ يرسل معه الرسائل الحساسة ووصولات استلام الحقوق الشرعية،ويرسل سهم الإمام (ع) بيدهم. حيث أنه إذا اعتقل حامل الرسائل سيتضرر أشخاص كثيرون،ويطلبون للتحقيق من قبل منظمة السافاك الملكية،ويعاقبون إذا دفعوا للإمام حقوقاً شرعية.) أبلغه سلامي.
    [align=left]أبوك

    7/7/1971م
    14/جمادى الأول/1391هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    وصلتني رسالتك غير المؤرخة، لا أعلم لماذا أصبحت بسرعة من المعممين اللامبالين، ابدأ رسالتك بتدوين التاريخ أعلاها، ثم ابدأ بالكتابة.
    بالنسبة للمنزل أرسلت وكالة للسيد إعرابي( هو السيد محمد حسن اعرابي الصهر الثاني لسماحة الإمام (س).) عليه تثمين قيمة المنزل بشكل عادل، ويتسلم الثمن، ويستلم ما يعادله، بالنسبة لاستلام المبلغ من السيد إعرابي ليعملوا ما يرونه صالحاً، أي إذا طلب السيد صدوقي(هو سماحة آية الله صدوقي الذي استشهد بعد الثورة داخل محراب الصلاة على يد المنافقين عملاء الغرب.) أن يدفع بعد مدة قليلة، أو أن يدفع شيكاً مؤجلاً لمدة قليلة فلا مانع من ذلك. على أي حال الأمر للسيد إعرابي، وعليه أن يرسل المبلغ المقبوض إلى النجف.
    بالنسبة لختم ذلك السيد فالأمر ليس كما كتبت، لكنه ليس هنا، بل ذهب إلى كربلاء والكاظميين، وعند عودته سألفت انتباهه، عودته غير معلومة، وقد يبقى هناك إلى بعد رجب أو أكثر، اسأل الله أن تكونوا دوماً سالمين سعداء.
    والسلام عليكم
    أبوك
    هذه الرسالة اعرضها على السيد إعرابي ليعمل بمضمونها. وأبلغ سلامي للسيد حسن الطاهري (هو آية الله السيد حسن طاهري الخرم آبادي، وهو من مدرسي الحوزة العلمية في قم.) ونبهه أن لا يسلّم الإجازة المذكورة لذلك الشخص، وليحتفظ بها عنده، أو يمزقها.

    [align=left]13/7/1971م
    20/جمادى الأول/1391هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    أرسلت لك جواب رسالتك، إن شاء الله تكون قد وصلت، ما أردت أن أكتبه لك هو أن فهيمة (هي بنت سماحة الإمام (س) وزوجة السيد البروجردي.) قد دفعت مئة تومان تقريباً بدل جمارك مصباح السيدة، فأعطها أنت مئة تومان. وصغرى (خادمة بيت السيد مصطفى الخميني (ره).) أيضاً لها خمسمائة تومان، خذ من السيد وأعطيهما. إن شاء الله تكن سالماً، وأن يكون انشغالك بالدرس أكثر فأكثر.
    أبوك
    باسمه تعالى
    المشهدي حسين أتى إلى إيران منذ شهرين أو ثلاثة اشهر، أدفع له شهرياً ثلاثمائة تومان.

    [align=left]1/11/1971م
    12/شهر الصيام/1391هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    السيد أحمد أيده الله تعالى [/align]

    وصلتني رسالتك ورسالة السيد إعرابي، بالنسبة للبيت( أبلغوا الامام ( س ) أن سيد أحمد الخميني أخرج الطلاب منه، لكن الامام لم يصدق الخبر لمعرفته بروحية أبنائه، وقد كان هذا الخبر كذب محض . ) إذا كان السيد صدوقي( هو الشهيد آية الله الصدوقي . ) مستعد لشرائه بنفس هذه القيمة، فهو مقدم على غيره، وإلا ليباع. كما أن السيد الحائري الطهراني( الوكيل الرسمي للإمام الخميني . ) قد كتب لي أيضاً حول مدرسة الحقاني، فإذا كان أولئك مستعدون للشراء بهذه القيمة، فلا مانع من أن يعطيهم أياه السيد إعرابي. على أي حال المهم هو السيد صدوقي ( رغم أن الامام الخميني كان يحب الصدوقي كثيراً، لكنه لم يفرق بينه وبين غيره في هذه المعاملة لأن البيت كان من الحقوق الشرعية، وكان يريد بيعه بسرعة .) فليعطوه البيت، وإلا فافعلوا ما تشاؤون، وكلما تم الأمر بسرعة كان أفضل، آمل دعاء الخير من الله تعالى.
    والسلام
    أبوك
    أبلغ سلامي للسيد إعرابي، وإذا كان يصعب عليه التراجع عن ما وعد الآخرين به، فليعمل ما يراه مناسباً.
    ليس عندي أخبار عن السيد الرباني( هو المرحوم آية الله الرباني الشيرازي، وقد كان يوم 1/11/1971م سجيناً في سجون النظام الملكي، وأوصى الامام بعياله .) هل تهتم بمنزله ؟ لا حاجة لأن أوصيك به، يجب الاهتمام به.
    الرسالة المرفقة ترسل إلى قزوين.

    [align=left]29/11/1971م
    10/شهر شوال/1391هـ[/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    وصلتني رسالتك، وسررت لسلامتك. كنت قد كتبت لي أن السيدة فاطمة المحترمة (هي فاطمة الطباطبائي زوجة السيد أحمد الخميني ) مريضة، إن شاء الله تكون قد شفيت الآن، أبلغها سلامي، حالنا بحمد الله تعالى جيد، وإذا كنتم جيدون فخيرُ على خير، إني أدعو لكم دوماً.
    السيد جعفر المرعشي الذي كان قد أتى من قم طمأنني على سلامة سماحة العم المحترم وسلامتكم، أبلغه سلامي الخاص، ولا تقصر في خدمته، وإن كنت أعلم أنك لا تقصر. أبلغني عن سلامتكم أكثر فأكثر، إن شاء الله أن تكون منشغلاً بالدرس والبحث والتحقيق وتهذيب الأخلاق. أسأل الله تعالى لكم التوفيق.
    رسالة بنت اقليما ( خادمة بيت الامام .) أرسلها بواسطة "ناد علي "( خادم بيت الامام ( س ) في قم )
    [align=left]والسلام عليكم
    أبوك

    25/12/1971م
    6/ذي القعدة/1391هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    أسأل الله أن تكون سالماً، قد تكون الأخبار المختلفة قد أوجدت عندكم قلقاً، لكن بحمد الله حتى الآن وضعنا غير مقلق، أسأل الله تعالى إصلاح الأمور.
    [align=left]والسلام
    أبوك

    27/12/1971م[/align]


    [align=center]بسمه تعالى

    عزيزي أحمد[/align]

    8 ذي القعدة/1391هـ
    أسأل الله أن تكونوا دوماً سعداء سالمين، ونحن بحمد الله تعالى سالمون مزاجاً. أسأل الله أن يحفظكم لنا، وأن يكون ذلك مقروناً بالخير. أبلغ سلامي للسيد( آية الله بسند يده .) أننا غير مطلعين على عاقبة الأمر، ونأمل الخير.
    [align=left]والسلام عليكم
    أبوك

    22/1/1972م
    5/ذي الحجة/1391هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    وصلتني رسالتك، وسررت لسلامتكم، أؤكد عليك وصيتي أن لا تنشغل بأي شيء سوى تحصيل العلم وتهذيب الأخلاق ( كان الامام يرسل هذه الرسائل عبر البريد، وكتب هذه الجملة لاغفال السافاك) ولا تتدخل بأي أمر. نحن بحمد الله سالمون، نسألكم دعاء الخير.
    [align=left]والسلام عليكم
    أبوك
    9/2/1972
    23/ذي الحجة/1391هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    السيدة للتوّ قرأت لي رسالتك، فسررت لسلامتكم، أسأل الله أن يجعل الجميع بسلامة وسعادة، أبلغني عن سلامتكم على الدوام.
    نحن سالمون بحمد الله، أسأل الله تعالى أن يتفضل بإصلاح الأمور. لم تصلني أخبار عن السيد العم ( آية الله بسند يده . ) أطلعني عن صحته والآخرين. وأبلغ سلامي للسيد إعرابي ( الحاج محمد حسن اعرابي الصهر الثاني للامام ( س ) . ) وقل له أن الخمسين توماناً قد وصلت، أسألكم دعاء الخير.
    [align=left]والسلام
    أبوك
    23/3/1972م
    7/صفر/1392هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    أسأل الله أن تكونوا سالمين، ونحن سالمون بحمد الله. إني قلق لأن سماحة السيد أخي يقضي أوقاته وحيداً، لا تدعوا مكروهاً يلحق به. لا أعلم مسألة البيت ( السافاك قاموا بمحاصرة بيت الامام ( س ) في قم عدة مرات، وكاوا يمنعون الناس من دخول البيت لأسابيع وأشهر، والامام هنا يسأل هل رفع الحصار عن البيت بعد شهر محرم وصفر أم لا ؟ انهم لم يكونوا يسمحوا لأحد بدخول البيت سوى السيد أ؛مد الخميني وعاملين اسمهما المشهدي رضا والميرزا ناد علي . ) هل تأخرت بسبب محرم وصفر، أم أن طارئاً حصل؟ الزم الاحتياط في كتاباتك، ولا توقعها. واشغل نفسك بالدراسة وتهذيب النفس، ولا تتدخل في الأمور ( حيث أن الإمام كان يحتمل وقوع الرسائل بيد السلطة، ودفعاً لتشديد الرقابة على السيد أحمد الخميني كان يكتب هذه العبارات لتضليل السلطة، وكانت هذه الجمل تكرر دوماً بين الامام والسيد أحمد، وكان السيد أحمد دوماً يكتب في رسائله أنه لا يتدخل في الامور . ففي هذه الرسالة مثلاً طلب الامام من السيد أحمد ان يحتاط اكثر وان لا يوقع الرسائل، وهذا الامر لا يتناسب مع الوصايا السابقة واللاحقة بعد التدخل، فاكثر هذه الرسائل تتعلق بالمواجهة والجهاد ضد السلطة الملكية الجائرة، وكان الإمام قد حرم على السيد أحمد والاخرين استنساخ هذه الرسائل، او حتى فتح غلافها، وللأسف كان أكثر متسلمو الرسائل يتلفونها بعد قراءتها، وبهذا العمل أتلف أحد أهم الوثائق أهمية من وثائق الجهاد طوال خمسة عشر عاماً منت نفي سماحة الإمام، وحرم من ذلك أبناؤه الثوريون والعلماء المجاهدون .) أبلغ سماحة السيد أخي( آية الله بسند يده ) السلام. وأبلغ سلامي أيضاً إلى البنات والسيدة زوجتك.
    والسلام عليكم
    أبوك
    السيدة عندها ضيوف، وليس عندها وقت لتكتب شيئاً، وهي سالمة بحمد الله، وكذلك الآخرين.
    الرسالة المرفقة أرسلها عبر واسطة مؤتمن.

    [align=left]24/3/1972م
    8/صفر/1392هـ[/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    أسأل الله أن تكونوا سعداء سالمين. نحن ـ بحمد الله ـ سالمون، ونأمل أن ترفع المصائب بدعاء السادة. الوالدة أخذت لكل واحد من الأولاد عشرة دنانير، وطلبت مني الآن أن أكتب لك أن تدفع لكل واحدة من البنات ولزوجتك المحترمة مئتي تومان خذها من السيد عمك ( آية الله بسند يده ) أو من السيد اللواساني ( آية الله السيد محمد صادق اللواساني الوكيل المطلق لسماحة الامام ( س ) في طهران، توفي بعد عام من وفاة الإمام الخميني ( س ). أسأل الله أن تكونوا جميعاً سالمين.
    أبلغ سلامي للسيد عمك ( الإمام كان يتعامل مع أخوه الأكبر آية الله بسند يده كوالده، وقد قال الإمام لابنه السيد أحمد عدة مرات أنه لولا وجود السيد بسند يده لما استطعت أن ادرس، وكان يحترمه كثيراً، وعندما جاء الإمام من باريس كان أول من التقى الامام في المطار هو السيد بسنديده، ورفض الامام ان يترجل من الطائرة قبل أخيه الأكبر، فقضي الامر بأن رافق السيد أحمد عمه إلى قاعة الاستقبال في المطار، ثم يعود لاصطحاب الامام .) فإني قلق لوحدته، وأسأل الله له السلامة.
    والسلام
    أبوك
    كما أعطي السيدة " خازن "( هي خازن الملوك ام زوجة الامام ( س ) كان الاولاد يسمونها " خازنجون " أي خازن العزيزة، والإمام كان يناديها بنفس التعبير .) مئة تومان عن والدتك.

    [align=left]2/4/1972م
    17/صفر/1392هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    وصلتني الآن رسالة غير مؤرخة، ويبدو أنك كتبتها أوائل محرم، الرسائل التي أرسلتها بعدها وصلت أيضاً، وسررت لسلامتكم، ونحن بحمد الله تعالى سالمون. والجو جميل جداً، أشكرك لما كتبته لي من أنك لا تتدخل في أي أمر سوى الدراسة. أسأل الله أن يمن عليك بعنايته. لا تترك سماحة السيد وحيداً، طبعاً يجب أن لا ينزعج، وأرجو الدعاء لي. أبلغ سلامي سماحة السيد ( هو سماحة آية الله بسنديده الأخ الأكبر لسماحة الامام ( س ) ووكيله المطلق في الامور الشرعية ودفع الرواتب الشهرية في قم ) المبارك عمك، وجميع الأولاد، ومحترمتكم.
    [align=left]والسلام عليكم
    أبوك
    16/4/1972م 2/ربيع الأول/1392هـ[/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    وصلتني رسالتكم الجماعية، سررت لأنكم مجتمعون سوياً، وسالمون ومسرورون بحمد الله، أسال الله تعالى أن يمنّ عليكم جميعاً السلامة والسعادة وأنا ـ بحمد الله تعالى ـ سالم، لكن القلق الروحي كثير. أدعو الله أن يتفضل بالإصلاح. أبلغني عن سلامتكم والآخرون. لا أعلم أين وصلت في الدرس، وبم أنت منشغل الآن ؟ أكتب لي عن وضع الدرس والمدرس ( كان سماحة الامام الخميني يصر كثيراً على ان يكون الاستاذ مهذباً ومزكياً لتفسه، فكان يعتقد أن حركات يد الاستاذ ورأسه لها تأثيراً أيضاً على الطلاب . ). أسأل اله تبارك وتعالى أن يوفقكم ويؤيدكم. أبلغ سماحة السيد عمك الكبير السلام، ولا تتركه يتأذى.

    [align=left]والسلام عليكم
    أبوك
    30/4/1972م
    16/ربيع الأول/1392هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    ولدي العزيز [/align]

    أسأل الله أن تكونوا بسلامة وسعادة. وأن تشتغل بالدراسة وتهذيب الأخلاق، أكتب لي عن درسك وعن المعلم والأستاذ والمربي، ولا تغفل عن عمك المحترم، ولا تتركه وحيداً. نحن سالمون بحمد الله، ونأمل أن تكونوا أنتم أيضاً سالمين وسعداء.

    [align=left]والسلام
    أبوك
    4/9/1972م
    25/رجب/1392هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    وصلتني رسالتك داخل الرسالة السابقة للسيدة والدتك(عندما كانت زوجة الإمام ( س ) في طهران ) أرجو أن تكون سالماً وموفقاً لتحصيل العلم والتقوى إن شاء الله، رسالة والدتك أقلقتني، أبلغني فوراً عن صحة فريدة ( كان الإمام ( س ) يظن أن حفيدته " فرشته " بنت " فريدة " توفيت . ) وعن سبب أخذها إلى مشهد. وأبلغ سلامي لسماحة عمك الكبير، وقد أرسلت جواب رسالته. ابلغ سلامي لعائلتك المحترمة، وحال الصبي ( هو السيد حسن ابن المرحوم السيد أحمد الخميني ) بخير إن شاء الله ؟ أبلغني عن اسمه.
    والسلام عليكم
    أبوك
    أخوك يتناول العشاء في الليالي عندي، وحسين ( هو السيد حسين ابن الشهيد السيد مصطفى الخميني . ) عند الغداء، وأحياناً مريم ( هي بنت الشهيد السيد مصطفى الخميني . ) وفي أيام الجمعة الجميع.

    [align=left]28/9/1972م
    19/شعبان/1392هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد[/align]

    وصلتني رسالتك الشريفة وغير المؤرخة، لا أعلم لماذا لا تكتب التاريخ ( لعل عدم وجود تاريخ للرسالة سببه يعود على احتمال السيد أحمد ان تقع رسائله بيد أمن السلطة الملكية، وكان لحداثة الرسالة وقدمها اثر في العقوبة، فقد كان جهاز أمن السلطة يحذر السيد أحمد دوماً أنه اذا قام بأي تحرك فسيعتقل . ) آمل أن تكون سالماً إن شاء الله، وأن تكون أنت والمتعلقين سعداء ومسرورين. نحن ـ بحمد الله ـ سالمون، مرض القلب لم يكن شيئاً مهماً، والآن ليس له أثر. لا تتركني دون خبر عن صحتكم. وأبلغ سلامي لسماحة عمك الكبير، ولا تتركه يعاني. أرسلوا السيدة سريعاً، وأبلغ سلامي لجميع القوم والأقارب.
    [align=left]والسلام عليكم
    أبوك
    30/9/1972م
    21/شعبان/1392هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    وصلتني رسالتك، وسررت لسلامتكم. بالنسبة للبيت ( هو مكتب الامام ( س ) ) كتبت عنه في رسالتي للسيد، لذا يُفعل بذلك النحو.
    نحن ـ بحمد الله ـ سالمون، ونرجو أن تكونوا أيضاً بسلامة وسعادة، الرسائل المرفقة ( كان سماحة الامام (س) اذا ارسل للسيد احمد رسائل بيد مسافرين يضع داخل الرسالة عدة رسائل لآخرين . )
    أرسلها إلى عناوينها، وإذا كنت لا تعرف عنوان السيد فقيه الإيماني ( من علماء اصفهان المعروفين، وكان يرسل لسماحة الإمام حقوق شرعية . ) فاسأل الاصفهانيين. وأبلغني عن صحتكم.
    والسلام
    أبوك
    الرسالة المرفقة هي جواب تعزية للسيد صادق الروحاني ضعها في ظرف ثم سلمها له.

    [align=left]23/11/1372م
    16/شوال/1392هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    رسالتكم المؤرخة في عيد الفطر وصلتني، وسررت لسلامتكم وسلامة الجميع، أسأل الله تعالى للجميع السلامة والسعادة. من الأفضل أن تحضر دروس الخارج ( المكاسب والكفاية هي كتب تدرس في الحوزة العلمية الإسلامية، وعلى الطالب أن يدرسها في مرحلة السطوح العليا، والمكاسب من تأليف الشيخ الأنصاري ( المتوفى عام 1281هـ ) وكفاية الاصول من تأليف الاخوند الملا محمد كاظم الخراساني ( المتوفى عام 1329هـ ) ودرس الخارج هو أعلى مرحلة دراسية في الحوزة حول الفقه والأصول والتي تنمي قدرة الاجتهاد والاستنباط عند الطلاب، وتؤهله ليعتمد على نفسه في معرفة الاحكام الشرعية من الكتاب والعترة، ولا بد ان يكون الاستناذ في هذه المرحلة من المجتهدين البارزين، ليناقش الطلاب آراءه ويوردون استدلالهم الخاص . ) إلى جانب اشتغالك بالمكاسب والكفاية، اختر أي منهما تراه أقرب لفهمك. ابلغ سلامي لسماحة السيد عمك الكبير( آية الله بسنديده . ) دامت بركاته. أنا والبقية سالمون بحمد الله تعالى، وحسين ( حسين ابن الشهيد مصطفى الخميني كان مريضاً، وبعد استئصال غدة زائدة في عملية جراحية تعافى وعاد إلى المدرسة . ) سالم تماماً ويذهب إلى المدرسة. ابعث الرسالة المرفقة ـ بيد شخص مؤتمن ـ إلى السيد اللواساني ( هو آية الله السيد محمد صادق اللواساني الوكيل المطلق لسماحة الامام ( س ) في طهران . ). أسأل الله تعالى أن يوفقك للدراسة والتهذيب.
    [align=left]والسلام عليكم
    أبوك
    اتخذ اسماً لنور عيني وعزيزي، وخذ له السجلّ الموافق، وأبلغ والدته المحترمة السلام.

    13/12/1972م
    6/ذي القعدة/1392هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    ولدي العزيز [/align]

    أسأل الله أن تكونوا بسلامة وسعادة إن شاء الله، نحن بسلامة والحمد لله، ومسرورون لقدوم السيدة، ونأمل أن نكون يوماً ما جميعنا سوياً. أبلغني عن صحتكم، وهل ذهبت إلى درس الخارج إن شاء الله ؟ اذهب لدروسك، واختر منها ما هو أقرب لفهمك. لا أعلم لماذا أنت متردد بالنسبة لاسم الطفل، اختر له اسماً من الأسماء، طبعاً اسم غير بعيد عن الأذهان، حسن جيد جداً، إذا كنت ترغب فيه، على أي حال تخيّر له اسماً، وليكن ذلك بينك وبين أهل بيتك، ونحن راضون، وأبلغهم سلامي، وقبّل نور عينيّ.
    [align=left]والسلام
    أبوك
    4/4/1973م
    29/صفر/1393هـ[/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد[/align]

    وصلتني رسالتك المؤرخة 10 صفر، وأرجو لكم السلامة والسعادة.
    الرسالة المرفقة خذها بنفسك إلى بيت السيد الزنجاني ( هو آية الله السيد أحمد الزنجاني ( ره ) من اصدقاء الامام المقربين . يقول السيد أحمد الخميني : الرسالة لم نعثر عليها بعد مراجهة السيد موسى الشيبيري الزنجاني، يبدوا انها ضاعت . ) وخذ من سماحة السيد عمك مبلغ ثلاثة آلاف تومان وسلمها للسيد المذكور.
    1ـ أرسلت مبلغ ألف تومان كعيدية لك ولزوجتك المحترمة وللبنات الثلاثة، لكل منكم مئتي تومان.
    2ـ بلغني من طهران أن الشيخ الطهراني( هو آية الله الشيخ محمد صادق الطهراني وكيل سماحة الامام الذي نفي بعد توليه الوكالة بمدة قصيرة . ) قد أجاز لبعض المؤسسات ـ ومنها المدرسة العلوية ـ صرف مبالغ كبيرة من الحقوق الشرعية، ألفت نظره إلى أن مثل هذه المؤسسات لا تحتاج لحقوقك هذه، وأن يحتاط في الإجازة.
    لا مانع من إعطاء المشهدي رضا 500 والمشهدي نادعلي 400( هما من خدم بيت الإمام في قم، وكان كل واحد يتقاضى مبلغ 250 تومان كراتب شهري، فطلب السيد احمد زيادة أجورهما، ووافق الإمام على ذلك . نشير هنا إلى ان الخدم لم يكونوا لعائلة الإمام، بل للضيوف والعمل العام . ).الرسالة المرفقة ( هي رسائل كان يرسل الإمام فيها توجيهاته الجهادية والشرعية . ) أرسلها بيد مؤتمن. أسأل الله أن يوفقك لتحصيل العلوم الدينية، وتهذيب الأخلاق، والإعراض عن الدنيا.
    [align=left]والسلام عليكم
    أبوك
    20/5/1974م
    27/ربيع الثاني/1394هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    وصلتني رسالتيك المطولتين، وسررت لسلامتكم ونور العيون عزيزي، وآمل أن يكون الجميع سالمين وسعداء. بالنسبة للموضوع الذي كتبت عنه فإن الحصول على إجازة أمر غير ميسّر بسبب الأوضاع الوخيمة جداً، وتزلزل الحوزة، وعدم استقرار الجميع ( قام النظام العراقي باخراج الايرانيين المجاهدين من العراق وإبعادهم إلى إيران، فاقترح السيد أحمد على الإمام انه اذا أراد النظام العراقي ان يخرجه من العراق أن يذهب إلى دولة اسلامية اخرى كسوريا أو لبنان، ومن ثم إلى الباكستان). ومن ناحية أخرى على فرض إمكان ذلك، فمن المستبعد أن لا تكون غافلاً عن انفضاح المغرضين هنا وهناك، على أي حال لا تقدم على ذلك حالياً، إلى أن يحدد وضعنا ووضع الآخرين.
    أسأل الله تعالى إصلاح الأمور حسب رغبتنا، أبلغ سلامي لجميع البنات ولزوجتك، وقبَل حسناً( هو السيد حسن الخميني ابن السيد أحمد . ) عنّي.
    [align=left]والسلام عليكم
    أبوك
    18/8/1974م
    29/رجب/1394هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد[/align]

    وصلتني رسالتيك المطولتين، وسررت لسلامتك والآخرين، وأسأل الله أن تكونوا دوماً سالمين، في الوقت المناسب وعند رفع المانع عن السيد اللواساني ( لم يتحمل جهاز أمن الملك ( السافاك ) تحرك آية الله اللواساني، فاعتقلوه وسجنوه، ثم نفوه إلى مدينة " هشتير " شمالي إيران، فأمر الإمام أن يذهب أحمد لقائه، فذهب السيد أحمد الخميني بنفسه للقائه، وتتبعه رجال أمن الملك، فغادر منزل السيد اللواساني إلى منزل آية الله السيد إحسان بخش امام جمعة مدينة رشت، ثم عاد بسرعة إلى قم . ) اسألوا عن حاله، وليذهب أحد لرؤيته، لا تستشير أحداً بتعيين شخص آخر ( بعد نفي آية الله اللواساني، كان من المفترض أن يحل محله أحد في طهران لاستلام الحقوق الشرعية، وقد حذر الإمام ( س ) من أن يقوم السيد أحمد بنشاط في هذا المجال، ويختار شخصاً غير مناسب، وقد التزم السيد أحمد بأمر الإمام، ولم يختار الإمام احمد احد مكان اللواساني لشدة حبه له . وأنا لا أعين أحداً، ولا أعرف وكيلاً بهذه السرعة، لا تقصر في المحافظة على عمك الكبير( هو أية الله بسنديده . ) فإنه ضعيف المزاج، ولا بد من تأمين وضعه، إننا ننتظر وصول السيدة ( الامام كان يحب زوجته كثيراً، وكان يعاني من بعدها عنه، وهكذا كان حال زوجته، لكنها كانت مضطرة ان تتركه عدة مرات لمدة شهرين أو ثلاثة لزيارة ابنائها . ) في يوم الأربعاء أو ليلة الخميس.
    والسلام
    أبوك
    قل للشيخ عبد العلي ( هو الشيخ عبدالعلي القرهي، تولى رئاسة مكتب الإمام في النجف مدة طويلة، لكن زوجته أصيبت بمرض صعب، وطلب الاطباء أن يخرجوا من النجف، لكنه رفض الذهاب، فأجبره الإمام على ذلك . ) إذا أردت أن ترسل أمانة إلى الكويت( يبدوا انها امانة من الحقوق الشرعية . )، فأرسلها بيد السيد اسماعيل، ولا ترسلها بيد شخص آخر.

    [align=left]21/8/1974م
    2/شعبان/1394هـ
    حسب المفكرة[/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    وصلتني رسالتك مع الأمانة( الامانات هذه كانت عادة بيانات أو أعمال جهادية كان السيد أحمد يخفيها ويرسلها إلى الإمام . ) أسأل الله التوفيق والتأييد، والاشتغال بالتحصيل وتهذيب النفس على الدوام. إني سالم بحمد الله. أرسلت قبل أيام جواب رسالة سماحة السيد عمك المحترم ( آية الله بسند يده ) وآمل أن يكون قد وصل. سمعت أنكم سميتم الطفل " ياسر " ( الإمام كان يظن ان السيد أحمد أطلق اسم ياسر على ابنه تيمناً بياسر عرفات، لكن السيد أحمد كان ينوي إسم ياسر والد عمار من أصحاب الرسول الاوائل وأول شهيد في الإسلام، وبعد اعتراض الإمام استبدله بحسن . ) وهو اختيار غير جيد، ويؤدي إلى الكلام، فمن حقوق الابن على أبيه أن يختار له اسماً حسناً، لا أن يختار له اسماً كلما سمعه أحد قال شيئاً، أو أن يقال أنه وقع تحت تأثير كذا وكذا، فذاك خلاف العقل. ومع ذلك فأنت تعرف.
    السيد أخوك ( آية الله الشهيد السيد مصطفى الخميني ) وأهله بسلامة، وفي الليالي عندي، أي إلى ما بعد العشاء، انخفضت الحرارة هنا عما كانت عليه، والليالي جيدة.
    [align=left]والسلام عليكم
    أبوك
    أبلغ سلامي لسماحة السيد ( آية الله بسند يده ) والسيدة المحترمة تبلغكم السلام.

    25/8/1974م
    6/شعبان/1394هـ[/align]





  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    401

    افتراضي

    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    وصلتني اليوم رسالة منك، وأخرى من السيد من دمشق، وسأكتب له الجواب فيما بعد، أبلغه أن لا يكتب الأرقام سياقاً، فتنمحي وتؤدي إلى الوقوع في الخطأ.
    صحة السيدة جيدة، وعائلة السيد الصدر أتوا لتوهم، لا أرى مصلحة في تعيين شخص بديل، لا تفاوض أحد بهذا الشأن، أولئك الذين ترغب فيهم هم على خلاف رأيي، يجب أن يبقى الأمر مسكوتاً عنه بهذا النحو إلى أن نرى، سأرسل الوصولات للسيد إلى سورية بواسطة الأفغاني لعلها تصل. أبلغني عن صحتكم، أبلغ سلامي للسيدة فاطمة، وقبَل عنّي عزيزي حسن.
    والسلام عليكم
    أبوك
    كتب لي أنه أرسل 300 تومان، دون أن يعين متى أرسله، حتى الآن لم يصل.

    [align=left]14/9/1974م
    26/شعبان/1394هـ[/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد[/align]

    أسأل الله لكم ولعائلتكم المحترمة ولعزيزي حسن( السيد حسن الخميني ابن السيد أحمد ) السلامة. نحن بسلامة والحمد لله، سبب ازعاجكم هو أن السيد( آية الله بسند يده ) قال لوالدتكم أنه أرسل ثلاثمائة تومان مع السيد حسن للصلاة والصيام، لكن حتى الآن لم يصل المبلغ، ويبدو أن الخطأ من الوالدة، لأنه قد وصل سابقاً مئتي تومان بيده، ومئة تومان بيد السيد غارسجي( وكيل الإمام الخميني ( س ) في سوق طهران المركزي . ) للصلاة والصيام ( الصلاة والصيام هذه كانت ستاراً لأمر آخر . ) لكن هذين المبلغين وصلا قبل عدة أشهر، اكتب لي حول الأمر بسرعة لأخرج من الشبهة، أبلغ سلامي لسماحة السيد.
    [align=left]والسلام
    أبوك

    13/11/1974م
    28/شوال/1394هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    أسأل الله تعالى لك ولعائلتك المحترمة السلامة والسعادة، كنت قد كتبت رسالتين أو ثلاثة أكدت فيها أن السيدة معصومة( هي زوجة الشهيد السيد مصطفى الخميني . ) تريد بيع بيتها للسفر إلى مكة، لذا أشرف بنفسك على تسعير البيت من قبل السيد الحائري، وليكتب هو وأنت لي الجواب بسرعة. أبلغ السيدة فاطمة المحترمة سلامي، وأبلغ سلامي للأخوات، وقبّل حسناً عنّي.
    [align=left]والسلام
    أبوك
    11/1974م[/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد[/align]

    أسأل الله تعالى أن يديم عليكم السلامة والسعادة، نحن سالمون مزاجاً، ونعاني من عناء الابتلاء الروحي. أسأل الله أن يصلح أمور المسلمين، وأن يرفع البلايا. أرسلت حوالة 35000 خمسة وثلاثون ألف تومان، فخذها من السيد( آية الله بسند يده . ) وادفعها للسيد الحائري ( هو آية الله الشيخ مرتضي الحائري والد زوجة الشهيد السيد مصطفى الخميني ) بدل قيمة البيت، وخذ منه وصل الاستلام، واعرض عليه الورقة المرفقة ليصدق ذلك، ويعطي ختم الرسالة ويعمل طبق القوانين، ففي هذه القضايا الرسمية تجب عدم المسامحة، وافعل حسبما كتبت لك. بالنسبة لعمك المحترم( آية الله بسند يده ) اسأله عن كيفية العمل، وليرشدك هو، وابلغه سلامي الوافر، وأبلغ سلامي إلى الأخوات والسيدة فاتي( هي زوجة السيد أحمد الخميني . ) أقبّل حسناً ( السيد حسن الخميني . ) ولدي صورته وأقبله.
    [align=left]والسلام
    أبوك
    11/1/1975م
    28/ذي الحجة/1394هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد[/align]

    أسأل الله أن تكون سالماً، عاد مصطفى من الحج سالماً، ونحن بحمد الله سالمون، أبلغ سلامي لسماحة السيد عمك الكبير دامت بركاته وخذ منه مبلغ ثلاثة عشر ألف وستماية وخمسون توماناً، وأعطه للسيد الحائري، وقل له أن هذا المبلغ أرسله أحد ليعطى له، وليبقى عنده محفوظاً إلى أن يصله الخبر، وأبلغه سلامي، وأبلغني عن وضعه سريعاً، كما أبلغ سلامي لجميع أخواتك ولزوجتك، وإني أقبل حسناً،فاكتب لي عن صحته. السيدة تبلغكم السلام، وتطلب منك أن تكتب لها عن حالكم وعن السيدة خازن ( هي السيدة خازن الملوك والدة زوجته الإمام الخميني ( س ) . ) العزيزة حيث أننا منذ مدة لم تصلنا أخبارها، أسألها عن حالها هاتفياً، واكتب لنا، واطلب منها أن تكتب لنا وريقة.[align=left] والسلام عليك
    أبوك
    أبلغني عن وصول هذا المبلغ

    29/1/1975م
    16/محرم/1395هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    أسأل الله تعالى أن تكون سالماً، نحن بحمد الله سالمون، طمئنا عن صحتكم، إذا وصلك مبلغ خمسة وستون توماناً للصلاة من قبل السيد هاشميان رفسنجاني ( هو سماحة الشيخ أكبر رفسنجاني الذي تولى بعد الثورة مناصب مهمة منها رئاسة مجلس الشورى 8 سنوات ورئاسة الجمهورية 8 سنوات . )
    أو وصل ليد الشيخ القرهي فادفعه إلى الشيخ. وأبلغ السيد أن الثلاثمائة تومان التي أرسلها بواسطة الشيخ القرهي ( هو الشيخ عبدالعلي القرهي رئيس مكتب الإمام في النجف الأشرف . ) من أجل الصلاة والصيام قد وصلت، لكن لم يتضح المبلغ المرسل منك والمرسل من الشيخ القرهي، لابد أن يُعلم ذلك فيما بعد.
    بالنسبة إلى البيت كنت قد كتبت لك أن ترتب وضعه القانوني ونقله، وذلك تحت إمرة سماحة السيد، ثم أبلغني. ما ترسله لنا يصل بشكل منظم، لا داعي لإرساله بطريق آخر. أبلغ أخواتك وزوجتك السلام، وإنّي أقبّل حسناً، ابعث فيّ السرور بإبلاغي عن سلامته.
    [align=left]والسلام عليكم

    16/2/1975م
    4/صفر/1395هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    أسأل الله أن تكون سالماً، وأن توفق إلى العلم والعمل الصالح والتقوى وتهذيب النفس. إننا بحمد الله سالمون. كنت قد كتبت لك قبل عدة أشهر أن تعطي ابن إقليم ( ابن خادمة بيت الإمام ( س ) . )
    خمسماية تومان، وأن تعطي " فريدة " ( بنت الإمام وزوجة السيد اعرابي . )ستماية وعشرون توماناً، لتعطيها لابنة " صغرى " ( خادمة بيت الشهيد السيد مصطفى . ) لكن يبدو أنك لم تنوِ الإجابة على هذه الأمور. يجب أن أعلم هل وصلت تلك أم لا ؟ وإذا لم تكن قد دفعتها حتى الآن؛ فادفعها واكتب لي، أم لم تصل فقل ذلك واكتب لي. أبلغ نور العيون البنات وزوجتك السلام، وأني أقبل حسناً.
    [align=left]والسلام
    أبوك

    7/4/1975م
    24/ربيع الأول/1395هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي [/align]

    أسأل الله أن تكون تعيش بسلامة وسعادة وسرور، نحن بحمد الله سالمون، وليس عندنا من جديد. دفعت المبلغ للسيد سميعي ( المقصود هو الشهيد الشيخ محمد المنتظري . ) أبلغ السيد أنني دفعت المبالغ للسادة الخاتمي واليزدي. واطلعني على صحتكم دوماً، وأبلغ أخواتك وزوجتك السلام، وإني أقبل حسناً.
    [align=left]والسلام عليكم
    أبوك

    27/7/1975م
    17/رجب/1395هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    أسأل الله أن تكون سالماً، إني بحمد الله والآخرين بسلامة، لكن البلايا والهموم كثيرة، ولا يمكنك أن تطلع عليها، وأي محاذير شرعية وعقلية ( يبدوا من كلمة " شرعية " أن المال الشخصي للإمام قد نفذ، وما كان يصل ليد الإمام من مال وهدايا كثيرة كان يوزع المال على الفقراء والمحتاجين، ويسلم الهدايا إلى السيد كمال الأصفهاني ليبيعها ويسلم ثمنها للفقراء، وكان هذا هو ديدنه بعد انتصار الثورة أيضاً . ويبدو من كلمة " عقلية " احتمال ان يمنع السافاك عودة زوجة الإمام إلى النجف . ) لمجيء السيدة، لذا تكتب في كل رسالة مطالباً بمجيئها، فتسبب بذلك المضايقات لي ولها، ولو لم يكن هناك من محذور لكانت أتت. أسأل الله دفع ذلك، أن لا تأتوا بالسلامة وتأتي هي.
    أبلغ جميع أخواتك وزوجتك السلام، وقد أجبت سماحة السيد( آية الله بسند يده . ) على رسائله. أبلغه سلامي وقل له ذلك.
    [align=left]والسلام
    أبوك

    9/9/1975م
    2/شهر الصيام/1395هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    أحمد العزيز [/align]

    أسأل الله أن تكون سالماً وسعيداً دوماً، أبلغنا دوماً عن صحتكم، وعن صحة السيد العم والباقين أيضاً، وأبلغ الجميع السلام، ليس لدي وقت أكثر الآن.
    [align=left]والسلام عليك
    أبوك

    5/10/1975م
    28/شهر الصيام/1395هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    أحمدي [/align]

    رسالتك الشريفة وصلت، أتمنى لكم وللتابعين السلامة والسعادة. يبدو أنك كنت لم تحتاط شيئاً ما، أرجو أن لا يكون هناك إشكال من زيادة الشهرية( كان يعتقد الإمام أن زيادة الرواتب الشهرية سيؤدي إلى زيادة ضغط جهاز الأمن الملكي وعلماء البلاط، وتبين فيما بعد أن الإمام كان محق في اعتقاده ذاك، حيث انهم بعد زيادتها أو قفوا الدفع، وكان يتم دفعها باسم شهرية آية الله الشيخ أحمد الاشتياني . ) الشهرية أيضاً قد ازدادت كثيراً رغم قلة الأشخاص وندرة المحصلين، اعمل أنت والشيخ( هو الشيخ محمد صادق الطهراني وكيل الإمام المطلق . ) بنفس الوضع السابق على إيصالها، رغم أنها لو كانت تصل إلى الكويت لكانت أنسب لنا، ولكان دفع الصلاة والصيام ( كناية عن الرسائل والأموال الشرعية التي تصل الإمام، ورغم أن هذه الرسائل كانت ترسل يبد الأشخاص، لكن الإمام كان يحتمل وقوعها بيد أمن النظام، دفعاً للضرر الذي قد يلحق بحامل الرسالة . ) للناس يتم على وجه أفضل. وأبلغ السيد رضا(هو السيد رضا ابن آية الله اللواساني . ) أن يعمل على هذا النحو أو على النحو السابق. أبلغ سماحة السيد السلام، وارعه بشكل كامل. وأبلغني عن سفر السيد الهندي ( هو السيد الهندي أخو الإمام ( س ) أبتلي بحمى، ولم يتمكنوا من علاجه داخل إيران، فخرج إلى دولة اخرى، لكنه توفي بنفس المرض . ). وأبلغ جميع البنات وزوجتك السلام.
    [align=left]أبوك
    19/10/1975م
    13/شهر شوال/1395هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى [/align]

    الرسالة الشريفة وصلت، أسأل الله تعالى لك ولتابعيك السلامة والسعادة. نحن بحمد الله تعالى سالمون نسبياً، ونقضيها بعوارض الشيخوخة. بالنسبة للأمر الذي كنت كتبت عنه بالنسبة لل.. يبدو أن الطريق السابق أفضل. قدر الإمكان اعملوا بتلك الطريقة، وقل للشيخ أن يقول للآخرين.
    بلغني عن صحتكم، وأبلغ الأخوات وزوجتك السلام، وإني أقبل حسناً ( السيد حسن الخميني ) . وأسأل الله له السلامة.
    [align=left]والسلام عليكم
    أبوك
    29/10/1975م
    23/شوال/1395هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    أسأل الله تعالى أن تكون موفقاً ومؤيداً، نحن بحمد الله سالمون نسبياً. ونسأل الله تعالى السلامة والسعادة لكم. أطلعوني عن صحتكم. اعملوا بنفس الأسلوب السابق ( اختار السيد أحمد الخميني شخصاً في أوروبا ليكون نقطة اتصال لإيصال رسائله إلى الإمام فرجح الإمام هذا الطريق على الطريق السابق في الكويت والذي كان سرياً أيضاً . ) إن استطعتم، وإلاّ فليس هناك سبيل آخر، والأفضل الكويت لئلا تتعطل صلاة الناس وصيامهم (ستار لأمور أخرى . ).
    [align=left]والسلام
    أبوك

    16/11/1975م
    12/ذي القعدة/1396هـ[/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    أسأل الله تعالى أن تكون سالماً. ونحن ـ بحمد الله ـ سالمون جسدياً، مضطربون روحياً. أصلح الله تعالى الأمور. ظاهر الأوضاع يدلّ على أنها لن تبقى هكذا، لعل الله تعالى يمنّ بالفرج. ما أريده هو أن تقول للسيد أن لا يرسل مبالغ في هذه البرهة، وعلى الآخرين كذلك أن لا يرسلوا حتى إشعار آخر، إلى أن أرى ما سيحصل. اعمل بالأمر الآخر، 10 دولار للمظالم لم تصل حتى الآن، أنا لا أعرف الشخص. الأمر الآخر هو أننا سمعنا أن وضع عيال المرحوم السيد البروجردي غير جيد، قل للسيد أن يرسل لهم مئة تومان شهرياً. أبلغني عن سلامتك. وأبلغ الأخوات وزوجتك السلام. و إني أقبّل حسناً.
    [align=left]والسلام
    أبوك

    3/1/1976م
    1/1/1396هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    وصلت رسالتك، وسررت لسلامتكم والآخرين. أسأل الله تعالى أن يكون الجميع بسلامة وسعادة. نحن ـ بحمد الله ـ سالمون. لكن لا يبدو أن هناك خير. أسأل الله الإصلاح. لم تكتب لي عن الحجاج( هو العام الذي شبّ فيه حريق في الحج، قفتل العديد إثره .) وهل وقع مكروه في هذه الأحداث على أحد من معارفنا أم لا ؟ سمعت أن الشيخ محمد حسين البروجردي( هو سماحة الشيخ محمد حسين البروجردي من اصدقاء الإمام الخاصين، ووالد الدكتور محمود البروجردي صهر الإمام . ) قد أتى، وبالسلامة. ليس عندي خبر صحيح عن الشيخ عبد العلي ( هو الشيخ عبدالعلي القرهي رئيس مكتب الإمام في النجف، والذي كان يأتي إلى قم بعد اصابة زوجته بمرض عضال . ). على أي حال اكتب عن الأخبار هناك.
    المسألة الأخرى هي أن السيد العم كان قد كتب: أننا بعنا قطعة الأرض ( كان يعود على الإمام سنوياً حوالي أربعة آلاف تومان من بيع محصول القمح لأرضه في مدينة " خمين " وكان يعطي من هذا المبلغ 110 ـ 120 تومان لأولاده، وعندما انقطع هذا المورد، باع قطعة من أرضه لئلا ينقطع المال عن ابنائه، و عند انتهاء المال، كان يأمر باعطاء واحدة من بناته مبلغ 200 تومان شهرياً لانها كانت تمر بضائقة، ويدفع بدوره من ماله الشخصي المبلغ إلى بيت المال في النجف . ) واسمح لي أن أعطي البنات وأحمد كما كنت أعطيهم من قبل. وكتبت له أن أعطي. لكن سمعت أن ما يعطى لفريدة لم يعط لها مدة شهرين. إذا لم يكن المبلغ موجوداً أو كان قد تم، فأعط أنت فريدة( بنت سماحة الإمام وزوجة السيد إعرابي . ) مئتي تومان شهرياً بأسلوب خاص ودون أن تظهر على ذلك أحد. أي خذ من السيد وأعطها، يبدو أنه عندها مصاريف ومنزعجة لذلك.
    [align=left]والسلام
    أبوك

    9/3/1976م
    7/ربيع الأول/1396هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    أسأل الله تعالى أن تصحبك السلامة والسعادة، نحن ـ بحمد الله تعالى ـ سالمون جسدياً، مبتلون في الباقي.
    فيما يلي جواب ما كنت كتبته:
    1ـ بالنسبة للشيخ الصادقي( هو آية الله الشيخ مهدي الصادقي أستاذ أحمد الخميني، وأحد اعوان الإمام الذي لم يكن وضعه المالي حسناً، فكتب السيد أحمد للإمام ان يدفع له مساعدة، فوافق الإمام على ذلك . ) أنت مجاز بأن تأخذ من السيد وتعطيه، وهو يتلطف أيضاً.
    2ـ بالنسبة للسيدة فاطمة ( كتب السيد أحمد الخميني يقول : عندما ذهبت إلى الحج ومعي والدتي وزوجتي، كان قد بذل لي احدهم تكاليف حجي، لكن زوجتي لم يكن معها مال حاضر، ورفض الإمام أن يدفع لها وقال ليس معي حالياً مال شخصي، فاستقرضنا من الإمام على ان تدفع فاطمة المبلغ عند عودتها إلى ايران، وبعد عودتها كتبت له فاطمة تسأله إلى من تدفع المبلغ، فبراً الإمام ذمتها، وعلمنا أن الإمام قد حصل على مال شخصي فهي منذ الآن لم تعد مدينة، فلتطمئن.
    3ـ بالنسبة لإجازتي فهناك محذور حالياً.
    السيد كتب أن أعطي السيد عطا( رجل فقير من أقارب الإمام في مدينة خمين . ) القروض، وأجبته في بعض رسائلي أن لعله لم يصل. أبلغه أن يدفع القروض بنفسه.
    بالنسبة لقبول مبلغ السيد بهرامي الذي يدعي الحريق، لا مانع. أبلغه سلامي وقبول الحادثة. وكذلك أبلغ الأخوات والسيدة فاطي سلامي، إني أقبّل حسناً.
    [align=left]والسلام

    8/4/1976م
    8/ربيع الثاني/1396هـ[/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    أحمد العزيز [/align]

    منذ مدة وأنا غير مطلع على صحتكم. إن شاء الله أن يكون ذلك بسبب كثرة الاشتغال بالدراسة والتحقيق. أسأل الله تعالى السلامة للجميع. بحمد الله فإن السيدة أجرت عملية المرارة بشكل جيد وحسن، وحالها الآن حسن، وهي مسرورة. أبلغ البنات السلام وبشّرهم بسلامتها، وأبلغ زوجتك المحترمة السلام، وإني أقبّل حسناً وأدعو له.
    [align=left]والسلام عليك
    أبوك

    9/4/1976م
    9/ربيع الثاني/1396هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    أحمد العزيز[/align]

    رسالتك وصلت، وسررت لسلامة الجميع. أجبت على رسائلكم وأرسلتها، ستصل إن شاء الله، الآن حيث وجد مسافر بالطائرة أكتب عدة كلمات. السيدة أجرت عملية المرارة في بغداد وعادت سالمة، وهي الآن جالسة في الغرفة تتحدث مع السيدة معصومة ( زوجة الشهيد السيد مصطفى الخميني . ) لا تعاني من أي وعكة كلنا سالمون. أبلغ الجميع السلام.
    [align=left]والسلام عليكم

    21/8/1976م
    24/شعبان/1396هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى
    عزيزي أحمد [/align]

    وصلت رسالتاك سوّياً. إحداهما مؤرخة في 9 شعبان، والأخرى بدون تاريخ، أسأل الله تعالى لكم السلامة والتوفيق، برقية التعزية سلّموها لي مباشرة ( المقصود برقية التعزية بوفاة السيد نور الدين الهندي اخو الإمام، وكان السيد أحمد قد ارسل البرقية إلى السيد مصطفى الخميني ليقوم بدوره بإبلاغ الإمام بالتدريج، لكن اعضاء المكتب في النجف سلموا البرقية للإمام مباشرة، فتأثر الإمام كثيراً لحبه الشديد له . ) فبعثت على التأثر الشديد. وأنا بدوري أعزيك. أسأل الله أن يرحمه. لا اعلم أي مطالب حواها منبر الشخص المذكور مما أغاظ السادة( يحتمل ان آية الله الخزعلي قد تحدث من المنبر، مما أغاظ رجال من الملك . على أي حال فإن هذه الأمور تمر. الورقة المرفقة بخط العم المرحوم سلّمها للسيد منصور( الإبن الأكبر للمرحوم السيد الهندي . ). أبلغني عن صحتكم أكثر. هل دفن العم عند علي بن جعفر عليه السلام ( مرقد علي بن جعفر الصادق ( ع ) احد رواة الحديث والموالين المخلصين لأهل بيت النبي ( ص ) والمدفون في مدينة قم المقدسة . ) أم في مكان آخر؟ لا أعلم متى تنوي السيدة العودة. وهل ستأتي مع حسين أم لا؟ أخوك وضعه حسن، وغالباً نتناول الغداء والعشاء سوياً. أسأل الله تعالى السعادة والسلامة للجميع.
    [align=left]والسلام عليكم
    أبوك
    أبلغ سماحة السيد ( آية الله بسند يده . ) السلام، وأبلغني عن صحته.

    15/10/1356هـ [/align]


    [align=center]باسمه تعالى[/align]

    والصلاة على محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
    بما أن ابني الأكبر والذي كان وصيي ـ مع كمال الأسف ـ قد التحق بالرحمة الأبدية، لهذا جعلت وصسيي ابني ونور العين المكرم الحاج السيد أحمد الخميني أيده الله تعالى، وأنا في حال الصحة والسلامة بتاريخ الخامس والعشرين من شهر محرم الحرام 1398، ليقوم بعد وفاتي وتجهيزي بالنحو المتعارف بتنفيذ الأمور التي أوصي بها، وأسأل الله تعالى له التوفيق والسلامة والتأييد.
    1ـ جميع الأموال الموجودة في البيت وعند الشيخ الخلخالي وفي قم عند أخي هي حقوق شرعية ومن السهم المبارك للإمام عليه السلام وسهم السادات العظام ( يجب على المسلم ان يعين يوماً معيناً من السنة يسميه رأس السنة المالية، فيحسب فيه رأسماله ويدفع نسبة 20 % أو خمس ما دخل في السنة المنقضية على رأسماله استناداً على الآية الكريمة " واعلمو أنما غنمتم من شيئ فإن لله خمسة وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل " ( الأنفال /41 ) فيقسم الخمس إلى ستة اقسام، ثلاثة تسمى " سهم الإمام " وهي سهم الله ورسوله وذي القربى، والتي يتصرف بها في زمن غيبة الإمام المعصوم ( عج ) نائبه ولي الفقيه، وثلاثة أقسام اخرى تسمى " سهم السادة " وتعطى للإيتام والمساكين وابن السبيل من السادة من بني هاشم .، وليس للورثة أي ليس منها، وقد عينت تكليف ذلك في الوصية بشكل منفصل، وليس لوارّاثي حق المعاوضة مع أوصيائي الذين أوكلت لهم أمر الحقوق الشرعية، وإذا كان عند وكلائي في أي مكان حقوق شرعية كانت باسمي، فعليهم إيصالها إلى الأوصياء أو إلى المرجع العادل.
    2ـ الكتب والأثاث الذي نهبته الحكومة الإيرانية من مكتبتي وبيتي إذا أعادوه، فما كان من إهداء السيد النجفي المرعشي يعاد إلى مكتبته، والباقي
    يحال إلى نفس المكتبة أو إلى سائر المكتبات، وكتبي الشخصية المنهوبة إذا أعيدت وكتبي في النجف فهي باختيار الوصي يأخذ منها ما يحتاجه هو أو ما يحتاجه نور عيني حسين ابن المرحوم مصطفى رحمه الله تعالى، وليدعوا الباقي في إحدى المكتبات العامة.
    3ـ بيتي الشخصي في قم الواقع قرب باغ قلعة، وملكي الصغير الواقع عند الجبل ـ والذي لا أعلم ما هو، وبأي مقدار، والسيد بسنديده( أية الله بسند يده . ) يعرفه ـ فإنهما يقسّمان بين الورثة كما فرضه الله، لكن على الورثة ـ ما دامت أمهم على قيد الحياة، ورغبت في الإقامة هناك ـ أن لا يضايقوها، وبعبارة أخرى فإن السكن والانتفاع بمنافع ذلك من حقها ما دامت حية، وقد أوكلت ذلك لها، ولا يحق لأي أحد مضايقتها.
    4ـ أثاث البيت ـ من غير الكتب المذكورة ـ قد أوكلته ـ بعد موتي ـ إلى أم أولادي، وليس لأحد أن يضايقها.
    5ـ ليقضي عني احتياطاً سنتين أو ثلاثة من صلاة وصيام، وإذا كنت أملك شيئاً في " سفح الجبل " أو كان لي فيه منافع شخصية، فيدفع منها، وإلا فليتبرع أحمد، وهو مخير في هذا التبرع.
    6ـ كتبي الخطية تطبع إن أمكن ذلك، وإذا أراد أحد أن يطبعها، فتوضع بتصرفه بحيث لا تضيع، خاصة الكتب الأخلاقية.
    7ـ على أبنائي عامة ـ وأحمد خاصة ـ أن يطيعوا أمهم، ويعاملوها باحترام، ويكسبوا رضاها، فخير دنياهم وآخرتهم في ذلك. وإذا أرادت أن تعيش مستقلة، عليهم أن يؤمّنوا لها الأسباب إذا تمكنوا.
    8ـ آخر وصية لي هي أن يعمل أولادي بصلح وصفاء ومحبة ووفاء، وأن يتعاملوا مع أبناء المرحوم مصطفى ـ رحمه الله ـ وعياله بمنتهى الحنان والمحبة، وأن لا يدخر أحمد وسعاً في مسايرتهم قدر الإمكان. أسأل الله تعالى أن يوفق الجميع ويؤيدهم، وآمل أن يحفظ الله تعالى الجميع من الشرور، وخاصة التلوث بالدنيا وزخارفها. وآمل أن لا ينسوا أبوهم ـ الملوث والعاصي والآثم الذي ترك الدنيا حاملاً حملاً ثقيلاً وبلايا كثيرة، نازحاً نحو رب قابل التوب وغافر الذنوب ـ أن لا ينسوه من دعاء خير، وطلب المغفرة.
    إنه خير معين، والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً.
    والسلام عليكم

    [align=left]روح الله الموسوي الخميني
    27/2/1983م[/align]




  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    401

    افتراضي

    [align=center]بسم الله الرحمن الرحيم [/align]

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
    أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وأن علياً أمير المؤمنين وأولاده المعصومين صلوات الله عليهم خلفاؤه وأنّ ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله حقٌ، وأن القبر والنشور والجنة والنار حقٌ وأن الله يبعث من في القبور.
    وصية من أبٍ عجوز أهدر عمره ولم يتزوّد للحياة الأبدية ولم يخط خطوةً لله المنان، ولم ينجُ من الأهواء النفسانية والوساوس الشيطانية، لكنه غير آيسٍ من فضل وكرم الكريم تعالى وهو يأمل بعطف وعفو الباري جل وعلا، ولا زاد له سوى هذا.. إلى ابنٍ يتمتع بنعمة الشباب متاحة أمامه فرصة لتهذيب النفس وللقيام بخدمة خلق الله، والأمل أن يرضى عنه الله تعالى، كما رضي عنه أبوه، وأن يوُفَّق ما بوسعه خدمة للمحرومين الشريحة الأكثر استحقاقاً لتقديم الخدمة إليها من بين جماهير الشعب الأخرى والتي أوصى بها الإسلام.
    بُنّي أحمد ـ رزقك الله هدايته:
    اعلم، أن العالم سواءٌ كان أزلياً وأبدياً أم لا، وسواء كانت سلاسل الموجودات غير متناهية أم لا، فإنها جميعاً محتاجةٌ، لأنّ وجودها ليس ذاتياً لها، ولو تفكرت وأحطت عقلياً بجميع السلاسل غير المتناهية فإنك ستدرك الفقر الذاتي والاحتياج في وجودها وكمالها إلى الوجود الموجود بذاته والذي تمثل كمالاته عين ذاته، ولو تمكنت من مخاطبة سلاسل الموجودات المحتاجة بذاتها
    خطاباً عقلياً وسألتها : أيتّها الموجودات الفقيرة، من يستطيع تأمين احتياجاتكم ؟
    فإنها ستردُّ جميعاً بلسان الفطرة: "إننا محتاجون إلى من ليس محتاجاً بوجوده مثلنا إلى الوجود، والذي هو كمال الوجود". وهذه الفطرة أيضاً ليست من ذاتها، ففطرة التوحيد {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}(الروم30). من الله، والمخلوقات الفقيرة بذاتها لن تتبدل إلى غنيّة بذاتها، فمثل هذا التبديل غير ممكن الوقوع، ولأنها فقيرة بذاتها ومحتاجة، فلن يستطيع سوى الغنيُّ بذاته من رفع فقرها واحتياجها، كما أن هذا الفقر الذي يمثل أمر لازم ذاتي فيها، هو صفة دائمة أيضاً، سواء كانت هذه السلسلة أبدية أم لا، أزلية أم لا، وليس سواه تعالى من يستطيع حلّ مشاكلها وتأمين احتياجاتها، كذلك فإن أيَّ كمال أو جمال ينطوي عليه أيَّ موجود ليس منه ذاتاً، إنما هو مظهر لكمال الله تعالى وجماله فـ{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}(الأنفال/17) حقيقة تصدق على كل أمر وكل فعل، وكلّ من يدرك هذه الحقيقة ويتذوقها، فلن يُعلّق قلبه بغير الله تعالى، ولن يرجو غيره تعالى.
    هذه بارقةٌ إلهية، حاول أن تفكّر فيها في خلواتك، وأن تلقّن قلبك الرقيق وتكرّر عليه هذه الحقيقة إلى أن ينصاع اللسان لها، وتسطع هذه الحقيقة في ملك وملكوت وجودك. وارتبط بالغنيّ المطلق حتى تستغني عمن سواه، واطلب التوفيق منه حتى يجذبك من نفسك ومن جميع من سواه، ويأذن لك بالدخول والتشرّف بالحضور في ساحته المقدسة.
    ولدي العزيز :
    إن الله جل وعلا {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ}(الحديد3). كما " أيكون
    لغيرك من الظهور ما ليس لك، حتى يكون هو المظهر لك ؟ متى غبت حتى تحتاج إلى دليل مدل َ عليك، ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك ؟ عميت عين لا تراك عليها رقيباً "( مقطع من دعاء الإمام الحسين ( ع ) يوم عرفة . )
    يا فؤادي دعْك من فرط المنى ليس بالغالب من تهوى ولا
    من تديم البحث عن لقياه، يخفى إنما أبصارنا نحن تولاها العمى( بيت شعر من ديوان فروغي البسطامي . )
    فهو ظاهرٌ، وكل ظهور هو ظهورٌ له سبحانه وتعالى، ونحن بذاتنا حجبٌ فأنانيتنا وأنيّتنا هي التي تحجبنا " أنت حجاب نفسك، فانطلق منه يا حافظ " ( مقطع من بيت شعر لحافظ الشيرازي . )
    فلنلذ به ولنطلب تبارك وتعالى متضرعين مبتهلين أن ينجينا من الحجب " إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك، وأنر أبصارنا قلوبنا بضياء نظرها إليك، حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور، فتصل إلى معدن العظمة، وتصير أرواحنا معلقة بعزّ قدسك، إلهي واجعلني ممن ناديته فأجابك، ولاحظته لجلالك " ( مقطع من المناجاة الشعبانية. )
    بني :
    نحن ما زلنا رهن الحجب الظلمانية، وبعدها الحجب النورية، ومازلنا في منعطف زقاق ضيّق.
    بني :
    اسع أن لا تُنكر المقامات الروحانية والعرفانية، ما دمت لست من أهل المقامات المعنوية، فإن من أخطر مكائد الشيطان والنفس الأمارة بالسوء ـ التي
    تصدُّ الإنسان عن بلوغ جميع المدارج الإنسانية والمقامات الروحانية ـ هي دفع الإنسان إلى إنكار السلوك إلى الله والاستهزاء به أحياناً، مما يجرُّ إلى الخصومة والضدّية لهذا الأمر. وبذا فإن جميع الأنبياء العظام ( صلوات الله عليهم ) والأولياء الكرام ( سلام الله عليهم ) والكتب السماوية خصوصاً القرآن الكريم ـ كتاب بناء الإنسان الخالد ـ والتي جاءت لتحقيق هذا الأمر، سيموت أثرها قبل أن يولد.
    القرآن الكريم ـ كتاب معرفة الله ومعرفة طريق السلوك إليه تعالى ـ تحوّل بأيدي الجاهلين من محبّيه إلى سبب جرَّهم والانزواء، فجعلوا يصدرون عنه الآراء المنحرفة ويفسّرونه بالرأي ـ الأمر الذي نهى عنه جميع أئمة الإسلام عليهم السلام ـ وراح كل واحد منهم يتصرف فيه بما تُمليه نفسانيته.
    لقد نزل هذا الكتاب العظيم في بلدٍ وفي محيطٍ كان يمثّل أشدّ حالةٍ من حالات الوقوع في الظلمة، كما نزل بين قومٍ يمثّلون أشدّ الناس تخلّفاً في ذلك العصر، وقد أُنزل على شخصٍ وعلى قلبٍ إلهي لشخص كان يعيش في ذلك المحيط. كذلك فإن القرآن الكريم اشتمل على حقائق ومعارف لم تكن معروفة آنذاك في العالم أجمع فضلاً عن المحيط الذي نزل فيه، وإن من أعظم وأسمى معاجزه هي هذه المسائل العرفانية العظيمة التي لم تكن معروفة لدى فلاسفة اليونان، فقد عجزت كتب أرسطو وأفلاطون ـ أعظم فلاسفة ذاك العصر ـ عن بلوغ معانيها، بل الأشدّ من ذلك أنّ فلاسفة الإسلام الذين ترعرعوا في مهد القرآن الكريم، وانتهلوا منه ما انتهلوا من مختلف المعارف لجأوا إلى تأويل بعض الآيات التي صرّحت بحياة الموجودات في العالم مثلاً، والحال أن عرفاء الإسلام العظام إنما أخذوا ما قالوه منه، فكل شيءٍ أخذوه من الإسلام ومن القرآن الكريم. فالمسائل العرفانية الموجودة في القرآن الكريم ليست موجودة في أيّ كتاب آخر. وإنها لمعجزة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله إذ كان على درجةٍ عالية من المعرفة بالله تعالى بحيث أن الباري جل وعلا يوضح له أسرار الوجود، وكان هو صلى الله عليه وآله بدوره يرى الحقائق بوضوح ودون أي حجاب، وذلك بعروجه
    وارتقائه قمة كمال الإنسانية، وفي ذات الوقت كان حاضراً في جميع أبعاد الإنسانية ومراحل الوجود، فمثّل بذلك أسمى مظهر {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ}(الحديد3) كما سعى إلى رفع جميع الناس للوصول إلى تلك المرتبة، وكان يتحمّل الآلام والمعاناة حينما كان يراهم عاجزين عن بلوغ ذلك، ولعل قوله تعالى {طه، مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى}(طه1ـ2) إشارة خفيّة إلى هذا المعنى، ولعل قوله صلى الله عليه وآله : "ما أوذي نبيَ مثلما أوذيت" ( ورد هذا الحديث الشريف في كتاب كنز العمال ج 11 ح 32161 على الشكل التالي : " ما أوذي احد مثل أوذيت في الله " . يرتبط أيضاً بذات المعنى.
    إن أولئك الذين بلغوا هذا المقام أو ما يماثله، لا يختارون العزلة عن الخلق أو الانزواء، فهم مأمورون بإرشاد وهداية الضالّين إلى هذه التجلّيات ـ وإن كانوا لم يُوفقوا كثيراً في ذلك ـ أما أولئك الذين بلغوا مرتبة ما من بعض هذه المقامات، وغابوا عن أنفسهم بارتشاف جرعةٍ ما، وظلوا بذلك في مقام الصّعق، فإنهم وإن كانوا قد حازوا مرتبة ومقاماً عظيماً، إلا أنهم لم يبلغوا كمال المطلوب. فقد سقط موسى الكليم عليه السلام بحال الصعق نتيجة تجلي الحق، وأفاق بعناية إلهية خاصة، ثم أمر بتحمل أمرٍ ما، وكذا فإن خاتم النبيين، الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله أُمر ـ بعد بلوغه القمة من مرتبة الإنسانية ـ وما لا تبلغه العقول من مظهرية الاسم الجامع الأعظم ـ بهداية الناس بعد أن خاطبه تعالى {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنذِرْ}(المدثر1ـ2).
    ولدي العزيز :
    هدفت مما ذكرته لك ـ رغم إني لا شيٌ، بل أقلُّ حتى من اللاشيء ـ أن ألفت نظرك إلى أنّك إن لم تبلغ مقاماً ما، فعليك أن لا تُنكر المقامات المعنوية والمعارف الإلهية، ولكي تصبح من أولئك الذين يحبّون الصالحين والعارفين، وإن لم يكونوا منهم. وحتى لا تغادر هذه الدنيا وأنت تكنّ بعض العداء لأحباب الله تعالى.
    بني :
    تعرّف إلى القرآن ـ كتاب المعرفة العظيم ـ ولو بمجرد قراءته، واجعل منه طريقاً إلى المحبوب، ولا تتوهمن أن القراءة من غير معرفةٍ لا أثر لها، فهذه وساوس الشيطان، فهذا الكتاب كتابٌ من المحبوب إليك وإلى الجميع ـ وكتاب المحبوب محبوبٌ، وإن كان العاشق المحب لا يدرك معنى ما كُتب فيه ـ وقد جاء إليك هادفاً خلق هذا الأمر لديك "حب المحبوب" الذي يمثل غاية المرام، فلعله يأخذ بيدك.
    واعلم أننا لو أنفقنا أعمارنا بتمامها في سجدة شكرٍ واحدة على أن القرآن كتابنا؛ لما وفّينا هذه النعمة حقها من الشكر.
    بني :
    إن الأدعية والمناجات التي وصلتنا عن الأئمة المعصومين عليهم السلام أعظم دليل يرشد إلى معرفة الله جلّ وعلا، وأسمى وسيلة لسلوك طريق العبودية، وارفع رابطةٍ بين الحق والخلق. كما أنها تشتمل في طيّاتها على مختلف المعارف الإلهية، وتمثّل أيضاً وسيلة ابتكرها أهل الوحي للإنس بالله جلت عظمته، فضلاً عن أنها تمثل نموذجاً لحال أصحاب القلوب وأرباب السلوك. فلا تصدنّك وساوس الغافلين الجاهلين عن التمسك أو الأُنس بها. إننا لو أمضينا أعمارنا بتمامها نقدم الشكر على أن هؤلاء ـ المتحررين من قيود الدنيا والواصلين إلى الحق ـ هم أئمتنا ومرشدونا ؛ لما وفينا هذا الأمر حقه من الشكر.
    بني :
    من الأمور التي أودّ أن أوصيك بها ـ وأنا على شفا الموت، اصعّد الأنفاس
    الأخيرة ـ : أن تحرص ـ ما دمت متمتعاً بنعمة الشباب ـ على دقة اختيار من تعاشرهم وتصاحبهم، فليكن انتخابك للأصحاب من بين أولئك المتحررين من قيود المادة، والمتدينين المهتمّين بالأمور المعنوية، ممن لا تغرهم زخارف الدنيا ولا يتعلقون بها، ولا يسعون في جمع المال وتحقيق الآمال في هذه الدنيا أكثر مما يلزم، أو أكثر من حدّ الكفاية، وممن لا تلوّث الذنوب مجالسهم ومحافلهم، ومن ذوي الخلق الكريم. اسع في ذلك، فإن تأثير المعاشرة على الطرفين من إصلاح وإفساد أمر لاشك في وقوعه. اسع أن تتجنب المجالس التي تُوقع الإنسان في الغفلةِ عن الله، فإن ارتياد مثل هذه المجالس قد يؤدّي إلى سلب الإنسان التوفيق، الأمر الذي يعدّ ـ بحدّ ذاته ـ خسارة لا يمكن جبرانها.
    اعلم أن في الإنسان ـ إن لم نقل في كل موجود ـ حباً فطرياً للكمال المطلق وللوصول إلى الكمال المطلق، وهذا الحب مما يستحيل أن يفارق الإنسان تماماً، كما أن الكمال المطلق محال أن يتكرر أو أن يكون أثنين، فالكمال المطلق هو الحق جلّ وعلا، والجميع يبحثون عنه، وإليه تهفو قلوبهم ولا يعلمون، فهم محجوبون بحجب الظلمة النور. لذا فهم يتوهّمون أنهم يطلبون شيئاً آخر غيره، ولذا تراهم لا يقنعون بتحقيق أيّة مرتبة من الكمال، ولا بالحصول على أيّ جمالٍ أو قدرة أو مكانة. فهم يشعرون أنهم لا يجدون في كل ذلك ضاَّتهم المنشودة، فالمقتدرون ومن يمتلكون القدرة الكبرى، هم في سعيّ دائم للحصول على القدرة الأعلى مهما بلغوا من القدرة، وطلاب العلم يطلبون الدرجة الأعلى من العلم مهما بلغوا منه، وهم يشعرون دوماً أنهم لم يجدوا ضالّتهم، وفي الحقيقة إنهم غافلون عنها.
    ولو أُعطي الساعون إلى القدرة والسلطة، التصرف في جميع العالم المادي من الأرضين والمنظومات الشمسية والمجرات، بل وكل ما هو فوقها، ثم قيل لهم: إن هناك قدرةً فوق هذه القدرة التي تملكونها، أو أن هناك عالماً أو عوالم أخرى فوق هذا العالم، فهل تريدون الوصول إليها ؟ فإنهم من المحال أن لا يتمنون ذلك، بل أنهم من المحتم أن يقولوا بلسان الفطرة : ليتنا بلغنا ذلك أيضاً !. وهكذا طالب العلم، فهو إن ظنّ إن هناك مرتبة أخرى ـ غير ما بلغه ـ فإن فطرته الباحثة عن المطلق ستقول : يا ليت لي هذه القدرة، أو يا ليت سعةً من العلم تشمل تلك المرتبة أيضاً !
    وعليه فإن ما يُطمئِنُ النفس المنفلتة، ويهدّئ من لهيبها، ويحدّ من إلحاحها واستزادتها في الطلب، إنما هو الوصول إليه تعالى، والذكر الحقيقي له جل وعلا ؛ لأن الاستغراق في ذلك فقط، هو الذي يبعث الطمأنينة والهدوء، وكأنّ قوله تعالى {أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(الرعد/28). هو نوع من الإعلان أن : انتبه ! انتبه ! عليك أن تلجأ إلى ذكره حتى تحصل على الطمأنينة لقلبك الحيران الذي يواصل القفز من جانب إلى جانب، والطيران من غصن إلى غصن.
    إذن فما دام الله سيبعث في قلبك الطمأنينة بذكره، فاستمع يا ولدي العزيز لنصيحة أبٍ عانى من الحيرة والقلق، ولا تتعب نفسك بالانتقال من باب إلى باب، للوصول إلى هذا المنصب أو تلك الشهرة أو ما تشتهيه النفس، فأنت مهماً بلغت من مقام، فأنت سوف تتألم وتشتد حسرتك وعذاب روحك لعدم بلوغك ما فوق ذلك، وإن سألتني : لِم لم تعمل أنت بهذه النصيحة ؟ أجبتك بالقول : انظر إلى ما قال، لا إلى من قال غرر الحكم ودرر الكلم لامير المؤمنين ( ع ) الفصل 30 الحديث 11 " انظر إلى ما قال، ولا تنظر إلى من قال ") فما قلته لك صحيح، حتى وإن صدر عن مجنون أو مفتون، يقول تعالى في محكم كتابه العزيز {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}(الحديد22). ثم يتبع ذلك بقوله {لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}(الحديد23). فالإنسان في هذا العالم معرّض لأمور شتى، فهو عرضة أحياناً لأن تنزل به المصائب، كما أنه قد يلاقي إقبالاً من الدنيا، فيبلغ فيها المقام والجاه ويحصل على المال ويحقّق آمانيه وينال القدرة والنعمة، وكلا الحالين ليس بثابت، فلا ينبغي أن تحزنك المصائب والحرمان فتفقدك صبرك، لأنها قد تكون أحياناً في نفعك وصلاحك {وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}(البقرة/216) كما لا ينبغي أن تدفعك الدنيا بإقبالها عليك وتحقيقها ما يُشبع شهواتك إلى أن تتكبر وتختال على عباد الله، فما أكثر ما تعدّه أنت خيراً، وهو شرٌ لك.
    بني:
    إن السبب الرئيس للندم، وأساس ومنشأ جميع ألوان الشقاء والعذاب والمهالك، ورأس جميع الخطايا والذنوب أنما هو "حب الدنيا" الناشئ من "حب النفس" بيد أنه ينبغي القول أن عالم الملك ليس مبغوضاً ولا مذموماً في حد ذاته، فهو تجلي الحق ومقام ربوبيته تعالى، ومهبط ملائكته، ومسجد، ومكان تربية الأنبياء والأولياء عليهم السلام ومحراب عبادة الصلحاء، وموطن تجلي الحق على قلوب عاشقي المحبوب الحقيقي، فإن كان حب "عالم الملك" والتعلق به ناشئ عن حب الله ـ باعتباره محلاً لتجليات الحق جل وعلا ـ فهو أمر محثوث عليه ويستوجب الكمال، أما إذا كان منشؤه حب النفس، فهو رأس الخطايا جميعاً. إذن فالدنيا المذمومة هي في داخلك أنت، والتعلق بغير صاحب القلب وحبه، هو الموجب للسقوط. وفي الوقت نفسه فإن أي قلب لا يمكنه ـفطرياـ أن يتعلق بغير صاحب القلب الحقيقي، وجميع المخالفات لأوامر الله وجميع المعاصي والجرائم والجنايات التي يبتلي بها الإنسان، كلها من "حب النفس" الذي يولّد "حب الدنيا" وزخارفها، وحب المقام والجاه والمال ومختلف الأماني هي التي تجعلنا نميلُ خطأً واشتباهاً نحو غير صاحب القلب، وهي ظلمات فوقها ظلمات.
    نحن وأمثالنا لم نصل الحجب النورانية بعد، ومازلنا أسرى الحجب الظلمانية ! فمن قال : "هب لي كمال الانقطاع إليك، وأنرْ أبصار قلوبنا بضياء نظرها عليك، حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور، فتصل إلى معدن العظمة ( مقطع من المناجاة الشعبانية . )" فقد اخترق الحجب الظلمانية وتعدّاها. أما الشيطان الذي خالف أمر الله ولم يسجد لآدم، فقد رأى نفسه عظيماً، لأنه كان في الحجب الظلمانية و{...أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ }(الأعراف/12). جعلته يُطرد ويُبعد عن ساحة الربوبية ! نحن أيضاً ما زلنا في حجاب النفس والأنانية، فنحن شيطانيون مطرودون من محضر الرحمن، وما أصعب تحطيم هذا الصنم الذي يعدّ " أمّ الأصنام ". فنحن ما دمنا خاضعين له مطيعين لأوامره، فنحن غير خاضعين لله جلّ وعلا، غير طائعين لأوامره ؛ وما لم يُحطّم هذا الصنم ؛ فإن الحجب الظلمانية لن تتمزق ولن تُزال. وحتى يتحقق ذلك، علينا أن نعرف ماهية الحجاب أولاُ، فنحن إذا لم نعرفه، لن نستطيع المبادرة إلى إزالته، أو تضعيف أثره ـ أو في الأقل ـ الحد من تزايد رسوخه وقوته بمرور الوقت.
    روي أن بعض الأصحاب كانوا يجالسون الرسول صلى الله عليه وآله فسُمع صوتٌ مهيب، فسألوا : ما هذا الصوت ؟ فقال صلى الله عليه وآله "إنه صوت حجر كان قد أُلقي إلى جهنم قبل سبعين سنة، وقد بلغ قعرها الآن ( علم اليقين ج 2 المقصد الرابع، الباب 13 الفصل الرابع . )" بعدها علموا أن كافراً كان قد مات حينها عن سبعين سنة من العمر. وإذا صح الحديث فإنّ من سمعوا الصوت لا بد أنهم كانوا من أهل الحال، أو قد يكون الأمر قد تمّ بقدرة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله قاصداً اسماع الغافلين وتنبيه الجاهلين.
    أما إذا يصح الحديث ـ ولا أذكره بالنص ـ فإن الأمر في حقيقته كذلك، فنحن تسير عمراً بكامله باتجاه جهنم، فنحن نمضي العمر بتمامه نؤدي الصلاة ـ التي تعدّ أكبر ذكرى من الله المتعالـ ونحن معرضون عن الحق تعالى، وعن بيته العتيق، متوجهين إلى الذات وإلى بيت النفس. وما أشدّ الألم في ذلك، فالصلاة التي ينبغي أن تكون معراجاً لنا، وتدفعنا نحوه تعالى، وتكون جنّة لقائه تعالى، نؤديها ونحن متوجهون إلى النفس، وإلى منفى جهنم.
    بني:
    لم أقصد من هذه الإشارات إيجاد السبيل لأمثالي وأمثالك لمعرفة الله وعبادته حق العبادة ـ مع أنه قد أُثر عن أعرف الموجودات بحق تعالى، وأعرفها بحق العبادة له جل وعلا، قوله " ما عرفناك حق معرفتك، وما عبدناك حق عبادتك " مرآة العقول، كتاب افيمان والكفر، باب الشكر، رواية عن رسول الله ( ص ) . ) وإنما لأجل أن نفهم عجزنا، وندرك ضالتنا، ونهيل التراب على فرق أنانيتنا، لعلّنا بذلك نكبح جماح هذا الغول، ولعلنا نلجمه بعد ذلك ونروّضه، فنتحرر بعدها من خطر عظيم يكوي ـ مجرد تذكره ـ الروح ويحرقها.
    وعليك أن تنتبه ! فهناك خطرٌ قد يعترض الإنسان في اللحظات الأخيرة من عمره، وهو يهمّ بمغادرة هذا العالم، والانتقال إلى مستقره الأبدي، فإن ذلك قد يجعل المبتلى بحب النفس وما يولّده من حب الدنيا ـ بأبعادها المختلفة ـ يرى وهو في حال الاحتضار ـ وحيث ينكشف للإنسان بعض الأمور فيراها عياناً ـ أن " مأمور الله " جل وعلا سببٌ في فصله عن محبوبه ومعشوقه ! فيرحل عن هذه الدنيا وهو غاضب على الله جل وعلا متنفرٌ منه ! وهذه عاقبة وثمرة حب النفس والدنيا، وقد أشارت إلى ذلك الروايات المختلفة.
    ينقل أحد المتعبدين الثقاة فيقول : "ذهبت لزيارة أحدهم ـ وكان يحتضر ـ فقال وهو على فراش الموت : إن الظلم الذي لحقني من الله تعالى لم يلحق أحداً من العالمين، فهو يريد أن يأخذني من أطفالي الذين صرفت دم القلب في تربيتهم ورعايتهم ! فقمت من عنده ثم أسلم روحه إلى بارئها". لعل هناك بعض التفاوت بين ما نقلته وما سمعته من ذلك العالم المتعبد.
    على أيّة حال فإن صحّ ذلك فهو أمرٌ على درجةٍ خطيرةٍ من الأهمية تدفع الإنسان إلى التفكير بجدّية في أمر خاتمته وعاقبته !.
    أننا لو فكرنا ساعة في أمر موجودات العالم ـ التي نمثل نحن جزءاً منها ـ وأدركنا أن أيّ موجود ليس لديه شيء من نفسه، وإن ما وصله إلى الجميع إنما هي ألطافٌ إلهية ومواهب عارية، وأن ألطاف التي منّ الله تعالى بها علينا ـ سواءاً قبل أن نأتي إلى الدنيا، أو خلال حياتنا فيها، ومنذ الطفولة إلى آخر العمر، أو بعد الموت ـ بواسطة الهداة الذين كُلّفوا بهدايتنا، فلعل بارقة من حبه جل وعلا ستلوح في أفق وجودنا، الأمر الذي حُجبنا عنه، فندرك بعدها مدى ضالتنا وتفاهتنا، فيفتحُ بذلك لنا طريقٌ نحوه جلّ وعلا، وننجو في الأقل من " الكفر الجهوري" ( الكفر أنواع، فقد يكون عن جهل وعدم اهتمام، او تقليداً للاباء والأجداد، وقد يكون عن عناد ولحاجة، فهو ينكر رغم علمه بالأمر وبصحته، ويسمى هذا الكفر الذي سببه العناد واللجاجة والعداء كفراً يهودياً . ) وانكار المعارف الإلهية، ونتمتع عن عدّ المظاهر الرحمانية مقامات لنا، والمفاخرة بها، الأمر الذي سيبقينا أسرى الوقوع في بئر " ويل" ( اسم بئر في جهنم . ) الأنانية والغرور إلى الأبد.
    يروى أن "الله تعالى خاطب أحد أنبيائه، فطلب إليه أن يأتيه بمخلوق أدنى منه، فقال النبي عليه السلام بعد ذلك بسحب رفاة حمار يقصد عرضها على أنها مخلوق أدنى منه، إلا أن ندم فتركها، فلما وصل وحده إلى لقاء الله خاطبه عز وجل بالقول : لو أنك أتيتني بتلك الرفاة، لكنت سقطت عن مقام النبوة " وإني أجهل مدى صحة الحديث، ولكن لعل الأمر بالنسبة لمقام الأولياء، يعدّ سقوطاً حينما يرون الأفضلية لأنفسهم على غيرهم، فتلك أنانية وغرور وإلاّ فلم كان النبي الأكرم صلى الله عليه وآله يأسف ذلك الأسف المرير على المشركين ومن لم يؤمنوا، إلى الحدّ الذي جعل الله تعالى يخاطبه بالقول{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا
    بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}(الكهف6). فهذا ليس سوى أنه عشق جميع عباد الله، فالعشق لله عشقٌ لتجلياته ومظاهر عظمته.
    فهو صلى الله عليه وآله يتألم مما تؤدي إليه حجب الأنانية والغرور الظلمانية في المنحرفين، من دفعهم إلى الشقاء ثم العذاب الأليم في جهنم ـ النتيجة الطبيعية لأعمالهم ـ في حين أنه يريد السعادة للجميع، فهو مبعوث لتحقيق السعادة للجميع، والمشركون المنحرفون ـ عمي القلوب ـ وقفوا بوجهه، ونصبوا له العداء رغم أنه جاء لانقاذهم !.
    أنا وأنت إذا وُفقنا إلى إيجاد بصيص من هذا العشق لتجليات الحق ـ الذي يميّز أولياء الله في أنفسنا ـ وأحببنا الخير للجميع، فقد بلغنا مرتبة من كمال المطلوب.
    اللهم أفضْ على قلوبنا الميّتة من فيض رحمتك، ومن فيض الرحمة المصطفاة الذي بعثته رحمة العالمين.
    أهل المعرفة يعلمون بأن الشدة على الكفار ـ وهي من صفات المؤمنين ـ وقتلهم أيضاً رحمة، ولطف من الألطاف الخفية للحق، فالعذاب ـ الذي هو من أنفسهم ـ يزداد على الكفار مع كل لحظة تمرُّ عليهم، زيادة كمية وكيفية إلى ما لا نهاية له. لذا فإن قتلهم ـ وهم ميؤسٌ من صلاحهم ـ رحمةٌ في صورة غضب، ونعمة في صورة نقمة، علاوة على الرحمة التي ستنال المجتمع بقتلهم، فهم عضوٌ كان يمكن أن يجرّ المجتمع كله إلى الفساد، والقضاء عليهم يشبه إلى حد كبير قطع العضو المعطوب من البدن مخافة أن يؤدي عدم قطعه بالبدن كله إلى التلّف والهلاك. وهذا هو الذي جعل نوحاً يدعو الله { ... رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا، إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا}(نوح26ـ27).
    وهو أيضاً المراد بقوله تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ}(البقرة/193). وعلى هذا وعلى ما سبقه كانت الحدود( الحد في الشرع يطلق على الجزاء البدني الذي يجازى مرتكب بعض المعاصي، وقد حدد الشارع المقدس مقدار هذا الجزاء لكل أمر بمقدار معيّن .) والتعزيرات
    ( التعزيزات في الشرع يطلق على الجزاء الذي أوكل أمر تحديد مقداره للقاضي، فينظر القاضي إلى وضع المجرم ونوع الجرم وظروف ارتكابه، ويحدد مقدار الجزاء بما يتناسب مع ذلك، وقد عين الشارع المقدس الحد الاقصى لهذا الجزاء . ) والقصاص رحمة من أرحم الراحمين بمرتكب الجرم أولاً، وبالمجتمع بأسره ثانياً.
    ولنتخطّ هذه المرحلة.
    بني :
    إذا استطعت ـ بالتفكر والتلقين ـ فاجعل نظرتك إلى جميع الموجودات ـ وخصوصاً البشرـ نظرة رحمة ومحبة. وإلا أليست الموجودات كافة ـ والتي لا حصر لها ـ واقعة تحت رحمة خالق العالمين من جهات عديدة ؟ ثم أليس وجودها وحياتها وجميع بركاتها وآثارها من رحمات الله ومواهبه على الموجودات ؟ وقيل : " كل موجود مرحوم " وإلا فهل يمكن لموجود ممكن الوجود أن يكون له شيءٌ من نفسه ؟ أو أن يستطيع موجود (ممكن الوجود) مثله أن يعطيه شيءٌ ما ؟. عليه فإن الرحمة الرحمانية هي الشاملة للعالم بأسره. ثم أليس الله هو رب العالمين، وتربيته تشمل العالم ؟ أو ليست تربيته مظهراً للرحمة ؟ وهل يمكن أن تكون الرحمة والتربية شاملة العالم دون اقترانها بالعناية والألطاف الإلهية ؟ إذن لم لا يكون من شملته العنايات والألطاف والمحبة الإلهية موضعاً لمحبتنا ؟ وإذا لم يكن هذا الأمر منا، أليس هو نقص فينا ؟ أليس هو ضيق أفق وقصر نظر من قبلنا؟.
    انتبه يا ولدي ! فقد بلغتُ أنا الشيخوخة دون أن أتمكن من علاج هذه النقيصة، أو سواها من النقائص التي لا تحصى، وأنت ما زلت شاباً، ولاشك أنك أقرب إلى رحمة الله وملكوته، فاسع في علاج هذه النقيصة. وفّقك الله ووفقنا والجميع لاختراق هذا الحجاب، والتحلي بما تقتضيه فطرة الله.
    تعرضت فيما سبق إلى جانب من هذا الأمر، ودعني الآن أشير بوضوح إلى ما يساعدك في اختراق هذا الحجاب:
    نحن مفطورون على العشق للكمال المطلق، ومن هذا العشق ـ شئنا أم أبينا ـ ينشأ العشق لمطلق الكمال الذي يمثل آثار الكمال المطلق، والأمر الملازم لفطرتنا هذه هو السعي للخلاص من النقص المطلق، مما يستلزم أن تنطوي أنفسنا على الرغبة في الخلاص من مطلق النقص أيضاً.
    إذن، نحن ـ رغم عدم علمنا وعدم فهمنا ـ عاشقون لله تعالى، لأنه الكمال المطلق. وبذا نحن نعشق آثاره التي هي تجليات الكمال المطلق، وأيّ شخص أو أيّ شيء نكرهه ونبغضه، أو نحاول التخلص منه، فهو : لا كمال مطلق ولا مطلق الكمال ؛ بل : نقص مطلق أو مطلق النقص ـ الأمر الذي يقف في الجهة المقابلة، وعلى النقيض من الأول تماماً ـ ولاشك أن نقيض الكمال هو عدم الكمال، ولأننا محجوبون، فإننا نضلّ في التشخيص، ولو زال الحجاب لاتّضح لنا أن كلّ ما هو منه جلّ وعلا محبوب، وكل ما هو مبغوض من قبلنا ؛ فهو ليس منه تعالى، وهو بالتالي ليس موجوداً.
    واعلم أن هناك تساهلاً في التعبيرات الواردة فيما يخصّ المتقابلات، والموضوع أعلاه ـ رغم موافقته للبرهان المتين وللآراء العرفانية والمعرفة ورغم ما ورد في القرآن الكريم من إرشادات إليه ـ إلا أن التصديق والإيمان به في غاية الصعوبة، ومنكريه في غاية الكثرة، والمؤمنين به قلة نادرة. فحتى أولئك الذين يعتقدون بثبوت هذه الحقيقة عن طريق البرهان لا يؤمن بها منهم إلا قلة قليلة. فالإيمان بأمثال هذه الحقائق لا يُحرز لا بالمجاهدة والتفكر والتلقين.
    وقد يبدو للوهلة الأولى أن هذا الادعاء (بأن بعض الأمور البرهانية يمكن أن لا تكون موضعاً للتصديق والإيمان) عقدةٌ يصعبُ الاقتناع بها، بل لعل البعض قد يقطع بأنه أمر لا أساس له. ولكن ينبغي أن تعلم بأن هذا الأمر أمر وجداني، وقد وردت إشارات إليه في القرآن الكريم، كالآيات الكريمة من سورة التكاثر.
    ولإثباته عن طريق الوجدان، نورد المثال التالي : أنت تعلم بأن الموتى لا تصدر عنهم أية حركة، وأنهم لا يستطيعون إلحاق الأذى بك، وأن الموتى لا يعادلون ذبابةً حيةً واحدة من حيث الأثر والفعالية، كما تدرك أنهم لا يمكن أن يعودوا إلى الحياة في هذا العالم بعد موتهم وقبل يوم النشور، إلا أنك قد لا تمتلك القدرة على النوم وحيداً براحةٍ في المقابر. هذا ليس إلاّ لأن قلبك لم يصدق بما عندك من علم، وأن الإيمان بهذا الأمر لم يتحصّل لديك، في حين أن أولئك الذين يقومون بتغسيل وتكفين الموتى تحصّل لهم الإيمان واليقين بهذا الأمر نتيجة تكرار العمل، فهم يستطيعون الخلوة مع الموتى براحة بال واطمئنان. كذلك فإن الفلاسفة الذين أثبتوا بالبراهين العقلية أن الله حاضرٌ في كل مكان، دون أن يصل قلوبهم ما أثبته عقولهم بالبرهان، ولم تؤمن به قلوبهم، فإن أدب الحضور لن يتحقق لديهم، في حين أن أولئك الذين أيقنوا بحضور الله بقلوبهم، وآمنت قلوبهم بذلك، فإنهم ـ رغم أن لا علاقة لهم بالبراهين ـ فإنهم يتحلّون بأدب الحضور، ويجتنبون كل ما ينافي حضور المولى , فالعلوم المتعارفة إذن ـ وإن كانت علوم فلسفةٍ وتوحيد ـ لكنها تعد في حد ذاتها حجباً، وهي تزيد الحجاب غلظاً وسمكاً كلما زادت، كذلك فإننا نعلم جميعاً ونرى بأن دعوة الأنبياء عليهم السلام والأولياء الخلص لله لا تتخذ الفلسفة والبرهان المتعارف لسان حالٍ لها، بل أنهم يهتمون بأرواح وقلوب الناس، ويسعون في إيصال نتائج البراهين إلى قلوب
    العباد، وبذل الجهد لهدايتهم من داخل الروح والقلب.
    وإن شئت فقل : إن الفلاسفة وأهل البراهين يزيدون الحجب، في حين أن الأنبياء عليهم السلام وأصحاب القلوب يسعون في رفعها، لذا ترى أن من تربّوا على أيدي الأنبياء مؤمنون وعاشقون، في حين أن طلاب علماء الفلسفة أصحاب برهان ـ وقيلٍ وقال، لا شأن لهم بالقلب والروح.
    وليس معنى ما أوردته أن تتجنب الفلسفة والعلوم البرهانية والعقلية، أو أن تشيح بوجهك عن العلوم الاستدلالية، فذها خيانة للعقل والاستدلال والفلسفة، فأنا أقصد القول : بأن الفلسفة والاستدلال وسيلة للوصول إلى الهدف الأصلي، فلا ينبغي ـ والحال كذلك ـ أن تحجبك عن المقصد والمقصود والمحبوب.
    أو فقل : إن العلوم معبرٌ نحو الهدف وليست الهدف بحد ذاتها، فكما أن الدنيا مزرعة الآخرة، فإن العلوم المتعارفة مزرعةٌ للوصول إلى المقصود، تماماُ كما أن العبادات معبرٌ نحو الله جلّ وعلا، فالصلاة ـ وهي أسمى العبادات ـ معراج( روي عن رسول الله ( ص ) قوله : " الصلاة معراج المؤمن " الإعتقادات للمجلسي ص 29 . )
    المؤمن وجميع هذه الأمور منه وإليه تعالى.
    وإن شئت فقل : إن المعروف بجميع أنواعه درجات في سلم الوصول إلى الله تعالى، وجميع المنكرات موانع في طريق الوصول، والعالم بأسره يبحث عنه تعالى، ويحوم كالفراش باحثاً عن جماله الجميل. ويا ليتنا نصحو من نومتنا ونلج أول منزل وهو اليقظة ! ولعله جلّ وعلا يأخذ بأيدينا ـ بألطافه وعناياته الخفيّة ـ فيرشدنا إلى جماله الجميل، ويا ليت أن هذه الفرس الجموح تهدأ قليلاً، فتنزل عن مقام الإنكار، وليت أننا نُلقي بهذا العبء الثقيل من على كواهلنا إلى الأرض، فننطلق مخفّين نحوه تعالى ! وليت أننا نحترق كالفراش حول شمع جماله دون أن نتكلم ! ويا ليتنا نخطو خطوة واحدة بقدم الفطرة ولا نبتعد عن طريقها بهذا القدر، و... و ... وآلاف التمنيات والأمنيات الأخرى التي تزدحم في ذاكرتي، وأنا على شفير الموت في شيخوختي هذه، لكن دون أن تصل يدي إلى مكانٍ ما!.
    وأنت يا بني :
    استفد من شبابك، وعد بذكره ومحبته جل وعلا، إلى العيش وتمضية العمر بالفطرة، فذكر المحبوب لا يتنافى مع الفعالية السياسية والاجتماعية، أو السعي في خدمة شريعته وعباده جل وعلا، بل إنه سيعينك ـ وأنت تسلك الطريق إليه ـ ولكن لتعلم بأن خدع النفس الأمارة بالسوء وشيطان النفس والمحيط كثيرةٌ، فما أكثر ما يبتعد الإنسان عن الله باسم الله واسم الخدمة لخلق الله، ويُساق نحو نفسه وآمالها ؛ لذا كانت مراقبة النفس ومحاسبتها في تشخيص طريق الأنانية عن طريق الله من جملة منازل السالكين، وفّقنا الله وإياكم لبلوغ ذلك.
    وما أكثر ما يخدعنا شيطان النفس ـ نحن الشيّب وأنتم الشبّان ـ بوسائل مختلفة، فهو دائم الجري ورائنا ـ نحن الشيوخ ـ يواجهنا بسلاح اليأس من الحضور وذكر الحاضر فينادي : لقد فاتكم العمر، وتصرّم وقت الإصلاح ومضت أيام الشباب التي كان ممكناً فيها الاستعداد والإصلاح، ولا قدر لكم في أيام ضعف الشيخوخة هذه على الإصلاح، فقد استحكمت جذور شجرة الأهواء والمعاصي في جميع أركان وجودكم وتشعّبت فروعها، فأبعدتكم عن اللياقة بمحضره جل وعلا، وضاع كل شيء ! فما أحرى أن تستفيدوا من هذه الأيام الباقية من أعماركم أقصى ما يمكن من الاستفادة وهكذا.
    وقد يتصرف معنا أحياناً بنفس الطريقة التي يتصرف بها معكم أيها الشبان، فهو يقول لكم: أنتم شبانٌ، ووقت الشباب هذا هو وقت التمتع والحصول على اللذات، فاسعوا الآن بما يساهم في إشباع شهواتكم، ثم توبوا إن شاء الله في أواخر أعماركم فإن باب رحمة الله مفتوح والله أرحم الراحمين، وكلما زادت ذنوبكم، فإن الندم والرغبة في الرجوع إلى الحق سيزداد، وسيكون التوجه إلى الله تعالى أكبر والاتصال به جل وعلا أشد، فما أكثر أولئك الذين تمتعوا في شبابهم، ثم أمضوا آخر أيامهم بالعبادة والذكر والدعاء وزيارة مراقد الأئمة عليهم السلام والتوسل بشفاعتهم، فرحلوا عن هذه الدنيا وهم سعداء ! تماماً هكذا يتصرف معنا نحن الشيوخ، فيأتينا بأمثال هذه الوساوس فيقول لنا : ليس معلوماً أن تموتوا بهذه السرعة، فالفرصة ما زالت موجودة فالتؤجّلوا التوبة إلى آخر العمر، فضلاً عن أن باب شفاعة الرسول صلى الله عليه وآله( الشفاعة من العقائد الإسلامية التي حدثنا عنها القرآن والعترة النبوية، ويشير القرآن إلى ثلاثة أنواع من الشفاعة، الاولى آيات تنفي الشفاعة، والثانية تجعل الشفاعة لله وحده، والثالثة تجعلها لغير الله أيضاً . ولا تناقض بين هذه الآيات، فالشفاعة المستقلة عن الله هي المنفية، والشفاعة لغير الله في الآيات وردت على أساس أن الأصالة في الشفاعة لله، ثم بشرط رضاه وإذنه تعالى، إذن فالشفاعة لغير الله ممكنة، ولكن بإذنه تعالى . ) وأهل بيته مفتوح، وإن أمير المؤمنين عليه السلام( أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( ع ) هو أول أئمة المسلمين، ولد عام 600 للميلاد، أبوه أبو طالب عم الرسول ( ص )، وامه فاطمة بنت أسد، بعد بلوغه عامه السادس تربي في بيت النبي ( ص ) وكان أول رجل آمن برسول الله ( ص ) والوحيد الذي أجاب دعوة الرسول ( ص ) بالنصرة والمؤازرة عندما جمع الرسول ( ص ) أقاربه من الله وعرض عليهم الرسالة، وسألهم عمن يؤازره لنشر الرسالة على أن يكون أخاً له ووصياً من بعده، فلم يجبه إلى ذلك سوى علي أمير المؤمنين ( ع ) . وفي ليلة الخجرة بات في فراش الرسول ( ص ) ليدفع عنه القتل ويفديه بنفسه، وكان الجندي الأول والأشجع بعد رسول الله ( ص ) في جميع غزوات الرسول ( ص ) فقتل جبابرة الكفر والشرك، وعند عودة الرسول ( ص ) من حجة الوداع دعى المسلمين إلى الاجتماع في محلة " غدير خم " بأمر من الله، وقام فيهم خطيباً وحدد لهم خليفته من بعده علي بن ابي طالب قائلاً " من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه .. وادر الحق معه حيثما دار " ثم طلب من المسلمين أن يبايعوه لأمرتهم واحداً ويصافحوه، وكان الصحابة كلهم أول من بايعوه للخلافة وإمرة المؤمنين .
    ولكن بعد وفاة الرسول الأعظم ( ص ) رأى البعض رأيا مخالفاً لله ورسوله، فنحي أمير المؤمنين ( ع ) عن الحكم وزعامة الأمة مدة 25 عاماً، مارس خلالها مهمة الدعم والإشراف الخلفي،وبعد مقتل الخليفة الثالث بايعه الصحابة والناس للخلافة التي استمرت مدة اربعة سنوات وتسعة اشهر، اعاد جميع الأمور التي غيّرت بعد الرسول ( ص ) إلى نصابها، لكن أولئك الذين رأوا مصالحهم الشخصية قد تعرضت للخطر بحكومته ( ع ) رفعوا راية الحرب ضده، واتهموه بالاشتراك بقتل الخليفة الثالث، فشنوا ثلاثة حروب دموية ضده، غطت مدة حكمه، إلى ان قتلوه فجر ليلة القدر وهو ساجد في المحراب يصلي في مسجد الكوفة .
    الحديث عن شخصية أمير المؤمنين علي ( ع ) أمر صعب جداً، فهو لم يتوانى للحطة عن الجهاد والتضحية في سبيل الله ولإعلاء دينه، وعاش في بيت طيني بسيط ليربي شخصيات عظيمة من أمثال الحسن والحسين ( عليهما السلام ) وليترك وأولاده أثراً عميقاً في التاريخ الإسلامي والبشري، ولينيروا ظلمات التاريخ البشري . ) لن يتخلى عن محبيه ويتركهم يتعذبون، فسوف ترونه عند الموت، وسوف يأخذ بأيديكم. وأمثال هذه الوساوس الكثيرة التي يلقي بها في سمع الإنسان.
    بني :
    أتحدث إليك الآن لأنك مازلت شاباً، عليك أن تنتبه إلى أن التوبة أسهل على الشبان، كما إن إصلاح النفس وتربيتها يتم بسرعة أكبر لدى الشبان، في حين أن الأهواء النفسانية والسعي للجاه وحب المال والغرور أكثر وأشدّ بكثير لدى الشيوخ منه لدى الشبان. أرواح الشبان رقيقة شفافة سهلة القياد، وليس لدى الشبان من حب النفس وحب الدنيا بقدر ما لدى الشيوخ. فالشاب يستطيع بسهولة ـ نسبياً ـ أن يتخلص من شر النفس الأمارة بالسوء، ويتوجّه نحو المعنويات. وفي جلسات الوعظ والتربية الأخلاقية يتأثر الشبان بدرجة كبيرة لا تحصل لدى الشيوخ. فلينتبه الشبان، وليحذروا من الوقوع تحت تأثير الوساوس النفسانيّة والشيطانية، فالموت قريب من الشبان والشيوخ على حدٍّ سواء، وأيّ من الشبان يستطيع الاطمئنان إلى أنه سيبلغ مرحلة الشيخوخة ؟ وأيّ إنسان مصونٌ من حوادث الدهر ؟ بل قد يكون الشبان أكثر تعرضاً لحوادث الدهر من غيرهم.
    بني :
    لا تضيع الفرصة من يديك، واسع لإصلاح نفسك في مرحلة الشباب.
    على الشيوخ أيضاً أن يعلموا أنهم ما داموا في هذا العالم، فإنهم يستطيعون جبران ما خسروا وما ضيّعوا، وأن يكفّروا عن معاصيهم، فإن الأمر سيخرج من أيديهم بمجرد انتقالهم من هذا العالم، والتعويل على شفاعة أولياء الله عليهم السلام، والتجرؤ في ارتكاب المعاصي من الخدع الشيطانية الكبرى. وتأمل أنت ـ يا من تعوّل على شفاعتهم غافلاً عن الله ومتجرأ على المعاصي ـ تأمل في سيرتهم، وانظر في أنينهم وبكائهم ودعائهم وتحرقهم وذوبانهم أمام الله، واعتبر من ذلك.
    يروى أن الصادق عليه السلام جمع أهل بيته في أواخر عمره وقال لهم : "إنكم ستردون على الله بأعمالكم، فلا تظنوا أن قرابتكم لي ستنفعكم يوم القيامة"( هو الإمام جعفر بن محمد الصادق ( ع ) سادس أئمة المسلمين ( 83 ـ 148 هـ ) كان له دور أساسي في احياء المعارف الإسلامية الاصيلة، فأسس جامعات اسلامية متعددة، ودرّس وأعد الطاقات المؤمنة، والعلماء الكثيرين حتى قيل أن مجلسه كان يربو على 4000 طالب كلهم يقول حدثني أبو عبدالله جعفر بن محمد . حتى نسب مذهب الشيعة الذي أسسه رسول الله ( ص ) إلى الإمام الصادق ( ع ) فسمي بالمذهب الجعفري). وإن كان هناك احتمال بأن تنالهم الشفاعة لأن الارتباط المعنوي حاصل بينهم وبين الشافع لهم، فالرابطة الإلهية بينهم تجعلهم مؤهلين أكثر من غيرهم لنيل الشفاعة، وإن لم يحصل هذا الأمر لهم في هذا العالم، فلعله يحصل لهم بعد تنقيات وتزكيات وأنواع من العذاب البرزخي أو الجهنمي، حتى يصبحون بعده لائقين للشفاعة، والله العالم بحدود ما سيصيبهم.
    فضلاً عن هذا فإن الآيات التي وردت في القرآن الكريم حول الشفاعة لا تبعث ـ بعد التأمل فيها ـ الاطمئنان في الإنسان، قال تعالى {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ}(البقرة/255). وقال {وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنْ ارْتَضَى}(الأنبياء28). وأمثال ذلك من الآيات التي تثبت موضوع الشفاعة، ولكنها في الوقت نفسه لا تبعث الاطمئنان لدى الإنسان ولا تسمح له بالاغترار بها، لأنها لم توضح من هم أولئك الذين ستكون الشفاعة من نصيبهم، أو ما هي شروطها، ومتى تكون شاملة لهم.
    نحن نأمل بالشفاعة، ولكن ينبغي أن يدفعنا هذا الأمل نحو طاعة الحق تعالى لا نحو معصيته.
    بني:
    احرص على أن لا تغادر هذا العالم بحقوق الناس( حق الناس هو الواجب الذي فرضه الله تعالى على كل مكلف ليقوم به الااخرين كحفظ كرامة المسلمين وشرفهم وأموالهم وأرواحهم، فحرم عليه استغابتهم واتهامهم وسرقتهم . ) فما أصعب ذلك وما أقساه. واعلم أن التعامل مع أرحم الراحمين أسهل بكثير من التعامل مع الناس. نعوذ بالله تعالى أنا وأنت وجميع المؤمنين من التورط في الاعتداء على حقوق الآخرين، أو التعالم مع الناس المتورطين.
    ولا أقصد من هذا دفعك للتساهل بحقوق الله ( حق الله هو الواجب الذي فرضه الله على كل مكلف، لكنه لا يعود على الاخرين كالصلاة والصيام والحج . ) والتجرؤ على معاصيه، فلو أننا أخذنا بنظر الاعتبار ما يستفاد من ظاهر بعض الآيات الكريمة، فإن البلية ستزداد باطراد، ونجاة أهل المعصية بالشفاعة يتم بعد المرور بمراحل طويلة ومعقدة. فتجسم الأخلاق والأعمال، وما يستتبع ذلك من ملازمتها للإنسان إلى ما بعد الموت وإلى القيامة الكبرى، ثم إلى ما بعدها حتى الوصول إلى التنزيه وقطع الروابط بنزول الشدائد والعذاب بمختلف أشكاله في البرازخ وفي جهنم، وعدم التمكن من الارتباط بالشفيع، والاشتمال بالشفاعة. كلها أمور يؤدي التفكير فيها إلى إثقال كاهل الإنسان، ويدفع المؤمنين نحو الجدية في الإصلاح، ولا يمكن لأي شخص أن يدعي أنه يقطع بخلاف هذه الاحتمالات، إلا إذا كان شيطان نفسه قد تسلط عليه بدرجة عالية، حتى راح يتلاعب به، ويصده عن طريق الحق، فيجعله منكراً لا يفرق بين الضوء والظلام، وأمثال هؤلاء من عمي القلوب كثير. حفظنا الله من شرور أنفسنا.
    وصيتي إليك يا بني أن لا تدع الفرصة تضيع من يديك ـ لا سمح الله ـ وأن تسعى في إصلاح أخلاقك وتصرفاتك، إما بتحمل المشقة والترويض، وإما بالحد من تعلقك بالدنيا الفانية، وتختار طريق الحق أينما اعترضك مفترق للطرق، وأن تجتنب طريق الباطل، وتطرد شيطان النفس عنك.
    كذلك فإن من الأمور الهامة التي ينبغي أن أوصي بها : الحرص على إعانة عباد الله، خصوصاً المحرومين والمستضعفين المظلومين، الذين لا ملاذ لهم في المجتمعات، فابذل ما في وسعك في خدمتهم، فذلك خير زاد، وهو من أفضل الأعمال لدى الله تعالى، ومن أفضل الخدمات التي تقدم للإسلام العظيم. اسع في خدمة المظلومين، وفي حمايتهم في مقابل المستكبرين الظلمة.
    واعلم أن المشاركة في أمور السياسة والاجتماع الصحيحة، هي إحدى الوظائف الهامة في عهد الحكومة الإسلامية، كذلك فإن مساعدة المسؤولين والمتصدين لإدارة أمور الجمهورية الإسلامية ودعمهم مسؤولية إسلامية وإنسانية ووطنية. أملي أن لا يغفل الشعب المجيد والواعي عن هذه المسؤولية، وعليهم أن يواصلوا ـ وكما هو شأنهم حتى الآن، إذ كانوا حاضرين في الساحة دوماً، حتى أن الحكومة الإسلامية والجمهورية ما استطاعت الاستقرار والبقاء إلاّ بدعمهم ـ عليهم أن يواصلوا دورهم هذا في المستقبل أيضاً، وإني مفعم بالأمل أن يواصل الجيل الحاضر والأجيال القادمة وقوفهم بوفاء مع الجمهورية الإسلامية ودعمها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، ليكونوا سبباً في ديمومتها واستقرارها.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    401

    افتراضي

    وعلينا جميعاً أن نعلم بأننا ما دمنا على عهدنا مع الله تعالى، فإنه معنا، وكما ساعدنا سبحانه وتعالى إلى الآن بالقضاء على مؤامرات المجرمين في الداخل والخارج وبشكل اعجازي، فإنه سيقضي عليها مستقبلاً أيضاً بتأييداته إن شاء الله تعالى.
    والأمل أن يكون أبناء جيشنا وحراس ثورتنا( قوات حرس الثورة الإسلامية هي مؤسسة عسكرية تعمل تحت إمرة سماحة القائد، وتصون الثورة الإسلامية ومكتسباتها، وتسعى على الدوام إلى تحقيق الاهداف الإلهية، وبسط حكم الله وتقوية البنية الدفاعية للجمهورية الإسلامية بالتعاون مع سائر القوى المسلحة، وتدريب وإعداد وتنظيم القوات الشعبية،وهي بالتالي المسؤولة عن حفظ الامن القومي للجمهورية الإسلامية . ) وأبناء قوات التعبئة الشعبية( التعبئة هي قوات عسكرية شعبية تتشكل من المتطوعين الذين اندفعوا إلى جبهات القتال بعد بدء العدوان العراقي على الجمهورية الإسلامية يوم 22/9/1980م وعجز الجيش عن وقف العدوان، فقامت قوات حرس الثورة الإسلامية بتنظيم صفوفها، ومن ثم بإستيعاب القوات الشعبية وتدريبها وحشدها على الجبهات . وسميت هذه القوات ب " التعبئة " ويسمى واحدها ( تعبوي ) وهم من أغرار صغار إلى شيوخ هرمين، دستور الجمهورية الإسلامية في إيران كلّف الحكومة تأمين الإمكانات لتدريب جميع أبناء الشعب في هذه القوات إلى جانب الجيش وحرس الثورة، وذلك طبقاً لموازين الإسلام والنظام الإسلامي، ويسعى أبناء الشعب من خلال التحاقهم بهذه القوات أن ينفذوا مقولة الإمام الخميني بتشكيل جيش العشرين مليوناً . ) وسائر القوات العسكرية والأمنية، وجماهير شعبنا قد تذوقوا حلاوة الاستقلال والخروج من أسر القوى الدولية الكبرى الناهبة آمل أن يرجحوا تحررهم من أسر الأجانب على أي شيء وعلى أية حياة مرفهة، وأن لا يقبلوا بتحمل عبء عار الارتباط بالقوى الشيطانية على كواهلهم. وأن يقبلوا بالموت المشرّف برجولة واختيار في سبيل الأهداف السامية وفي سبيل الله. إذا أريدت لهم الحياة بذلة، وأن يختاروا السير على طريق الأنبياء العظام وأولياء الله عليهم السلام وادعوا الله خاضعاً معرباً عن عجزي، أن يزيد من وعي وحبّ والتئام صفوف الرجال والنساء والأطفال والشيوخ من أبناء شعبنا العزيز، وأن يفيض عليهم برحمته، فيقفوا بثبات في طريق الله، وأن ينشروا الإسلام العزيز وأحكامه النورانية في مختلف أنحاء العالم.
    بني:
    لا يفوتني أن أكتب لك بضع جملات حول الأمور الشخصية لأختتم بها حديثي المطنب هذا: أشدّ ما أود أن أوصيك به ولدي العزيز، هو الاهتمام بوالدتك الوفيّة.
    إن الحقوق الكثيرة للأمهات، أكثر من أن تُحصى، أو أن يؤدي حقها من الشكر، فليلة واحدة تسهرها الأم مع وليدها تفوق سنوات من عمر الأب المتدين، فتجسّد العطف والرحمة في عيونها النورانية بارقة من رحمة وعطف رب العالمين، فالله تبارك وتعالى قد أشبع قلوب وأرواح الأمهات بنور رحمة ربوبيته بشكل يعجز عن وصفه الواصفون، ويعجز عن إدراكه سوى الأمهات، وإن رحمة الباري هي التي تجعلهن يقفن ويتحملن بثبات عجيب إزاء المتاعب والآلام منذ استقرار النطف في الأرحام، وطوال فترة الحمل، وحتى ساعة الولادة. ثم منذ عهد لطفولة، وحتى آخر العمر، وهي المتاعب والآلام التي يعجز الآباء عن تحملها ليلة واحدة.
    فالتعبير الرقيق الوارد في الحديث الشريف " الجنة تحت أقدام الأمهات "(حديث شريف مروي عن الرسول ( ص ) في كتاب كنز المال خ 45439 . ) حقيقة تشير إلى عظم دور الأم، وتنبه الأبناء إلى أن السعادة والجنة تحت أقدام الأمهات، فعليهم أن يبحثوا عن التراب المبارك لأقدامهن، ويعلموا أن حرمتهن تقارب حرمة الله تعالى، وأن رضا الباري جلت عظمته إنما هو في رضاهن.
    إن الأمهات ـ رغم أنهن جميعاً مثال لذلك ـ إلا أن بعضهن يتمتعن بخصائص أخرى تميزهن عن الأخريات ؛ وقد أدركت على مدى عمري، ومن الذكريات التي أحملها عن والدتك المحترمة، وعن الليالي التي كانت تقضيها مع أطفالها ـ بل وحتى الأيام ـ أنها تحمل مثل هذه المزايا، لذا فإني أوصيكم يا ولدي ـ أنت وبقية أبنائي ـ أن تجهدوا بعد وفاتي في خدمتها، وتحرصوا على راحتها ونيل رضاها، وكما أراها راضية عنكم في حياتي. بل أن تبذلوا مساعيكم أكثر في خدمتها بعد وفاتي.
    وأوصيك يا ولدي أحمد : أن تحرص على معاملة أرحامك وأقربائك وخصوصاً أخواتك وأبناء أخوانك بالعطف والمحبة والصفاء والسلام والإيثار، وبمراعاة السلوك الحسن. كما أوصي جميع أبنائي أن يكونوا قلباً واحداً، وأن يتحركوا نحو هدفٍ واحدٍ، وأن يتعاملوا مع بعضهم بالمحبة والعطف، وأن يسعوا جميعاً للعمل في سبيل الله، وفي خدمة عباده المحرومين، لأن في ذلك خير وعافية الدنيا والآخرة.
    وأوصي نور عيني ( حسين ) أن لا يغفل عن الانكباب على تحصيل العلوم الشرعية.
    وأن لا يبدد ما أنعم الله عليه من الاستعداد واللياقة سُدى، وأن يعامل والدته وأخته بمنتهى العطف والصفاء، وأن يستصغر الدنيا، ويسلك في شبابه طريق العبودية المستقيم.
    وآخر وصيتي إلى أحمد : أن يُحسن تربية أبنائه، وأن يعرفهم ـ منذ نعومة أظفارهم ـ على الإسلام العزيز، وأن يرعى أمهم العطوفة، ويحرص على خدمة جميع أفراد العائلة والأقارب.
    وسلام الله على جميع الصالحين.
    وأستميح جميع أقاربي عذراً ـ وبالأخص أبنائي ـ وأرجوهم أن يعفوا عني إن كنت قصّرت معهم، أو ظهر مني قصور ما، أو إن كنت ظلمتهم، وأن يدعوا الله أن يغفر لي ويرحمني أنه أرحم الراحمين.
    وأدعوا الله متضرعاً إليه أن يوفق أرحامي وأقربائي إلى طريق السعادة والاستقامة، وأن يشملهم برحمته الواسعة، وأن يُعزّ الإسلام والمسلمين، ويقطع أيدي المستكبرين والقوى الظالمة، ويكفها عن الظلم.
    والسلام والصلاة على رسول الله، خاتم النبيين وعلى آله المعصومين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

    [align=left]الأربعاء 28/4/1982ـ 4 رجب 1402 هـ ق

    روح الله الموسوي الخميني
    14/11/1983[/align]

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    401

    افتراضي

    [align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

    الحمد لله على آلائه، والصلاة والسلام على أنبيائه و أوليائه لا سيّما النبي الخاتم حبيب الله صلى الله عليه وآله وسلم سيما غائبهم وقائمهم أرواحنا له الفداء.
    إني لم أكن أرغب أبداً في التحدث عن أقربائي أو الدفاع عنهم، لكني رغم أني مقصر و مذنب تجاه الحضرة المقدسة للبارئ جل وعلا، وآمل منه تبارك وتعالى العفو وأسأله المغفرة، وكل رأس مالي هو الاعتراف بالتقصير والاعتذار إليه.
    واعترف للمسلمين وللشعب العزيز بالقصور والتقصير، وآمل منهم العفو، وأسألهم المغفرة، فان بعض الجهات والأشخاص يعدّون أن لي ذنوباً لا تغفر، واحتمل بقوة انهم من بعدي سيسعون للانتقام مني باتهام بعض المقربين بتهم أعلم بطلانها، ويحرقونهم بالنار التي كانوا أعدّوها لإحراقي، وقد يتظاهرون أحيانا بالدفاع عني، ولأخذ ثأري من أولئك.
    والآن وحيث أني ما زلت حيا، فإن كلاماً وهمساً يطرق مسامعي مما يزيد من الاحتمال الذي ذكرته آنفا.
    لهذا فإني أحسست بالواجب الشرعي أن أتصدى لرفع الظلم والاتهام، وأن أبيّن للشعب العزيز رأيي لئلا أكون مقصراً في هذا المجال. وأحد أولئك الذين احتمل بشدة أن يسلطوا انتقامهم مني عليه هو ابني أحمد الخميني، إني أشهد أمام البارئ تعالى أني لم أر منه عملاً أو قولاً مخالفاً لمسيرة الثورة الإسلامية في إيران منذ بدء الثورة وحتى الآن، بل وحتى قبل الثورة ومنذ أن بدأ مزاولة العمل السياسي، وفي جميع مراحل الثورة قدّم الدعم، وفي مرحلة الانتصار المبارك للثورة كان عوناً لي ومساعداً في أعمالي، ولم يكن يؤدي أي عمل يخالف رأيي، ولم يكن يتصرف أو يتدخل في الأمور المتعلقة بي من بيانات وتوجيهات دون أن يراجعني، وحتى في ألفاظ البيانات لم يكن يتدخل فيها دون المراجعة، وإذا كان له رأي في أمر ما فإنه كان يلفت نظري، وكانت آراؤه تلك صادقة ولا تخالف مسيرة الثورة والمصلحة، وعندما كنت لا آخذ برأيه، فإنه لم يكن يخالف كلامي، وعندما كنت أرى كلامه صحيحا كنت آخذ به، وآمل أن أتقبل الكلام الصحيح من أي كان.
    وأما بالنسبة لما ينسبه بعض المخالفين في المجال المالي عليّ أن أقول أنه لم يكن له تدخل في شؤوني المالية، وحفظ بيت المال وضبطه يتولاه بعض السادة الموثوقين. وإذا اقترح أحيانا إعطاء أحد ما حقوقاً (شرعية) فإني كنت أدفعها دون واسطة أو بواسطة السادة المذكورين. وإني أعلن أنه ليس لأحمد في أي بنك داخلي أو خارجي أو أي مؤسسة أي سهم أو مبلغ، وأنه لا يملك في أي مكان ما في الخارج أو الداخل أي أرض زراعية كانت أو غير ذلك، ولا يملك أي مبنى أو ما شابه ذلك.
    وإذا تبين من بعدي أنه يملك أيا من ذلك في الداخل أو الخارج، فأنه على الحكومة آنذاك أن تصادرها منه بإجازة فقيه ذلك الزمان، وأن تحاكمه. والمؤمل هو أن يراعي مسؤولو الجمهورية الإسلامية دوما الضوابط، وأن يحترزوا من العلاقات.
    ومن الأمور التي يحسن، بل يجب ذكرها أن أحد التهم التي اتهموه بها أنه سرق المتحف العباسي *(إشارة إلى سرقة وقعت عام 1980 م في لمتحف العباسي، حيث سرقت منه مجموعة من ذهب العصر الحاخامنشي، ولكن بهمة المسئولين والشرطة تم ضبط جميع هذه المجوهرات وإعادتها إلى المتحف) ونقله إلى باريس، وقد صرف المخالفون وقتهم لترويج هذه التهمة، ثم تبين فيما بعد بطلان ذلك. أو أنه اشترى أراض في نواحي الشمال. تلك التهم التي قصدوا منها معارضتي بالانتقام منه.
    وفي الشؤون السياسية روّجت لمدة من الزمن تهم من أن أحمد يؤيدالمنافقين*(المنافقون هم أعضاء ومناصرو "منظمة مجاهدي الشعب" التي تأسست عام 1965 م بهدف مواجهة النظام الملكي، ولكنها بسبب جهل قادتها للثقافة الإسلامية انحرفوا نحو عقيدة مستوردة، مما دفعهم بعد انتصار الثورة الإسلامية إلى مواجهة الثورة والوقوف في صف أعدائها الغربيين، فقتلوا جمعاً كبيراً من المسئولين المخلصين والعلماء المجاهدين والشبان الثوريين، وفجروا عشرات المتفجرات واحرقوا البيوت وحافلات النقل العامة المملوءة بالركاب العزّل، ولم يدخروا وسعاً في إسقاط النظام الإسلامي، وبعد انفضاح أمرهم لعامة الناس، تم اجتثاثهم في الداخل، وهرب آخرون إلى الدول الغربية رغم ادعاءاتهم السابقة بمحاربة الإمبريالية، وهاهم اليوم يقضون آخر أيامهم في أحضان النظام العراقي وإسرائيل المجرمة، فوقفوا إلى جانب المعتدى العراقي إبان الحرب حتى آخر أيامها، بسبب أعمالهم الإرهابية ونفاقهم سماهم أبناء الشعب بـ"المنافقون")، لكني طوال زمان الثورة كنت أرى معارضته لأولئك بنحو لم يكن الآخرون يعارضون أولئك بتلك الشدة والحزم.
    وأخيراً عندما حصلت مسألة سجن إيفين، وأتت الشكاوى ضد السيد لاجوردي *(المسئول الحالي لمنظمة السجون الإيرانية)، وعارضه البعض، لم أر أحداً يدافع عن السيد لاجوردي، ويقف إلى جانبه كدفاع أحمد عنه ووقوفه إلى جانبه. حيث كان يعتبر وجوده في (رئاسة) السجن ضرورة، ويعتبر تنحيته فاجعة.
    أو قضية وقوفه إلى جانب بني صدر *(هو أول رئيس جمهورية إسلامية، خان ثقة الشعب به ووقف إلى جانب أعداء الثورة، بل تزعم حركتهم، وبعد عزله عام 1982 م فر من البلاد ولجأ إلى فرنسا) فإنه ما دام كان يراني ـبدافع من المصلحةـ داعماً لبني صدر، فإنه كان يدعمه في بعض الأحيان أيضاً، وعندما أزحت الستار وعزلته (بني صدر) فإنه (السيد أحمد) لم يقف إلى جانبه حتى لمرة واحدة، بل كان يعارضه بشدة.
    أو قضية الخط الثالث *(في الأعوام الأولى لانتصار الثورة الإسلامية انضوى معظم الأشخاص المجاهدون والمعتقدون بالقيم الإسلامية الثورية في تنظيم اسمه " الحزب الجمهوري الإسلامي " ووقفوا من خلال هذا التنظيم بوجه جميع الأحزاب والتنظيمات المعارضة، لكن شخصيات ملتزمة وبارزة رغم اعتقادهم بمواجهة أعداء الثورة والجماعات المعارضة كانوا يحملون آراء تختلف مع آراء ذلك الحزب، فأوجدوا تنظيماً جديداً، سمي فيما بعد بالخط الثالث) التي تناقلتها المجالس لمدة ما، واتهموه تهماً باطلة، وأمرته حينها بالسكوت، فإنه لم يخرج عن خط الثورة والإسلام في أي وقت من الأوقات.
    وأخيراً إذا أرادت جماعات ما أن تنتقم منّي بعد وفاتي بأن يقفوا بوجهه، فإني (بكلامي هذا) أكون قد أديت ديني نحوه كفرد مسلم، وكأحد أرحامي. والله تبارك وتعالى حاضر وناظر. وآمل أن يتكل أحمد على الله تبارك وتعالى , وأن لا يخشى غيره أحداً، وأن لا يتزلزل أو يتردد في خدمة الخالق والخلق بسبب التهم التي توجّه إليه، أو ما يلقاه من معارضة، وأن يرجو في ذلك رضا الله تعالى في ما يقدمه من خدمات، وأن لا يخطو أية خطوة في طلب أي منصب.
    وحيث أني اعتقد أنه مفيد للثورة، فإني آمل أن يجدّ إلى جانب الأوفياء للثورة والملتزمين في طريق الإسلام والهادفين لتقديم الخدمات. وأن يبذل قصارى جهده إلى جانب اخوة الثورة والإيمان، وأن لا يتضايق من تقديم أي خدمة، وأن لا يرجو جزاءً من أي مخلوق، وأن يستمر في تقديم الخدمات ـ من أجل الدولة الإسلامية والأهداف الإلهية ـ بإخلاص وطلباً لرضى الخالق جل وعلا. وأن يخدم المحتاجين والمستضعفين أكثر من غيرهم، فإن الله تعالى أوصى بهم، وأن يدعو الآخرين لتقديم الخدمات، وأن لا تثنيه أية مشكلة تواجهه في طريق خدمة الهدف ـ الذي هو الإسلام ـ ولا أية مشاكسة عن السعي في سبيل الله. وإذا دعي لأي خدمة يراها مفيدة أن يجيب تلك الدعوة، وليطلب رضا الله بخدمة خلقه.
    أما بالنسبة لعلماء الدين حيث يتّهم أحمد أحياناً (أنه يعارضهم) فإني أعلم أنه مؤيد جدّي لعلماء الدين، فإنه ليس هناك من مسلم يعارض العلماء بشكل أساسي ولكن أن يؤيد تأييداً مطلقاً دون قيد أو شرط، ويؤيد أي كان ومهما كان عمله وأخلاقه، ممن تلبس بلبوس العلماء أياً كان وإن كان عمله مخالفاً لسيرة الإسلام، فإن تأييد مثل أولئك أو غض الطرف عنهم أمر غير منتظر منه ومن أي طالب علم ملتزم و مسلم معتقد بالقيم الإسلامية، بل يجب ألا يكون ذلك. وإني قد قلت من قبل أن المتلبس بلباس العلماء، الذي لا يكون مهذباً، ويسير في غير خط الإسلام، فإنه أخطر على الإسلام والجمهورية الإسلامية من السافاكي.
    على أي حال فإن أحمد في هذا المجال يتبع خط الإسلام وخط العلماء الملتزمين، وآمل إن شاء الله تعالى أن يثبت في هذا الخط المستقيم الذي هو صراط الله.
    أسأل الله تعالى الديمومة للجمهورية الإسلامية، والعزة للمسلمين في العالم ـ وخاصة الشعب الإيراني الشريف ـ والالتزام والثبات للمسئولين، والقدرة والشوكة للمقاتلين الشجعان، والحضور في الساحة للشعب الإيراني العظيم.

    [align=left]والسلام على عباد الله الصالحين
    الأحد 14/11/1982 م ـ 27 محرم1403 هـ [/align]


    [align=center]روح الله الموسوي الخميني غفر الله له
    حضرة السيد حميد الأنصاري[/align]

    كنت قد قلت للإمام مراراً أن الدفاع عني ليس من خصالك، ورأينا أن الأمر كان كذلك، عدا رسالة أشار فيها إلى هذا المعنى، وأعتقد أن هذا الدفاع لا يتلاءم مع أسلوب سماحته، لكن بما أنه كان يرى مظلوميتي، اضطر لكتابة هذه الرسالة بدافع من دفاعه عن المظلوم، لذا لا داعي لدرج هذه الرسالة، ودعهم يقولوا عني ما يقولون، فالله أعلم بأعمال الإنسان.

    [align=left]أحمد الخميني
    22/2/1995م
    17/7/1984م[/align]

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    401

    افتراضي

    [align=center]بسم الله الرحمن الرحيم [/align]

    رسالة من والد هرم متداع، أفنى عمره بحفنة من الألفاظ والمفاهيم، وضيع حياته في قمقم أنانيته، وهو الآن يعد أنفاسه الأخيرة نادماً على ماضيه. إلى ولده الشاب، المتاحة أمامه فرصة للتفكير ـ كعباد الله الصالحين ـ بتحرير نفسه من قيود التعلق بالدنيا التي ينصبها إبليس الخبيث فخاً له.
    بنيّ:
    ما أسرع كرّ الدنيا وفرّها وإقبالها وإدبارها، ثم نسحق جميعاً تحت عجلات الزمن.
    بني:
    لقد أدركت من تتبّعي ومطالعاتي في أحوال مختلف الشرائح البشرية أن الآلام النفسية والروحية التي يعاني منها أفراد الشريحة المتنفّذة الموسرة، وما يخلّفه ضياع الآمال والأماني الكثيرة فيهم أشدّ أثراً وأكثر تقريحاً للفؤاد من الآلام التي تعاني منها سائر الشرائح.
    وفي هذا العصر الذي نعيش ـ والذي يرزح فيه العالم تحت سطوة القوتين الكبيرتين ـ لا يعدّ العذاب والألم الذي تعاني منه الطبقات والشرائح المتوسطة، لا، بل حتى الفقيرة منها شيئاً يذكر قياساً بما يعانيه رؤساء تلك الدول الكبرى، وما تتجرعه كل واحدة منهما من الأخرى من ألوان القلق المضني 0 فالتنافس بينهما ليس تنافساً متزناً معقولاً، بل تنافس مقضّ مهلك يقصم ظهر كل منهما، وكأن كلاً منهما يقف في مواجهة ذئب مفترس يترصد به فاغراً فمه ومكشراً عن أنيابه يتحيّن فرصة لافتراسه.
    إن عذاب التنافس هذا يقض مضاجع الناس جميعا بمختلف فئاتهم، بدءاً من المتنفذين الموسرين، ونزولاً إلى سائر الطبقات، إلا أنه يزداد شدةً وتأثيراً كلما زاد الثراء والقدرة ـ وبنفس النسبة ـ وليس من سبيل إلى نجاة البشرية وتحقيق الاطمئنان في القلوب والتحرّر من الدنيا، وأنواع التعلق بها سوى المداومة على ذكر الله تعالى (إشارة إلى الآية 28 من سورة الرعد).
    إن أولئك الساعين إلى تحقيق التفوق بأي ثمن سواء أكان سعيهم ذاك في العلوم ـحتى الإلهية منها ـ أو في القدرة والشهرة والثروة، إنما يسعون في زيادة آلامهم. في حين أن المتحررين من القيود المادّية، ممن حفظوا أنفسهم ـ نوعاً ما ـ من الوقوع في شرك إبليس، يحبرون في جنة وسعادة ورحمة حتى في عالمنا الدنيوي هذا.
    في عهد رضا خان البهلوي (رضا خان هو والد الملك محمد رضا بهلوي، تولى الحكم إثر مؤامرة دبرتها بريطانيا عام 1920 م وعين نفسه ملكاً عام 1925 م أول أعماله بعد تولي الحكم منع تدريس القرآن والعلوم الإسلامية و إقامة صلاة الجماعة في المدارس، ومنع إقامة المراسم الدينية و مراسم العزاء الحسيني في أنحاء إيران، بل وحتى حدد إقامة مجالس العزاء على الأموات ووضع لها قوانين ومقررات) وتحديداً في تلك الأيام التي سلطت فيها ضغوط شديدة بهدف تغيير الزي (في عام 1935 م أصدر " رضا خان " قراراً يجبر فيه الشعب الإيراني أن يستبدل ملابسه الوطنية بالملابس الغربية، ولم يستثني من قراره هذا حتى علماء الدين، وكان قراره هذا بعد عودته من تركيا ولقائه بأتاتورك، وكان اتاتورك قد أكد لرضا خان أن أكبر مانع يقف في وجه تغريب الشعب هم العلماء، وأن اتاتورك نفسه بعد أن قضى على نفوذ العلماء تمكن من أن يجبر الرجال على ربطة العنق وضع القبة ومنع الحجاب الإسلامي عن النساء، لذا قام رضا خان بتقليد اتاتورك وبتشجيع بريطانيا، فوضع لائحة مقررات أبلغتها وزارة الداخلية إلى حكام الولايات تشمل اعتمار قبعة، وتعيين لون الملابس، وأسلوب لبس الأحذية وأنواعها) وحيث كان الروحانيون والحوزات العلمية نهباً للاضطراب والقلق نتيجة هذا الأمر ـ لا أعاد الله مثل تلك الأيام على الحوزات العلمية ـ صادفت شيخاً من المتحررين إلى حد ما من رق الأغيار، يجلس قرب دكان الخبّاز مشغولاً بأكل قطعة من الخبز الخالي، وعند التحادث قال: أمروني بنزع عمامتي، فنزعتها ووهبتها لشخص يخيط له منها قميصين، وها أنذا قد أكلت رغيفي وشبعت، وإلى الليل ...الله كريم.
    ولدي. . إذا أخبرتك أني أفضّل الفوز بهذه الحالة على الفوز بجميع مقامات الدنيا فصدّق، ولكن هيهات أن يكون لي ذلك، وأنا الواقع في شراك إبليس والنفس الخبيثة.
    بنيّ:
    أما أنا فلا أمل لي " يشيب ابن آدم وتشب فيه خصلتان: الحرص وطول الأمل " (الوافي ج 3 ص 890 وباختلاف بسيط في الخصال ج 1 ص 73) الأمل أن توفق أنت إلي سلوك طريق الصالحين بما لديك من نعمة الشباب وقوة الإرادة.
    ولست أرمي من قولي هذا دفعك عن السعي في خدمة المجتمع، والاعتزال لتكون كلاًًّ على خلق الله، فإن هذه صفات الجاهلين المتنسّكين، أو الدراويش أصحاب الطرائق. ولنا في سيرة الأنبياء العظام (صلى الله على نبينا وعليهم أجمعين) والأئمة الأطهار عليهم السلام ـ صفوة العارفين بالله والمتعلقين بساحته، المتحررين من كل القيود والأغلال ـ من القيام بكل ما أوتوا بوجه الحكومات الطاغوتية وفراعنة الزمان، وما عانوا من الآلام والمتاعب في سبيل تحقيق العدالة في العالم، وما بذلوا من الجهود، عبرة ودروس، فإذا كانت لنا أعين مبصرة وآذان واعية ؛ فسيكون شعارنا: "من اصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم" (مروي عن الرسول الأعظم (ص) في أصول الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب الاهتمام بأمور المسلمين، الحديث 1و4 باختلاف بسيط).
    بنيّ:
    إن الميزان في الأعمال هو النوايا التي تستند إليها، فلا الاعتزال الصوفي دليل على الارتباط بالحق، ولا الدخول في خضمّ المجمع وإقامة الحكومة شاهد على الانقطاع عن الحق، فما أكثر ما يكون العابد والزاهد واقعاً في شرك إبليس التي تشتد وتتوسع بما يناسب ذلك العابد كالأنانية والغرور والعجب والتكبر واحتقار خلق الله والشرك الخفي وأمثال ذلك مما يبعده عن الحق، ويجره نحو الشرك، وما أكثر ما يرتقي المتصدي لشؤون الحكومة، فيحظى بلب قرب الحق لما يحمله من دافع الهي كداود وسليمان عليهما السلام بل وأفضل منهما وأسمى منزلة، كالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وخليفته بالحق على بن أبي طالب عليه السلام وكالمهدي (أرواحنا لمقدمه الفداء) (الإمام المهدي (عج) هو الإمام الثاني عشر من أئمة المسلمين، اختاره الله سبحانه وتعالى لإمامة المسلمين عند بلوغه عامه الخامس، لكنه بسبب الأوضاع السياسية آنذاك، وامتثالاً لمشيئة الله غاب عن الأنظار، وكانت غيبته على مرحلتين: الأولى دامت 69 عاما وكان في هذه المدة يتصل مع الناس بواسطة أربعة من النواب، وبعد وفاة نائبه الرابع بدأت غيبته الكبرى وهي مستمرة حتى يومنا هذا.
    حسب العقيدة الإسلامية فإن ظهوره سيشكل آخر حلقة من حلقات الصراع بين الحق والباطل، أي أن هذه المواجهة تتعاضم في غيبته يوما بعد يوم إلى أن يحين يوم انتصار الحق بظهور المهدي الموعود (عج) عندما تطلع شمس الحرية لتشرق في سماء البشرية، وتكون تلك المرحلة مرحلة البلوغ الفكري والمعنوي والاجتماعي للإنسان.
    المهدي والمهدوية عقيدة موجودة عند جميع مذاهب المسلمين، ولدى كل مذهب إسلامي كتب وروايات وأخبار عنها) في عصر حكومته العالمية.
    فميزان العرفان والحرمان إذن هو الدافع، وكلما كانت الدوافع أقرب إلى نور الفطرة، وأكثر تحرراً من الحجب ـ حتى النورية منها ـ كانت أكثر التصاقاً بمبدأ النور، وإلى المستوى الذي يصبح فيه الحديث عن الارتباط كفراً أيضاً.
    بنيّ:
    لا تتنصّل من مسئوليتك الإنسانية في خدمة الحق في صورة الخلق، فإن مكر الشيطان وكيده في هذا المضمار ليس أقل من مكره وكيده بين المسئولين والمتصدين للأمور العامة. ولا تتهالك للحصول على مقام مهما كان ـ سواء المقام المعنوي أو المادي ـ متذرعاً بالرغبة في الاستزادة من المعارف الإلهية، أو خدمة عباد الله، فإن مجرد الاهتمام بذلك من الشيطان، فما بالك ببذل الجهد وصولاً إليه !
    استمع " الموعظة الواحدة " التي يعظنا بها الله، وأرهف لها سمع القلب والروح، ثم عها تماماً، وسر في خطها. يقول تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ..}(سبأ/46). فالميزان في بدء الحركة إنما هو في كونها " قياماً لله " سواء في الممارسات الشخصية والفردية أو في الفعاليات الاجتماعية.
    فاسع أن تكون موفّقاً في هذه الخطوة الأولى، وما أسهل ذلك في أيام الشباب، وأوفر حظه من التوفيق، وإياك أن يفجئك الهرم مثل أبيك وأنت إما مراوح في مكانك أو متراجع القهقرى، والأمر محتاج في تفاديه إلى المراقبة والمحاسبة.
    إذا سعى الإنسان ـ مدفوعا بدوافع إلهية ـ إلى ملك الجن والإنس، بل إنه إذا حصل عليه فسيبقى عارفاً بالله وزاهداً في الدنيا، أما إذا كان الإنسان ـ مدفوعاً بدوافع نفسانية وشيطانية ـ فإن كل ما يناله ـ حتى وإن كان مجرد مسبحة ـ فهو بعيد عن الله تعالى بقدر سوء تلك الدوافع.
    بنيّ:
    طالع " سورة الحشر " (السورة 59 من سور القرآن الكريم) المباركة فإن فيها كنوزاً من المعارف التربوية مما يستحق أن يمضي الإنسان عمراً بحاله يتفكر فيها ويتزود ـ بالمدد الإلهي ـ منها بأنواع الزاد، وخصوصاً آياتها الأواخر حيث يقول سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا [111]
    الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}(الحشر/18).
    ففي هذه الآية الصغيرة في لفظها، البالغة العمق في معناها، احتمالات بناءة موقظة نشير إلى بعضها:
    1ـ يمكن أن تكون الآية خطاباً لمن وفقوا لأول مرتبة الأيمان، مثل إيمان العامة. وبناءاً عليه فإن الأمر بالتقوى هو أمر بأول مراتبها من " التقوى العامة " في اجتناب مخالفة الأحكام الإلهية الظاهرية، وهي بذلك ناظرة إلى شكل الأعمال، وعلى هذا الاحتمال، فإن جملة { وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ }(الحشر/18). تحذير من عواقب أعمالنا ودليل على أن الأعمال التي نقوم بها تأتي ذاتها بما يناسبها من شكل في النشأة الأخرى لتصل إلينا. وقد وردت آيات وروايات كثيرة حول هذا (سورة الكهف، الآية 49 / سورة آل عمران، الآية 30 / سورة النجم، الآية 40 / سورة الزلزلة،الآية 6ـ8 / وأصول الكافي كتاب الإيمان والكفر، باب الصبر، عن الإمام الصادق عليه السلام) ويكفي القلوب المتيقظة التفكر في هذا الأمر، بل إن ذلك يوقظ القلوب المؤهلة، وقد يكون خطوة نحو الارتقاء في المراتب والمقامات الأرفع والأسنى. والدليل على ذلك هو تكرار التأكيد على الأمر بالتقوى، وإن أمكن وجود احتمال آخر. وأما قوله { إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}(الحشر/18).فهو تحذير أيضاً من أن أعمال البشر لا تخفى على محضر الحق لأن العالم أجمع محضره تعالى.
    2ـيمكن أن تكون الآية خطاباً لأولئك الذين أوصلوا الإيمان إلى قلوبهم، فما أكثر ما يكون الإنسان مؤمناً معتقداً بالشهادتين (هي أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله) في ظاهره، إلا أن قلبه بعيد عن ذلك، أو يكون عالماً معتقداً بأصول الدين الخمسة (هي التوحيد ـ العدل ـ النبوة ـ الإمامة ـ الميعاد) إلا أن هذا العلم لم يصل إلى قلبه. ولعل الجميع هم كذلك عدا الندرة من خواصّ المؤمنين.

    بسم الله الرحمن الرحيم

    والسبب في ارتكاب بعض المؤمنين لبعض المعاصي هو هذا، فلو تيقّن القلب بيوم الجزاء والعقاب، وآمن به فمن المستبعد جداً التمرد وارتكاب المعصية. كما أن القلب إذا آمن بعدم وجود إله غير الله، فإن الإنسان لن يتوجه إلى غير الله تعالى، ولن يحمد سواه، كما لن يعتريه خوف أو خشية من غيره تعالى.
    بنيّ:
    أرى أنًك تظهر الانزعاج والقلق أحياناً من التهم الباطلة والشائعات الكاذبة. لذا وجب أن أقول لك أولاً: بأنك ما دمت حياً ترزق، وما دمت متحركاً وذا تأثير بنظر الآخرين فلا مناص من توجه الانتقاد والتهمة والشائعات المختلفة نحوك. فالعقد كثيرة، والتوقعات متزايدة، والحسد كثير، والفعّال ـ حتى إذا كانت فعاليته خالصة لله ـ لن يمكنه تفادي تجريح أهل السوء.
    أنا شخصياً أعرف عالماً تقياً جليلاً، لم يكن يذكر ـ قبل اعتلائه مقاماً بسيطاً ـ إلا بالخير ـ نوعاً ما ـوكان أهل العلم وغيرهم سلماً له تقريباً، حتى إذا توجهت إليه النفوس، وحصل على شاخصية دنيوية ـ ولو أنها لا تكاد تذكر بالنسبة إلى علو مقامه المعنوي ـ أصبح مورداً للتهمة والأذى، وتأجّجت نيران الحسد والعقد بألوان مختلفة، وظل حاله هكذا إلى آخر عمره.
    كما يجب أن تعلم ثانياً: أن الإيمان بوحدة الإله ووحدة المعبود ووحدة المؤثر لم يلج قلبك كما ينبغي، فلتسع في إيصال " كلمة التوحيد " ـ أعظم وأسمى جملة ـ من عقلك إلى قلبك، فإن حظ العقل لا يعدو ذلك الاعتقاد البرهاني القاطع، الذي إن لم تصل نتيجته إلى القلب بالمجاهدة والتلقين، فإن أثره وفائدته يكادان لا يذكران. وما أكثر ما يكون البعض من أصحاب البرهان العقلي و الاستدلال الفلسفي أشدّ عرضة من غيرهم للوقوع في شراك إبليس و النفس الخبيثة ((أرجل الاستدلالين من خشب)) * ( جزء من بيت شعر لمولوي، و المقصود منه هو أن الوصول إلى الحقائق عبر العقل و الاستدلال يشبه السير برجل خشبية، في حين أن طريق الشهود أثبت). ولا تصبح هذه القدم البرهانية و العقلية قدماً روحانية و إيمانية إلا حين انتقالها من أفق العقل إلى مقام القلب، وقبول القلب بما أثبته الاستدلال عقلياً.
    بنيّ:
    عليك بالمجاهدة لتسلم قلبك بين يدي الله، فلا ترى بعد ذلك مؤثراً سواه، و إلا أفلا يصلي عامّة المسلمين المتعبدين عدّة مرات في اليوم و الليلة ـ وهي الصلاة وما تزخر به من التوحيد و المعارف الإلهية ـ ويقولون في اليوم و الليلة عدة مرات {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}(الفاتحة/5). فيخصّون الله تعالى قولاً بالعبادة و الإعانة، إلا انهم يتذللون لكل عالم أو قوي أو ثري، ويعاملونهم أحياناً بما لا يعاملون به حتى المعبود. ويستعينون بأي كان، ويستمدّونه، ويتوسلون بكل تافه في سبيل تحقيق مقاصدهم الشيطانية، غافلين عن قدرة الله، لا يستثنى من ذلك سوى ثلة من المؤمنين حقاً، و خواص الله.
    وبناءً على احتمال أنّ الخطاب موجه إلى الذين بلغ الإيمان قلوبهم، فإن الأمر بالتقوى يختلف عنه في الاحتمال الأول. فهذه التقوى ليست اتقاء الأعمال غير اللائقة، بل تقوى عن التوجه إلى ألا غيار، تقوى عن استمداد غير الله و عن العبودية لغيره، تقوى عن فسح المجال لغيره جلّ و علا إلى القلب، تقوىً عن الاتّـكال و الاعتماد على غير الله.
    وما ترى مما نحن و أمثالنا مبتلون به، وما يبعث الخوف في نفسي و نفسك من الشائعات المنطلقة، و الأكاذيب المنتشرة، أو الخوف من الموت و إسلام الروح، و التحرر من رقّ الطبيعة إنما هو من قبيل تلك الأمور التي يجب الاتقاء منها.
    و على هذا فإن المراد من قوله تعالى { وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}(الحشر/18).هو الأفعال القلبية التي لها صورة في الملكوت، و صورة فوقها أيضاً، و الله خبير بخطرات قلوب الجميع.
    بيد أنّ هذا لا يعني أن تترك الحركة و الفعالية، وتصبح مهملاً، و تختار العزلة عن كل شخص و كل شيء، فهذا خلاف السنّة الإلهية و سيرة الأنبياء العظام و الأولياء الكرام، فقد بذلوا (صلوات الله و سلامه عليهم) كلّ ما في وسعهم في سبيل تحقيق الأهداف الإلهية و الإنسانية، إلا أنهم يختلفون عنا ـ نحن عمي القلوب ـ في اعتمادنا على الأسباب على نحو الاستقلال، فهم يعتبرون الأمور كلها في هذا المجال منه جلّ و علا، و ذلك طبعاً من مقاماتهم العادية. إنهم يرون الاستعانة بأيّ شيءٍ استعانة بالمبدأ، و هذا أحد الفوارق بينهم وبين الآخرين. أنا و أنت و أمثالنا حينما نعتمد على الخلق و نستعين بهم، فإننا نكون حينها غافلين عن الله تعالى، و الحال أنهم يرون هذه الاستعانة بالآخرين استعانة به تعالى في الواقع، وإن كانت استعانةً بالأدوات والأسباب، كما أنّهم يرون ما يقع لهم منه تعالى رغم كونه ظاهرياً غير هذا تماماً عند أمثالنا. ومن هنا كان ما يقع لهم حلو المذاق على أرواحهم، مهما كان مراً في نظرنا.
    بنيّ:
    هنالك أمرٌ هام بالنسبة لنا نحن المتخلفين عن ((قافلة الأبرار)) وأرى أنه قد يكون ذا أثرٍ في بناء النفس لمن كان بصدد ذلك. فعلينا أن ندرك أن منشأ ارتياحنا للمدح و الثناء استيائنا من الانتقاد و نشر الشائعات إنما هو ((حب النفس)) الذي تعدّ من أخطر الشراك التي ينصبها إبليس اللعين.
    نحن نرغب أن يكون الآخرون مادحين لنا، حتى وإن أظهروا أنّ لنا أفعالاً صالحة و حسناتٍ وهمية تفوق بمئات المرات حقيقة ما نحن عليه، كما إنّنا نرغب أن تكون أبواب الانتقاد ـ وان كان حقاً ـ موصدة دوننا، أو أن يتحول الانتقاد إلى مديحٍ و ثناء.
    و نحن لا يزعجنا الحديث عن معايبنا لأنه ليس حقاً، كما لا يسرنا المديح و الثناء لأنه حقٌ، بل لأن هذا العيب هو ((عيبي أنا)) و هذا المدح هو ((مدح لي أنا)) وهو أمر سائد في أوساطنا هنا وهناك و في كل مكان، و إذا أردت أن تتأكد من صحة هذا الأمر، فتأمّل بما يصيبك من الانزعاج إذا انبرى المداحون لمدح أحد الأشخاص على فعل قام به، وكنت قد قمت بذات الفعل، ستنزعج حتى إذا كان ما قام به أفضل مما قمت به أنت، و خصوصاً إذا كان ذلك الشخص من أقرانك و زملائك. و أوضح من هذا المثال: عندما ترى أن عيوب شخصٍ صارت مدائحاً، ففي تلك الحال، تيقّن أن للشيطان و للنفس ـ التي هي أسوأ من الشيطان ـ يداً في الأمر.
    بنيّ:
    فما أحسن أن تلقّن نفسك و تقنعها بحقيقة أنّ مدح المدّاحين و إطراء المطرين ناهيك عن أنه يدمر الإنسان و يجعله أكثر بعداً عن التهذيب ـ البعيد عنه هو في الأساس ـ فإنّ الأثر السيئ للثناء الجميل في نفوسنا الملوّثة سيكون منشأً لجميع أنواع التعاسة بالنسبة لنا، كما سيلقي بنا ـ نحن ضعاف النفوس ـ بعيداً عن المحضر القدسيّ للحق جلّ و علا. و لعل الناقدين ومروّجي الشائعات يكونون ذا نفع في علاج معايبنا النفسية، ولا غرابة، فالأمر شبيه بالعملية الجراحية المؤلمة التي تؤدي بالنتيجة إلى سلامة المريض.
    إن أولئك المادحين يبعدوننا بمدائحهم عن جوار الله، وهم أصدقاء إلا أنهم يؤذوننا بصداقتهم. أما أولئك الذين يتوهّمون أنهم يحاربوننا بالانتقاد و السبّ و اختلاق الشائعات فإنّهم يساهمون في إصلاحنا رغم أنهم أعداء لنا ـ ذلك إذا كنا أهلاً للصلاح ـ وهم يحسنون إلينا رغم ظهورهم بمظهر الأعداء. و إذا اقتنعنا أنا و أنت بهذه الحقيقة، و إذا أتاح لنا الشيطان والنفس فرصة لرؤية الأمور على حقيقتها، فإنّنا سنضطرب حينها من مدح المادحين و ثناء أهل الثناء، تماماً كاضطرابنا اليوم من ذمّ الأعداء و مفتعلي الشائعات المغرضين. كما أننا سنفرح بالانتقاد، تماماً كما نفرح اليوم بمدائح و إطراء المادحين.
    و إذا بلغ قلبك شيٌ مما ذكرت فلن تزعجك بعد ذلك المنغّصات، ولن يؤلمك اختلاق المختلقين، وسوف تنال طمأنينة القلب، فإنّ أكثر الآلام والقلق إنّما هي نتيجة الأنانية. رحمنا الله تعالى جميعاً بإنقاذنا منها.
    3 ـ الاحتمال الآخر هو كون الخطاب موجّهاً إلى أصحاب الإيمان من خواصّ أهل المعرفة المتعلقين بمقام الربوبية و عاشقي الجمال الجميل، الذين يرون بعيون قلوبهم و بالمعرفة التي تنطوي عليها نفوسهم أن جميع الموجودات مظهر لله، و يعاينون نور الله في جميع المرئيات، و يدركون معنى الآية الكريمة: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ }(النور/35). بالمشاهدة المعنوية و السر القلبي رزقنا الله ذلك و إياكم.
    و بناءً على هذا الاحتمال، فلعلّ التقوى المقصودة لهذه الطائفة من العشاق و الخواصّ يختلف عنه مع الآخرين، فلعلّ التقوى المقصودة هنا، هي تقوى عن رؤية التكثرات وشهود المرئيات و الرائي، تقوىً عن التوجه إلى الأغيار حتى وإن كان في صورة التوجه إلى الحق من الخلق، تقوى عن ((ما رأيت شيئاً إلارأيت الله قبله ومعه وبعده)) * (علم اليقين ج 1 ص 49 رواية عن الرسول الأعظم (ص) باختلاف بسيط.) الذي لا يعدو كونه مقاماً عادياً لخلّص الأولياء حيث ((للشيئية)) دخل في الأمر، تقوىً عن مشاهدة {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ }(النور/35). تقوىً عن مشاهدة { وَهُوَ مَعَكُمْ }(الحديد/4).و{ وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ }(الأنعام//79).تقوى عن مظهر جمال الله في الشجرة، إلى سائر ما يرتبط برؤية الحق في الخلق. وعلى هذا يكون المراد من الأمر بالنظر فيما قدمناه لغد * (إشارة إلى الآية 18 من سورة الحشر.) هو هذه الحالات من مشاهدة الله في الخلق، و الوحدة في الكثرة التي تجيءُ على الصورة التي تناسبها في العوالم الأخرى.
    4 ـ احتمال أن يكون الخطاب موجّهاً لألئك النخبة من خلّص الأولياء الذين تجاوزوا مرحلة رؤية الله في الخلق، وجمال حضرة الوحدة في الكثرة الفعلية، و الذين لم يبق على مرآة مشاهداتهم أثر لغبار الخلق، وتخلصوا في المرحلة التي أدركوها من الشرك الخفي، إلا أنهم أسلموا قلوبهم لتجلّيات أسماء الله فصاروا عشاقاً قيّمين لحضرة الأسماء، و التجليات الأسمائية، وهم فانون عن الغير، لا يشاهدون سوى مظاهر الأسماء.
    وعلى هذا الاحتمال يكون الأمر بالتقوى أمراً بالتقوى عن رؤية التكثرات الأسمائية و المظاهر الرحمانية و الرحيمية و سائر أسماء الله، وكأن صوتاً يرنّ في مسامعهم من الأزل إلى الأبد: أن ليس هناك إلا مظهر واحد لا غير.
    وتفسر على هذا سائر الفقرات بما يناسب هذا المعنى، وإذا اجتازوا ذلك فلا وجود بعدها للشاهد و المشاهدة و الشهود، فهو الفناء في ((هو المطلق)) و ((لا هو إلا هو)).
    5 ـ أما أشمل الاحتمالات الواردة فهو أن يحمل كل لفظ مثل ((آمنوا)) و ((اتقوا)) و ((لتنظر)) و ((ما قدمت)) وهكذا على معانيها المطلقة، فهي جميعاً مراتب لتلك الحقائق، فالألفاظ موضوعة للمعاني غير المقيدة بقيد، و المطلقة من الحدّ و الحدود.
    وحتى إذا كانت ثمة احتمالات أخرى فهي داخلة ضمن هذا الاحتمال و ضمن هذه المراتب. فهو شامل لكل فئة و طائفة من المؤمنين شمولاً تاماً، وجميع تلك الفئات مصاديق للعنوان المطلق.
    وهذا التفسير يفتح الباب لفهم الكثير من الأخبار التي طبقت الآيات على فئةٍ بعينها أو شخص بذاته، مما يدفع إلى التوهم باختصاصها في حين أن الأمر ليس كذلك، فإنما هو ذكر لمصداق أو مصاديق متعددة.
    و بناءً على ما ذكرنا من الاحتمالات يتسنى لنا فهم الآية المباركة {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ}(الحشر/19). التي تلي الآية موضوع البحث.
    فالآية الشريفة تنطوي أيضاً ـ وحسب ما ذكرنا من احتمالات ـ على احتمالات تناسب تلك الاحتمالات المختلفة المراتب والمتّحدة الحقيقة، مما لا مجال للتفصيل فيه، و أكتفي فقط بذكر نكتةٍ واحدة، وهي أن نسيان الله موجب لنسيان النفس، سواء أكان النسيان بمعنى عدم التذكر، أو بمعنى الترك. وفي كلا المعنيين إنذار مروّع.
    إن ما يلازم نسيان الله تعالى هو نسيان الإنسان نفسه. أو قل: إن الله تعالى يجرّه إلى نسيان نفسه، وهو أمر يصدق على جميع المراحل السابقة. فمن ينسى الله وحضوره جلّ وعلا في مرحلة العمل يبتلى هو نفسه بنسيان نفسه، أو أنّه يجرّ إلى ذلك، ينسى عبوديته فيجر من مقام العبودية نحو النسيان. فمن لا يعرف ما هو، ومن هو، وما هي وظيفته، وما هي العاقبة التي تنتظره، فإن الشيطان حالّ فيه، وجالس بدلاً من نفسه، والشيطان عامل على العصيان و الطغيان. وإذا لم يثب ذلك الإنسان إلى رشده، ويرجع إلى ذكر الله، وغادر هذا العالم وهو على هذه الحال من الطغيان و العصيان، فقد يأتي في ذلك العالم على شكل شيطان مطرود من قبل الله تعالى.
    أما إذا كان النسيان بمعناه آخر (أي: الترك)، فإن الأمر سيكون أشدّ إيلاماً، لأنه إذا ترك إطاعة الله، وترك الله، فإن ذلك يستوجب أن يتركه الله ويكله إلى نفسه، ويقطع عنه عناياته. ولا شك أن الأمر سينتهي به إلى الخذلان في الدنيا والآخرة. لذا نرى كثرة ما ورد من التأكيد على الدعاء بعدم الإيكال للنفس في الأدعية المأثورة عن المعصومين * (من جملة الادعية للأئمة المعصومين (ع) ((لا تكلني إلى نفسي)) و ((لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا)) أصول الكافي، كتاب الدعاء، باب القول عند الإصباح و الإمساء، الحديث 10 / و باب الدعاء للكرب و الهم، الحديث 20 / و باب دعوات موجزات لجميع الحوائج، الحديث 15.
    وعن الإمام زين العابدين علي بن الحسين (ع) ((و انظر في جميع أموري، فانك إن وكلتني إلى نفسي عجزت عنها، ولم أقم ما فيه مصلحتها)) الصحيفة السجادية، الدعاء 22.
    و((لا تكلني إلى حولي وقوتي)) الصحيفة السجادية، الدعاء 47. ) لأنهم عليهم السلام يدركون نتائج هذه المصيبة، في حين أننا غافلون عنها.
    بنيّ:
    استعظم الذنوب مهما صغرت بنظرك و ((انظر إلى من عصيت)) فكل الذنوب تصبح بهذا المنظار كبيرة و خطيرة، ولا يغرنّك أيّ شيء، و إياك أن تنسى حضور الله تبارك و تعالى على أية حال، فكلّ شيء منه، ولو أن عناية رحمانيته انقطعت لحظةً عن موجودات عالم الوجود بأسرها، فلن يبقى أثر حتى للأنبياء و المرسلين و الملائكة المقربين، فالعالم أجمع ((مظهر)) رحمانيته جلّ و علا. و رحمته و رحمانيته جل و علا هي المبقية لنظام الوجود بتواصلها ـ مع قصور اللفظ و التعبير ـ ((ولا تكرار في تجلّيه جلّ وعلا)) الذي يعبّر عنه أحياناً ((ببسط و قبض الفيض المتواصل)).
    لا تغترّ برحمته، ولكن لا ينبغي كذلك أن تيأس منها، كما لا تغتر بشفاعة الشافعين عليهم السلام لأن لكل ذلك موازين إلهيّة نجهلها نحن.
    وليكن التأمل في أدعية المعصومين عليهم السلام وتحرّقهم وتفجّعهم خوفاً من الحق وعذابه ديدنك في أفكارك وسلوكاتك، واعلم أنّ الأهواء النفسانية وشيطان النفس الأمارة بالسوء يدفعاننا نحو الغرور، ويردياننا المهالك.
    بنيّ:
    لا تسع للحصول على الدنيا أبداً ـ حتى الحلال منها ـ فإن حب الدنيا ـ حتى حلالها ـ رأس جميع الخطايا * ( انه مضمون رواية عن الإمام السجاد علي بن الحسين (ع) ((حب الدنيا رأس كل خطيئة)) و أخرى عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) ((رأس كل خطيئة حب الدنيا)) أصول الكافي، كتاب الإيمان و الكفر، باب ذم الدنيا و الزهد فيها، الحديث 11، و باب حب الدنيا و الحرص عليها، الحديث 1 ) و هي حجاب سميك يضطر الإنسان الى الحرام منها. فأنت شاب تستطيع ـ بما حباك الله به من القوة ـ منع أول قدم تزلّ نحو الانحراف، فتمنع بذلك من التحاقها بخطىً أخرى، فلكل قدمٍ قدمٌ أخرى تتلوها، و كل ذنب ـ مهما صغر ـ يجرّ المرء نحو ذنوب أكبر، حتى تستحيل الذنوب الكبيرة في نظره لمماً يستهان بها، بل قد يبلغ الأمر بالبعض أن يفتخروا بارتكاب بعض الكبائر، لا بل قد يصل الوضع بالبعض الآخر حداً ـ أحياناً ـ يجعلهم يرون المنكر معروفاً و المعروف منكراً، نتيجة شدة و تكاثف الظلمات و الحجب الدنيوية.
    أسأل الله تعالى و جلّ اسمه و تبارك أن ينير بصر قلبك بجماله الجميل و يزيل الحجب من أمام بصرك و ينجيك من القيود الشيطانية و الإنسانية حتى لا تأسف ـ مثل أبيك ـ على ماضيك بعد تصرّم الشباب و حلول الشيخوخة.
    و اربط قلبك ـ بنيّ ـ بالحق، حتى لا تستوحش في الطارئات من الصد وف، و حرّره من الأغيار لتستنقذ نفسك من الوقوع في الشرك الخفي و الشرك الأخفى.
    أما الآيات التالية لما ذكرنا منها فتنطوي على أمور غاية في العذوبة و الجمال، يحول دون التعرض لها سوء الحال وضيق المجال.
    اللهم ! اجعل أحمد محموداً عندك، و افطم فاطمة عن الذنوب، و اجعل حسناً أحسن، و بلّغ ياسر يسراً، و تولّ هذه العائلة المنتسبة إلى أهل بيت العصمة عليهم السلام بلطفك و عناياتك و احفظها من شرّ شياطين الباطن و الظاهر ومنّ عليهم بالسعادة في الدارين.
    لا يفوتني ـ بنيّ ـ أن أختم وصيّتي هذه بالتأكيد عليك في السعي في خدمة الأرحام لاسيما ((أمك)) التي لها في أعناقنا جميعاً حقوقاً كثيرةً، و احرص على إرضائهم جميعاً.
    و الحمد لله أولاً و آخراً و الصلاة على رسول الله و آله الأطهار، و اللعن على أعدائهم.

    [align=left]17 / 7 / 1984 م ـ 17 شوال 1404
    روح الله الموسوي الخميني
    22 / 11ي / 1984 م[/align]

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    401

    افتراضي

    [align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

    بما أني كنت دوماً الوسيط بين سماحتكم والمسئولين وغير المسئولين في الشؤون السياسية، ولأن أوامر سماحتكم كانت أحياناً تتعامل بحزم مع الخطوط الفكرية لبعض متولي الأمور أو الجماعات والأفراد العاديين، لهذا كانت تصدر التحليلات والتفسيرات المختلفة، والبعض كان يشكك فيقول مثلاً: إنه خبر واحد * (الخبر الواحد هو الخبر الذي لم يبلغ حد التواتر، أي أن ناقليه لم يبلغوا حداً يصبح خبرهم يفيد القطع و اليقين.) أو غير معلوم ذلك * (أي يدعون أن السيد أحمد اخترع الكلام منه.) ومن هذا القبيل.
    فهل تراني قد أضفت أو أنقصت أي كلمة على ما تفضلت به قبل الثورة و بعدها ؟ وهل نسبت لسماحتك كذباً كلاماً ـ لا سمح الله ـ ؟ أو ـ لا سمح الله ـ هل أديت عملاً خلافاً لرضا سماحتكم عن عمد ؟
    [align=left]المريد
    أحمد الخميني [/align]


    [align=center]باسمه تعالى[/align]

    إني أشهد أن ابني أحمد ومنذ أن دخل في قضايا العصر، و كان له اتصال بأعمالي وحتى كتابة هذه الكلمات أني لم أشاهد منه ما يخالف أوامري، ولم يتصرف ببياناتي و أمثالها أي تصرف دون رضاي، وأنه لم ينسب إلى أي شيء لم أقله، وبشكل عام لم أشاهد منه أي مخالفة. لكن على أحمد أن يعلم أن من كان مثله داخلاً في هذه الأمور الاجتماعية أو السياسية، فلن يبقى مصوناً عن الافـتراء و الضربات، وعليه أن يرتب حسابه مع الله القادر المتعال، و أن يتكل على ذاته المقدسة، و أن لا يخشى البشر الضعفاء، فإن مكائد البشر مثلهم تنقضي بسرعة وتفنى، وسنرجع كلنا إلى الله، و الآن نحن في المحضر المبارك أيضاً، و السلام على من اتبع الهدى.
    تاريخ سلخ صفر 1405 هـ

    [align=left]روح الله الموسوي الخميني
    [124]
    15 / 12 / 1984[/align]


    [align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

    اهدي كتابي((آداب الصلاة)) * (هذا الكتاب ألفه الإمام الخميني (س) عام (1316 هـ / 1942 م) و بعد كتابه كتاب سر الصلاة، وهو شرح لآداب الصلاة و أسرارها المعنوية، ومملوء بالفوائد الأخلاقية و العرفانية.) ـ إذ لم أجن منه أنا شخصياً سوى الأسف على قصوري و تقصيري في ما خلا من أيام عمري التي كنت قادراً فيها على بناء النفس، و سوى الحسرة و الندامة في مرحلة الشيخوخة حيث يدي خالية و حملي ثقيل و السفر بعيد و البلاء شديد، ولحن الرحيل يتردد في سمعي ـ إلى ولدي العزيز ((أحمد)) لعله (إن شاء الله) ينتفع ـ وهو يتمتع بقوة الشباب ـ بمحتواه مّما جمعته من كتاب الله و السنّة المطهرة وما أُثر عن الأولياء العظام فيرقى ـ مستفيداً من إرشادات أهل المعرفة ـ المعراج الحقيقي، و يستنقذ قلبه من هذه الظلمة، و يوفق لبلوغ مقصد الإنسانية الأصلي الذي توجّه نحوه أنبياء الله العظام و أولياؤه الكرام (صلوات الله و سلامه عليهم) و أهل الله و دعوا الآخرين إليه.
    بنيّ:
    اسع للعثور على نفسك المعجونة بفطرة الله، و استنقذها من مستنقع الضلالة و أمواج العجب والأنانية، واركب ((سفينة نوح)) التي هي((ولاية الله)) ((فإن من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك)). * (جزء من حديث شريف مروي عن الرسول (ص) في مستدرك الصحيحين ج 2 ص 343 ).
    بنيّ:
    اجهد أن يكون سيرك في ((الصراط المستقيم)) ـ صراط الله ـ وإن كان ذلك بخطىً وئيدة بطيئة، واسع أن تكون حركات قلبك و سكناته وسائر جوارحك في إطار التسامي و الارتباط بالله، واحرص على السعي في خدمة الخلق لأنهم خلق الله، فرغم أن أنبياء الله العظام و الخواص من أوليائه تعالى لم يتعلقوا بالدنيا قط ـ مع انهم كانوا يمارسون ما يمارسه الآخرون ـ لما يميز ممارستهم من كونها بالحق و للحق، إلا أنه روي عن خاتم النبيين صلى الله عليه و آله قوله: ((إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في كلّ يوم سبعين مرة)) * (رواية عن الرسول (ص) في كتاب مستدرك الوسائل، كتاب الصلاة، أبواب الذكر، الباب 22 الحديث 1) ولعله كان يرى أنّ رؤية الحق في الكثرة كدورة.
    بنيّ:
    تهيأ بعدي لمواجهة مختلف مشاعر الجفاء والضغائن التي أكنّتها الصدور مني، فسوف تنعكس عليك، وإذا كان حسابك مع ربك سليماً، وتحصّنت بذكر الله؛ فإنك لن تخشى الخلق. فأمر الخلق وحسابهم هينٌ سريع الانقضاء، والأزلي هو الحساب إمام الحقّ تعالى.
    بنيّ:

    د تعرض عليك بعدي المناصب، فإن كانت نيتك خدمة الجمهورية الإسلامية والإسلام العزيز فلا ترفض، و لكن إذا كانت نيتك ـ لا قدّر الله ـ إطاعة هوى النفس و إرضاء الشهوات، فاجتنب القبول. إذ لا قيمة للمقامات و المناصب الدنيوية كي تضيّع نفسك من أجلها.
    اللّهم منّ على (أحمد) و ذريته و أهل بيته ـ وهم عبادك ومن نسل رسولك الأكرم صلواتك عليه و آله ـ بالسعادة في الدنيا والآخرة، واحفظهم من شرّ الشيطان الرجيم. اللّهم خذ بأيدينا نحن الضعفاء العاجزين المتخلّفين عن قافلة السالكين. اللّهم عاملنا بفضلك، ولا تعاملنا بعدلك.
    [align=left]و السلام على عباد الله الصالحين

    23 ربيع الأول 1405 هـ
    روح الله الموسوي الخميني
    17 / 12 / 1986 م[/align]


    [align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

    الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و آله
    وصيّة من أب هرم قضى عمراً بالبطالة و الجهالة، وهو الآن سائرٌ إلى العالم السرمديّ بكفّ خالية من الحسنات، وصحيفةٍ سوّدتها السيّئات، يحدوه الأمل بمغفرة الله، والرجاء بعفوه...
    إلى ابنٍ شابّ تتجاذبه مشاكل الزّمان، وهو مخير بين انتخاب الصراط الإلهي المستقيم (هداه الله إليه بلطفه المطلق) وبين اختيار الطريق الآخر ـ لا سمح الله ـ حفظه الله من مزالقه برحمته.
    أي بنيّ، الكتاب الذي أهديه إليك هو نفحة عن صلاة العارفين، و السلوك المعنوي لأهل السلّوك، على الرغم من أنّ قلم أمثالي عاجز عن تبيان مسيرة هذا السفر، وأعترف بأن ما كتبته لا يخرج عن حدّ بعض الألفاظ و العبارات، فأنا لم أحصل إلى الآن على بارقة من هذه النفحة.
    ولدي، إنّ ما في هذا ((المعراج)) هو الغاية القصوى لآمال أهل المعرفة؛ وقد قصرت أيدينا عنها:
    ((لمّ الشباك فالعنقاء لا تصبح صيداً لأحد)) * ( جزء من بيت شعر لحافظ الشيرازي)
    ولكن!! لا ينبغي لنا اليأس من ألطاف الله الرحمن؛ فهو ـ جلّ وعلا ـ الآخذ بأيدي الضعفاء، ومعين الفقراء.
    عزيزي ... الكلام هو في السفر من الخلق إلى الله الحقّ تعالى، ومن الكثرة إلى الوحدة، ومن الناسوت إلى ما فوق الجبروت، إلى حدّ الفناء المطلق الذي يحصل في السجدة الأولى، و الفناء عن الفناء ـ وهو الذي يقع في السجدة الثانية ـ بعد الصحو ـ و هذا هو تمام قوس الوجود (من الله وإلى الله) وفي تلك الحال ليس هناك ساجد ومسجود له، ولا عابد ومعبود، فـ {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ}(الحديد/3).
    ولدي، ما أوصيك به ـ بالدرجة الأولى ـ هو أن لا تنكر مقامات أهل المعرفة، فالإنكار سنّة الجهال؛ واتّق معاشرة منكري مقامات الأولياء، فهم قطّاع طريق الله تعالى.
    بنيّ:
    تحرّر من حبّ النفس والعجب، فهما إرث الشيطان، فبالعجب وحبّ النفس تمرّد على أمر الله ـ تعالى ـ بالخضوع لوليّ الله و صفيّه ـ جلّ وعلا.
    واعلم !! أنّ جميع ما يحلّ ببني آدم من مصائب ناشئ من هذا الإرث الشيطاني، فهو أصل الفتنة، وربمّا تشير الآية الكريمة {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ }(البقرة/193). في بعض مراحلها (مستوياتها) إلى الجهاد الأكبر، وقتال أساس الفتنة وهو الشيطان وجنوده، ولهؤلاء فروع وجذور في أعماق قلوب بني الإنسان كافّة، وعلى كل إنسان أن يجاهد من أجل ((حتى لا تكون فـتنة)) داخل نفسه وخارجها، فإذا حقّق هذا الجهاد النّصر؛ صلحت الأمور كافّة، وصلح الجميع.
    بنيّ:
    اسع لتحقيق هذا النّصر أو بعض درجاته، اجتهد واعمل للحد من الأهواء النفسانية التي لا حد لها ولا حصر، و استعن بالله ـ جلّ وعلا ـ فإنّه لا يصل أحد لشيء من دون عونه؛ و الصلاة ـ معراج العارفين وسفر العاشقين ـ سبيل الوصول إلى هذا المقصد.
    ولو كان لك ولنا توفيق تحقّق ركعة واحدة منها، ومشاهدة الأنوار المكنونة فيها، ومعرفة أسرارها الخفيّة ـ ولو على قدر ما نطيقه نحن ـ لحصلنا على نفحة من مقصد أولياء الله ـ ومقصودهم؛ ولشاهدنا صورة مصغّرة لصلاة معراج سيّد الأنبياء والعرفاء ـ عليه وعليهم وعلى آله الصلاة والسّلام ـ نسأل الله أن يمنّ علينا وعليكم بهذه النعمة العظمى.
    الطريق إذن طويل وخطير جداً، ويستلزم الراحلة و الكثير من الزاد، وزاد أمثالي إمّا معدوم أو قليل جداً فما من أمل إلا أن يشملنا لطف الحبيب ـ جل وعلا ـ فيأخذ بأيدينا.
    عزيزي، استثمر ما بقي من الشباب، ففي الشيخوخة يضيع كلّ شيء، حتّى الالتفات إلى الآخرة والتوجّه إلى الله ـ تعالى ـ
    إنّ من كبريات مكايد الشيطان والنفس الأمارة بالسّوء؛ أن تمنّي الشباب بوعود الصّلاح والإصلاح عند حلول الشيخوخة، فتخسرهم شبابهم الذي يضيع بالغفلة. وأما الشيبة، فتمنيهم بطول العمر حتّى اللحظات الأخيرة، وتصدّ الإنسان ـ بوعودها الكاذبة ـ عن ذكر الله و الإخلاص له، إلى أن يأتي الموت، وعندها تأخذ منه الإيمان، إن لم تكن قد أخذته منه كاملاً قبل ذلك الحين.
    إذن؛ فانهض للمجاهدة وأنت شابّ تمتلك قوّة كبرى، واهرب من كلّ شيء ما عدا الحبيب ـ جل وعلا ـ وعزّز بما استطعت ارتباطك به تعالى إن كان لديك ارتباط.
    أمّا إذا لم يكن لديك ذلك ـ والعياذ بالله ـ فاسع للحصول عليه، واجتهد في تقويته، فليس هناك ما يستحقّ الارتباط به سواه تعالى، وإذا لم يكن التعلّق بأوليائه تعلّقاً به تعالى ففيه مكيدة من حبائل الشيطان الذي يصدّ عن السبل إلى الحقّ تعالى بكلّ وسيلة.
    لا تنظر أبداً إلى نفسك وعملك بعين الرضا؛ فقد كان أولياء الله الخلّص يرون أنفسهم لا شيء، وأحياناً كانوا يرون حسناتهم من السيئّات. بنيّ ... كلّما ارتفع مقام المعرفة، تعاظم الإحساس بحقارة ما سواه ـ جلّ وعلا ـ
    في الصلاة ـ مرقاة الوصول إلى الله ـ هناك تكبير وارد بعد كلّ ثناء كما أن دخولها بالتكبير، وتلك إشارة إلى أنه تعالى أكبر من كلّ ثناء، حتى من أعظم الثناء، أي الصلاة. وبعد الخروج هناك ((تكبيرات)) تشير إلى أنّه أكبر من توصيف الذات و الصفات و الأفعال.
    ماذا أقول ؟!
    من الذي يصف و بأيّ وصف ؟!
    ومن هو الموصوف ؟!
    و بأية لغة و أيّ بيان يصف، وكلّ العالم من أعلى مراتب الوجود إلى أسفل سافلين هو لا شيء إذ أنّ كلّ ما هو موجود هو تعالى لا غير ؟!
    فماذا يمكن أن يقال عن الوجود المطلق ؟!
    ولولا أمر الله وإذنه ـ جلّ وعلا ـ فربّما لم يتحدّث عنه بشيء أيٌّ من الأولياء، وإن كان كلّ ما هو موجود حديثاً عنه لا عن سواه!! والكلّ عاجزٌ عن التمرد عن ذكره، فكلّ ذكر ذكره:
    {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ }(الإسراء/23).
    {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}(الفاتحة/5).ولعلّها خطاب بلسان الحقّ تعالى إلى جميع الموجودات:
    { وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ }(الإسراء/44). و هذه أيضاً بلسان الكثرة، وإلا فإنّه هو الحمد والحامد و المحمود ((إن ربّك يصلّي)) * (أصول الكافي ج 2 كتاب الحجة، باب مولد النبي (ص) الحديث 13) و{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}(النور/35).
    ولدي ... ما دمنا عاجزين عن شكره وشكر نعمائه التي لا نهاية لها، فما أفضل لنا من أن لا نغفل عن خدمة عباده، فخدمتهم خدمة للحق تعالى، فالجميع منه !
    علينا أن لا نرى أنفسنا ـ أبداً ـ دائنين لخلق الله عندما نخدمهم، بل هم الذين يمنّون علينا حقاً، لكونهم وسيلةً لخدمة الله جلّ وعلا.
    ولا تسعى لكسب السمعة والمحبوبيّة من خلال هذه الخدمة، فهذه بحدّ ذاتها أحبولة من حبائل الشيطان الذي يوقعنا بها.
    واختر في خدمة عباد الله ما هو الأكثر نفعاً لهم لا لك ولأصدقائك، فمثل هذا الاختبار هو علامة الإخلاص لله جلّ وعلا.
    ولدي العزيز ؛ إن الله حاضرٌ، و العالم محضره، ومرآة نفوسنا هي إحدى صحائف أعمالنا، فاجتهد لاختيار كلّ عمل يقربك إليه، ففي ذلك رضاه جلّ وعلا.
    لا تعترض عليّ ـ في قلبك ـ بأن لو كنت صادقاً، فلماذا أنت نفسك على غير هذه الحال؟! فأنا نفسي على علم بأني لا أتّصف بأيّ من صفات أهل القلوب، ولي خوفٌ من أن يكون هذا القلم في خدمة إبليس والنفس الخبيثة؛ فأحاسب على ذلك غداً، و لكن أصل هذه المطالب حقٌّ، وإن كانت مكتوبةً بقلم أمثالي، ولست بعيداً عن الخصال الشيطانية.
    اللهم ... خذ أنت بيد هذا العجوز العاجز، وأحمد الشاب، واجعل عواقب أمورنا خيراً...
    واجعل لنا سبيلاً إلى جلالك وجمالك، برحمتك الواسعة.
    [align=left]والسلام على من اتبع الهدى ليلة 15 ربيع المولود 1407 هـ. ق روح الله الموسوي الخميني


    18 / 12 / 1987 م[/align]



    [align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

    الحمد لله رب العالمين، الذي لا رحمن ولا رحيم غيره، ولا يعبد ولا يستعان إلا به، ولا يحمد سواه، ولا رب ولا مربي إلا إياه. وهو الهادي إلى الصراط المستقيم، ولا هادي ولا مرشد إلا هو، ولا يعرف إلا به، هو الأول والآخر والظاهر والباطن. والصلاة والسلام على سيّد الرسل ومرشد الكلّ الذي ظهر من غيب الوجود إلى عالم الشهود، وأتمّ الدائرة وأرجعها إلى أولها، وعلى آل بيته الطاهرين الذين هم مخازن سر الله، ومعادن حكمة الله، وهداة ما سوى الله.
    و بعد ...
    هذه وصية من عجوز عاجز، أمضى زهاء التسعين عاماً من عمره غارقاً في مستنقع الضلالة وسكر الطبيعة، يطوي الآن أيام أرذل عمره * (انه اصطلاح قراني ورد في الآية 70 من سورة النحل، وبعض الروايات عدّت ذلك عند بلوغ العام الخامس والسبعين) منحدراً نحو قعر جهنم، غير آمل بالنجاة، وغير آيسٍ من روح الله ورحمته، فلا أمل له سواه تعالى، يرى نفسه عاجزاً لما اشتغل به من عقد العلوم المتعارفة والقيل والقال حتى أضحت معاصيه مما يعجز سوى الله تبارك وتعالى عن إحصائها.
    إلى شابٍ يؤمّل له أن يشقّ طريقه نحو الحق وينجو ـ بتوفيق الله وهداية الهداة ـ من المستنقع الذي سقط فيه أبوه.
    ولدي العزيز أحمد، انظر ـ سلّمك الله ـ في هذه الأوراق نظر ناظرٍ إلى ما يقال، لا إلى من يقول ((وانظر إلى ما قال، ولا تنظر إلى من قال)) * (غرر الحكم و درر الكلم لأمير المؤمنين(ع) " لا تنظر إلى من قال، وانظر إلى ما قال ") فإني أهدف
    مما أقول تنبيهك رغم أني بريءٌ مما أقول، بعيد عنه.
    أعلم أن ليس لأي موجود من الموجودات ـ بدءاً من غيب عوالم الجبروت وإلى ما فوقها أو تحتها ـ شيءٌ من القدرة أو العلم أو الفضيلة، وكل ما فيها من ذلك إنما هو منه جلّ وعلا، فهو الممسك بزمام الأمور من الأزل إلى الأبد، وهو الأحد الصمد. فلا تخش من هذه المخلوقات الجوفاء الخاوية الخالية ولا تعلّق آمالك عليها أبداً، لأن التعويل على غيره تعالى شرك، و الخوف من غيره جلّت عظمته كفر.
    بنيّ:
    اسع في إصلاح نفسك مادمت تحظى بنعمة الشباب، فإنّك ستخسر كل شيءٍ في الشيخوخة، فمن مكائد الشيطان ـ ولعلها أخطر مكائده ـ التي سقط فيها أبوك وما زال، إلا إذا ادّاركته رحمة الحق تعالى ـ هي ((الاستدراج)) * (هو التدرج في نحو العناد، وسمي توالي النعمة مع ارتكاب المعاصي استدراجاً ) ففي أوائل الشباب يسعى شيطان الباطن ـ أشدّ أعداء الشاب ـ في ثنيه عن إصلاح نفسه ويمنّية بسعة الوقت، و أن الآن هو آن التمتع بالشباب، ويستمر في خداعه بالوعود الفارغة ليصدّه عن فكرة الإصلاح تماماً، وساعة بعد ساعة، ويوماً بعد يوم يتصرّم الشباب، ويرى الإنسان نفسه فجأة في مواجهة الهرم الذي كان يؤمّل فيه إصلاح نفسه، وإذا به ليس بمنأىً عن وساوس الشيطان أيضاً، إذ يمنّيه آنذاك أيضاً بالتوبة في آخر العمر. لكنه حينما يحسّ بالموت في آخر العمر، يصبح الله تعالى أبغض موجودٍ إليه، لأنه يريد انتزاع الدنيا محبوبه المفضّل منه. وهذه حال أولئك الذين لم ينطفئ نور الفطرة فيهم تماماً. وهناك من أبعدهم مستنقع الدنيا عن فكرة الإصلاح كلياً، وسيطر عليهم غرور الدنيا بشكلٍ تام، وقد رأيت أمثال أولئك بين أهل العلوم المتعارفة، ومازال بعضهم على قيد الحياة، وهم يرون أن الأديان ليست سوى خرافة وترهات.
    بنيّ:
    انتبه جيداً، إلى أن أي أحدٍ منا لا يمكنه أن يكون مطمئناً إلى عدم وقوعه في حبائل هذه المكيدة الشيطانية.
    عزيزي فلتقرأ أدعية الأئمة المعصومين عليهم السلام ولتنظر كيف أنهم يعتبرون حسناتهم سيئات، وكيف يرون أنهم يستحقون العذاب الإلهي، ولا يفكرون سوى برحمة الحق تعالى. وأهل الدنيا ـ وتلك الفئة من المعمّمين اللاهثين وراء بطونهم ـ إنما يؤوّلون هذه الأدعية، لأنهم لم يعرفوا الله جل وعلا.
    بنيّ:
    والأمر في ذلك فوق ما نتصوره، فهم بين يدي عظمة الله، فانون من أنفسهم، لا يرون غيره تعالى، وفي تلك الحال ليس هناك كلام أو ذكر أو فكر، وليس هناك ذات. وهذه الأدعية الكريمة والمناجات إنما صدرت منهم في حال الصحو قبل المحو، حيث أنهم حينها كانوا يرون أنفسهم في محضر الحاضر. ونحن والجميع ـ عدا أولياء الله الخلّص ـ قاصرون عن ذلك. إذن فسأبدأ الحديث عن تلك الأمور ـ التي لا تليق بأمثالي المضطربة أوضاعهم، وإنما الأمل بفضل الله وإمداد أوليائه عليهم السلام أن يعينك أنت يا ولدي، لعلك تصل إلى تلك الحال ـ وهي ((فطرة التوحيد)) الأمر الموجود في *{ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا }(الروم/30).فهو أمر فطر عليه جميع الناس، بل جميع الموجودات، فما يبحث ويجري وراءه الجميع سواء في العلوم والفضائل والفواصل، أو في المعارف وأمثالها، أو في الشهوات والأهواء النفسانية، أو في التوجه إلى كل شيء وأي شخص من قبيل أصنام المعابد والمحبوبات الدنيوية الأخروية الظاهرية والخيالية المعنوية والشكلية، كحب النساء والبنين والقبيلة والقادة الدنيويين كالسلاطين والأمراء وقادة الجيوش، أو القادة الأخرويين كالعلماء المفكرين
    [134]
    والعرفاء والأنبياء عليهم السلام كل ذلك التوجه إلى الواحد الكامل المطلق، فليس من حركة تقع إلا له تعالى. وفي سبيل الوصول إليه جل وعلا، وليس من قدم تخطو إلا نحو ذلك الكمال المطلق، ونحن وأمثالنا ـ ممن حجبتنا الحجب الظلمانية المتراكمة بعضها فوق بعض ـ إنما نعاني ونتعذّب نتيجة هذا الاحتجاب، وأول خطوة تكون مقدمة لرفع الحجب هي أن نعتقد أننا محجوبون، وأن علينا أن نصحو تدريجياً من خدر الطبيعة الذي شمل كامل وجودنا من السر والعلن والباطن والظاهر، وهي اليقظة التي عدها بعض أهل السلوك ((المنزل الأول)) من منازل السالكين، إلا أنها ليست كذلك، فهي حالة عودة الوعي والاستيقاظ، وهي مقدمة فقط، للبدء في السير ورفع جميع الحجب الظلمانية، ثم الحجب النورانية والوصول إلى أول منزل التوحيد.
    والأمر سيّان إذا التزمنا إطار العقل، أو الأطر الأخرى بأسرها، فجميعها تفصح عن أن الكمال المطلق هو جميع الكمالات، وإلا فهو ليس بمطلق، ولا إمكان لظهور أي كمال أو جمال في غير الله لأن الغيرية في عين الشرك إن لم تقل أنها إلحاد.
    عزيزي:
    ينبغي ـ أوّلاً ـ أن تخطو بقدم العلم رويداً رويدا، فإن أي علم كان هو الحجاب الأكبر، وبالدخول في هذا الحجاب ستتعلم رفع الحجب. تعال إذن ننطلق معاً نحو الوجدان، لعل ذلك يفتح الطريق أمامنا.
    إن أي إنسان، بل أي موجود عاشق للكمال بالفطرة ومتنفّر من النقص، فأنت إنما تطلب العلم لأنك تطلب الكمال، وبذا فأنت ترى أن فطرتك لا تقنع أبداً بأي علم تناله، وهي بمجرد أن تدرك وجود مراتب أرقى وأعلى في هذا العلم، فإنها ستبحث عنها وتطالب بها، وسوف تتنفّر مما لديها من العلم الذي تناله لما سترى به من محدودية ونقص. فما تعشقه الفطرة هو كمال العلم لا نقصه، ولو أن مقتدراً اهتم بقدرته فهو إنما يسعى إلى كمال القدرة لا إلى نقصها، لذا نرى المقتدرين يسعون دوماً لقدرةٍ لأعظم وأعلى، غافلين عن أن القدرة المطلقة إنما في الموجود المطلق. وأن جميع ((دار التحقق)) إنما هي مظهر من ذلك الموجود المطلق. وأينما تولّ وجهك إنما تولّ وجهك إليه، إلا أنك محجوب ولا تعلم، وإذا أدركت هذا المقدار وفهمته بالوجدان فلا يمكن أن تتوجه إلى غير الموجود المطلق، وذلك هو الكنز الذي يغني الإنسان عن الحاجة إلى غيره تعالى، ويصبح كل ما يصل إليه من المحبوب المطلق، وكل ما سلبه إنما سلبه إياه المحبوب المطلق. حينها ستستشعر اللذة حينما ترى من يبحثون عن سقطاتك وعيوبك، لأن ذلك كله من المحبوب وليس منهم، وحينها أيضاً لن تعلق القلب بأي مقام غير مقام الكمال المطلق.
    ولدي العزيز:
    دعني أتحدث إليك الآن بقلمي ولساني العاجزين:
    أنت والجميع تعلمون بأنكم تحت ظل نظامٍ وقف بوجه القوى الشيطانية بيمن القدرة والتوفيق الإلهيين، وبدعاء وتأييد بقية الله (مر ذكره سابقاً) ـ أرواحنا لتراب مقدمه الفداء ـ وبتضحيات الشعب الإيراني الثوري ـ روحي فداهم واحداً واحدا ـ نظام مرغ بالتراب أنف نظام الفوضى الملكية الذي لم يحسن ـ خلال آلاف السنين ـ غير الظلم وإلحاق الأذى بأبناء الشعب والقتل والنهب. وفي هذا الخضم تعرض أولئك الطفيليون ـ أتباع النظام الفاسد ممن مارسوا أنواع الظلم والتعدي والسلب ـ إلى السقوط في أوج قدرتهم إلى أسفل السافلين ـ كما حصل لتلك القوى الشيطانية وشبكات إعلامها المضلل ـ وتفرق الكثير منهم الآن في مختلف البلدان الأجنبية، عدا من بقي منهم في داخل البلاد وقلبه متعلق بالأجانب، وقد عقدوا مع الغرب عقد الوئام، فهم جميعاً قد تعرضوا إلى فقدان مصالحهم على المستوى الدولي، وأصبحوا حديث الأنس بما أصابهم من الخزي والعار، واليوم فإن لهؤلاء ـ خصوصاً أمريكا الناهبة ـ مؤيديين في العالم، وبين الشعوب المستضعفة والغافلة عن حقيقة القدرة التي يمتلكها الإسلام، وفي مجتمعنا نحن أيضاً العديد من المأسورين بأمريكا يعيشون بيننا وقد امتشقوا سيوفهم بوجه هذه الجمهورية المباركة والمسئولين فيها، ينتظرون زوالها لما يرون من خطر يهدّد منافع الغرب، بسبب الإسلام العظيم ـ القدرة الوحيدة التي تسببت في تعرضهم لهذا الخطر.
    كذلك فإن الشرق الملحدـ الذي يقف بوجه أية محاولة تمس قدرته، وبعد أن سيطر هو الآخر على نصف العالم ـ يحس أنه وأصدقاءه في معرض الخطر أيضاً من هذا الإسلام المتنامي القدرة، هذا الشرق الملحد له في داخل البلاد وخارجها مؤيدون أيضاً يقفون تبعاً لمعبودهم الكبير بوجه الإسلام العظيم والجمهورية الإسلامية ومسئولي النظام، ويسعون جاهدين للقضاء عليها وعلى أي أثر لها.
    في مثل هذا المحيط، وفي مثل هذه الأوضاع، هل تتوقع أن يشد على يد الجمهورية الإسلامية، وينبري المادحون لمدحها، والترحيب بها وبالمسئولين بها ؟
    إن طبيعة التفكير البشري الفاسد تقتضي إزالة ما يعتبر عوائق من الطريق، واستخدام أية وسيلة لتحقيق ذلك، وأحد أساليبهم التي يلجأون إليها ـ علاوة على الأسلوب العسكري والاقتصادي والقضائي ـ ((الأسلوب الثقافي)) فالثقافة المنحطة للغرب والشرق تقتضي استخدام كل الإمكانات الإعلامية المتاحة لهم لنشر الأكاذيب على مدار الساعة، وإلصاق الاتهامات والافتراء على الثقافة الإسلامية الإلهية، واستغلال كل فرصة للقضاء على القوانين الإلهية للجمهورية الإسلامية، وعلى أصل الإسلام، وأن يعتبروا المرتبطين بالإسلام رجعيين وفاقدين للحس السياسي. إلى غير ذلك من القول بعدم مناسبة القوانين الإسلامية لعصرنا الحاضر، على أساس أنها قوانين مضى عليها ألف وأربعمائة عام، فلا تنفع في إدارة الأمور في وقتنا الحاضر الذي يمتلئ بالمستجدات مما لم يكن موجوداً في تلك العصور، وقد كرر بعض مدّعي الإسلام هذه الأمور أيضاً، وما زالوا.
    في مثل هذا المحيط ينبغي الوقوف بوجه هذه المؤامرات الواسعة ـ استناداً إلى الثقافة الإلهية الإسلامية ـ والثبات بوجهها، فينبري لذلك الكتّاب الملتزمون والخطباء والفنانون للاستفادة من هذه الفرصة العظيمة، وباستمداد الروحانيين العارفين بالفقه الإسلامي والقرآن الكريم، ممن يستنبطون الأحكام الإلهية المناسبة لكل عصر بالاجتهاد الصحيح من القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة والأخبار الفياضة بالمعارف الإلهية والفقه الأصيل (الفقه التقليدي هو أسلوب في استنباط واستخراج الأحكام الشرعية من مصادرها الفقهية المعتبرة، وقد التزم علماء المسلمين الشيعة بهذا الأسلوب منذ عهد الرسول الأكرم (ص) وحتى يومنا هذا، البعض كان يظن أن هذا الأسلوب يتعارض مع الفقه المتحرك، لكن الإمام الخميني (س) اعتبر أن الفقه الحركي أو المتحرك ـ الذي يشكل أثر دور الزمان والمكان في الاجتهاد ـ يسير بموازاة الفقه التقليدي ومكمل له) وعرضها للعالم أجمع. ولا تخشوا أولئك الذين لا همّ لهم سوى البحث عن عيوب الآخرين، والمنحرفين، ووعاظ السلاطين، والمعمّمين المرتبطين ببلاط الملوك، ولتفهموا أولئك القشريين من الروحانيين أو غيرهم ممن يقفون بوجه الحكومة الإسلامية جهلاً أو عمداً، أو بباعث الحسد أو عدم الفهمـ وبما اتبعه النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام وسائر الأئمة من أساليب، وبالموعظة الحسنة ـ بأن هذه الانحرافات إذا أدت إلى إلحاق ضرر ما ـ لا سمح الله ـ بالجمهورية الإسلامية التي تهدف إلى إحياء الإسلام الذي تعرض للظلم على مدى التاريخ، فإن الإسلام سيتعرض إلى ضربة من الشرق والغرب، ومن المرتبطين بهما وستؤدي إلى أن نواجه قروناً من الفساد تفوق عصر الملكية المقبور الظالم ظلمةً وفساداً.
    والآن جاء دور تقديم النصيحة الأبوية إلى ولدي أحمد:
    بنيّ:
    رغم أنك لم تتصدّ لأية مسئولية مما تصدى له القادة الإسلاميون المسئولون ـ أيدهم الله تعالى ـ إلا أنك تتعرض للكثير من الصدمات، وما ذلك إلا لأنك ابني، فبناءاً على فهم الغرب والشرق، ينبغي أن أصبح أنا وكل من هو قريب مني ـ خصوصاً أنت لما تمثله من القرب الشديد مني ـ موضعاً للتهمة والأذى والافتراء. فجريرتك الحقيقية هي أنك ابني، وهذا ليس بالجرم القليل في نظرهم، ولا شك أنهم سيعرضونك إلى أشدّ من هذا، وعليك أن تستعد لتحمّل المزيد، ولكنك إذا تمسكت بالإيمان وبالاعتقاد بالله تعالى، واطمأننت إلى حكمة الباري ورحمته الواسعة، فإنك سترى هذه التهم والافتراءات والمتاعب المتزايدة هدايا من محبّ يريد إعانتك على ترويض نفسك، وابتلاءً وامتحاناً إلهياً لتنقية نفوس عبيده. تحمّل الصدمات إذن، واشكر الله تعالى على رعايته لك واسأله المزيد.
    ابني العزيز:
    رجوتني مرات عديدة أن لا أتحدث عنك بما يدل على تبرئتك من التهم المنسوبة إليك، وقلت أن ذلك لأجل الإسلام ومصلحة الجمهورية الإسلامية، ولكن إذا رأيت في هذه الوريقات، أنني خالفت قولك هذا وقلت عنك شيئاً غير ما طلبت مني، فاعلم أن ذلك عمل بالتكليف الإلهي، والتصدي للدفاع عن شخص مسلم، أو عن أحد عباد الله ممن تحملوا في سبيلي كل هذه التهم والأذى، دون أن أقول أنا ما أعرف عنهم.
    أشهد الله القاهر الحاضر المنتقم بأن (أحمد) ومنذ اليوم الذي تصدى فيه لمساعدتي، وأصبح مسئولاً عن علاقاتي الخارجية في مضيفنا، وإلى الآن ـ حيث أكتب هذه الكلمات ـ لم يخط خطوةً، أو يكتب حرفاً خلافاً لقولي، أو لما أكتبه، وقد سعى بحرص شديد على عدم تغيير كلمة واحدة، بل حتى حرف واحد أحياناً مما قلته أو كتبته مما يرى هو حاجة إلى إصلاحه دون إذن مني، رغم أني أجزته هو وبعض أعضاء مكتبي الخاص ممن تكفلوا مسئولية العلاقات الخارجية ـ حفظهم الله ـ أن يلفتوا نظري إلى أي شيء يرون فيه خلاف الصلاح، وقد كان ابني (أحمد) دوماً في مجريات هذه الأمور وما زال، إلا أنه إلى الآن لم يعمل على إضافة أو إنقاص كلمة دون الرجوع إليّ ـ والله على كل ذلك شهيد ـ
    إلهي ! رغم عدم رغبتي في كتابة أو قول أي شيء حول أقربائي مما يشم منه رائحة المديح، إلا أنك تعلم يا إلهي بأن السكوت إزاء التهم الباطلة جرم وذنب، وإني لم ألمس من إخواني ممن يعملون في مكتبي أية مخالفة تستوجب عدم رضاي. هؤلاء كان لهم ماض طويل معي، وقد تعرض من بينهم الشيخ الصانعي (هو الشيخ حسن الصانعي من العلماء الملتزمين والمجاهدين، ويتولى حالياً رئاسة مؤسسة الخامس عشر من خرداد.) إلى مختلف الصدمات ـ على مدى حياتي ـ بسبب ارتباطه بي، وإني أدعو لهم جميعاً بالأجر الجزيل والصبر الجميل ,
    لا يفوتني أن أقول في الختام بأن (أحمد) لم يستلم إلى الآن ديناراً واحداً من بيت المال، وإني أنفق من أموالي الخاصة لأمور معاشه.
    اللهم اغفر لنا ـ نحن عبيدك الغارقون في الذنوب ـ ولا تحجب عنا رحمتك الواسعة، وإن كنا لسنا أهلاً لذلك، ولكنا مخلوقاتك.
    اللهم ! احفظ هذه الجمهورية الإسلامية والمسئولين فيها، ومقاتلينا الأعزاء، وارعهم بعين رعايتك، وارحم الشهداء والمفقودين الأعزاء وعوائلهم برحمتك، ورد الأسرى والمفقودين إلى أوطانهم بحق محمد وآله الأطهار عليهم السلام.

    [align=left]بتاريخ 27 ربيع الثاني1408 هـ 19/12/1987 م
    روح الله الموسوي الخميني
    20/3/1988 م[/align]

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    401

    افتراضي

    [align=center]الوالد الكبير سماحة الإمام مد ظله العالي [/align]

    بعد التحية والسلام: بالنسبة للمعتمدين، والهيئة التنفيذية لانتخابات طهران، فبسبب حصول اختلاف في الاستنتاج، وفي رأي الهيئة المركزية المشرفة من قبل شورى صيانة الدستور (المادة 91 من الدستور الإسلامي تقول: " للمحافظة على الأحكام الإسلامية والدستور في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وضمان عدم مغايرة مقررات المجلس معهما، تشكل شورى باسم ((شورى صيانة الدستور)) تتألف من 6 من الفقهاء العادلين والمطلعين، و6 من الحقوقيين المتخصصين في مختلف مجالات الحقوق". وحسب المادة 92 من الدستور " ينتخب أولئك الأعضاء لمدة ست سنوات " وحسب المادة 93 من الدستور " دون وجود شورى صيانة الدستور يعد مجلس الشورى الإسلامي غير قانوني ". وحسب المادة 94 من الدستور " كل مقررات المجلس يجب أن ترسل إلى شورى صيانة الدستور للمصادقة عليها، والتحقق من مطابقتها وعدم مغايرتها للموازين الإسلامية والدستور الإسلامي ") في الانتخابات، ووزارة الداخلية وقد وصلنا إلى هذه النتيجة وهي: أربعة أشخاص من اللائحة التي وافقت عليها هيئة الإشراف في طهران تم انتخابهم من قبل تلك الهيئة، وأربعة أشخاص من اللائحة التي وافقت عليها وزارة الداخلية (قائم مقام طهران) تم انتخابهم من قبل قائم مقام طهران ليشكلوا الهيئة التنفيذية، والأعمال التي تمت حتى الآن، والأعضاء البديلين على الشكل السابق، وبالطبع فإن انتخاب مثل هؤلاء الأشخاص لا يكون نافذاً إلا بأمر سماحتكم، وهذا ما سيحل المشكلة.

    [align=left]المريد أحمد الخميني السبت 20/3/1988 م

    بروح الله الموسوي الخميني


    23/4/1988 م[/align]


    [align=center]باسمه تعالى[/align]

    بعد التحية والسلام نعرض لسماحة الإمام ما يلي:
    بعد اتصالاتي الهاتفية المتعددة مع آية الله الشيخ الإمامي (هو الشيخ الإمامي الكاشاني عضو فقهاء شورى صيانة الدستور) وحجة الإسلام والمسلمين السيد المحتشمي (من العلماء الملتزمين والمجاهدين، شغل منصب وزير الداخلية سابقاً، وعضو سابق في مجلس الشورى الإسلامي) توصل السادة إلى هذه النتيجة:
    1ـ تحديد الصناديق التي ذكرت في الشكوى منذ الآن.
    2ـ أن تعد آراء جميع المرشحين في الصناديق، وعدم الاقتصار على مرشحين خاصين.
    3ـ في الحالات التي يواجه فيها ممثلو التنفيذ أو الإشراف مشكلة في حساب الآراء المستخرجة من الصناديق عليهم إبلاغ ذلك فوراً إلى كل من الشيخ الإمامي والسيد المحتشمي، ليرسل الشيخ الإمامي شخصاً من قبله ليعيد حساب آراء الصندوق المتنازع عليه أمام مكلفي التنفيذ والإشراف.
    4ـ هيئة الإشراف ستكلف عدداً من الإخوان بما يعادل عدد الأخوات من هيئة التنفيذ.
    5ـ أن تتم المسألة ـ مع الإمكان ـ إلى آخر هذا الأسبوع أو العشرة أيام.
    والسلام

    [align=left]أحمد الخميني

    2/4/1988م[/align]


    [align=center]باسمه تعالى[/align]

    يجب العمل طبق ما ذكر، ولا يجوز التساهل في ذلك. أسأل الله لكم التوفيق والتأييد في ذلك.
    [align=left]روح الله الموسوي الخميني

    23/4/1988م
    8/9/1988م[/align]


    [align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

    والدي العزيز ومرادي الكبير، بعد التحية والسلام:
    1ـإحدى المسائل المهمة جداً التي ستقع بعدكم ـلا أتى الله بذلك اليوم ـ والتي ستؤدي إلى تباين مواقف وآراء أبناء الثورة والأشخاص الآخرين والمحققين، وأحياناً إلى اختلافهم، هي استنتاجاتهم المختلفة السياسية وغير السياسية حول نص واحد.
    وأوسع من ذلك بكثير هو وجود اختلاف بين النصوص المنشورة لسماحتكم، وبين ما يعد وثيقة سياسية وغيرها من تسجيل صوت وفيلم ونصوص خطية منشورة لسماحتكم والتي بأيدينا.
    أنتم تعلمون أكثر من غيركم أنه ـ ولأسباب مختلفة ـ كنتم تقترحون أنتم شخصياً أو أنا، أو المسئولين، أو حتى الأشخاص العاديين حذف قسم أو أقسام من خطبكم، أو يعرض عليكم حذف وتغيير وإضافة جملة أو جمل في بياناتكم، وكنتم تقبلون ذلك حيناً، وتصدر حيناً الأمر ـ بعد التمعن ـ بحذف أو تغيير أو إضافة بالشكل الذي ترونه، وكان ذلك يتم.
    على هذا إذا تقرر في يوم ـ وسيكون ذلك حتماً ـ أن تنشر نصوص خطبكم أو بياناتكم أو ما شابه مما هو محفوظ بصوتكم أو بخط سماحتكم، فمن المؤكد أن النصوص الخطية أو المتون الأصلية للتسجيل الصوتي والفيلم ستشكل مستندات لا تقبل التشكيك وما زيد عليها أو أنقص منها ـ وبالصورة السابقة ـ فإنه ـ وإن كان مهماً جداً ـ فسيعزل جانباً، أو سيشار إليه في المتن. وهذه مسائل لا بد أن يفكر فيها جدياً.
    2ـالمسألة الأخرى التي يستحسن أن تقرروها سماحتكم هي أن ما نشر عن سماحتكم في الصحف والإذاعة والتلفزيون، بل وحتى في الملفات، لم يكن بنسق واحد، فقد شوهد أحياناً أن الصحف والمجلات تسقط جملة أو عدة جمل من بين طيات بياناتكم أو خطبكم إما عن سهو أو لهدف سياسي أو غير سياسي، فتذكر في صحف ولا تذكر في صحف أخرى، فأي نص يجب أن يعتمد كأصل، النص الكامل الذي ورد في تلك الصحيفة، أم ذلك المنقوص؟
    بالطبع فإن هذا التردد سيكون عندما لا يتيسر الحصول على تسجيلكم الصوتي ومخطوطتكم، وهذا الأمر كثير، حيث أنه في كثير من الأحيان كنت أنا أو غيري من الأصدقاء نقوم بتدوين كلامكم، ثم نعرضه عليكم، ثم نسلمه إلى الصحف وغيرها. فمن الذي يجب أن يحدد أن تلك الجمل هي لسماحتكم أم لا ؟ ومن البديهي أن تغيير أو حذف أو إضافة كلمة يغيّر معنى الجملة بشكل كامل.
    3ـالمسألة الأخرى هي أن تحددوا تكليف رسائلكم وكتاباتكم وبياناتكم وأفلامكم وتسجيلكم وأشعاركم ـ التي لم تنشر مطلقاً ـ والمخزونة في المكتب.
    4ـملفات سماحتكم في السافاك ـ والتي هي حالياً بيد وزارة الأمن ـ ولديّ نسخة عنها، علي أن أعلمكم أن ملفاتكم في منظمة الأمن الملكي في طهران وحدها جمعت في 48 مجلداً، وكل مجلد يحوي تقريباً 500 صفحة، والتي إذا نشرت ستزيح الستار حتماً عن قضايا كثيرة، وهي بالطبع أحد أثمن وثائق الثورة الإسلامية.
    5ـالكتب والمخطوطات العلمية والأخلاقية التي تشكل جزءاً من أرقى الكتب، ويمكنها أن تشكل الأرضية لثورة فقهية وأخلاقية وفلسفية وعرفانية وأصولية.
    6ـالاستفادة والتحقيق والتحليل ونشر الوثائق والملفات الموجودة قبل الثورة وبعدها والمرسلة لسماحتكم أو إلى المكتب، وهي الآن في المكتب.
    أقدم لكم مرفقاً نموذجين أو ثلاثة من الأمور التي دفعتني لكتابة هذه الرسالة كشاهد على ذلك.
    كان الله ناصراً وحافظاً لكم
    [align=left]ابنكم
    أحمد الخميني

    8/9/1988 م[/align]

    جواب رسالة حجة الإسلام والمسلمين السيد أحمد الخميني حول تنظيم وتدوين الوثائق والمستندات المتعلقة بسماحة الإمام:


    [align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

    ولدي العزيز أحمد حفظه الله تعالى وأيده
    حيث أني أعتبرك ـ بحمد الله تعالى ـ صاحب رأي ونظر في القضايا السياسية والاجتماعية، وكنت إلى جانبي في جميع الأحداث وما تزال، وتتولى شؤوني السياسية والاجتماعية بصدق وكياسة، لذا فإني أختارك لتنظيم وتدوين جميع القضايا المتعلقة بي. والتي قد تكون نشرت في وسائل الإعلام باختلافات وأخطاء. وأسأل الله تعالى الحاضر والناظر التوفيق لكم. آمل أن تنهي هذا الأمر بعد صرف الوقت ودقة النظر.
    والسلام عليكم
    [align=left]الخميس 8/9/1988 م
    26/ محرم الحرام/1409 م روح الله الموسوي الخميني
    13/11/1988 م[/align]


    [align=center]باسمه تعالى[/align]
    الحضور المبارك، قائد الثورة الكبير، ومؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران سماحة آية الله العظمى الإمام الخميني (مد ظله العالي)
    بعد التحية والسلام
    كما أشير في الرسالة السابقة هناك ملفات عديدة جمعت ونظمت حول سماحتكم من قبل مسئولي النظام السابق وفي المراكز المختلفة من قبيل: منظمة الأمن، وزارة الخارجية، إدارة القصر الملكي، رئاسة الوزراء، الأركان العامة للجيش وغيرها. وحالياً هناك عدد من هذه الملفات في بعض المؤسسات المذكورة، وقسم آخر محفوظ في مؤسسات ومراكز حكومية أخرى.
    الآن ومن أجل تنفيذ أمر سماحتكم بشكل دقيق وصحيح، ومن أجل تدوين ودراسة وثائقكم وتراثكم المبارك هناك حاجة لمطالعة ودراسة تلك الوثائق والاستفادة منها. فإذا رأيتم من المصلحة أن تصدروا أمراً بوضع هذه الوثائق والملفات والمستندات الأخرى ـ التي لها دور في إكمال وتوضيح ما ورد في ملفاتكم ـ في متناول اليد.
    [align=left]أحمد الخميني 13 /11/1988 م [/align]


    [align=center]باسمه تعالى[/align]
    على المسئولين أن يضعوا في متناول أيديكم أي ملف أو رسالة أو أي شيء يؤدي إلى توضيح الوثائق، أو الوثائق المتعلقة بي، مما هو موجود، وأينما كان، وذلك إذا طلبت ذلك أن أو ممثلك.
    [align=left]روح الله الموسوي الخميني[/align]



    [align=center]باسمه تعالى[/align]
    عزيزي أحمد
    أرجو أن تكون سالماً إن شاء الله، الرسالة التي كنت كتبتها لوالدتك وصلت، وها أنت تصر مجدداً بالنسبة للسيد المذكور (هو آية الله الرباني الشيرازي، وقد مرّ ذكر اقتراحه مع السيد أحمد الخميني بجمع عدد من الطلاب من خلال دفع رواتب شهرية، ورفض الإمام لهذا الاقتراح. وبعد مدة كرّر السيد أحمد اقتراحه هذا بإرسال رسالة بهذا المضمون مع والدته، لكن الإمام وبخه على ذلك، وعلم السيد أحمد فيما بعد أن الإمام كان محقاً.) ولا أعلم ما هو هذا الإصرار، أولست تعرف أسلوبي، وأني لا أريد التشبث بهذه الأمور، وصلاح ديني ودنياي ليس في هذه الأعمال. نقل لي البعض أنك تذهب كل شهر إلى طهران لاستلام شهرية الأصحاب، وقد تعجبت كثيراً، بل إني لم أصدق ذلك. لا تقم بهذا الأمر، وليذهب شخص يأتي بها، ليس من شأنك أن تذهب كل شهر من أجل هذا الأمر، بل خفف من ذهابك إلى طهران. أبلغ السيد اللواساني (آية الله السيد محمد صادق اللواساني) أنه كنت قد كتبت لي أنك أرسلت حساب الشهر المبارك، ولم يصلني ذلك (يقول السيد أحمد الخميني "عدم وصول الرسائل إلى الإمام كان لأسباب منها: أـ كان البعض يأخذ الرسالة ويأخذ مبلغاً لحملها، ثم يمزقها ويرميها. بـ كان السافاك يصادرون الرسالة أحياناً، لكن معظم وكلاء الإمام وخاصة السيد اللواساني كانوا يستعملون اسماً مستعاراً في مراسلاتهم مع الإمام ".) كذلك أبلغه بعدم وجود مسافر مؤتمن لأرسل له جواب مراسلاته والوصولات. وفي أي وقت وجد سأرسلها إن شاء الله. وأبلغه أيضاً إذا وقع لذلك الشخص المحترم (يقول السيد أحمد الخميني: " بعد وقف دفع الرواتب الشهرية من الإمام في قم قررنا أن ندفع الشهرية بأي شكل ممكن فتقرر أن يذهب الشيخ حسن صانعي والشيخ فضل الله المحلاتي إلى بيت آية الله الميرزا أحمد الأشتياني ـ الذي كان من العلماء البارزين في طهران، ومن مستوى آية الله الخوانساري ـ ليطلبوا منه أن توزع الشهرية باسمه، فأحال الأمر إلى الاستخارة، فاستخار ابنه آية الله باقر الأشتياني، وكانت النتيجة جيدة فقبل ذلك، وطلب الإجازة من الإمام، عندها كتب سماحة الأمام رسالة محترمة جداً إلى آية العظمى الميرزا الأشتياني ـ الذي كان فيلسوفاً وفقهياً وأكبر سناً من الإمام بعشرين عاماً ـ وأجاز له فيها أخذ الحقوق الشرعية عنه، وأن تكون الحقوق الموجودة باسمه أيضاً. فكان خبر الرسالة كانفجار قنبلة في محافل طلبة العلوم الدينية في طهران، ولم يسكت معارضو الإمام فكانوا يسمعون الأشتياني أن شأنك أجل من أن تصبح وكيلاً للخميني، لكنه لم يأبه بهذا الكلام، ووزعت الشهرية باسمه لمدة. وكان يوزعها في قم الشيخ حسن الصانعي، الذي كان حينها الشخص الثاني بعد وكيل الإمام في قم يتولى مسائل بيت الإمام، فتقرر أن يجلس عند توزيع الشهرية بين الموزعين ليطلع على الأمر من لم يعلم حتى الآن أنها شهرية الإمام لكن بعد شهرين أرسل السافاك مذكرة إلى الشيخ الصانعي عبر الميرزا أبو القاسم الأشتياني الذي كان وكيل الإمام ومسئول دفع الشهرية التي تدفع عن الإمام من قبل الأشتياني الكبير، تقول المذكرة أن حضورك في هذا المكان غير ضروري، وعليك أن تترك هذه الجلسة، فشاورني في الأمر وتقرر أن يبقى لأن الجميع كان يعلم أنها شهرية الإمام، وعلينا أن لا نضع سنداً بيد السافاك بهذا العمل. وكان حينها الوضع الصحي لآية الله العظمى الميرزا أحمد الأشتياني سيء وعلى حافة الموت، عندها كتب الإمام للسيد اللواساني أن إذا كنت ترى من المناسب إعطاء الميرزا باقر الأشتياني وكالة فأعطه ـ وكان حينها الميرزا باقر في نفس سن الإمام ـ وسبب مشورة الإمام مع اللواساني لشدة حبه له، ولأنه كان وكيله المطلق، وأراد الإمام أن لا يبقى في نفسه شيء وعلى أي حال بعد ذلك تولى الميرزا محمد باقر الأشتياني دفع شهرية الإمام إلى النهاية، ولم يترك شهرية الإمام في قم. وكان للشهرية دور مهم في الحوزة العلمية والجهاد ضد الملكية ".)
    حادثة ـ لا سمح الله ـ فليقم بذلك ابنه المحترم، وليكتب لي إذا كان يجب أن أرسل له وكالة.
    والسلام
    آمل منكم أن تدعو لي، وإني أدعو لكم وللمحترمة المكرمة.
    [align=left]أبوك[/align]



    [align=center]باسمه تعالى[/align]
    أحمد العزيز
    أسأل الله أن تكون بالسلامة والسعادة مقروناً. وصلت رسالتكم.
    1ـ في رسالة كان هناك فهم خاطىء، اعتذر أنت من جناب حجة الإسلام الشيخ الرباني (هو المرحوم آية الله الرباني الأملشي العضو الأسبق في شورى صيانة الدستور.) الذي أحبه حقيقة.
    2ـ إني لم أمنع مساعدة الفقراء والطلاب أبداً، ولن أفعل ذلك. أفعل حسب المصلحة، وكما يرى العم المحترم، وكذلك كما يرى الشيخ الرباني. فإني راضٍ تماماً.
    3ـ أبدل جهدك ليعم حسن التفاهم دوماً بين السادة، فإن الاختلافات مضرة لهم وللجميع.
    4ـ خذ مبلغ ألفي تومان إما من السيد اللواساني (آية الله السيد محمد صادق اللواساني.) أو من السيد العم (أية الله بسنديده.) أو من السيد الطهراني (الوكيل الرسمي لسماحة الإمام (س).) وأعطها للشيخ الخلخالي، وخمسماية تومان كذلك للسيد كياني.
    5ـ لا تتدخل في الخلافات الحاسمة بين الطلاب والخطباء حول الكتاب وأي شيء آخر. عل الله تعالى يصلح الأمور.
    آمل منكم الدعاء، أبلغ البنات وزوجتك المحترمة السلام
    [align=left]أبوك[/align]



    [align=center]باسمه تعالى[/align]
    أحمد العزيز
    أسأل الله لك السلامة، أطلعني على صحتكم. السيدة قلقة، رغم إطلاعنا عن سلامتكم. على أي حال أسرع بطمئنتنا. أبلغ سماحة السيد (آية الله بسنديدة) السلام. وأبلغ نور عيون الجميع السلام.
    [align=left]والسلام أبوك[/align]


    [align=center]باسمه تعالى[/align]
    عزيزي أحمد
    رسالتك وصلت. سررنا لسلامة الجميع. نحن نواجه المصائب لنرى ما سيحصل. طمئنني عن سلامتك والآخرين. أكتب عن السيد الهندي (السيد منصور الهندي الذي ذهب إلى أوربا للعلاج من مرض رئوي.) بالتفصيل، أين ذهب، وماذا عالج، وما هي النتيجة.
    أبلغ السيد (آية الله بسنديدة.) السلام، وأخدمه في هذا الجو الشتوي البارد. لا تدعه يستاء. أبلغ جميع السيدات السلام. وإني أقبل حسن.
    [align=left]والسلام أبوك[/align]


    [align=center]باسمه تعالى[/align]
    عزيزي أحمد
    أسأل الله تعالى أن تكون موفقاً وسالماً، نحن بحمد الله سالمون، وفي البلاء حتى نرى ما سيحصل. يصلح الله الأمور إن شاء الله. في الختام أرجو دعاء الخير. أبلغ سماحة السيد العم (آية الله بسنديدة) المحترم السلام. أجبت على جميع رسائله، وأرسلتها. قل للسيد القرهي (آية الله بسنديدة) أن يقول للسيد منذ حوالي ثلاثة أشهر لم يصل كشف الحساب، وإذا أمكن أن يأخذ هو الكشف، ويرسله بطريق ما، فقد أقلقني (الصلاة والصيام هنا كانت مسألة واقعية.)
    [align=left]أبوك[/align]


    [align=center]باسمه تعالى[/align]
    أسأل الله تعالى أن تكون موفقاً ومؤيداً. كتبت قبل عدة أيام أن تقول لوالد السيد رضا (آية الله اللواساني، والد السيد رضا) إني لم أحول لك (كان الإمام قد احتمل أن الحوالة التي أرسلها إلى آية الله اللواساني قد زور إمضاؤها وصودرت أموالها، لذا نبه إلى الأمر.) إذا جلب لك أحد ما حوالة فاكتب ذلك، ومن هو ؟ وكم هي ؟ انتبه أنت أيضاً لئلا يتكرر ما حصل سابقاً عندما زوّر ختم وإمضاء المرجع آنذاك، فالأمر مهم، وأجبني أنت، ولا ترم بهذا الأمر كغيره خلف أذنك، وأبلغني عن سلامتك والعائلة وحسن. وأبلغ البنات وزوجتك السلام.
    [align=left]والسلام[/align]


    [align=center]باسمه تعالى[/align]
    أحمد العزيز
    على الظاهر بالنسبة للرسالة لم يكن لك ولا للسيدة حاجة، هذا الانشغال في أمر خير إن شاء الله. آمل أن تصطحبكم السلامة والسعادة. لا أعلم لم ذهبت إلى المكتبة ؟ ألم يكن الطلبة فيها ؟ أم أنك أخرجتهم ؟ بعيد جداً أن تكون قد اقترحت عليهم تركها. على أي حال يجب أن يكون الطلبة هناك، وجدوا أنتم بيتاً، وأخرجوا، ولا تكرروا هذا الأمر(يقول السيد أحمد الخميني " كتبوا للإمام الخميني تقريراً كاذباً مفاده أنني قد طردت الطلاب من المكتبة، وكان الإمام يعرف روحيتي، ولم يتقبل التقرير، وذكر ذلك في رسالته بتردد، أصل الخبر كان كذباً محضاً، ولم أسكن في المكتبة ولا للحظة، مكتبة الإمام في قم كانت مقابل المدرسة الحجتية، فقام السافاك بمهاجمة المكتبة، ونهب الكتب وإغلاقها، بعدها أسكنا 12 طالباً فيها، إلى أن باعها الإمام واستبدل المكان بمستوصف باسم " القرآن والعترة " ولا يزال هناك.) بالنسبة للشؤون الداخلية كتبت للسادة، لكنني لا أعتقد أن يصفى هذا الأمر، على أي حال ليس مهماً، وأنت تعطي هذا الأمر أهمية كبيرة، في حين أنه ليس كذلك، يكون أو لا يكون لا فرق في ذلك كثيراً، المهم أن تنشغل بالدراسة والتحقيق. إذا كان عندك تأليفاً فأرسله
    لنستفيد. تكن موفقاً إن شاء الله.
    أبلغ السيدة والأولاد والسيدة معصومة (زوجة الشهيد السيد مصطفى الخميني) السلام. على عجل فليس هناك وقت أكثر من هذا، وإذا زادت الأوراق قد لا تصل مطلقاً.
    [align=left]والسلام أبوك[/align]


    [align=center]باسمه تعالى[/align]
    عزيزي أحمد
    أسأل الله تعالى أن تكون سالماً وموفقاً. وصلتني رسائلكم من الكويت ولبنان، والرسالة الأخيرة وصلتني أيضاً من سوريا (هذه الرسائل كانت ذات وجهة سياسية، فلم يكن الذاهبون إلى العراق مستعدون لنقلها، مما دفع إلى إرسالها إلى سوريا لترسل بالبريد إلى النجف) كتبت لي أن أعطي السيد سميعي (هو الثائر الشهيد الشيخ محمد المنتظري، كان السيد أحمد الخميني يرسل له ما يحتاجه من مال وأخبار، وكان الشهيد يكتم موعد سفره عن الجميع) مبلغ ثلاثة آلاف، لكنه ليس هنا، ولا أعلم أين هو. أبلغني عن سلامتكم دوماً بعناوين مختلفة. لعل العنوان الأفضل من سائر العناوين هو عنوان حاجنا الكويتي (لم ترسل إلى هذا العنوان أي رسالة بشكل مباشر، بل كانت ترسل إلى بلد ثالث، ومن هناك إلى هذا العنوان.).
    الكويت ـ سوق السلاح ـ ص ب 690
    مؤسسة الحاج رئيس أشكناني


    [align=left]باسمه تعالى[/align]
    [align=center]عزيزي أحمد[/align]
    أسأل الله أن تكون سالماً، نحن بحمد الله سالمون ومحتاجون للدعاء. أرسلت جواب السيد العم بطريق آخر، وآمل أن يصل. انتبه له كثيراً، وخدمته فرض عليك. أبلغ البنات وزوجتك السلام. إني أقبل حسن.
    أبوك
    من الأفضل أن تحدد مكاناً في طهران أو قم لأرسل بعض الرسائل إلى هناك (قال السيد أحمد الخميني " أراد الإمام أن يدفع عني مراقبة السافاك لي، فطلب أن يرسل لي بصور مختلفة، ذلك لأني سحبت إلى مركز السافاك كثيراً، الله وحده يعلم ماذا كان يجري علي آنذاك ".)


    [align=center]باسمه تعالى[/align]
    عزيزي أحمد
    أرجو أن تكون مصحوباً بالسلامة والسعادة إن شاء الله. نحن بحمد الله سالمون جسدياً. نأمل منك دعاء الخير. بالنسبة لموضوع مبلغ الصلاة والصيام (كانت تصل مبالغ للصلاة والصيام بالنيابة إلى مكتب الإمام في النجف وقم لدرجة دفعت من يقوم بتأدية هذه الأعمال إلى الانصراف.) أدفع بنفس الأسلوب السابق، فهو أفضل. فإذا لم يقبل ليغير الأسلوب. وقل للشيخ ليقول للآخرين. أبلغنا عن صحتكم. أبلغ جميع البنات وزوجتك السلام. إني أقبل حسناً (السيد حسن الخميني ابن السيد أحمد.)
    [align=left]أبوك
    الاثنين /18/ شوال[/align]


    ولدي ... عزيزي
    أرجو أن تكونوا سالمين وبخير وسعادة. لم يصلني جواب رسالتيّ اللتين ذكرت فيهما مسألة تقييم البيت (المقصود هو بيت الإمام في محلة " يخجال قاضي " في قم، فقد جعل الإمام قسماً منه كمهر لمعصومة زوجة السيد مصطفى، وقد طالبت الإمام بمهرها في النجف، فكتب الإمام يطلب من آية الله مرتضى الحائري أن يرسل أحداً لتقييم البيت ليدفع لمعصومة مهرها، وقد تم الأمر، ودفع المهر، الإمام كان يعتبر نفسه مديناً في هذا الأمر، لذا أكد في عدة رسائل على التعجيل بذلك، وأن يكون الأمر بإشراف والد معصومة، لئلا يطعن في التقييم.) بواسطة شخص يرسله الشيخ الحائري (آية الله الشيخ مرتضى الحائري والد زوجة السيد مصطفى) الوقت ضيق يجب أن تجيبوا بسرعة.
    افعل ذلك فوراً و أعط الجواب، وليكن الجواب في رسالتين لتصل إحداهما على الأقل. أبلغ سلامي للأخوات وزوجتك المحترمة. أقبل عزيزي حسن.
    [align=left]والسلام
    أبوك
    15 ربيع الثاني[/align]



    [align=center]باسمه تعالى[/align]
    ولدي ... العزيز
    أسأل الله أن تكون سالماً وموفقاً. نحن بحمد الله سالمون، كتبوا من اصفهان أن شخصاً طلب مبلغاً للشهرية. أنت تعلم أني أرفض هذا النحو من الأمور، نحن حولنا، ولسنا محتاجون لمثل هذه الأمور. آمل أن يكون انشغالك في البحث والتحقيق وتهذيب الأخلاق أكثر فأكثر إن شاء الله.
    والسلام عليكم
    أبوك
    الورقة التي كنت قد أرسلتها بيد علي وصلتني، بالنسبة للشهرية لا منافاة بين ورقتي وما وقع، فكان مقرراً أن يأخذ السيد رضا (ابن السيد اللواساني) من ديبائي (المتعاقد المالي مع الشيخ نصر الله الخلخالي.) ليرسله إلى دانش(آية الله الميرزا أبو القاسم دانش الوكيل المطلق للإمام، وإمام الجمعة الحالي لمدينة آشتيان.) لكنه حسب ما كتب لم يحتاج إلى الحوالة، ودفع مما هو متعلق بي، وفي الشهر القادم إذا تأمن من قم، فلن يحتاج لأحد، وإذا لم يؤمّن، ولم يؤمّن ذلك السيد رضا من أبوه (آية الله اللواساني) فليراجع ديبائي، وعندما تحتمل أنكم ستحتاجون أبلغني لأكتب لهم لتأمين ذلك. بالنسبة لاختلافات ذينك السيدين إني عاجز فليس عندي وقت، وليس لدي القوة لأستمع لكلام لا معنى له، قد ابتليت في آخر عمري هذا بالداخل والخارج. آمل أن يكون ختم هذه الأمور بوصول الأجل إن شاء الله.


    [align=center]باسمه تعالى[/align]
    جناب السيد الحاج أحمد الخميني أيده الله تعالى (قال السيد أحمد الخميني" هذه الرسالة التي كتبها الإمام بشكل رسمي، لعلها حوت ألف تومان زيادة، وكان آية الله بسنديده بحاجة لختم وإمضاء الإمام ".)
    أسأل الله تعالى لك التوفيق، خذ من سماحة السيد (آية الله بسنديدة) مبلغ ألف تومان وأعطها لثقة الإسلام الحاج السيد علي نقي الكشميري.
    روح الله الموسوي الخميني
    يرجى التفضل بإيصال هذه الصفحة لأحمد
    أسأل الله تعالى أن تكون مؤيداً وموفقاً إلى تحصيل العلوم الشرعية وتهذيب الأخلاق. أولاً لا ترسل لنا جبنة بعد الآن، فإنه لا يناسبنا. ثانياً بالنسبة للهاتف (زوجة الإمام (س) كانت تعاني في النجف من عدم وجود هاتف في البيت، وكانت كلما أرادت الاتصال بأولادها في إيران عليها أن تخرج لتنتظر في إدارة الهاتف ـ حيث درجة الحرارة تصل إلى 48 درجة ـ أو أن تذهب إلى بيت الشيخ نصر الله الخلخالي، الذي كان يستقبلها، لكنها كانت تخجل من ذلك، وكانت أحياناً تبكي من شدة الحرارة، لكن الإمام لم يسمح بجر هاتف إلى البيت وهكذا بقى البيت دون هاتف إلى النهاية، وكان قد أخبرها أنه لا يرضى أن تتصل من المكتب. قيمة الاشتراك في الهاتف كانت تعادل 25 دينار عراقي، وقد كتب السيد أحمد للإمام أنني أدفع هذا المبلغ لآية الله بسنديده، لكن الإمام أجاب بهذا الجواب. كما أن بيت الإمام في النجف رغم الحر الشديد لم يكن يحوي ثلاجة.) لا تكتب لي بعد الآن أن أسحب خط هاتف وأنا أدفع، فأنت أيضاً لا تملك شيئاً سوى مال الفقراء، ومن الأفضل أن تعود نفسك من الآن على ملاحظة الحقوق الشرعية، وأن تحترز عن الصرف الزائد. فسيرضى الله تعالى عنكم.
    [align=left]والسلام
    أبوك[/align]


    [align=center]باسمه تعالى[/align]
    لعلها المرة الخامسة (كان الإمام يبدي حساسية شديدة تجاه الأمور المالية الشرعية.) التي أكتب فيها، ولم يرتب على ذلك أثر، مبلغ المائة دولار والبقية من الصلاة والصيام التي أرسلت بواسطة حسين تقوي إلى الشيخ، فإنه يقول: لا أذكر ذلك، وكل من دفع مبلغاً قد استلم وصلاً بذلك. لذا طالب حسين التقوي بالوصل، أو أرسله إلى سوريا لعند الشيخ، وأبلغني عن ذلك. فلا يضيعن مال المسلمين، ولا تتسامح في ذلك. إني منزعج، وإذا كان هناك وصل استلام أرسله بيد واسطة مؤتمن إلى سوريا أو إلى هنا. (كانت أوضاع السفر والبريد صعبة.)


    [align=center]باسمه تعالى[/align]
    عزيزي أحمد
    أسأل الله أن تكون موفقاً ومؤيداً، نحن بحمد الله تعالى سالمون. بالنسبة للشيخ محمد حسين البروجردي (صديق الإمام والد الدكتور محمود البروجردي صهر الإمام (س).) خذ من سماحة العم المحترم شهرياً خمسمائة وأعطها له باحترام. بلغني أن والد الشيخ صادق الخلخالي (قاضي شرع محاكم الثورة الإسلامية، وممثل أهالي قم في مجلس الشورى الإسلامي سابقاً.) يعاني من وضعه المالي. ألفت نظر السيد (آية الله بسينديده) دامت بركاته بأنه من فضلاء الحوزة، فليعينه. بلغني عن صحتكم وسماحة السيد.
    زرت اليوم رسوله الأخير، وسأجيبه إن شاء الله، سائر الرسائل أجبت عليها على الظاهر. أبلغ الأخوات وزوجتك السلام.
    [align=left]والسلام عليكم
    الأب[/align]


    [align=center]بسم الله الرحمن الرحيم [/align]
    احتل بعض الأشخاص مناصب حكومية مهمة بعد انتصار الثورة، ووصلوا إلى مراكز حكومية عالية، وينسبون إليكم ـفي أحاديثكم وكتاباتكم ـ بعض المسائل، أو هناك بعض الجماعات يدعون أنهم كلّفوا من قبلكم ـ في باريس ـ بتشكيل حكومة مؤقتة في إيران، فما هو رأيكم بمثل هذه الأمور ؟
    [align=left]المخلص أحمد الخميني[/align]


    [align=center]باسمه تعالى[/align]
    مع الأسف الآن ـ وحيث أني ما زلت حياً ـ هناك أمور كثيرة تنسب إليّ من قبل أشخاص أو بعض الجماعات في أقوالهم وكتاباتهم، وهي على خلاف الواقع. وهناك اليوم كتب ورسائل كثيرة طبعت أو أنها تحت الطبع وأعدت ـ عن عمد أو خطأـ لنشر الأكاذيب وتحريف التاريخ. على الشعب العزيز أن يعلم أن المقياس في صحة ما ينسب إليّ أو قد ينسب إليّ هو خط يدي، وحديثي المسجّل، أو ما قلته ونشر في الصحف في حياتي، أو ما يؤيده اثنان من العدول من أهل العلم غير الميالين إلى الأحزاب أو الجماعات السياسية والجملة الأخيرة بسبب أن بعض الأشخاص السياسيين قد يبررون كذبهم من أجل أهدافهم، وإن كانوا موصوفين بالتدين حسب الظاهر. ألجأ إلى الله تبارك وتعالى من شر الشيطان والنفس الأمارة.
    [align=left]روح الله الموسوي الخميني[/align]


    [align=center][/align]

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني