النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,348

    افتراضي كتاب السفير الخامس الحلقة 9

    كتاب السفير الخامس الحلقة 9
    وهكذا تزاحم الشباب على الحوزة والشهيد في ذلك الوقت في تكتم تام لا يبيح اسراره حتى لاولاده ولا يعلم أحد ما يخطط له وقد وضع للقبول في الحوزة إختباران لم يسبق وجودهما في الحوزة الأول اختبار في الثقافة العامة والثاني الاختبار الفقهي، واقل درجة يجب الحصول عليها هي درجة ستون بالمئة في كل منهما.
    ويجب أن يدخل الطالب الى الحوزة بشرط وجود توثيقين من قبل وكلاء معتمدين عند الامام الصدر وكانوا قليلين جداً في ذلك الوقت وكانت لجنة الامتحان الثقافي مكونة من الشيخ الربيعي والشيخ الغريباوي، والشيخ الخفاجي والامتحان الفقهي عند الشيخ اليعقوبي.
    وكان(رض) يشترط التعمم وكان يقول: لا تلقوا بعمائمكم في النجف حين تذهبون الى محافظاتكم وذلك لاني اريد أن يرى الناس العمامة في الشارع لكي يحصل الاطمئنان عند الجماهير وتصبح ظاهرةً متنامية، إلاّ في حالات معيّنة كان يجيز للبعض القاء العمامة.
    وقد كان يلقي بحثين في اليوم ايام الدوام الحوزوي من السبت الى الاربعاء صباحاً يلقي بحثه الفقهي وعصراً يلقي بحثه في الاصول وقد تطور الامر بعد ذلك فصار يعطي درساً في التفسير يومي الخميس والجمعة وهو ما طبع بعنوان }منه المنان في الدفاع عن القرآن{ وفي شهري محرّم وصفر يلقي دروساً في الثورة الحسينية وهو ما طبع بعنوان }اضواء على ثورة الحسين(ع) {و}شذرات من فلسفة تاريخ الحسين(ع) {وقد وضع منهجاً حوزوياً متطوراً ادخل فيه الحلقات في الاصول للسيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) إلاّ ان احداً لم يقبل بتدريسه خوفاً من السلطة، وقام بعد ذلك بافتتاح جامعة الصدر الدينية وهي دراسة شاملة بالاضافة الى دروس الحوزة ادخل الفيزياء والكيمياء والأدب الانگليزي والأدب الفارسي وعلم التشريح والرياضيات وكذلك تدريب الطلبة على استعمال ًالكمبيوترً وقد تم تدريس الحلقات بشكل قسري فيها.
    وقد تناوب على ادارة الجامعة كل من السيد مقتدى الصدر والشيخ اليعقوبي وقد افتتح لها مدرستين الاولى المدرسة الباكستانية والثانية مدرسة الامام المهدي(ع) وهما متقاربتان وبعد ان استولى آل الحكيم على المدرسة الباكستانية بأمر من الطاغية تحوّل الطلبة منها الى مدرسة البغدادي، وقد ترك الامام الصدر الكثير من الخدمات في المدرسة الباكستانية قائلاً: دعوا هذه الامور فان آل الحكيم سوف يدخلون فيها طلبة وهم أيضاً أبنائنا. ومع ذلك بقي هناك عجز في بعض المواد الحوزويّة كتدريس مواد السطوح وخصوصاً الاصول اذ ان الشخصيات القادرة على ذلك كانت معتكفة على تدريس المقرّبين منها فقط، وقد حدثت حادثة بهذا الخصوص اذ في احدى المرات رفض‏الامام الصدر التوقيع على اقامة السيد هادي السيستاني وهو اخو السيد علي السيستاني فراجعه في ذلك المرحوم محمد كلانتر فقال له الامام الصدر: لماذا يعتكف هادي السيستاني على تدريس الايرانيين، والعراقيون لا يجدون احداً يدرسهم، اذا كانت هذه حوزة فسقة فليرحل الى اهله. فمازال به السيد كلانتر حتى قال له الامام الصدر: سوف اوقع على الاقامة، وسوف نرى ما يحدث، وسوف تحاسب أنت امام الله على ذلك.
    عندها انفجر السيد كلانتر(رحمه الله) بالبكاء، وبالمناسبة فان الامام الصدر قضى مدة طويلة في الجامعة التي كان يديرها السيد كلانتر والسيد كلانتر يعرفه حق المعرفة وكان يدعو الى تقليده من بادئ الامر وقد وجه ابناءه لذلك قائلاً لهم ان الامام الصدر هو الأعلم ولكن بسبب الضغوط الحوزويّة اضطر السيد كلانتر الى السكوت مجدداً، ولكنه كان يغلق مسجد الجامعة ايام الجمع ويأمر اولاده بالذهاب الى صلاة الجمعة في مسجد الكوفة. وكان(رحمه الله) يقول للامام الصدر قبل ان يتصدى لا تركب في مقدمة السيارة قرب السائق بل اركب في المقعد الخلفي فانه لن يقلدك احد فيرفض الامام الصدر ذلك لانه يجد فيه مظهراً من المظاهر الدالة على التكبر وهكذا قضى ايامه على هذا المنوال، وكان السيد يتملك ايام تصديه للمرجعيّة سيارة نوع }مرسيدس{ 1974وبعد ذلك استبد لها لكثرة عطلها بسيارة أخرى }متسوبيشي{ وهي التي استشهد فيها.
    اما تعامله مع الطلبة فقد كان اذناً صاغية لأي طالب علم ويساعده مادياً ومعنوياً بالمقدار المستطاع ولم يكن يطلب معرِّفاً لكي يساعد المحتاج حتى من غير طلبة العلم إلاّ ما ندر مع بعض العوام بينما كان الطلبة يذوقون الذل فيما لو احتاجوا الى مساعدة من مكتب السيستاني وغيره حيث يطلب منهم معرف وبعد ذلك يتشكل تحقيق.. ما تفعل بالاموال؟ الا يكفيك النصف؟ وهكذا وهذا فيما لو وافقوا على مساعدته.
    وفي ايام توزيع الرواتب كان الجميع يحضر الى المكتب لاستلام الراتب لا فرق بذلك بين عربي وأعجمي بينما يقف العراقيون امام مكتب السيستاني وغيره بشكل طوابير لاستلام الراتب وباقي الجنسيات يأتيهم راتبهم الى البيت او المدرسة وكان راتب الامام الصدر هو ثلاثة آلاف ومائتان وخمسون ديناراً للمجرّد وستة آلاف ومأتان وخمسون للمتزوج بسبب قلة ذات اليد ولكنه كان لا يبخل بالمساعدة قدر الامكان سيما القروض التي كانت تمنح للطلبة بين الحين والآخر بينما في المكاتب الأخرى فأن المساعدات منوطة بالتقليد والتأييد فمقلدهم ومؤيدهم يقبض عشرة أضعاف ما يأخذه غيره، وقد حدثت في تلك المدة حوادث عجيبة من قبيل شراء التقليد اي يقول لك احدهم اعدل عن تقليد الامام الصدر ولك 500ألف أو مليون او اكثر حسب الشأن، ومعلوم أن نظام الطاغية أصدر أمراً بان التجنيد الالزامي يمكن دفع بدل عنه. بقيمة 750الف دينار في الوقت الذي كان فيه الكثير من الطلبة هاربين من جيش الطاغية لذلك يتم استغلال عدد من الطلبة بهذه المسألة وهي ان يعدل عن تقليد الامام الصدر فيقوم مكتب السيستاني ومحمد سعيد الحكيم بدفع البدل عن طريق بعض السماسرة كالشيخ حسن الكوفي والسيد محمد زبيبة وهذه الزمرة يقودها رضي المرعشي، وأخيراً تم عرض مبلغ يقدر بالملايين لشراء أحد أهل الخبرة من الطلبة الاكفاء عند الامام الصدر الشهيد مقابل العدول فرفض بشكل قطعي هذه المساومة وقد نوه عن هذا الامر الامام الصدر في احدى خطبه فأرجع اليها.
    ومن الاحداث المهمة في سنة 1997م تحرّك اثنان من الشخصيات العلمية في النجف الاشرف وهما السيد عدنان البكاء والشيخ أحمد البهادلي لغرض رفع الخلافات وتوحيد المرجعية، وقد جاءا الى الامام الصدر بهذا الغرض وقالا نريد توحيد زعامة الحوزة ونحن نراك اهلاً لها فما تقول فقال: أذهبوا وقولوا ذلك للآخرين وأختاروا من تشاؤون انا معكم أول الداخلين وآخر الخارجين. فما لبثا ان عادا الى الامام الصدر لينقلا له ردود باقي العلماء فمنهم من يقول: واين انا إذاً. والآخر وهو السيد محمد سعيد الحكيم قال: ان محمد الصدر يهودي نجس. ففشل الامر.
    وبمناسبة ذكر السيد محمد سعيد فانه كان من اشد الناس على الامام الصدر وكان يطلق عليه القاباً وسباباً فاحشاً فيقول مثلاً ًمجنون، مخبل، مطيرجي وهذا ليس بجديد على أهل هذا البيت اذ ينقل لي احد طلبة السيد الشهيد قائلاً في أحدى سنوات السبعينات دخلت على السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) فوجدته مغموماً فسألته فعلمت ان محمد علي الحكيم والد محمد سعيد الحكيم قد سب السيد الشهيد وقال عنه يهودي وهكذا فان هذا الشبل من ذلك الاسد. ولا يخفى ما فعله اهل هذا البيت مع الشيخ المظفر والسيد محمد كلانتر رحمهما الله بسبب ان هاذين العلمين قاما بتأسيس مراكز علمية غير خاضعة لسلطات آل الحكيم في تلك المدة وهي مدة مرجعية السيد الحكيم.
    وقد ركّز شهيدنا بالخصوص في اختيار وقبول طلبة الحوزة على أهل جنوب العراق حيث كان يفسح المجال لهم للدراسة وكان يواجههم بحب أبوي معروف.
    واسباب ذلك تعود الى أن المشهور في الحوزة التقليدية ان اهل الجنوب من المتخلفين اوكما يسميهم اكثر اهل النجف }المعدان{ أو كما يسميهم الملتفون حول السيستاني ومحمد سعيد الحكيم }العربنچية{ هذا مع العلم الأكيد مالاهل الجنوب من ادوار تاريخية مهمة في رفعة الاسلام والتجاوب معه على طول الخط وهكذا تعامل الامام الصدر مع الجميع بالتساوي ولكن كما قلت كان يعطي لجنوب العراق اهمية خاصة لذلك نرى ان الغالبية العظمى من ائمة الجمعة هم من أهل الجنوب فأهل الجنوب أهل الشجاعة والكرم والاخلاق العربية الاسلامية الفاضلة وليسوا }أهل القيمة والتمن{ كما يؤثر عن شهيدنا(رض) كل ما في الامر أن الشعب العراقي عموماً كان يحتاج الى قائد يعيش آلامه متاعبه ويوازيه في الشجاعة التي كانت تفور في داخل ضميره وهكذا كان الصدر وكان العراق.
    لذلك لم يؤثر عن اهل النجف اي مساندة للأمام الصدر إلاّ ما ندر ومعلوم هو المستوى المتدني في الاخلاق الذي وصلت اليه هذه المدينة التي كان من المفروض ان تكون مدينة العلم والاخلاق والشجاعة ولكنها وللأسف لم تكن كذلك بل واجهت شهيدنا بالحرب منذ الايام الاولى وهذا ليس بجديد عليهم اذ ان الغالبية من أهل هذه المدينة المقدسة يميلون الى اهوائهم وملذاتهم وأحتقار رجل الدين والتجرأ عليه وكانوا لا يحترمون عالماً ولا يحترمون اي تشريع اسلامي وكان البعض من العلماء يجاملهم على حساب الحق ويغدق عليهم الاموال والمجاملات السطحية لكي يضمن ولاءهم ولكن أي ولاء. لذلك نجد اكثر اهل النجف يرجعون الى محمد سعيد الحكيم والسيستاني في التقليد وأي تقليد هو؟ إذ من النادر ان تجد بينهم مؤمناً ملتزماً لا يحلق لحيته مثلاً... أو لا يستمع الى غناء أو احتساء خمر وحدث ولا حرج من هذه المخالفات وغيرها ولا اعني بأهل النجف سوى هذه البقعة المحيطة بضريح أمير المؤمنين(ع) بينما الاحياء الفقيرة وباقي الاقضية من الناس البسطاء الذين سحقتهم الدنيا والسلطة الغاشـمة وهذه الاحياء الفقيرة مسكونة من أهل جنوب العراق الذين هربوا أو تركوا محافظاتهم اثناء الحربين.
    لذلك بقيت النجف وحتى اليوم الآخير من حياة شهيدنا العملاق تناصب العداء لمرجعيته بل وللاسلام ككل. وهذا ما اتخذه محمد باقر الحكيم كمطعن أساسي على مرجعية الامام الصدر وأقول له هنيئاً لك هذه الزمرة التي سترد معها يوم القيامة بئس الورد المورود.
    المهم انه وسط هذه المشاهد كان شهيدنا يقرأ ويدرس ما يحدث ويخطط للغد في صمت فكان يستخدم التقية في العديد من آراءه الى درجة عدم الاجابة على بعض الأسئلة والاستفتاءات ولكنه يضع عبارة تبعث على التفكر فمثلاً عندما يكون السؤال فيه رائحة سياسية يجيب قائلاً }هذا مخالف للتقية{ وفي احدى المرات سألته عن كرة القدم فكان الجواب }يجاب شفوياً{ وبعد المراجعة قال(رض): ان كرة القدم الآن شأن دولي وهي مرتبطة بالسياسة أكيداً والتدخل في تحريم بعض متعلقاتها كالدخول الى الملاعب واللعب في الأندية... الخ معناه التدخل في السياسة وهذا يعني التصادم معهم.
    وفي احدى المرات قال لي(رض): حبيبي لا تظن بأني في تقية من العراق فحسب بل اني في تقية من الغرب وأنا في غرفتي هذه. المهم ان الامام الصدر كان يتكتم على الكثير من آراءه كقوله بولاية الفقيه وغيرها وكذلك كان لا يعطي سرّه لأحد فبالرغم من وجود الكثير من الشباب الثقات حوله إلاّ انه كان يوجه من دون ان يعطي ايضاحات كثيرة حول ماهية المخطط الذي يريده وكان يقول: أنا لا أعلم ما سوف أفعله في المستقبل بل أعمل لكل يوم بما اراه من المصلحة وما فيه رضا الله سبحانه وتعالى. وهكذا كان يربّي طلبته على أمرين السرية والاخلاص وبالخصوص الرضا بما يأتي من الله فكان يؤكد على ان لا تشتكوا مهما تنزل عليكم من مصائب وكان يجسّد ذلك عملياً فهو كما يعلم الجميع مصاب بمرض في بدنه ومنذ أمد لا يعلمه إلاّ الله ولكنه كان بالرغم من الآلام التي كان يعانيها فهو يفلسف الامر. بأن المرض لا يكون الاّ بذنب وهو كفارة لذلك الذنب كما يؤثر عنه(رض).
    ففي احدى زياراته للسيستاني قال له هذا الأخير: سيدنا تشتكون المرض...
    يتبع في الحلقة القادمة

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,348

    افتراضي .

    .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,348

    افتراضي .

    .

المواضيع المتشابهه

  1. الجزيرة وقطر..الارهاب والتنكيل بشعب العراق الى متى السكوت؟
    بواسطة احمد مهدي الياسري في المنتدى واحة الحوار العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02-12-2005, 04:02

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني