النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,348

    افتراضي كتاب السفير الخامس الحلقة 14

    اما مع الجماهير كان شهيدنا صاحب اكبر رصيد جماهيري بعد هذه المرحلة اذا انه المرجع الوحيد الذي خصص اكبر وقت للجماهير فهو يلتقي بالناس قرابة خمس ساعات فهو قبل صلاة الظهر حوالي الساعة العاشرة صباحا اي قبل الصلاة بساعتين يجلس في مكتبه المتواضع لأستقبال الزوار، وبعد صلاة المغرب اكثر من ساعة، والمقابلات الخاصة قبل صلاة المغرب، وبعد ذهابه الى البيت يصطحب معه جماعة ممن لديهم قضايا خاصة، وفي بادىء الامر كان الزوار قليلين جداً بحيث يرى الداخل ان الموجودين في المكتب لا يتجاوزون العشرين وذلك غير موظفي المكتب، ولكن الأمر تطور لاسباب منها انه كان يقرّب الشباب الحوزوي اليه، ويشرح صدره لهم ويقضي حوائجهم قدر الامكان وكان يدخل في محاورات مع الموجودين وإذا كانت هناك مسألة عامة يقول شهيدنا للسائل: ـ ما هو رأيك في الامر وبهذا يجعل للسائل احتراماً لنفسه ورأيه وكان يتكلّم مع الآخرين من دون تكلّف وببساطة تامة ولا يستخدم العبارات المنمقة والمصطلحات المعقدة بل هو أحياناً يشرح الكثير من المسائل الابتلائية التي تظن الحوزة انها من الضروريات ولكنها لم تكلف نفسها عناء بيانها للناس، وهناك عامل اخطر واهم من كل ماذكرت، وهو ان شهيدنا كان يتكلّم حسب ما تريده الاخلاق الاسلامية، وهو مع الله اينما كان، ويؤكد على عامل الاخلاق، ولم يكن كسواه يقول مالا يفعل، بل هو قلباً وقالباً شيء واحد، فالمنهجية التي كان عليها الآخرون والتكلّف في الكلام، والتكبر على البسطاء والتملق للأغنياء شأن غيره. فمثلاً في أحد المكاتب جاء رجل من لبنان فرآه ابن ذلك العالم ودخل خلفه، واشار الى والده العالم المتصدي اشارة بيده ان هذا الرجل مهم فقم اليه فقام السيد العالم واحتضن الرجل، وهو لا يعرفه وبعد قليل أخرج الرجل حفنة من الدولارات ووضعها في يد هذا العالم.
    وحادثة معاكسة تماماً حدثت مع شهيدنا وهي ان احد الاغنياء وعد أحد الوكلاء بأنه سوف يعطي للامام الصدر مبلغاً كبيراً نسبياً كل شهر ومضى شهران أو ثلاثة فبعث الى الامام الصدر من يخبره: سيدنا ابعث لي احداً حتى احاسبه وأعطيه المبلغ.
    فاجابه السيد: قل له إن كان يريد بالمبلغ وجه الله فلا حاجة للحساب واذا كان يريد بها وجه محمد الصدر فقل له انه لا يريدها.
    وهكذا رغم الحال المتعسرة التي اضطرته الى تخفيض رواتب الطلبة مرات عديدة، هذا المشهد وغيره بالمئات كانت الجماهير تسمع وترى وتزداد عدداً وحباً لهذا الرجل، الذي يمثل آل محمد(ص) بحق.
    ومن ذلك حينما بلغه ان ابن عمه السيد حسين الصدر يدعو لتقليد السيستاني وانه لابد من ان يتعامل معه بصورة أخرى وذلك أن حسين الصدر كان يدعي الاجتهاد والى هذا الوقت فكان يدخل الى مكتب السيستاني فيقوم له الجميع قيام المتذللين، ويصفه السيستاني بأنه حبيب قلبي، ويوصلونه الى باب المكتب، ولم يسأله احد عن دعواه في الاجتهاد، مع ان الرجل بالاجماع غير مؤهل لما هو اقل بكثير من الاجتهاد، اما عند محمد الصدر فكان يدخل ويخرج كغيره، وقد سأله شهيدنا مرة عن احد كتبه التي كتب عليها آية الله السيد حسين الصدر فقال: سيدنا ان الجماعة يريدون ان يروني كبيراً، فقال شهيدنا ما معناه: ليس الكبير إلا البعير فخرج ذليلاً ومع كل ما فعله حسين الصدر ضد شهيدنا إلا أن الكاظمية بأهلها نبذته، إلاّ ثلة من اغنياء الكاظمية والتف الناس حول امام جمعة الكاظمية مساندين ومؤيدين لشهيدنا، حتى الذين كانوا مقربين من حسين الصدر.
    وكان شهيدنا يهتم بأسئلة واستفتاءات الشباب فكان يجيب يومياً بعد صلاة الصبح على كمية كبيرة من الاستفتاءات بلغت الالاف بل يمكن القول بأن شهيدنا قد حطم الرقم القياسي في عدد الاستفتاءات التي اجاب عليها، فكانت هذه الاستفتاءات مرة حول مسائل شرعية، وأخرى فلسفية وأخرى اخلاقية وأخرى مشاكل عائلية، بل توجد من الامور ما هي خاصة جداً فتعرض عليه من قبل العوائل بيد ان صدر شهيدنا منفتحاً لها فكيف لا تحبه الجماهير وتتعلق به.
    اما مع النظام فكان اكبر شخصية لا تتجرأ بالكلام معه، وكان يردهم بشجاعة غريبة لم تشهدها الناس والحوزة حتى اعتبرت احد المطاعن عليه، وذلك انهم يقولون كيف يواجه النظام بهذه الشجاعة مالم يكن متواطئاً معه؟! ومن تلك الاحداث طرده لمدير أمن النجف مرات عديدة وفي احداها دخل عليه فقال له: عندي قضية.
    فأجابه شهيدنا: كن في الصف مع الناس فاذا بلغ اليك الوقت اجبتك فخرج مغضباً.
    وفي يوم كان هناك }الاستفتاء العام للنظام{ وهو استفتاء شكلي كما هو معروف حول شخص رئيس النظام فكان التعطيل الرسمي فأغلق جميع العلماء مكاتبهم خشية من السلطة إلاّ مكتب شهيدنا اذ كان مفتوحاً لاستقبال الناس والسيد حاضر فيه.
    وفي تلك الفترة كانت تصدر استفتاءات فيها مواجهة واضحة منها حرمة التعامل مع ازلام النظام وجواز الاستحواذ على اموال الدولة كما هو مسطور في الجزء الثالث من رسالته العملية }منهج الصالحين{ وتطورت المواجهة في صلاة الجمعة وهو ما سوف اذكره في ذلك الموضوع والمواجهة التي حدثت حينما افتى بوجوب المسير الى كربلاء المقدسة في شعبان... ووجوب زيارة أمير المؤمنين(ع) في مولد الرسول(ص) وقد حدثت مصادمة في هذه الزيارة بين عدد من الجماهير وازلام النظام... وعندما جاء الامام الصدر الى مكتبه في ذلك اليوم لم يستطع الوصول أليه رغم محاولة ذلك اكثر من مرة لازدحام الآلاف من الزوار في الشوارع المحيطة بمكتبه فقفل راجعاً الى بيته وذلك ان الجماهير كانت تهتف بالصلوات مما حدا بمحافظ النجف }قائد العوادي{ ومدير الامن العام }طاهر جليل حبوش{ الى الدخول الى شارع الرسول(ص) وشاهدتهم بنفسي في ذلك اليوم المهيب.
    وبعد ان تطورت الحالة وخرج السيد جعفر الصدر الى ايران أعلن الامام الصدر انه هو الذي أمر السيد جعفر بالذهاب الى ايران لافتتاح مكتب له هناك. جاءوا الى شارع الرسول(ص) ومعهم عدد من المعتقلين ليمثلوا مسرحية: هي انه بعد استشهاد الشيخ الغروي، ومقتل البروجوردي، ومحاولة قتل الشيخ سالم مسؤول الرواتب في مكتب السيستاني، ومحاولة قتل محمد رضا السيستاني اعلنوا أنهم اعتقلوا الجناة وكانت الخطة هي ان يعترف هؤلاء بالمسؤولية عن هذه الجرائم والصاقها بالسيد مصطفى الصدر(رض) بالاشتراك مع السيد جعفر الصدر وانهم حصلوا على الفتاوى بخصوص هذه العمليات من الامام الصدر وبعد تمثيل مسرحية حدوث الجرائم في شارع الرسول(ص) ووصول الامر الى الامام الصدر بادر الى التصريح بلقاء مسجل على شريط تسجيل ان ا لهدف من هذه المسرحية الصاق هذه الجرائم بمحمد الصدر، ولكن (يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).
    فاضطر النظام حينها الى تغيير المسرحية وان الجناة فعلوا ذلك بدافع من انفسهم كما هو معروف، واحتدم الامر حينما افتى بالمسير الى كربلاء في الزيارة الشعبانية فجاءه مدير أمن النجف فأخبر ان رئيس النظام يلزمه بالتراجع فطرده شهيدنا، فجاء بعد ذلك محافظ النجف العوادي فطرده كذلك، وفي اثناء الليل جاء مدير الامن العام طاهر جليل حبوش التكريتي واقتحم بيت الامام الصدر، وأخبره بأنه سوف تحدث مذبحة للشيعة ان هو لم يتراجع عن فتواه، وان رأس النظام قد امر قوات الحرس بالنزول الى الشوارع، عندها وفي اليوم التالي اصدر شهيدنا خطاباً مختصراً علّق على لوحة الاعلانات في المكتب، بأنه نتيجة للمنع الشديد والمؤكّد لهذه السنة والسنوات القادمة فامتنعوا هذه السنة عن المسير الى كربلاء المقدسة تقية. وفي يومها كان احد ضباط الامن الكبار موجوداً في المكتب وقال هكذا اذن، فمزّق الورقة وخرج مغضباً من المكتب.
    وقبل هذه الاحداث وفي ايام اقامة صلاة الجمعة امر شهيدنا ابن عمه السيد جعفر الصدر بالصلاة في مسجد الكوفة في ايام الاسبوع غير الجمعة، فتوجه السيد جعفر الصدر الى المسجد وكان يصلّي فيه السيد عبد الامير الحكيم، عندها تم الاتصال بأجهزة النظام الامنية فمنعوا السيد جعفر من اقامة الصلاة، ولا شك ان احتضان السيد جعفر من قبل شهيدنا احد أهم الضربات التي وجهها الى النظام، وهذا الفعل يدل بحد ذاته على ان شهيدنا يواصل مسيرة أستاذه الشهيد بل يمكن القول ان السيد محمد الصدر استفاد من اخطاء المرحلة السابقة ودخل في اطار جديد فمواجهة السيد الشهيد للنظام كانت صريحة وكان انصاره أغلبهم من الشباب والتف حوله عدد من علماء النجف وطلبته ويكفي ان نذكر منهم السيد كاظم الحائري والسيد محمود الشاهرودي والشيخ علي الكوراني والشيخ الآصفي والشيخ الايرواني والسيد محمد باقر الحكيم وهكذا العديد من الاسماء اللامعة، ولكن ما حدث ان التلاحم مع الجماهير لم يكن بالصورة المطلوبة وذلك ان حب الدنيا كان مسيطراً على الكثير، لذلك لم يوفق احد منهم الى حب الجماهير ويكفي ما ذكره النعماني في محنته ان السيد الشهيد بقى وحيداً في ايامه الأخيرة وخذله كل طلبته وفروا الواحد تلو الآخر وعندما شدد النظام من حصاره، قامت مجموعة من العوام بل ممن تعتبرهم الحوزة من حثالة الخلق، با لهجوم على الامن وقتلوا عدداً منهم يقول النعماني ان السيد الشهيد ندم على كل يوم قضاه في تربية طلبته وانه لو ابقاه الله على قيد الحياة لاحتضن اولئك الذين كما قلنا من السوقة.
    قال(قدس): إنه لو قدر للسلطة ان ترفع الحجز عنّي من دون قيد او شرط وأعود الى حياتي ووضعي الطبيعي فسوف اعتمد في العمل على امثال }هؤلاء{ إن هؤلاء ضحّوا لله تعالى بدمائهم من اجل الاسلام والقيادة الاسلامية وسأبذل معظم الحقوق الشرعية على تربيتهم ان الاسلام اليوم بحاجة الى المضحين الفدائيين ان واحداً من هؤلاء يستطيع بعمل تضحوي ما ان يغير وضعاً قائماً كان يبدو من المستحيل تغييره، ولا يستعد ان يفعل بعض ذلك من بذلنا الكثير من اجله( ).
    واضح هو التعبير الحزين للسيد الشهيد وندمه على ما قضاه من جهود من اجل الفضلاء الذين فروا من نصرته بينما نرى السيد محمد الصدر لا يعتني بالافاضل والحوزويين وأبناء الاسر العلمية كما كان يهتم بابناء الشعب لذلك جاء بهم وجعلهم من طلبة الحوزة ورباهم على خصال من اهمها:
    1 ـ الاخلاص المطلق لله . 2ـ قوة القلب. 3ـ حفظ الشريعة.
    فكان ما كان واصبح اولئك الذين تسميهم الحوزة ا لهمج الرعاع سيوفاً والسنة حداداً وقلوباً شداداً واصبح منهم الأساتذة والخطباء وائمة الجمعة وموظفوا المكتب في النجف، ومسؤولوا المكاتب في المحافظات، وقضاة شرعيون. لذلك انتقلت المواجهة مع النظام من النجف الى كافة المحافظات، ودخل الاسلام بحقيقته الى كل بيت، واصبح اسم الصدر مناراً وتقليده فخراً يعتزّ به صاحبه، واصبح تمثيل وتقليد غيره دلالة على الجبن والخذلان، والعجيب ولا عجب في قدرة الله ان كل ذلك حدث في وقت قياسي لا يمكن حسابه بالمنطق أو بحساب الاحتمالات فالمواجهة في الشارع وفي الدوائر الرسمية وفي السيارات بل حتى في قصر النظام حيث اعلن التوبة عدد من موظفي القصر بشكل خفي، اما ضباط الجيش فقد كان شهيدنا يلتقي بالعشرات منهم، وانقل هذه الاحداث فعندما طلب النظام مواليد تم تسريحها من الجيش للتدريب لمدة شهر واحد وكان من ضمن هؤلاء العشرات من طلبة الأمام الصدر، فكان معظم امراء المعسكرات يأمرون الجميع بالجلوس والاستماع الى محاضرة يلقيها الطلبة الموجودون ويجيبون بعد ذلك على الاستفتاءات وهكذا الى انتهاء الدوام عند الظهر والظريف في الامر ان الطلبة كانوا يحضرون الى هذه المعسكرات بالزي الحوزوي ولا يطلب منهم حلاقة اللحية إلا في حالات نادرة من قبل المتشددين من امراء الجيش في الولاء للنظام الكافر، ولذلك فقد جن جنون النظام والحوزة، فالحوزة صارت بحالة هستيرية واصبح التخبط وعدم الحكمة في الاقوال والافعال، فكان البعض كمحمد سعيد الحكيم يسب شهيدنا ويشتمه بشكل مخزي وتطور الامر الى ان عدداً من المكاتب اصبح يوزّع الاموال على الناس في بعض المحافظات، بشرط العدول عن تقليد محمد الصدر، واتخذ البعض الآخر طريقة الاعلام الكاذب، وذلك بأن قاموا بتوزيع وطبع نشرات تهاجم شهيدنا بشكل غير مستقيم ولو من ناحية الشكل فمرة تم اصدار نشرة بعنوان }دفاعاً عن بيضة الاسلام{ وفيها هجوم على شهيدنا بأنه يدعو الناس الى التقاعس، ومنشور آخر بعنوان }الاستكبار العالمي يعلب بورقة المرجعية{ وفيه اتهام الشهيد بالعمالة، وانه بيد ....

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,348

    افتراضي .

    .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,348

    افتراضي .

    .

المواضيع المتشابهه

  1. الجزيرة وقطر..الارهاب والتنكيل بشعب العراق الى متى السكوت؟
    بواسطة احمد مهدي الياسري في المنتدى واحة الحوار العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02-12-2005, 04:02

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني