الكتاب الصادر من دار المرتضى 2005 للكاتب حسن علي خلف تناول فيه بستة فصول الاهوار من حيث التكوين ثم الاستيطان القديم والوسيط والحديث اما الفصل الثالث فتناول فيه الباحث ثروات الاهوار من النباتات والحيوانات والطيور والاسماك اما الفصل الرابع دراسة الحالات الاجتماعية وطبيعة السكان والنشاط الانساني وفي الفصل الخامس اهم القبائل القاطنة واهم الشخصيات التاريخية وكان الفصل الاخير تم تخصيصه للمعالم السياحية .

ينجذب الرآئي الى سحر الطبيعة ويتفاعل وجدانيا مع اخضرار الارض الممتد في الافق مع زرقة السماء وانسيابية الماء واسراب الطيور وبيوت القصب العائمة التي تحيط بها المياه من جوانبها تتضمن هذه اللوحة التشكيلية التي رسمتها الطبيعة ببراعة متناهية في الالق تمثل جمال سمفونية الوجود التي تتوحد فيها الاجواء الرومانسية الحالمة بروعة الوجود بعيدا عن صخب المدن وضجيجها ان تناغم الطبيعة الذي يمنحه الماء والسمك والطير مع صفاء الوجودات بجميع مكوناتها.

في صفحة ((22)) رجح الكاتب الادلة التاريخية في تكوين الاهوار حيث ان نهري دجلة والفرات والكارون لم تعمل على دلتا تتقدم باتجاه الخليج بل ان هذه الانهار تلقي برواسبها الغرينية في منخفضات القسم الجنوبي من السهل الرسوبي وان الحوض الذي قذفت فيه حمولتها قد انخفض ولا يزال ينخفض لحد الان بسبب ثقل الترسبات وبسبب حركة باطنية اعقبها انحناء محدب قد تراكمت فيه الاف الاقدام المكعبة من الرواسب ويبدو ان التوازن بين الهبوط والترسب في الماضي القريب قد تم بصورة عجيبة وفق فترات كادت ان تملأ المنخفضات بالرواسب غير ان الهبوط كان هو السائد باستثناء بعض المرتفعات المحلية الصغرى التي تمثل حركة متاخرة من تركيب المنحنيات المحدبة فالعامل الاساس الذي لعب دورا مهما في هذه المنطقة هو الهبوط المستمر في حوض هذا السهل .
لقد درس المؤرخون والباحثون والمستشرقون هذه البيئة الجميلة وسحر الطبيعة وتناغمها وانسجام مكوناتها المختلفة فهي تعد من ثروات بلاد وادي الرافدين .
المزارعون ، الصيادون ، الثوار ، الشعراء ، المتمردون على النظم الدكتاتورية هذا الخليط يشكل النسبة الاعظم من سكان تلك المناطق لقد شكلت الهجرة الى المدن لاغراء الحياة العصرية والخدمات الى نزوح اعداد مهمة الى العاصمة او المدن التي تقع على حافات الاهوار لكن توفر الخدمات من الماء الصالح للشرب والكهرباء والتعليم والصحة هذه العوامل تساعد على توطين السكان الا ان تجفيف الاهوار والتي تمتدد على مساحة كبيرة من خارطة العراق من مدن العمارة والبصرة والناصرية الا ان تجفيفها زمن النظام السابق ادى الى هجرة السكان كذلك.

يوضح الباحث في صفحة ((63)) ثروات الاهوار الهائلة النباتية والحيوانية والثروات المعدنية في باطن الارض مستعرضا انواعها ، يندهش السائح الذي يزور تلك البقاع لهذا التنوع والغنى البيئي من الطيور والاسماك المختلفة التي تشكل مصدر غذائي مهم للسكان .

الدراسات الانثروبولوجية و الديموغرافية والطوبوغرافية تهتم بهذا التنوع الذي يسهم في بناء الاقتصاد العراقي المستقبلي حيث ينبغي على الاقتصاديين الاستثمار الامثل لتلك البيئة المعطاء وقد اكد الباحث حسن علي خلف في صفحة ((142)) باستثمار السياحة وجعل هذه المنطقة الفريدة في العالم من حيث السحر والجمال ويطرح رؤى متعددة من خلال الاتصال بذوي رؤس الاموال من شركات وافراد لتاهيل الاهوار وكذلك استثمار المعالم الاثرية في المناطق المجاورة كاثار اور واريدو ولارسا ومسقط راس النبي ابراهيم الخليل (( عليه السلام)) فالاهتمام بالمنشأت السياحية وتطوير الصناعات المحلية ووسائل النقل وانشاء متحف طبيعي ومحميات لحيوانات الاهوار والطيور والاسماك .

ان العالم يسعى الى تطوير تلك المنطقة وينبغي على الدول المانحة ان تولي اهمية قصوى لتأهيلها ان هذه الدراسة المهمة جاءت لتسد نقصا في المكتبة العراقية حول بيئة الاهوار التي تمثل جزء مهم من بلاد وادي الرافدين .