قراءة في كتاب: سيكولوجية الانتظار دراسة للأبعاد النفسية في عقيدة الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)


(كتب الإمام المهدي المنتظر (عج) إلى أحمد بن إسحاق يقول:

(وأما وجه الانتفاع بي في غيبتي، فكالانتفاع بالشمس إذ غيبتها عن الأبصار السحاب، وأني لأمان لأهل الأرض، كما أن النجوم أمان لأهل السماء).

كتاب: الاحتجاج الجزء الثاني ص471

في (مقدمة البحث) نقرأ:

(وقع اختلاف في وجهات النظر بين الباحثين المسلمين بل وعامة الناس حول مسألة المهدي المنتظر (عج) وما ارتبط بها من نصوص دينية ووقائع وأحداث في الواقع التاريخي عند المسلمين وقد أتخذ – الاختلاف – أشكالاً وصوراً وأنماطاً من الجدل أمتد بالتدريج من اللغط... والنقد القط إلى المواجهات الدموية أحياناً وقد يظهر – أحياناً – في شكل حوار نقدي هادف وقائم على ضوابط العلم وقواعده المنهجية.

لقد ظهرت في هذا المجال دراسات متعددة الاتجاهات، وتنوعت هذه الدراسات حتى داخل الاتجاه الواحد سواء كان مؤيداً أو مناهضاً لفكرة المهدي المنتظر (عج).

واسترعى انتباهنا – بالرغم من هذا التنوع – قلة عناية الباحثين المؤيدين لهذه الفكرة بدراسة الجوانب النفسية في هذه العقيدة وضعف اهتمامهم بها باستثناء بعض الإشارات المحدودة غير المركزة، مع أن نصوص المشرّع الإسلامي وإرهاصات الواقع التاريخي لهذه العقيدة مليئة بالمشاعر والانفعالات والدوافع والحالات السيكولوجية المتولدة عن تفاعل المسلمين مع نصوص البشارة بالمهدي (عج) والمتجسدة في واقع نفسي وتاريخي.

وترتب عن هذا الخلل البحثي نحو روح إنهزامية عند بعض المنتظرين، وإفراطهم في التساهل لقيم الانتظار الأصيلة والنبيلة وكان بإمكان جماعات الانتظار – من كل زمان ومكان – الاستفادة الكاملة من الإبعاد السيكولوجية الإيجابية لعقيدة الانتظار لو أثر الباحثون المؤمنون (بالمهدي) الذهنية العامة للمنتظرين ونفسياتهم بالمبادئ والقيم والاتجاهات السليمة التي انطوت عليها هذه العقيدة، وحافظوا على هذه الخصوصية الحضارية للمنتظرين، وعلى تنشيط استجابة (التحدي) لديهم وهم يواجهون كجماعة دينية ضغوط الآخرين من كل حدب وصوب.

وهذا البحث محاولة مبتدئة لدراسة مفهوم الانتظار وما طواه من أبعاد سيكولوجية ومعرفية، وقد انطلقت هذه المحاولة في بدء عام 1989م لتسجيل بعض الخواطر الشخصية عن بعض الجوانب السيكولوجية التي تشكل جزءاً هاماً من مكونات عقيدة المهدي الموعود (عج) ومعطياتها الإنسانية...

إن الأفكار الواردة في هذا البحث مجموعة من الخواطر قابلة للصواب والخطأ، فباحث هذه الدراسة لا يزعم لنفسه الوعي الدقيق بالمعاني الإنسانية لتجربة الانتظار والاستيعاب الكامل لدلالتها السيكولوجية والتربوية والأخلاقية...)

وفي (الفصل الأول – دراسة أولية لمفهوم الانتظار -) نقرأ هذه الخلاصات الواردة تحت العنوان الفرعي (تمهيد):

(تعتبر عقيدة المسلمين في المهدي المنتظر (عج) منذ لحظة الإعلان عنها والتبشير بها في العصر النبوي من أكثر قضايا الفكر الإسلامي موضعاً للجدل وتصادم الرأي وتعارضه، وكانت على امتداد تاريخنا الثقافي الطويل قضية جدلية، وخصبة تشغل بال العلماء وتستثير تفكير الرواة والمؤرخين والمهتمين بقضايا الفكر والعقيدة والاجتماع السياسي.

وأصبحت منذ ذلك التاريخ موضوعاً للبحث والتداول العلمي، وتولد عن اهتمام العلماء واجتهاداتهم فكر جدلي مستمر – ولله الحمد – إلى يومنا هذا، وما تزال هذه العقيدة تحمل في طياتها الداخلية قدرة على استثارة التفكير، وتبادل الرأي.. والأخذ والرد).

وبمحتوى (الفصل الثالث – المنهج النفسي ونقد عقيدة المهدي –عج-) نقرأ تحت العنوان الفرعي (أهمية المنهج النفسي في دراسة الانتظار هذه الاستنتاجات:

(إن من الإخلاص للإسلام والمسلمين أن نتجه إلى القواعد المنهجية التي قررها السلف الصالح من علمائنا الأبرار بالإضافة إلى المنهج التحليلي في نقد التاريخ والنصوص ليتأمل لنا من خلال ذلك النهج العلمي الحديث في معرفة الحقائق الإسلامية..)

أما بما جاء بـ(الفصل الرابع – العوامل المؤثرة في سيكولوجية المنتظرين) فنقرأ تحت العنوان الفرعي: (العوامل المؤثرة في سيكولوجية المنتظرين) هذه الكلمات:

(يتأثر سلوكياً وذهنياً وسيكولوجياً أفراد جماعة المنتظرين بعدد من العوامل فالمنتظرين كأية جماعة بشرية لها تاريخ بعيد وعمق حضاري فاعل يعيشون في وسط مثيرات عقيدية ودينية وتاريخية واجتماعية، ولا مناص لهذه الجماعة أن تتأثر تركيبتها الداخلية بهذه المثيرات، وأن قوة التأثير متفاوتة من مرحلة لأخرى خلال عصر الغيبة..

إن المنتظرين على اختلاف وعيهم الديني ومستوى حماسهم النفسي لا يمكنهم الإفلات من الانفعال... بالروح الإيجابية أو السلبية لهذه العوامل المؤثرة وبالذات لحظة تعرضهم للوقائع الجارية من بشائر وفتن..).

وبحدود (الفصل الخامس – الأبعاد النفسية الإيجابية في عقيدة المهدي لمنتظر –عج- ) فنقرأ تحت العنوان الفرعي (أمل الانتصار) هذه السطور الناصعة:

(تضمنت نصوص البشارة بالمهدي المنتظر (عج) وعداً بازدهار المستقبل، وانتصار المنتظرين المستضعفين على قوى المستكبرين، والتفوق عليهم في نهاية الصراع التاريخي بين الفريقين، فالأرض ستمتلىء عدلاً وآمناً كما أكدت النصوص، بعد أن امتلأت ظلماً وجوراً، وقد أطلقت بعض نصوص البشارة على اليوم الموعود (يوم الخلاص) وهي كلمة لها دلالتها السيكولوجية، حيث تنتهي فيه أسطورة الاستعلاء التي مارسها المستكبرون ضد المستضعفين، وبخاصة المؤمنين على مدار تاريخ الإنسانية كله.

وثمة نصوص كثيرة تطمئن نفسية المنتظر بالنصر، وتحقيق الفرج وإحياء قيم الحق والعدالة في حياة الإنسان، وتقرر مبدأ الاستخلاف في الأرض للمؤمنين:

(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)

الكتاب: سيكولوجية الانتظار – دراسة للأبعاد النفسية في عقيدة الإمام المهدي المنتظر (عج) –

المؤلف: يوسف مدن

الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع (بيروت – لبنان)

مواصفات الكتاب: الطبعة الأولى 1422هـ - 2002م

محتوى الكتاب: (273) صفحة من القطع الكبير موزعة على: (مقدمة البحث) و(5 فصول) وقائمة بـ(مصادر البحث)