النتائج 1 إلى 5 من 5
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    401

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    401

    افتراضي

    الأم تغرس في ذهن الطفل التفكير الخرافي

    * محمد عباس نورالدين
    إن الطفل في المجتمع العربي يرتبط ارتباطاً قوياً بأمه وخاصة في المراحل الأولى من طفولته، لذا تلعب الأم دوراً رئيسياً في تكوين شخصية الطفل. وبما أن المرأة في المجتمع العربي تعتبر من الشرائح الاجتماعية الأكثر تعرضاً للاستبداد الاجتماعي، بحكم تبعيتها للرجل والنظرة الدونية لها، فهي أكثر ميلاً للخرافة، التي ترى فيها وسيلة تحاول بها التخفيف من وطأة المستقبل الذي يتهددها ويثير مخاوفها. فهي تشعر دائماً أنها مهددة وتحت رحمة الرجل وأن عليها أن تحافظ على ارتباط زوجها بها بكل الوسائل: لأن الزوج هو الذي يحميها ويعيلها ويمنحها قيمتها الاجتماعية. وعملية التجهيل المفروضة على المرأة العربية تهدف ـ على المدى البعيد ـ إلى تمثلها لإيديولوجية الاستبداد كي تقوم بإسقاطها على أبنائها من خلال تعاملها معهم فينشأون وقد (روضوا) ترويضاً يؤهلهم لتقبل هذه الإيديولوجيا كما لو كانوا هم الذين اختاروها عن قناعة ورضى. ونظراً لجهل المرأة العربية والتهديد المستمر الذي يساورها فإنها تجد نفسها مضطرة للجوء لأساليب الشعوذة والخرافة كي تؤكد ذاتها وتحتفظ بعلاقتها بزوجها. وعلى سبيل المثال فقد تبين من دراسة ميدانية أجريت بمصر حول (السحر والمجتمع) أن نسبة كبيرة من نساء عينة البحث يترددن على المشتغلين بالسحر والشعوذة. وتخلص الدراسة إلى أن المرأة المصرية، وبصفة خاصة غير المتعلمة، (لا تحس أماناً في زواجها ولا في حياتها بعامة، وإن هذا يلجئها إلى المشتغلين بالسحر).
    والأم، في المجتمع العربي، لا تكتفي بممارسة عادات وتقاليد تعتمد على الخرافة وإنما تغرس التفكير الخرافي ـ ودون وعي منها ـ في ذهن طفلها. ويتجلى ذلك في تخويفها للطفل من قوى غيبية لا يمكنه فهمها فهماً منطقياً كالغول والجن والشيطان ... وفي إجابتها على أسئلته بطريقة خرافية وغير معقولة، وفي عقابها له عقاباً جسدياً ونفسياً عنيفاً كما لو كانت تحيل أمر عقابه والانتقام منه إلى قوة غيبية تستجيب لدعائها ... الخ. بالاضافة إلى ذلك فإنها لا تعوده ربط الأسباب بالنتائج ربطاً ضرورياً، ومواجهة المواقف التي تعترضه مواجهة صريحة مباشرة تعتمد على أساس التفكير المنطقي السببي.


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    401
    المدرسة غير قادرة على إزالة رواسب التفكير الخرافي

    * محمد عباس نورالدين
    يجمع المتتبعون لوضعية التعليم في العالم العربي على أن المدرسة العربية لا تزال بعيدة عن الواقع الذي يعيشه التلميذ لأنها تتبنى ـ في الغالب ـ أسلوب التلقين دون أن تنمي لدى التلميذ روح النقد والمحاكمة العقلية. وتكتفي المدرسة بأن تحشو ذهن الطفل بمجموعة من المعلومات لتي، وإن كانت تناقض مع التفكير الخرافي، إلا أنها لا تزيل رواسب هذا التفكير الذي ترسخ في مرحلة الطفولة السابقة. لهذا قلما تساهم المدرسة في تغيير الممارسات اللاعقلية السائدة في المجتمع، مما جعل أحد الباحثين العرب في شؤون التربية يصف المدرسة في المجتمع العربي بأنها (حمال الوعي الزائف ... وحمال ثقافة التخلف). والذي يمارس مهنة التدريس يلمس هذه الحقيقة بكيفية واضحة. فقد يدرس الطالب العلوم التجريبية والرياضيات ومناهج العلوم والفلسفة، إلا أنه في نفس الوقت يؤمن بالخرافة إيماناً راسخاً دون أن يشعر بأن الخرافة تتناقض مع كل أنواع التفكير التي يدرسها بل قد نجد الكثيرين ممن قدر لهم أن يمارسوا مهنة التدريس يؤمنون بالخرافة، وبالتالي لا ننتظر من هؤلاء أني عملوا على ترسيخ التفكير المنطقي والعقلي في أذهان طلابهم. ونظراً للأسلوب التلقيني في التعليم، ولاعتماد التعليم على التهديد والإرهاب وابتعاده عن الواقع، فإن الخرافة تظل راسخة في ذهن الطفل، بل قد يستعمل التعليم لتبرير الخرافة وإظهارها بمظهر القوة بينما يبدو العلم محدود الفعالية إن لم يكن عاجزاً في عدد من الحالات. ونتيجة لذلك يتعود التلميذ أن يستعمل العقل في الجوانب التي لا تتعارض مع المعتقدات الخرافية التي لا يشك في صحتها. بل قد يصل به الأمر إلى درجة التشكيك بالعلم إذا ما لاحظ أن العلم يتناقض مع معتقداته الخرافية.


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    401

    افتراضي

    تعليمنا نخبوي يكرس التفكير الخرافي

    * محمد عباس نورالدين
    ن المعرفة كانت عبر التاريخ العربي مرتبطة بالطبقة الأرستقراطية المسيطرة، أما الغالبية العظمى التي تشكل عامة الناس فكانت غارقة في حالة من الجهل والفقر وغير قادرة ـ بحكم وضعيتها ـ على تتبع الحركة الفكرية التي كانت تدور في قصور الخلفاء والأمراء والولاة. ونظراً لارتباط الحركة الفكرية والأدبية بالطبقة الأرستقراطية المسيطرة فقد فرض على هذه الحركة أن تعالج موضوعات معينة تكتسي في الغالب طابعاً مجرداً وبعيدة عن الواقع الذي تعيشه الأغلبية من أفراد المجتمع. وكان المفكرون والأدباء والشعراء يتجهون إلى قصور الخلفاء والأمراء والولاة طمعاً في ما يمكن أن يغدقه هؤلاء عليهم. ولو استعرضنا حياة أبرز المفكرين العرب في الماضي لوجدنا أنهم كانوا ـ في معظم الحالات ـ على علاقة وثيقة بالطبقة الأرستقراطية الحاكمة. بل إن عدداً منهم شارك في الحكم مشاركة فعلية. فالكندي الملقب بفيلسوف العرب كانت له منزلة كبيرة عند المأمون والمعتصم، بينما كان الفارابي على علاقة وثيقة بسيف الدولة الذي ضمه لعلماء بلاطه، في حين عين ابن سينا وزيراً من طرف أمير همدان وكان على صلة قوية بأمير اصفهان. كذلك الشأن بالنسبة لابن باجة وابن طفيل وابن رشد وغيرهم من مفكري العرب القدامى.
    وإذا كان التعليم في الماضي محصوراً في (نخبة) من الأفراد فإنه في المرحلة الراهنة التي يمر بها العالم العربي لا يزال نخبوياً في معظم الحالات، حيث أن نسبة قليلة هي التي يتاح لها أن تتعلم، أما الغالبية العظمى فتغرق في حالة من الجهل والفقر. والإحصائيات المتوفرة والمتعلقة بوضعية التعليم في العالم العربي ـ رغم قصورها ـ تؤكد هذه الحقيقة بكيفية واضحة. ونخبوية التعليم تكرس حالة التخلف الاجتماعي والثقافي والاقتصادي التي تعيشها غالبية السكان في العالم العربي. وبما أن هذه الغالبية غير قادرة على حل مشاكلها المعيشية بالنظر لتخلفها، وبما أنها أكثر الفئات معاناة للقمع والحرمان اللذبن تفرضهما إيديولوجية الاستبداد، فهي ميالة إلى الخرافة كوسيلة تعويضية تغرقها في عالم الأوهام تبحث فيه عن معجزة للخلاص الشيء الذي يزيد في استلابها وغربتها عن واقعها الحقيقي. وإذا كانت الشرائح العليا من المجتمع تلجأ إلى التفكير الخرافي أحياناً فلكي تواجه بواسطته المواقف التي لا تنفع فيها سلطتها والإمكانيات المادية التي تتوفر عليها.


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    المشاركات
    401

    افتراضي


    الخرافة تحاصر العلم وتغذي الاستبداد



    * محمد عباس نورالدين
    إذا كانت الغالبية من السكان في العالم العربي تعيش الخرافة ممارسة وفكراً لتخلفها وجهلها فما هو الموقف الذي تتخذه من الخرافة تلك الفئة التي حظيت بنصيب من التعليم؟
    إن وضعية التخلف تشكل ضغطاً على المتعلم لا يمكن تجاهله نظراً للعلاقة الجدلية بين الفرد والمجتمع، إذ يصعب على المتعلم في العالم العربي أن يرفض رفضاً تاماً العادات والتقاليد السائدة في بيئته الاجتماعية، وما يؤطرها من مفاهيم وأفكار، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن التعليم يظل سطحياً ولا يغير من البنية الأساسية للذهنية العربية التي تكونت في الطفولة والتي تشكل الخرافة إحدى مقوماتها الرئيسية. بالاضافة إلى ذلك يتعرض المتعلم في العالم العربي لضغوط سياسية واقتصادية تتخذ أشكالاً متنوعة وتلجأ إلى الإغراء والتهديد حتى تنجح في جعل المتعلم يتنازل عن حريته وعفويته وبذلك يصبح أداة طيعة في يد الطبقة المسيطرة. ومع الزمن تنجح هذه الطبقة في ترويض المتعلم وفي إبعاده عن التفكير العلمي والسلوك المنطقي، بحيث يصبح قادراً على مسايرة إيديولوجية الطبقة المسيطرة وعدم معارضتها وربما تدعيمها والعمل على ترسيخها. وبذلك يحاصر المتعلم من طرف الخرافة كأسلوب في التفكير وكممارسة في الواقع حتى يعود لينطلق، في تفكيره وسلوكه، من الذهنية الخرافية التي نشأ عليها في الطفولة.
    إذا كان المتعلم في العالم العربي يعاني مثل هذا الضغط فإن الغالبية العظمى تعاني ضغطاً أكثر قسوة بحكم فقرها وجهلها مما يجعلها مرتعاً ملائماً للتفكير الخرافي والأسطوري. وعندما نستعرض التاريخ العربي يتبين لنا أن الانسان العربي لم يتح له في أي مرحلة من مراحل تاريخه أن يتحكم في مصيره ومستقبله وأن يمارس التفكير بحرية ودون أي ضغط خارجي، وأن يعيش حياته دون أن يكون معرضاً لأي تهديد. وهذه الوضعية جعلت الانسان العربي يبدي خوفاً شديداً من المستقبل، وفي نفس الوقت يشعر بعدم ثقته بالتفكير السببي المنطقي، الشيء الذي جعل التفكير الخرافي ملاذاً يعكس علاقته الواهية بالواقع. ولم تكتف الإيديولوجية الاستبدادية بأن هيأت الظروف الموضوعية لانتشار التفكير الخرافي بل إنها في بعض الأحيان تقوم بنفسها بنشر هذا النوع من التفكير، لأنها تدرك بأن هناك قاسما:ً مشتركاً بينها وبين الخرافة وهو رفض التفكير المنطقي والسببي، وبأن انتشار أساليب الخرافة يدعم وجودها واستمرارها، وإلا كيف نفسر انتشار الخرافة والشعوذة في المجتمع العربي وخاصة لدى الطبقات الدنيا في الوقت الذي ندعي فيه أننا نحاول بكل الوسائل الخروج من التخلف بجميع أشكاله؟ فلماذا مثلاً لا تشعر الرقابة، التي لا يخلو منها بلد عربي، بأن عليها منع تداول كتب السحر والخرافة والشعوذة، بينما لديها حساسية مفرطة إزاء الكتب التي تتناول بكيفية صريحة ومباشرة واقع المجتمع العربي المعاصر؟
    ن استمرار الإيمان بالخرافة في العالم العربي بالشكل الذي عليه الآن، رغم انتشار التعليم ووسائل التكنولوجيا الحديثة، يؤكد بأن التعليم لا يكفي وحده للقضاء على التفكير الخرافي والأسطوري. إذ لابد من تغيير الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للانسان العربي كشرط أساسي لتغيير أفكاره وأسلوبه في الحياة بصفة عامة؛ فإذا اعتبرنا التفكير الخرافي نتيجة لطبيعة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي عاشها الانسان العربي، وما زال يعيشها في الحاضر، فإننا نخرج بنتيجة مؤداها أن الانسان العربي لا يمكن له أن يتخلص من الخرافة ـ على مستوى الفكر أو الواقع ـ غلا بتغيير الواقع الاقتصادي والاجتماعي والفكري الذي يعيشه تغييراً يستند إلى العلم، على أن يظل الانسان العربي هو الغاية من كل تغيير دون أن يضحى به لأي سبب من الأسباب. وإذا ما تم هذا التغيير فسنرى الانسان العربي وقد تخلى عن أسلوب (الفروسية) في التفكير والسلوك، وعن توقع المعجزات التي ينتظر منها أن تغير واقعه رأساً على عقب ... ، وإنما سيواجه واقعه مواجهة موضوعية مسلحة بالعلم والوعي.


ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني