بقلم: جاسم هداد

الأمين العام لجامعة الدول العربية , منصب يفترض بمن يتبوأه , ان يكون راعيا لمصالح البلدان العربية , حكومات وشعوب . ومن اهم مهام الأمين العام البحث عن سبل المساعدة , لشعب أي بلد عربي يكون محتاجا لها , وشعبنا العراقي مر بمحنة قاسية , وعاش سنين صعبة تحت حكم النظام الدكتاتوري المقبور , الذي خلف لهذا الشعب تركة ثقيلة جدا , قد يحتاج لسنوات للتخلص منها , ومنذ تولي السيد عمرو موسى منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية , وفي الوقت الذي كان النظام المقبور يرتكب الحماقة تلو الحماقة , لم نسمع او نقرأ , أي إهتمام حقيقي من قبله بمحنة شعبنا , ولم نلمس منه أية محاولة تحرك من اجل إنقاذه . ولعل الجميع يتذكر , آخر مؤتمر لوزراء الخارجية العرب الذي تم عقده في شرم الشيخ قبل سقوط النظام المقبور , عندما كانت نذر الحرب تشعل شاراتها الحمراء , وتقدم المرحوم الشيخ زايد بمبادرته المعروفة , والمتضمنة إستقالة الطاغية مع تعهده بتأمين مكان آمن له ولعائلته , من اجل إبعاد شبح الحرب وإنقاذ العراق من مخاطر الأحتلال . ولكن بدلا من أن يلعب السيد الأمين العام دورا إيجابيا مؤثرا لتفعيل هذه المبادرة , وتحكيم لغة العقل , ومصارحة نظام الطاغية بما جلبه لشعبه من مصائب , نراه قد فعل العكس , حيث انه لم يقم بعرض المبادرة على المجلس الوزاري , من خلال محاولة إالتفافية عليها , وهذا ما اشار له وزير الأعلام الأماراتي في لقائه مع الصحفيين بعد المؤتمر وقتذاك , ويبدو ان السيد الأمين العام يخشى ان يسبب ذلك جرحا لمشاعر الطاغية , او انه كان مؤمنا ومصدقا لما كان يهذي به صدام في خطاباته , من انه سوف يجعل القوات الغازية تجثو على ركبها عند اسوار بغداد وتطلب الرحمة منه !!.

ولقد بذلت قوى المعارضة العراقية وقتذاك جهودا كبيرة من اجل اللقاء بسيادته او ممثل عنه او أي مسؤول في الجامعة العربية , من اجل شرح وتوضيح وجهة نظرها بما يحدث في وطننا وما يتهدده من مخاطر . كان جواب الأمين العام جاهزا , هو غلق كل الأبواب وعدم السماح لأي مسؤول في الجامعة العربية للقاء مع أي طرف من المعارضة العراقية .

وبعد سقوط الطاغية ونظامه الفاشي , صحى السيد الأمين العام من غفوته , وتذكر فجأة ان هناك شعب اسمه " الشعب العراقي " ,فقرر فتح ابواب الجامعة العربية لأزلام النظام الذين اخذوا ينوحون في حضرته , طالبين منه نجدتهم ومساعدتهم للعودة الى كراسيهم , وذلك للتمتع لفترة اخرى بمنافع السلطة وكراسيها . في هذه اللحظات شمر الأمين العان عن ساعديه , حيث تناقلت وكالات الأنباء تصريحاته المطالبة بإشراك كافة أبناء الشعب العراقي في المناصب الوظيفية , وواضح جدا ما يقصده سيادته بـ " كافة " فهو يعني حصرا بقايا البعث وازلام النظام .
وإضافة لذلك تناقلت وكالات الأنباء رغبة عمرو موسى و " إستعداده لزيارة بغداد اذا دعت الحاجة للمساهمة في العملية السياسية " . ونود ان نهمس في اذنه , ان زمان تقديم الهدايا مثلما حصل في زيارته لبغداد ايام حكم الطاغية , وجلساته الحميمية مع " عبد حمود " قد ولى , وانه شخص غير مرحب به , وغير مرغوب به , رغم كون شعبنا العراقي مضياف , ولكن علمته المحن وأيام صدام السوداء ان يمد يده لمن وقف الى جانبه في محنته تلك , وتبين تجربة العراقيين مع الأمين العام للجامعة العربية إن محاولته الجديدة ليست نظيفة , فهي تأتي امتدادا لنهجه الداعي الى ضمان مشاركة قتلة شعبنا والمسببين لكل هذا الخراب في العملية السياسية , أي بصريح العبارة , إعطائهم حصة في المناصب الحكومية , حيث أكد سيادته انه " على إتصال مستمر مع مختلف الأطراف العراقية " , وواضح جدا مالمقصود بـ " مختلف الأطراف العراقية " !.
نود القول للسيد الأمين العام " متشكرين , لا تتعب نفسك , خاف تصير زحمة "
وحتى لا تختلط الأوراق , نود أن نذكر بأن موقفنا هذا من السيد عمرو موسى لا ينسحب على الجامعة العربية , فنحن مع تنشيطها لتلعب دورها المطلوب في حياة شعوب وبلدان الدول العربية من أجل المساهمة في تعزيز اواصر التعاون والتنسيق بينها , فالكل يعرف ان العراق كان احد المؤسسين الأوائل للجامعة العربية ومن الداعين الى تطوير وتعزيز دورها كمنبر للتعاون والعمل العربي المشترك , وبما يخدم المصالح المشتركة لجميع اطرافها .