كشفت دراسة أعدها مجموعة من الخبراء والباحثين الأردنيين والعراقيين عن أسباب ظاهرة أطفال الشوارع ومشاكلهم في العراق لاسيما في المدن الكبرى مثل بغداد والموصل فقد أصبحت مقلقة وزادت نسبة المودعين في مراكز الاصلاح والتأهيل بنسبة 8 في المئة في السنوات الأخيرة.

وأوضحت الدراسة - التي عرضت أخيراً في احدى ندوات المنظمة العربية للتنمية الادارية بالقاهرة - أن المجتمع العراقي شهد تحولات سريعة ومهمة في مختلف جوانب الحياة نتيجة لحربي الخليج الأولى والثانية والعقوبات التي فرضت على البلاد بسبب غزوه للكويت,,, وحرب نظام صدام حسين البائد ضد الشعب الكردي.

وجاء في الدراسة الحديثة أن تحركات النظام أدت الى انتشار ظاهرة الفقر بين الناس فقد انخفض متوسط دخل الفرد وصاحب هذا الانخفاض تضخم وتدني القدرة الشرائية وشيوع البطالة وتراجع الخدمات العامة وارتفاع سوء التغذية والأمراض وتناقص متوسط عمر الانسان والتوزيع غير العادل للثروة ما أدى الى افقار فئات واسعة من السكان.

كما كشفت عن ارتفاع نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر، حيث وصلت الى 28 في المئة نهاية الحرب العراقية - الايرانية بعدما كانت 19 في المئة عام 79، كما ارتفعت نسبة الفقر الى حوالي 1،27 في المئة في المناطق الحضرية و8،81 في المئة في المناطق الريفية.

وأظهرت الدراسة أن 33،93 في المئة من الأطفال المتسولين انطلقوا في التسول ما بين الأعوام «91 - 98» خلال أعوام الحصار وضعف تأثير تنفيذ برنامج النفط مقابل الغذاء في تحسين مستوى المعيشة.

وتعليقا حذرت اليونيسيف من كبر حجم الظاهرة وكشفت عن نيتها المساعدة في انشاء مراكز جديدة لتقديم الرعاية.

وأوضحت احدى الدراسات التي بحثت في انحراف السلوك على الجانحين في دار للاصلاح ببغداد أن 25 في المئة من الجرائم المرتكبة في مدينة الثورة يليها منطقة العامل 10 في المئة، ويعتبر ساكنو هذه المناطق من العمال والعسكريين والموظفين.

وأظهرت الدراسة أنه قد اختفى في حملات الأنفال التي شنها العراق على الأكراد أكثر من 180 ألف شخص فضلا عن 10 آلاف من البرزانيين وقتل 6 آلاف في حلبجة، وقدرت الدراسة خسائر الحرب العراقية الايرانية بمليون انسان ما بين قتيل وجريح ومعوق اضافة الى 100 ألف قتيل في حرب الخليج الثانية، ونتج عن هذه الحروب أسر مشتتة وأطفال يتامى.

وكانت الدراسة قد أرجعت الظاهرة أيضا الى انخراط مئات آلاف الآباء في القوات المسلحة والأعمال المساندة فولدت مشاكل أسرية انعكست على التربية الاجتماعية للأطفال وفقدان الأطفال للثقة بالنفس وبالآخرين والأمن والسلامة.

وأشارت الى تناقض نسبة سكان الريف الى مجموع السكان بالعراق حيث كانت النسبة 57 في المئة عام 1960 وصلت 34 في المئة عام 90 والى 25 في المئة عام 97 بسبب تخلف الزراعة وشح الخدمات وقلة فرص العمل.

منبهة الى أن ذلك يعود الى ما قام به نظام صدام من هدم 4500 قرية في اقليم كردستان قبل عام 1990 وتشريد سكانها لأسباب سياسية وقومية بجانب تجفيف الأهوار في الجنوب وترحيل القرى الحدودية الموازية لايران الى العمق لعوامل أمنية وطائفية.

كما أن النزاع المسلح بين القوى والأحزاب الكردستانية أعوام 93 و 94 و 95 كان سببا في ترحيل آلاف العوائل من أنصار المتنازعين الى مناطق نفوذ كل فريق اضافة الى استمرار الحكومة في سياسة التعريب في المناطق الكردية الواقعة تحت الحصار.

وطالبت الدراسة بضرورة اعادة الاعمار والبناء لتفعيل التنمية البشرية المستدامة والاقتصادية وتخصيص موارد أكبر في الميزانية الحكومية لدعم البرامج الموجهة للأطفال والغاء الضرائب والرسوم والأجور التي فرضت على الصحة والتعليم والتي أصبحت تستنزف جزءا كبيرا من دخل الأسرة وضرورة تقديم المساعدات للعائلات الفقيرة وتطوير نظم الرعاية الاجتماعية وتوفير الخدمات العامة المجانية في الأحياء الشعبية.