سباق الأقاليم في العراق
بقلم :رأي البيان
كان لدعوة رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق عبد العزيز الحكيم إقامة إقليم (شيعي) في وسط وجنوب العراق وقع سلبي على أغلبية العراقيين بمختلف مذاهبهم ومناطق تواجدهم في العراق. ولا يعلم الناس هناك هل كان من الحكمة أن يطلق الحكيم مثل هذا الأمر في وقت بات العراق فيه مهدداً بأخطار كثيرة وتغيب عن أفقه أي ملامح للخروج من جملة من الأزمات السياسية والعرقية والأمنية؟
إن العراقيين قد يتفهمون ما يطالب به الأكراد في شمال العراق من ضمانات دستورية لحقوقهم كقومية متآخية مع بقية العراقيين وإن كانوا يرون في إيغال الأكراد في بعض المطالب بمثابة «الطرق على الحديد وهو ساخن»، وقد يعتبرون نداءات البعض في تشكيل إقليم البصرة ضرباً من الأماني غير الصحية التي نشأت في ظل غياب قوة المركز وتسيب المحافظات بشكل شبه كامل،
إلا أن العراقيين لا يمكنهم استساغة إطلاق قائد جماهيري وزعيم ديني لفئة من الشعب العراقي مثل عبد العزيز الحكيم لمثل هذا المطلب وهو القادر على أن يناقش الأمر داخل أروقة الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان) أو من خلال اجتماعات قيادات الكتل السياسية مع الرئيس العراقي جلال الطالباني أو في أي صيغة رسمية أخرى تمنع من تحشيد الجماهير المؤمنة به وراءها وبالتالي خلق قاعدة جماهيرية في المنطقة المعنية لاستساغة الفكرة ثم تحويلها إلى مطلب قد يقود إلى مظاهر عسكرية مسلحة لتحقيقها.
إن ردود أفعال السياسيين العراقيين كانت مؤشراً واضحاً لرفض الجميع من النخب السياسية إلى القواعد الجماهيرية لما طالب به الحكيم أمام حشد عسكري استعراضي لمليشياته (منظمة بدر)، فقد أثارت تصريحاته العرب السنة في العراق الذين لا يقبلون بأي نوع من الفيدرالية ويقولون انها ستؤدي إلى تفتيت العراق وتزيد النفوذ الإيراني في البلاد. وتفاجأ الأكراد بها واعتبروها مناورة تقصد إحراجهم قبل ثلاثة أيام من الموعد النهائي لتقديم مسودة الدستور العراقي وكذلك كان رأي التيارات الشيعية الاخرى الممثلة في البرلمان خصوصاً تيار الصدر.
أن تصدر دعوات من قبل مراجع تقود في ائتلافها اليوم العراق سياسياً كالحكيم مثلاً فإن هذا هو الخطر الكبير الذي يجب على جميع العراقيين التنبه والاحتراز منه وإعداد ما يجب إعداده لمنع تشكل قاعدة جماهيرية مؤمنة به قد تفضي إلى نزاعات حقيقية وتفتيت العراق.القاعدة الأولى والأساسية لعودة العراق عفياً وقوياً وسط إقليمه وأمته أن يكون موحداً، وأن يتسع للجميع، لكل أعراقه ومذاهبه وأطيافه، وكل خروج على هذه القاعدة لن يصب إلا في مصلحة أعداء العراق القوي والموحد والمستقر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرياض - السعودية
هل نبكي على عراق ضائع؟!
كل بلدان العالم التي ناضلت دفاعاً عن استقلالها، وتحريرها، كان يبرز وجه الوطن فوق قامات الأشخاص، والتنظيمات، والولاءات المختلفة، لأن الأرض ليست ميدان مساومة أو سبباً لتناحر الأشخاص أو المذاهب، والوطن العربي اختفى منه هذا الشعور، حيث شهدنا حرباً على الصحراء المغربية بين بلدين ينزعان الى تشكيل منظومة مغاربية، وتذابح السودانيون في الجنوب، والشمال ولحقهما إقليم دارفور، وانفجر الدم في عروق اللبنانيين الذين صارت الطائفة لديهم المنبع والمصب في الدفاع عن حقها، والآن أُدرج العراق على لائحة التقسيم بين الطوائف والقوميات، بين شيعة، وسنة، وعرب وأكراد، ورحم الله الشاعر الذي قال في حمى ثورة 1958.
يا قاسم الشعب أعراباً وأكراداً
وجاعل الروس في بغداد أسياداً
التقسيم هذه المرة تحت عمامة الإمام، وربطة عنق الأفندي، وبمباركة من المنقذ الأميركي، وقد يبكي العراق على عبدالكريم قاسم، ونوري سعيد، ويأتي من يتمنى إخراج صدام من زنزانته، لأنه على الأقل كان يمسك بخيوط الوطن بقبضته القاتلة، وكان بمقدور الدول الغازية أن تصلح من خلال نظامه، قبل تمزيقه..
أما أن يدعو عبدالعزيز الحكيم إلى فدرالية للشيعة، أسوة بالأكراد فقد يكون صاحب حق من منظوره الطائفي، ولا ندري كيف، وهو العربي الأصيل، والذي كان والده السيد محسن أكبر داعية في مكافحة الطائفية، والحفاظ على الهوية العربية، نفاجأ بمن يناقضه بدواعٍ سياسية لمصلحة مذهبية، والمخاطرة لا تأتي فقط من هذه الدعوة، وإنما الاعتراف أن الواقع العربي مريض بحقائق ما يجري، أي أن ما حدث من تخريب على يد الدكتاتوريات العسكرية، والحزبية، جاء ليكمل نصابها الإسلاميون، والقوميون..
وإذا كان البناء القومي للأكراد جاء بطبقة خاصة من خلال جنون صدام ومباركة من أميركا، فإن التصور بأن محوراً شيعياً في إيران والعراق، سوف يكمل حلقة الحصار على المناطق الحساسة، قد لا يكون وارداً، لأن التناقضات بين أصحاب المذهب، والقومية في العراق، توفر الانقسامات التي قد تعيد سيرة الحرب، ولا نعلم إذا ما خرج شيخ أحد القبائل في الجنوب، وسعى لاعتزال المذهبين السني، والشيعي، ورفع شعار قبيلته لتكون تقسيماً للتقسيم، مثلما جرى بين القبائل الكردية، أو الحروب التي يذكرها التاريخ على أرض الرافدين..
بمفهوم عام العراق يركض للمجهول، وإعادة تركيبته على نظام ديمقراطي، أو فدرالي، مجرد مقدمات لتثبيت واقع التقسيم، وعندها قد تختفي خارطة العراق الوطن لمصلحة الزعامات الدينية والقومية..
الرياض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوطن - قطر
ترسيخ الوحدة أولا
مطالبة عبدالعزيز الحكيم، الزعيم الشيعي العراقي، بإقليم للشيعة في إطار الحكم الفيدرالي لم تثر الصدمة في أوساط عراقية سياسية متباينة فحسب، وإنما أثارت الصدمة في أوساط كل المخلصين ـ من غير العراقيين ـ الذين ظلوا باستمرار يدعون لوحدة العراق منذ أول يوم للاجتياح الأميركي.
توقيت مطالبة الحكيم لم يكن توقيتا مناسبا إن لم نقل سيئا ذلك باختصار لأن الشعب العراقي لئن كان قد قبل «أقلمة» الأكراد تحت ضغوط دولية أو احتراما لخصوصيتهم العرقية فإنه لن يقبل إطلاقا خاصة في هذا الوقت «أقلمة» الشيعة تحت أي ضغط أو من باب الاحترام لخصوصيتهم المذهبية.
مطالبة الحكيم في هذا الوقت الحساس جدا ستزيد بالتأكيد من حساسية السُّنة وستصعِّد من مخاوفهم من أن هنالك بالفعل مخططا لتقسيم العراق وتفتيته وهذا سيقود بالتالي إلى ازدياد العنف وإشعال نيران الحرب الطائفية.
بالطبع الفيدرالية ليست نظام حكم شريرا خاصة في دولة مثل العراق غنية بتنوعاتها المدهشة لكن القفز إلى الفيدرالية مباشرة من المركزية القابضة التي كانت تحكم العراق هي قفزة محفوفة بمخاطر التشرذم والانقسام.
ماهو مطلوب من الحكيم أو غيره من دعاة تقسيم العراق إلى أقاليم أن يتريثوا ويجب عليهم بذل المزيد من الجهود لترسيخ الوحدة الوطنية في أفئدة وضمائر العراقيين حتى إذا ما ترسخت هذه الوحدة يمكن أن يتحول العراق ـ رويدا رويدا ـ إلى الفيدرالية الواسعة.
الوطن القطرية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
الرأي - الأردن
ماذا يجري في العراق وماذا يخطط له ؟
لا نتساءل عن الاوضاع الامنية الصعبة والتفجيرات وعمليات الاغتيال والقتل الجوال الذي يفتك بابنائه وانعدام الامن والاستقرار، بل ان الذي يقلقنا ويثير المخاوف هو تلك التصريحات والمواجهات الكلامية والنبرة العالية التي تتحدث بوضوح عن « فيدراليات» تتخذ طابعا طائفيا واخر عرقيا ما يضع البلاد في حال تقسيم فعلي يغيب صورة العراق التاريخية ويؤسس « لبلاد» جديدة لا رابط بينها ولا جوامع ما سيعني في النهاية انهيار الصيغة التي بدأت في عشرينات القرن الماضي حتى السنوات الثلاث الاولى من هذا القرن وان كانت صيغة ليست مثالية .
ولعل الدافع لتأسيس لجنة كتابة الدستور الدائم التي انبثقت عن الجمعية العمومية المؤقتة ، هو تصحيح الصيغة السابقة وتعديل اخطائها ووضعها في اطار توافقي يبعد المظالم او اي من مظاهر الاقصاء والتهميش والالغاء التي انتهجت في السابق ان لاسباب طائفية او مذهبية أو عرقية .
لكن لا أحد كان يتوقع أو يوافق او يتمنى ان تكون اللجنة قد قامت لإلغاء عروبة العراق أو تقسيمه على اسس طائفية أو عرقية او تكريس مظاهر الاقصاء والتهميش والالغاء ولكن هذه المرة في شكل انتقامي أو تصفية حسابات أو اعتبارات حزبية واخرى شخصية وثالثة تحالفات مع الخارج والاجنبي ايا كان هذا الخارج او الاجنبي او الصفة التي يتخذها .
ستكون جريمة يرتكبها «المغامرون الجدد» في حق بلادهم وشعبهم اذا ما اعتقدوا ان التاريخ يبنى على اساس موازين القوى وضد قوانين الطبيعة والتاريخ والجغرافيا.
وستكون جريمة يرتكبها نفر يعتقد انه الان في وضع « المنتصر » وان التاريخ يكتبه المنتصرون كما يحلو لبعضهم ان يعتقد ولهذا نراه يتشدد في مطالبه ويأخذ به الشطط بعيدا عندما يتدفق بشروط وتهديدات يعلم في داخله انها غير قابلة للتحقيق وانها غير قابلة للحياة « إذا ما نجح في فرضها» وإن الصحيح هو الذي يصح في النهاية .
والصحيح الذي سيصح في النهاية طال الزمن أو قصر هو ان عروبة العراق حقيقة تاريخية وجغرافية لاشك فيها ولن تشطبها ادعاءات عرقية أو أخرى تتلبس الطائفية .
وإن دور العراق في دائرة العروبة كما دائرة الاسلام لا تحكمة الاهواء الحزبية او الطوباويات العرقية .
فلا أحد يريد عراقا يتم فيه التمييز على اسس طائفية أو عرقية ولا أحد يريد عراقا مقسما إلى فيدراليات عرقية او طائفية بل نريد عراقا جديدا ديمقراطيا تعدديا موحدا يتم تداول السلطة فيه على نحو سلمي ويقوده « عراقي وطني» أيا كانت طائفته فالاصل هو « العراقية » وليس الطائفة او العرقية وبغير ذلك فالكل خاسر حتى لو بدا الان عكس ذلك .
الرأي الاردنية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
الحراك الانفصالي في العراق * علي الصفدي
تكشفت خلال الأيام الماضية وبشكل متسارع لاستباق موعد الإعلان عن الدستور العراقي المقرر له في الخامس عشر من آب الجاري، بوادر حراك انفصالي أخذ يجتاح العراق من شماله إلى وسطه وجنوبه، يعمل تحت مظلة التقسيم الأقاليمي للعراق بعد أن جرى التمهيد له أولاً في الشمال بإعلان إقليم كردستان وممارسة الأكراد للحكم الذاتي المنفصل عن مركز الدولة، وباتساع نطاق مطالبهم التي يلحون فيها على أن ينص الدستور وبشكل صريح على حقهم في تقرير مصيرهم من خلال استفتاء عام في إقليمهم والتركيز على الحدود الجغرافية لكردستان وضم كركوك الغنية بثروتها النفطية إليها، وما رافق ذلك من ممارسات تمييزية ضد العرب والتركمان والتضييق عليهم بغية تهجيرهم عن الإقليم الكردي، ومن تراجع حضور اللغة العربية إلى المرتبة الثالثة بعد الكردية والإنجليزية، وكل هذه الممارسات والمطالب الكردية تمهد لانفصالهم عن العراق بعد أن جهزوا البنية الأساسية لدولتهم واختاروا مسعود البرزاني رئيساً لإقليمهم وانتخبوا برلمانهم الخاص بهم وشكلوا قوة عسكرية بلغ قوامها ثمانين ألف عسكري من قوات البشمركة ولديهم خطة لزيادة عددها إلى ثلاثمائة ألف مقاتل، ولم يعد أمامهم سوى خطة تنفيذية واحدة لإعلان دولتهم المستقلة.
وعلى غرار الأقلمة الكردية التي أخذت تنفصل عن الوطن العراقي الأم، تحرك غلاة الشيعة وأعلن رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية رئيس لائحة الائتلاف الشيعي الموحد عبد العزيز الحكيم مطالبه بإقامة اقليم للشيعة في جنوب ووسط العراق في إطار فدرالي لوجود مصالح مشتركة بين ساكني هذه المناطق، كما أوضح الناطق باسم المجلس جواد تقي أن الإقليم الشيعي سيتكون من تسع محافظات في الوسط والجنوب، أما بغداد وكركوك فوضعهما مستقل، وشدد رئيس منظمة بدر هادي العامري أن على الشيعة أن يمضوا قدماً في إقامة فدرالية في الجنوب وإلا سيندمون على ذلك، متسائلاً عما ناب الشيعة من الحكومة المركزية سوى الموت، ويُظهر كل هذا الحراك الشيعي الانفصالي الذي يتبلور حالياً ويقتدي بالإقليم الكردي المخاطر التقسيمية التي تتربص بالعراق، فرئاسة الإقليم الشيعي محسومة لعبد العزيز الحكيم ونواة جيشه جاهزة يمثلها فيلق بدر العسكري لحماية الإقليم، ويتم ذلك بالرغم من وجود معارضة لهذا التوجه من قبل قيادات شيعية معتدلة مثل مقتدى الصدر ورئيس الحكومة إبراهيم الجعفري الذي يدعم مبدأ الفدرالية ولكن ليس على أساس قومي أو عرقي أو ديني.
وإن من شأن الانقسام العرقي والطائفي أن يؤدي إلى تجزئة العراق دون أن يترك للعرب السنة سوى بغداد ومحيطها، علماً بأنهم الوحيدون الذين يصرون على وحدة العراق أرضاً وشعباً وعلى ضرورة تشكيل حكومة مركزية قوية تسيطر على موارد النفط سيطرة كاملة في الشمال والجنوب، ويعتبرون الدعوة إلى إقليم شيعي مقدمة لتقسيم العراق، وأن الفدرالية مؤامرة لتجزئة البلاد، ويبدو أن تقسيم العراق إلى دويلات لا حول لها ولا قوة سيتزامن مع انسحاب القوات متعددة الجنسيات خلال العام القادم.
والأغرب من كل ذلك الحراك الانقسامي، ظهر في العراق من يتنكر علناً لعروبته وانتمائه الإسلامي أمثال البرزاني الذي أكد عدم قبول الأكراد بفرض هوية إسلامية على العراق ورفضهم أن يكونوا جزءاً من الأمة العربية، وأمثال النائب اليزيدي كامران خير الذي طالب رئيس الوزراء بعدم لفظ التعويذة (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) لعدم إيمان اليزيديين بها، والذين يقبلون ما يرفضه المسلمون أي الشيطان، وأن عقيدتهم تقوم على الغلو في يزيد بن معاوية وتقديس الشيطان، ويكاد وجود أنصارها ينحصر في شمال العراق في سنجار والشيخان ويبلغ تعدادهم (600 - 700) ألف كردي يزيدي.
ألا يثير كل ذلك الاستهجان والاستغراب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دعوة »الحكيم« * رشيد حسن
اذا كان لكل انسان من اسمه نصيب، فان عبدالعزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية وهو يدعو الى تقسيم العراق، واقامة اقليم شيعي في جنوب ووسط العراق ليس »بحكيم«، لان هذه الدعوة اذا ما طبقت، تعني تقسيم العراق الى دويلات طائفية واثنية، وادخال المنطقة كلها في المجهول، وتركها نهبا للمطامع الاقليمية والدولية.. وبالتالي انهاء العراق كدولة وتحويله الى فسيفساء متناثرة متناحرة..
دعوة »الحكيم« هذه لم تأت من فراغ.. وقراءة في الوقائع والاحداث منذ حرّم السيستاني قتال قوات الاحتلال.. وهي سابقة لم تحدث في التاريخ المعاصر، والموافقة على »فدرالية« للاكراد في الشمال، واقتسام السلطة معهم، كل ذلك يشي ويؤكد ان العراق في طريقه الى التقسيم، وان كانت التحذيرات العربية والدولية من خطورة اللجوء الى هذا الخيار، لم تجد آذانا صاغية لدى قيادتي الاكراد والشيعة.. وخاصة في ظل ارتفاع وتيرة المقاومة، وما تسرب من انباء عن فتح قنوات بينها وبين قوات الاحتلال الاميركية، بعد ان اصيبت هذه القوات بخسائر فادحة في الشهرين الاخيرين، وبعد ان تحول الهمس في اروقة الكونجرس والادارة الاميركية الى نقد علني لسياسة بوش والمطالبة بسحب الجيش الاميركي من العراق، حتى لا يتكرر درس فيتنام، وقد ارتسم فعلا في افق واشنطن بشكل دام يؤرق الجميع .
دعوة »الحكيم« اذا تحققت وقد ارتسمت فعلا على الارض، فهذا يعني.. ان العراق قد قسم الى ثلاث دويلات طائفية.. لكل طائفة انتماءاتها وامتداداتها مما يدخل المنطقة كلها في مرحلة من عدم الاستقرار والحروب الاهلية التي تعصف بكل شيء في ظل رفض السنة لمشروع الحكيم واصرارهم على ابقاء العراق بلدا واحدا موحدا..
نتمنى على الاخوة العراقيين ان يعيدوا حساباتهم ويقرأوا الواقع والمستقبل جيدا، وان لا يقعوا في الافخاخ المنصوبة.. ويحافظوا على وحدة بلادهم الجغرافية.. وان تعود الحكمة »للحكيم« ولو بأثر رجعي ولا يصر على تقسيم العراق وان يهب الشعب العراقي كله لرفض المشاريع المشبوهة والتي تستهدف عروبة العراق اولا واخيرا.. والله المنجي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
مع الحياة والناس * جمهوريات `بيتان` العراقية! * خيري منصور
تحول العراق بعد اسابيع من احتلاله الى ما يشبه بطيخة او برتقالة، بدت الخطوط الغامضة على قشرتها كما لو انها تستدرج السكين حتى لو كانت عمياء لتقسيم محتمل، وهو تقسيم يستجيب لبعض النوايا السياسية، ويلبي اشواقا اثنية مكبوتة، شحذها وغذاها عهد التبس فيه كل شيء، وبورك في ربيعه مثلما ادين حتى من اقرب الحلفاء في خريفه.
ودعوة السيد عبدالعزيز الحكيم لاعلان جمهورية الجنوب التي تمتد من النجف الى البصرة ليست جديدة الا بقدر كونها تتزامن مع الاحتلال، وتستثمر ما آل اليه المشهد المتشظي في عراق ذبيح!
وحسنا فعل مثقفون وساسة من الشيعة العراقيين عندما سارعوا الى الرد على عبدالعزيز الحكيم قائلين ان شيعة العراق بحاجة الى فضاء العراق كله، لهذا لا يمكن لدعوة الحكيم ان تكون تمثيلا سياسيا او افتاء فقهيا يشمل ضمائر العراقيين، فثمة من يرون غير ما يرى، ويصرون على عراق موحد لا ينشطر الى خطوط متوازية او متقاطعة بحيث تكون الخسارة الوطنية موزعة بالتساوي على الفرقاء المتنازعين.
ما الحكمة في دعوة الحكيم الى فصل الجنوب العراقي عن جسد العراق، وبتر هذا الجزء بحيث يصبح جمهورية »بيتانية« نسبة الى جمهورية فيشي الفرنسية التي اعلنها المارشال بيتان اثناءالاحتلال الالماني لفرنسا؟
ان الاحتكام لعدة معايير اقتصادية وسياسية ووطنية يحول هذه الدعوة الى جراحة فظة وغير مأمونة، وقد تليها او تصاحبها اعراض جانبية تسمم العراق كله، من شماله الى جنوبه.
وما ينبغي التذكير به، هو ان الدول لا تقوم في عصرنا على أسس وجدانية، او اشواق اثنية مكظومة، بحيث يبدو الامر كما لو انه اقرب الى الثأر من الأب.. والحاق الاذى بالعائلة كلها بحجة الدفاع عن الابن الذي حرم لزمن من وراثة الأب.
هذا اذا سلمنا بأن ما يقال عن العراق يمكن الاركان اليه والتعامل معه كبديهيات سياسية.
ان وطنا يقسم الى مثلثات ومربعات ومسدسات سنية وشيعية، وكردية هو اشبه بالرجل المريض المسجى على طاولة بحيث تتباعد الاعضاء وتستقل عن القلب، ومثل هذه الخصخصة الطائفية، لا يمكن ان تكون بديلا عن وطن كان التكامل قدره الجغرافي والتاريخي، ويبدو ان حروب ما بعد الحداثة، او الحروب الوقائية حسب التعريف الامريكو - اسرائيلي لها بدأت تفرض منهجها، بحيث تستمد مبرراتها بعد ان تضع اوزارها، وبأثر رجعي.
وفي ضوء هذا المنهج، يصبح السبب الاساسي لاحتلال العراق، هو ما يجري الآن، لأن المطلوب من العرب وداع العراق الى الابد، ما دام مجرد بلد شرق اوسطي يهتم بالشؤون العربية، وما دام اشبه ببرتقالة او بطيخة يسيل لعاب من ينتظرون تشطيرها على ما تبقى من قشر!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهناك الكثيرمن المقالات وجميعها تكرر نفس الإسطوانة مع أن هذه الجرائد والصحف الهابطة لم تتحدث يوما عن خطر العمليات الإرهابية الطائفية ضد الشيعة والدماء التي تسفك يوميا بسبب الحاضنة المعروفة للتطرف الديني في العراق.