حسين علاوي :لاشك انه كلما جسدت علاقة الانسان مع اخيه الانسان قيم العدالة، وكلما استطاعت ان تبتعد عن اي لون من الوان الظلم والاستغلال من الانسان لاخيه الانسان ازدهرت علاقات الانسان مع الطبيعة وتفتحت الطبيعة عن كنوزها واعطت المخبوء من ثرواتها ونزلت البركان من السماء وتفجرت الارض بالنعمة والرخاء.
هذه العلاقة القرانية هي العلاقة التي شرحها القران الكريم في نصوص عديدة قال تعالى:( ولواستقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا) الجن /16 . (ولوانهم اقاموا التوراة والانجيل وماانزل اليهم من ربهم لاكلوا من فوقهم ومن تحت ارجلهم) المائدة/ 66 . (ولو ان اهل القرى امنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض ولكن كذبوا فاخذناهم بما كانوا يكسبون) الاعراف/ 91 .هذه العلاقة مرادها ان علاقة الانسان مع الطبيعة تتناسب طرديا مع ازدهار علاقة الانسان مع اخيه الانسان وكلما انحسرت انحسر الازدهار.. انظر المدرسة القرانية ص 226 ,227 وهذه العلاقة ليست ذات محتوى غيبي فقط ولكن تشكل سنة من سنن التاريخ وذلك لان مجتمع الظلم مجتمع ممزق متشتت والفرعونية حينما تتحكم في علاقات الانسان مع اخيه الانسان تستهدف تمزيق طاقات المجتمع وتشتيت فئاته وبعثرة امكانياته اما اعوان الظلمة والذي يسميهم الشهيد الصدر الظالمون المستضعفون اوالثانويون يقول قدس سره ان هؤلاء لايشكلون حماية لفرعون وللفرعونية وسندا في المجتمع لبقاء الفرعونية واستمرار وجودها واطارها قال تعالى:( ولو ترى اذا الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم الى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولاانتم لكنا مؤمنين) سبأ/ 31 . فالطائفة الاولى لمجتمع الظلم هم الظالمون المستضعفون هؤلاء الذين يحشرون يوم القيامة في زمرة الظالمين ثم يقولون للمستكبرين من الظالمين لولا انتم لكنا مؤمنين هذه الطائفة الاولى التي تشكل الحماية والسند للفرعونية الطائفة الثانية لمجتمع الظلم ظالمون يشكلون حاشية ومتملقين.. اولئك الذين قد لا يمارسون ظلما بايديهم ولكنهم دائما وابدا على مستوى نزوات فرعون وشهوات ورغبات فرعون يسبقونه بالقول من اجل ان يصححوا مسلكه ومسيرته قال الله تعالى:( وقال الملأ من قوم فرعون انذر موسى وقومه ليفسدوا في الارض ويذرك ؤالهتك قال سنقتل ابناءهم ونستحي نساءهم وانا فوقهم قاهرون) الاعراف 127 . هؤلاء كانوا يعرفون انهم بهذا الكلام يضربون على الوتر الحساس في قلب فرعون وان فرعون كان بحاجة الى كلام من هذا القبيل فتسابقوا الى هذا الكلام لكي يجعلوا فرعون يعبر عما في نفسه ويتخذ الموقف المنسجم مع مشاعره وفرعونيته/ المصدر نفسه 228 ,231اما الطائفة الثالثة لمجتمع الظلم اولئك الذين عبر عنهم الامام علي عليه السلام بالهمج الرعاع: جماعة لاتحس بالظلم ولاتدرك انها مظلومة وان في المجتمع ظلما ،هي التي تتحرك تحركا اليا تحرك التبعية والطاعة دون تدبر ووعي، سلب فرعون منهاعقلها ووعيها (وقالوربنا انا اطعنا سادتنا وكبراننا فاضلونا السبيلا) الاحزاب/ 67. يقول الامام الصدر قدس سره :لا يوجد في كلام هؤلاء مايشعر بانهم كانوا يحسون بالظلم او بانهم مظلومون فهم ينعقون مع كل ناعق وتحاول الفرعونية ان توسع منهم اكثر فاكثر وهذه الفئة لاتستطيع ان تدافع عن المجتمع اذا حلت كارثة في الداخل اوطرات من الخارج وكلما توسعوا في المجتمع ازداد خطر فنائه.. وبهذا يموت المجتمعات موتا طبيعيا ،اما الرابعة فهم يستتنكرون الظلم لكنهم يسكتون عنه، فيعيشون حالة التوتر والقلق في انفسهم. وهذه الحالة لاتسمحم لهم بالابداع والتجديد هؤلاء يسميهم القران الكريم ظالمي انفسهم:( ان اللذين توفاهم الملائكة ظالمي انفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض قالوا الم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها) النساء/97 .والطائفة الخامسة هي الطائفة التي تتهرب من الحياة وتبتعد عن معاناة المجتمع وهي طبقة من رجال الدين يطلق عليها القران الكريم بالرهبانية ..(ورهبانية ابتدعوها )الحديد /27 .وهذه الرحبانية ينبذها السلام لانها موقف سلبي تجاه مسؤولية خلافة الانسان على الارض والجماعة السادسة والاخيرة في عملية التجزئة الفرعونية للمجتمع هم المستضعفون الذي اراد فرعون اذلالهم وهدر كرامتهم الاانهم تحركوا ضده، ولهذا استضعفهم (واذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون ابناءهم ويستحيون نساءهم ). هذه الطائفة وعدها الله تعالى ان يجعلهم ائمة ويجعلهم الوارثين .