من 17 تموز إلى الكوثر

[بنت الشهيد]

بعد محاولة للحصول على شهادتي للمرحلة الثانوية من وطني الحبيب ( العراق ) بعد أكثر من عشرين عاما . تلقيت مكالمة بأن الإجراءات قد تمت ، لم أتمالك نفسي وانتابتني العبرة ، دموع ممزوجة لخليط الفرح والحزن ، لم يكن ذلك للحصول على نفس الشهادة ، ولكن علمت أن اسم المدرسة قد تحول من ثانوية 17 تموز ، إلى مدرسة الكوثر . نعم فرحت لزوال الكابوس الخانق عن أنفاس العراق ، وحزنت لما يجري على أرض بلادي الآن ، لكنهم شرذمة حقيرة يا وطني لا تلبث كثيرا ، حتى تنفجر كالفقاعة في الهواء .

لما سمعت اسم المدرسة ، انهالت عليّ الذكريات لمعاناتنا فيها ، أيام حكم الطاغية ، خصوصا إن مدرستي قد استقبلت آنذاك ، مجموعة من تلميذات مدارس الزهراء الخاصة ، التي أغلقت ظلما بعد إعدام الشهيد عارف البصري ، المؤسس لهذه المدارس ، أعدم ضمن الكوكبة الأولى لشهداء الدعوة الإسلامية الخمسة ، قبضة الهدى ، كماعرف في العراق ، أي شئ ننسى عن زمن ملئ بالآهات ، إنه انطوى ، ولكن الذكريات الأليمة لن تنمحي عن ذاكرتنا وذاكرة الزمن . لقد تحولت المواقف هناك إلى رفض للظلم والظالم وتشهد باحات المدرسة وصفوفها ، كيف رفضنا الطاغوت رغم جبروته ، وكيف كانت المدرسة بهيئتها التدريسية تكن لنا احتراما ، وتخشى علينا لأننا كوادرها المتميزون ،

[خادمة الزهراء]

تهانينا القلبية لك ِ عزيزتي بنت الشهيد لحصولك على الشهادة الثانوية .
موضوعك ِ هذا اعاد لي ذكرياتي ومعانات كل الفتيات الملتزمات في زمن أيام حكم الطاغية .. تذكرت كيف كنا نعاني في تلك الأيام وخصوصا ً يوم الخميس الكل يعرف أن يوم الخميس مخصوص لتحية العلم وايضاً حضور أحد رفاق الحزب الفاشي ..وبما أنا وبقية أخرى من زميلاتي كنا نردتي الحجاب الكامل كان يوم الخميس معانات لنا لأن صدر قرار آنذاك ..وهو منع كل محجبة أن تحضر تحية العلم الا بعد أن تخلع الحجاب وتقف مع بقية الطالبات .. وكنت أنا وباقي زميلاتي نرفض هذا وهنا تأتي حيرة الخميس .. فعندما نتأخر على الدرس الأول يحل بنا السؤال لماذا التأخير ووضع علامة استفهام على كل من لاتحضر صباح يوم الخميس واذا سجلت أسمائنا في دفتر الغياب ليوم الخميس يحل بنا السؤال يوم السبت لماذا الغياب يوم الخميس .
الى أن رحمنا الله بمديرة طيبة الى الثانوية التي كنت فيها وكانت تلك المديرة تملك نفس الخط الذي نحن عليه وكانت تردتي الحجاب ايضا ً وكنا نفتح لها قوبنا كانت أماً لنا كم اتذكرها وتذكر أسمها ( الست بتول ) كانت نعم الأم لنا كانت تقول لنا عندما نقف متجمعات في ساحة المدرسة تترك الأدارة وتأتي لنا وتقول لاتقفنه متجمعات في مكان واحد وذالك لأن علينا علامة استفهام على ما كنا نلبس من حجاب لاغير ..
اللهم نسئلك لاتعيد علينا تلك الأيام ...ايام العذاب والخوف والحرمان .

[بنت الشهيد]

أختي خادمة الزهراء ، كل شئ بعين الله ، نسأله تعالى أن يكتب لنا ، في ذلك أجرا ، ولم يتوقف الظلم عند هذا الحد ، لقد أجحف الدكتاتور المخلوع بحق الكوادر المثقفة فقتل من قتل . وحرم كثيرا من حق ارتشاف العلم وأنا واحدة من أولئك ، حوربت بعد والدي الشهيد رضوان الله عليه ، ولم أتمكن من إكمال الدراسة الجامعية ،، كلية الطب ، علما أننا تسلمنا جثمان الشهيد والدي أيام امتحان المرحلة الثانية ، وقد كانت خطة النظام التعسفي ، لشن الحرب النفسية ، على ذوي كل شهيد ، وقد أجريت امتحان الدور الثاني ونجحت . ولما زادت الضغوط خشيت والدتي ، أن يصيبني مكروه على أيدي الظالمين ، فخرجت مرغمة من الصف الثالث . وهذه حالة من آلاف الحالات التي جنى بها النظام المخلوع على الكوادر الثقافية .

[عطر الولاء]

لعنة الله على الظالمين

[منازار]

ألف مبروك أختي بنت الشهيد،تشرفت الشهادة الثانوية بك ولم تتشرفِ بها،،،

أردت أن أقول أن كل شيء يهون ويرخص، إن كان في عين الله تعالى، وفي سبيل دينه ،، والحمد لله ال\ي لا يحمد على مكروه سواه....

[بنت الشهيد]

شكرا لكما عطر الولاء ومنازار .نسأل الله أن يعوض هذا الجيل مافاتنا نحن .