النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,348

    افتراضي كتاب السفير الخامس الحلقة 16

    الجمعة وأئمة الجمعة
    تعتبر حركة الجمعة اهم حركة في مسيرة مرجعيّة الأمام الصدر بل اهم حركة في تاريخ العراق بل في تاريخ الشيعة وذلك لعدة عوامل أو اسباب:
    اولاً: لم يتجرأ عالم من علماء الشيعة على مرور التاريخ ان يفتي بوجوبها او يعتني بها ويرى اهميتها إلاّ بشكل غير معتد به كما قام به الشيخ الخالصي حيث صلّى الجمعة في اماكن عديدة ومنها الكوفة ولكن لم تكن على مستوى عموم العراق، وقد لاقى الشيخ الخالصي ألواناً من المعارضة بسبب آراءه، وكذلك فان اقامته للجمعة لم تكن من الشهرة والاستجابة من الجماهير على ما رأيناه في عهد شهيدنا، وإن كانت خطوة الخالصي خطوة جريئة في وقتها، ولكن مفعو لها انتهى بعد وقت بخلاف ماهي عليه في وقت شهيدنا وبعد شهادته واثرها الكبير في الجماهير وصداها الدولي.
    ثانياً: تجمع الجماهير بأعداد خيالية حتى رأى البعض ان الأرقام التي كانت تحدد لعدد الحضور في عدد من الجمعات مبالغ فيها، ولكن بمراجعة بعض الصور الفوتغرافية وافلام الفيديو تشاهد الأعداد الغفيرة، بحيث ان صلاة الجمعة في مدينة الثورة كانت تصل في بعض الاحيان الى خمسمائة ألف مصلّي والصلاة المليونية التي اقامها شهيدنا بمناسبة الذكرى السنوية لاقامة الجمعة خير شاهد على ما أقول.
    ثالثاً: ان معظم الحضور من الشباب ولم تكن نسبة الشيبة تتعدى نسبة اثنان بالمئة وهذا هو حال مقلّدي الأمام الصدر إذ ان حركته المباركة كانت تستقطب الشباب.
    ولا حاجة لذكر دور الشباب في تغيير معالم المجتمع بل والتاريخ وهذا ما حدث في عراق آل محمد(عليهم السلام).
    رابعاً: اختيار ائمة الجمعة من الشباب في الأعم الأغلب، وشباب الصدر قد كانوا على قدر المسؤولية بحق على الرغم من المستويات العلمية المتفاوتة، ولم تكن الجمع بحاجة في ذلك الوقت الى فضلاء الحوزة بقدر ما تحتاج الى الشباب الناشيء وذلك لما للشباب من الجرأة والتأثير في القواعد الجماهيرية التي هي أيضاً من الشباب.
    خامساً: طابع الحماسة والثورية في معظم خطب الجمعة، وكذلك ما كان يبديه ائمة الجمعة من شجاعة كبيرة }لا توجد عند شيوخ الحوزة{ وقد حدثت احداث مهمة سوف اذكر منها ما تسعفني الذاكرة في ذكره في حينه.
    وكان لقوة القلب هذه دور رئيسي في غرس الشجاعة في نفوس الشعب أو قل ابراز هذه الشجاعة اذ ان الشعب العراقي معروف بشجاعته عبر التاريخ ولكنه كان يحتاج الى من يمدّ له يدّ العون، وكذلك فأن الشعب شجاع مادام قائده شجاعاً. والعكس بالعكس طبعاً.
    سادساً: تثقيف الجماهير بالثقافة الاسلامية التي كانت تغذيها خطب الجمعة، والتي كانت في وقت ما مركزية كما سوف اذكر، ومع مرور الزمن اصبح الشعب العراقي اثقف الشعوب الاسلامية، في العقائد والفقه والتاريخ وغير هذه العلوم، ولا ينافسه شعب في ذلك اطلاقاً في الوقت الحالي على الأقل.
    سابعاً: ابراز النساء الى ساحة المنازلة بعد أن كنّ يقبعن في الجهل حيث اكدّ شهيدنا على ضرورة حضور النساء الى صلاة الجمعة فكانت الاعداد تتزايد باستمرار مما ادى الى تثقيف اهم طبقات المجتمع اذ في اكثر المناطق كان ائمة الجمع يلقون دروساً اما قبل أو بعد الصلاة وقد حضت النساء بحصة من هذه الدورس، وقد تنامت ظاهرة الحجاب بحيث ان المرأة السافرة كالنقطة السوداء في الثوب الأبيض، وهذه المخالفة لا توجد حالياً إلاّ في بعض الاماكن في بغداد وبشكل ليس بالكثير فحتى في اماكن عرفت بوجود اماكن مبتذلة ومسارح وصالات للعرض السينمائي، توجد نسبة اعلى من المحجبات بين النساء بحيث كما قلت ان المرأة السافرة صارت هي الملفتة للنظر وليس المحجبة كما هو في العقود السابقة ومقتصر ذلك على اماكن قليلة كما ذكرت كبعض المناطق في المنصور والكرادة.
    ثامناً: كانت الجماهير بعد انتهاء كل صلاة جمعة تبقى في شوق عارم للجمعة الآتية وكانوا يحضرون الى المسجد الذي تقام به قبل وقت طويل لكي يستطيعوا ان يحصّلوا على مكان قريب من امام الجمعة قدر الامكان.
    تاسعاً: ا لهتافات التي كان يرددها الحضور مع امام الجمعة والتي كانت تبعث الحماس والثورية مرّة، وأخرى الخشوع والتذلل لجبار السموات والارض، والمشاركة في الدعاء بصوت واحد أرهب النظام حتى صار يؤكد على منع ا لهتافات.
    عاشراً: المطالبة من على المنابر بحقوق الشعب واطلاق سراح المعتقلين من المؤمنين، والتنديد بمنع بعض المدن من اقامة الصلاة.
    احد عشر: حضور اعداد غفيرة من الاطفال من السن السادسة فما هو اكبر حتى انك تجد العشرات من الاطفال ممن يحفظ الكثير من الاحكام الشرعية وعلى مستوى بحيث انهم يقولون هذا حرام وهذا واجب في حال وجود مخالفة أو ما يستدعي الوجوب.
    اثنى عشر: توحيد الصلاة في مرات عديدة مع أبناء السنة وهذا ما حدث في اكثر من محافظة وقد تفاعل أبناء السنة مع أخوانهم من الشيعة بشكل كبير ومؤثر، وفي اكثر من جمعة كان الخطيب السني يخطب والشيعي يصلي. ومن أهم الأماكن التي حدث فيها التوحد في مسجد Aابي حنيفة@ ومرقده في الأعظمية.
    ويمكن ذكر نقاط وفوائد عديدة للجمعة لا مجال لحصرها في هذه العُجالة وفي هذا المختصر.
    المهم انه في تاريخ 23جمادى الآخرة 1418هـ افتى سماحة الامام الشهيد بوجوب اقامة صلاة الجمعة وذلك بعد ان أشار الى كافة وكلاءه بنشر اهمية صلاة الجمعة بين الجماهير، وان ابناء العامة يقيمونها فلماذا لا نقيمها، وبعد ذلك راجعه بعض الطلبة فنفى بشدة انه ينوي اقامتها واقتصر على عدد من الخواص في بادىء الامر.
    وبعد اقامة اول صلاة جمعة في العراق جاء مدير امن النجف الى مكتب الامام الصدر مستوضحاً عن الصلاة ودوافعها فبيّن له الامام الصدر انه لا دوافع وراءها وانها مجرّد فريضة معطّلة واننا نريد اقامتها كما يقيمها ابناء السنة.
    وبعد ذلك اوعز(رض) الى وكلاءه وائمة الجمعة عدم نشر اهمية صلاة الجمعة وذلك بعد أول صلاة جمعة أقيمت بشكل يلفت نظر النظام حتى تثبت فلم يجد النظام مسوغاً لمنعها.
    مشاهد من صلاة الجمعة
    وفي أول جمعة كانت المشاهد التي كنت اراها واسمع تأثيرها مؤثرة جداً فمن النادر ان تجدّ بين الحشود التي تجمعت بعشرات الآلاف احداً إلاّ وهو باكي العين أو دامع من الفرح بهذا النصر الا لهي وكنت ارى ان الشوارع قد نظفت وفرشت، وهناك اعداد من الشباب تعلو أصواتهم بالصلوات وهناك عدد آخر يستقبل المصلّين بالصلوات، وكانت المنازل القريبة من المسجد قد وضعت الكثير من الأواني لمياه الشرب وآخرون قد مدّوا الأنابيب البلاستيكية الى خارج البيت لكي يتوضأ من يريد الوضوء.
    وقد ازدحمت الشوارع بمختلف انواع السيارات التي كانت قد امتلئت بالشباب وهم ذاهبون الى صلاة الجمعة حتى سيارات الحمل الكبيرة اذ ان الحافلات المخصصة لنقل الركاب لم تكن تستطيع استيعاب الجماهير الغفيرة، وهناك اعداد كبيرة أيضاً ذهبت مشياً على الاقدام وقطعت كيلو مترات عديدة، وكان من بين هؤلاء العديد من الذين لا يستيطعون الخروج من مناز لهم بسبب طلب اجهزة النظام لهم لهروبهم من خدمة النظام في الجيش ولكنهم خرجوا لاقامة صلاة الجمعة.
    ومع افتتاح المؤذن بايات من القرآن الكريم وخصوصاً سورة الجمعة علت الاصوات بالبكاء والدعاء، وعند الاذان كان ملاحظاً حشرجة صوت المؤذن لانه قد اختنق بعبرته، وكانت الجموع تنتظر لحظة فأخرى أن يعلو الخطيب المنبر بانتظار اول كلمة حق منذ شهادة أمير المؤمنين(ع) والى هذا اليوم، وما ان اعتلا الخطيب المنبر حتى عادت الجماهير الى بكاءها وتضرعها.
    وكنت من بين الجموع لا أُصدّق ما تراه عيناي، هل حقاً أقيمت الجمعة؟.
    هل حقاً علا صوت الشيعة بعد سكوت طويل؟.
    وشرع الخطيب بخطبته بعد الحمد والثناء والقى كلمة للامام زين العابدين(ع) وبعد انتهاء الصلاة صافح المصلّون بعضهم بعضاً وتعانق آخرون والفرحة مشرقة من اعينهم وعلى شفاههم.
    بعد اقامة اول جمعة استدعت اجهزة النظام ائمة الجمعة او بعضهم وكان الموقف حرجاً اذ ان هذا الحدث هو اول مواجهة بين النظام والجماهير وائمة الجمعة وكانت اجهزة النظام الامنية والحزبية في حالة استنفار ولكنهم لم يجرأوا على مضايقة أحد منهم لأنهم لا يعرفون الى الان ماهو الحدث الذي سوف يعقب الصلاة وبعد تفرق المصلّين عادوا الى ثكناتهم ينتظرون الاوامر وكان التحقيق مع ائمة الجمعة حول بعض الأسئلة الروتينية، وقد سألوهم عن الدعاء للنظام وراسه فلم يكن الجواب حاضراً عند ائمة الجمعة في تلك الحال، وكان الامام الصدر قد منع بشكل قطعي ذكر النظام.
    وبعد ذلك أصدر السيد فتواه بتحريم الدعاء لغير المعصوم في صلاة الجمعة حتى لمحمد الصدر لكي لا يبقي للنظام عذراً.

    الجمعة في بغداد
    اقيمت صلاة الجمعة في بغداد في مناطق عديدة منها:
    1ـ الثورة: وهي اكبرها واهمها. 2ـ الكاظمية. 3 ـ الأمين. 4ـ الشعلة
    5ـ البياع. 6ـ المعامل. 7ـ الزعفرانية. 8ـ الشعب. 9ـ العبيدي.
    10ـ المحمودية. 11ـ الراشدية. أقيمت فيها ولكن منعت من قبل النظام.
    12ـ قرية الذهب الأبيض. وقد منعت في هذه المنطقة لانها تعتبر من المناطق الغنية حيث ان سكانها من اصحاب المواشي وكان لحسين الصدر فيها علاقات ومطامع فحال دون اقامة الصلاة فيها.
    وكانت اهم المناطق التي اقيمت فيها الصلاة في العراق بعد صلاة الكوفة بأمامة الامام الصدر، هي صلاة مدينة الثورة حيث تسكن غالبية الشيعة في العراق، وقد كانت هذه المدينة ولسنوات طوال محور التركيز من قبل النظام بعد احداث السبعينات حيث كانت هذه المدينة السند القوي للسيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) ومنها خرجت انتفاضات وتظاهرات عديدة وقدمت من الشهداء ما لا يسمح المجال لذكرهم.
    وفي الثمانينات شوهت صورة هذه المدينة بالمرة، وأصبح الطابع العام لها هو التفسخ والاتجاه نحو الملذات الشخصية، وأغلب المشاكل في بغداد كانت فيها، ولم يكن التوجه نحو الدين بنسبة معتدّ بها، وفي انتفاضة شهر شعبان خرجت جماهير الثورة بانتفاضة عارمة ولكنها اخمدت نتيجة وحشية النظام وخذلان الغير الذين وقفوا يتفرجون على معاناة الثورة كما تفرجوا على معاناة باقي ارجاء العراق.
    وبعد ان سطع نجم الامام الصدر التف شباب الثورة حول مرجعيته الخالدة، وظهر هذا الولاء بشكل واضح في أول صلاة جمعة تقام فيها، فزحفت مئات الآلاف منهم لاجابة النداء المقدس وكانت الاعداد تتزايد رجالاً ونساء.
    وكما قال السيد الشهيد محمد باقر الصدر Aالثورة تنطلق من الثورة@ فقد تحققت هذه المقولة بعد استشهاده بسبعة عشر عاماً، وثارت الثورة ليس بوجه النظام فحسب بل بوجه كل التوقعات الباطلة التي كانت تدور حول مستقبل هذه المدينة وبوجه الساكتين والذين حاولوا ان يجعلوا الثورة ذيلاً من الذيول، إذ ركزت الجهات الأخرى بشدة لاستيعاب هذه المدينة بواسطة عدد ممن يعملون لهم، وكانت الثورة فرس الرهان التي كانوا يعقدون الآمال عليها في المستقبل.
    ولكن ما حدث هو ان الثورة تركت كل المغريات وسارت وراء مرجعها المظلوم لتسطر من جديد امجادها بدماء ابناءها.
    احداث الثورة
    لا يكفي في هذه العجالة ان استوعب احداث هذه المدينة خلال فترة زعامة الامام الصدر ولكني اذكر نزراً يسيراً منها مراعاة للاختصار ومن اهمها ما حدث سنة 1996وما عرف بأحداث اليماني.
    كان في الثورة رجل دين معروف هو الشيخ عبد الزهرة البديري، قد درس المقدمات الحوزوية في سامراء وهو يصلّي في مسجد (سيدي شباب اهل الجنّة) الكائن في الثورة ـ الكيارة قطاع ـ 23 وابتدأ نشاطه الفعلي سنة 1992 ـ 91م وتجمع حوله المئات من الشباب من مختلف مناطق بغداد وبعد مدة ظهر له بعض الأنصار يدّعون بأن الشيخ هو اليماني الذي تبشر به الروايات والذي يسبق ظهور الامام(ع)، وكان قائد هذه الدعوة هو الشيخ المعروف بأبي مهيمن والذي أسمى نفسه(شعيب بن صالح)، وكان الشيخ البديري في بادىء الامر يلمّح لهذا الادعاء ولكن بطرق غير واضحة كأن يقول: انه رأى في المنام انه قائد بين يدي الامام(ع)، او انه يقتل الآخرين، ولم يفصح عن اصل الدعوى صراحة إلاّ بين عدد من خواصه، وعندما انتشرت هذه الدعوة تأثر بها عدد كبير من الناس.
    وكان أبو مهيمن يوزّع المناصب في جيش الامام المزعوم، فهذا حامل الراية وذاك الساقي وهكذا.
    وقد احتج البعض على هذه الحركة المشبوهة فهددوه بالقتل فأصبحت هذه الحركة قوة لا يستهان بها.
    يتبع في الحلقة القادمة...

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,348

    افتراضي .

    .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,348

    افتراضي .

    .

المواضيع المتشابهه

  1. الجزيرة وقطر..الارهاب والتنكيل بشعب العراق الى متى السكوت؟
    بواسطة احمد مهدي الياسري في المنتدى واحة الحوار العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02-12-2005, 04:02

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني