النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,348

    افتراضي كتاب السفير الخامس الحلقة 23

    ليلة الدم
    قام النظام قبل حوالي ثلاثة أشهر من يوم الجريمة بتبديل أمين العاصمة في بغداد، وقد يكون هذا الأمر ليس بذي أهمية أبتداءً، ولكن حسب معلومات أكيدة تم تأكيدها أكثر بعد الاستشهاد أن هذا الرجل مهندس من أهالي تكريت، وقد قام بحملة ضد الباعة المتجولين، ونظف شوارع العاصمة منهم حسب تعبيرهم، وقام بأزالة الاكشاك المرخصة وغير المرخصة، وأعتنى بالحدائق والجزر الوسطية، وقد رأيت بنفسي في مدينة بغداد الجديدة حي المشتل أن الجزر الوسطية قد شكلوا فيها أشكال هندسية جميلة، ولكنها كانت على هيئة نجمة سداسيه كنجمة إسرائيل ـ فلفت الأمر نظري إذ مالذي يدعو النظام الى حملة ضد الناس، وهم في وضع الحصار الذي أنهكهم فلا يوجد عاقل يفعل مثل هذا الأمر، ولكني بعد ذلك، وحسب مصادر مطلعة علمت أن أزالة العربات والاكشاك من الأماكن المزدحمة جاء خشية من حدوث حرب شوارع فتستغل هذه العربات والاكشاك كسواتر أو تسد بها الشوارع.
    وفي نفس الوقت تقريباً تأكدت من أحد العاملين في التصنيع العسكري، أن النظام أمر أحد المصانع الرئيسية في التصنيع، أن تهيء في اسرع وقت مائة وخمسين ألف تابوت. فشعرت حينها بوجود خطر أكيد على حياة الامام الصدر فأوصلت الخبر أليه عن طريق أحد الثقات.
    وبعد ذلك أخذت الأحداث تتسارع، وتتأزم بشكل ملحوظ، فبالأضافة الى حدوث العديد من المصادمات بين أئمة ومصلي الجمعة من جهة وبين أجهزة النظام من جهة أخرى كما حدث في الناصرية، وكذلك في النعمانية، وقلعة سكر، والحي، والبصرة، وغيرها.
    فقد تصاعد الموقف في الحوزة بشكل غريب فقد أعترت المتصدين وأتباعهم في المدارس حالة هستيرية غريبة، وقد وصل الأمر الى التضارب بالأحذيه في أحدى المدارس، وكانت تصريحات مكاتب السيستاني ومحمد سعيد الحكيم وغيرهما تشتد ضد الأمام الصدر وضد صلاة الجمعة.
    وبعد مطالبة الامام الصدر بأطلاق سراح المعتقلين في الاسبوعين الأخيرين، شاع في كافة الأوساط أن رأس النظام قد أتصل بالأمام الشهيد، وأمره بسحب كلامه علانية، وأن يعلن في الجمعة الأخيرة عن إلغاء صلاة الجمعة، فرفض، وفي الجمعة الأخيرة الموافقة 3من شهر ذي القعدة 1419هـ والموافقة 19 / 2 / 1999م تم ايعاز الأوامر بتنفيذ الجريمة بعد الساعة التاسعة ليلاً.
    والجدير بالذكر أن خطة الأغتيال كانت من تخطيط أحد ضباط مديرية الأمن العام وهو المدعو (حجي عزيز)، وهو مسؤول الشعبة الخامسة في المديرية وهي خاصة بشؤون الحوزة.
    وفي صباح هذا اليوم كان المصور يرافق السيد بشكل لم يسبق حدوثه، فقد رافقه في صلاة الجمعة، وبعد ذلك الى المنزل، ثم الى ضريح امير المؤمنين(ع) حيث تم تصوير صلاة المغرب وبعد ذلك الى المكتب وعند خروج الأمام الصدر من المكتب وهو يريد الذهاب الى البيت، حيث وجود الكمين يروى أن المصور أراد أن يركب معه فمنعه وقال: الى هنا يكفي.
    وكان الامام الصدر عندما أنتهى من صلاة الجمعة في هذا اليوم وخرج من المسجد، عندما وصل الى سلم الباب سقط على وجهه، فألتفت بشكل غريب وهو يبتسم وينظر في الفراغ تجاه المحراب.
    بعد أن خرج(رض) من المكتب حوالي التاسعة ليلاً، ونزل من الدرجات التي تقابل باب القبلة فتحوا له باب السيارة فوقف يناجي امير المؤمنين(ع)، وكان قبل ذلك لا يفعل هذا بل يسلم على الأمام من فوق الدرجات ولا يطيل ثم ألتفت الى الطلبة وأبتسم على خلاف المعتاد(رض) وهزَّ رأسه وأطال الوقوف وكان نادراً ما يفعل ذلك.
    ثم إلتفت قبل صعوده بأتجاه شارع الصادق(ع) وأخذ ينظر في الفراغ ثم ألتفت الى جهة صافي صفا وفعل مثل الاول، وكان السيد مصطفى قد صعد ونزل مرتين. وكان السائق السيد مؤمل.
    ثم سارت سيارتهم بأتجاه ساحة (ثورة العشرين).
    وقد تحدث أحد الطلبة أنه مر في سيارة ومعه بعض الركاب في نفس الشارع الذي حدثت فيه الجريمة، ولكن من الجهة المعاكسة فأستوقفتهم سيارة (أولدزموبيل) ونزل منها مسلحون فنظروا في داخل السيارة، ثم سمحوا لهم بالمرور، وبعد مسافة أستوقفتهم سيارة أخرى قد اعترضت الطريق، ومن نفس الموديل ففعلوا مثل الاول. فيكون الشارع الذي يرتقبون مرور سيارة السيد فيه قد طوق تماماً.
    وهذا الشارع يقع بالقرب من دائرة البريد، وبقرب البريد تقع بناية الأوقاف، وبالقرب من هذه الأخيرة تقع (جامعة الصدر الدينية) الفرع الثاني (مدرسة البغدادي سابقاً).
    وبعد أن تجاوزت سيارة الامام الصدر ساحة ثورة العشرين، ودخلت في هذا الشارع كان الكمين مستحكماً إذ أن الشارع كان مظلماً طيلة أيام السنة لعدم وجود مصابيح فيه، ويوجد في هذا الشارع بناية قديمة تخص دائرة الجوازات قد أستغلت لتكون غرفة العمليات، وأخفاء مجموعة من المسلحين للطواريء.
    وعندما وصلت السيارة الى الكمين الأول خرج من الظلام أحد القناصين ووجه سلاحه الى السيد مؤمل (السائق) فأستدار بكل سرعة السيارة، ولكن الأطلاقة كانت أسرع فأصابت جبهة السيد مؤمل فأرتطمت السيارة بشجرة على الرصيف.
    فأسرعت مجموعة الكمين الى السيارة، وأمطرتها بالرصاص، وكان السيد مصطفى جالساً خلف أبيه وعندما أُطلق الرصاص أرتمى عليه ليحميه من الرصاص، فقطعت أصابع كفه اليمنى وجزء من باقي الكف، وأصيب بأطلاقتين تحت الأضلاع. أما أصابات الامام الصدر فكانت واحدة في كتفه، وأخرى في فخذه، والقاتلة قد أخترقت جبهته، وخرجت من خلف رأسه ًويروى أن هذه الأطلاقة الأخيرة كانت في المستشفى.اي أن الامام الصدر كان حياً الى وقت نقله الى المستشفى، وكذلك كان السيد مصطفى أذ عندما دخل عليه الشيخ محمد النعماني شاهده حياً ولكن للحظات ثم فارق الحياة.
    وكان في مكان الجريمة بالأضافة الى السيارتين سيارة مظللة وحسب أغلب المصادر أن قصي نجل الطاغية كان موجوداً فيها يراقب العملية بنفسه، وكذلك سيارة إسعاف، وحسب مصادر موثقة فأن أسماء الذين شاركوا في العملية قد تم كشفها، وهم من مدراء الأمن ومن كافة أنحاء العراق، ومنهم ًالمقدم سعد الذي كان مدير أمن صدام ثم انتقل الى مديرية أمن الناصرية وبعد مقتل مقدم فلاح مدير أمن صدام أعيد الى الثورة.
    وكذلك مقدم ًطالب الفياضً الذي كان مدير أمن قضاء الحي، وقد نقل الى النجف قبل الحادث بحوالي شهر ونصف بمنصب معاون مدير النجف السياسي.
    وكان من ضمن الموجودين نقيب طبيب وغيرهم.
    وبعد مدة وجيزه تجمع عدد كبير من الطلبة أذ أن الخبر قد شاع بسرعة، وبما أن اليوم كان يوم المحافظة فقد كان أنتشار قوات الطوارىء في المحافظة أمراً معتاداً سنوياً، لذلك تم أختيار هذا اليوم لتكون ا لهدية التي تقدمها المحافظة في هذا اليوم هو رأس الامام الصدر.
    ولم يسمحوا لأحد بالدخول إلا الشيخ النعماني كما أسلفت، وبعد منتصف الليل طلب الطلبة أن يدفنوا الأمام الصدر وولديه فرفضوا إلا أن يحضر أحد العلماء ليسلموهم، فذهب عدد من الطلبة الى السيد محمد كلانتر فأعتذر بأنه مريض لا يستطيع الخروج، فتوجهوا الى منزل السيد علي البغدادي فتعلل بأنه لا يستطيع أن يترك المنزل في هذا الوقت لأنه يخاف على أطفاله. فتوجهوا الى منزل السيد حسين بحر العلوم فأعتذر بأنه مريض ـ فذهبوا أخيراً الى مكتب ومنزل السيستاني فخرج الخادم وقال إن السيد نائم، فقالوا أيقظه وقل له إن السيد محمد الصدر قد قتل. فدخل ثم خرج، وقال إن السيد نائم ولا أستطيع إيقاظه، فألحوا عليه فدخل فمكث قليلاً وخرج قائلاً. إن السيد نائم فيأسوا.
    ورجعوا الى المستشفى وفي حوالي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل سلموا الشهداء الى الطلبة الموجودين فأتجهوا الى مغتسل ًبئر عليويً ليغسلوهم.
    وقد وصف أحد اللذين كانوا في المغتسل أن السيدين مصطفى ومؤمل كان وضع أبدانهم كباقي الموتى أما الأمام الصدر فكان بدنه طرياً لم يتشنج وكان كالنائم(رض).
    وكان مدير أمن النجف معهم في المغتسل فقال هازئاً: لماذا تغسلونه أليس شهيداً؟!.
    وكانت المقبرة حينها قد أكتظت برجال أمن النظام.
    وقد صلى على أجساد الشهداء الشيخ محمد اليعقوبي وتولى الدفن بعض أئمة الجمعة أحدهم الشيخ الشهيد علي الكعبي، وقد فقد ختمه الشريف وكذلك (العصا) التي كان يتوكأ عليها.
    وهناك تفاصيل أخرى سوف تذكر في الوقت المناسب أذا بقيت الحياة وإذا لم تبق فهناك من سوف يكمل بأذن الله.

    ما بعد الشهادة
    كان يوم السبت الذي تلا جمعة الشهادة يوماً مظلماً ممطراً كليلته السابقة ويبدو ان نبأ الشهادة قد وصل الى بعض الاماكن في نفس الليلة ومع تأكد الخبر نهار السبت كان العراق في حالة اضطراب والأحساس بالضياع يعم الاجواء والرغبة في الانتقام كانت الهاجس الاول في الاذهان وهذا ما حصل ففي صباح يوم السبت احتشدت مجاميع من شباب بغداد في مسجد المحسن(ع) في مدينة (الصدر) الثورة وعندما تأكد الخبر عندهم خرجوا من المسجد وحصلت مصادمة مع جلاوزة النظام سقط على اثرها عدد من الشهداء وقتل كذلك عدد من المجرمين.
    وكانت المحافظات جنوباً ووسطاً في حالة انتظار اللحظة المؤاتية للقيام بأنتفاضة جماهيرية وقد كان هذا الشعور موجوداً كذلك عند الجيش بضباطه وجنوده حسب معلوماتي الأكيدة.
    وقد اوعز رأس النظام في اليوم التالي بنزع اسلحة ضباط الأمن الذين ينتمون الى اسر شيعية. وحدث خلال الاسبوع الاول بعد الشهادة عدة عمليات غير منظّمة وكل العمليات قام بها شباب غير منضمين الى أية جهة أو حزب أو حركة كما ادعى الكثير من المعارضة مسؤوليتهم عن تلك العمليات وانما كان يجتمع الثلاثة والاربعة ويحاولون الحصول على مبالغ بسيطة اما بتجميعها من عدة اطراف او ببيع سلعة من سلع البيت.
    وذلك لشراء قطع من السلاح أو بأستخدام أموال الحقوق الشرعية لهذا الغرض وهذا ماحدث في كل المحافظات إلاّ اذا استثنينا انتفاضة البصرة التي كانت شبه منظّمة.
    وحسب المعلومات الموثّقة فان اجهزة النظام منعت اقامة الفاتحة في النجف في أول يوم ولكنها عادت فسمحت بذلك في اليوم التالي وقد صدرت من المكتب وصيّة قيل انها وصية الامام الصدر(رض) وكان مضمونها: (عليكم بالهدوء والحفاظ على صلاة الجمعة والمذهب) وقد انتشرت بسرعة في كافة المحافظات وبعد ذلك تأكد لدينا انها لم تكن وصية للسيد(رض) بل مجموعة توصيات جمعت من كلماته وخطبه ولم تظهر الى الآن وصية خاصة منه(رض) وقد اقيمت صلاة الجمعة في معظم المناطق في الجمعة التالية وكانت الحالة السائدة هي انتظار المطلوب وقد كانت كلمات الخطباء مليئة بالشجاعة والايصاء بالصبر والحفاظ على المذهب بل وصل الأمر في بعض الاماكن بأتهام النظام بالجريمة بشكل مباشر وقال بعضهم ان دم الشهيد لن يضيع وقد كان جلاوزة النظام كمدراء الامن في المحافظات وامناء سر الحزب العفلقي يتخضعون للناس ولا يجيبون على بعض الكلمات التي تحتوي على طابع التهديد الواضح وكان اعضاء الحزب والأمن متخفين ولم يستطع احد منهم أن يبيت ليلة في منزله وحدثت حالات موت فجائي عند الكثير منهم بسبب الخوف وأغلقت الشعب والفرق الحزبية وصاروا يجتمعون في اماكن مجهولة.
    وقد قتل العشرات منهم وبشكل علني في المدن ومع ذلك كان راس النظام في حالة خوف مستمر ولم يستطع حماية أحد من جلاوزته بل كان هدفه حماية نفسه فحسب، المهم ان ابناء الشعب العراقي كانوا متأهبين للانتفاضة وحسب معلوماتي الأكيدة فان العديد من قادة المعارضة داخل العراق قد اتفقوا مع الكثير من ابناء المحافظات حول مساعدتهم في الانتفاضة ولكن حدث ان بعض المناطق حينما ثارت وهاجمت مقرّات النظام تم خذلانهم بشكل تام وبعد ذلك اكتشفنا ان الامر كان مقصوداً وحسب الظاهر ان ا لهدف كان هو انه في حالة انتصار الشعب فان هؤلاء يأتون ليستلموا الامور بشكل مريح وفي حالة الفشل فانهم يتخلصون بذلك من عدو خطر وهو خط السيد محمد الصدر وقد اتضح ذلك بشكل علني في عدد من المحافظات بعد ذلك اذ قد احبطوا محاولات عديدة في الجنوب كانت على وشك الثورة وقد امتصّوا غضب الجماهير بالوعود الكاذبة وبعد ذلك اعلنوا عدم استعدادهم للدخول في هذا الامر بذرائع واهية من اهمها ان الولايات المتحدة الامريكية سوف تقوم بمهاجمة المعارضة والقضاء على المد الاسلامي ولو انهم طرحوا هذه الذريعة في بادىء الامر لسارت الامور بشكل آخر.. ولكن يريد الله سبحانه ان يبصر هذا الشعب بأن هؤلاء مجرّد طلاب مناصب وكانوا يقولون ويرددون بأن لنا سابق خبرة مع الشعب وانه سوف يخذلنا كما فعل سابقاً ولم يثبتوا الى الآن هذه الاسبقية فالانتفاضة الشعبانية قامت بالجماهير ولم يساعدهم احد إلاّ في بعض الاماكن التي اشعل المجاهدون فيها الانتفاضة وانسحبوا بعد ذلك وحسب الوعود التي ابدوها فأنهم قد اتفقوا مع الجماهير فقد ثارت عدة مدن ولكنها تركت عزلاء تواجه النظام الكافر فأين كانت المعارضة عن الكوت والبصرة وبعض مناطق الناصرية والسماوة وبغداد وهذا لا يعني ان افراد المجاهدين كلّهم كذلك بل كانت هناك فئات عديدة وهي الغالبية مستعدة للموت والشهادة ولكن القادة في الخارج اتخذوا سياسية المماطلة والسبب كما ذكرته آنفاً فان حركة الشهيد كانت خطراً على مستقبلهم السياسي وهي بالفعل كذلك اذ لا مكان بعد اليوم في العراق لعبيد الدنيا الانهزاميين فكانوا يسعون جاهدين للقضاء على هذه الحركة ووأدها حتى بعد الشهادة والتشكيك ما زال مستمراً حتى ساعة كتابة هذه الكلمات.
    واستمر الحال على هذا المنوال وحالة الاضطراب على ماهي عليه الى ان حدثت انتفاضة مسجد الحكمة في الثورة اذ توجه آلالاف من الشباب الى هذا المسجد وقد كان الوضيع قصي نجل الطاغية متواجداً هناك حسب معلوماتي المؤكدة وحصلت المصادمة وسقط العديد من جلاوزة النظام اذ ان الكثير من الشباب كانوا مستعدين وقد اخفوا اسلحتهم كالبنادق والقنابل اليدوية وشهروها عندما استفزوهم وحدثت حالة استنفار قصوى في بغداد والمحافظات وفي هذه الليلة تمت مهاجمة الفرق الحزبية وبيوت العفالقة وقتل العديد منهم وقوات النظام مختفية من على الساحة وفي صباح اليوم التالي اعتقل المئات في بغداد وقبل حادثة مسجد الحكمة كانت مناسبة اربعينية الشهيد الصدر حيث توجهت الجماهير الى قبره الشريف وجددوا الولاء وهناك علت الاصوات بشكل صريح ضد النظام وكانت الوفود قد اقبلت من كافة المحافظات وفي الجنوب والوسط واحاطت بمرقده الطاهر رجالاً ونساء واما موقف الحوزة فقد كان لا يقل خزياً عما كان عليه في السابق فبالرغم من تصدي السيد حسين بحر العلوم للامر والتفاف الجماهير حوله وقد اصدر في باديء الامر فتاوى جريئة منها ضرورة المحافظة على صلاة الجمعة وحثه على زيارة الشهيد الصدر في اربعينيّته إلاّ انه عاد فتراجع عندما هدده احد المكاتب بقو لهم: اننا لم نعترف بمن هو اكبر منك فهل نعترف بك وكان هذا المكتب يساعد بحر العلوم بمبلغ شهري يوزعه على شكل رواتب للطلبة فهددوه بقطع المبلغ فتراجع بحر العلوم عن مواقفه السابقة وعاد الى سابق عهده(والمكتب الذي هدده هو مكتب السيستاني على لسان محمد رضا السيستاني وقال له إننا لم نعترف بمن هو أكبر منك فهل نعترف بك .

    ولكنه صرّح بتصريحات مهمة تدل على مظلومية الشهيد الصدر(رض) وعلى جبن الآخرين منها: قيل له سيدنا إن الناس يسبونكم في الشوارع.
    فقال: لهم الحق يريدون رجلاً كالصدر ولا نمتلك واحداً مثله.
    وقد قام النظام خلال هذه الفترة بأغلاق مسجد الكوفة وملئه بمواد البناء وقد كانت هناك معلومات تؤكد ان النظام عنده خطة لتعمير مسجد الكوفة في حياة الامام الصدر وعندما تعرض للامر في خطبته المشهورة وان الامر مجرّد فكرة خبيثة ا لهدف منها منع صلاة الجمعة تراجع النظام وحسب معلومات مؤكدة ايضاً فان السيد علي السيستاني كان قد تبرّع بمبلغ طائل للدولة لغرض تعمير المسجد وا لهدف واضح.
    ولكن عندما كشف السيد ا لصدر هذه المؤامرة تأجلت الى ما بعد الشهادة واستلم النظام المبلغ وبقي المسجد على حاله الى هذا اليوم.
    اما مكاتب العلماء في النجف فقد اغلقت ولكن ليس حداداً أو احتجاجاً بل خوفاً من ردود فعل الجماهير نتيجة وقوف هذه المكاتب ضد الامام الصدر في حياته مع العلم ان العديد من هؤلاء لم يحضروا حتى للتعزية التي اُقيمت في مسجد (صافي صفا) وكان رد الفعل الجماهيري صريحاً تجاه هؤلاء فالسب والتنكيل بهم على قدم وساق وخصوصاً الثلاثي الذي وقف علانية ضد شهيدنا والمكوّن من (السيستاني ومحمد سعيد الحكيم والباكستاني) وقد جاءت مجاميع عديدة الى مكاتب هؤلاء وخصوصاً السيستاني وهاجموه بالكلام مرّة والشعر أخرى ومن اشهرها عندما وقفت مجموعة من شباب مدينة الثورة امام باب المكتب المغلق ونادوا بأعلى اصواتهم (اطلع اطلع ياسيستاني هذا فندق لو براني)... الخ(هذا وقد تزوج أحد ابناء آل الحكيم في اليوم السابع لشهادة الأمام الصدر.

    شهداء على طريق الصدر
    السيدان الشهيدان
    للشهيد الصدر اربعة اولاد وقد استشهد معه اثنان منهم وهما السيد مصطفى الصدر والسيد مؤمّل وقد كان هاذان السيدان من اشد الناس اخلاصاً لوالدهما وطاعة ولم اعرف شخصياً من هو أقوى قلباً واشجع من السيد مصطفى الصدر بعد والده(رض) وله مواقف كثيرة بهذا الشأن كما سوف اذكر:
    مصطفى الصدر
    ولد السيد مصطفى الصدر سنة 1964م تزوج احدى بنات السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) وله أطفال منها اضطر الى الدخول في الجيش بعد ان رفض محمد تقي الخوئي تأجيله ( هذا وقد تزوج أحد ابناء آل الحكيم في اليوم السابع لشهادة الأمام الصدر.
    وعاش الحياة الطبيعية التي يعيشها المستضعفون ورأى ما يراه طبيعي الناس على عكس غيره من ابناء العلماء ممن تربوا على الترف والميوعة.
    كان السيد مصطفى موظفاً في المكتب ولم يعطه الامام الصدر صلاحيات مطلقة بل بقي الاشراف العام بيد الامام الصدر(رض)
    كان السيد مصطفى يمثّل الامام الصدر في مناسبات عديدة في بعض المحافظات وقد ذهب مرّة الى البصرة لافتتاح حسينية (الغدير) في مدينة العشار وارسل الامام الصدر معه اثنين من موظفي المكتب وذلك بتاريخ 28ذي الحجة 1418هـ واثناء زيارته للبصرة تفقد مناطق صلاة الجمعة ثم ذهب الى زيارة مسجد امير المؤمنين(ع) ثم ذهب بعد ذلك الى العشار حيث افتتح الحسينية وكان هناك حفل افتتاح فصلّى السيد مصطفى صلاة المغرب ثم قدم امام الجماعة في الحسينية الشيخ(عبد الستار البهادلي) لصلاة العشاء وبعد الصلاة القى كلمة افتتاح هذه الحسينية وبعده تكلّم الشيخ (علي النعماني) وبعد انتهاء الحفل كانت الجموع قد اكتظت بها الشوارع فعندما اراد الخروج من الحسينية تجمع الناس حوله وخرج بصعوبة بالغة الى درجة انه لم يتمكن من رفع حذائه أو لبسه فخرج حافياً وصعد السيارة فلما ركب السيارة ارادت الجماهير حمل السيارة على الأيدي.
    وقد قام النظام بهدم هذه الحسينية لان الجماهير كانت تزورها وتتجمع عندها وذلك بعد الشهادة.
    وكان السيد مصطفى يصلّي في حضرة سيد الشهداء(ع) صلاة المغرب في ليلة الجمعة. وعندما وجبت صلاة الجمعة أمره والده(رض) بالصلاة اماماً للجمعة في كربلاء فبقي اماماً للجمعة حوالي أربعة اشهر.
    كان يجلس في المكتب ويتصدّى للاجابة عن الاستفتاءات الشفوية وكان يناقش طلبة البحث الخارج بحذاقة.
    وكما ذكرت فانه كان يمتلك من قوة القلب مالا يضاهيه فيها احد وتذكر له حوادث كثيرة تشهد بذلك منها:
    عندما خرج السيد جعفر الى ايران حدثت ضجة في العراق فأتصل مدير أمن النجف بمكتب الامام الصدر وكلّمه السيد مصطفى: وطلب منه القدوم الى مديرية امن النجف.
    فقال له: اذا اردت شيئاً فعليك انت المجيء وليس أنا.
    فجاء مدير الأمن ودار الحوار التالي:
    مدير الامن: سيد جعفر منذ اسبوعين غير موجود فأين ذهب؟
    السيد(رحمه الله): ذهب الى ايران.
    مدير الامن: ومن ارسله الى ايران؟
    السيد(رحمه الله): السيد أرسله ـ ويقصد الامام الصدر(رض).
    مدير الامن: خرج بطريقة رسمية أم لا؟
    السيد(رحمه الله): بصورة غير رسمية ولكن شرعية.
    مديرة الامن: كيف ومن أي طريق؟
    السيد(رحمه الله): خرج بطريق أو بآخر.
    مدير الامن: لماذا لم يخرج بطريقة قانونية؟
    السيد(رحمه الله): كنتم ستمنعونه أكيداً.
    مدير الامن: وما هي اسباب خروجه؟
    السيد(رحمه الله): عدة اسباب منها مضايقة الدولة له ومنعه من صلاة الجماعة في مسجد الكوفة، ومنعه من الصلاة في أحد مساجد الكوفة، وانتم تصادمتم معه فتضايق من ذلك فرأى الامام الصدر ان الاولى خروجه.
    مدير الامن: الا يسبب هذا خلاف بين الدولة وبين السيد؟
    السيد(رحمه الله): فليكن ما يكون.
    مدير الامن: من المفروض ان يكون عندنا علم مسبق لان السيد جعفر ليس شخصاً عادياً.
    السيد(رحمه الله): اننا اذا أردنا التحرك لاي أمر فليس من الوارد أن نخبركم.
    وبعد هذه الحادثة سأله احد الثقاة قائلاً: لماذا لم يذهبوا الى الامام الصدر يسألوه عن سيد جعفر؟
    فاجاب السيد(رحمه الله): انهم يعلمون ان السيد سوف يطردهم وهم على أية حال يخافون منه ومن جوابه.
    وبعد محاولة اغتيال السيد مؤمل جاء خبر أكيد ان هناك محاولة لاغتيال السيد مصطفى ومؤمل وذلك بعد الزيارة الشعبانية سنة1419هـ فجاءه أحد الوكلاء المعتمدين فأخبره بذلك فقال السيد مصطفى: فليكن.
    وفي تلك الاوضاع المضطربة كان السيد مصطفى يوم الجمعة الذي وافق 14من شهر شعبان 1419هـ يتجول بين المصلّين خارج مسجد الكوفة حيث ان الشوارع قد امتلأت بالمصلّين فشاهد حدوث قيام لعدد من المصلّين الذين كانوا جالسين في احد الشوارع فجاء اليهم فسأل عن السبب فقيل له ان سيارة الطوارئ تريد المرور وكان عدد من الضباط يأمرون الناس بالتنحي عن الطريق فأمرهم السيد مصطفى بالجلوس فوراً وبغضب فجلسوا جميعاً وبعد برهة قال الآن قوموا( أراد(رض) أن يثبت طاعة الناس للحوزة وليس للنظام.
    فقاموا ومرت سيارات الطوارئ، وفي اليوم التالي حيث ان مدينة النجف الاشرف كانت تضج بالزائرين كان(رحمه الله) جالساً على ما قلت في المكتب وكان الباب مغلقاً فجاء الخادم وقال: ان في الباب رجلاً يقول انه معاون مدير امن النجف ويريد مقابلتك فقال: فليدخل فدخل وهو المقدّم (سعد راضي) وبيده اوارق فسلم سلاماً حاراً على الجميع والتملق واضح على اسلوبه ثم جلس وقال: سيّدنا رأيت ما حدث في صلاة الجمعة.
    السيد(رحمه الله): وماذا حدث؟ انتم لا تعرفون كيف تتصرفون بشكل جيد فمجرد ان سمعتم امريكا تقول ان هذا الرجل (الامام الصدر) يريد ان يقوم بثورة ذهلتم.
    المعاون: سيدّنا الامر ليس بأيدينا وانما هي اوامر تأتي من الأعلى.
    وعاد الضابط قائلاً سيدنا أرأيت ما حدث في صلاة الجمعة امس وهذه الجموع التي لم نشهد لها مثيل وفقدان السيطرة.
    فقال(رحمه الله): بسبب تصرفكم وعدم مراعاة الناس الم تر ما حدث معي.
    المعاون: سيدنا نحن اين وأنتم اين.
    يتبع في الحلقة القادمة...

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,348

    افتراضي .

    .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,348

    افتراضي .

    .

المواضيع المتشابهه

  1. الجزيرة وقطر..الارهاب والتنكيل بشعب العراق الى متى السكوت؟
    بواسطة احمد مهدي الياسري في المنتدى واحة الحوار العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02-12-2005, 04:02

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني