وهم يتابعون وقائع محاكمة صدام ..السجناء السياسيون يستذكرون فظائع محكمة (الثورة) عواد البندر طالب بعقاله وكان يحكــــــم بالجملة لسجناء شبــــه عــــــــراة!


(اكاد لا اصدق فهذا الذي شاهدتموه يرفض المثول امام المحكمة حاسر الرأس ويطالب هيئة المحكمة باستعادة كوفيته وعقاله 00 كان بالامس يجلدنا باقذع الشتائم ويحكم علينا باقسى العقوبات، ونحن واقفون امامه في قفص الاتهام اشباه عراة لا يرتدي البعض منا سوى بقايا ملابسه الداخلية) 0
بهذه الكلمات عقد حيدر منخي السجين السياسي السابق المقارنة بين وقائع محكمة الثورة التي كان يرأسها المتهم عواد حمد البندر ووقائع المحكمة الجنائية المكلفة بمحاكمة صدام التي ابى رئيسها رزكار محمد امين ان تستمر اعمالها مالم يستعيد البندر وزملاؤه كوفياتهم ويرتدوا عقالهم العربي 0

حسين كريم العامل


اعدام بريء
تحسر حيدر منخي وفرك يديه ونفخ في الهواء اكثر من مرة وهو يسرد تفاصيل مثوله امام محكمة الثورة ومضى قائلا : حين دخلنا قاعة المحكمة في 18 تشرين الاول عام 1988 لم يستوعبنا القفص فقد كنا 65 متهما في قضية واحدة مما دعا حراس المحكمة الى حشرنا حشرا وبعد مضي عشر دقائق اخرجونا من القاعة الى صالة الانتظار ليقوم بعدها احد الحراس باستدعائنا للمثول امام المحكمة مرة اخرى على شكل مجموعات. وقد كان مثول أي مجموعة من المجموعات لا يستغرق اكثر من خمس دقائق حيث لا يسمح لاي منا بالكلام للدفاع عن نفسه وقد حكمت المحكمة على المجموعة الاولى بعقوبة الاعدام وكانت تضم سبعة اشخاص من بينهم شخص يدعى مهدي حتات وهذا الشخص لا علاقة له بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد حتى اننا كلفناه ونحن في الطريق الى المحكمة بالذهاب الى عوائلنا واخبارهم بما حصل لنا يقينا منا ببراءته ، وقد اصابنا هذا الحكم بالذهول وخيبة الامل والاحباط ولم نستفق ويستعد توازننا الا بعد صدور حكم اخر على المجموعة الثانية بالسجن المؤبد فقد فرح افراد هذه المجموعة بالحكم واحتضن احدهم الاخر مهنئين بعضهم بعدم صدور حكم باعدامهم، فمحكمة الثورة ولا سيما رئيسها عواد البندر نادرا ما كان يصدر احكاما مخففة حتى باتت احكامه من النوادر التي كنا نتداولها في السجن ومن هذه النوادر حكمها على احد الجنود بالسجن المؤبد لانه لم ينصر صدام عندما راه في الحلم يتصارع مع الخميني وعد البندر تقاعس الجندي عن نصرة قائده في الحلم خيانة عظمى تستحق العقاب 0
احكام مسبقة
وصف عبد الحكيم عبد الله صالح امين عام اتحاد السجناء السياسين في الناصرية الذي حكمت عليه محكمة الثورة بالسجن المؤبد احكام تلك المحكمة بالمسبقة وقضاتها ببيادق الشطرنج قائلا:
في الوقت الذي اشاهد فيه حيثيات المحاكمة والاحترام الذي يحظى به صدام وكبار مساعديه لا يمكنني الا ان اتذكر حالة الاذلال والمهانة المنقطعة النظير والمعاملة السيئة التي كان يلاقيها السجناء السياسيون بدءا من التحقيق حتى مثولهم امام المحكمة ، فحتى المحامي المكلف بالدفاع عن المتهم في محكمة الثورة كان يطالب باعدام المتهمين وانزال اقصى العقوبة بهم، وقد كانت احكام المحكمة معدة سلفا مما يسمى ( بالسلامة الوطنية ) بواسطة ضباط التحقيق في مديريات الامن. لقد كانت المحكمة صورية وهيئتها عبارة عن بيادق ينفذون ما هو مرسوم لهم مع الاجتهاد في زيادة مدة الحكم وانزال اقصى واقسى العقوبة بالمتهمين وقد كانت تلك الهيئة تعتمد كليا على ملفات التحقيق التي تعدها مديريات الامن وليس خافيا على احد كيف كانت تجري اعمال التحقيق في تلك المديريات فقد كان المتهم يرغم على التوقيع ويوقع احيانا على بياض ليقوم ضابط التحقيق فيما بعد بكتابة الاعتراف المطلوب وهذا ما حدث فعلا في مديرية امن الناصرية لكثير من الاخوة كنت شاهد عيان على ذلك حيث كنت من ضمن المتهمين وقد اخبرته انا نفسي بالطريقة التي جرى فيها التحقيق، فأمر ، وكان يومها القاضي عواد البندر الذي يحاكم حاليا على جرائمه امام المحكمة الجنائية العليا بتاجيل المحكمة لمدة 35 يوما لاحضار الشهود واستدعاء ضابط التحقيق لكنه عاد بعد انقضاء المدة ليصدر حكمه علينا بالسجن المؤبد ومصادرة اموالنا المنقولة وغير المنقولة من دون ان يستدعي الشهود ومن دون ان يحضر ضابط التحقيق و من دون ان يمنحنا حتى الفرصة للدفاع عن انفسنا بحيث لم يستغرق وقت محاكمتنا سوى خمس دقائق وهو الوقت المخصص لتلاوة الحكم 0 واضاف عبد الحكيم قائلا :
لقد عانى السجناء السياسيون ما عانوا من فظائع التعذيب حتى ان احد ممثلي المنظمات الانسانية حين استمع لقصة احد السجناء قال : اما ان تكون تلك القصص خيالية او ان للعراقيين طاقة تحمل تفوق طاقة البشر
اما السجين السياسي السيد قاسم السيد عدنان فقد روى قصته مع محكمة الثورة قائلا :
قبل دخولي انا وثمانية من المتهمين الى قاعة المحكمة في 17/10/1983 ونحن شبه عراة وقبل مثولنا امام القاضي قام الحراس بالاعتداء علينا بالضرب وتهديدنا باشد العقوبات ان حاولنا انكار التهم الموجهة الينا وحين دخلنا القاعة واجهنا القاضي عواد البندر الذي كان يرتدي (بدلة) عسكرية بالاهانة والشتائم وامرنا بالوقوف في حالة الاستعداد وحين سألنا هل انتم مذنبون ام ابرياء واجبناه باننا ابرياء وان اعترافاتنا جاءت نتيجة التعذيب قال لماذا لم تتحملوا الضرب ما دمتم ابرياء وحين واجهته باثار التعذيب التي كانت ظاهرة للعيان حيث كانت عظام رسغي بارزة من اثر التعليق وربطي بالحبال قابلني بالسب والشتم والالفاظ النابية التي اترفع عن ذكرها ، وقد استمرت المحاكمة لمدة 15 دقيقة فقط لم نتمكن خلالها من الدفاع عن انفسنا وقد حكم على كل منا بالسجن خمس سنوات مع مصادرة اموالنا المنقولة وغير المنقولة وذلك وفق المادة 200 / 2 طائفية وقد اودعونا في قسم الاحكام الخاصة في سجن ابي غريب 0
تعذيب
و تحدث السجين السياسي راضي كريم محمد عن تجربته مع محكمة الثورة قائلا :
حكمتني محكمة الثورة في 10/4/1983 بالسجن المؤبد وقد كان معي في تلك القضية 34 متهما من بينهم طلبة لم يبلغوا سن الرشد حكمهم القاضي عواد البندر بالسجن 7 سنوات حيث لم تاخذ محاكمتنا من الوقت سوى نصف ساعة طالب خلالها المحامي المعين من قبل المحكمة بانزال عقوبة الاعدام فينا وقد كان من بين المتهمين احد العمال ويدعى علي ديوان الذي اصيب بالشلل من جراء التعذيب وقد حكم عليه بالسجن المؤبد على الرغم من ذلك وقد كانت جريمته الوحيدة عمله معي في معمل النجارة فالرجل لم يعمل في السياسة بتاتا.
اما السجين السياسي السيد ناجي صالح محمد فقد قال :
حكمتني محكمة الثورة مرتين مرة عام 1983 والمرة الثانية عام 1988 وقد كان معي في القضية الثانية 56 شخصا حكم على 13 منهم بالاعدام بينما حكم على احدى الطبيبات بالسجن لمدة خمس سنوات لكونها اعطت احد المرضى المطلوبين بعض الادوية وهي لا تعلم انه مطلوب للسلطة 0
ومن جانبه تحدث السجين السياسي صبار جواد كاظم عن معاناته قائلا :
مثلت امام محكمة الثورة ثلاث مرات مرتين اعادوني فيها الى المعتقل لعدم كفاية الادلة وفي الثالثة اصدرت المحكمة احكامها علي وعلى عشرة متهمين اخرين على الرغم من براءتنا وحين اخبرت القاضي عواد البندر باني بريء واني ادليت باعترافي تحت تاثير التعذيب قال : ( عفية بامن الناصرية المفروض يقتلوكم حتى لا يدوخون المحكمة بيكم).
واستغرب كاظم مطالبة عواد البندر باستعادة هويته وشرفه العربي متمثلا بالعقال قائلا :
استغرب طلب هذا الرجل فأفعاله والفاظه لا تمت للشرف والعروبة بصلة.