بعد ثلاثة عقود من الجهل والتخلف المكتبة العامة النموذجية في العراق الجديد



جمال عبد المجيد العلوجي

دار الكتب والوثائق ـ وزارة الثقافة

تعتبر المكتبات العامة اليوم اساسا للنهضة الفكرية والتقدم الحضاري، فهي مؤسسات ثقافية وديمقراطية يحفظ بها النتاج الفكري الذي يمثل التراث الانساني والحضاري. كما انها الوسيلة الرئيسية التي تمكن الانسان من الاطلاع على مختلف انواع المعارف والعلوم والآداب والفنون بشكل مجاني.

لذلك يتوجب ان تنهض وتنفض الغبار الذي تراكم عليها منذ ثلاثة عقود وان تترك واقعها المتخلف وتعي مكانتها في المجتمع من خلال الاهتمام والايمان المطلق لاهميتها ودورها الفعال في تحقيق الاهداف التعليمية والثقافية والاجتماعية السامية وان تصبح مؤسسات ديمقراطية وحضارية في منهجها التربوي والثقافي والمعلوماتي الهادف الى رفع الروح المعنوية للفرد العراقي. وان يكون لها قانون او نظام واضح يصاغ بأسلوب يكفل لها توفير خدمات مكتبية عامة على مختلف الانواع. وانه من الضروري ان تتفاعل مع المكتبات الاخرى داخل البلد بكل اشكالها، الوطنية والجامعية والمدرسية والخاصة ولابد ان يمتد اثرها ونشاطها خارج نطاق البلد والمجتمع المحلي الى المستوى العالمي فتبقى على اتصال بكل المؤتمرات واللقاءات في العالم وتعمل على الانضمام الى المنظمات والجمعيات المتخصصة لتعطي لنفسها فرصة التطور والتجدد الدائمين. ولغرض ان تحقق المكتبة العامة اهدافها يجب ان تكون ابوابها مفتوحة للاستخدام المجاني والمتكافيء من قبل كافة اعضاء المجتمع.

ويجب ان تحتل بناية المكتبة العامة موقعا مركزيا يسهل وصول الجميع اليه وان تفتح ابوابها في الاوقات المناسبة للمستفيد. وان تكون البناية واثاثها جذابا وباجواء بعيدة عن الكلفة ومشجعة ومرحبة بالقاريء. وكذلك فأن وصول القاريء الى الرفوف بصورة مباشرة هو امر اساسي.

وتعد المكتبة العامة مركزا حضاريا للمجتمع الذي تخدمه وعليها ايلاء اهتمام متميز للثقافة المحلية وان تفرد مكانا لتاريخ المنطقة التي تتواجد فيها المكتبة وتعمل على تمتين العلاقات مع سكانها من خلال التعرف على بيئتهم واحتياجاتهم الثقافية والاجتماعية. كما ان المجال المكاني الواسع وتوفير مختلف الاجهزة والمواد هما عاملان ضروريان لانشطتها في اقامة المعارض والمناقشات والمحاضرات والفعاليات الموسيقية والافلام للكبار والصغار على حد سواء . ويجب ايضا توفير المكتبات السيارة في المناطق الريفية وشبه الريفية كما يجب ان تمتد خدماتها الى كبار السن والمعوقين وربات البيوت.

وسنستعرض بايجاز الجوانب الرئيسية لخدمة المكتبة العامة بالاعتماد على تقرير الاتحاد الدولي لجمعيات المكتبات IFLA والتي اثبتت فائدتها في صياغة السياسية المكتبية والعمل المكتبي في العديد من بلدان العالم وخاصة بلدان العالم الثالث.

اولا: الكتب والمواد الاخرى

من واجبات المكتبة العامة اقتناء وتهيئة وتنظيم الكتب والمطبوعات والمواد المكتبية الاخرى وجعلها في متناول يد القارئ والمراجع. فالمكتبة العامة تعمل ما في وسعها لايصال الكتاب المناسب للشخص المناسب وفي الوقت المناسب.

ثانيا: الموظفون

تحتاج المكتبة العامة شأنها شأن المؤسسات الاخرى الى موظفين لهم مواصفات خاصة ليستطيعوا القيام باعمالهم على الوجه المطلوب من حيث التنظيم وتقديم الخدمات الثقافية والتربوية التي تضطلع بمسؤوليتها المكتبة.

ثالثا: المواد السمعية والبصرية

يقصد بالمواد السمعية والبصرية هي المواد التي تحتاج الى اجهزة للاصغاء والمشاهدة وتتضمن الاسطوانات والاشرطة والافلام والشرائح والافلام الثابتة وتسجيلات الفيديو.

ويرتبط بالمواد السمعية والبصرية بصورة وثيقة الانواع العديدة من مواد المايكروفيلم التي تعد وسائل ملائمة لخزن المعلومات.

رابعا: الابنية

ان التخطيط لابنية المكتبات العامة يجب ان يأخذ بنظر الاعتبار احتياجاتها للسنين العشر او العشرين الى الحد الذي بالامكان التنبؤ به مع قدر كاف من المرونة لاية اضافة مناسبة للتغيرات التي قد تحصل في تعداد وسمات السكان الذين تخدمهم. وبقدر الامكان ينبغي ان يسمح الموقع بالتوسع المستقبلي للبناية.

خامسا: خدمات المجموعات الخاصة

يشكل الاطفال مجموعة معينة ضمن المجتمع لهم احتياجاتهم واهتمامتهم الخاصة لهذا السبب يجب ان تحدد ضمن تخصيصات المكتبة العامة احتياجات الطفل بجميع الاعمار والقابليات ابتداء من الطفولة الى عمر 14 سنة. كما ان الموظفين في مكتبات الاطفال بحاجة الى معرفة خاصة باحتياجات الاطفال في المكتبة والموارد المتوفرة لتلبيتها ويجب ان يتفاعلوا مع المدارس والمؤسسات الاخرى.

كما يجب ان تكون جميع خدمات المكتبة العامة متاحة وسهلة الوصول قدر الامكان الى المعوقين والقراء الذين يلازمون مساكنهم سواء كانوا من المسنين او الاطفال.

سادسا: التسهيلات واساليب الراحة

ان خدمات التصوير والاستنساخ التي تقدمها المكتبة العامة وتوفير الحاسبات الالكترونية واجهزة الاتصالات كالفاكس والبريد الالكتروني ووجود مقهى للانترنيت تعتبر من الامور الاساسية التي تحقق بواسطتها الاستفادة من مجاميع ومواد المكتبة المختلفة وهو التزام تفرضه طبيعة البحث العلمي ومستلزماته.

ان توفير وسائل الراحة من تدفئة وتبريد وتهوية وانارة وهدوء ومرافق صحية واماكن للتدخين والاستراحة هي وسائل ضرورية تنقذ رواد المكتبة والعاملين فيها من المضايقات الكثيرة التي يسببها عدم وجود مثل هذه الوسائل.

سابعا: الارتباط مع الفعاليات الترفيهية والثقافية والتربوية الاخرى

كجزء من برنامجها تستخدم المكتبة العامة طرقا ووسائل للتعريف ببرنامجها ودورها الثقافي والاجتماعي وكذلك لتوسيع قاعدة المستفيدين من خدماتها ومن هذه الطرق:

* اقامة المعارض المختلفة بين الحين والآخر

* اقامة الندوات الثقافية والمحاضرات

ختاما نذكر ان الاجراءات المشار اليها آنفا في هذا التقرير قد استندت بصورة رئيسية على خبرة المكتبيين في بلدان متميزة بخدمات مكتبية متطورة وسيجد المكتبيون في بلدنا انه من المفيد التعمق بها.. عندها يجب عليهم ان يقرروا الى اي حد يكون اتباع هذه الاجراءات مفيدا.