نفى وزير النفط العراقي ابراهيم بحر العلوم ابرام الحكومة العراقية الحالية او الحكومات السابقة عقوداً نفطية لتقاسم الانتاج مع شركات اميركية، وأشار في حديث مع «الحياة» الى استمرار المفاوضات مع الاردن لتزويد الاخير بالنفط العراقي، لافتاً إلى حاجة العراق لتطوير شبكات نقل النفط وخصوصاً الخط السعودي على البحر الاحمر، ومحذراً من مافيات تهريب النفط العراقي التي تهدد حياة موظفي وزارته.
ونفى الوزير العراقي ما جاء في تقرير أعدته مجموعات ضغط اميركية وبريطانية حذرت فيه من ان العراق يخسر مئتي بليون دولار من ثروته النفطية اذا طورت شركات أميركية وبريطانية حقوله النفطية اعتباراً من العام المقبل بموجب خطة اقترحتها الولايات المتحدة وتبنتها «سلطة التحالف الموقتة» وبعقود تراوحت مدتها بين 25 و40 عاماً. وأكد في تصريحات لـ «الحياة» ان مثل هذا الاتفاق لم يحصل اطلاقاً، كما ان الحكومات العراقية الانتقالية التي حكمت بعد «سلطة التحالف» لم توقع اي اتفاق من هذا القبيل. وتابع ان كل الاتفاقات النفطية التي عقدت، بدءاً من النظام السابق مروراً بكل السلطات والحكومات التي تعاقبت الى حين تطبيق الدستور الحالي، ستخضع الى مراجعة دقيقة تتقدم فيها مصلحة الشعب العراقي على جميع المصالح الأخرى، ولن يسري اي اتفاق عقد خلاف الدستور الدائم الذي عد ملكية النفط والغاز عائدة للشعب العراقي، وشدد على ضرورة ان تكون العقود المقبلة منصفة وعادلة وان تجري بشفافية.
وبشأن مطالبة رئيس الوزراء الاردني السابق مضر بدران العراق بتسديد المترتبات المالية على نائب رئيس الحكومة العراقية احمد الجلبي على خلفية قضية بنك البتراء من خلال صفقة نفط ذكر بحر العلوم ان الأردن لم يقدم هذا الاقتراح بشكل رسمي إضافة الى ان قضية بنك البتراء لا علاقة للحكومة العراقية بها، واذا كانت هناك قضايا في المحاكم فهي متعلقة بشخصيات وليس بالحكومة.
وكشف بحر العلوم استمرار المفاوضات بين العراق والاردن بخصوص تزويد الأخير بالنفط العراقي، الا ان الطرفين لم يتطرقا الى موضوع الأسعار لحد الآن، خصوصاً الأسعار التفضيلية. وجدد بحر العلوم نفيه أي خطط لاحياء خط حيفا لتصدير النفط، ووصف هذا الخط بأنه اصبح «اثرياً» بعد اختفاء اكثر من نصفه من على الأرض.
واشار بحر العلوم الى خيارات كثيرة لدى العراق لرفع قدراته التصديرية، حيث يمكن تأهيل الخط السعودي واعادته الى الخدمة، وترميم الخط السوري واستخدامه، وتأمين الحماية الى منظومة انابيب النقل في الشمال الى ميناء جيهان التركي الذي يصدر لوحده مليون ونصف برميل يومياً.
ولفت بحر العلوم الى «وجود مشكلة حقيقية في توفير الامن لخطوط نقل الطاقة في شمال العراق، اذ على رغم نشر 16 فوجاً لحماية هذه المنظومة لم تتمكن هذه القوة من تأمين الخطوط تماماً. فالهجمات مستمرة وسجل 47 هجوماً على هذه الخطوط في شهري آب (اغسطس) وأيلول (سبتمبر) الماضيين فقط». وطالب بإسناد مهمة حماية الأنابيب الى مقرات الجيش العراقي المدعومة مباشرة من القوات المتعددة الجنسية التي قال انها لا تزال تمسك الملف الأمني بشكل عملي.
ولفت الى ان مكافحة عمليات تهريب النفط الخام والمنتجات النفطية بحاجة الى نظام رقابي شديد يستدعي التنسيق بين وزارته ووزارتي الدفاع والداخلية، وان يتولى المهمة جهاز امني متطور وقادر على السيطرة على المنافذ الخارجية للتهريب. وزاد «ان شبكات تهريب النفط والوقود تحولت الى مافيات خطيرة تهدد حياة العناصر المكلفة بمكافحة الفساد» مشيراً الى ان وزارته «فقدت لحد الآن اكثر من 70 عنصراً من الناشطين في هذا المجال اغتيلوا على خلفية اداء عملهم ما انعكس على موقف زملائهم الآخرين الذين يطالبون بتوفير الحماية لهم او تركهم الوظيفة، إضافة الى اصطدام إجراءات الوزارة للحد من التهريب ببطء الإجراءات القضائية ضد المتهمين».
واعتبر الوزير العراقي ان تأخر تشكيل حكومة الجعفري اثر سلبياً على مشاريع تطوير القطاع النفطي وخفض الموازنة الاستثمارية من 2.5 بليون دولار الى 1.5 بليون دولار، مشيراً الى ان اكثر من 200 بئر بحاجة الى استصلاح وتأهيل ما يستدعي توفير امكانات مالية كبيرة ومنح صلاحيات خاصة الى وزارة النفط لتمكينها من توفير مستلزمات العمل. وطالب من جهة أخرى وزارة الخارجية العراقية والادارة الاميركية بالتدخل لرفع الحظر عن القطاع النفطي الذي ما زال يعاني جراء استمرار العقوبات الدولية على العراق التي فرضت على النظام السابق. وقال ان «العراق يواجه مشاكل كثيرة في مؤسسات التصدير والإنتاج حيث ادت الحروب التي خاضها النظام السابق الى تعطيل معظم أجزاء منصات التحميل في الخليج العربي في البصرة وخور العمية فيما احيلت أرصفة أخرى على التقاعد بعد ان دمرت كلياً». وأوضح انه «بموجب الخطط المستقبلية للإنتاج والتصدير التي يسعى فيها العراق الى رفع انتاجه الى 6 ملايين برميل يومياً مع بداية العام 2011 فان العراق بحاجة الى موانئ قادرة على استيعاب هذا التطور وخصوصاً الشاحنات الكبيرة».
وعن مصير أسطول نقل النفط العراقي السابق ذكر بحر العلوم ان معظم سفن هذا الأسطول بيع الى دول أخرى بسبب ديون العراق وبقيت ناقلتان فقط بحاجة الى ترميم وتأهيل.
وعن رفع اسعار الوقود قال: «بعد موافقة دول نادي باريس على شطب 80 في المئة من ديون العراق اشترط صندوق التنمية الدولية اجراء إصلاحات على الاقتصاد العراقي، ومنها رفع الدعم عن المشتقات النفطية حيث تدعم الحكومة اسعار هذه المشتقات بـ6 بلايين دولار سنوياً تمثل 21 في المئة من موازنة العراق. ويستهلك العراق 24 مليون لتر بنزين يومياً يُضــاف اليها ملـــيونا لتر لاستـــخدام المـــولدات الكهربائية بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
وأضاف بحر العلوم ان الحكومة وافقت على رفع الأسعار على ان يذهب فارق السعر الى صندوق الرعاية الاجتماعية الذي خصص له مبلغ اكثر من 150 مليون دولار لرعاية العائلات الفقيرة ودفع مساعدات للعاطلين عن العمل بمعدل 30 مليون دولار شهرياً.