فلاح الشيباني

[align=center]أضافت مظاهر التسلح التي يشهدها الشارع العراقي منذ سقوط ديكتاتورية صدام على الأطفال العراقيين مزاجاً جديداً حيث اخذ يختار الاطفال العابهم التي صار يغلب عليها طابع الأسلحة وهم يعيشون وسط أصوات العيارات النارية والدبابات والآليات العسكرية والمطاردات بين أفراد الجيش والشرطة من جهة وبين المسلحين والمجرمين من جهة اخرى ...فضلا عن المشاهد البشعة التي تنقلها الفضائيات المختلفة من صور العنف في العراق والدمار الكبير الذي تسببه السيارات المفخخة بعد انفجارها . وما يثير الانتباه ان الاطفال عندما يرغبون بمشاهدة الفضائيات فانهم يبحثون وبكل شوق ولهفة عن (افلام الكارتون) التي تبحث قصص العنف والصراعات المسلحة بين الخير والشر...

ان لعب الاطفال الشبيهة بالاسلحة العسكرية كالدبابة الكبيرة والطائرة المروحية والأسلحة الخفيفة (المسدس، البندقية) التي تطلق هديراً واصواتاً واشارات ضوئية ذاتية الحركة ...اصبحت الالعاب المفضلة لدى الأطفال العراقيين، حيث حرص هؤلاء الأطفال على شراءها بدلا من الحلويات والألعاب الأخرى التي كانوا يحرصون على اقتنائها قبل سقوط النظام ودخول القوات الاجنبية …

وقد استغل تجار لعب الاطفال وأصحاب المحال التجارية هذه الظاهرة ووسعوا من عملية استيراد لعب الأطفال المختلفة التي تساعد على العنف وإرساء روح العدوانية في نفوس الصغار... وتوزيعها بكميات كبيرة من اجل اغراء الاطفال بشرائها ...مبررين عملهم في هذا الامر بسياسة السوق (العرض والطلب) وزيادة الطلب من قبل الاطفال على هذه الالعاب... فاضطروا الى التركيزوالاهتمام بالامر... ونرى اليوم بأم اعيننا ان الاسواق والمحال التجارية امتلات بهذه اللعب المتنوعة والمستوردة والتي طغت على كل انواع اللعب البريئة الاخرى .

الطفل والشارع العراقي

اغلب العوائل لم تنتبه الى خطورة اقتناء الاطفال لالعاب العنف التي يسبب معضمها الازعاج والضوضاء نتيجة لاصواتها التي لاتختلف كثيراً عن صوات الاطلاقات الحقيقية...واكد عدد من الاباء والامهات بانهم يضطرون الى تلبية رغبات اطفالهم لشراء العاب العنف ويؤكدون ان اطفالهم متأثرون بما يحدث في الشارع العراقي ،والغريب في الأمر إن بعض العوائل و دون توجيه او مسؤوليه ومن خلال قيام اطفالهم باللعب وبعد الانقسام الى فريقين وتهيئة الاسلحة لخوض المعركة فيما بينهما يتفاجئون بانتهاء اللعبة نتيجة حصول خسائر لدى الطرفين بسبب العتاد الذي ينطلق من هذه الأسلحة والذي يؤدي إلى إصابات تكون خطرة في بعض الاحيان.

الدكتور اياد الشريفي استشاري علوم الطب النفسي اكد الدراسات الاجتماعية التي تبرراقبال الاطفال على اقتناء لعب العنف قائلا:( ان ظاهرة اقبال الاطفال على اقتناء اللعب التي تحمل طابع العنف والقتال ظاهرة خطيرة وحقيقية في المجتمع العراقي ويمارسها اغلب الاطفال وان لهذا الظاهرة نتائج سلبية كثيرة على حياتهم وحياة الاخرين فضلا عن خلق نوع من الاضطراب لديهم.. واسباب هذه الظاهرة عديدة منها تأثير المحيط الذي حوله و الفضائيات وحجم المشاهد العسكرية في الشارع من خلال مرور ارتال الجيش والشرطة ... والطفل بطبيعته يحب التقليد ومن الممكن انتشار واستعمال هذه الالعاب بين الاطفال) .

وناشد الشريفي العوائل بانها يجب ان تكون واعية لتصرفات ابناءها وما يستخدمونه في العابهم... وان يكونوا على حذر من اقتناء اطفالهم لعب الاسلحة لان لها اثار سلبية على حياة الاطفال انفسهم والاخرين الابرياء.

وقال الدكتور جلال عبد الخالق استاذعلم الاجتماع :(يشكل اختيار لعب الاطفال اثراً بالغاً في بناء وتكوين شخصية الطفل وسلوكه ...وقد اكدت الدراسات الاجتماعية ان المجتمعات التي تعيش الحروب والصراعات فيما بينها يقوم الاطفال اثناء ممارستهم اللعب بتقليد ما يفعله الكباراثناء حملهم للاسلحة كالمسدس والبندقية...مشيراً الى اتباع اجراءات اساسية من اجل معالجة هذه الظاهرة وايجاد عالم سليم للطفل تكون فيه الالعاب جزء مكمل لبرنامج تعليمه وتربيته .

اندثار الطفولة البريئة

الباحثة الاجتماعية امل حميد الزبيدي المتخصصة في شؤون وتربية الاطفال تحدثت عن دور وتأثيرالالعاب في نفسية الطفل قائلة :(ان لعب الاطفال فيها فوائد كثيرة تحقق نتائج ايجابية ، ويكسب من خلالها الطفل مهارات ذهنية وحركية … وتقوي اجسامهم ...وتعطي للطفل ثقافة بمستوى قدراته الذهنية والعقلية .. كما وتساعده على تخزين مجموعة من المعارف والمصطلحات اللغوية سواء كان اللعب فردياً او جماعياً فضلا عن مراعاة العوائل لاطفالهم وحثهم على اللعب مع بعضهم البعض التي تعطيهم فوائد كثيرة ).

وتضيف الزبيدي ان هناك اطفال يرغبون او يفضلون اللعب بمفردهم وهولاء الاطفال يكون اندماجهم مع اللعبة بشكل لايصدق ...يندمج ويتفاعل معها بدرجة كبيرة مشيرة الى ان اهم اللعب التي تفيد الطفل في هذه المرحلة تلك التي تبرز قدراتهم الذهنية وتجعلهم يفكرون بشكل سليم، وقد اشارت الزبيدي بضرورة الابتعاد وعدم اقتناء الالعاب التي تنمي العنف و الروح العدائية .

اما دورجهاز الشرطة في هذه الظاهرة فكان (حيادياً) بالمعنى الصحيح، اذ لايوجد هناك قانوناً يمنع من خلاله التجارمن التداول و المتاجرة بلعب الاطفال او منع الاسواق التجارية من بيع الالعاب التي تروج ثقافة العنف.

ضابط الشرطة المقدم اياد العاني اكد خطورة هذه الالعاب على سلوك الاطفال قائلا :(ان هذه الالعاب تسرق براءة الطفل وحياته ...لما لها من تأثيرات خطيرة على التحولات النفسية في حياة الطفل … ولانه يرغب دائماً في تقليد الاخرين والاكبر منه سناً ، فانه يصرعلى اقتنائها لتصبح حقيقة يعيشها ومن الصعب تغييرها او اقتناء غيرها...

المسدس والبندقية العاب تلفت انظار الاطفال قبل الالعاب الاخرى... لان المشاهد الحقيقية الاكثر رؤية في الشارع العراقي لايوجد فيها سوى المسدس والبندقية فقط...!!)

واضاف العاني ان الطفولةالبريئة في بلدنا انتثرت وانقلبت كل الموازين ..وتحولت لعب الاطفال الى اسلحة والاسلحة الى لعب بايدي الاطفال ...فضلا عن العصابات والاسلحة المختلفة المنتشرة هناوهناك ...ثم جاء الاستيراد الهائل من تدفق الاطنان من لعب الاطفال المسلحة دون رقيب من اية جهة ...وهذا ما جعل الامر بالغ الصعوبة .

وعن المعالجات قال العاني: ان هذه الظاهرة ستستمر ما لم يترأس الحكومة اشخاصاً لايؤمنون باتخاذ ثقافة البندقية والعنف حلا … لابد ان نحقق للطفولة الامان والعيش الرغيد والتعليم والتربية الصحيحة بعيداً عن مظاهر العنف والاسلحة بكل انواعها .
[/align]